الدروس
course cover
أبو الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
7 Jan 2009
7 Jan 2009

5065

0

0

course cover
مختصر عبد الغني

القسم الثالث

أبو الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
7 Jan 2009
7 Jan 2009

7 Jan 2009

5065

0

0


0

0

0

0

0

قالَ الحافظُ أبو مُحَمَّدٍ عبدُ الغَنِيِّ بنُ عبدِ الواحدِ الْمَقْدِسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ وأَرضاهُ:

أبو الحسَنِ عَلِيُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ

ابنِ عبدِ الْمُطَّلِبِ، ابنُ عمِّ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1].

وأمُّهُ فاطمةُ بنتُ أسدِ بنِ هاشمِ بنِ عبدِ مَنافٍ، وهيَ أوَّلُ هاشميَّةٍ وَلِدَتْ هاشِمِيًّا، أَسْلَمَتْ وهاجَرَتْ إلى المدينةِ وماتَتْ في حياةِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وتَزَوَّجَ فاطمةَ بنتَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوَلَدَتْ لهُ الحسَنَ والْحُسينَ، ومُحْسِنًا ماتَ صغيرًا.
ولهُ من الوَلَدِ:
مُحَمَّدُ ابنُ الْحَنَفِيَّةِ
[2]: وأمُّهُ خَولةُ بنتُ جَعفرٍ، منْ بَنِي حَنيفةَ.
وعمرُ بنُ عَلِيٍّ، وأُختُهُ رُقَيَّةُ الكُبْرَى: وهما تَوْأَمٌ، وأُمُّهما تَغْلِبِيَّةٌ.
والعبَّاسُ الأكبرُ بنُ عَلِيٍّ: يُقالُ لهُ السَّقَّاءُ، قُتِلَ معَ الْحُسَينِ
[3].
وإخوتُهُ لأُمِّهِ وأبيهِ: عُثمانُ، وجَعفرٌ، وعبدُ اللَّهِ، بَنُو عَلِيٍّ، أُمُّهم أمُّ البنينَ الكلابيَّةُ.
وعُبيدُ اللَّهِ وأبو بَكرٍ ابنا عَلِيٍّ: لا بَقِيَّةَ لهما، أمُّهما ليلى بنتُ مَسعودٍ النَّهشليَّةُ.
ويَحْيَى بنُ عَلِيٍّ: ماتَ صَغيرًا، أمُّهُ أسماءُ بنتُ عُمَيْسٍ.
ومُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الأَصْغَرُ: لأمِّ ولَدٍ، دَرَجَ
[4].
وأمُّ الحسَنِ ورَملةُ: أمُّهما أمُّ سعيدٍ بنتُ عُروةَ بنِ مسعودٍ الثَّقَفِيِّ.
وزينبُ الصُّغرى، وأمُّ كُلثومٍ الصُّغرَى، ورُقَيَّةُ الصُّغْرَى، وأمُّ هانئٍ، وأمُّ الكِرامِ، وأمُّ جَعفرٍ اسمُها جُمَانَةُ، وأمُّ سَلَمَةُ، ومَيمونةُ، وخَدِيجةُ، وفاطمةُ، وأُمامةُ: بَنَاتُ عَلِيٍّ لأمَّهاتِ أولادٍ شَتَّى
[5].
وكانتْ خلافتُهُ أربعَ سنينَ وسبعةَ أشهُرٍ وأيَّامًا، على اختلافٍ في الأيَّامِ
[6].
قُتِلَ
[7] ولهُ ثلاثٌ وسِتُّونَ، وقيلَ: خمسٌ وسِتُّونَ، وقيلَ: ثمانٍ وخمسونَ، وقيلَ: سبعٌ وخمسونَ [8]، عامَ الجماعةِ، سنةَ أربعينَ [9].


تعليق الشيخ: خالد بن عبد الرحمن الشايع

[1] ذَكَرَ غيرُ واحدٍ منْ علماءِ النَّسَبِ وأيَّامِ الناسِ أنَّ اسمَ أبي طالبٍ والدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ عبدُ مَنَافٍ، وكانَ شَفيقًا رَفيقًا برسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قالَ الحافظُ ابنُ كثيرٍ: وزَعَمَت الروافضُ أنَّ اسمَ أبي طالبٍ عِمْرَانُ، وأنَّهُ المُرَادُ بقولِهِ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [سورة آلِ عِمرانَ، الآيَةُ: 33].
وقدْ أَخْطَأُوا في ذلكَ خطأً كَبيرًا، ولمْ يَتَأَمَّلُوا القرآنَ قبلَ أنْ يقولوا هذا البُهتانَ من القولِ في تَفسيرِهم لهُ على غيرِ مُرادِ اللَّهِ تعالى؛ فإنَّهُ قدْ ذَكَرَ بعدَ هذهِ الآيَةِ قولَهُ تعالى: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [سورة آلِ عِمرانَ، جزءٌ من الآيَةِ: 35]، فذَكَرَ مِيلادَ مَريمَ بنتِ عِمرانَ عليها السلامُ، وهذا ظاهرٌ وللَّهِ الحمْدُ.
وقدْ كانَ أبو طالبٍ كثيرَ الْمَحَبَّةِ الطبيعيَّةِ لرسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولمْ يُؤْمِنْ بهِ إلى أنْ ماتَ على دِينِهِ، كما ثَبَتَ في (صحيحِ البخاريِّ) (4772)؛ حيثُ كانَ آخِرُ ما قالَهُ أبو طالبٍ: إنَّهُ على مِلَّةِ عبدِ الْمُطَّلِبِ، وأبى أنْ يقولَ: لا إلهَ إلَّا اللَّهُ. وهذا يُبَيِّنُ خَطَأَ الرافضةِ في دَعواهم أنَّهُ أَسْلَمَ، وافترائِهم ذلكَ بلا دَليلٍ على مُخالَفَةِ النصوصِ الصريحةِ. انظُر: (البدايَةَ والنهايَةَ) (7/369).

[2]
قالَ الإمامُ الحافظُ ابنُ كثيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: من الشيعةِ مَنْ يَدَّعِي فيهِ الإمامةَ والعِصمةَ، وقدْ كانَ منْ سَاداتِ المسلمينَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ ورَحِمَهُ، ولكنْ ليسَ بِمَعصومٍ، بلْ ولا مَنْ هوَ أَفْضَلُ منْ أبيهِ من الْخُلفاءِ الراشدينَ قَبْلَهُ، ليْسُوا بوَاجِبِي العِصمةِ. انظُر (البدايَةَ والنهايَةَ) (7/368).

[3]
كانَ مَقْتَلُ الْحُسينِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ بِكَرْبَلاءَ، وقُتِلَ معهُ إِخْوَتُهُ: العَبَّاسُ وجَعفرٌ وعبدُ اللَّهِ وعُبيدُ اللَّهِ وأبو بكرٍ رَحِمَهم اللَّهُ ورَضِيَ عنهم. انظُر: (البدايَةَ والنهايَةَ) (7/367). ولا رَيْبَ أنَّ هذا جُرْمٌ عظيمٌ وذَنْبٌ كبيرٌ، وهوَ أَمْرٌ يُحْزِنُ النفوسَ ويُكَدِّرُ الخواطرَ، فإنَّ في قَتْلِهم معَ الظُّلْمِ العظيمِ أَذِيَّةً لرسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي أَوْصَى بأهلِ بيتِهِ، فعلى مَنْ قَتَلَهم ما يَسْتَحِقُّ يومَ يأتي خَصْمًا لهم وللنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[4]
قالَ في القاموسِ: دَرَج دُرُوجًا ودَرَجَانًا: مَشَى... ودَرَجَ فُلانٌ: لمْ يُخَلِّفْ نَسْلًا أوْ مَضَى لسبيلِهِ.

[5]
وقدْ كانَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ أَولادٌ كُثْرٌ منْ أزواجٍ وأُمَّهَاتِ أولادٍ شَتَّى؛ فإنَّهُ ماتَ عنْ أربعِ نِسوةٍ وتِسعَ عشرةَ سُرِّيَّةً.
لَطيفةٌ:
ومنْ زَوجاتِهِ مُحَيَّاةُ بنتُ امْرِئِ القَيْسِ الكَلبيَّةُ، وَلَدَتْ لهُ جارِيَةً، فكانتْ تَخْرُجُ معَ عَلِيٍّ إلى المَسْجِدِ وهيَ صَغيرةٌ، فيُقالُ لها: مَنْ أَخْوَالُكِ؟ فتقولُ: وه وه، تعني بني كَلْبٍ.
انظُر: (البدايَةَ والنهايَةَ) (7/367 - 368).

[6]
الصحيحُ أنَّ مُدَّةَ خِلافتِهِ أربعُ سنينَ وتِسعةُ أشهُرٍ، نصَّ على ذلكَ ابنُ كثيرٍ في (البدايَةِ والنهايَةِ) (7/366).

[7]
قَتَلَهُ الخارجيُّ الشَّقِيُّ الْمُفْتَرِي عبدُ الرحمنِ بنُ مُلْجِمٍ المُرَاديُّ، عليهِ من اللَّهِ ما يَسْتَحِقُّ؛ حيث تَرَصَّدَ لهُ في صلاةِ الفَجْرِ وضَرَبَهُ بالسيفِ على رأسِهِ.

وابنُ مُلْجِمٍ هذا تُعَظِّمُهُ الخوارِجُ والنُّصيريَّةُ ويَعُدُّونَهُ منْ أَفْضَل الأُمَّةِ، قَبَّحَهم اللَّهُ جميعًا.
وقدْ قُبِرَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ في دارِ الإمارةِ بالكُوفةِ.
قالَ الحافظُ ابنُ كثيرٍ: وما يَعْتَقِدُهُ كثيرٌ منْ جَهلةِ الراوفضِ منْ أنَّ قَبْرَهُ بِمَشْهَدِ النَّجَفِ لا دليلَ على ذلكَ ولا أَصلَ لهُ.
انظُر (البدايَةَ والنهايَةَ) (7/365) وعهدَ الخلفاءِ الراشدينَ للذهبيِّ ص (651).
وقَتْلُ عَلِيٍّ قدْ أَخْبَرَ بهِ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعَلِمَ بهِ هوَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ؛ حيثُ قالَ لهُ ومعهُ عَمَّارُ بنُ ياسِرٍ: ((يَا أَبَا تُرَابٍ، أَلَا أُحَدِّثُكُمَا بِأَشْقَى النَّاسِ رَجُلَيْنِ؟))، قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قالَ: ((أُحَيْمِرُ ثَمُودَ الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ، وَالَّذِي يَضْرِبُكَ عَلَى هَذِهِ -يَعْنِي قَرْنَ عَلِيٍّ- حَتَّى تَبْتَلَّ هَذِهِ مِنَ الدَّمِ -يَعْنِي لِحْيَتَهُ-)). رواهُ الإمامُ أحمدُ (4/263) والحاكِمُ (3/140 - 141) وغيرُهما، وصَحَّحَهُ العَلَّامَةُ الألبانيُّ (السلسلةَ الصحيحةَ) (1743).

[8]
الصحيحُ في عُمْرِهِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ ثلاثٌ وسِتُّونَ سَنَةً، وهوَ عُمْرُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكرٍ وعمرَ، نصَّ على ذلكَ النوويُّ في (تهذيبِ السيرةِ) ص (24).

[9]
كانَ قَتْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ في رَمضانَ لبِضعِ عَشرةَ ليلةً خَلَتْ منْ رَمضانَ، يومَ الْجُمُعَةِ في السحَرِ. (البدايَةَ والنهايَةَ) (7/366).
تَنبيهٌ:
يُفْهَمُ منْ سِياقِ المؤلِّفِ هنا أنَّ عامَ الجماعةِ في سنةِ أربعينَ، ولكنَّ الصوابَ أنَّ عامَ الجماعةِ في سنةِ إحدى وأربعينَ في شَهْرِ ربيعٍ الأَوَّلِ، وسُمِّيَ عامَ الجماعةِ لاجتماعِ الكلمةِ على أميرٍ واحدٍ هوَ مُعاويَةُ بنُ أبي سُفيانَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ وعنهم جميعًا، وذلكَ عندَما نَزَلَ الحسَنُ بنُ عَلِيٍّ عن الخِلافةِ لِمُعاويَةَ؛ حَقْنًا لدِماءِ الأُمَّةِ. وهذهِ مَنْقَبَةٌ عَظيمةٌ لهُ، امْتَدَحَهُ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليها، وكانتْ منْ دَلائلِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما روى البخاريُّ (2704) عنْ أبي بَكْرَةَ قالَ: رأيتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الْمِنْبَرِ، والحسَنُ بنُ عَلِيٍّ إلى جَنْبِهِ، وهوَ يُقْبِلُ على الناسِ مَرَّةً وعليهِ أُخرى ويقولُ: ((إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)).

هيئة الإشراف

#2

30 Mar 2010

شرح مختصر عبد الغني لفضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

الرابع : علي ، رضي الله عنه ، وهو أبو الحسن : علي بن أبي طالب ، واسم أبي طالب عبد مناف ، بن عبد المطلب ، ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
ذكر علماء النسب أن أبا طالب يسمى عبد مناف ، وهو الذي حمى النبي - صلى الله عليه وسلم - وكفله بعد موت جده عبد المطلب ، وكان شفيقا عليه ، وحاول المشركون أن يقتلوه ولكن منعهم ، فتركوه لهيبة عمه أبي طالب .
عمه أبو طالب اسمه عبد مناف ، ولكن الرافضة غلو في علي وقالوا أن أباه عمران ، وأن اسم أبيه عمران ، وأنه مذكور في سورة آل عمران في قوله تعالى : {وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} وما علموا أن هذا إنما هو والد مريم بنت عمران ، التي ذكرها الله تعالى في قوله: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} وغفلوا عن الآية التي بعدها {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} ولكن هكذا يكون تعصب هؤلاء الرافضة .
أم علي : فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ، فهي من بني هاشم ، وهي أول هاشمية ولدت هاشميا ، أسلمت وهاجرت إلى المدينة ، وماتت في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقال لها أم البنين ، ويغلو فيها أيضا الرافضة ، فهناك قبر في البقيع خيل إلى الرافضة أنه قبرها ، فهم يأتون إليه ويتمسحون به ، قبر أم علي قبر أم البنين .
تزوج فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فولدت له الحسن والحسين ، ومحسنا مات صغيرا ، وأم كلثوم ، هؤلاء أولاده من فاطمة ، قرأت لبعض المعاصرين من الرافضة أن محسنا مات بسبب عمر بن الخطاب ، أنه جاء وطعن أمه - التي هي فاطمة - في بطنها ، وأنها أسقطت هذا الغلام حيا ومات ، ولأجل ذلك يلعنون دائما عمر ، وهذا كله كذب ، والصحيح أنه مات بعدما ترعرع ، أنه يمكن مات في آخر حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدما ترعرع ، فمات صغيرا .
أولاد علي غيرهم : محمد بن الحنفية ، أمه خولة بنت جعفر من بني حنيفة .
ذكر ابن كثير في التأريخ أن الرافضة يدعون في ابن الحنفية أنه إمام وأنه معصوم ، لا شك أنه من المسلمين ، ولكن ليس بمعصوم ، وليس له فضل ، ليس هو أفضل من أبيه ولا من الخلفاء الراشدين ، فكلهم ليسوا بمعصومين .
من أولاده : عمر بن علي ، وكان يحب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فسمى ولده عمر ، وله أخت اسمها رقية الكبرى ، وأمهما تغلبية ، وهما توأمان .
وله من الولد : العباس الأكبر ، كان له ولدٌ يقال له السقاء ، قتل مع الحسين ، لما خرج الحسين إلى العراق ، دعاه أهل العراق ليولوه عليهم ، ولما قرب منهم أرسلوا إليه جيشا فقاتلوه ، وكان ذلك في سنة إحدى وستين من الهجرة ، قتلوا معه إخوته : العباس وجعفر وعبد الله وعبيد الله وأبا بكر ، كلهم قتلوا ؛ أي أنهم خمسة ، والسادس الحسين .
يقول: إخوته لأمه - إخوة العباس لأمه وأبيه - عثمان وجعفر وعبد الله .
عرفنا أن عليا رضي الله عنه يحب الخلفاء ، فله ولد اسمه أبو بكر ، وولد اسمه عمر ، وولد اسمه عثمان ، يعني على الخلفاء الثلاثة .
من أولاده عبيد الله وأبو بكر ابنا علي رضي الله عنه ، لا بقية لهما لم يعقبا ، أمهما ليلى بنت مسعود النهشلية .
كذلك يحيى بن علي ، مات صغيرا ، يحيى أمه أسماء بنت عميس ، وذلك لأن أسماء تزوجها أولا جعفر ومات عنها ، ثم تزوجها أبو بكر ومات عنها ، ثم تزوجها علي .
من أولاده محمد بن علي الأصغر ، أمه أم ولد ، درج يعني مات صغيرا ، مات بعدما درج .
كذلك أم الحسن ورملة ، أمهما أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي .
كذلك زينب الصغرى ، وأم كلثوم الصغرى ، ورقية الصغرى ، وأم هانئ وأم هانئ ، وأم كرام ، وأم جعفر ، واسمها جمانة ، وأم سلمة ، وميمونة ، وخديجة ، وفاطمة ، وأمامة ، لأمهات أولاد ، هؤلاء كلهن لأمهات أولاد متفرقات ، وعددهن إحدى عشر .
كانت خلافته أربع سنين وسبعة أشهر وأياما ، على اختلاف في مقدار الأيام ، قتل وله ثلاث وستون ، وقيل : خمس وستون ، وقيل : ثمان وخمسون ، وقيل : سبع وخمسون ، وكان ذلك عام الجماعة سنة أربعين .
هكذا جاءت له هذه الفضائل ، وهؤلاء الأولاد له .

قد يقال: ما سبب غلو الرافضة فيه ؟
الرافضة يعبدونه إلا قليلا .
في سنة من السنين ، وكنا في عرفة ، وبجوارنا خيمة من العراقيين الرافضة ، مكثوا نحو ساعتين وهم يدعون عليا برسالة مكتوبة عندهم ، ينادونه بأسماء متعددة : يا أبا الحسنين ، يا سيد العالمين ، يا صهر النبي الكريم ، يا علي بن أبي طالب ، يا زوج البتول ، وهكذا ، ولم نسمعهم دعوا ربهم ، إلا أن يكونوا أخفوا ذلك في هذا المجمع .
كذلك سمعت مرة في المطاف بعض الرافضة ، الشوط الأول وهم يدعون عليا ، من أول الشوط إلى آخره ، الشوط الثاني يدعون الحسن ، الشوط الثالث يدعون الحسين ، الشوط الرابع يدعون علي بن الحسين ، وفارقتهم بعد الرابع ، ويمكن أنهم استمروا .
قد يتعجب كيف خصوا عليا بهذا الغلو ؟
الذي يظهر - والله أعلم -: أن عليا في العراق سيرته سيرة حسنة فيما يحبه ربه ، في عبادة الله ، وكذلك أيضا في العدل ، عدله في الرعية الذين في العراق ، وكذلك في إيثاره وإعطائه وتوظيفه عليهم الأموال الكثيرة ، ومحبته للتسوية لهم ، فأحبوه محبة زائدة .

ثم لما أنه ثار عليه الخوارج وقتلوه ، تحمس بعضهم ولكن لم يستطيعوا أن يقاتلوا الخوارج لشدة بأس الخوارج ، لكن تولى بعده معاوية ، وذلك لأن الحسن الذي هو خليفته ، خاف أن تكثر الفتنة ، فتنازل عن الخلافة لمعاوية وبايعه ، ولما بايعه هدأت الأمور ، إلا أنه اشترط عليه ألا تلعنوا عليا ، لا تسبوا عليا ، التزم ذلك معاوية ، ولكن بعض بني أمية وبعض الأمراء الذين تولوهم ، كانوا يكرهون عليا ويعتقدون أنه داهن في عدم المكافحة لعثمان ، أو اتهموه بأنه شارك في قتل عثمان ، فلأجل ذلك نصبوا العداوة لعلي ، والذين ينصبون له العداوة يسمون نواصب .
هكذا بعد ما مات الحسن في حدود سنة سبع وخمسين ، وبقي الحسين بمكة ، ومات معاوية ، وتولى بعده ابنه يزيد ، كان يزيد معه شيء من التساهل في المعاصي ونحوها ، فكرهه الناس ، ولم يبايعه عبد الله بن الزبير ، وأراد أهل العراق أن يبايعوا الحسين وكتبوا إلى الحسين كتبا قد تبلغ مائة أو مائتين : ائت إلينا إننا نحبك نبايعك أنت الخليفة علينا ، لا نريد غيرك . ولما أكثروا عليه توجه إلى العراق .
ثم إن يزيد أرسل إلى العراق عاملا ، وهو ابن زياد ، فضبط العراق وبث فيهم المال وأعطى كبراءهم ، ولما قدم الحسين عليهم قالوا : نريد أنك تذهب إلى ابن زياد لتبايعه نيابة عن يزيد ، فامتنع وقال : لا أبايعه ، فلم يكن بد من أنهم قاتلوه وقتل ، ولما قتل بعد مدة قليلة مات يزيد وبويع ابن الزبير لأهل العراق ، بايعوه على العراق وعلى الحجاز وعلى اليمن ، وخاف ابن زياد من القتل ، فذهب إلى الشام وبايع مروان بن الحكم وقال : أنت أكبر قريش وأنت أولاهم . ولما بايعه حصلت وقعة أيضا بالشام ، افترقوا .
بعضهم يقول : نحن تبع ابن الزبير ، وبعضهم والوا بني أمية ، حصلت وقعة كبيرة اسمها وقعة مرج راهط ، قتل فيها كثير .
بعد ذلك تم الشام لمروان ، أقام سنة ثم مات وبويع لابنه عبد الملك ، وتقوت خلافة عبد الملك ، وفتح العراق ، وأرسل أيضا إلى الحجاز ، وقتل ابن الزبير على يد الحجاج ، وولى الحجاج على العراق ، ولما تولى الحجاج كان يحب بني أمية ، فأمر الخطباء أن يلعنوا عليا على المنابر ، أهل العراق يحبون عليا محبة شديدة ، فكلما سمعوا خطبة وإذا هم يلعنون عليا ، ساءهم ذلك أشد الاستياء فلم يجدوا بدا إلا أنهم يجتمعون بعد كل جمعة في أمكنة ويتذاكرون فضائل علي ، ودخل معهم من يريد أن يرغبهم ، فصاروا يكذبون أكاذيب ، وأحاديث مكذوبة لا أصل لها في فضل علي ، اشتهرت تلك الأحاديث عندهم إلى أن صاروا يعتقدون أن عليا أفضل من غيره ، ومع كثرة تلك الأكاذيب حصل الغلو من كثير منهم ، فهناك طائفة يقال لهم : الغرابية ، وهم أتباع ابن سبأ الذي هو أول من غلا وسجد لعلي ، هؤلاء قالوا : إن عليا هو الإله ، حتى قال قائلهم:

أشــهد أن لا إلــه إلا ....... حـيدرة الأنــزع البطـين
ولا حــاجب عليــه إلا ....... سلمان ذو القـوة المتـين

جعلوا سلمان هو ذو الرأي لأنه فارسي ، وهم أكثرهم من فارس.
وغلا آخرون لما سمعوا تلك الفضائل التي لم تجتمع في نبي ولا غيره ، أكاذيب لفقوها ، فادعوا أن عليا هو أولى بالرسالة ، وأن جبرائيل نزل لينزل بالرسالة على علي ، ولكنه صرفها إلى محمد ، ولذلك يقولون في تشهدهم : خان الأمين وصدها عن حيدر ، حيدر يعني علي ، أي الأمين الذي هو جبرائيل خان الأمانة وجاء بها إلى محمد وهو مأمور أن ينزل بها إلى علي ، أي بهذه الرسالة .
سبب هذا الغلو سماعهم تلك الأحاديث التي هي مبالغة في مدح علي وفي الزيادة في شأنه .
ثم لما اشتهرت تلك الأحاديث وتحفظوها ، كأنهم شك بعضهم ، قالوا : إذا كانت هذه الفضائل له التي اجتمعت فيه ولا تجتمع في غيره ، فكيف مع ذلك قدم عليه ثلاثة ؟ لماذا قدم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ؟ أليس هو أولى إذا كانت هذه الفضائل له ؟ متى تجتمع هذه الفضائل في شخص فإنه يكون أولى من غيره ، بل قد يكون أولى من الأنبياء ، فلم يجدوا بدا - رؤساؤهم - من أن يكذبوا أكاذيب يلصقونها بالخلفاء ، الذين هم أبو بكر وعمر وعثمان ، فلا بد أنهم يلتمسون ما يعيبونهم به ، فجمعوا أكاذيب تقدح في الثلاثة ، بل تقدح في بقية الصحابة .
اشتهر عندهم حديث ( غدير خم ) قالوا : إن فيه الوصاية لغدير خم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالخلافة لعلي وأوصى له بالولاية ، وأنه قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه)).
هكذا يدعون ، والذي في صحيح مسلم حديث زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبهم في غدير خم وقال : ((إني تارك فيكم الثقلين ، أولهما كتاب الله ، فيه الهدى والنور)) ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال : ((وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي)) فقيل لزيد بن أرقم : من أهل بيته ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ فقال زيد : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته الذين حرموا الصدقة بعده : آل علي وآل جعفر وآل العباس وآل أبي طالب ، هؤلاء هم أهله. يعني الذين هم من ذرية بني هاشم .
فهذا هو الصحيح ، وأما هذا الحديث فإن فيه مبالغة . ولا يزالون إلى الآن يذكرون هذا المقال ،

في أول هذا العام ، لما كانت الوقعة التي في لبنان بين من يسمون حزب الله ، ونحن نقول : إنهم حزب الشيطان ، نشرت فتوى لنا في أن هؤلاء ليسوا صادقين في قتالهم ، ولكن كان عامة الناس يقولون : هؤلاء الذين يهزمون اليهود ، هؤلاء الذين انتصروا من اليهود ، هؤلاء أولى أن يكونوا حزب الله ، حتى إن كثيرا من الشام بدلوا ، تحولوا من السنة إلى أن صاروا شيعة ، على دين من يسمونه حزب الله .

اشتهرت الفتوى ، فأنكرها كثير من أهل الشرق والغرب ، حتى نشر في الصحف في بلاد إفريقيا ، أن شرائط كثيرة تحمل علي أنني أبغض حزب الله وأني أوالي اليهود وأني وأني .
فالحاصل كتب إلينا اثنان من أهل المنطقة من أهل القطيف من غلاة الشيعة ، ينكرون علينا ويذكرون فضائل لعلي وقالوا : إن هذه كتبكم يا معشر السنة ، إنها موجودة في كتبكم ، وإنها فضائل لعلي ، تلك الفضائل منها ما هو صحيح ، ولكن يمكن أن تسعة في المائة كلها موضوع ، ولو كانت عند المستدرك ، ولو كانت في بعض كتب أهل السنة ؛ لأنهم يعتمدون الإسناد .
كان من جملة ما ذكره هذا الرافضي ، يقول : إنكم تطعنون في علي . حاشا أننا نطعن في علي ، إنه هو الخليفة ، إن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم أكد في غدير خم وعنده ثمانون ألفا ، وأكد أن الخليفة بعده علي ، وأنه الوصي ، وأن من كنت مولاه فإن عليا مولاه ، وأخذ يهذي من هذا الهذيان ، فلم أشتغل بالجواب له لأنهم لا حيلة لهم .
وكان أحدهم قد أرسل إلي بعض الاعتراضات ، وأجبته ، ولما أجبته رد علي بجواب واسع ، علمت أنه لا حيلة فيهم .
فعند ذلك نتعجب ، نقول كما يقول : ثمانون ألفا سمعوا النبي محمدا وهو يوصي بالخلافة إلى علي ، قد يقال له : إنكم تكفرون الثمانين كلهم ، الرافضة يعتقدون أن الصحابة كلهم ارتدوا ، لم يبق منهم إلا ستة أو سبعة ، ما بقي إلا سلمان وصهيب وأبو ذر وعمار وخبيب ، يعني بعض الموالي ، أما الأكابر فإنهم كفروا ، كيف كفروا ؟ كتموا الوصية ، الوصية التي لعلي ، كتموها ، وأنهم سمعوا ذلك .
فأقول : ثمانون ألفا تواصوا بكتمان هذه الوصية ؟ إذا كان على ما يقول هذا الرافضي ، فهكذا لا شك أنهم لما رأوا أن الصحابة ولوا قبله ثلاثة من الخلفاء ، لا بد أنهم يلتمسون عيوبا ، فجمعوا عيوبا في أبي بكر ، حتى يمكن قرأتم رد شيخ الإسلام على ابن المطهر في منهاج السنة النبوية ، حتى قرأت لبعضهم أنه يقول : ما خرج بأبي بكر في هذا السفر إلا لأجل أنه خاف أنه يقتل عليا ، أو أراد أن يأمن من مكره ، أو ما أشبه ذلك من الأكاذيب .
ثم ابن المطهر يقول : إنه ليس بصالح وليس بولي ؛ لأنه حزن حتى قال له محمد : لا تحزن إن الله معنا ، إن هذا دليل على خوفه وذعره ، فلا يكون صالحا . هذه من تلفيقاتهم .
جمعوا أكاذيب طعنوا فيها بأبي بكر ، ولكن أكثر ما طعنوا في عمر بن الخطاب ، ولا يزالون إلى الآن .
كتب أحد المعاصرين قبل ، يمكن عشر سنين ، من أهل البحرين ، اهتدى ، وكتب له رسالة عنوانها : ربحت الصحابة ولن أخسر آل البيت ، ذكر فيها قصة يقول : إن امرأة ولد لها ولد من أهل السنة وسموه عمر ، وجاء هناك احتفال ، وجاءت تلك العجوز الرافضية ، حملت ذلك الطفل الذي عمره سنة وقالت : ما اسمك ؟ لم يكن قد أفصح ، فقال (أُمل) فقالت أمه : عمر ، فرمت به هذه العجوز وقالت : لعن الله عمر ومن يحب عمر ومن يسمي بعمر ، عجوز يمكن عمرها في عَشر التسعين ، ولا يزالون .
كذلك من جملة ما اتهموه ، قالوا : إنه لما أن عليا لم يبايع هو والزبير، جاء إليهما فأكرههما وهددهما بالقتل، إلا أن يبايعيا لأبي بكر رضي الله عنه .
هذه القصة في كتبكم ، رواها ابن أبي شيبة ورواها ابن حبان ورواها كذا وكذا ، نقول : صحيح أن عمر رضي الله عنه ما أراد الخلافة لنفسه ، ولا أرادها لأحد من بني عدي الذين هم قبيلته ، ولكن رأى أن أبا بكر أولى بالخلافة للأمور التي ذُكرت في ترجمته التي تدل على أهليته ، وكان يقول : والله لأن أعذب بأشد عذاب لا يدخلني النار ، أحب إلي من أن أتولى على فئة فيهم أبو بكر . لا أكون أميرا عليه أبدا ، لما رأى من فضائله رضي الله عنه .
ثم يقول بعض هؤلاء المعاصرين : إنه أراد أن يحرق بيت فاطمة عليها ، ونقلوا أكاذيب أن فلانا وفلانا حملا معه الحطب ليحرق بيتها ، وأنه قيل له : إن فيه فاطمة ، فقال : وإن ، أي سوف أحرقه ولو كانت فيه ، وكل هذه من الأكاذيب ، ولو كان بعضها في كتب أهل السنة ؛ لأنهم يروونها بأسانيد فيقولون لك : ابحث عن الإسناد ، إذا كان صادقا أو غير صالح ، هكذا .
ولما جمعوا فيه هذه الأكاذيب لم يجدوا بدا من أن يحملوا عليه ، ولا يزالون كذلك يحملون على عمر ويلعنونه دائما .

كذلك أيضا عائشة ، لماذا ؟ يقولون : لأنها قاتلت عليا ، هي التي خرجت بجيش من مكة إلى العراق ، وكان معها ابن أختها عبد الله بن الزبير ، ومعهما الزبير وطلحة ، فحصلت وقعة تسمى وقعة الجمل لأنها كانت في وسط المعركة .
نقول : لم تقتل ولم تقاتل ، هي امرأة ، إنما لما جاءهم خبر قتل عثمان وأن الذين قتلوه من أهل العراق ، توجهوا لأجل قتالهم ، ولأجل أخذ الثأر لعثمان المغلوب ، فسمع بهم علي فتوجه إليهم إلى أن حصلت الوقعة ، انضم إليهم قتلة عثمان ، انضموا إلى علي ، فحصلت هذه الوقعة .
وبكل حال هذا سبب مقتهم لعائشة ، وقد جمعوا أكاذيب وفسروا آيات من القرآن تفاسير بعيدة حتى قالوا في قوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} قالوا : البقرة عائشة ، مع أن القصة في بني إسرائيل ، وكذلك قالوا: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} يدا أبي لهب : أبو بكر وعمر ، يدا أبي لهب . وكذلك يقولون في قوله تعالى : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} الجبت والطاغوت : أبو بكر وعمر.
ولهم ورد يقرؤونه صباحا ومساء ، طبعه الخميني وفرقه عليهم ، أوله : اللهم العن صنمي قريش وجبتيهم وطاغوتيهما وابنتيهما ، يعني حفصة وعائشة ، إلى آخره ، منشور يجعلونه في جيوبهم كلما صلى أحدهم الفجر أو المغرب أو العصر ، يقرؤونه صباحا ومساء . هكذا كانت فكرتهم .
كذلك أيضا اعتقدوا أن جميع الصحابة الذين بايعوا أبا بكر ، كتموا الوصية ، وأن أبا بكر وعمر أكرها جميع الناس وقالوا : إن الأنصار قالوا : لا نريد إلا عليا لا نبايع إلا عليا ، وكل هذا من ترهاتهم وأكاذيبهم ، وقد تمكنوا في هذا الأزمنة في العراق وكثروا ولهم الآن نشاطات ، يقاتلون أهل السنة هناك ، يكادون أن يفنوا أهل السنة .
ذكر قبل سنة أو سنتين أنهم وجدوا طفلة عمرها خمس سنين ، ما اسمك ؟ قالت : عائشة ، فقتلوها لأنها تسمى بهذا الاسم ، وقتلوا في يوم واحد أربعين ، لماذا ؟ كلهم اسمه عمر ، تتبعوا بلدة كاملة ، كل من وجدوا اسمه عمر قتلوه ؛ حقدا على عمر بن الخطاب ، ولا يزالون هكذا ، ولكن الحق شمس والعيون نواظر ، لكنها تخفى على العميان ، لو تفكر العاقلون منهم ونظروا لعلموا أنهم بعيدون عن الصواب ، وأن مذهبهم أشد المذاهب بعدا وأبعدها عن الصواب .
ولأجل ذلك الذين فكروا منهم تراجعوا ، ومنهم من أنصف ، كواحد يقال له الموسوي ، له كتاب أنصف فيه ، جعل عنوانه : التصحيح للشيعة ، أو : بين السنة والشيعة ، أو قريبا من هذا ، ولكن مع ذلك لم يتراجع عن عقيدته في علي ونحوه ، إلا أنه أنكر على هؤلاء الرافضة كثيرا من المنكرات .
ثم واحد من أهل العراق كان هو وأبوه على العقيدة الرافضية ، وهو أيضا ممن اجتمع بالخميني وسافر معه ، وبعث معه ، نظر نظرة عاقل ، فعند ذلك كأنه تراجع ، ألف كتابه المشهور الذي سماه : لله ثم للتاريخ ، أنصف فيه ، وذكر جميع الهفوات التي يعتقدها الرافضة ، ولما طبع كتابه وفضحهم عمدوا إليه وقتلوه غيلة ، ولكن كتابه ترجم وطبع مرارا ، ولا يزالون يكذبونه في كتابه ، فيقال له ، لكل من كذبه : ارجعوا إلى كتبكم ، ها هو كتب ، ذكر الجزء والصفحة من كل كتاب ينقل منه ، وإذا كان صادقا فإنكم تلعنون أولئك الذين كتبوا ، العنوا الخميني الذي هذه كتبه فيها فضائح ، العنوا قبله المجلسي الذي له كتاب كبير اسمه بحار الأنوار ، مائة وعشرون مجلدا العنوا الكليني ، الذي له هذا الكتاب المشهور الذي يسمونه الكافي . كذلك لهم كتب كثيرة .
نقول : إنكم قد كفرتم ، أولا أنكم تطعنون في القرآن ، تطعنون في الصحابة ، لما لم يجدوا في القرآن المكتوب ذكر علي ولا ذكر أهل البيت ، قالوا : لا بد أن أبا بكر وعمر وعثمان حذفوا منه ما يدل على فضائل أهل البيت .
يزعمون أن القرآن كانت آياته سبعة عشر ألف آية وأنهم حذفوا منه ما بقي إلا ستمائة وزيادة .
رد بعض الإخوان على هذا الذي يدعي أنه حزب الله ، وبين أن الرافضة يطعنون في القرآن ، ونقل عن أكابرهم الذين ثبت ذلك عنهم ، ومن آخرهم عراقي مات في القرن الماضي يقال له النوري الطبارسي ، له كتاب طبع عدة مرات ، اسمه فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ، يعني القرآن ، لفق فيه من الأكاذيب ونقل عن مشايخه ونقل عن أكابرهم ، مما يدل على أن هذه عقيدة راسخة أن هذا القرآن قد تولى الصحابة التصرف فيه ، واتهموا الصحابة - ومنهم علي - حيث أنهم كتموا القرآن .
ثم إن متقدميهم كذبوا أيضا على أبي جعفر ، محمد بن علي بن الحسين ، أنه قال : عندنا مصحف فاطمة مثل مصحفكم هذا ثلاث مرات ، والله ما فيه حرف واحد من مصحفكم ، نحن غنيون عنكم وعن مصحفكم ، أين هذا المصحف الذي فيه ثلاثة أضعاف مصحفنا ؟ هكذا .
كذلك أيضا تكفيرهم للصحابة ، ما استثنوا إلا عددا يسيرا ، يقولون : إنهم ارتدوا ، الذي كتب إلينا يقول : إن في كتبكم أن محمدا يقول : إنه يرد علي من أمتي أناس أعرفهم ثم يمنعون ، فلا يخلص علي إلا مثل الحمل، فهؤلاء هم الصحابة الذين يمنعون من الورود عليه ولا يخلص إلا قليل .
ولما أجبته بأن الذين يزادون هم المرتدون ، وليس خاصا أيضا بالصحابة ، بل الذين ارتدوا بعدهم والذين كفروا ، لم يقنع بذلك الجواب .
فعلى كل حال هذا من جملة ما يكفرون به ، نسأل الله العفو والعافية ، ونعوذ بالله من الحرمان ، والله أعلم ، وصلى الله على محمد .

*****

سؤال: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ ، يقول: ما رأيكم في من يهون من أمر الرافضة ويدعو إلى التقارب معهم ؟
قد وقع هذا في وسط القرن الماضي ، وذلك لأن الرافضة في العراق لما اشتهر أمر الأزهر في مصر ، كان أهل الأزهر وأهل مصر كلهم سنة ، فالتحق كثير من الرافضة بالأزهر ، وأخذوا يجالسون مشايخ الأزهر ، ثم قالوا : نريد التقارب ، ما بيننا خلاف ، إنما نحن مذهب كما أنكم مذهب شافعي فنحن أيضا مذهب جعفري ، وأخذوا يهونون من أمرهم ، وانخدع بهم كثير ، وألف واحد منهم كتابا اسمه المراجعات ، مراجعات مكاتبات بينه وبين من لم يتمكن من أهل السنة ، وقد رد عليه أيضا بعض المحققين .
انتبه لذلك عالم في مصر ، محب الدين الخطيب ، رحمه الله ، نظر وإذا هم إنما يدعون إلى أننا نقرب منهم ، وأما هم فلا يقربون منا ، هذا التقريب الذي يريدونه ، إنما يريدون تقريبنا إليهم لا أنهم يقربون إلينا أبدا .
وكتب في ذلك رسالة ، فلعلكم قرأتموها : الخطوط العريضة ، فيه قبل أربعين سنة أو نحوها ، كان الرافضة كلما حجوا يطبعون كتيبا نحو عشر ورقات صغيرة ويترجمونه بأربع لغات ، ويطبعون منه خمسا وسبعين ألفا ويفرقونه على الحجاج ، مذهبنا كذا ومذهبنا كذا ، نحن الذين نحب أهل البيت ونحن الذين نوالي أهل البيت ونحن ونحن ، وهذه عقيدتنا .
انتبه الإخوان في الرياض ولم يكن هناك ما يرد به عليهم ، إلا كتاب الخطوط العريضة ، فطبعوا منه كمية نحو عشرين ألفا ، وفرقوها على الحجاج في مكة وفي المدينة ، ولما رأوه ثارت حميتهم وعصبيتهم ، ورد عليه أحدهم برسالة صغيرة عنوانها : مآل خطيب في خطوطه العريضة ، وذكر أن هذا كذب .
عجبا لهم ! أتكذبون الذين ينقلون من كتبكم ؟ كتبكم فضحتكم ، إنه ينقل بالصفحة والجزء ، فكيف مع ذلك لا تقرونه ؟
فالحاصل أن الذين يدعون للتقريب هم مثل الذين يدعون للتقريب في زمن محب الدين الخطيب.
سؤال: أحسن الله إليكم ، هناك مجموع من الأسئلة عبر الإنترنت ، يعني الأخ عوف من العراق والأخ عمار العامري أيضا يذكرون - شيخنا - الكثير عن أحوال أهل السنة في العراق ، ويقولون : نرجو من الشيخ الدعاء لأهل السنة هناك.
لا شك أن أهل العراق فيهم سنة ؛ لأن العراق بلاد الخلافة العباسية ، وفيهم الأئمة ، سفيان الثوري والإمام أحمد ، ولا يزال فيهم سنة ، ولكن لا شك أن الرافضة نشطوا في هذه الأيام ، كانوا في زمن صدام مقموعين قد قمعهم ، لا يقدرون على أن يظهروا شيئا من شعاراتهم ، ولما جاء الأمريكان فرحوا ، حيث إنهم قضوا على ملك صدام ، فنشطوا بعد ذلك ، ثم انضموا مع الأمريكان في قتال أهل السنة ، نعوذ بالله .
فنقول : إنهم أهل لأن يدعى لهم ؛ لأنهم مستضعفون ومستذلون ، ولكن إذا اعتصموا بالله تعالى وتمسكوا بالشرع ، فإن الله تعالى ينصرهم ، وندعو لهم بأن يعزهم ، اللهم أعزهم وانصرهم على القوم الكافرين ، والله أعلم ، وصلى الله على محمد.
أحسن الله إليكم وأثابكم ونفعنا بعلمكم ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .