30 Oct 2008
الدرس الثالث عشر: كشف الشبهة الثانية: وهي زعمهم أن المشركين إنما هم عُبَّاد الأصنام
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (ت: 1206هـ): (فَإِنْ قَالَ: إن
هَؤلاءِ الآياتِ نَزَلَتْ فِيمَنْ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ، وَنَحْنُ لا
نَعْبُدُ الأصْنَامَ، كَيْفَ تَجْعَلُونَ الصَّالحِينَ مِثْلَ الأَصْنَامِ؟
أَمْ كَيْفَ تَجْعَلُونَ الأَنْبِيَاءَ أصْنَاماً؟
فَجاوِبْهُ بِمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّهُ
إِذا أَقَرَّ أَنَّ الكُفَّارَ يَشْهَدُونَ بِالرُّبُوبيَّةِ كُلِّها
للهِ، وَأَنَّهُم مَا أَرَادُوا مما قَصَدُوا إِلاَّ الشَّفَاعَةَ،
وَلَكِنْ أرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ فِعْلِهِمْ وَفِعْلِهِ بِمَا
ذَكَرَ.
فَاذْكُرْ
لَهُ أَنَّ الْكُفَّارَ مِنْهُمْ مَنْ يَدْعُو الأَصْنامَ، وَمِنْهُمْ مَن
يَدْعُو الأَوْلياءَ الَّذِينَ قالَ اللهُ فِيهِمْ: {أُوْلَئِكَ
الَّذينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ
أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذَابَ
رَبِّكَ كانَ مَحْذُوْراً}[الإسراء: 57].
وَيَدْعُونَ عيسى ابنَ مَرْيمَ وَأُمَّهُ وَقَدْ قالَ تَعالى: {مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} الآية [المائدة: 75].
وَاذْكُرْ لَهُ قَوْلَهُ تَعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ} الآية [سبأ: 40، 41].
وَقَوْلَهُ تَعالى: {وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى اْبنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} الآية [المائدة: 116].
فَقُلْ لَهُ: عَرَفْتَ أَنَّ اللهَ كَفَّرَ مَنْ قَصَدَ الأَصْنَامَ، وَكَفَّرَ أَيْضاً مَنْ قَصَدَ الصَّالِحِينَ، وَقَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟).
شرح سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ
المتن:
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (ت: 1206هـ): (فَإِنْ قَالَ: إن
هَؤلاءِ الآياتِ نَزَلَتْ فِيمَنْ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ، وَنَحْنُ لا
نَعْبُدُ الأصْنَامَ، كَيْفَ تَجْعَلُونَ الصَّالحِينَ مِثْلَ الأَصْنَامِ؟
أَمْ كَيْفَ تَجْعَلُونَ الأَنْبِيَاءَ أصْنَاماً؟
فَجاوِبْهُ بِمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّهُ
إِذا أَقَرَّ أَنَّ الكُفَّارَ يَشْهَدُونَ بِالرُّبُوبيَّةِ كُلِّها
للهِ، وَأَنَّهُم مَا أَرَادُوا مما قَصَدُوا إِلاَّ الشَّفَاعَةَ،
وَلَكِنْ أرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ فِعْلِهِمْ وَفِعْلِهِ بِمَا
ذَكَرَ(1).
فَاذْكُرْ
لَهُ أَنَّ الْكُفَّارَ مِنْهُمْ مَنْ يَدْعُو الأَصْنامَ(2)، وَمِنْهُمْ مَن
يَدْعُو الأَوْلياءَ الَّذِينَ قالَ اللهُ فِيهِمْ: {أُوْلَئِكَ
الَّذينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ
أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذَابَ
رَبِّكَ كانَ مَحْذُوْراً}[الإسراء: 57](3).
وَيَدْعُونَ عيسى ابنَ مَرْيمَ وَأُمَّهُ وَقَدْ قالَ تَعالى: {مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} الآية [المائدة: 75](4).
وَاذْكُرْ لَهُ قَوْلَهُ تَعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ} الآية [سبأ: 40، 41](5).
وَقَوْلَهُ تَعالى: {وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى اْبنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} الآية [المائدة: 116](6).
فَقُلْ لَهُ: عَرَفْتَ أَنَّ اللهَ كَفَّرَ مَنْ قَصَدَ الأَصْنَامَ، وَكَفَّرَ أَيْضاً مَنْ قَصَدَ الصَّالِحِينَ، وَقَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟(7)).
الشرح:
قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ت: 1389هـ): ((1) (فَإِنْ قَالَ) المُشَبِّهُ: (هَؤُلاَءِ الآيَاتُ)- يَعْنِي: آيَةَ: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ} ونَحْوَهَا- (نَزَلَتْ فِيمَنْ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ)
إِن انْتَقَلَ إلَى هَذِه الشُّبْهَةِ وهي حَصْرُ عِبَادَةِ غَيْرِ اللهِ
في الأَصْنَامِ، يَعْنِي وَما سِوَاهُ فَلَيْسَ بِعِبَادَةٍ، فَلَيْسَ
مِثْلَهُم، هو يَدْعُو الصَّالِحِينَ وَلَيْسَ بِمُشْرِكٍ! (كيف تَجْعَلُونَ الصَّالِحِينَ مِثْلَ الأَصْنَامِ؟) حَصَرَ عِبَادَةَ غَيْرِ اللهِ في الأَصْنَامِ (أَمْ كَيْفَ تَجْعَلُونَ الأَنْبِيَاءَ أَصْنَامًا؟)
مِن شَأْنِ أَهْلِ البَاطِلِ وأَشْبَاهِهِم نِسْبَتُهُم مَن نَزَّلَ
الصَّالِحِيَن مَنَازِلَهُم أَنْ يَقُولُوا: تَنَقَّصُوهُم وَهَضَمُوهُم.
وفي الحَقِيقَةِ هُمُ النَّاقِصُونَ المَتَنَقِّصُونَ للرُّسُلِ وَأَرَادُوا أَنْ يُعْطَوْا بَاطِلاً.
وَأَهْلُ
الحَقِّ نَزَّلُوهُم مَنَازِلَهُم الحَقَّ اللاَّئِقَةَ بِهِم وَمَا
جَاءُوا بِهِ، وَلاَ زَادُوا وَلاَ نَقَصُوا؛ أَعْطَوْهُم حَقَّهُم
الوَاجِبَ ونَزَّهُوهُم عَمَّا لاَ يَصْلُحُ لَهُم مِن البَاطِلِ.(فجَاوِبْهُ بِمَا تَقَدَّمَ)
وهو أَنَّ المُشْرِكِينَ الأَوَّلِينَ مُقِرُّونَ بالرُّبُوبِيَّةِ؛ أَنَّ
اللهَ تَعَالَى الخَالِقُ وَحْدَه لاَ شَرِيكَ لَهُ الرَّازِقُ، وإِنَّمَا
كَانُوا مُشْرِكِينَ باتِّخَاذِهِم الوَسَائِطَ… إلخ.
لَكِنَّهُم
مَا أَعْطَوُا الرُّبُوبِيَّةَ حَقَّهَا فَإِنَّ تَوْحِيدَ الأُلُوهِيَّةِ
هو نَتِيجَةُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ (فَإِنَّهُ
إِذَا أَقَرَّ أَنَّ الكُفَّارَ يَشْهَدُونَ بالرُّبُوبِيَّةِ كُلِّهَا
للهِ، وَأَنَّهُم مَا أَرَادُوا مِمَّنْ قَصَدُوا إِلاَّ الشَّفَاعَةَ) والمُشَبِّهُ مُقِرٌّ بِذَلِكَ (وَلَكِنْ أَرَادَ) المُشَبِّهُ (أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ فِعْلِهِم وَفِعْلِهِ بِمَا ذَكَرَ) وهو أَنَّ المُشْرِكِينَ يَعْبُدُونَ أَصْنَامًا وهو لاَ يَعْبُدُ صَنَمًا.
(2) (فَاذْكُرْ لَهُ أَنَّ الكُفَّارَ مِنْهِمْ مَنْ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ) وَالأَوْثَانَ كَمَا ذَكَرَ اللهُ عَنْهُم:
-{قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ}.
-{إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}.
-{مَا هَـذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ}.
(3) (وَمِنْهُمْ مَنْ يَدْعُو الأَوْلِيَاءَ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ: {أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} الآيةَ)
فَمَعْبُودَاتُهُم مُتَنَوِّعَةٌ؛ لَيْسَت الأَصْنَامَ وَحْدَهَا، مِن
دَلِيلِ تَنَوُّعِهَا هَذِهِ الآيَةُ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ في أُنَاسٍ
يَعْبُدُونَ الجِنَّ فَأَسْلَمَ الجِنُّ وبَقِيَ الإِنْسُ عَلَى
عِبَادَتِهِم. وَقِيلَ:نَزَلَتْ فِيمَنْ يَعْبُدُ العُزَيْرَ والمَسِيحَ كَمَا هو قَوْلُ أَكْثَرِ المُفَسِّرِينَ. (4) (وَيَدْعُونَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ) وَهُو صَرِيحٌ في شِرْكِ النَّصَارَى بالرُّسُلِ؛ عِيسَى رَسُولٌ (وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ}) يَعْنِي عَظِيمَةَ التَّصْدِيقِ بالحَقِّ {كَانَا
يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ
انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا
لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ} فَهَذَا بَعْضُ أَنْوَاعِ شِرْكِ الأَوَّلِينَ أَهْلِ الكِتَابِ. فَعَرَفْتَ
مِن هذه الآيَاتِ أَنَّ مِن المُشْرِكِينَ مَن يَدْعُو الأَوْلِيَاءَ
والصَّالِحِينَ، وَمِنْهُم مَن يَدْعُو الأَنْبِيَاءَ، وَمِنْهُم مَن
يَدْعُو المَلاَئِكَةَ، وأَنَّ الآيَاتِ مِنْهَا مَا نَزَلَ فِيمَنْ
يَعْبُدُ الأَوْلِيَاءَ، وَبَعْضَهَا فِيمَنْ يَعْبُدُ الأَنْبِيَاءَ،
وبَعْضَهَا فِيمَنْ يَعْبُدُ المَلاَئِكَةَ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ
مُنْحَصِرَةً فِيمَنْ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ فَقَطْ؛ فَلاَ فَرْقَ بَيْنَ
المَعْبُودَاتِ، بَل الكُلُّ تَسْوِيَةُ المَخْلُوقِ بالخَالِقِ، والكُلُّ
عَدَلَ بِهِ تَعَالَى سِوَاهُ في العِبَادَةِ، فالكُلُّ شِرْكٌ، والكُلُّ
مُشْرِكُونَ. وهَذَا الخَبَرُ مِن اللهِ ذَمٌّ وَعَيْبٌ لِمَن اتَّخَذَ المَسِيحَ وأُمَّهُ إِلَهَيْنِ مِن دونِ اللهِ {قَالَ سُبْحَانَكَ} أي: تَنْـزِيهًا لَكَ عمَّا لاَ يَلِيقُ بِجَلاَلِكَ وعَظَمَتِكَ {مَا يَكُونُ لِي} يَعْنِي: مَا يَنْبَغِي لِي {أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} أَنْ أَجْعَلَ حَقَّ رَبِّ العَالَمِينَ الَّذِي لاَ يَشْرَكُهُ فِيهِ غَيْرُه لِي: {إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} وأَنْتَ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنِّي ذَلِكَ
{تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ
عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ
أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ}.
وبِذَلِكَ
انْكَشَفَتْ شُبْهَتُهُ وانْدَحَضَتْ حُجَّتُهُ وَأَنَّهُ في غَايَةِ
الجَهَالَةِ عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
وَلاَ مُنَافَاةَ بَيْنَ القَوْلَيْنِ فَإِنَّهَا
نَزَلَتْ فِيمَنْ يَدْعُو مَدْعُوًّا وَذَلِكَ المَدْعُوُّ صَالِحٌ في
نَفْسِهِ يَرْجُو رَحْمَةَ الرَّبِّ ويَخَافُ عِقَابَهُ، فَكَأَنَّ اللهَ
سُبْحَانَهُ قَالَ في الرَّدِّ عَلَيْهِم: إِنَّ مَنْ تَدْعُونَهُ عَبِيدِي
كَمَا أَنَّكُمْ عَبِيدِي، يَرْجُونَ رَحْمَتِي ويَخَافُونَ عَذَابِي،
فَيَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلُوا مِثْلَمَا تَفْعَلُ تَلْكَ الآلِهَةُ.
فَصَارُوا
عَبِيدَهُ بِثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ: بِعِبَادَتِه وَحْدَهُ، ورَجَائِهِ
وَحْدَهُ، وَخَوْفِهِ وَحْدَهُ، هَذَا هو المُوصِلُ لَهُمْ والوَسِيلَةُ
والسَّبَبُ المُوصِلُ، لاَ عِبَادَةُ سِوَاهُ مِن الأَوْلِيَاءِ
ونَحْوِهِم.
فَهَذِه الآيَةُ مِن جُمْلَةِ الأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ مِن مَعْبُودَاتِهِم الأَوْلِيَاءَ.
فَعَرَفْتَ مِن الآيَاتِ أَنَّهُ مِثْلُهُم فَبِذَلِكَ انْكَشَفَتْ شُبْهَتُهُ وانْدَحَضَتْ حُجَّتُهُ.
شرح الشيخ: محمد بن صالح العثيمين
المتن:
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (ت: 1206هـ): (فَإِنْ قَالَ: إن
هَؤلاءِ الآياتِ نَزَلَتْ فِيمَنْ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ، وَنَحْنُ لا
نَعْبُدُ الأصْنَامَ، كَيْفَ تَجْعَلُونَ الصَّالحِينَ مِثْلَ الأَصْنَامِ؟
أَمْ كَيْفَ تَجْعَلُونَ الأَنْبِيَاءَ أصْنَاماً؟
فَجاوِبْهُ بِمَا تَقَدَّمَ(1)، فَإِنَّهُ(2)
إِذا أَقَرَّ أَنَّ الكُفَّارَ يَشْهَدُونَ بِالرُّبُوبيَّةِ كُلِّها
للهِ، وَأَنَّهُم مَا أَرَادُوا مما قَصَدُوا إِلاَّ الشَّفَاعَةَ،
وَلَكِنْ أرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ فِعْلِهِمْ وَفِعْلِهِ بِمَا
ذَكَرَ.
فَاذْكُرْ
لَهُ(3) أَنَّ الْكُفَّارَ مِنْهُمْ مَنْ يَدْعُو الأَصْنامَ، وَمِنْهُمْ مَن
يَدْعُو الأَوْلياءَ الَّذِينَ قالَ اللهُ فِيهِمْ: {أُوْلَئِكَ
الَّذينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ
أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذَابَ
رَبِّكَ كانَ مَحْذُوْراً}[الإسراء: 57].
وَيَدْعُونَ عيسى ابنَ مَرْيمَ وَأُمَّهُ وَقَدْ قالَ تَعالى: {مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} الآية [المائدة: 75].
وَاذْكُرْ لَهُ قَوْلَهُ تَعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ} الآية [سبأ: 40، 41](4).
وَقَوْلَهُ تَعالى: {وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى اْبنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} الآية [المائدة: 116](5).
فَقُلْ لَهُ(6): عَرَفْتَ أَنَّ اللهَ كَفَّرَ مَنْ قَصَدَ الأَصْنَامَ، وَكَفَّرَ أَيْضاً مَنْ قَصَدَ الصَّالِحِينَ، وَقَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟).
الشرح:
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): ((1) قولُهُ: (فإنْ قالَ: هؤلاءِ) - يَعْنِي: أهلُ الشِّركِ - هذهِ الآياتُ نَزَلَتْ في المشركينَ الَّذينَ يَعْبُدونَ الأصنامَ، وهؤلاءِ الأولياءُ ليْسُوا بِأصنامٍ.
فَجاوِبْهُ
بِما تَقَدَّمَ، أيْ: بأنَّ كلَّ مَنْ عبَدَ غيرَ اللهِ فقدْ جعَلَ
مَعْبودَهُ وَثَنًا، فأيُّ فَرْقٍ بينَ مَنْ عبَدَ الأصنامَ وعبَدَ
الأنبياءَ والأولياءَ؟! إذْ إنَّ الجميعَ لا يُغْنِي شيئًا عنْ عابِدِيهِ.
(2) يَقولُ: (فَإِنَّهُ)
أيْ: هذا القائلَ، يَعْلَمُ أنَّ المُشرِكِينَ قدْ أَقَرُّوا
بالرُّبوبيَّةِ، وأنَّ اللهَ سُبحانَهُ وتعالى هوَ رَبُّ كلِّ شيءٍ
وخالِقُهُ ومالِكُهُ، ولكنَّهم عَبَدُوا هذهِ الأصنامَ مِنْ أجْلِ أنْ
تُقَرِّبَهم إلى اللهِ زُلْفَى، وتَشْفَعَ لهم، فقدْ أَقَرَّ بأنَّ
مَقْصودَهم كَمقصودِهِ، ومعَ ذلكَ لم يَنْفَعْهم هذا الاعْتِقادُ كما
سبَقَ.
(3) قولُهُ: (فاذْكُرْ لهُ...) إلخ، جوابُ قولِهِ: (فإنَّهُ إذا أقَرَّ أنَّ الكُفَّارَ...) إلخ، يَعْنِي: فاذْكُرْ لهُ أنَّ هؤلاءِ المشركينَ:
- مِنهم:مَنْ يَدْعو الأصنامَ لطلبِ الشَّفاعةِ كما أَنْتَ كذلكَ مُوافِقٌ لهم في المقصودِ.
- ومنهم:مَنْ يَعْبُدُ الأولياءَ كما أنتَ كذلكَ مُوافِقٌ لهم في المقصودِ والمعبودِ، ودَليلُ أنَّهم يَدْعُونَ الأولياءَ قولُهُ تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}، وكذلكَ يَعْبُدُونَ الأنبياءَ كِعبادةِ النَّصارَى المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، وكذلكَ يَعْبُدُونَ الملائكةَ كقولِهِ تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ}[ سبأٌ: 40 ] الآيةَ.
فتَبَيَّنَ بذلكَ الجوابُ عنْ تَلْبِيسِهِ بِكَوْنِ المشرِكِينَ يَعْبُدونَ الأصنامَ وهو يَعْبُدُ الأولياءَ والصَّالحينَ مِنْ وجْهَيْنِ:
الوجهُ الأوَّلُ: أنَّهُ لا صِحَّةَ لتَلْبِيسِهِ؛ لأنَّ مِنْ أولئكَ المشركينَ مَنْ يَعْبُدُ الأولياءَ والصَّالحينَ(1).
الوجهُ الثَّاني:
لوْ قَدَّرْنا أنَّ أولئكَ المشركينَ لا يَعْبُدُونَ إلاَّ الأصنامَ، فلا
فَرْقَ بينَهُ وبينَهم؛ لأنَّ الكلَّ عَبَدَ مَنْ لا يُغْنِي عنهُ
شيئًا(2).
(4) قولُهُ: (واذْكُرْ لهُ قولَهُ تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ}) الآيتَيْنِ. هذهِ معطوفةٌ على قولِهِ سابِقًا: (فاذْكُرْ لهُ أنَّ الكفَّارَ منهم مَنْ يَدْعُو الأصنامَ...)
إلخ، والمقصودُ مِنْ هذا أنْ يَتَبَيَّنَ لهُ أنَّ مِن الكفَّارِ مَنْ
يَعْبُدُ الملائكةَ وهمْ مِنْ خِيارِ خَلْقِ اللهِ وأوليائِهِ، فيَبْطُلُ
تَلْبِيسُهُ بأنَّ الفَرْقَ بينَهُ وبينَ الكُفَّارِ أنَّهُ هوَ يَدْعُو
الصَّالحينَ والأولياءَ، والكفَّارُ يَعْبُدونَ الأصنامَ مِن الأحْجارِ
ونَحْوِها.
(5) قولُهُ: (وقوْلَهُ تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ}) الآيةَ، أيْ: واذْكُرْ لهُ قولَهُ تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى …} لِتُلْقِمَهُ حَجَرًا في أنَّ الكفَّارَ كانوا يَعْبُدونَ الأولياءَ والصَّالِحِينَ، فلا فَرْقَ بينَهُ وبينَ أُولئِكَ الكفَّارِ.
(6) قولُهُ: (فقُلْ لهُ...)
إلخ، أيْ: قُلْ ذلكَ مُبَيِّنًا لهُ أنَّ اللهَ سُبحانَهُ وتعالى كَفَّرَ
مَنْ عَبَدَ الصَّالِحِينَ ومَنْ عبَدَ الأصنامَ، والنبيُّ صلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاتَلَهم على هذا الشِّركِ ولم يَنْفَعْهم أنْ كانَ
المَعْبودونَ مِنْ أولياءِ اللهِ وأنبيائِهِ.
حاشية الشيخ صالح بن عبد الله العصيمي على شرح ابن عثيمين
قال الشيخ صالح بن عبدالله العصيمي: ( (1) كمن يعبد الملائكة ومريم وابنها عيسى عليه الصلاة والسلام واللات.
(2) فالوقوع في الشرك غير مرتب على من صرفت له العبادة أهو صنم أو نبي، بل مجرد قصد غير الله بها هو الشرك بعينه.
شرح كشف الشبهات لفضيلة الشيخ: صالح بن فوزان الفوزان
المتن:
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (ت: 1206هـ): (فَإِنْ قَالَ: إن
هَؤلاءِ الآياتِ نَزَلَتْ فِيمَنْ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ، وَنَحْنُ لا
نَعْبُدُ الأصْنَامَ، كَيْفَ تَجْعَلُونَ الصَّالحِينَ مِثْلَ الأَصْنَامِ؟
أَمْ كَيْفَ تَجْعَلُونَ الأَنْبِيَاءَ أصْنَاماً؟
فَجاوِبْهُ بِمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّهُ
إِذا أَقَرَّ أَنَّ الكُفَّارَ يَشْهَدُونَ بِالرُّبُوبيَّةِ كُلِّها
للهِ، وَأَنَّهُم مَا أَرَادُوا مما قَصَدُوا إِلاَّ الشَّفَاعَةَ،
وَلَكِنْ أرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ فِعْلِهِمْ وَفِعْلِهِ بِمَا
ذَكَرَ.
فَاذْكُرْ
لَهُ أَنَّ الْكُفَّارَ مِنْهُمْ مَنْ يَدْعُو الأَصْنامَ، وَمِنْهُمْ مَن
يَدْعُو الأَوْلياءَ الَّذِينَ قالَ اللهُ فِيهِمْ: {أُوْلَئِكَ
الَّذينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ
أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذَابَ
رَبِّكَ كانَ مَحْذُوْراً}[الإسراء: 57].
وَيَدْعُونَ عيسى ابنَ مَرْيمَ وَأُمَّهُ وَقَدْ قالَ تَعالى: {مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} الآية [المائدة: 75].
وَاذْكُرْ لَهُ قَوْلَهُ تَعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ} الآية [سبأ: 40، 41].
وَقَوْلَهُ تَعالى: {وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى اْبنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} الآية [المائدة: 116].
فَقُلْ لَهُ: عَرَفْتَ أَنَّ اللهَ كَفَّرَ مَنْ قَصَدَ الأَصْنَامَ، وَكَفَّرَ أَيْضاً مَنْ قَصَدَ الصَّالِحِينَ، وَقَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟).
الشرح:
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: (الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا قَرَأْتَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ} وقَوْلَهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى} وَقَالَ لَكَ: هذه الآياتُ نَزَلَتْ في الَّذِينَ يَعْبُدونَ الأَصْنَامَ، وأَنَا لَسْتُ أَعْبُدُ الأَصْنَامَ، وإِنَّما أَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ بالصَّالِحِينَ، فكيف تَجْعَلُ الصَّالِحِينَ أَصْنَامًا؟!
والجَوابُ عن هذا وَاضِحٌ جِدًّا:وهو
أَنَّ اللهَ ذَكَرَ أَنَّ المُشْرِكِينَ مِنْهُم مَن يَعْبُدُ
الأَصْنَامَ، ومِنْهُم مَن يَعْبُدُ الأَوْلِيَاءَ والصَّالِحِينَ،وسَوَّى
اللهُ بَيْنَهُم في الحُكْمِ، ولَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُم، وأَنْتَ
فَرَّقْتَ بَيْنَهُم في ظَنِّكَ أَنَّ عِبَادَةَ الأَصْنَامِ لاَ تَجُوزُ،
وأَنَّ عِبَادَةَ الصَّالِحِينَ تَجُوزُ بِقَصْدِ التَّوَسُّطِ،
والدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّ اللهَ ذَكَرَ أَنْوَاعًا مِن المُشْرِكِينَ
يَعْبُدُونَ الصَّالِحِينَ، مِنْهُم مَن يَعْبُدُ المَلاَئِكَةَ.
والمَلاَئِكَةُ مِن أَصْلَحِ الصَّالِحِينَ، قَالَ تَعَالَى: {وَيَوْمَ
يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلمَلاَئِكَةِ أَهَؤُلاَءِ
إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا
مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم
مُّؤْمِنُونَ}.
وفي
يَوْمِ القِيَامَةِ يَسْأَلُ اللهُ -جَلَّ وَعَلاَ- المَلاَئِكَةَ وهو
أَعْلَمُ -سُبْحَانَه وَتَعَالَى- لَكِنْ لأَِجْلِ إِبْطَالِ حُجَّةِ
هَؤُلاءِ: {أَهَؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ}
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مِنْهُم مَن يَعْبُدُ المَلاَئِكَةَ، لكنَّ
المَلاَئِكَةَ تَتَبَرَّأُ مِنْهُم يَوْمَ القِيَامَةِ، وتَقُولُ: نَحْنُ
مَا أَمَرْنَاهُم بِذَلِكَ ولاَ رَضِينَا بذلك {سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الجِنَّ}
-يَعْنِي الشَّيَاطِينَ- فالشَّياطِينُ هي الَّتِي أَمَرَتْهُم
بِعِبَادَةِ المَلاَئِكَةِ؛ لأَِنَّ المَلاَئِكَةَ لاَ تَأْمُرُ إلاَّ
بِعِبَادَةِ اللهِ {وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِين} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مِنْهُم مَن يَعْبُدُ المَلاَئِكَةَ، والمَلاَئِكَةُ أَصْلَحُ الصَّالِحِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِيهِم: {بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} ومنهم مَن يَعْبُدُ الأَنْبِيَاءَ والصَّالِحِينَ كالمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ وأُمِّه.
وإِذَا
بَطَلَ التَّوَسُّلُ بالمَلاَئِكَةِ والأَنْبِيَاءِ؛ ودُعَاؤُهُم مِن دونِ
اللهِ، بَطَلَ التَّوَسُّلُ بِغَيْرِهِم مِن الصَّالِحِينَ ودُعَاؤُهُم
مِن دونِ اللهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ
اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إلاَّ
لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ
فِيمَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ
كَاذِبٌ كَفَّارٌ}لأَِنَّ الوَاجِبَ إِخْلاَصُ العِبَادَةِ للهِ
-عَزَّ وَجَلَّ- بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا مِن الدُّعَاءِ والذَّبْحِ
والنَّذْرِ وغَيْرِ ذَلِكَ.
فَمَنْ ذَبَحَ لغَيْرِ اللهِ وَدَعَا غَيْرَ اللهِ كَانَ مُشْرِكًا خَارِجًا مِن الدِّينِ.
شرح الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ
المتن:
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (ت: 1206هـ): (فَإِنْ قَالَ: إن
هَؤلاءِ الآياتِ نَزَلَتْ فِيمَنْ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ، وَنَحْنُ لا
نَعْبُدُ الأصْنَامَ، كَيْفَ تَجْعَلُونَ الصَّالحِينَ مِثْلَ الأَصْنَامِ؟
أَمْ كَيْفَ تَجْعَلُونَ الأَنْبِيَاءَ أصْنَاماً؟
فَجاوِبْهُ بِمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّهُ
إِذا أَقَرَّ أَنَّ الكُفَّارَ يَشْهَدُونَ بِالرُّبُوبيَّةِ كُلِّها
للهِ، وَأَنَّهُم مَا أَرَادُوا مما قَصَدُوا إِلاَّ الشَّفَاعَةَ،
وَلَكِنْ أرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ فِعْلِهِمْ وَفِعْلِهِ بِمَا
ذَكَرَ.
فَاذْكُرْ
لَهُ أَنَّ الْكُفَّارَ مِنْهُمْ مَنْ يَدْعُو الأَصْنامَ، وَمِنْهُمْ مَن
يَدْعُو الأَوْلياءَ الَّذِينَ قالَ اللهُ فِيهِمْ: {أُوْلَئِكَ
الَّذينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ
أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذَابَ
رَبِّكَ كانَ مَحْذُوْراً}[الإسراء: 57].
وَيَدْعُونَ عيسى ابنَ مَرْيمَ وَأُمَّهُ وَقَدْ قالَ تَعالى: {مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} الآية [المائدة: 75].
وَاذْكُرْ لَهُ قَوْلَهُ تَعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ} الآية [سبأ: 40، 41].
وَقَوْلَهُ تَعالى: {وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى اْبنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} الآية [المائدة: 116].
فَقُلْ لَهُ: عَرَفْتَ أَنَّ اللهَ كَفَّرَ مَنْ قَصَدَ الأَصْنَامَ، وَكَفَّرَ أَيْضاً مَنْ قَصَدَ الصَّالِحِينَ، وَقَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟).
الشرح:
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ: ( (فإن قال: هؤلاء الآيات نزلت فيمن يعبد الأصنام، كيف تجعلون الصالحين مثل الأصنام؟ أم كيف تجعلون الأنبياء أصناماً؟!).
قال: (فجاوبه بما تقدم، فإنه إذا أقر أن الكفار يشهدون بالربوبية كلها): إلى آخر كلامه.
يعني بقوله: (فجاوبه بما تقدم) ما قدمه في المقدمات فيما سبق.
وقوله: (فإنه) هذا تفصيل لذلك الجواب.
قال: (إذا أقر أن الكفار يشهدون بالربوبية كلها لله).
فأول إبطال لقولهم أن
يقام عليه حال الكفار مع الربوبية، والله -جل وعلا- بين لنا أن أفراد
توحيد الربوبية، كان الكفار يقرون بها، فلما كان الكفار مقرين بتوحيد
الربوبية كان شركهم جائياً من جهة توحيد الإلهية، وقد بين ذلك -جل وعلا- في
آيات كثيرة:
- كقوله جل وعلا: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}.
-وكقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}.
-وكقوله: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء} الآية.
- وكقوله: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ}
الآيات، وكقوله في الآيات التي في أول الجزء، في النمل، والآيات ذكرناها
وهي كثيرة في بيان إقرار المشركين بالربوبية، إذا كان كذلك وأقر بهذا، فإن
جزءاً من شبهته قد زال، حتى يعلم أن شرك مشركي العرب لم يكن من جهة
اعتقادهم أن هذه الأصنام تخلق، أو قادرة على الاختراع، أولها نصيب في
الملك.
فإذا كان كذلك نقول: هم - من هذه الجهة - أرادوا من الأصنام هذه الشفاعة؛ كما قال جل وعلا: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}.
- وكقوله جل وعلا: {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}.
- وكقوله جل وعلا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}.
فإذاً: المشركون لهم اعتقاد في إلهية هذه الأصنام، ويرون أنهم إنما يتقربون إليها لأجل التوسط، لأجل الشفاعة، فهذا برهان ثانٍ.
فالبرهان الأول على هذه الشبهة: حال المشركين مع إقرار الربوبية.
والبرهان الثاني في
الرد على هذه الشبهة: بيان أنهم مع الأصنام ما قصدوا إلا التوسط والشفاعة؛
لأن الله -جل وعلا- بين لنا أنهم لا يعتقدون في الأصنام أنها تخلق وترزق
وتأتي بالمطر وتسير الرياح إلى آخر ذلك، بل إنما قصدوا منها الشفاعة واتخاذ
الأصنام وسائط.
البرهان الثالث: ما ذكره الشيخ بعد ذلك بقوله: (ولكن إذا أراد أن يفرق بين فعلهم وفعله بما ذكره، فاذكر له أن الكفار منهم من يدعو الأصنام، ومنهم من يدعو الأولياء) كما أسلفنا أن عبادة المشركين لغير الله، كانت متجهة إلى أربعة أنواع، ذكرناها لكم فيما سبق، وتلخيصها: -أنهم عبدوا الأصنام المصورة، وعبدوا الملائكة، وعبدوا الأنبياء والأولياء، وعبدوا الأشجار، والأحجار، يعني اعتقدوا فيها وعبدوها.
فهذه
جملة الأنواع، ويدخل في الأشجار والأحجار عبادة الشمس والقمر والكواكب؛ لأن
لها نصيباً من كونها أحجاراً، ويدخل في عبادة النوع الثاني أصناف، ويدخل
في النوع الأول أصناف، إلى آخره.
فإذاً:لم تكن عبادة العرب منصبة على نوع واحد.
إذا أراد الدليل فنقول له: من جهة أن العرب وغير العرب من المشركين والكفار عبدوا أنبياء وعبدوا صالحين، فالآيات في هذا كثيرة:
-كقوله جل وعلا: {مَّا
الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ
الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ}.
-وكقوله جل وعلا: {وَيَوْمَ
يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ
إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ
وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ}.
-وكقوله جل وعلا: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}.
-وكقوله جل وعلا: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}.
-وكقوله جل وعلا: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} على القراءة: {اللَّاتَ وَالْعُزَّى} وهو رجل صالح كان يلت السويق، فمات فعكفوا على قبره.
إذاً: فنجمع لهم الآيات التي هي صريحة في أن الصالحين عُبِدوا.
ثم
الدرجة الثانية من هذا البرهان الثالث: أن نقول: في القرآن أيضاً بيَّن -جل
وعلا- أن الذين عبدهم المشركون كانوا أمواتاً غير أحياء، كما قال -جل
وعلا- في سورة النحل، في ذكر الحجاج مع المشركين، قال في وصف الآلهة: {لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} فهذه الآية فيها بيان أن الذين عبدهم المشركون والكفار من العرب كانوا لا يخلقون شيئاً؛ وهم يخلقون، وأنهم أموات غير أحياء.
ومعنى قوله: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ}
أنهم الآن ليسوا على وصف الحياة بل هم على وصف الموت، وهذا يعني: أنهم
كانوا قبل هذا الوصف أحياء؛ لأن الذي يوصف بأنه ميت هو من كان حياً، قال
-جل وعلا- هنا: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} ثم أكد ذلك بقوله: {وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} يعني: ما يشعرون متى يبعث، والذي يبعث هو الميت الذي يوصف بأنه كان حياً فمات.
وهذا
واضح في خروج الجمادات والأصنام عنها، الذي يُبعث ذووا النفوس، الجن والإنس
والحيوان، وهنا معلوم أن المقصود من عُبد منَ الإنس، فإذا كان كذلك بطل
ادعاء أن العرب إنما عبدت أصناماً لها وصف الحجارة فقط، وقد ذكرنا لكم لِمَ
تعلقَ العربُ ومن قبلهم بالأصنام؟.
لأنهم يعتقدون أن هذا الصنم الذي هو مصور على هيئة صورة ما، تحله روح-أو
كما يقولون- روحانية تلك الصورة، فإذا كانت الصورة صورة بشرٍ حلت فيه حين
الخطاب، وإذا كانت الصورة صورة كوكبٍ، حلت فيه روحانية الكوكب حين الخطاب،
وإذا كانت الصورة صورة ملك، حضر الملك حين الخطاب، وهكذا فيما يزعمون.
وكل
الذين يحضرون ويخاطبونهم -وهم صادقون- حين يقولون: خاطبنا الصنم فخاطبنا،
وكلمناه فكلمنا، وسألناه فأجابنا، ولكن لم تجبهم الأرواح الطيبة، وإنما
أجابتهم الأرواح الخبيثة، أرواح الشياطين والجن.
ولهذا قال -جل وعلا- في آية سبأ: {بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} يعني: أن الحقيقة أن الذي خاطبهم وأوقعهم في هذا إنما هم شياطين الجن، وقد قال جل وعلا: {أَلَمْ
أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ
إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ
مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ
تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} وكان إضلال الشيطان ليس من جهة الشهوات فحسب؛ بل هو في أعظم إضلال، وهو في عبادة غير الله جل وعلا.
إذاً: جواب هذه الشبهة ترتب على ثلاثة أنواع من البراهين مرتبة:
الأول:في أن إقرار المشركين بالربوبية على وجه التفصيل، وتسوق الآيات.
الثاني:أنهم ما أرادوا ممن عبدوهم - ولو كانت الأصنام - إلا التوسط والشفاعة، كما هي الآيات.
الثالث:أن
الآيات فيها ذكر أن تلك المعبودات لم تكن أصناماً فحسب، بل كانت تلك
المعبودات من البشر والملائكة والجن، يعني أن غير الله -جل وعلا- عبد بجميع
أنواع غير الله، فعبدت الملائكة، وعبد الصالحون، وعبد الأولياء، وعبد
الأنبياء.
إذا تبين ذلك واتضح، فنأتي إلى خاتمة هذا البرهان، قبل أن نمشي مع كلام الإمام رحمه الله تعالى.
فنقول:
إن هذا البرهان، ورَدَّ هذه الشبهة بما ذكرنا واضح، ولكن يبقى نتيجته، وهو
فهم معنى التوسط، وفهم معنى التوسل، وفهم معنى الشفاعة، وهذا سيأتي في
جواب الشيخ، أو في تكملة كلام الشيخ رحمه الله.
لكن
المقدمة قبل هذا: أنه إن سلّم بهذه البراهين الثلاثة مرتبة، فانتقل معه إلى
الكلام على الشفاعة، ولا تتكلم في الشفاعة قبل هذه البراهين؛ لأن الكلام
في الشفاعة الشبهُ القوليةُ فيه والعملية والنقلية كثيرة، فيحتاج إلى محكم،
وإلى واضح، حتى يُرْجَع إليه عند الاختلاف.
فإذاً:حين الحجاج مع المشركين، يقدم لهم إذا قالوا إن الأولين ماعبدوا إلا الأصنام، البراهين الثلاثة ولا يُتكلم في الشفاعة إلا بعدها.
ما معنى الشفاعة؟ وكيف توسلوا هم ؟ ومعنى التوسل ؟ وماشابه ذلك.
العناصر
بيان
الشبهة الثانية: وهي قولهم: هذه الآيات نزلت فيمن يعبد الأصنام- أراد
المشبه أن يفرق بين من يعبد الأصنام ومن يعبد الصالحينكشف الشبهة الثانية - إقرار المشركين الأولين بتوحيد الربوبية
- بيان أن المشركين الأولين إنما أرادوا الشفاعة
- من الكفار من كان يعبد الأصنام ومنهم من كان يعبد الأولياء والصالحين
- الأدلة على أن من المشركين من كان يعبد الأنبياء والملائكة والأولياء
- بطلان دعوى أن العرب إنما عبدوا الأصنام فقط
- بيان سبب تعلق مشركي العرب ومن قبلهم بالأصنام
- توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية
- تنزيل الصالحين منازلهم ليس هضماً لهم
- لا فرق بين من عبد الأصنام ومن عبد الأولياء والصالحين
- الواجب إخلاص العبادة لله تعالى وحده
- بيان أن قصد الصالحين رجاء شفاعتهم هو شرك الكفار سواء بسواء
- الله تعالى كفَّر من قصد الأصنام ومن قصد الصالحين وقاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم
بيان الشبهة الثالثة وهي قوله: ... أنا...لا أريد منهم...ولكن أقصدهم أرجو من الله شفاعتهم
الأسئلة
س1: ما هي الشبهة الثانية؟ واذكر جوابها.