الدروس
course cover
في سيرة العشرة
7 Jan 2009
7 Jan 2009

4199

0

0

course cover
مختصر عبد الغني

القسم الثالث

في سيرة العشرة
7 Jan 2009
7 Jan 2009

7 Jan 2009

4199

0

0


0

0

0

0

0

قالَ الحافظُ أبو مُحَمَّدٍ عبدُ الغَنِيِّ بنُ عبدِ الواحدِ الْمَقْدِسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ وأَرضاهُ:

فصلٌ

[في سِيرةِ العَشَرَةِ] [1]




تعليق الشيخ: خالد بن عبد الرحمن الشايع


[1] ذَكَرَ المُؤلِّفُ هنا تَراجِمَ مُختصَرَةً لبعضِ صحابةِ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهم العَشرةُ الْمُبَشَّرُونَ بالْجَنَّةِ.

واعْلَمْ -وَفَّقَكَ اللَّهُ- أنَّ من الصَّحابةِ مَنْ جاءَتْ لهم البِشارةُ بالْجَنَّةِ غيرُ هؤلاءِ أيضًا، ولكنْ لَمَّا جاءَ ذِكْرُ هؤلاءِ العشرةِ في حديثٍ واحدٍ وجاءتْ لهم فيهِ البِشارةُ بالجنَّةِ جَمِيعًا أُفْرِدُوا بالذِّكْرِ، فيُقالُ: العَشَرَةُ الْمُبَشَّرُون بالْجَنَّةِ.

والحديثُ هوَ قولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ)).

رواهُ أبو داوُدَ (4649)، والترمذيُّ (3748)، وأحمدُ في (المسنَدِ) (1/187)، وغيرُهم، وهوَ حديثٌ صحيحٌ.

ولهؤلاءِ العشرةِ فضائِلُ جَمَّةٌ مَبسوطَةٌ في مَواضعِها لا يَحْتَمِلُها هذا الْمَكانُ، رَضِيَ اللَّهُ عنهم وأَرْضَاهم.

هيئة الإشراف

#2

30 Mar 2010

شرح مختصر عبد الغني لفضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اختار المؤلف رحمه الله أن يترجم تراجم مختصرة للعشرة المبشرين بالجنة ، معلوم أن الصحابة رضي الله عنهم كلهم أهل صحبة ، وكلهم يرجى لهم الخير ، ولهم جميعا فضل ، فضلهم الله تعالى وترضى عنهم في قوله تعالى : {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} يدخل في ذلك المهاجرون من مكة ومن غيرها إلى المدينة ، والأنصار الذين بالمدينة والذين نصروا النبي صلى الله عليه وسلم ، والذين أسلموا بعد ذلك واتبعوهم بإحسان ، كل هؤلاء داخلون في هذا الترضي ، رضي الله عنهم .
وكذلك قول الله تعالى : {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} هؤلاء الذين هاجروا من مكة والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم ، أهل المدينة ، والذين جاءوا من بعدهم ، الذين أسلموا بعدهم كلهم يرجى لهم الخير ، وكلهم من الصحابة ، وكلهم قد حاز فضل الصحابة ، والصحابة كثير قد يبلغون ألف ألف ، الذين مثلا حضروا معه حجة الوداع قيل : إنهم ثمانون ألفا ، وقيل : مائة وأربعون ألفا ، والذين توافدوا في سنة الوفود لا يحصي عددهم إلا الله ، وكلهم لما أسلموا حازوا فضل الصحبة .
فالصحابي: من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به ومات على الإيمان ، ولو قدر أنه ارتد ثم رجع ، كلهم أهل صحبة ، ولكن لا شك أن بعضهم أفضل من بعض ، فأفضلهم الذين هاجروا الهجرتين هاجروا إلى الحبشة ، ثم هاجروا من الحبشة إلى المدينة ، ثم بعدهم المهاجرون من مكة إلى المدينة ، ثم بعدهم الأنصار ، ثم بعدهم الذين أسلموا بعد صلح الحديبية ، ثم الذين أسلموا بعد فتح مكة ، ثم الذين ثبتت لهم الرؤية ، ولكن العشرة المشهود لهم بالجنة أفضل من غيرهم .
قد ثبت أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد بالجنة لجماعة إجمالا وتفصيلا ، فثبت عنه أنه قال: ((أرجو أن لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة)) الذين بايعوا تحت الشجرة ألف وأربعمائة وزيادة ، قال تعالى : {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} أخبر بأنه رضي عنهم ، وإذا كان قد رضي عنهم فلا يمكن أن يسخط عليهم بعد هذا الرضا ، فالله تعالى صرح بأنه قد رضي عنهم .
كذلك ثبت أنه قال في ثابت بن قيس : ((إنه من أهل الجنة)) أنصاري كان خطيب النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال في الحسن والحسين : ((سيدا شباب أهل الجنة))، وقال في فاطمة : ((سيدة نساء أهل الجنة))، وقال في عكاشة بن محصن : ((أنت منهم)) أي: من الذين يدخلون الجنة بغير حساب.
وقال الله في الذين قتلوا شهداء في بدر أو في أحد : {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} فأخبر بأنهم عند ربهم وأنهم يرزقون ، دليل على أنهم من أهل الجنة ، فتكون البشارة بأهل الجنة لعدد كبير .
يرجى أيضا أن الصحابة كلهم يكونون كذلك ، ولهذا لما أن بعض الصحابة كانوا يحبون النبي صلى الله عليه وسلم ، فظهر على بعضهم الحزن ، قالوا : يا رسول الله والله لا نستطيع التحمل والصبر عنك ، إذا رجعنا إلى أهلينا وجلسنا قليلا دفعنا الشوق حتى نأتي إليك ونستأنس بك ، وإنا تذكرنا أننا إذا دخلنا الجنة رفعت أنت في عليين مع النبيين ولم نحظ برؤيتك ، فلم يرد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى أنزل الله قوله تعالى : {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} أي: ما أحسن رفقتهم ، أخبر بأنهم معه ، حتى ولو كان في أعلى ، أن الأعلين ينزلون ويسلمون على من تحتهم ، ليقروا .
قال بعضهم: {مِنَ النَّبِيِّينَ} كمحمد صلى الله عليه وسلم {وَالصِّدِّيقِينَ} كأبي بكر {وَالشُّهَدَاءِ} كعثمان وعلي {وَالصَّالِحِينَ} بقية الصحابة ، ولما كان لهم هذه المزية اهتم العلماء بذكر فضائلهم .
وكان من أسباب اهتمامهم أن هناك من ابتلي بلعنهم وسبهم ، وهم الرافضة الذين يسمون أنفسهم شيعة أهل البيت ، يقول الإمام أحمد : ما أرى الناس ابتلوا بسب الصحابة إلا لأجل أن يجري الله لهم حسنات ، أي: تستمر الحسنات لهم بعد موتهم ، ولما اشتهر هؤلاء الذين يلعنون الصحابة اهتم العلماء بذكر فضائلهم .
كتب الإمام أحمد كتابا في فضائل الصحابة ، بدأه بفضائل العشرة ، جعل البخاري في صحيحه كتاب الفضائل ، بدأ بفضائل العشرة مرتبين ، مسلم قال: كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، وبدأ بفضائل العشرة أو الخلفاء الأربعة على ترتيبهم ، وهكذا الدارمي في مقدمة سننه ، وهكذا ابن ماجة في مقدمة سننه .
وكثير من الصحابة لهم فضائل كثيرة ، جمعها العلماء في فضائل الصحابة ، ولعل الحامل على ذلك الرد على هؤلاء الذين يلعنونهم ويكفرونهم ، هكذا العشرة مبشرون بالجنة في ذلك حديث رواه سعيد بن زيد رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة)) هذا الحديث رواه الإمام أحمد ، ورواه أهل السنن : أبو داود والترمذي وغيرهم .
فلما كان كذلك كان المسلمون يشهدون لهم بالجنة ، نشهد لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة ، ويقدمون من قدمهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وهم الخلفاء الراشدون ، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)) وهم الأربعة : أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، هؤلاء الخلفاء الراشدون ؛ أي: أنهم من أهل الرشد .
كذلك في حديث ابن عمر رضي الله عنه قال : (كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي : أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ، فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينكره) أي: يقرهم على أن هؤلاء هذا ترتيبهم ، أن أبا بكر له الفضل ، ثم يليه في الفضل عمر ، ثم يليه في الفضل عثمان ، هكذا .
وتواتر عن علي رضي الله عنه ، قالوا : إنه روي عنه من ثمانين وجها أنه قال: أفضل هذه الأمة بعد نبيها : أبو بكر ثم عمر . هذا شبه المتواتر .
وكذلك أيضا سأله ابنه محمد الذي يقال له: ابن الحنفية ، قال : يا أبت من أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر يا بني ، قال : ثم من ؟ قال : عمر ، يقول : ثم خشيت أن يقول : ثم عثمان ، فقلت : ثم أنت يا أبي ؟ فقال : ما أبوك إلا واحد من أفراد المسلمين . تواضعا منه وإلا فإن له الفضل .
الخلفاء سماهم خلفاء ؛ لأنهم خلفوه في الولاية ، وأفضلهم أبو بكر ثم يليه عمر ، وكانا بمنزلة الوزيرين من النبي صلى الله عليه وسلم لا يصبر عنهما دائما ، ولما دفنا معه في حجرته قال علي رضي الله عنه : لقد كنت أعرف أنهما سيرافقانه ؛ لأني كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا يقول : خرجت أنا وأبو بكر وعمر ، وذهبت أنا وأبو بكر وعمر ، ورجعت أنا وأبو بكر وعمر ، دائما يكونان معه في حياته ، فجمعهم الله تعالى معه بعد مماته ، وذلك من خصائصهما .
وكذلك أيضا أشار إلى خلافتهما في قوله صلى الله عليه وسلم : ((اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر)) أخبر بأنهما من بعده ، وأنهما قدوة لمن يريد الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وكل ذلك إشارة إلى فضلهما .
فأهل السنة يترضون عن الصحابة ويخصون أبا بكر وعمر وعثمان وعلي بزيادة فضل وبزيادة ترضي ؛ لأنهم الخلفاء الراشدون ، وأما أعداؤهم فلا عبرة بأحوالهم.