هل هناك فرق من جهة قصد القائل في قولهم عند تصحيح الحديث: حديث صحيح. ثم في موضع آخر يقال: إسناده صحيح.
والغاية من ذلك تكمن عند نقلي لتصحيح حديث معين بقولي: صحح الحديث فلان. مع أنه صحح إسناده.
الغالب أن الإسناد إذا صح كان الحديث صحيحاً، لكن ليس هذا على إطلاقه؛ فقد يقع في بعض الأحاديث أن يكون الإسناد صحيحاً بمعنى أن رجاله ثقات وليس فيه انقطاع ويكون الحديث فيه علّة قادحة إما لخطأ في متن الحديث من أحد الرواة عرف بدلالة الرويات الأخرى أو بمخالفته للأدلة الصحيحة أو بوجود خطأ يتبيّنه بعض أهل العلم كما ذكر الإمام مسلم في التمييز أن أحد الرواة روى حديث: (أبغض الناس إلى الله ملحد في الحرفة وكذا وكذا .. والرواية الصحيحة: ملحد في الحرم.
وكرواية الآخر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُتّخذ الروح عرضا، والصواب: غرضاً.
ووقوع الخطأ من بعض الرواة قد يحصل، وله أسبابه وأنواعه المبسوطة في كتب علوم الحديث، ولذلك اعتنى أهل العلم بالحديث بجمع الطرق، قال علي ابن المديني: (الحديث إذا لم تُجمع طرقه لم يتبيّن خطؤه).
فلذلك لا يلزم من صحة الإسناد أن يكون الحديث صحيحاً؛ فقد يكون الحديث رجاله ثقات بل ربما من رجال الصحيحين وليس فيه انقطاع ويقع فيه خطأ.
ومن أجل ذلك يتورّع بعض أهل الحديث في الحكم على الحديث فيقولون: رجاله ثقات، أو رجاله رجال الصحيح، فهذه العبارات لا تقتضي صحة الإسناد فضلاً عن صحّة المتن، لأن كون الرجال ثقات لا يقتضي عدم وجود انقطاع في الإسناد، وإذا كان الرجال ثقات والإسناد متصلاً ليس فيه علة قادحة حكم بأنه إسناد صحيح، وهذا لا يقتضي صحّة متن الحديث، بل لا بدّ من سلامة الإسناد والمتن من العلل القادحة.
وإذا صحّح أحد العلماء بالحديث إسناد حديث من الأحاديث فينقل تصحيحه للإسناد ولا يزاد فيه بأنه صحّح الحديث.