باب التاءات
قال الحافظ محمد بن محمد ابن الجزري (ت: 833هـ) : (باب التاءات
وَرَحْمَـتُ الـزُّخْـرُفِ بالـتَّـا زَبــرَهْ ... الاَعْـرَافِ رُومٍ هُـودِ كَـافِ الْبَـقَـرَهْ
نِعْمَـتُ هَـا ثَـلاَثُ نَـحْـلٍ إِبْـرَهَـمْ ... مَعـاً أَخِيـراتٌ عُقُـودُ الثَّـانـيِ هُــمْ
لُقْـمَـانُ ثُــمَّ فَـاطِـرٌ كَـالـطُّـورِ ... عِـمْـرَانُ لَعَـنـتَ بِـهَـا وَالـنُّـورِ
وَامْـرَأَتُ يُوسُـفَ عِمْـرَانَ الْقَـصَـصْ ... تَحْرِيْـمَ مَعْصِيَـتْ بِقَـدْ سَمِـعْ يُخَـصْ
شَجَـرَتَ الـدُّخَـانِ سُـنَّـتْ فَـاطِـرِ ... كُـلاً وَالاَنْـفَـالِ وَحَــرْفَ غَـافِـرِ
قُـرَّتُ عَيْـنٍ جَنَّـتٌ فِــي وَقَـعَـتْ ... فِطْـرَتْ بَقِيَّـتْ وَابْـنَـتٌ وَكَلِـمَـتْ
أَوْسَـطَ الاَعْـرَافِ وَكُـلُّ مَـا اخْتُلِـفْ ... جَمْعـاً وَفَـرْداً فِيْـهِ بالـتَّـاءِ عُــرِفْ
الدقائق المحكمة لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري
قال الإمام زكريا بن محمد بن أحمد الأنصاريِّ السُّنَيْكِيِّ (ت: 926هـ) : (المتن:
(94) وَرَحْمَتُ الزُّخْرُفِ بالتَّا زَبرَهْ = الاَعْرَافِ رُومٍ هُودِ كَافِ الْبَقَرَهْ
(95) نِعْمَتُ هَا ثَلاَثُ نَحْلٍ إِبْرَهَمْ = مَعاً أَخِيراتٌ عُقُودُ الثَّانيِ هُمْ
(96) لُقْمَانُ ثُمَّ فَاطِرٌ كَالطُّورِ = عِمْرَانُ لَعَنتَ بِهَا وَالنُّورِ
(97) وَامْرَأَتُ يُوسُفَ عِمْرَانَ الْقَصَصْ = تَحْرِيْمَ مَعْصِيَتْ بِقَدْ سَمِعْ يُخَصْ
(98) شَجَرَتَ الدُّخَانِ سُنَّتْ فَاطِرِ = كُلاً وَالاَنْفَالِ وَحَرْفَ غَافِرِ
(99) قُرَّتُ عَيْنٍ جَنَّتٌ فِي وَقَعَتْ = فِطْرَتْ بَقِيَّتْ وَابْنَتٌ وَكَلِمَتْ
(100) أَوْسَطَ الاَعْرَافِ وَكُلُّ مَا اخْتُلِفْ = جَمْعاً وَفَرْداً فِيْهِ بالتَّاءِ عُرِفْ
_________________________
وزَبْرُ أيضًا بالتَّاءِ: {رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] في "الأعرافِ" – بالنَّقلِ والاكْتفاءِ بحركةِ اللاَّمِ عن همزةِ الوصْلِ -.
وفي "روم" أي: في "الرومِ" و "هودٍ" قولُهُ تعالى: { فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الروم: 50]، وقولُهُ في "هود": { رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: 73]، و {رَحْمَتُ رَبِّكَ} [مريم: 2] في "كاف" أي "كهيعص". و {رَحْمَتُ اللهِ} [البقرة: 218]. وما عدا هذهِ السبعةَ، تُرسَمُ بالهاءِ.
وأبو
عمرٍو، وابنُ كثيرٍ، والكِسائيُّ يَقِفُون بالهَاءِ كسَائِرِ الهاءاتِ
الدَّاخِلَةِ على الأسماءِ. كـ: فاطمةَ، وقائمةَ، وهيَ لُغةُ قريشٍ.
والبَاقونَ يقفونَ بالتَّاءِ تغليبًا لجانِبِ الرَّسْمِ. وهي لُغةُ طيِّءٍ وحِمْيَرٍ.
واخْتَلَفُوا
في التَّاءِ المَوْجُودةِ في الوَصْلِ والهاءِ المَوْجودةِ في الوقْفِ؛
أيَّتُهمَا الأصلُ للأُخْرى؟ فذهبَ سيبويه، وجماعةٌ بجريَانِ الإعرابِ
عليهَا دونَ الهاءِ، وبأنَّ الوصْلَ هو الأصلُ، والوقفُ عارِضٌ.
قالوا: إنَّما أُبدِلَتْ هاءً في الوقفِ فَرْقًا بينَها وبينَ تاءِ التَّأنيثِ في عِفْرِيتٍ، ومَلَكُوتٍ.
وقال ابنُ كَيْسَانَ: بل فرقًا بينها وبيْنَ تاءِ التَّأنيثِ اللاَّحقَةِ للفعلِ. نحو: خرجْتُ، وضربْتُ.
وذهبَ
آخرونَ إلى أنَّ الهاءَ هي الأصْلُ، ولهذا سُمِّيَتْ هاءَ التَّأنيثِ لا
تاءَ التَّأنيثِ. وإنَّما جَعَلوها تاءً في الوَصْلِ؛ لأنَّها حينئذٍ
تَتَعاقبُهَا الحركاتُ.. والهاءُ ضعيفةٌ تشبِهُ حروفَ العلَّةِ
بخَفَائِهَا. فَقَلبُوها إلى حَرْفٍ يُناسِبُهَا، مع كَوْنِهِ أقْوَى
منهَا، وهُوَ التَّاءُ.
تاءُ "نعمةَ" و "لعنةَ" المَبسُوطَةُ
(95) وزُبِرَ أيضًا – أي كُتِبَ – "نَعْمَتَها" أي: "البقرة" من قولِهِ تعالى فيهَا": {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ}[البقرة: 231]، و (نِعْمَةَ اللهِ).
"ثلاثٌ" أخيراتٌ في "نحلٍ" مِنْ قولِهِ تعالى: {وَبِنِعْمَةِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} [النحل: 72]، و {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللهِ ثُمَّ} [النحل 83]، و{وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ}[النحل: 114].
ونعمتُ اللهِ في "إبرهم" أي "إبراهيم" "معًا". أي موضعينِ منها أَخيريْنِ هُمَا: {بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا} [إبراهيم: 28]، و {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا}[إبراهيم: 34].
فقولِهِ: "أُخَيْرَاتٌ". صفةٌ لثلاثٍ "النَّحل"، وموضعيْ "إبراهيم" احترازًا عمَّا في أوَّلِهِمَا.
وَزَبَرَ
بالتَّاءِ "نَعْمَتَ اللهِ" في "عُقُودٍ" أي في سورةِ "المائدةِ"
"الثَّاني" أي في ثاني العُقودِ الذي فيهِ "هم" من قولِهِ تعالَى": {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْهَمَّ قَوْمٌ أَنْ} [المائدة: 11]. وفي نسخةٍ بَدَلَ "هُمْ" "ثَم" أي هُنَا:
(96) وزَبَرَ بالتَّاءِ نَعْمَتَ في "لقمانَ ثُمَّ في فاطرٍ كالطُّورِ عمرانَ" أي: كَمَا في "الطورِ"، و "آلِ عِمْرَانَ" من قولِهِ تعالى في الأولى: { الْفُلْكَ تَجْري في الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللهِ}[لقمانُ: 31]، وفي الثانيةِ والرابعةِ {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ}[فاطر: 3، وآل عمران: 103]، وفي الثالثةِ { فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِرَبِّكَ} [الطور: 29]. وما عدا هذه الإحدى عشْرَةَ مرسومٌ بالهاءِ.
وزَبَرَ بالتَّاءِ "لَعْنَتَ بها" أي: بـ "آلِ عمرانَ"، و "النورِ" مِن قولِه تعالى في الأُولَى: {فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبينَ} [آل عمران/: 61]، ومِن قولِهِ في الثَّانيةِ: {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ}[النور: 7]. وما عدَاهُمَا مرسومٌ بالهاء.
تاءُ "امرأةٍ" "معصيةٍ" المَبْسوطَةُ وَامْرَأَتُ يُوسُفَ عِمْرَانَ الْقَصَصْ = تَحْرِيْمَ مَعْصِيَتْ بِقَدْ سَمِعْ يُخَصْ
(97) وزَبَرَ أيضًا بالتَّاءِ "امرأتَ" إذا أُضيفَتْ إلى زَوْجِهَا. وذلكَ في قولِهِ تعالى: {امْرَأَةُ الْعَزِيزِ} بِمَوْضِعَيْ "يوسُفُ"، وفي قولِهِ: {امْرَأَةُ عِمْرَانَ}، وفي قولِهِ: {امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ}في "القَصَصِ"، وفي قولِهِ: {امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ} (97)، و {امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ}(97) في "تحريمٍ" أي: "التَّحريمِ".
وما عدا هذه السبعةَ مرسومٌ بالهاءِ.
وزَبَرَ بالتَّاءِ "معصيَتَ" مِن قولِهِ تعالَى: { وَمَعْصيَةِ الرَّسُولِ} [الْمُجَادَلَةُ: 8-9] في موضعيْنِ بـ "قَدْ سَمِعَ". يُخَصُّ ذلكَ.
تاء "شجرة" و "سنة" المبسوطة
شَجَرَتَ الدُّخَانِ سُنَّتْ فَاطِرِ = كُلاً وَالاَنْفَالِ وَحَرْفَ غَافِرِ
(98) وزبَرَ بالتَّاءِ "شَجَرَتَ" مِن قولِهِ تعالى: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ} [الدخان: 43]في "الدُّخَان".
و "سُنَّتْ" – بإسكانِ التاءِ – مِن قولِهِ تعالَى: { لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيلاً} [فاطر: 43] في "فاطرٍ".
"كلاَّ" أي حالةُ كلٍّ منهَا في "فاطرٍ"، ومِن قولِهِ تعالَى: { سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} [الأنفال: 38]، ومِن قَوْلِهِ تعالَى: { سُنَّةَ اللهِ الَّتي قَدْ خَلَتْ} [غافر: 85] في "حرفِ غافرٍ". أي آخرِهَا.
وفي نسخةٍ "وآخرِ غافرٍ".
تاءُ (قُرَّةُ – جنَّةُ – فطرةُ – بقيةُ – ابنةُ – كلمةٌ) المبسوطَةُ
قُرَّتُ عَيْنٍ جَنَّتٌ فِي وَقَعَتْ = فِطْرَتْ بَقِيَّتْ وَابْنَتٌ وَكَلِمَتْ
(99) وزبَرَ بالتَّاءِ { قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ}[القصص: 9] وجنَّةَ من قولِهِ: {وَجَنَّتَ نَعِيمٍ}"في" إذا "وَقَعَتْ".
و "فِطْرَةَ" في قولِه تعالَى: {فِطْرَتَ اللهِ} [الرومُ: 30].
و "بقيَّةَ" في قولِهِ تعالى: {بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ}[هود: 86].
و "ابنةَ" من قولِهِ تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ} [التحريم: 12]
و "كلمةً" مِن قولِهِ تعالَى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى} [الأعراف: 137] في أوسطِ الأعرافِ.
(100)"وكلُّ ما اخْتُلِفَ جمعًا وفردًا في بالتَّاءِ عُرِفَ" أي رُسِمَ بِهَا. وذلك في قولِهِ تعالى: {آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7]. قرأهَا ابنُ كثيرٍ بالتَّوحيدِ،
والباقون بالجمعِ.
وفي قولهِ تعالَى فيها أيضًا: {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ} [يوسف: 10]، {أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ}[يوسف: 15] قرأَهُما نافِعٌ بالجمعِ، والباقونَ بالتَّوحيدِ.
وفي قولِهِ تعالَى: { لَوْلاَ أُْنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ } [العنكبوت: 50]. قرأهَا ابنُ كثيرٍ، وشُعبةُ، وحمزةُ، والكسائيُّ، بالتَّوحيدِ والباقون بالجمعِ.
وفي قولِهِ تعالى: { وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ ءَامِنُونَ }[سبأ: 37]. قرأَها حمزةُ بالتَّوحيدِ، والباقون بالجمعِ.
وفي قولِهِ تعالَى: {فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ}[فاطر: 40]. قرأها نافعٌ، وابنُ عامرٍ، وشُعبةُ، والكِسائيُّ بالجمعِ، والباقون بالتَّوْحيدِ.
وفي قولِهِ: {جِمَالَةٌ صُفْرٌ}[المرسلات: 33]. قرأَهَا حفصٌ، وحمزةُ والكسائيُّ
بالتَّوحيدِ، والباقون بالجمعِ.
وفي قولِهِ: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً} [الأنعام: 115]. قرأَها عاصمٌ وحمزةُ، والكسائيُّ بالتَّوحيدِ، والباقونَ بالجمعِ.
وفي قولِهِ: {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} [يونس: 33]. قرأها نافعٌ، وابنُ عامرٍ بالجمع. والباقون بالتَّوحيد. واخْتَلَفَت المصاحِفُ في ثاني "يونُسَ": {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُون}[يونس: 96].
وفي قولِهِ في "الطَّوْل": { وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} [غافر: 6]. والقياسُ فيهما
بالتَّاءِ. قرأَهما نافعٌ، وابنُ عامرٍ بالجمعِ، والباقون بالتَّوحيدِ.
المنح الفكرية لنور الدين علي بن سلطان محمد القاري
قال الإمام نور الدين علي بن سلطان محمد القاري
(ت:1014هـ): ( (وَرَحْمَتُ الزخرفِ بالتازبره) برفعِ رحمت، ونصبِها، أي: رسمُ عثمَانَ رَضِيَ اللهُ عنه أو كَتَبَ أهلُ الرسمِ بالتاءِ المجرورةِ لفظَ {رَحْمَتُ} في سورةِ الزخرفِ، وكذا (في الأعرافِ رُومَ هُودَ كافَ البقرةَ)
بحذفِ العاطفِ في الكُلِّ، للوزنِ، وبالنقلِ والاكتفاءِ بحركةِ اللامِ عن
همزةِ الوصلِ في الأعرافِ، وضبطَ هودَ وكافَ بالفتحِ، لأنَّهما اسما
سورتينِ، وأمَّا قولُ الروميِّ: وإضافةُ الأعرافِ إلى الرومِ والكافِ إلى
البقرةِ لفظًا لأدنى مُلابسةٍ فمحمولٌ على عدمِ الملاحظةِ لما قدَّمْنَاه
مِن حُسْنِ المقابلةِ.
ثمَّ
اعلمْ أنَّ هاءَ التأنيثِ في المصحفِ الكريمِ ينقسمُ إلى مارُسِمَ بالهاءِ،
وهو المُسَمَّى بالتاءِ المربوطةِِ، وإلى ما رُسِمَ بالتاءِ، وهو
المُسَمَّى بالتاءِ المجرورةِ، فأمَّا مارُسِمَ بالهاءِ، فإنَّ الوقفَ
عليها بالهاءِ، ممَّا اتَّفَقَ عليه القُرَّاءُ، وهو المُوَافِقُ لقاعدةِ
الكتابةِ العربيَّةِ، وأمَّا ما رُسِمَ بالتاءِ فإنَّه ممَّا اخْتُلِفَ في
الوقفِ عليهَ، فابنُ كثيرٍ، وأبو عمرٍو والكِسَائِيُّ يَقِفُونَ بالهاءِ،
كسائرِ الهاءاتِ الداخلةِ على الأسماءِ، من نحوِ فاطمةَ، وقائمةٍ؛ إجراءً
لهاء التأنيثِ على سَنَنٍ واحدٍ، وهي لغةُ قريشٍ، ويترتَّبُ عليه أيضًا
إمَالةُ الكِسَائِيِّ، وكذا جوازِ الرَّوْمِ والإشمامِ، وعَدَمِهما
للكُلِّ، والباقونَ يقفونُ بالتاءِ تغليبًا لجانبِ الرسمِ، وهي لغةُ
طيِّئٍ، فلابدَّ للقارئِ مِن مَعْرفةِ ما رُسِمَ بالتاءِ والهاءِ؛
لتَحَرِّي في جميعِهما بالصوابِ في الأداءِ، وقد خَصَّ الناظمُ ما رُسِمَ
من ذلكَ بالتاءِ لِقَلَّتِه يُعْرَفُ ما عدَاها بكثرتِه، ومجموعُ ما ذكرَه
مِن {رَحْمَتَ} سبعةٌ؛ لأنَّهَا في الزخرفِ موضعانِ {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} و {رَحْمَتُ رَبِّكَ خيرٌ ممَّا يجمعُونَ}، والعمومُ يُفْهَمُ مِنْ إطلاقِ الناظمِ ومِن الإضافةِ الجنسيَّةِ، وفي الأعرافِ: {إنَّ رَحْمَتَ اللهِ قريبٌ مِن المُحْسِنِينَ}وفي الرومِ {فانظرْ إلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ}، وفي هودٍ {رَحْمَتُ اللهِ وبركاتُه} وفي مريمَ {ذِكْرُ رحمتِ رَبِّكَ} وفي البقرةِ {أولئكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ } وما عدا هذه السبعةَ بالهاءِ، نحوُ قولِه تعالى: {لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللهِ}.
(نعمتُها ثلاثُ نحلَ إبرَهَمَ)
بفتحِ الراءِ والهاءِ بلا ألفٍ لغةٌ في إبراهيمَ كما صرَّحَ به صاحبُ
القاموسِ، فلا يحتاجُ إلى قولِ برهانِ الدينِ الحَلَبيِّ في شرحِه
للمقدِّمَةِ: حُذِفَ منه الألفُ والياءُ؛ لأنَّه اسمٌ أعجميٌّ، والعربُ إذا
عَرَّبَتْهُ تُخَالِفُ بينَ ألفاظِه للخفَّةِ وينضمُّ إلى ذلكَ ضرورةُ
الوزنِ / ا.هـ. وفي جعلِه مُعَرَّبًا نظرٌ لا يَخْفَى، والمرادُ به سورتُه،
و (ثلاثٌ) بالرفعِ عطفٌ على (نعمتُها) بحذفِ العاطفِ، والمفهومُ من
كَلاَمِ الشيخِ زكريَّا أنَّهُما منصوبانِ حيثُ قالَ: وزبرُ بالتاءِ أيضًا
نعمتُها ولا يصحُّ قولُ الروميِّ إنَّه نُصِبَ على الظرفيَّةِ؛ إذ ليسَ في
الكَلاَمِ ما يصلحُ أنْ يكونَ ظرفًا لهَ، وجعلُه ظرفًا لقولِ (نعمتِها)
مُخِلٌّ بالمعنى، لأنَّ ضميرَ (نعمتِها) راجعٌ إلى البقرةِ.
والحاصلُ أنَّ لفظَ (نِعْمَتُ) رُسِمَ بالتاءِ في أحدَ عشرَ موضعًا في البقرةِ {واذكرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُم وما أَنْزَلَ عَلَيْكُم} وفي النحلِ ثلاثُ مواضعَ {وبِنِعْمَتِ اللهِ همْ يَكْفُرُونَ} و {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ}و {واشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ} وفي إبراهيمَ موضعانِ {بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْرًا} و {إنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوهَا}
وإليهما أشارَ بقولِه (معًا أُخَيْرَاتَ عقودُ الثانِ هُمْ) ضُبِط أخيرات
بالنصب، على الحالينِ من مجموعِ (ثلاثُ النحلِ) (مَوْضِعَي إبراهيمَ)
احترازًا عن أوائلِ النحلِ وأَوَّلِ إبراهيمَ، وبالرفعِ على أنَّهُ خبرُ
مبتدأٍ محذوفٍ، أي: وهنَّ أُخَيْرَاتٌ، وقالَ ابنُ المصنِّفِ: أُخَيْرَاتٌ
صفةٌ لثلاثِ النحلِ وموضعي إبراهيمَ الْأَخِيرَيْنِ/ ا.هـ. ولا يخفى أنَّ
الأخيرينِ في قولِه ليسَ في مَحَلِّه، واحْتُرِزَ به عَمَّا في أوَّلِ النحلِ: {وإنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوهَا} وعمَّا في أَوَّلِ إبراهيمَ: {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ}،
ثمَّ ضبَطَ قولَه (عقودُ الثان) بضمِّ الدالِ وفتحِها، والضمُّ هو الأتمُّ
على أنَّهُ عطفٌ على (ثلاثٌ) والمرادُ بالعقودِ سورةُ المائدةِ، ووقعَ
(نِعْمَتُ) فيها في موضعينِ، والمرادُ هنا هو الثاني المَقْرُونُ (بهمَّ)
بتشديدِ الميمِ الساكنِ وقفًا أي بقولِه: (همَّ) يعني في قولِه: {اذكرُوا نَعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إذ هَمَّ قومٌ}
وأمَّا مَا في نُسْخَةٍ بَدَلَ (هَمَّ ) (ثَمَّ) بفتحِ المثلثةِ، أي:
هناكَ كما نقلَه الشيخُ زكريَّا فهوُ تصحيفٌ للمبنى، وتحريفٌ للمعنى،
وأغربُ مِن هذا ما ذكرَه اليمنيُّ مِن أنَّ في بعضِ النسخِ (ثُمَّ) بضمِّ
الثاءِ أي: ثُمَّ لقمانُ (لقمانُ , ثمَّ فاطرٌ كالطُّورِ) برفعِ لقمانَ
وفاطرٌ، وفي نسخةٍ بِنَصْبِهِمَا على مِنْوالِ ما سبقَ في (عقودُ )، ولعلَّ
وجهَ النصبِ على نزعِ الخافضِ، أو على أنَّهُ مفعولٌ (زبر) كمَا تَقَدَّمَ
وكذا قولُه: (عمرانُ لعنةٌ بها والنورِ) إلا أنَّ قولَه: لعنةٌ مبتدأٌ
منقطعٌ عمَّا قبلَه (والنوُر) مجرورٌ عطفًا على ضميرِه المجرورِ في (بها)
الراجعِ إلى (عمرانَ) المرادُ به سورتُه مِن غيرِ تأكيدٍ بالمنفصلِ، على
مذهبِ البعضِ مِن الكوفيينَ، وجمعٍ من البصريِّينَ، وهو مختارُ
المُتَأَخِّرينَ من القُرَّاءِ والمفسِّرينَ، كما حقَّقْنَاه في حاشيَّةِ
الجلالينِ، عندَ قولِه تعالى: {تَسَاءَلُونَ بِه والْأَرْحَامِ } حيثُ قرأَ حمزةُ بالجرِّ والحاصلُ أنَّهُ في لُقْمَانَ عندَ قولِه تعالى: {في البحرِ بِنِعْمَتِ اللهِ} وفى فاطرٍ {نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هلْ مِن خالقٍ غيرُ اللهِ} وفي الطورِ: {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ} وفي آلِ عمرانَ {واذكرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إذ كُنْتُم أعداءً}
مكتوبٌ بالتاءِ المجرورةِ، ولم يُرَتِّبْ بينَ السورِ للضرورةِ، وما عدا
هذه المواضعَ المذكورةَ فكُلُّ (نعمةٍ) بالهاءِ مسطورةٌ، نحوُ قولِه: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}.
ثمَّ أخبرَ أنَّ لفظَ (لَعْنَتِ) مرسومٌ بالتاءِ في موضعينِ في آلِ عمرانَ: {فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ على الكاذبينِ}، وفي النورِ {والْخَامِسَةُ أنَّ لعنتَ اللهِ عليهِ}،
هذا وعبارةُ الناظمِ قاصرةٌ على المرادِ بما في سورةِ آلِ عمرانَ حيثُ
أطلقَها ولم يُقَيِّدْ بما يُفْهِمُ المقصودَ منها؛ إذ جاءَ فيها أيضًا {أُوَلِئَكَ جَزَاؤُهُمْ أنَّ عليهم لَعْنَةَ اللهِ}
وهوُ بالتاءِ المربوطةِ، فليسَ المرادُ عمومَ مافيها كما سبقَ في (رحمتِ)
الزخرفِ، معَ أنَّ المُتَبَادِرَ مِن إطلاقِها العمومُ، فرحِمَ اللهُ
الشاطبيَّ حيثُ تَفَطَّنَ لها وَقَيَّدَها في الرائيَّةِ بقولِه:
(فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهَ ابْتِدَارٌ) معَ الإشعارِ بأنَّهُ هو الواقعُ
في أَوَّلِها، ثمَّ ما عدا هذينِ فبالهاءِ، كقولِه تعالى: {أُوْلِئَكَ عَلَيْهِمْ لعنةُ اللهِ}.
(وْامَرَأَتٌ يوسفَ عمرانَ القصصَ) بتنوين
(امرأةٍ)، على أنَّهُ مبتدأٌ، وبنصبِ يوسُفَ وعِمْرانَ، على الظرفيَّةِ
أي: الكائنةَ فيهما وكذا القصصُ وسَكَّنَ بالوقفِ والمفهومُ مِن شرحِ
الشيخِ زكريَّا أنَّ (امرأةً) منصوبةٌ مضافةٌ حيثُ قَدَّرَ (وزبر)
فَتَدَبَّرْ، وقالَ اليمنيُّ: مرفوعٌ بالابتداءِ وخبرُه محذوفٌ تقديرُه:
ومنها امرأتٌ، أي ومِن الكلماتِ المرسومةِ بالتاءِ كلمةُ (امرأتٍ) وقولُه
(يوسفُ) مبتدأٌ خبرُه محذوفٌ، أي: مَحَلُّها سورةُ يوسفَ، وقولُه (عمرانَ
القصصَ) مَعْطُوفانِ على (يوسفَ) وحرفُ العطفِ محذوفٌ للوزنِ، وأغربَ
الروميُّ حيثُ جعلَ (امرأتَ) مضافةً على (يوسفَ) وهو مضافٌ إلى (عمرانَ)
وهو إلى (القصصِ) بِناءً على أنَّ الإضافةَ لأدنى ملابسةٍ، ووجهُ الغرابةِ
لايخفى على ذَوِي النُّهَى، ويستفادُ عمومُ موضعي يوسفَ ممَّا قدَّمْنَاه
في رحمةِ الزخرفِ فَتَدَبَّرْ.
(تحريمَ مَعْصِيَتٌ بقدْ سَمِعَ يُخَصُّ)
فتحريمٌ منصوبٌ أيضًا على الظرفيَّةِ، أو على المفعوليَّةِ، والمرادُ به
سورةُ التحريمِ، ومَعْصِيَتٌ منوَّنٌ لكونِهَا مبتدأً، وجُوِّزَ جَرُّهُ
حكايةً؛لأنَّها وردتْ في القرآنِ مجرورةً، ويُخَصُّ بصيغةِ المجهولِ،
ويَجُوزُ تذكيرُه باعتبارِ لفظِ (قدْ سمِعَ) وتأنيثُه باعتبارِ سورتِه،
والمعنى أنَّ (امرأت) مرسومةٌ بالتاءِ في سبعةِ مواضعَ {امْرَأَتُ العزيزِ تُرَاوِدُ} و {امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الآنَ} كلاهما بيوسُفَ، و {إذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ} في آلِ عِمْرَانَ و { قالَت امرأتُ فِرْعَوْنَ} في القصصِ و {امْرَأَتُ نُوحٍ وامْرَأَتُ لُوطٍ} و {امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} في التحريمِ،
وما سواها بالهاءِ، والقاعدةُ الكُلّيَّةُ أنَّ المرأةَ المذكورةَ معَ
زوجِها مرسومةٌ بالتاءِ، وغيرَها بخلافِها، كما في قولِه تعالى: {وإنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ}، ثمَّ أَخْبَرَ أنَّ لفظَ (مَعْصِيَت) مخصوصٌ بموضعي (قدْ سَمِعَ) {ويَتَنَاجَوْنَ
بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصَيَتِ الرَّسُولِ} {فلا تَتَنَاجَوْا
بِالْإِثمِ والْعُدْوَانِ ومَعْصِيَتِ الرَّسُولِ}، ولا ثالثَ لهما، ويستفادُ العمومُ مِن إطلاقِها.
(شجرتُ الدخانِ سنتْ فاطرٍ)
بجرِّ الدخانِ على أنَّ الإضافةَ بمعنى في، ويجوزُ نصبُه على الظرفيَّةِ
بنزعِ الخافضِ، وأسكنَ تاءَ سُنَّتٍ ضرورةً وهي مضافةٌ إلى سورةِ فاطرٍ.
(كُلاّ والأنفالِ وأخرى غافرٍ)
فقولُه: (كُلاّ) حالٌ مِن (سُنَّتِ) الواقعةِ في فاطرٍ، والأنفالُ بالنقلِ
عطفٌ على فاطرٍ، وأخرى: أي: وسُنَّتٌ أخرى هي في غافرٍ، فأخرى في محلِّ
جرٍّ، وغافرٌ بدلُه، وفي بعضِ الأصولِ (وحرفُ غافرٍ) بالجرِّ مضافًا،
والمعنى: وكذلك قولُه: {إنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ} في سورةِ الدخانِ مرسومةٌ بالتاءِ بخلافِ غيرِها كقولِه تعالى: {إنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ} {إنَّهَا شَجَرَةٌ}.
وكذلك (سُنَّتٌ) في خمسةِ مواضعَ مرسومةٌ بالتاءِ ثلاثةٌ في فاطرٍ {إلا سُنَّتَ الأَوَّلينَ} {فلنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلًا ولنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلًا} وإلى هذِه الثلاثةِ أشارَ بقولِه (كُلاّ) وفي الأنفالِ {مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلينِ} وفي غافرٍ {سُنَّتَ اللهِ التي قَدّ خَلَتْ في عبادِه وَخَسِرَ هُنَالِكَ الكافرونَ}
وهي آخرُ السورةِ، لكن قولُ ابنِ المصنِّفِ: (أُخْرَى غافرٍ) أي آخرُها
غيرُ مستقيمٍ، للفرقِ بينَ الآخرِ والأخرى، كما لا يَخْفَى على ذَوِي
النُّهَى، ومعَ هذا هو بيانٌ لمحلِّهِ لا احترازٌ عن أَوَّلِه أو آخرِه،
لعدمِ تحقُّقِ تعدُّدِه، ثمَّ ماعدا هذه الخمسةَ بالهاءِ كقولِه تعالى:
{سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا} ثمَّ كانَ حقُّه أنْ يَذْكُرَ (سُنَّةَ)
أولًا لكونِه من الألفاظِ المكرَّرَةِ، ثمَّ يذكرُ شجرةَ الدخانِ، فإنَّها
من الكلماتِ المفردةِ، والاعتذارُ عنه ارتكابُ الضرورةِ.
(قرتُ عينٍ جَنَّتٌ في وقعتْ) أي: وكذلكَ رُسِمَ بالتاءِ قولُه تعالى حكايةً عن امرأةِ فرعونَ {قُرَّتُ عينٍ لِي وَلَكَ} في القصصِ، وبإضافتِه إلى لفظِ عن احْتُرِز عن المضافِ إلى (أَعْيُنِ) في قولِه تعالى {قُرَّةَ أَعْيُنٍ} في الفرقانِ (مِن قُرَّةِ أَعْيُنٍ) في السجدةِ، {وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} في سورةِ الواقعةِ التي أَوَّلُها (إذا وَقَعَتْ) بخلافِ غيرِها نحوُ {جَنَّةُ الْخُلْدِ} (فِطْرَتْ بَقِيَّتْ) بسكونِ التاءِ فيهما (وابنتٌ) بالتنوينِ (وكلمةٌ) ولو قالَ معَ كلمةٍ كانَ أكثرَ سلاسةً أي: وكذا رُسِمَ بالتاءِ {فِطْرَتُ اللهِ} بالرومِ، {وَبَقِيَّتُ اللهِ خيرٌ لَكُمْ} في هودٍ،
ولعلَّه اكتفى باللفظِ عن القيدِ بعدمِ التنوينِ، أو لوجودِها كذلكَ في
هودَ، فخرجَ بِبَقَيَّتِ البقيَّةُ المنونةُ في قولِه تعالى: {وبقيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى} و {أُولُوا بَقيَّةٍ}و {مريمَ ابنتَ عمرانَ} في التحريمِ، ولم يقعْ غيرُها، {وَتَمَّتْ كلمتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى}، في الأعرافِ بقولِه (أوسطَ الأعرافِ) بالنصبِ على الظرفيَّةِ، وغيرُها بالهاءِ، نحوُ قولِه تعالى: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الذينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةَ اللهِ هي العُلْيَا} لكنْ (كَلِمَتُ) التي في الأنعامِ بالتاءِ أيضًا، إلا أنَّهُ مُنْدَرِجٌ في ضَمْنِ قولِه: (وكُلُّ ما اخْتَلَفَ جمعًا وفردًا فيه التاءُ عُرِفَ)
بصيغةِ المجهولِ فيهما، فهذه قاعدةٌ كُلِّيَّةٌ تحتَها أفرادٌ جزئيَّةٌ،
وهي كُلُّ ما اخْتَلَفَ القُرَّاءُ في إفرادِه وجمعِه قراءةً فإنَّهُ يكونُ
في رسمِ القرآنِ بالتاءِ كتابةً، والمرادُ أنَّ مفردَه أيضًا بالتاءِ، إذ
لاخلافَ في أنَّ الجمعَ المؤنثَ السالمَ يكونُ بالتاءِ، سواءٌ فيه الرسومُ
القرآنيَّةُ وقواعدُ كتابةِ العربيَّةِ؛ ولذا أجمعَ القُرَّاءُ في الوقفِ
عليها بالتاءِ، واختلفُوا في مفردِها ومجموعِها اثنا عشرَ موضعًا، وذلكَ
قولُه تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتْ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} في الأنعامِ، قَرَأَهَا بالتوحيدِ عاصمٌ وحمزةُ والكِسَائِيُّ، { وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ على الذينَ فَسَقُوا} أَوَّلَ يونسَ، قَرَأَهُما بالإفرادِ غيرُ نافعٍ وابنِ عامرٍ، واخْتَلَفَت المصاحفُ في ثاني يونُسَ: {إِنَّ الَّذينَ حَقَّتْ عَلَيْهِم كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَيُؤْمِنُونَ} و {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ على الَّذينَ كَفَرُوا} في الطولِ، والقياسُ فيهما التاءُ، إذْ قرأَهما غيرُ نافعٍ وابنِ عامرٍ بالتوحيدِ، و {آياتٌ للسائِلِينَ} في سورةِ يوسفَ، قرأَها ابنُ كثيرٍ بالإفرادِ، و {أَلْقُوه في غَيَابَتِ الجُبِّ} {وأنْ يَجْعَلُوه في غَيَابَتِ} كِلاَهما في يوسفَ أيضًا، قرأَهما غيرُ نافعٍ بالتوحيدِ، و {لَوْلاَ أُنْزِلَ عليه آياتٌ مِن رَبِّهِ} في العَنْكَبوتِ، قرأَها بالإفرادِ ابنُ كثيرٍ وأبو بكرٍ وحمزةُ والكِسَائِيُّ، و {هُمْ فِي الغُرُفَاتِ آمِنُونَ} في سبأٍ، قرأَها بالتوحيدِ حمزةُ، {فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مَنْهُ} في فاطرٍ، قرأَها بالإفرادِ ابنُ كثيرٍ وأبو عمرٍو وحفصٌ وحمزةُ، {ومَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِن أَكْمَامِهَا} في فُصِّلَتْ، قرأَها بالتوحيدِ ابنُ كثيرٍ وأبو عمرٍو وأبو بكرٍ وحمزةُ والكِسَائِيُّ، و {جَمَالَتٌ صُفْرٌ} قرأَها بالإفرادِ أي: صورةً وإلا فهي جمعٌ حقيقةً حفصٌ وحمزةُ والكِسَائِيُّ.
ثمَّ
اعلمْ أنَّهُم اختلفُوا في التاءِ الموجودةِ في الوصلِ، والهاءِ الموجودةِ
في الوقفِ، أيَّتُهُمَا الأصلُ للأخرى فذهبَ سيبويه وجماعةٌ إلى أنَّ
التاءَ هي الأصلُ، مُسْتَدِلِّينَ بجَرَيانِ الإعرابِ عليها دونَ الهاءِ،
وبأنَّ الوصلَ هو الأصلُ، والوقفَ عارضٌ، قالُوا وإنَّما أُبْدِلَتْ هاءً
في الوقفِ فرقًا بينها وبينَ التاءِ التي في (عِفْرِيتٍ) و (مَلَكُوتٍ)،
قالَ ابنُ الكيسانِ: بل فرقًا بينَها وبينَ تاءِ التأنيثِ اللاحقةِ للفعلِ:
نحو: خرجتْ، وضربتْ. وذهبَ آخرونَ إلى أنَّ الهاءَ هي الأصلُ، ولهذا
سُمِّيَتْ هاءَ التأنيثِ لاتاءَ التأنيتِ، وإنَّما جعلُوها تاءً في الأصلِ؛
لأنَّها حينئذٍ يَتَعاقبُها الحركاتُ، والهاءُ ضعيفةٌ تُشْبِهُ حروفَ
العلَّةِ؛ لخفائِها، فقلَبُوها إلى حرفٍ يُنَاسِبُها، معَ كونِه أقوى منها،
وهو التاءُ.
وممَّا يجبُ التنبيهُ عليه أنَّ قولَه {يَا أَبَتِ} مرسومٌ بالتاءِ، والشاميُّ يفتَحُها ويقفُ عليها بالهاءِ، ووافَقَهُ ابنُ كثيرٍ، وكذلكَ {هَيْهَاتَ} مرسومٌ بالتاءِ، ووقفَ عليها البَزِّيُّ والكِسَائِيُّ بالهاءِ، وكذا {مرضات} و {لات} و {اللات} و{ذات} وقفَ عليها الكِسَائِيُّ بالهاءِ، وقد نظمْتُها في بيتٍ فقلتُ:
واللاَّتُ معَ لاتَ كذا مَرْضَاتُ = ويا أبتِ وذاتُ معَ هيهاتِ
الفوائد التجويدية للشيخ: عبد الرازق بن علي موسى
قال الشيخ عبد الرازق بن علي بن إبراهيم موسى المصري (ت:
1429هـ): (بابٌ في تــاءِ التأنـيـثِ ومـا يَتعلَّقُ بهــا
قد
علِمْتَ أن الرسمَ سنَّةٌ متَّبعةٌ لا تَجوزُ مخالفتُه، والغرَضُ الآنَ
بيانُ ما رُسمَ بالتاءِ المجرورِ ليُوقَفَ عليه بالتاءِ على خلافٍ بينَ
القرَّاءِ، وما رُسمَ بالمربوطةِ ليُوقَفَ عليه بالهاءِ اتِّفاقاً وخَصَّ
الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ في المقدِّمةِ ما رُسمَ بالتاءِ ليُعلمَ أنَّ ما
عداه بالهاءِ وهاك بيانُه قالَ المؤلِّفُ:
94 - ورحْمتُ الزخرفِ بالتَّـا زَبَـرَهْ = الأعرافِ رَوْمُ هودٍ كافِ البقرهْ
إن هاءَ التأنيثِ في المصحفِ الكريمِ تَنقسمُ إلى قسمين:
ما رُسمَ بالهاءِ وما رُسمَ بالتاءِ فأما ما رُسمَ بالهاءِ فإنه متَّفقٌ
بالوقْفِ عليه بالهاءِ، وأما ما رُسمَ بالتاءِ فاختلَفَ القرَّاءُ في
الوقفِ عليه فابنُ كثيرٍ وأبو عمرٍو والكِسائيُّ يَقفون بالهاءِ إجراءً
لهاءِ التأنيثِ على سَننٍ واحدٍ، وهي لغةُ قريشٍ، والباقون يَقفون بالتاءِ
اتِّباعاً للرسْمِ وهي لغةُ طيئٍ، وحِمْيَرٍ، ولا بدَّ للقارئِ من معرفةِ
ما رُسمَ بالتاءِ والهاءِ ليَعلمَ محَلَّ الوقفِ والخلافِ، وقد حصَرَ
الناظمُ ما رُسمَ بالتاءِ ليُعلمَ أن ما عداه مرسومٌ بالهاءِ وخَصَّ ما
رُسمَ بالتاءِ اختصاراً، والألفاظُ المرسومةُ بالتاءِ ثلاثةَ عشرَ لفظاً. 94- ورحْمَتُ الزخرفِ بالتـا زَبَـرَهْ = الأعرافِ رُوْم هودَ كافِ البقرهْ 100- ........... وكلُّ ما اختُلِفْ = جمْعاً وفرْداً فيه بالتاءِ عُرفْ وكلُّ ما فيه الخلافُ يَجـري = جمْعـاً وفرْداً فبِتاءٍ فــادْرِ
الأوَّلُ: قولُه تعالى: {أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ} (البقرة: آية 218).
الثاني: قولُه تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (الأعراف: آية 56).
الثالثُ: قولُه تعالى: {رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} (هود:آية 73).
الرابعُ: قولُه تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا} (مريم: آية 2).
الخامسُ: قولُه تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللهِ} (الروم: آية 50).
السادسُ: قولُه تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} (الزخرف: آية 32).
السابعُ: قولُه تعالى: {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (الزخرف: آية 32).
وما سِوى هذه المواضعِ فإنها بالهاءِ المربوطةِ رسْماً ووقْفاً بالإجماعِ نحوُ قولِه تعالى: {لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ} (الزمر: آية 32).
الكلمةُ الثانيةُ: "نِعْمَت" وقد رُسِمَتْ بالتاءِ المفتوحةِ في القرآنِ الكريمِ في أحدَ عشرَ موضعاً وهي كالتالي:
الأوَّلُ: قولُه تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ} (البقرة: آية 213).
الثاني: قولُه تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً} (آل عمران: آية 103).
الثالثُ: قولُه تعالى: {اذْكُرُو نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ} (المائدة:آية 11).
الرابعُ والخامسُ: قولُه تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ} وقولُه سبحانَه: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا } الموضعان بإبراهيمَ (آية 28و34).
السادسُ والسابعُ والثامنُ: قولُه تعالى: {وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} (آية: 72)، {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} (آية: 83)، {وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (آية: 114) الثلاثةُ بالنحلِ.
التاسعُ: قولُه تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ} (لقمان: آية 31).
العاشرةُ: قولُه تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ} (فاطر: آية 28).
الحادي عشرَ: قولُه تعالى: {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ} (الطور: آية 29).
وما عدا هذه المواضعِ فبالهاءِ المربوطةِ رسْماً ووقْفاً بالإجماعِ كقولِه تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ} (المائدة: آية 72)، وقولِه سبحانَه: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا} (النحل:آية 83).
الكلمةُ الثالثةُ: "لَعْنَت" قد رُسِمتْ بالتاءِ المفتوحةِ في موضعين اثنين في التنزيلِ.
أوَّلُهما: قولُه تعالى: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} (الموضعُ الأوَّلُ بآلِ عِمرانِ: آية 61).
وثانيهما: قولُه تعالى: { وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} (النور: آية 7)، وما سِوى هذين الموضعين فبالهاءِ المربوطةِ رسْماً ووقْفاً لجميعِ القرَّاءِ كقولِه تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (البقرة: آية 161)، وقولِه عزَّ شأنُه: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (الموضعُ الثاني بآلِ عِمرانَ آية: 87).
الكلمةُ الرابعةُ: "امْرَأَت" ويُشترطُ في رسْمِ هذه الكلمةِ بالتاءِ المفتوحةِ ذِكرُها مع زوجِها ووَقعتْ في التنزيلِ بهذا الشرْطِ في سبعةِ مواضعَ وهي كالتالي:
الأوَّلُ: قولُه تعالى: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ} (آل عمران: آية 35).
الثاني والثالثُ: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ} (آية: 30)، {قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} (آية:51)، الموضعان بيوسفَ.
الرابعُ: قولُه تعالى: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} (القصص: آية 10،9).
الخامسُ والسادسُ والسابعُ: قولُه تعالى: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} (آية:10) {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} (آية: 11) الثلاثةُ بالتحريمِ، ولم يُوجَدْ في التنزيلِ لفظُ امْرَأَت مضافاً إلى الاسمِ الظاهرِ إلا هذه المواضعُ السبعةُ.
أما لفظُ "امرأة"
في الاسمِ المفرَدِ غيرِ المضافِ للظاهرِ فهو متَّفقٌ عليه بينَ جميعِ
القرَّاءِ، في أنه مرسومٌ بالهاءِ المربوطةِ والوقْفُ عليه كذلك كقولِه
تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً} (الأحزاب: آية 51)، وما شابَهها كما تقدَّمَ.
الكلمةُ الخامسةُ: "مَعْصِيَت" قد رُسمتْ هذه الكلمةُ بالتاءِ المفتوحةِ في موضِعَيْن اثنين لا ثالثَ لهما في القرآنِ الكريمِ.
أوَّلُهما: قولُه تعالى: {وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} (آية: 8).
وثانيهما: قولُه تعالى: {فَلاَ تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} (آية:9) والموضعان بالمجادَلةِ.
الكلمةُ السادسةُ: "شَجَرَت"، رسِمتْ بالتاءِ المفتوحةِ في موضعٍ واحدٍ في التنزيلِ وهو قولُه تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ} (الدخان: آية 44،43)، وما سِوى هذا الموضعِ فبالهاءِ المربوطةِ رسْماً ووقْفاً بالإجماعِ كقولِه تعالى: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى} (طه: آية 44)، وقولِه تعالى: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ} (الصافات: آية 120).
الكلمةُ السابعةُ: "سُنَّت" رسِمتْ هذه الكلمةُ بالتاءِ المفتوحةِ في الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ في خمسةِ مواضعَ وهي:
الأوَّلُ: قولُه تعالى: {وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ} (الأنفال آية: 62).
الثاني والثالثُ والرابعُ: قولُه تعالى: {فَهَلْ
يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ
تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْويلاً} (الثلاثةُ بفاطرٍ: آية 38).
الخامسُ: قولُه تعالى: {سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ } (غافر: آية 43).
وما عدا هذه المواضعِ الخمسةِ فبالهاءِ المربوطةِ رسْماً ووقْفاً للجميعِ كقولِه تعالى: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا} (الاسراء: آية 85)، وقولِه تعالى: {سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً} (الموضعان بالأحزاب: آية 77)، وما شابَه ذلك.
الكلمةُ الثامنةُ: "قُرَّت" رسِمتْ هذه الكلمةُ بالتاءِ المفتوحةِ في موضعٍ واحدٍ في التنزيلِ، وهو قولُه سبحانَه: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ} (القصص: آية 62)، وما عدا هذا الموضعِ فبالهاءِ المربوطةِ رسْماً ووقْفاً بالإجماعِ كقولِه تعالى: {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}(الفرقان:آية 9)، وقولِه تعالى: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} (السجدة: آية 74).
الكلمةُ التاسعةُ: "جَنَّت" قد رسِمتْ هذه الكلمةُ بالتاءِ المفتوحةِ في موضعٍ واحدٍ وهو قولُه تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} (الواقعة: آية 17)، وما عداه فبالهاءِ المربوطةِ رسْماً ووقْفاً للجميعِ بالإجماعِ كقولِه تعالى: {قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} (الفرقان: آية 89)، وقولِه سبحانَه: {وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} (الشعراء: آية 85).
الكلمةُ العاشرةُ: "فِطْرَت" هذه الكلمةُ لا نظيرَ لها في القرآنِ الكريمِ وقد رسِمتْ بالتاءِ المفتوحةِ في قولِه تعالى: {فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} (الروم: آية 30).
الكلمةُ الحاديةَ عشرةَ: "بَقِيَّت" رسِمتْ هذه الكلمةُ بالتاءِ المفتوحةِ في موضعٍ واحدٍ في القرآنِ الكريمِ، وهو قولُه تعالى: {بَقِيَّتُ اللهِ خيرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (هود: آية 86)،
وليس في القرآنِ غيرُ هذه الكلمةِ مضافاً إلى الاسمِ الظاهرِ، أما لفظُ
بقيَّةٍ في الاسمِ المفرَدِ غيرِ المضافِ إلى الاسمِ الظاهرِ فنحوُ قولِه
تعالى: {وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} (البقرة:آية 248)، وهذا ونحوُه من المتَّفقِ عليه بينَ عامَّةِ القرَّاءِ على أنه بالهاءِ المربوطةِ رسْماً ووقْفاً كما مَرَّ.
الكلمةُ الثانيةَ عشرةَ: "ابْنَت" هذه الكلمةُ من الكلماتِ التي لا نظيرَ لها في القرآنِ الكريمِ، وقد رُسِمتْ بالتاءِ المفتوحةِ في قولِه تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ} (التحريم: آية 12).
الكلمةُ الثالثةَ عشرةَ: "كَلِمَت" هذه الكلمةُ رُسِمتْ بالتاءِ المفتوحةِ على المعتمَدِ في موضعٍ واحدٍ في التنزيل في قولِه تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائِيلَ بِمَا صَبَرُوا} (الأعراف: آية 137)، وما عداه فبالهاءِ المربوطةِ رسْماً ووقْفاً للجميعِ كقولِه تعالى: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا} (التوبة: آية 137)، وقولِه تعالى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} (الفتح: آية 40)، وما إلى ذلك.
وقد أشارَ إلى ذلك الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ في مقدِّمتِه إلى الثلاثَ عشرةَ كلمةً المتقدِّمةِ بقولِه:
95- نِعْمَتُهُا ثلاثٌ نحْــل إبـرَهَـمْ = معا أَخيراتِ عقودِ الثـانِ هَـمْ
96- لقمانَ ثمَّ فـاطرٍ كــالطُّــورِ = عِمرانَ لَعَنْـت بهــا والنُّـورِ
97- وامـرأتُ يوسفَ عِمرانَ القصصْ = تحريم معصيتْ بقَـدْ سَمِعَ تُخَـصْ
98- شَجَرتُ الدُّخَـانِ سُنَّتْ فـاطرِ = كُـلاّ والأنفـال وحـرفِ غافِرِ
99- قُرتُ عَيْن جَنَّتْ فـي وَقَعَـتْ = فِطْرَتْ بقيَّتْ وابنَـتٌ وكَلِمَـتْ
100- أوسَطَ الأعرافِ............ = ...............................
فصلٌ في بيانِ هاءِ التأنيثِ المختلَفِ فيها بين القرَّاءِ بالإفرادِ والجمْعِ:
وهذا القسمُ هو الذي أشارَ إليه الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ في المقدِّمةِ الجزْرِيَّةِ في بعضِ البيتِ الأخيرِ من البابِ بقولِه:
ويُؤخذُ
من قولِه هذا قاعدةٌ عامَّةٌ وهي أن كلَّ ما اختلَفَ القرَّاءُ في قراءتِه
بالإفرادِ والجمْعِ فمرسومٌ بالتاءِ المفتوحةِ وقد وَقعَ ذلك في سبعِ
كلماتٍ في اثْنَيْ عشرَ موضعاً في القرآنِ الكريمِ، ومن بين الكلماتِ
السبعِ كلمتان مضافتان إلى الاسمِ الظاهرِ والخمسُ الباقيةُ غيرُ مضافةٍ.
أما المضافتان:
فالأُولى منهما: "كَلِمَت" وقد وَقعتْ في أربعةِ مواضعَ الأُولى قولُه تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} (الأنعام: آية 115).
الثاني والثالثُ: قولُه تعالى: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} (آية:33)، وقولُه سبحانَه: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ} (آية: 96) الموضعان بيونسَ.
الرابعُ: قولُه تعالى: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} (غافر: آية 6)، وقد اختلَفَت المصاحفُ في الموضعِ الثاني من يونسَ وكذلك موضعِ غافرٍ والقياسُ فيهما التاءُ.
والكلمةُ الثانيةُ: {غَيَابَتِ الْجُبِّ} (في الموضعين بيوسفَ آية: 15،10).
أما الكلماتُ الخمْسُ التي لم تُضفْ فهي كالآتي:
الأُولى: قولُه تعالى: {آيَات} في موضعين: -
أوَّلُهما: قولُه تعالى: {آيَاتٌ للسَّائِلِينَ} (يوسف: آية 7).
وثانيهما: قولُه تعالى: {وَقَالُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ} (العنكبوت: آية 50).
الثانيةُ: "الغُرُفُات" في قولِه تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ} (سبأ: آية 37).
الثالثةُ: "بَيِّنَت" في قولِه تعالى: {فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ} (فاطر: آية 47).
الرابعةُ: "ثَمَرَات" في قولِه تعالى: {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا} (فصِّلت: آية 40).
الخامسةُ: "جِمَالَتٌ" في قولِه تعالى: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} (المرسلات: آية 33).
وقد نَظمَ كلماتِ هذا القسمِ شيخُ مشايخنا العلاَّمةُ المتولي في كتابِه "اللؤلؤُ المنظومُ" فقالَ:
وذا جمَلَتٌ وءايَتٌ أَتَـــى = في يوسفَ والعنكبوتِ يا فَتَى
وكلِمَتٌ وهو في الطُّولِ معَا = أنعامه ثم بيـونسَ معــا
والغرُفُاتِ في سبأٍ وبَيَّنَـتْ = في فاطرٍ وثمراتِ فُصِّلَـتْ
غياَبَتُ الجبِّ وخُلفٌ ثـاني = بيونسَ والطُّولُ فَعِ المعاني
وأما معرفةُ من يقرأُ فيها من القرَّاءِ بالجمْعِ ومن قرأَ بالإفرادِ.
فقد
تَركْنا ذِكرَه مراعاةً للاختصارِ وهو في كُتبِ الخلافِ، وأما معرفةُ
الوقْفِ عليها فمن قرأَ بالجمْعِ، وَقفَ عليها بالتاءِ كسائرِ الجموعِ، ولو
كان مذهبُه الوقفَ بالهاءِ في الإفرادِ. ومن قرأَ بالإفرادِ وكان مذهبُه
الوقفَ بالتاءِ وَقفَ بها، ومن كان مذهبُه الوقفَ بالهاءِ وَقفَ بها أيضاً،
وبالنسبةِ لحفصٍ عن عاصمٍ فقد قرأَ بالجمْعِ في ثلاثِ كلماتٍ في السبعِ،
ووَقفَ عليها بالتاءِ كما هو مقرَّرٌ، وهي كلمةُ "ءايت" في موضعَيْها
بيوسفَ والعنكبوتِ، و "الغُرُفُات" في سبأٍ، و "ثَمَرَات" في فصِّلَتْ.
وأما
الكلماتُ الأربعُ المتبقِّيَةُ فهي كلمةُ "غَيَابَت" في الموضعين بيوسفَ
وكلمةُ "بَيِّنَت" بفاطرٍ، وكلِمةُ "جَمَلت" بالمرسلاتِ، ولفظُ "كَلِمَت"
في كلٍّ من الأنعامِ وغافرٍ، وموضِعَي يونسَ فقرَأَهُنَّ حفصٌ عن عاصمٍ
بالإفرادِ ووَقفَ عليهن بالتاءِ المفتوحةِ، كما هو مذهبُه غيرَ أنَّ لفظَ
"كلمة" في موضعِ غافرٍ اختلَفَ كُتَّابُ المصاحفِ فيه فرَسَمَها بعضُهم
بالتاءِ المفتوحةِ، وبعضُهم بالهاءِ المربوطةِ، وكذلك اختُلِفَ في
"كَلِمَت" في الموضعِ الثاني من يونسَ فرُسِمَتْ في المصاحفِ العراقيَّةِ
بالهاءِ وفي الشاميَّةِ والمدنيَّة بالتاءِ، والأَوْلى والقياسُ رسْمُ
موضعِ غافرٍ والثاني من يونسَ بالتاءِ كما قال به الجمهورُ وإليه أشارَ
الإمامُ الشاطبيُّ رحِمَهُ اللهُ تعالى في العَقيلةِ بعدَ ما أَوردَ
الخلافَ في الموضعين بقولِه "وفيهما التاءُ أَوْلى قالَ في نهاية القولِ
المفيدِ وقَطَعَ ابنُ الجَزْرِيِّ وغيرُه بأنهما بالتاءِ وعلى ذلك شرَّاحُ
الجزْرِيَّةِ، وعلى هذا يتحصَّلُ لحفْصٍ عن عاصمٍ حالةُ الوقفِ عليهما
وجهان صحيحان: الأوَّلُ: الوقْفُ عليهما بالتاء المفتوحةِ، وهذا هو المشهورُ عندَ الجمهورِ لما تقدَّمَ.
الثاني: الوقْفُ عليهما بالهاءِ المربوطةِ ولا بأسَ به.
بابُ همزةِ الوصلِ:
الكلامُ على تعريفِ همزةِ الوصلِ ومواضعِها وحُكْمِها وصْلاً وابتداءً من
القواعدِ المقرَّرةِ أنه لا يُبتدأُ بساكنٍ ولا يُوقفُ على متحرِّكٍ،
ويُؤخذُ من هذه القاعدةِ أنَّ الابتداءَ لا يكون إلا بالحركةِ وأنَّ الوقفَ
لا يكونُ إلا بالسكونِ أو ما في حكْمِه كالرَّوْمِ والإشمامِ كما سيأتي.
فإذا
تقرَّرَ هذا فاعلَمْ أنَّ من الكلماتِ ما يكونُ أوَّلُها متحرِّكاً وهذا لا
إِشكالَ فيه عندَ الابتداءِ إذ الابتداءُ بالحركةِ غيرُ متعذَّرٍ.
ومنها
ما يكونُ أوَّلُها ساكناً والابتداءُ بالساكنِ غيرُ مَقدورٍ عليه بل
ومُحالٌ، ومن ثَمَّ احْتِيجَ إلى اجتلابِ همزةٍ زائدةٍ في أوَّلِ هذه
الكلمةِ هي همزةُ الوصْلِ ليُتوصَّلَ بها إلى النطقِ بالساكنِ الموجودِ في
أوَّلِ هذه الكلمةِ.
وعلى هذا فتعريفُ همزةِ الوصْلِ: هي الهمزةُ الزائدةُ في أوَّلِ الكلمةِ، الثابتةُ في الابتداءِ، الساقطةُ في الدرْجِ (أي في الوصْلِ) نحوُ قولِه تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ للهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} (النمل: آية 59)،
وهنا نجد أنَّ كلمةَ "الحمد" "الذين" "اصطفى" الهمزةُ فيها هي همزةُ وصْلٍ
لسقوطِها في الوصْلِ أي وصْلِ هذه الكلماتِ بما قبلَها وثبوتِها في
الابتداءِ إذا ابتُدِئَ بها وسُمِّيَتْ بهمزةِ الوصْلِ لأنها يُتوصَّلُ بها
إلى النطقِ بالساكنِ كما مَرَّ ولذا سَمَّاها الخليلُ بنُ أحمدَ سُلَّمُ
اللسانِ فتأمَّلْ.
وأما مواضعُها:
ففي الأسماءِ والأفعالِ والحروفِ وتارةً تكونُ قياسيةً، وهو الأكثرُ
وروداً وتارةً سماعيَّةً وهو الأقلُّ، وفيما يلي الكلامُ على كلِّ موضعٍ
جاءتْ فيه بانفرادٍ.
الكلامُ على وجودِ همزةِ الوصْلِ في الأفعالِ وبيانِ حركةِ البدءِ بها:
وهي
في الأفعالِ قياسيَّةٌ، ولا تُوجدُ إلا في الفعلِ الماضي والأمرُ, أما
وجودُها في الماضي فلا يكونُ إلا في الخماسيِّ والسُّداسيِّ.
فالماضي الخماسيُّ نحو: (اعتدى) و (اشترى)، نحوُ قولِه تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (البقرة: آية 194)، وقولِه تعالى: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} (التوبة: آية 111) وما إلى ذلك.
والماضي السداسيُّ مثل: (استسقَى) و(استنصَرَ) في قولِه تعالى: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ} (البقرة: آية 60)، وقولِه سبحانَه: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} (الأنفال: آية 72)، وما شابَه ذلك.
وأما وجودُها في فعلِ الأمرِ فمقيَّدٌ بأمْرِ الثلاثيِّ والخماسيِّ والسداسيِّ.
فالأمرُ من الثلاثيِّ نحوَ: (اضرب) و (انظر) و (ادع) في قولِه تعالى:{فَقُلْنا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} (البقرة:آية 60)، وقولِه تعالى:{وَقَالَتِ اخْرُجْ} (يوسف: آية 31)، {انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (المائدة: آية 75)، وقولِه تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } (النحل: آية 125)، وشِبهِ ذلك.
والأمْرُ من الخماسيِّ نحوَ قولِه تعالى: {ثَلاَثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ} (النساء:آية 171)، وقولِه تعالى: {قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} (الأنعام: آية 158)، ونحوَ ذلك.
والأمْرُ من السداسيِّ نحوَ (استغفر) و (استأجره) في قولِه تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُم أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ }(التوبة: آية80)، وقولِه تعالى: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} (القصص: آية 26) ونحوَ ذلك.
هذا:
وخَرَجَ بوجودِ همزةِ الوصْلِ في الفعْلِ الماضي والأمرِ، الفعلُ المضارعُ
فإنها لا تُوجدُ فيه مطلَقاً وأنها لا تكونُ فيه إلا همزةَ قطْعٍ.
وخرَجَ بقيدِ الخماسيِّ والسداسيِّ من الماضي الثلاثيِّ والرباعيِّ، منه كأمَرَ وأذِنَ وأكرَمَ في قولِه تعالى: {أَمَرَ أَنْ لاَ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} (يوسف: آية 40)، وقولِه تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} (الحج: آية 39)، وقولِه تعالى: {فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ} (الفجر: آية 15)، وقولِه تعالى: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} (يوسف: آية 23)، فالهمزةُ فيها همزةُ قطْعٍ مفتوحةٌ وصْلاً وابتداءً.
وخرَجَ بقيدِ الأمْرِ من الثلاثيِّ والخماسيِّ والسداسيِّ، الأمْرُ من الرباعيِّ كقولِه تعالى: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} (يوسف: آية 21)، وقولِه تعالى: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلْ} (فاطر: آية 37)، فالهمزةُ فيه همزةُ قطْعٍ مفتوحةٌ وصْلاً وابتداءً كذلك على ما سيأتي.
شرح المقدمة الجزرية للشيخ المقرئ: عبد الباسط هاشم
قال الشيخ عبد الباسط بن حامد بن محمد متولي [المعروف بعبد الباسط هاشم] (ت: 1441هـ):
(المبحث الثالث عشر في التاءات:
ونعني
بالتاءات هنا تاءات التأنيث التي يوقف عليها بالتاء لابالهاء، ولا نعني
استيعاب التاءات في القرآن الكريم، وإلا لوجدنا أكثر من أربعين تاءاً، كل
تاء تدل على أمر دون أختها، فهناك تاء الخطاب، وتاء المخاطب، وتاء الإخبار،
وتاء الفعل، وتاء الفاعل، وما إلى ذلك مما يعتني به أهل النحو والبلاغة،
وهذا كله لا يهم القارئ في شيء، وإنما نعني بها التاء الملحقة بآخر الأسماء
ويوقف عليها بالتاء.
والتاءات التي يعتني بها القراء في القرآن الكريم خمسة أنواع:
أولها تاء تأنيث ممدودة، كالصلاة والزكاة والحياة وتقنية، ويوقف عليها بالهاء، وتوصل بالتاء وقد سبق بيانها في باب المد والقصر.
وتاء
تأنيث غير ممدودة، كالصاخة والطامة والقيامة واللوامة وعبرة ومائة ووجهة،
وتسمى هاء تأنيث غير ممدودة عارضة للسكون، وليس فيهما روماً ولا إشماماً،
ويوقف عليهما بالهاء ويوصلان بالتاء.
النوع الثالث:
تاء جمع المؤنث، كصالحات ومؤمنات وثمرات وجنات، وهي مد عارض للسكون كما
تقدم، وتاء وصلاً ووقفاً، إلا في كلمات سنوضحها بعد قليل، وهي التي عناها
الإمام ابن الجزري بقوله:
وكل ما اختلف = جمعاً وفرداً فيه بالتاء عرف
وستأتي. يرجون رحمت وذكر رحمت = ورحمت الله قريب فاثبت لعنت في عمران وهو الأول = وموضع النور وليس يشكل معصيت الرسول ثم فطرت = قرت عين وبقيت ابنت ورحمت الزخرف بالتا زبره = ................ .................... = الاعراف روم هود كاف البقرة ............................... = معاً أخيرات عقود الثاني هم وامرأت يوسف عمران القصص = تحريم معصيت بقد سمع يخص قرت عين جنت في وقعت = فطرت بقيت وابنت وكلمت
النوع الرابع: تاء الفعل المؤنت، وهي التي تأتي لتأنيث من وقع عليه الفعل لا لتأنيث الفعل، كقوله: {انفطرت}، {انكدرت}، {كورت}، {انشقت}،{علمت}، {أحضرت} {قالت}، وتسمى ساكن أصلي، وكذلك نحو: {لا تنهر}، {لا تقهر}،
فاعلم. كل ذلك يسمى ساكن أصلي، فأصل كورت كور، وإنما أنثت الشمس التي وقع
عليه التكوير، وأصل انفطرت: انفطر وإنما أنثت السماء التي وقع عليها
الانفطار. وأصل انشقت انشق، وإنما أنثت السماء التي وقع عليها الانشقاق،
وأصل أحضرت أحضر وإنما أنثت النفس التي أحضرت إن خيراً أو شراً، وهكذا، لذا
قلنا إنها تأتي لتأنيث من وقع عليه الفعل.
والنوع الخامس: تاء تأنيث الاسم وهو موضوع بحثنا كسنت وفطرت وكلمت ونعمت ورحمت وهكذا وإليك بيانها فنقول وبالله التوفيق:
ينقسم هذا النوع الخامس إلى مكرر وغير مكرر، ولنبدأ أولاً بالمكرر، عادين لكل موضع وأين هو في القرآن الكريم. فالمكرر ست كلمات:
أولاً: (رحمت) وهو في سبع كلمات الأول: {أولئك يرجون رحمت الله} تفف {أولئك يرجون رحمت}
الثاني: {إن رحمت الله قريب}بسورة الأعراف تقول: {إن رحمت} وحكمهما، عارض للسكون، غير ممدود، منصوب، فيهما السكون فقط.
الثالث: {رحمت الله وبركاته} بسورة هود، تقول: {رحمت}، وهو عارض للسكون غير ممدود مرفوع فيه السكون والروم والإشمام،
الرابع: {ذكر رحمت ربك} بأول مريم وهو عارض للسكون، غير ممدود مجرور، فيه السكون والروم.
خامساً: {فانظر إلى آثار رحمت الله} بسورة الروم، تقول: {فانظر إلى آثار رحمت} وهو عارض للسكون، غير ممدود مجرور، فيه السكون والروم.
سادساً: {أهم يقسمون رحمت ربك} بسورة الزخرف، تقول: {أهم يقسمون رحمت} وهو عارض للسكون غير ممدود منصوب، فيه السكون فقط.
سابعاً: {ورحمت ربك خير} بسورة الزخرف أيضاً، تقول: {ورحمت} ويوقف عليها بالسكون، والروم، والإشمام، فهي عارض للسكون غير ممدود مرفوع.
قال العلامة المتولي في كتابه اللؤلؤ المنظوم:
ورحمت الله بهود مع إلى = آثار رحمت بزخرف كلا
النوع الثاني: نعمت، وهي في إحدى عشر موضع من القرآن، بيانها كالتالي:
أولاً: {واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب} سورة البقرة.
الثاني: {واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء} بسورة آل عمران.
الثالث: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم} بسورة المائدة.
الرابع: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله} بسورة إبراهيم.
خامساً: {وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها} بسورة إبراهيم، أيضاً.
والوقف على هذه الخمسة بالسكون المحض، فهن عارض للسكون منصوب غير ممدود.
سادساً: {وبنعمت الله هم يكفرون} بسورة النحل، وهو عارض للسكون غير ممدود مجرور فيه السكون والروم.
سابعاً: {يعرفون نعمت الله} بسورة النحل أيضاً، كل هذا يوقف عليه نعمت بالتاء.
ثامناً: {واشكروا نعمت الله} بالنحل تقول: {نعمت}.
تاسعاً: {ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمت الله} سورة لقمان، وهي عارض للسكون غير ممدود مجرور فيها السكون والروم
عاشراً: {يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم} بسورة فاطر.
الحادي عشر: {فذكر فما أنت بنعمت ربك} بسورة الطور، وهو عارض للسكون، غير ممدود مجرور، فيه السكون والروم.
وعلى
هذا فإن كانت نعمتَ فهو عارض للسكون غير ممدود منصوب، وإن كانت نعمتِ فهو
عارض للسكون غير ممدود مجرور، الأول فيه السكون. والثاني فيه السكون
والروم، ويوقف على الكل نعمت بالتاء المفتوحة.
وما سوى ذلك يوقف عليه بالهاء، نعمَه فتكون من قبيل هاء التأنيث غير الممدودة العارضة للسكون، وليس فيها روم ولا إشمام كما تقدم.
وقد جمع هذه الكلمات الإمام المتولي في اللؤلؤ المنظوم فقال:
ونعمت الله عليكم في البقر = كفاطر وآل عمران اشتهر
والثان في العقود مع حرفين = جاء بإبراهيم آخرين
ثم ثلاثة بنحل أخرت = وموضع الطور ولقمان ثبت
النوع الثالث: من المكرر كلمة (امرأت)، وتوجد في سبع مواضع من القرآن الكريم، إليك بيانها:
الأول: {إذ قالت امرأت عمران} بسورة آل عمران.
الثاني: {قالت امرأت العزيز} وحكمهما عارض للسكون غير ممدود، مرفوع، فيه السكون والروم والإشمام تقول: امرأت.
الثالث: {امرأت العزيز تراود} بسورة يوسف ، وحكمها كالأولين.
رابعاً: {وقالت امرأت فرعون} بسورة القصص، وحكمها كما مضى.
خامساً: {وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأت فرعون} بالتحريم، وهي عارض للسكون غير ممدود، منصوب، فيه السكون فقط.
سادساً، وسابعاً: {امرأت نوح وامرأت لوط} بالتحريم
وحكمهما عارض للسكون غير ممدود منصوب، فيه السكون فقط، كل هذا يوقف عليه:
امرأت، وضابط ذلك كل امرات أتت مع زوجها يوقف عليها بالتاء، وما سوى ذلك
يوقف عليها بالهاء، فتكون من قبيل هاء التأنيث غير الممدودة العارضة
للسكون، ولا روم فيها ولا إشمام.
قال العلامة المتولي:
وامرأت مع زوجها قد ذكرت = فهاؤها بالتاء رسماً وردت
النوع الرابع: من المكرر كلمة: سنت، وتوجد في خمس مواضع من القرآن الكريم إليك بيانها:
أولاً – {فقد مضت سنت الأولين} بسورة الأنفال، وحكمها عارض للسكون غير ممدود مرفوع، فيه السكون والروم والإشمام.
ثانياً، وثالثاً، ورابعاً: {فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلاً ولن تجد لسنت الله تحويلا} كله بسورة فاطر.
والأولى: حكمها عارض للسكون، غير ممدود منصوب، فيه السكون فقط،.
والثانيتان: عارض للسكون غير ممدود مجرور فيه السكون والروم.
خامساً: {سنت الله التي قد خلت في عباده} بآخر غافر، وحكمها عارض للسكون غير ممدود منصوب، فيه السكون فقط.
كل
ذلك يوقف عليه هكذا: سنت، وما سواه يوقف عليه بالهاء فيكون من قبيل هاء
التأنيث غير الممدودة العارضة للسكون ولا روم ولا إشمام، كما تقدم.
قال العلامة المتولي في اللؤلؤ المنظوم:
سنت فاطر وفي الأنفال = حرف كذا في غافر ذو بال
الخامس من المكرر: لفظ: (لعنت)، وقد ذكرت في موضعين من القرآن الكريم:
أولاً: {فنجعل لعنت الله على الكاذبين} بسورة آل عمران،
ثانياً: {أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين} بسورة النور.
وهما
عارض للسكون غير ممدود منصوب، فيه السكون فقط، تقول: لعنت وما سوى ذلك
فلعنه بالهاء وتكون من قبيل هاء التأنيث غير الممدودة العارضة للسكون، ولا
روم ولا إشمام.
قال العلامة المتولي:
فهذا ما تكرر من التاء المفتوحة في القرآن الكريم، ذكرنا كلاً في موضعه بفضل الله تعالى، وإليك عد مالم يكرر:
أولا: كلمت وهي في قوله: {وتمت كلمت ربك الحسنى} بسورة الأعراف، تقول: {وتمت كلمت}،
وحكمها عارض للسكون غير ممدود مرفوع، فيه السكون والروم والإشمام وما
سواها يوقف عليها بالهاء كلمه فتكون من قبيل هاء التأنيث غير الممدودة
العارضة للسكون، ولا روم ولا إشمام.
الثاني: بقيت وهي في قوله تعالى: {بقيت الله خير لكم} بسورة هود، وحكمها كالأول تماماً ويوقف عليها هكذا: {بقيت}. وما سواه يوقف عليه بالهاء، فيكون من قبيل هاء التأنيث كما تقدم.
ثالثاً: {قرت عين لي} بسورة القصص، يوقف عليها هكذا: {وقالت امرأة فرعون قرت}، وحكمها عارض للسكون غير ممدود مرفوع، فيه الثلاثة، ويوقف على ماسواه بالهاء فيكون من قبيل هاء التأنيث غير الممدودة كما تقدم.
رابعاً: فطرت في قوله تعالى: {فطرت الله التي فطر الناس} بسورة الروم، يوقف عليها هكذا فطرت، وحكمها عارض للسكون غير ممدود منصوب فيها السكون فقط، ولا ثاني له في القرآن.
خامساً: شجرت في قوله: {إن شجرت الزقوم} بالدخان، يوقف عليها هكذا: {إن شجرت}
وهي عارض للسكون غير ممدود منصوب، فيها السكون فقط، وما سواها يوقف عليه
بالهاء فتكون من قبيل هاء التأنيث غير الممدودة العارضة كما تقدم.
سادساً: جنت في قوله: {فروح وريحان وجنت نعيم} تقرأ هكذا: {فروح وريحان وجنت} بسورة الواقعة،
وهي عارض للسكون غير ممدود مرفوع، فيه السكون والروم والإشمام، وما سواها
يوقف عليه بالهاء فتكون من قبيل هاء التأنيث غير الممدودة كما تقدم.
سابعاً: ابنت وهي في قوله: {ومريم ابنت عمران} بالتحريم، تقول: {ومريم ابنت} وهي عارض للسكون غير ممدود منصوب، فيها السكون فقط، ولا ثاني لها في القرآن.
قال العلامة المتولي في اللؤلؤ المنظوم:
شجرت الدخان ثم كلمت = الاعراف جنت التي في وقعت
وهذا كله معنى قول الناظم:
نعمت ها ثلاث نحل إبرهم ....................
لقمان ثم فاطر كالطور = عمران لعنت بها والنور
أي: لعنت التي في آل عمران، وفي سورة النور.
شجرت الدخان سنت فاطر = كلاً والانفال وأخرى غافر
وقوله: كلاً يعني كل الذي في فاطر.
أوسط الاعراف وكل ما اختلف = جمعاً وفرداً فيه بالتاء عرف
ومعنى قوله (وكل ما اختلف جمعاً وفرداً) يعني كلمات سبعة اختلف فيها القراء جمعاً وإفراداً ويقف عليها حفص بالتاء المفتوحة وإليك بيانها:
أولاً: (كلمات) بسورة الانعام ويونس والطول أي غافر ففي سورة الأنعام {وتمت كلمت ربك صدقاً وعدلا} تقول:{وتمت كلمت}
الوجه الثاني
وحكمها عارض للسكون غير ممدود مرفوع فيه السكون والروم والإشمام وفي يونس: {كذلك حقت كلمت ربك} تقرأ هكذا: {كذلك حقت كلمت}، وحكمها كالتي قبلها، وربما جهرت بالهمس ليظهر التسجيل جيداً، وفي غافر: {وكذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا}
وهي كالسابقتين نطقاً وحكماً. قرأ الثلاثة الكوفيون بالإفراد، وباقي
القراء بالجمع، وما سوى ذلك يوقف عليه بالهاء فيكون من قبيل هاء التأنيث
غير المدودة العارضة كما تقدم.
ثانياً: {غيابت الجبب} بسورة يوسف، في الموضعين، يوقف عليها هكذا: {يجعلوه في غيابت} {وألقوه في غيابت}، وحكمهما عارض للسكون غير ممدود مجرور، فيه السكون والروم. وقرأهما نافع بالجمع والباقي بالإفراد.
ثالثاً: {كأنه جمالت صفر} بالمرسلات، تقرأ
هكذا {كأنه جمالت}، وحكمها عارض للسكون غير ممدود مرفوع, فيه الثلاثة:
السكون والروم والإشمام. وقرأ بتوحيدها حمزة والكسائي وخلف وحفص والباقي
بجمعها {جمالات}.
رابعاً: في سورة العنكبوت {وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه}
يوقف عليها هكذا {آيات} وهي مد عارض للسكون مرفوع، فيه القصر والتوسط
والمد بالسكون، والقصر والتوسط والمد بالإشمام، والقصر بالروم. سبعة أوجه.
وقرأ بتوحيده حمزة والكسائي وخلف وشعبة، والباقي بالجمع.
خامساً: {وهم في الغرفات آمنون} بسورة سبأ، يوقف عليها هكذا: {وهم في الغرفات}، وحكمه مد عارض للسكون مجرور، فيه الثلاثة: القصر والتوسط المد والقصر بالروم، أربعة أوجه، وقرأ بتوحيده حمزة وخلف هكذا: {وهم في الغرفه}.
سادساً: قوله: {وما تخرج من ثمرات} بسورة فصلت، وَقف عليها حفص هكذا: {وما تخرج من ثمرات}، وهي في الحكم كالتي قبلها، وجمعها نافع وابن عامر و أبو جعفر وحفص، وقرأ الباقون بالإفراد: {وهم في الغرفة}.
سابعاً: قوله: {فهم على بينت منه}
بسورة فاطر، وتقرأ هكذا: {فهم على بينت}، وحكمها عارض للسكون غير ممدود
مجرور، فيه السكون والروم، قرأها نافع والكسائي وشعبة وأبو جعفر بالجمع،
والباقون بالتوحيد.
فهذه هي الكلمات السبع التي اختلف فيها القراء جمعاً وفرداً، وهي معنى قوله رضي الله عنه:
وكل ما اختلف = جمعاً وفرداً فيه بالتاء عرف
أي عرف عن حفص وقفه على هذه المواضع بالتاء المفتوحة. وقد تم هذا المبحث بحمد الله وتوفيقه.