الدروس
course cover
هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وإقامته بالمدينة
6 Jan 2009
6 Jan 2009

5823

0

0

course cover
مختصر عبد الغني

القسم الأول

هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وإقامته بالمدينة
6 Jan 2009
6 Jan 2009

6 Jan 2009

5823

0

0


0

0

0

0

0

قالَ الحافظُ أبو مُحَمَّدٍ عبدُ الغَنِيِّ بنُ عبدِ الواحدِ الْمَقْدِسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ وأَرضاهُ:

[هِجْرَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

ثمَّ هاجَرَ إلى المدينةِ ومعهُ أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، ومَوْلَى أبي بكرٍ عَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ.
ودَلِيلُهم عبدُ اللَّهِ بنُ الأُرَيْقِطِ اللَّيْثِيُّ، وهوَ كافرٌ، ولمْ يُعْرَفْ لهُ إِسْلامٌ.
وأقامَ بالمدينةِ عَشْرَ سِنينَ
[1].




تعليق الشيخ: خالد بن عبد الرحمن الشايع

[1] في شأنِ الهجرةِ وصُحْبَةِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ لرسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، فيها يقولُ اللَّهُ تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سورة التوبةِ، الآيَةُ: 40].
وانْظُرْ سِياقَ حديثِ الهجرةِ في (صحيحِ البخاريِّ) (3905)، وفيهِ ذِكْرُ عامرِ بنِ فُهَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، وإتيانِهِ بالْغَنَمِ في الليلِ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصِّدِّيقِ صاحبِهِ وهُمَا بالغارِ؛ لِيَحْلُبَا منها، وأنَّهُ كانَ يَرْجِعُ قبلَ الفَجْرِ حتَّى لا يَعلمَ بهِ أَحَدٌ. وفيهِ أيضًا ذِكْرُ عبدِ اللَّهِ بنِ الأُرَيْقِطِ دَليلًا لهما.
فائدتانِ:
الأُولى: كانتْ هِجرةُ المصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينةِ بعدَ أنْ أَمْضَى في مَكَّةَ ثلاثةَ عشَرَ عامًا بعدَ البَعْثَةِ، وكان وَقْتُ الهجرةِ في شَهْرِ ربيعٍ الأَوَّلِ. وقدْ جَعَلَ المسلمونَ بَدْءَ العامِ شهرَ المحرَّمِ؛ لأنَّ ابتداءَ الْعَزْمِ على الهجرةِ كانَ في الْمُحَرَّمِ بعدَ مُبايَعَةِ الأنصارِ للنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في ذِي الْحِجَّةِ على نُصْرَتِهِ، وقدْ كانَ تَعْيِينُ ابتداءِ العامِ بشَهْرِ المُحَرَّمِ بِمَشورةٍ من الخليفتَيْنِ الراشِدَيْنِ: عمرَ بنِ الْخَطَّابِ وعُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما.
وقد انْحَصَرَت الْمُنَاسَبَاتُ التي يُمْكِنُ أنْ يُؤَرَّخَ بها أَرْبَعٌ؛ هيَ: مَوْلِدُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهجرتُهُ، ووَفاتُهُ، فتَرَجَّحَ أنْ تُجْعَلَ تَعيينَ السَّنَةِ. وأمَّا وَقتُ الوَفاةِ فأَعْرَضُوا عنهُ لِمَا يُتَوَقَّعُ بِذِكْرِهِ من الأَسَفِ عليهِ، فانْحَصَرَت المناسَبَةُ في الهجرةِ. نَبَّهَ لهذا الحافظُ ابنُ حَجَرٍ العسقلانيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. يُنْظَرُ: (فتْحُ البارِي) (7/ 267 - 269).
الفائدةُ الثانيَةُ: أنَّ بعضَ المسلمينَ قد اعْتَادُوا على إقامةِ احتفالاتٍ سَنَوِيَّةٍ في شهرِ المُحَرَّمِ للاحتفالِ بالهجرةِ، وهذا العملُ لمْ يكُنْ منْ هَدْيِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا منْ فعْلِ صَحابتِهِ، فهوَ إذَنْ عَمَلٌ مُحْدَثٌ وعلى غيرِ سُنَّتِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ.

هيئة الإشراف

#2

30 Mar 2010

شرح مختصر عبد الغني لفضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

ذكر بعد ذلك هجرته؛ الهجرة: الانتقال من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، تكلم عليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه ثلاثة الأصول. لما كثر أذى المشركين بمكة للمؤمنين رخص لهم صلى الله عليه وسلم فعند ذلك هاجروا إلى الحبشة التي تعرف الآن بأثيوبيا، وكبيرهم جعفر بن أبي طالب أخو علي، وبقوا هنالك إلى سنة سبع في أمن وطمأنينة، ودعوا النجاشي ملك الحبشة فأسلم، وكان اسمه أصحمة ولما كان في سنة سبع رجعوا إلى المدينة، ويسمون "أهل الهجرتين".
أما النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون الذين في مكة فإنهم هاجروا إلى المدينة، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض نفسه في الموسم على القبائل، كلما جاء إلى قبيلة عرض عليهم الدعوة دعاهم إلى الله تعالى إلى الإسلام إلى التوحيد، وأخبرهم بأنه نبي يوحي الله إليه، ذكروا أن أبا لهب كان يمشي وراءه، ويقول: لا تسمعوا له فإنه كذاب، ولما جاء إلى الأنصار، وعرض عليهم دعوته أنه نبي عرفوا صدقه، وذلك لأن اليهود في المدينة يهددونهم دائما؛ يقولون: إنه سيخرج في هذا الزمان نبي نقاتلكم معه، ونقتلكم قتل عاد، فلما جاءهم عرفوا صفته وقالوا: هذا هو النبي الذي تخوفكم به اليهود فاسبقوهم، وكان اليهود يظنون أنه يبعث منهم، ولما بعث من غيرهم حسدوه، قال تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} فلما بايعوه أخذ عليهم عهدا أنه إذا هاجر إليهم أن يمنعوه مما يمنعون منه أبناءهم، فقبلوا ذلك والتزموا بأن يمنعوه.
ولما عزم على الهجرة، والتي هي ذهابه من مكة إلى المدينة، كان أهل مكة قد عزموا على أن يقتلوه وقالوا: إنا نقدر على أن نأخذ من كل قبيلة شابا شجاعا ونعطيه سيفا بتارا، ويضربوا محمدا ضربة واحدة فيقتلوه، وإذا قتلوه تفرقت ديته، وتفرق دمه في جميع القبائل، ولا أظن بني هاشم يقاتلون جميع قبائل قريش، بل يرضون بالدية، وتسمى الدية "العقل"، فجمعوا أولئك الشباب، عددهم كثير بعدد قبائل قريش، ومعهم سيوف قوية، وجلسوا ينتظرون خروجه ليقتلوه، فأعمى الله أبصارهم، وخرج عليهم ولم ينظروه، وجعل يأخذ ترابا ويحثه على رءوسهم، على عمائمهم، وخرج، وذلك قول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ}.
ولما جاءهم رجل بعده قالوا: أين محمد؟ قال: خرج قبل، وأنا أبصرته وهو يحث التراب على رءوسكم، يحثو على رءوسكم، فنظروا فإذا على رءوسهم هذا التراب الذي حثاه على رءوسهم.
فلما عزم على الهجرة كان عند أبي بكر رضي الله عنه راحلتان، كان قد أعدهما لهذا السفر، فلما عزم على هذا السفر أعطاهما غلامه واسمه عامر بن فهيرة، ولما أخذ الراحلتين ذهب بهما في البر، أي: للرعي، وواعدوه بعد ثلاث.

خرج صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر وصعدا ذلك الجبل الذي في جنوب مكة، ويسمى "جبل ثور"، ودخلا في ذلك الغار الذي في أعلاه، ولما دخل المشركون بثوا من يبحث عنه، وقالوا: من أتى به فله مائة من الإبل، فأعماهم الله، ووقفوا على الغار، ولما وقفوا عليه يقول أبو بكر: (لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لأبصرنا)، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا)).
وبعد ثلاث نزلا، وجاءهم ابن فهيرة بتلك الراحلتين، وذهب معهما برجل يدلهم الطريق، عبد الله بن الأريقط الليثي، وكان مع ذلك كافرا في ذلك الوقت، ولا يُدرى هل أسلم أم لا؟
استقر بالمدينة، مكث بها عشر سنين بلا خلاف، وبعد العشر اختار الله تعالى جواره له.