الدروس
course cover
الباب الثالث: في الهدنة والذمة والأمان
7 Feb 2015
7 Feb 2015

4247

0

0

course cover
فقه العبادات من الفقه الميسّر

كتاب الجهاد

الباب الثالث: في الهدنة والذمة والأمان
7 Feb 2015
7 Feb 2015

7 Feb 2015

4247

0

0


0

0

0

0

0

الباب الثالث: في الهدنة والذمة والأمان


وفيه مسائل:
المسألة الأولى: عقد الهدنة مع الكفار
1 - تعريفها: الهدنة لغة: السكون. وشرعاً: عقد الإمام أو نائبه لأهل الحرب على ترك القتال مدة معلومة بقدر الحاجة وإن طالت، وتسمى: مهادنة، وموادعة، ومعاهدة.
2 - مشروعيتها ودليل ذلك: يجوز لإمام السلمين عقد الهدنة مع الكفار على ترك القتال مدة معلومة بقدر الحاجة، إذا كان في عقدها مصلحة للمسلمين، كضعفهم أو عدم استعدادهم، أو غير ذلك من المصالح، كطمع في إسلام الكفار ونحوه، لقوله تعالى: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها}[الأنفال: 61]. وقد عقد النبي صلّى اللّه عليه وسلّم الهدنة مع الكفار في صلح الحديبية عشر سنين، وصالح اليهود في المدينة.
3 - لزوم الهدنة:
- تكون الهدنة التي عقدها الإمام أو نائبه لازمة، لا يجوز نقضها ولا إبطالها، ما استقاموا لنا، ولم يخونوا، ولم نخش منهم خيانة؛ لقوله تعالى: {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم} [التوبة: 7] وقوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا أوفوا بالعقود} [المائدة: 1].
- فإن نقضوا العهد: بقتال، أو مظاهرة عدونا علينا، أو قتل مسلم، أو أخذ مال، انتقض العهد الذي بيننا وبينهم وجاز قتالهم؛ لقوله تعالى: {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون} [التوبة: 12].
- وإن خيف منهم نقض العهد بأمارة تدل على ذلك، جاز أن ننبذ إليهم عهدهم ولا يلزم البقاء على عهدهم، قال تعالى:{وإمّا تخافنّ من قومٍ خيانةً فانبذ إليهم على سواءٍ} [الأنفال: 58]. أي: أعلمهم بنقض عهدهم، حتى تكون أنت وهم سواء في العلم، ولا يجوز قتالهم قبل إعلامهم بنقض العهد.

المسألة الثانية: عقد الذمة، ودفع الجزية
1 - تعريفه: الذمة لغة: العهد، وهو الأمان والضمان.
وعقد الذمة اصطلاحاً: هو إقرار بعض الكفار على كفرهم، بشرط بذل الجزية، والتزام أحكام الملة التي حكمت بها الشريعة الإسلامية عليهم.
2 - مشروعيته: الأصل في مشروعية عقد الذمة قوله تعالى: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} [التوبة: 29] وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم في حديث بريدة: (ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ... فإن هم أبوا فسلهم الجزية).
3 - من تؤخذ منه الجزية؟ تؤخذ الجزية من الرجال، المكلفين، الأحرار، الأغنياء القادرين على الأداء، فلا تؤخذ من العبد؛ لأنه لا يملك فكان بمنزلة الفقير، ولا تؤخذ من المرأة والصبي والمجنون؛ لأنهم ليسوا من أهل القتال، ولا تؤخذ من المريض المزمن، والشيخ الكبير؛ لأن دماءهم محقونة، فأشبهوا النساء.
4 - موجب عقد الذمة: يوجب هذا العقد مع الكفار: حرمة قتالهم، والحفاظ على أموالهم، وصيانة أعراضهم، وكفالة حريتهم، وعدم إيذائهم، ومعاقبة من قصدهم بأذى، لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم).

المسألة الثالثة: عقد الأمان
1 - تعريفه:
الأمان لغة: ضد الخوف.
واصطلاحاً: هو عبارة عن تأمين الكافر على ماله ودمه مدة محدودة.
2 - مشروعيته وأدلة ذلك:
الأصل في مشروعية عقد الأمان قوله تعالى: {إن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه ثمّ أبلغه مأمنه} [التوبة: 6].
3 - ممن يصح وشروطه: يصح عقد الأمان من كل أحد من المسلمين، بشرط أن يكون:
- عاقلاً بالغاً: فلا يصح من المجنون والطفل.
- مختاراً: فلا يصحّ من المكره، ولا السكران، ولا المغمى عليه.
فيصح من المرأة لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ). ويصح من العبد؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم).
ويكون الأمان عاماً: من الإمام لجميع المشركين، أو من الأمير لأهل بلده، وخاصاً: من آحاد الرعية المسلمين لواحد من الأعداء. والأمان العام من تصرفات إمام المسلمين؛ لأن ولايته عامة، وليس لأحد أن يفعل ذلك إلا بموافقته.
ويقع الأمان بكل ما يدل عليه من قول مثل: (أنت آمن)، أو: (أجرتك)، أو (لا بأس عليك)، أو إشارة مفهمة.
والمستأمن: هو الذي يطلب الأمان ليسمع كلام الله ويعرف شرائع الإسلام، فتلزم إجابته للآية السابقة، ثم يرد إلى مأمنه.
4 - حكم الأمان وما يلزم به: يلزم الوفاء بعقد الأمان، فيحرم قتل المستأمن أو أسره أو استرقاقه، وكذا الالتزام بسائر الأمور المتفق عليها في عقد الأمان.
ويجوز نبذ الأمان إلى الأعداء، إن خيف شرهم وخيانتهم). [الفقه الميسر: 208-210]