الدروس
course cover
الباب الثاني: في الأسرى والغنائم
7 Feb 2015
7 Feb 2015

4372

0

0

course cover
فقه العبادات من الفقه الميسّر

كتاب الجهاد

الباب الثاني: في الأسرى والغنائم
7 Feb 2015
7 Feb 2015

7 Feb 2015

4372

0

0


0

0

0

0

0

الباب الثاني: في الأسرى والغنائم


وفيه مسائل:
المسألة الأولى: حكم أسرى الكفار:
ذهب أكثر أهل العلم وهو الصحيح: أن أسرى الكفار من الرجال أمرهم إلى الإمام، فيخيّر فيهم بما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين بين: القتل، والاسترقاق، والمنّ بغير عوض، والفداء إما بمال أو منفعة أو أسير مسلم، أما النساء والصبيان فإنهم يسترقون بمجرد السبي، ويصيرون كجملة المال يضمون إلى الغنيمة، ولا يخير فيهم الإمام، ولا يجوز قتلهم، لنهيه صلّى اللّه عليه وسلّم عن ذلك.
- والدليل على القتل: قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5]. وقوله تعالى: {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض} [الأنفال: 67]. فأخبر الله سبحانه أن قتل المشركين يوم بدر كان أولى من أسرهم وفدائهم.
ولحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال: (اقتلوه) ، وقتل صلّى اللّه عليه وسلّم رجال بني قريظة.
- والدليل على الاسترقاق: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قصة بني قريظة لما نزلوا على حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه ، فحكم أن تقتل المقاتلة، وتسبى الذرية.
- والدليل على المنّ والفداء قوله تعالى: {فإذا لقيتم الّذين كفروا فضرب الرّقاب حتّى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً حتّى تضع الحرب أوزارها} [محمد: 4]. وينبغي للإمام أن يفعل الأصلح للمسلمين من هذه الخصال؛ لأن تصرفه لغيره، فلزم أن يكون تخييره للمصلحة.

المسألة الثانية: تقسيم الغنيمة بين الغانمين
الغنيمة: اسم لما يؤخذ من أموال الكفرة قهراً بقتال، على وجه يكون فيه إعلاء كلمة الله تعالى، وتسمى أيضاً: الأنفال جمع نفل لأنها زيادة في أموال المسلمين.
والأصل في مشروعيتها قوله تعالى: {فكلوا ممّا غنمتم حلالًا طيّبًا واتّقوا اللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} [الأنفال: 69]. وقد أحل الله الغنائم لأمة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم دون الأمم السابقة، قال صلّى اللّه عليه وسلّم: (وأحلت لي الغنائم، ولم تحلّ لأحد قبلي).
وتشمل الغنائم: الأموال المنقولة، والأسرى، والأرض.
وذهب جمهور العلماء إلى أن الغنيمة تقسم على خمسة أسهم:
السهم الأول: سهم الإمام، وهو خمس الغنيمة يخرجه الإمام أو نائبه.
ويقسم هذا الخمس على ما بيّن الله في قوله: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل} [الأنفال: 41] فيقسم هذا الخمس خمسة أقسام:
1 - الله ورسوله: ويكون هذا القسم فيئاً يدخل في بيت المال وينفق في مصالح المسلمين، لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (والذي نفسي بيده، مالي مما أفاء الله إلا الخمس، والخمس مردود عليكم). فجعله صلّى اللّه عليه وسلّم لجميع المسلمين.
2 - ذوي القربى: وهم قرابة الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، وهم: بنو هاشم وبنو المطلب، ويقسم هذا الخمس بينهم حسب الحاجة.
3 - اليتامى: وهو من مات أبوه قبل أن يبلغ، ذكراً كان أم أنثى، ويعم ذلك الغني منهم والفقير.
4 - المساكين: ويدخل فيهم الفقراء هنا.
5 - ابن السبيل: وهو المسافر الذي انقطعت به السبيل، فيعطى ما يبلغه إلى مقصده.
وأما باقي السهام الأربعة أربعة أخماس فتكون لكل من شهد الوقعة: من الرجال البالغين، الأحرار، العقلاء، ممن استعد للقتال سواء باشر القتال أو لم يباشر، قوياً كان أو ضعيفاً، لقول عمر رضي الله عنه : (الغنيمة لمن شهد الوقعة).
وكيفية التقسيم: أن يعطى الراجل الذي يقاتل على رجله سهماً واحداً، ويعطى الفارس الذي يقاتل على فرسه ثلاثة أسهم، سهم له وسهمان لفرسه؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قسم في النفل: للفرس سهمين، وللراجل سهماً ، ولأن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فعل ذلك في خيبر (جعل للراجل سهماً واحداً، وللفارس ثلاثة أسهم) ؛ وذلك لأن غناء الفارس ونفعه أكثر من غناء الراجل.
وأما النساء والعبيد والصبيان إذا حضروا الوقعة، فالصحيح أنه يرضخ لهم ولا يقسم لهم؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما لمن سأله: إنك كتبت تسألني عن المرأة والعبد يحضران المغنم، هل يقسم لهما شيء؟ وإنه ليس لهما شيء إلا أن يحذيا.
وفي لفظ: وأما المملوك فكان يحذى.
وإذا كانت الغنيمة أرضاً خيّر الإمام بين قسمتها بين الغانمين، ووقفها لمصالح المسلمين ويضرب عليها خراجاً مستمراً يؤخذ ممن هي بيده، سواء أكان مسلماً أم ذميّاً، فيؤخذ منه ذلك كل عام، وهذا التخيير يكون تخيير مصلحة.

المسألة الثالثة: مصرف الفيء
الفيء: ما أخذ من أموال أهل الحرب بحق من غير قتال، كالأموال التي يهرب الكفار ويتركونها فزعاً عند علمهم بقدوم المسلمين.
أما مصرفه: فهو في مصالح المسلمين بحسب ما يراه الإمام كرزق القضاة، والمؤذنين، والأئمة، والفقهاء، والمعلمين وغير ذلك من مصالح المسلمين؛ لما ثبت عن عمر رضي الله عنه قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم خاصة، وكان ينفق على أهله نفقة سنته، ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل.
ولهذا ذكر الله تعالى كل فئات المسلمين في معرض بيان مصارف الفيء فقال سبحانه وتعالى: {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل كي لا يكون دولةً بين الأغنياء منكم} [الحشر: 7]، فيأخذ منه الإمام من غير تقدير، ويعطي القرابة باجتهاد، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين). [الفقه الميسر: 204-207]