الدروس
course cover
الدرس الخامس والعشرون: بيان ما تضمنته قصة ذات أنواط من الفوائد والأحكام
30 Oct 2008
30 Oct 2008

5408

0

0

course cover
كشف الشبهات

القسم الرابع

الدرس الخامس والعشرون: بيان ما تضمنته قصة ذات أنواط من الفوائد والأحكام
30 Oct 2008
30 Oct 2008

30 Oct 2008

5408

0

0


0

0

0

0

0

الدرس الخامس والعشرون: بيان ما تضمنته قصة ذات أنواط من الفوائد والأحكام

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (ت: 1206هـ): (وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ أَيْضاً:

ما حَكى اللهُ عز وجل عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ إِسْلامِهِم وَعِلْمِهِم وَصَلاحِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لِمُوسَى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً} وَقَال أُنَاسٌ مِن الصَّحَابةِ: (اجْعَلْ لَنَا يا رسول الله ذَاتَ أَنْواطٍ كما لهم ذات أنواط) فَحَلفَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذا مثل قَوْلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلهاً}.
وَلَكِنْ لِلْمُشْرِكِينَ شُبْهَةٌ
يُدْلُونَ بِها عِنْدَ هَذِهِ القِصَّةِ، وَهِيَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَكْفُرُوا بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجعل لهم ذَاتَ أَنْواطٍ لَمْ يَكْفُرُوا.

فَالجَوَابُ:

أَنْ تَقُول: إِنَّ بَني إِسْرَائيلَ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَلاَ خِلافَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَكَفَرُوا، وَكَذَلِكَ لا خِلاَفَ أَنَّ الذِينَ نَهَاهُمُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ لَمْ يُطِيعُوهُ واتَّخَذُوا ذاتَ أَنْواطٍ بَعْدَ نَهْيِهِ لكَفَرُوا، وَهَذا هُوَ المَطْلُوبُ.

وَلَكِنَّ هَذِهِ القِصَّةَ تُفِيدُ:

- أَنَّ المُسْلمَ -بَلِ العَالِمَ- قَدْ يَقَعُ في أَنْواعٍ مِنَ الشِّرْكِ لا يَدْرِي عَنْها، فَتُفِيدُ التَّعَلُّمَ والتَّحَرُّزَ وَمَعْرِفَةَ أَنَّ قَوْلَ الجَاهِلِ: التَّوْحِيدُ فَهِمْنَاهُ؛ أَنَّ هذا مِنْ أَكْبَرِ الجَهْلِ وَمَكَايِدِ الشَّيْطَانِ.

وَتُفِيدُ أَيْضاً:

أَنَّ المُسْلِمَ المُجْتَهِدَ الذي إذا تَكَلَّمَ بِكَلامٍ كُفْرٍ وَهُوَ لا يَدْرِي فَنُبِّهَ عَلى ذَلِكَ وَتَابَ مِن ساعَتِهِ أَنَّه لا يَكْفُرُ؛كَما فَعَلَ بَنُو إِسْرائِيلَ وَالَّذِينَ سَأَلُوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَتُفِيدُ أَيْضاً:

أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْفُرْ فَإِنَّهُ يُغَلَّظُ عَلَيْهِ الكَلامُ تَغْلِيظاً شَدِيداً، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

هيئة الإشراف

#2

28 Nov 2008

شرح سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

المتن:

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (ت: 1206هـ): (وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ أَيْضاً:

ما حَكى اللهُ عز وجل عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ إِسْلامِهِم وَعِلْمِهِم وَصَلاحِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لِمُوسَى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً} وَقَال أُنَاسٌ مِن الصَّحَابةِ: (اجْعَلْ لَنَا يا رسول الله ذَاتَ أَنْواطٍ كما لهم ذات أنواط) فَحَلفَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذا مثل قَوْلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلهاً}(1).
وَلَكِنْ لِلْمُشْرِكِينَ شُبْهَةٌ
يُدْلُونَ بِها عِنْدَ هَذِهِ القِصَّةِ، وَهِيَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَكْفُرُوا بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجعل لهم ذَاتَ أَنْواطٍ لَمْ يَكْفُرُوا.

فَالجَوَابُ:

أَنْ تَقُول: إِنَّ بَني إِسْرَائيلَ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَلاَ خِلافَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَكَفَرُوا، وَكَذَلِكَ لا خِلاَفَ أَنَّ الذِينَ نَهَاهُمُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ لَمْ يُطِيعُوهُ واتَّخَذُوا ذاتَ أَنْواطٍ بَعْدَ نَهْيِهِ لكَفَرُوا، وَهَذا هُوَ المَطْلُوبُ(2).

وَلَكِنَّ هَذِهِ القِصَّةَ تُفِيدُ:

- أَنَّ المُسْلمَ -بَلِ العَالِمَ- قَدْ يَقَعُ في أَنْواعٍ مِنَ الشِّرْكِ لا يَدْرِي عَنْها، فَتُفِيدُ التَّعَلُّمَ والتَّحَرُّزَ وَمَعْرِفَةَ أَنَّ قَوْلَ الجَاهِلِ: التَّوْحِيدُ فَهِمْنَاهُ؛ أَنَّ هذا مِنْ أَكْبَرِ الجَهْلِ وَمَكَايِدِ الشَّيْطَانِ.

وَتُفِيدُ أَيْضاً:

أَنَّ المُسْلِمَ المُجْتَهِدَ الذي إذا تَكَلَّمَ بِكَلامٍ كُفْرٍ وَهُوَ لا يَدْرِي فَنُبِّهَ عَلى ذَلِكَ وَتَابَ مِن ساعَتِهِ أَنَّه لا يَكْفُرُ؛كَما فَعَلَ بَنُو إِسْرائِيلَ وَالَّذِينَ سَأَلُوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَتُفِيدُ أَيْضاً:

أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْفُرْ فَإِنَّهُ يُغَلَّظُ عَلَيْهِ الكَلامُ تَغْلِيظاً شَدِيداً، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(3)).



الشرح:

قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ت: 1389هـ): ((1) (وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا) هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى الأَجْوِبَةِ السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ في كَشْفِ شُبْهَتِهِ، وهي قَوْلُهُ: (تُكَفِّرُونَ مِن المُسْلِمِينَ أُنَاسًا يَشْهَدُونَ أَن لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ …) إلخ، (مَا حَكَى اللهُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ إِسْلاَمِهِم وعِلْمِهِم وصَلاَحِهِم) والمُرَادُ بِعِلْمِهِم بالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهِم في زَمَنِهِم؛ يَعْنِي: أَنَّهُم أَتْبَاعُ مُوسَى ويَقْتَبِسُونَ مِن عَلْمِهِ ومِمَّا جَاءَ بِهِ، وَلاَ يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ: {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} فَإِنَّه دَالٌّ عَلَى أَنَّ صُدُورَ ذَلِكَ مِنْهُم عن جَهْلٍ أَنَّهُم قَالُوا لِمُوسَى: {اجْعَلْ لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} كَأَنَّهُ أَعْجَبَ مَن أَعْجَبَهُ مِنْهُم واسْتَحْسَنُوهُ فَقَالَ مُوسَى مُنكِرًا عَلَيْهِم {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}.(وَقَوْلُ أُنَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ) لَمَّا مَرُّوا بِقَوْمٍ يُعَلِّقُونَ أَسْلِحَتَهُم عَلَى شَجَرَةٍ ويُسمُّونَها بِهَذَا الاسْمِ (اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ) فَأَنْكَرَ عَلَيْهِم النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغلَّظَ هَذَا الإِنْكَارَ بأَنْوَاعِ التَّغْلِيظِ (فَحَلَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ هَذَا مِثْلُ قَوْلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ {اجْعَلْ لَّنَا إِلَـهًا} الآياتِ.
(2) (وَلَكِنْ للمُشْرِكِينَ) عِنْدَ كَشْفِ شُبْهَتِهِم السَّابِقَةِ (شُبْهَةٌ يُدْلُونَ بِهَا عِنْدَ هَذِه القِصَّةِ) يُشَبِّهُونَ ويُمَانِعُونَ في كَوْنِ ذَلِكَ دَلِيلاً، قَالُوا: فَلاَ يَصْلُحُ احْتِجَاجُكُم بالقِصَّتَيْنِ عَلَيْنَا فَإِنَّكُم احْتَجَجْتُم بِقِصَّتَيْنِ عَلَى تَكْفِيرِنَا وَهُم لَمْ يَكْفُرُوا بِذَلِكَ.(فَالجَوَابُ أَنْ نَقُولَ: إِنَّّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لم يَفْعَلُوا) فَعَدَمُ كُفْرِهِم لاَ مِن قُصُورِ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا (وَكَذَلِكَ الَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفْعَلُوا) بل اسْتَحْسَنُوا شَيْئًا وَطَلَبُوهُ؛ لَوْ عَكَفُوا عَلَى القُبُورِ وكَذَلِكَ لَوْ اتَّخَذُوا إِلَهًا لَكَفَرُوا؛ هَذَا لاَ يُنَازِعُ فيه أَحَدٌ ولاَ يَنْفَعُ اتِّباعُ الرَّسُولِ والأَعْمَالُ الأُخَرُ.
فَعَدَمُ كُفْرِهِم لَيْسَ مِن قُصُورِ العَمَلِ عَن أَنْ يَصِلَ إِلَى التَّكْفِيرِ، يَعْنِي أَنَّ وَجْهَ احْتِجَاجِنَا هو بِتَقْدِيرِ الفِعْلِ؛ لَوْ صَدَرَ لَكَانَ كُفْرًا، فَكَانَ احْتِجَاجًا في مَحَلِّهِ ولَكِنَّهُم لَمْ يَفْعَلُوه وإِلاَّ لَوْ فَعَلُوهُ لَكَانَ كُفْرًا، فَسَلِمَ لَنَا الاحْتِجَاجُ بالقِصَّتَيْنِ عَلَيْكُم.
(3) (وَلَكِنَّ هَذِهِ القِصَّةَ) قِصَّةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وقِصَّةَ الَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تُفِيدُ أَنَّ المُسْلِمَ بَلْ العَالِمَ قَدْ يَقَعُ في أَنْوَاعٍ مِن الشِّرْكِ لاَ يَدْرِي عَنْهَا) إِذْ كَانَ السَّائِلُ في القِصَّةِ مَعَ نَبِيٍّ وهو مُوسَى وهم أَوْسَعُ عِلْمًا منه، والسَّائِلُ في القِصَّةِ الثَّانِيَةِ مَعَ نَبِيٍّ وهم أَعْلَمُ وأَقْدَمُ فَضِيلَةٍ، اسْتَحْسَنُوا ذَلِكَ ظَنًّا منهم أَنَّ اللهَ يُحِبُّهُ وأَنَّه مِن العِبَادَاتِ التي يُتقَرَّبُ بِهَا إلى اللهِ، فَكَيْفَ بِمَن دُونَهُم؟! (فَتُفِيدُ التَّعَلُّمَ) تَعَلُّمَ أَسْبَابِ النَّجَاةِ؛ فَإِنَّه لاَ نَجَاةَ إِلاَّ بالعِلْمِ ومَعْرِفَةِ الضِّدِّ والشَّرِّ لغَيْرِه؛ يَعْرِفُ الشِّرْكَ وأَقْسَامَهُ ووَسَائِلَهُ وذَرَائِعَهُ ليَسْلَمَ مِن الوُقُوعِ فيه كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} وَقَالَ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي).
تَعَلَّمْتُ الشَّرَّ لاَ للشَّرِّ لَكِنْ لتَوَقِّيهِ وَمَنْ لاَ يَعْرِفِ الشَّرَّ مِنَ الخَيْرِ يَقَعْ فِيهِ(والتَّحَرُّزَ) يَعْنِي اتِّهَامَ العَمَلِ أَنْ يَكُونَ دَخَلَهُ شَيْءٌ مِن الشِّرْكِ؛ بل يَجْعَلُ عَلَى بَالِهِ هَلْ أَخْلَصَ قَبْلَ دُخُولِهِ فيه، وتَفَقُّدَ النَّفْسِ ولحَظَاتِكَ فِيمَنْ هي (وَمَعْرِفَةَ أَنَّ قَوْلَ الجَاهِلِ: التَّوْحِيدُ فَهِمْنَاهُ أَنَّ هَذَا مِنْ أَكْبَرِ الجَهْلِ ومَكَائِدِ الشَّيْطَانِ) وهَذِه الكَلِمَةُ قَدْ صَدَرَتْ مِن بَعْضِ الطَّلَبَةِ لَمَّا كَثُرَ التَّدْرِيسُ في التَّوْحِيدِ مَتْنِهِ أو كُتُبٍ نَحْوِه سَئِمُوا وَأَرَادُوا القِرَاءَةَ في كُتُبٍ أُخْرَى.
وَقِيلَ:إِنَّهُ مِن المُرَاسِلِينَ؛ فَنَقَمَ عَلَيْهِ المُصَنِّفُ في هَذَا القَوْلِ؛ يَعْنِي أَنَّكَ مَا فَهِمْتَهُ حَتَّى الآنَ، فَقَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ ذَلِكَ ليُنَبِّهَهُم، ففي هَذِه القِصَّةِ الرَّدُّ عَلَيْهِم فَإِنَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ عِلْمٍ وصَدَرَ منهم مَا صَدَر، فَلاَ يُزْهَدُ في التَّوْحِيدِ؛ فَإِنَّ بالزُّهْدِ فيه يَقَعُ في ضِدِّهِ، وَمَا هَلَكَ مَن هَلَكَ مِمَّنْ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ إلاَّ بِعَدَمِ إِعْطَائِهِ حَقَّهُ ومَعْرِفَتِهِ حَقَّ المَعْرِفَةِ وَظَنُّوا أَنَّهُ يَكْفِي الاسْمُ والشَّهَادَتَانِ وَلَمْ يَنْظُرُوا مَا يُنَافِيهِ ومَا يُنَافِي كَمَالَهُ هَلْ هو مَوْجُودٌ أو مَفْقُودٌ؟ وهَذَا كُلُّهُ مِن عَدَمِ التَّحَرُّزِ ومَعْرِفَةِ أَلْفَاظِ التَّوْحِيدِ لَفْظَةً لَفْظَةً.
مَن الذي عَرَفَ التَّوْحيِدَ كُلَّ المَعْرِفَةِ؟ أَصْلُهُ وللهِ الحَمْدُ مَعْرُوفٌ لَكِنْ لَهُ أَقْسَامٌ وفُرُوعٌ وشُعَبٌ، وَضِدُّهُ الشِّرْكُ له فُرُوعٌ.

ومِمَّا يُذْكَرُ عن المُؤَلِّفِ أَنَّه يَوْمًا قَالَ: يَذْكُرُ البَارِحَةَ أَنَّهُ وُجِدَ رَجُلٌ عَلَى أُمِّهِ يُجَامِعُهَا، فَاسْتَعْظَمَ المَحْضَرُ ذَلِكَ وضَجُّوا منه، رَأَوْا أَنَّه مُنْكَرٌ كَبِيرٌ، وهو كَبِيرٌ.
ثُمَّ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى: إِنَّ وَاحِدًا أُصِيبَ بِمَرَضٍ شَدِيدٍ فَقِيلَ لَهُ: اذْبَحْ (دِيكًا) لِفُلاَنٍ -وَلِيٍّ- فَلَمْ يَسْتَعْظِمُوهُ.

ثُمَّ بَيَّنَ لَهُم أَنَّ الأَوَّلَ فَاحِشَةٌ يَبْقَى مَعَهَا التَّوْحِيدُ وَالآخَرَ يُنَافِي التَّوْحِيدَ كُلَّهُ، وهَذَا لَمْ تَسْتَعْظِمُوهُ مِثْلَ هَذَا! وَهَذَا هو الوَاقِعُ مِن أَكْثَرِ النَّاسِ؛ فَإِنَّ النُّفُوسَ تَسْتَبْشِعُ أَشْيَاءَ أَعْظَمَ مِن اسْتِبْشَاعِهَا مَا هو مِن أَمْرِ التَّوْحِيدِ.(وَتُفِيدُ أَيْضًا أَنَّ المُسْلِمَ المُجْتَهِدَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلاَمِ كُفْرٍ وهو لاَ يَدْرِي، فَنُبِّهَ عَلَى ذَلِكَ وَتَاَبَ مِن سَاعَتِهِ أَنَّهُ لاَ يَكْفُرُ) فَإِنَّ مِن الأَشْيَاءِ مَا قَدْ يَخْفَى ويَكُونُ مُجْتَهِدًا وبَعْدَمَا يُبيَّنُ لَهُ يَرْجِعُ كَمَا فَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ والَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(وتُفْيدُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْفُرْ فَإِنَّهُ يُغَلَّظُ عَلَيْهِ الكَلاَمُ تَغْلِيظًا شَدِيدًا، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) في إِنْكَارِهِ عَلَى أُولَئِكَ في قَوْلِهِم: (اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُم ذَاتُ أَنْوَاطٍ) كَمَا تَقَدَّمَ.

هيئة الإشراف

#3

28 Nov 2008

شرح الشيخ: محمد بن صالح العثيمين

المتن:

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (ت: 1206هـ): (وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ(1) أَيْضاً:

ما حَكى اللهُ عز وجل عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ إِسْلامِهِم وَعِلْمِهِم وَصَلاحِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لِمُوسَى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً} وَقَال أُنَاسٌ مِن الصَّحَابةِ: (اجْعَلْ لَنَا يا رسول الله ذَاتَ أَنْواطٍ كما لهم ذات أنواط) فَحَلفَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذا مثل قَوْلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلهاً}.
وَلَكِنْ لِلْمُشْرِكِينَ شُبْهَةٌ
يُدْلُونَ بِها عِنْدَ هَذِهِ القِصَّةِ، وَهِيَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَكْفُرُوا بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجعل لهم ذَاتَ أَنْواطٍ لَمْ يَكْفُرُوا.

فَالجَوَابُ:

أَنْ تَقُول: إِنَّ بَني إِسْرَائيلَ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَلاَ خِلافَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَكَفَرُوا، وَكَذَلِكَ لا خِلاَفَ أَنَّ الذِينَ نَهَاهُمُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ لَمْ يُطِيعُوهُ واتَّخَذُوا ذاتَ أَنْواطٍ بَعْدَ نَهْيِهِ لكَفَرُوا، وَهَذا هُوَ المَطْلُوبُ.

وَلَكِنَّ هَذِهِ القِصَّةَ تُفِيدُ:

- أَنَّ المُسْلمَ -بَلِ العَالِمَ- قَدْ يَقَعُ في أَنْواعٍ مِنَ الشِّرْكِ لا يَدْرِي عَنْها، فَتُفِيدُ التَّعَلُّمَ والتَّحَرُّزَ وَمَعْرِفَةَ أَنَّ قَوْلَ الجَاهِلِ: التَّوْحِيدُ فَهِمْنَاهُ؛ أَنَّ هذا مِنْ أَكْبَرِ الجَهْلِ وَمَكَايِدِ الشَّيْطَانِ(2).

وَتُفِيدُ أَيْضاً:

أَنَّ المُسْلِمَ المُجْتَهِدَ(3) الذي إذا تَكَلَّمَ بِكَلامٍ كُفْرٍ وَهُوَ لا يَدْرِي فَنُبِّهَ عَلى ذَلِكَ وَتَابَ مِن ساعَتِهِ أَنَّه لا يَكْفُرُ؛كَما فَعَلَ بَنُو إِسْرائِيلَ وَالَّذِينَ سَأَلُوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَتُفِيدُ أَيْضاً:

أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْفُرْ(4) فَإِنَّهُ يُغَلَّظُ عَلَيْهِ الكَلامُ تَغْلِيظاً شَدِيداً، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).



الشرح:

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): ( (1) قولُهُ: (ومِن الدَّليلِ على ذلكَ) أيْ: على أنَّ الإِنسانَ قدْ يَقولُ أوْ يَفْعَلُ ما هوَ كُفْرٌ مِنْ حيثُ لا يَشْعُرُ، قولُ بَنِي إسْرائِيلَ معَ إسلامِهم وعِلمِهم وصلاحِهم لمُوسَى عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} وقولُ أصحابِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ).فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اللهُ أَكْبَرُ! إنَّهَا السُّنَنُ، قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}، لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)).
وهذا يَدُلُّ على أنَّ مُوسَى ومحمَّدًا عليهما الصَّلاةُ والسَّلامُ قدْ أَنْكَرا ذلكَ غايةَ الإِنكارِ، وهذا هوَ المطلوبُ؛ فإنَّ هذَيْنِ النَّبيَّيْنِ الكريمَيْنِ لم يُقِرَّا أقوامَهما على هذا الطَّلبِ الَّذي طلَبوهُ، بلْ أَنْكَراهُ. وقدْ شَبَّهَ بعضُ المشركينَ في هذا الدَّليلِ فقالَ:إنَّ الصَّحابةَ وبَنِي إسرائيلَ لم يَكْفُروا بذلكَ. وجوابُ هذهِ الشُّبْهةِ:أنَّ الصَّحابةَ وبَنِي إسْرائيلَ لمْ يَفْعَلوا ذلكَ حينَ لَقُوا مِن الرَّسولَيْنِ الكريمَيْنِ إنْكَارَ ذلكَ.

(2) هذا شُروعٌ في بَيانِ ما تُفِيدُهُ هذهِ القصَّةُ - أَعْنِي قِصَّةَ الأنواطِ وبني إسرائيلَ - مِن الفوائدِ:
الفائدةُ الأولى: أنَّ الإِنسانَ، وإنْ كانَ عالِمًا، قدْ يَخْفَى عليهِ بعضُ أنواعِ الشِّركِ، وهذا يُوجِبُ على الإِنسانِ أنْ يَتَعَلَّمَ ويَعْرِفَ حتَّى لا يَقَعَ في الشِّركِ وهوَ لا يَدْرِي، وأنَّهُ إذا قالَ: أنا أَعْرِفُ الشِّركَ وهوَ لا يَعْرِفُهُ، كانَ ذلكَ مِنْ أَخْطَرِ ما يَكونُ على العبدِ؛ لأنَّ هذا جهْلٌ مُركَّبٌ، والجهلُ المركَّبُ شرٌّ مِن الجهلِ البسيطِ؛ لأنَّ الجاهلَ جهلاً بسيطًا يَتَعَلَّمُ ويَنْتَفِعُ بعِلمِهِ، وأمَّا الجاهلُ جَهلاً مُرَكَّبًا فإنَّهُ يَظُنُّ نفسَهُ عالِمًا، وهوَ جاهلٌ، فيَسْتَمِرُّ فيما هوَ عليهِ مِن العَملِ المُخالِفِ للشَّريعةِ
(1).

(3) قولُهُ: (ويُفِيدُ أيضًا أنَّ المسلمَ المُجْتَهِدَ …) إلخ، هذهِ هيَ الفائدةُ الثَّانيةُ: أنَّ المسلمَ إذا قالَ ما يَقْتَضِي الكفرَ جاهِلاً بذلكَ ثمَّ نُبِّهَ فانْتَبَهَ وتابَ في الحالِ، فإنَّ ذلكَ لا يَضُرُّهُ؛ لأنَّهُ معذورٌ بجهلِهِ، ولا يُكَلِّفُ اللهُ نفْسًا إلاَّ وُسْعَها، أمَّا لو اسْتَمَرَّ على ما عَلِمَهُ مِن الكفرِ فإنَّهُ يُحْكَمُ بما تَقْتَضِيهِ حالُهُ.

(4) قولُهُ: (وتُفِيدُ أيضًا أنَّهُ لوْ لمْ يَكْفُرْ …) إلخ، هذهِ هيَ الفائدةُ الثَّالثةُ: أنَّ الإِنسانَ وإنْ كانَ لا يَدْرِي عن الشَّيءِ إذا طَلَبَ ما يَكونُ بهِ الكفرُ، فإنَّهُ يُغَلَّظُ عليهِ تَغْلِيظًا شَدِيدًا؛ لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قالَ لأصحابِهِ: ((اللهُ أَكْبَرُ! إِنَّهَا السُّنَنُ، لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ القُذَّةِ بِالقُذَّةِ)) وهذا إنكارٌ ظاهرٌ(2).


حاشية الشيخ صالح بن عبد الله العصيمي على شرح ابن عثيمين

قال الشيخ صالح بن عبدالله العصيمي: ( (1) ويندرج تحت هذه الفائدة كما في كلام إمام الدعوة ثلاثة أمور:

الأول: التعلم؛ كما بينه المصنف رحمه الله.
والثاني: التحرز من الوقوع في الشرك وأخذ الحيطة من شِراكه وحبائل أهله.
والثالث: معرفة أن قول الجاهل التوحيد فهمناه: أن هذا من أكبر الجهل ومكائد الشيطان.

(2) من وجوه ثلاثة:
الأول: تكبيره تعجباً من قولهم وتعظيماً للرب عز وجل.
الثاني: تشبيه مقالتهم بمقالة بني إسرائيللموسى عليه الصلاة والسلام أن يتخذ لهم إلهاً آخر من دون الله.
الثالث: إخباره بأن هذا ركوب لسنن من قبلهم من المغضوب عليهم والضالين.

هيئة الإشراف

#4

28 Nov 2008

شرح كشف الشبهات لفضيلة الشيخ: صالح بن فوزان الفوزان 

المتن:

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (ت: 1206هـ): (وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ أَيْضاً:

ما حَكى اللهُ عز وجل عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ إِسْلامِهِم وَعِلْمِهِم وَصَلاحِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لِمُوسَى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً} وَقَال أُنَاسٌ مِن الصَّحَابةِ: (اجْعَلْ لَنَا يا رسول الله ذَاتَ أَنْواطٍ كما لهم ذات أنواط) فَحَلفَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذا مثل قَوْلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلهاً}.
وَلَكِنْ لِلْمُشْرِكِينَ شُبْهَةٌ
يُدْلُونَ بِها عِنْدَ هَذِهِ القِصَّةِ، وَهِيَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَكْفُرُوا بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجعل لهم ذَاتَ أَنْواطٍ لَمْ يَكْفُرُوا.

فَالجَوَابُ:

أَنْ تَقُول: إِنَّ بَني إِسْرَائيلَ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَلاَ خِلافَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَكَفَرُوا، وَكَذَلِكَ لا خِلاَفَ أَنَّ الذِينَ نَهَاهُمُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ لَمْ يُطِيعُوهُ واتَّخَذُوا ذاتَ أَنْواطٍ بَعْدَ نَهْيِهِ لكَفَرُوا، وَهَذا هُوَ المَطْلُوبُ(1).

وَلَكِنَّ هَذِهِ القِصَّةَ تُفِيدُ:

- أَنَّ المُسْلمَ -بَلِ العَالِمَ- قَدْ يَقَعُ في أَنْواعٍ مِنَ الشِّرْكِ لا يَدْرِي عَنْها، فَتُفِيدُ التَّعَلُّمَ والتَّحَرُّزَ وَمَعْرِفَةَ أَنَّ قَوْلَ الجَاهِلِ: التَّوْحِيدُ فَهِمْنَاهُ؛ أَنَّ هذا مِنْ أَكْبَرِ الجَهْلِ وَمَكَايِدِ الشَّيْطَانِ.

وَتُفِيدُ أَيْضاً:

أَنَّ المُسْلِمَ المُجْتَهِدَ الذي إذا تَكَلَّمَ بِكَلامٍ كُفْرٍ وَهُوَ لا يَدْرِي فَنُبِّهَ عَلى ذَلِكَ وَتَابَ مِن ساعَتِهِ أَنَّه لا يَكْفُرُ؛كَما فَعَلَ بَنُو إِسْرائِيلَ وَالَّذِينَ سَأَلُوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَتُفِيدُ أَيْضاً:

أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْفُرْ فَإِنَّهُ يُغَلَّظُ عَلَيْهِ الكَلامُ تَغْلِيظاً شَدِيداً، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).



الشرح:

قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: ((1) أي: مِن الأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ مَن ارْتَكَبَ نَاقِضًا مِن نَواقِضِ الإِسْلاَمِ يَكْفُرُ، ولَوْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ ويُصَلِّي ويَصُومُ إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِن الأَعْمَالِ، مَا قَصَّهُ اللهُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ طَلَبُوا مِن مُوسَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُم إِلَهًا كآلِهَةِ المُشْرِكِينَ، وقِصَّةُ الَّذِينَ طَلَبُوا مِن النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَنْ يَجْعَلَ لَهُم ذَاتَ أَنْواطٍ، وأَنَّ النَّبِيَّيْنِ الكَرِيمَيْنِ أَنْكَرَا ذَلِكَ، واعْتَبَراهُ شِرْكًا يُخْرِجُهُم مِن الْمِلَّةِ لو فَعَلُوهُ، مَعَ أنَّهُم يُؤْمِنُونَ بالنَّبِيَّيْنِ الكَرِيمَيْنِ ويُجَاهِدُونَ مَعَهُمَا.
- ثمَّ أَوْرَدَ الشَّيْخُ اعْتِرَاضًا عَلَى هَذَا الاسْتِدْلاَلِ، وهو أنَّ بَنِي إِسْرَائيلَ الَّذين طَلَبُوا مِن مُوسَى أنْ يَجْعَلَ لَهُم إِلَهًا لَمْ يَكْفُرُوا، وكذلك الَّذِينَ طَلَبُوا مِن مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَنْ يَجْعَلَ لَهُم ذَاتَ أَنْوَاطٍ لَمْ يَكْفُرُوا.

وأَجَابَ عن هذا الاعْتِرَاضِ بأَنَّ الفَرِيقَيْنِ لَمْ يُنَفِّذَا مَا قَالاَ، ولو فَعَلُوا لَكَفَرُوا، ولكن لَمَّا نُهِيَا عَن ذلك وبُيِّنَ لَهُمَا أَنَّه كُفْرٌ تَجَنَّبُوه، وانْتَهَوْا عنه.

ومَحَلُّ الشَّاهِدِ مِن القِصَّتَيْنِ:

أنَّ مَن فَعَلَ الشِّرْكَ كَفَرَ، وإنْ كَانَ يَشْهَدُ أَن لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، ويُؤْمِنُ بالأَنْبِيَاءِ، ويَعْمَلُ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ، * الَّتِي أَحْدَثُوها وفُتِنُوا بِهَا، وصَارُوا يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَيْهَا، والخَلِيلُ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ- الَّذي كَسَّرَ الأَصْنَامَ بِيَدِهِ وأُوذِيَ وأُلْقِيَ في النَّارِ بِسَبَبِ إِنْكَارِ الشِّرْكِ يَقُولُ: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ} خَافَ عَلَى نَفْسِهِ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ- مِن الفِتْنَةِ، وخَافَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ مِن الفِتْنَةِ، إذًا كيف يَقُولُ هَذَا الجَاهِلُ: إنَّ التَّوْحِيدَ يُمْكِنُ تَعَلُّمُه في خَمْسِ دَقَائِقَ، والمُهِمُّ عندَه البَحْثُ في أُمُورِ السِّياسَةِ، والكَلاَمُ في الحُكَّامِ وفِقْهُ الوَاقِعِ كَمَا يَقُولُونَ، ومَعْنَاهُ رَصْدُ الوَقَائِعِ الدَّوْلِيَّةِ وتَحْلِيلاَتِهَا.
ومنهم مَن يَنْتَقِدُ مُقَرَّرَاتِ التَّوحِيدِ في المَدَارِسِ والمَعَاهِدِ والكُلِّيَّاتِ، ويَقُولُ: لاَ دَاعِيَ لهذه الكَثَافَةِ في مُقَرَّرَاتِ التَّوْحيدِ، النَّاسُ مُسْلِمُونَ وأَوْلاَدُ فِطْرَةٍ، وبإمْكَانِ الطُّلاَّبِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا التَّوْحِيدَ مِن البِيئَةِ الاجْتِمَاعِيَّةِ،.. إلى آخِرِ هَذَيَانِهِم الفَارِغِ، ولو سَأَلْتَ واحِدًا مِن هؤلاء عن أَبْسَطِ مَسْأَلَةٍ في التَّوْحِيدِ مَا أَجَابَكَ بِجَوَابٍ صَحِيحٍ، أَعْنِي الَّذِينَ يَقُولُونَ هذه المَقَالَةَ.
والفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: وهي فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ أَنَّ مَن نَطَقَ بِكَلِمَةِ الكُفْرِ عن جَهْلٍ وهو لاَ يَدْرِي، ثُمَّ نُبِّهَ وتَابَ مِن سَاعَتِهِ أنَّه لاَ يَكْفُرُ، بِدَلِيلِ قِصَّةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-، وبَعْضِ الصَّحَابَةِ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فهو لاَ يَكْفُرُ بذلك لَكِنْ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ:

الشَّرطُ الأوَّلُ: أَنْ يَكُونَ قَالَ هَذَا الكَلاَمَ عن جَهْلٍ ولَمْ يَتَعَمَّدْ.

الشَّرْطُ الثَّاني: أنْ يَتُوبَ مِن سَاعتِهِ، ويَتْرُكَ هذَا الشَّيءَ إذا بُيِّنَ لَهُ أنَّه كُفْرٌ.

فهذا لاَ يَضُرُّه الكَلاَمُ الَّذي قَالَه، وهذا جَوَابٌ عن شُبْهَتِهِم الَّتِي سَبَقَتْ، وهي أنَّهم يَقُولُونَ: إنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَكْفُرُوا، وأَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لَمْ يَكْفُرُوا بهذه الكَلِمَةِ، نَقُولُ لَهُم: إنَّهم لَمْ يَكْفُرُوا؛ لأَِنَّهُم قَالُوها عن جَهْلٍ ونُبِّهُوا وتَرَكُوهَا وتَابُوا إلى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أمَّا أنتم فَتُنَبَّهُونَ باللَّيْلِ والنَّهارِ وتُصِرُّونَ عَلَى دُعَاءِ القُبُورِ والصَّالِحِينَ، ولاَ تُصْغُونَ أَسْمَاعَكُم لِمَا يُقَالُ لكم تَكَبُّرًا وعِنَادًا.
والفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تُفِيدُ هذه القِصَّةُ أنَّ مَن لَمْ يَكْفُرْ بِكَلِمَةِ الكُفْرِ إِذَا قَالَهَا جَهْلاً فإنَّه لاَ يُتَسَاهَلُ مَعَهُ، فيُغَلَّظُ عَلَيْهِ في الإنْكَارِ كَمَا غَلَّظَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- عَلَى قَوْمِهِ، وَكَمَا غَلَّظَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- عَلَى أَصْحَابِهِ الَّذينَ قَالُوا هذه المَقَالَةَ مِن بَابِ الزَّجْرِ والتَّحْذِيرِ لاِجْتِنَابِ ذَلِكَ والحَذَرِ منه.

هيئة الإشراف

#5

28 Nov 2008

شرح الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ

المتن:

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (ت: 1206هـ): (وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ أَيْضاً:

ما حَكى اللهُ عز وجل عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ إِسْلامِهِم وَعِلْمِهِم وَصَلاحِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لِمُوسَى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً} وَقَال أُنَاسٌ مِن الصَّحَابةِ: (اجْعَلْ لَنَا يا رسول الله ذَاتَ أَنْواطٍ كما لهم ذات أنواط) فَحَلفَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذا مثل قَوْلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلهاً}.
وَلَكِنْ لِلْمُشْرِكِينَ شُبْهَةٌ
يُدْلُونَ بِها عِنْدَ هَذِهِ القِصَّةِ، وَهِيَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَكْفُرُوا بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجعل لهم ذَاتَ أَنْواطٍ لَمْ يَكْفُرُوا.

فَالجَوَابُ:

أَنْ تَقُول: إِنَّ بَني إِسْرَائيلَ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَلاَ خِلافَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَكَفَرُوا، وَكَذَلِكَ لا خِلاَفَ أَنَّ الذِينَ نَهَاهُمُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ لَمْ يُطِيعُوهُ واتَّخَذُوا ذاتَ أَنْواطٍ بَعْدَ نَهْيِهِ لكَفَرُوا، وَهَذا هُوَ المَطْلُوبُ.

وَلَكِنَّ هَذِهِ القِصَّةَ تُفِيدُ:

- أَنَّ المُسْلمَ -بَلِ العَالِمَ- قَدْ يَقَعُ في أَنْواعٍ مِنَ الشِّرْكِ لا يَدْرِي عَنْها، فَتُفِيدُ التَّعَلُّمَ والتَّحَرُّزَ وَمَعْرِفَةَ أَنَّ قَوْلَ الجَاهِلِ: التَّوْحِيدُ فَهِمْنَاهُ؛ أَنَّ هذا مِنْ أَكْبَرِ الجَهْلِ وَمَكَايِدِ الشَّيْطَانِ.

وَتُفِيدُ أَيْضاً:

أَنَّ المُسْلِمَ المُجْتَهِدَ الذي إذا تَكَلَّمَ بِكَلامٍ كُفْرٍ وَهُوَ لا يَدْرِي فَنُبِّهَ عَلى ذَلِكَ وَتَابَ مِن ساعَتِهِ أَنَّه لا يَكْفُرُ؛كَما فَعَلَ بَنُو إِسْرائِيلَ وَالَّذِينَ سَأَلُوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَتُفِيدُ أَيْضاً:

أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْفُرْ فَإِنَّهُ يُغَلَّظُ عَلَيْهِ الكَلامُ تَغْلِيظاً شَدِيداً، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).



الشرح:

قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ: (ثم ذكر تطبيقاً لهذا الأصل، وهو أن المسلم قد يكفر بعد إسلامه بأشياء، بمَثَلَين أوحادثتين:

الأولى: لأصحاب موسى عليه السلام.

والثانية: لبعض أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام.
قال: (ومن الدليل على ذلك - يعني: على الجواب الأخير- ما حكى الله تعالى عن بني إسرائيل مع إسلامهم وعلمهم وصلاحهم) قوله: (ما حكى الله تعالى) يعني: قصّ، فالحكاية هنا: بمعنى القصة، حكى الله تعالى عن بني إسرائيل، يعني: قصَّ الله تعالى عن بني إسرائيل.(مع إسلامهم وعلمهم وصلاحهم) هربوا من فرعون وآمنوا بموسى وهاجروا معه وصاروا في التِّيه حتى حصل منهم ما حصل، قال الله -جل وعلا- عنهم أنهم قالوا لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}.قال سبحانه:{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَـؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}.وجه الاستدلال: أن المسلم والمتبع للنبي المؤمن به قد يتخذ إلهاً مع الله -جل وعلا- حيث قالوا لموسى عليه السلام: {اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} وهؤلاء فهموا - وهم أهل الفهم والإدراك - أن طلب العكوف على التماثيل أو على الأصنام أو على الأوثان أو على القبور أو ما أشبه ذلك - أن العكوف عند هذه الأشياء - تقرباً لأصحابها عبادة، وأنه اتخاذ إله مع الله جل وعلا.فقال: {اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا} يعني: نتوجه إليه في الأرض كما نتوجه لله -جل وعلا- في السماء، اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، واحداً نتوجه إليه في الأرض، تمثال أو أوثن أو صنم، فقال لهم موسى عليه السلام: {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَـؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} فطلبوا، فلما أنكر عليهم موسى وعلمهم الصواب عليه السلام، تركوا طلبهم ورجعوا إلى توحيدهم.
قال الشيخ رحمه الله، وهو المثال الثاني: (وقول ناس من الصحابة: اجعل لنا ذات أنواط، فحلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن هذا نظير قول بنى إسرائيل: {اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا}).وهذا حديث ذات الأنواط،أنه لما خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى حنين وجدوا للمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يعكفون ويعلقون الأسلحة رجاء البركة، وهذان الفعلان؛ وهو العكوف ونوط الأسلحة ونوط الأشياء بالشجر لتنتقل البركة من الشجر إلى الأسلحة فينتفعون بذلك في الدنيا والآخرة جميعاً، هذان نوعان من العبادة، فالعكوف والاعتكاف عبادة مستقلة، وطلب البركة والانتفاع في الدنيا والآخرة أيضاً عبادة أخرى.فهؤلاء طلبوا إلهاً مع الله -جل وعلا- حيث قالوا للنبي عليه الصلاة والسلام: (اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط) وذات الأنواط تلك فَعَل عندها المشركون فعلين:
الأول: العكوف.
والثاني: تعليق الأسلحة للتبرك بها، يعني لينتفعوا بالتبرك في الدنيا بِمَضَاء أسلحتهم، وفي الآخرة بثوابهم على ذلك أو طلب القربى عند الله.
قال: ((الله أكبر الله أكبر إنها السُّنن، قلتم والذي نفسي بيده ما قال أصحاب موسى لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ})) فدل على أن العكوف عند شي غير ما أذن الله -جل وعلا- به وهو البيت الحرام وفي المساجد، عكوف لله جل وعلا يُتقرب به إلى الله وحده؛ أن هذا صرف للعبادة لغير الله، فمن عكف عند شي يتقرب باعتكافه وعكوفه لهذا الشيء، فإن هذا شرك أكبر، وكذلك طلب البركة في الدنيا والآخرة جميعاً من أحد بفعل من الأفعال، فإن هذا شرك أكبر. هل كَفَر أولئك الذين قالوا تلك الكلمة؟

قال أهل العلم: طلبوا شيئاً ولم يفعلوه، فتكفير المشركين حصل بشيئين:

- بالعكوف.

- وبطلب البركة ونوط الأسلحة بالشجرة.

وهذان الفعلان التكفير بهما والحكم بالشرك بهما راجع إلى العمل، ولذلك من قال هذه الكلمة فإنه لا يكفر؛ لأنه لم يفعل، فكفر أولئك بالعمل، وهؤلاء لم يكفروا لأنهم لم يعملوا، وطلبهم أُنكر عليهم فرجعوا إلى توحيدهم فلم يحصل منهم ذلك.

ولهذا من طلب هذا الطلب، من طلب شيئاً أو قال شيئاً كُفْره بالعمل - يعني كفره بفعلٍ ما - ولم يحصل منه الفعل وإنما حصل منه القول فقط فأُنكر عليه أو عُلِّم إذا كان جاهلاً {قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} فرجع؛ فإنه لا يكفر ولا يخرج عن دينه بمقالته.

مثلاً يقول أحد: لماذا ما نذهب إلى الولي الفلاني ندعو عنده، ندعوه ونسأله أن يَحْصُل لنا كذا وكذا؟ فبمجرد القول إذا أُنكر عليه فالتزم وفهم الصواب ووحد فإنه لا يكفر؛ لأنه بالقول طلب شيئاً، ومن طلب شيئاً كُفْره بالفعل فإنه لا يكفر بالقول؛ لأن القول كبيرة وليس بكفر في هذه الصورة.

قال: (ولكن للمشركين شبهة يدلون بها عند هذه القصة، وهي أنهم يقولون: إن بني إسرائيل لم يكفروا بذلك وكذلك الذين قالوا اجعل لنا ذات أنواط لم يكفروا) وهذا صحيح، يعني: هذا الإيراد كما ذكرت لكم صحيح، لكن ليس على ما أرادوا من لزوم هذا الإيراد على شبهتهم، فأجاب عنها الإمام بقوله: (فالجواب أن نقول: إن بني إسرائيل لم يفعلوا ذلك). فإذاً: لم يكفروا لا لأجل أنه لا يكفر المسلم، ولكن لأجل أنهم لم يفعلوا، بل هم قالوا: (اجعل لنا إلهاً) واتخاذ إله مع الله -جل وعلا- ينافي (لا إله إلا الله).

قال: (وكذلك الذين سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفعلوا، ولا خلاف - يعني: بين أهل العلم - في أن بني إسرائيل لم يفعلوا ذلك، ولو فعلوا ذلك لكفروا.

وكذلك لا خلاف - بين العلماء - في أن الذين نهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- لو لم يطيعوه واتخذوا ذات أنواط بعد نهيه لكفروا، وهذا هو المطلوب).

وهذا تقرير عظيم وجيه صحيح متفق -كما ذكر الشيخ - مع كلام أهل العلم في تقريرهم على الآية وعلى الحديث.فإن أهل العلم مجمعون - كما ذكرت لك - على أن ما كان كفره بالفعل فإنَّ طَلَبه بالقول دون ممارسة بالفعل لا يكفر صاحبه بذلك، يعني إذا طلبه. قال - وهذا استطراد من الإمام رحمه الله، وهذا استطراد مهم وعظيم - قال: (ولكن هذه القصة تفيد أن المسلم بل العالم قد يقع في أنواع من الشرك لا يدري عنها، فتفيد التعلم والتحرز، ومعرفة أن قول الجاهل: (التوحيدَ فهمناه) أن هذا من أكبر الجهل ومكايد الشيطان) (التوحيدَ فهمناه) يعني: فهمنا التوحيد.وهذا الاستطراد مناسب جداً؛ لأن قصة بني إسرائيل وقصة من كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ خرج إلى حنين وكانوا حدثاء عهد بكفر، طائفة منهم هم الذين طلبوا ذلك من مسلمة الفتح ممن تأخر إسلامهم ولم يعلموا حقيقة الدين بعد، هذا يفيد شيئاً عظيماً وهو أن الموحد الذي دخل في الإسلام وهو يعلم معنى كلمة التوحيد، قد تقع له بعض الأفراد في التوحيد يجهلها ولا يفهمها فيقع في قول كفري وهو لا يعلم. قال: (تفيد أن المسلم قد يقع في أنواع من الشرك لا يدري عنها) وهذا ظاهر، فإنهم لو لم يكن معهم النبي -صلى الله عليه وسلم- قد يكونون يفعلون ما طلبوا من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يأذن لهم به. وهذا راجع - في الواقع - على كثير من أهل العلم ومن المنتسبين للديانة، فإنهم على ديانتهم وعلى علمهم قد استحسنوا بعض الأفعال الشركية، سواء بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بغيره من الصالحين، أو الأنبياء كإبراهيم الخليل ونحو ذلك.

فدل على أن الصحابة الذين هم أفضل هذه الأمة بالإجماع، أفضل من علماء هذه الأمة بالإجماع؛ أنهم لما وقعوا في ذلك لا يؤمن أن يقع فيه من هو دونهم في الرتبة والمنزلة، فإذا وقع فيه عالم، لا يقال: هذا عالم، كيف تقول إنه وقع في ذلك؟

بل نقول: قد يقع فيه أصحاب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ كما حصل من أصحاب موسى، وحصل من بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وهم على فضلهم وصحبتهم، لكن جهلوا بعض أفراد التوحيد. وإذا جهل فإن التعليم والإنكار على المعاند وتعليم الجاهل واجب،ولا يجوز أن يقال: إن العالم لا يخطئ في هذه المسائل البتة، بل قد يقع الغلط في هذه المسائل ممن هو في المرتبة العليا في زمنه أو في بلده، وإنما المقصود أن الأمة لا يمكن أن تُجمع على ضلالة.فإذا وجد من قام بالحق فبيَّن له أن قوله ذلك يقود إلى باطل أو إلى شرك، كفعل بعض المتأخرين، حيث ذكروا في كتبهم الفقهية بعض الصور الشركية التي استحسنوا أن تفعل عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- كما يذكرون. وقد ذكره طائفة من الكبار والعلماء في كتب الحج سواء الفقهية المطولة، أو المناسك المخصوصة بالحج، ذكروا أنه إذا أتى المسلم قبر النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا:يستحب له أن يدنو منه وأن يناديه بقوله:

يا خير من دفنت في القاع أعظمه ... فطاب من طيبهن  القاع  والأَكَمُ

إلى آخر الأبيات التي فيها استغاثة بالنبي -صلى الله عليه وسلم- والطلب منه، فذكروا أنه يفعل أشياء هي من الشرك بالله جل وعلا، لا يقال: هؤلاء علماء، كيف نقول: إنهم استحسنوا هذا الأمر؟ نقول:من هو أفضل منهم قد يخفى عليه، ولا يُنْقص هذا من منزلتهم؛ لأن الصحابة الذين قالوا ذلك وطلبوا هذا الطلب الكفري لما أُنكر عليهم وعُلِّمُوا تركوا هذا القول وأنابوا، هم على منزلتهم وفضلهم وعظم مكانتهم في هذه الأمة، فهم خير الناس؛ لأنهم صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.فإذا وقع العالم في شيء من ذلك، فإن العالم إذا لم يكن داعياً إلى الشرك وإنما وقع منه هذا في بعض كتبه من جهة الغلط فإنه قد يغلط الكبير، قد يغلط العظيم غلطة وأشباه ذلك، وهذا لا ينزل من مرتبته؛ لأن هذا لو قيل به لكان معنى القول بعدم غلط العالم أنه معصوم مطلقاً، والصحابة -رضي الله عنهم- لم يُعصموا وكذلك من بعدهم أولى بألا تكون لهم العصمة، لكن الإجماع، لا تجمع هذه الأمة على ضلالة، بل لا يزال في الأرض قائم لله بالحجة يدلي بالحجة الشرعية الصحيحة ويبينها للناس.

فإذاً:قوله هنا رحمه الله: (هذه القصة تفيد أن المسلم بل العالم قد يقع في أنواع من الشرك لا يدري عنها فتفيد التعلم). تفيد التعلم؛لأن أفراد التوحيد كثيرة، وربما سمعتم ورأيتم وقرأتم في هذا الزمن من بعض من ينتسبون إلى الدعوة في بعض البلاد، وبعض الأمصار من فعلوا أشياء كثيرة، وعملوا أشياء كثيرة يريدون بها نصرة دين الله جل وعلا ولكن عندهم بعض شركيات، تجد عندهم بعض الأفعال أو الأقوال التي فيها شرك، كمن استحسن الاستغاثة ببعض الأموات، إما بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أو بأبي بكر أو بعمر، وكمن طلب أن يُحضر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فتتلى عنده أبيات معينة، فيها الاستغاثة به وأشباه ذلك.فالداعية وصاحب المقام إذا كان يريد نصرة دين الله فلا يعني أنه لا يقع في ذلك، بل عليه أن يخاف أشد الخوف أن يقع في الشرك وهو لا يعلم.فالتعلم لا بد منه، ومن قال: (التوحيد أمر فطري لا نحتاج إلى أن نتعلمه، ولا إلى أن نبذل فيه الوقت، ولا الجهد) فهذا جاهل بنفسه وجاهل بحق ربه جل وعلا، بل التوحيد يحتاج العبد إلى أن يتعلمه دائماً حتى لا يقع في شيء من نواقض ذلك التوحيد، وأعجب ما يكون من ذلك قول إبراهيم -عليه السلام- لربه في دعائه المخبت المنيب: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ} فدعا ربه أن يجنبه وبنيه عبادة الأصنام، يعني: عبادة غير الله جل وعلا،وإبراهيم هو خليل الله.قال إبراهيم التيمي، من سادات التابعين -رحمه الله تعالى- لما تلا هذه الآية قال: (ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم). فالعبد يجب عليه أن يتعلم وأن يخاف ويتحرز، فمن علامات سعادة المؤمن وطالب العلم والداعي إلى الله جل وعلا:

- أن يكون دائم التعلم للتوحيد والقراءة في مسائله؛ لأنه أعظم حق لله -جل وعلا-.

والثاني:أن يكون دائماً خائفاً من الشرك ووسائله، فيكون متحرزاً خائفاً، كما قال الشيخ -رحمه الله- هنا في وصيته العظيمة: (فتفيد التعلم) وهذا واحد (والتحرز) وتفيد أيضاً: (معرفة أن قول الجاهل: (التوحيدَ فهمناه) أن هذا من أكبر الجهل ومكايد الشيطان) فإنه لا يقال: التوحيد فهمناه، نريد شيئاً غير التوحيد؛ لأن التوحيد يُنسى وتتشابه مسائله وصور الشرك تتجدد مع الأزمنة، فلا بد أن يُتعلم وتُبين مسائله، والشيطان ينسي الناس أصل التوحيد ومسائله حتى يقعوا في الشرك، ولهذا تعلمون في حديث ابن عباس الذي في الصحيح - صحيح البخاري - لما عُبد الصالحون من قوم نوح، قال ابن عباس في إشارة عظيمة قال - لما اتخذوا صور أولئك الصالحين جاءهم الشيطان، إلى آخر القصة، حديث عطاء عن ابن عباس - قال:(فلما تَنَسَّخ العلم عبدت).ففي قوله: (تنسخ) فائدتان:

الأولى: أن العلم بعد وجوده قد يذهب، وإنما يذهب بإهماله.

والفائدة الثانية: أن قوله (فلما تنسخ العلم) - يعني: ذهب شيئاً فشيئاً - يدل على أن العلم بالتوحيد لا يذهب جملة من الناس، وإنما يذهب شيئاً فشيئاً؛ لأنه يَتَنَسَّخُ ما يُنْسَخُ، ما يرفع فجأة، ولكن يتنسَّخ شيئاً فشيئاً، يزول بإهمال الناس وعدم رعايتهم لهذا الأصل العظيم.
قال:(تفيد معرفة أن قول الجاهل: (التوحيد فهمناه) أن هذا من أكبر الجهل ومكايد الشيطان). وهذه الكلمة قالها: (التوحيد فهمناه) قالها بعض تلامذة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إمام الدعوة، قالوها له في درسه، فإنه لما أتم إقراء (كتاب التوحيد) وبيان مسائله، فأراد أن يعيد الكرة ثالثة أو رابعة. قالوا له:يا شيخ نريد كتاباً آخر، نريد الفقه أو الحديث.قال:لم؟ قالوا:التوحيد فهمناه، نريد علماً آخر.فقال لهم:أنظروني حتى أنظر في هذه المسألة، فلما أتى بعد بضعة أيام جلس في مجلس درسه وبدا على وجهه التكدر جداً، فقالوا له: يعني: (عسى ماشر)، (أيش في الشيخ؟)قال:أُبلغت بشيء كدرني.قالوا له:وما هو؟قال:بلغني أن بيتاً في الدرعية ذبح أصحابه عند الباب ديكاً؛ لأجل نزولهم البيت، أرادوا أن ينزلوا البيت فقبل النزول ذبحوا عند الباب ديكاً، يَسَال الدم على عتبة الباب، وأنا أرسلت من يتثبت في الأمر ونقوم في ذلك بما يجب.فلما أتى من غد قالوا له: ماذا حصل يا شيخ؟ وش صار في كذا ؟ قال:وجدت الأمر غير ذلك.قالوا:ماذا وجدت؟قال لهم:وجدت أن أهل البيت ما حصل منهم ذلك، ولكن فلان وقع على أمه.قالوا:أعوذ بالله وقع على أمه، أعوذ بالله وقع على أمه.قالوا:التي بالأمس هانت، ولكن هذا وقع على أمه، فالشيخ قال هذه الكلمة.قال:منه تعلم (أن قول الجاهل: (التوحيدَ فهمناه) من أكبر الجهل ومكايد الشيطان) لأنهم استعظموا كبيرة من الكبائر، وأما الشرك الأكبر بالله المخرج من الملة ما أنكرته قلوبهم؟ لماذا ما أنكرت قلوبهم هذه الصورة، وهي إسالة الدم عند عتبة الباب، عند نزول الدار؟لأنهم لا يعلمون أن هذه الصورة لأجل التقرب إلى الجن لدفع شرهم، أو دفع شر أصحاب العين، الذي هو تقرب بالذبح إلى غير الله، الذي هو شرك أكبر بالحق جل وعلا، فاستعظموا كبيرة من الكبائر، ولم يستعظموا الشرك الأكبر بالله جل وعلا؛ كما يحصل - وترون ذلك - من بعض الجهلة من أنهم إذا رأوا بعض الكبائر تغيظوا وقاموا وقعدوا، وأما إذا سمعوا بالشرك الأكبر بالله -جل وعلا- فلا يتحرك لهم ساكن.فتجد أنهم إذا رأوا أو سمعوا ببعض المنكرات في الأخلاق، أو الزنى، أو وسائل الزنى في بعض البلاد، أو تبرج النساء، أو بعض الفجور، أو بعض الظلم، أو نحو ذلك، قاموا وقعدوا وأصبحوا يتكلمون، لكن الشرك الأكبر بالله! كونه يرى قبة تحتها معبود من دون الله جل وعلا، أو يرى الناس يذبحون لغير الله، أو يقرأ هذا في مجلة، أو يقرأ هذا في كتاب، لا يحرك قلبه لحق الله الأعظم، وهذا دليل جهله ودليل أنه لم يعرف مصلحة نفسه؛ لأن هذا الجاهل إذا لم يتعلم التوحيد ويتغيظ قلبه لسلب حق الله -جل وعلا- بعبادته وحده دون ما سواه، فإنه على شر.فمن وجد في نفسه أنه إذا رأى منكراً من الكبائر تغيظ، وأما إذا رأى الشرك الأكبر بالله -جل وعلا- لا يتحرك قلبه، فليعلم أنه ما فهم التوحيد، ولا عظم الله -جل وعلا- حق تعظيمه. وهؤلاء الذين قالوا: (التوحيد فهمناه) هؤلاء جهلة ودخل إليهم الشيطان من أكبر مكايده؛ كما قال الشيخ رحمه الله وأجزل له المثوبة: (تفيد التعلم والتحرز، ومعرفة أن قول الجاهل: (التوحيد فهمناه) أن هذا من أكبر الجهل ومكايد الشيطان)

قال رحمه الله تعالى وأجزل له المثوبة ورفع درجته في الجنة، في الفائدة الثانية: (وتفيد أيضاً - يعني: تلك القصة، قصة ذات أنواط تفيد أيضاً - أن المسلم إذا تكلم بكلام كفر وهو لا يدري، فنبه على ذلك فتاب من ساعته أنه لا يكفر) لأن هذا الكلام الذي طلبوه، قال في معناه عليه الصلاة والسلام: ((قلتم والذي نفسي بيده كما قال أصحاب موسى لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ})). ومن طلب إلهاً مع الله جل وعلا، فإنه يطلب عبادة ذلك الإله، فكفره يكون بعبادته غير الله جل وعلا.

ومعلوم أن الطلب متصل بالمطلوب اتصال اللازم بالملزوم،ولهذا نستفيد منه أن الكفر إذا كان مورده القول فإن صاحبه إذا نبه عليه وهو جاهل به فتاب من ساعته فإنه لا يؤاخذ بذلك، يعني: لا يكفر بقول كفري؛ لأنه جاهل بهذا القول، وذلك إذا نُبه فتنبه.إذا قيل له:هذا كفر والدليل على ذلك كذا، أو أجمع العلماء على كذا، أو قال الأئمة كذا، فتنبه فإنه لا يكفر بذلك؛ لأن مورد الغلط في اللسان، والجهل يُعذر به صاحبه في مثل هذا، كما عذر النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة في قولهم، بل أنكر عليهم -عليه الصلاة والسلام- وغلظ الكلام عليهم شديداً.فأفاد كما قال الشيخ رحمه الله تعالى: (أن المسلم إذا تكلم بكلام كفر وهو لا يدري) وقوله: (وهو لا يدري) راجعة إلى أنه لا يدري أنه مؤاخذ بقوله ذلك، لا يدري أن كلامه كفر، وأن كلامه لا يجوز له أن يقوله. والجهل راجع إلى جهتين:

-جهة الحكم، والحكم بأن قوله لا يحل أو أن قوله كفر.

والجهة الثانية راجع إلى: الحكم عليه بما قاله.والأحكام الشرعية متعلقة بالنوع الأول لا بالنوع الثاني، يعني: أنه إذا كان جهله وعدم درايته راجعة إلى أنه لا يعلم أن هذا الكلام لا يحل له، لا يعلم أن هذا الكلام لا يجوز له، لا يعلم أن هذا الكلام كفر فإنه إذا نبه فتنبه فإنه يعذر بذلك. وأما إذا علم أنه لا يجوز له ذلك، ويقول: أعلم أن هذا لا يجوز، ولكن لا أدري أن هذا يوصل القائل إلى درجة الكفر، لا أدري أني أصير كافراً بذلك، فهو يدري أنه محرم ولكن لا يدري أنه يصير كافراً بذلك، فهذا لا يعذر به، مثل من يقول: أدري أن القذف محرم لكن لا أدري أني أُجلد، فهذا لا يعذر بجهالته.

فإذاً: هنا عدم الدراية بالأحكام الشرعية إذا كان مردها إلى عدم الدراية بحرمة القول، عدم الدراية بأن القول حرام، كبيرة، كفرٌ، فهذا يعذر به في مسائل كثيرة، وأما إذا علم الحكم ولكن جهل أنه يجب عليه الحد بهذا أو أنه يكفر بهذا، فإنه يؤاخذ، فيكفي درايته أنه لا يحل له هذا القول.

وهذا له تطبيقات كثيرة في القواعد الفقهية، في تقسيم عدم الدراية أو الجهل إلى: جهل بالحكم، وإلى جهل بعاقبة الحكم. معلوم إنه إذا كفر فإنه يصبح مرتداً ويستتاب فإن تاب وإلا قتل، وفي بعض صور الكفر يقتل زندقة ولا تقبل منه توبته.

فلو قال:أنا أعلم أن الكلام حرام، لكني أجهل أنني إذا قلت ذلك أصبحت مرتداً، أو أني أصبحت زنديقاً أقتل بهذا الكلام، فإنه لا يعذر.

فإنه يعذر إذا كان يجهل الحكم،فإذا قال مثلاً في الزنى: أنا أعلم أن الزنى حرام، لكني لا أدري أن الزاني المحصن يرجم، فهنا لا يعذر بجهالته، ولكن يعذر إذا قال: أنا لا أعلم أنه حرام.

وهذا تفريق مهم في مسائل كثيرة عند العلماء والفقهاء في عدم دراية بعض المسائل، فإن عدم دراية الحكم أصلاً شيء، وعدم دراية الحكم على صاحبه أو العقوبة المقدرة على صاحبه وأشباه ذلك، هذا شيء آخر. فلهذا قال الشيخ رحمه الله هنا: (تفيد أيضاً أن المسلم إذا تكلم بكلام كفر وهو لا يدري فنبه على ذلك فتاب من ساعته أنه لا يكفر؛ كما فعل بنو إسرائيل، والذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم)

فإن بني إسرائيل نبهوا فتنبهوا، وإن الصحابة الذين كانوا حدثاء عهد بكفر نبهوا فتنبهوا.

الفائدة الثالثة: قال: (وتفيد أيضاً: أنه لو لم يكفر فإنه يغلَّظ عليه الكلام تغليظاً شديداً، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم) يغلظ عليه الكلام تغليظاً شديداً، وجه التغليظ الشديد أن ذاك تعزير، ومعلوم أن باب التعزير في الشريعة يكون بالقول، ويكون بالفعل، ويكون بالتعزير بالمال.القول: بأن يقال له كلام يؤنبه، كلام شديد قوي.بالفعل:إما بضرب أو بهجر أو بأشباه ذلك.بالمال:بأخذ بعض ماله تعزيراً له وهذا من جهة القاضي.

فإذا كان كذلك، فالتعزير في الشريعة مطلوب لمن وقع منه المنكر بحسب الحال، فهؤلاء كان قولهم قبيحاً وكان طلبهم قبيحاً إذْ طلبوا إلهاً مع الله -جل وعلا- فلهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قال أصحاب موسى لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ})).وهذا الكلام قد يقال:إن ظاهره ليس بشديد وإن ظاهره ليس فيه تعزير، ولكن هذا ليس بصحيح، بل المسلم الموحد الذي أحب التوحيد ودخل في دين الله بلا إله إلا الله وقد فقه هذه الكلمة، إذا قيل له: أنت طلبت إلهاً مع الله -جل وعلا- فإن هذه الكلمة تتفطر لها القلوب، فهي أعظم مما لو قيل له: اسكت، أو قيل له: أنت كذا وكذا، بل قيل له: أنت طلبت إلهاً مع الله جل وعلا.ومعلوم أنه ما دخل في الدين إلا للتوحيد، إلا لإسلام الوجه لله -جل وعلا- وحده دون الآلهة المتعددة، فلهذا الوضوح في حال الواقع في المنكر نوع من التعزير، فمن وقع في باطل فقيل له: أنت وقعت في كذا وكذا وكذا تأنيباً له، فإن هذا نوع من التعزير الشديد، وتغليظ الكلام بما يناسب الحال.

إذاً: أفادت أنه لو لم يَكفر فإنه يغلظ عليه الكلام تغليظاً شديداً؛ كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.هذا انتهاء لأحد الأجوبة على تلك الشبهة.


-------------------------

أسئلة:هل يكفر قوم بأن عندهم عادة سب الدين والرسول ومنهم جاهل بأن ذلك كفر وأنه منكر، هل يكفر بالجهل ؟
من سب الإسلام الذي أنزله الله -جل وعلا- على محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر ولا يعذر بالجهل، ولا بأن يقول: أنا قلته على وجه المزاح واللعب، أو غضبت ما علمت، إلى آخر ذلك.كذلك سب الله جل وعلا، كذلك سب الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن تعظيم الله جل وعلا، وتعظيم رسوله صلى الله عليه وسلم، وتعظيم القرآن، وتعظيم دين الإسلام، هذا واجب من الواجبات، ويُعْلَمُ بالضرورة من دين الإسلام، فإذا سب فمعناه أنه نافى ذلك التعظيم وهذا كفر بمجرده. أما سب دين فلان:فهذا لا يكفر به، إذا سب دين معين من الناس، مثلاً: تخاصم اثنان، فقال أحدهما للآخر: كذا دينك، فسب دينه فهذا لا يكفر؛ لأن هذا يحتمل أن يريد تدينه والديانة التي هو عليها، فلا يكفر إلا إذا سب الإسلام مطلقاً، أما إذا سب الدين المضاف إلى بعض الناس فإنه لا يكفر به؛ لأن هذا فيه شبهة، لكن يعزر ويؤدب.

سؤال : ما رأيكم فيمن يزور أماكن الشرك للوقوف على حقيقة الشرك دون أن ينكر عليهم بحجة أنه سيتعرض للخطر إذا هو أنكر ؟

لا يجوز له أن يحضر مكاناً يعبد فيه غير الله، يستغاث فيه بغير الله، يُصلى فيه للميت، يتجه إليه في القبلة، يطاف على قبره، ويسكت ولا ينكر؛ لأن هذا أعظم المنكر وهو الشرك، لكن كيف ينكر، هذا يحتاج إلى بيان.فالشيخ رحمه الله، إمام الدعوة لما كان يحضر عند الذين يعبدون زيد بن الخطاب كان يقول لهم في أول الدعوة: (الله خير من زيد)، فينبههم أن دعوة الله -جل وعلا- وحده أفضل، وهذا من التدرج في الدعوة، فإذا كان يرى أن الإنكار عليهم لن ينفعهم وأنه إذا قال مثل هذه الكلمة أنها أنفع لهم، فهذا بما يرى أن المصلحة الشرعية فيه. أما أن يحضر مثل هذه الأماكن ولا ينكر البتة فهذا حرام عليه ولا يجوز، ونسأل الله لنا ولإخواننا العفو والعافية والمغفرة.السياحة يتفرج على الذين يعبدون غير الله، لا، أعوذ بالله، هذا شرك، يتغيظ الواحد من رؤية قبة من دون أن يعرف ماذا تحتها، فكيف يذهب وينظر ويجلس معهم ويسكت؟‍ طبعاً مفهوم الشرك بالصور المختلفة هذا يختلف فيه الناس، لكن ينبغي بل يجب أن لا يأخذ الشباب هذه المسائل من غير الراسخين في العلم؛ لأن كون صورة ما صورة شركية، هذه إنما يعلمها أهل العلم في المسائل الحادثة الجديدة.

هذا يسأل عن بعض ما يذكر من الأنظمة الرأسمالية والشيوعية والوطنية وتمجيد الماضي، إلى آخره، وغيرها من الصور.

فهذه تعرض المسألة على أهل العلم فإن قالوا: إن هذا حكمه كذا فيصار إليه؛ لأن المسائل تختلف والأوضاع تختلف، وليس كل ما ظنه المرء شركاً يكون شركاً، بل قد رأيت في بعض الكتب -كتاب أظن اسمه (الأوثان) أو نحوه- أن مؤلفه جعل التلفاز وثناً، وأن حال الجالسين أمامه لينظروا أنهم عاكفون عند هذا الوثن، فكل من فعل هذا بأن عكف عند هذا الجهاز الساعات الطويلة فإن هذا عبادة لغير الله جل وعلا، وهذا لا شك أنه افتئات على الدين، وقول بلا علم، وخروج عما يجوز، فإن القول على الله بلا علم أكبر من الكبائر العملية.

يقول: ما رأيك يا شيخ فيمن ينكر أهمية هذا المتن ويقول: إن كان له أهمية تذكر فهي للدعاة في الخارج ونحن تكفينا قراءته؟

هذا كلام الشيخ فيه: (ومنه تعلم أن قول الجاهل: (التوحيد فهمناه) من أعظم الجهل وأكبر مكايد الشيطان) فليحذر على نفسه.

سؤال : ذكرت أن من سجد للصنم فإنه كافر ؟ هل هذا يكون بعد الاستفصال ؟

لا شك من سجد للصنم فإنه كافر ظاهراً، السجود للصنم من الكفر العملي الذي يضاد الإيمان، فإن الكفر قسمان:

1-كفر اعتقادي، يكون بالاعتقاد.
2- وكفر عملي.
والكفر العملي قسمان، كما ذكره ابن القيم في أول كتابه الصلاة:
- قسم يضاد الإيمان من أصله، كَسَبِّ الدين، يعني: الإسلام، أو سب الله، أوسب رسوله، أو السجود للصنم، أو إلقاء المصحف في القاذورات متعمداً عالماً، وأشباه ذلك، فهذا كفر عملي، يعني: كفر بعمله، وهو مخرج من الملة؛ لأنه مضاد للإيمان.

-وقسم آخر من الكفر العملي:ما لا يضاد الإيمان مثل المسائل التي ذكروها: ترك الصلاة عند طائفة كثيرة من أهل العلم، ومثل الحكم بغير ما أنزل الله، ومثل سباب المسلم، قتاله ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)) قتال المسلم، يعني: تَقاتل المسلمين، وأشباه ذلك مما جاء في الشريعة أنه كفر.

فإذاً: من فهم أن تقسيم الكفر إلى اعتقادي وعملي، أن العملي لا يكفِّر ،فهذا غلط عظيم حتى غَلَط على ابن القيم رحمه الله، فإن ابن القيم في (كتابه الصلاة) الذين نقلوا عنه هذا التقسيم قال: (وكفر عملي مثل السجود للصنم) كذا، وهذا يضاد الإيمان، ومثل كذا، وقال: (وكفر عملي ومنه ما يضاد الإيمان كالسجود للصنم) ومثّل إلى آخره (ومنه ما لا يضاد الإيمان، كترك الصلاة، والحكم بغير ما أنزل الله) إلى آخركلامه.

فالعلماء حين يقسمون الكفر إلى اعتقادي وعملي، هذا تقسيم لمورد الكفر، فإن الكفر مورده قد يكون جهة الاعتقاد، وقد يكون جهة العمل، والاعتقاد منه الشك أيضاً، والكفر العملي منه القول والفعل، ومنه ما لا يكفر.

فإذاً: قول العلماء: إن الردة تكون باعتقاد، أو قول، أو فعل، أو شك، راجع إلى هذين القسمين: اعتقاد أو عمل، ولكن الكفر العملي منه ما يضاد الإيمان من أصله كما ذكرنا، ومنه ما لا يضاد الإيمان من أصله، فليس معنى كفر اعتقادي وكفر عملي أنها مساوية للكفر الأكبر والأصغر كما يظنه طائفة، هذا غلط عظيم على أهل العلم، فإن الكفر قسمان:

1-كفر أكبر.
2-وأصغر، باعتبار.
كفر أكبر، يعني: مخرج من الملة، وكفر أصغر، يعني: غير مخرج من الملة، فباعتبار حكم هذا الكفر: فإنه يكون أكبر ويكون أصغر، وباعتبار مورد الكفر: قد يكون اعتقادياً وقد يكون عملياً، والاعتقادي أكبر، وقد يكون بعض أقسامه أصغر، والعملي قطعاً منه أكبر ومنه أصغر. فقول بعض أهل العلم:(الكفر العملي هو الكفر الأصغر) هذا غلط، بل الكفر العملي منه أكبر ومنه أصغر، فتقسيمات العلماء متداخلة، مثل ما نقول في الشرك: أكبر وأصغر، والشرك يكون بالاعتقاد ويكون بالعمل، فإن من ذبح لغير الله فهو مشرك بالعمل، ومن نذر لغير الله فهو مشرك بالعمل، ومن استغاث بغير الله فهو مشرك بالعمل، وهذا الفعل منه قد يؤول إلى اعتقاد وقد لا يؤول إلى اعتقاد، فالمكفرات العملية، الكفر الأكبر أوالأصغر من الكفر العملي قد ترجعها إلى اعتقاد، وقد ترجعها إلى عمل مجرد.

فإذاً: ليس كل ما قيل فيه إنه كفر عملي يساوي الكفر الأصغر، بل قد يكون هذا وقد يكون هذا.

سؤال: نرى بعض الأشخاص يستشهد بما يحصل له من مواقف في حياته اليومية ببعض الآيات والأحاديث فيضحك من حوله، وهو في تلك الحالة ليس بمستهزئ وإنما قالها لمناسبة الموقف، ما حكم هذا الفعل ؟ وبماذا ينصح هؤلاء؟

أما من جهته: فإذا كان أوردها إيراداً عادياً وهم الذين ضحكوا؛ فهو ليس عليه حرج إذا لم يتعمد إضحاكهم بما أورده.هم على قسمين:

1-إن ضحكوا لفعله: فهذا مما هو سائغ، مما هو مباح.
2-وإن ضحكوا على استشهاده بالآية أو ضحكوا على الآيات: فهذا يدخل في الاستهزاء.
فهنا يستفصل: ضحكوا لأي شيء؟ هل ضحكوا لفعله؟ لما حصل له؟ أو ضحكوا على الآيات؟ إن ضحكوا على الآية: فهذا داخل في الاستهزاء بالآيات، وإذا ضحكوا على استدلاله: فهذا ضحك على فعله، قد يكون ذلك من خلاف الأدب فقط.


سؤال : من يمثل في مسرح أو تمثيلية، يمثل دور أحد الكفار فيسب الممثل النبي -صلى الله عليه وسلم- هل يكفر بذلك ؟

هذا من المنكر الأعظم، يمثل سب النبي صلى الله عليه وسلم! هذا لا شك أنه منكر أعظم وصاحبه إن لم يكن له شبهة في ذلك فإنه يجب أن يعزر؛ لأنه لا يجوز أن يمثل بسب النبي صلى الله عليه وسلم، هذا من الاستهزاء.

عبد العزيز بن داخل المطيري

#6

28 Nov 2008

العناصر

الجواب التاسع عن الشبهة الحادية عشرة

- قصة بني إسرائيل لما قالوا: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة
- قصة ذات أنواط
اعتراض للمشركين حول الاستدلال بهذا الدليل
بيان جواب الاعتراض على هذا الدليل
فوائد قصة ذات أنواط
خطر التهاون في معرفة الشرك
شروط عدم كفر من سأل ما هو كفر

ما ينبغي أن يعامل به من سأل الكفر وإن كان جاهلاً

عبد العزيز بن داخل المطيري

#7

28 Nov 2008

الأسئلة

س1: ما وجه استدلال المؤلف بقوله تعالى : {قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة}؟
س2: بيّن بعض الفوائد المستنبطة من قصة ذات أنواط.
س3: تحدّث عن خطر التهاون في دراسة التوحيد.
س4: ما هي شروط عدم كفر من طلب ما هو كفر؟
س5: اذكر ما ينبغي أن يعامل به من طلب ما هو كفر.
س6: بيّن جواب الاعتراض على استدلال المؤلف رحمه الله تعالى بالآية وحديث ذات أنواط.
س7: ما رأيك فيمن يقول: (التوحيد يفهم من البيئة الاجتماعية)؟
س8: ما حكم زيارة أماكن الشرك؟
س9: ما حكم من سب دين أخيه المسلم؟
س10: هل يمكن أن يكفر الإنسان بسبب كلمة يقولها؟
س11: إذا وقع العبد في مكفر فهل تنفعه صلاته وصيامه وجهاده؟ بين إجابتك مع الاستدلال.
س12: هل يمكن أن يكفر الإنسان وهو يشهد أن لا إله إلا الله؟