الدروس
course cover
باب همز الوصل
9 Nov 2008
9 Nov 2008

6607

0

0

course cover
المقدمة الجزرية

القسم الرابع

باب همز الوصل
9 Nov 2008
9 Nov 2008

9 Nov 2008

6607

0

0


0

0

0

0

0

باب همز الوصل

قال الحافظ محمد بن محمد ابن الجزري (ت: 833هـ) : (باب همز الوصل

وَابْدَأْ بِهَمْـزِ الْوَصْـلِ مِـنْ فِعْـلٍ بِضَـمْ ... إِنْ كَـانَ ثَالِـثٌ مِـنَ الْفِعْـلِ  يُـضَـمْ
وَاكْسِرْهُ حَـالَ الْكَسْـرِ وَالْفَتْـحِ  وَفِـي
... الاَسْمَـاءِ غَيْـرِ الـلاَّمِ كَسْرُهَـا  وَفِـي
ابْـنٍ مَـعَ ابْـنَـةِ امْــرِيءٍ وَاثْنَـيْـنِ
... وَامْــرَأَةٍ وَاسْــمٍ مَــعَ اثْنَـتَـيْـنِ

هيئة الإشراف

#2

11 Nov 2008

الدقائق المحكمة لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري

قال الإمام زكريا بن محمد بن أحمد الأنصاريِّ السُّنَيْكِيِّ (ت: 926هـ) : (المتن:
(101) وَابْدَأْ بِهَمْزِ الْوَصْلِ مِنْ فِعْلٍ بِضَمْ = إِنْ كَانَ ثَالِثٌ مِنَ الْفِعْلِ يُضَمْ
(102) وَاكْسِرْهُ حَالَ الْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَفِي = الاَسْمَاءِ غَيْرِ اللاَّمِ كَسْرُهَا وَفِي
(103) ابْنٍ مَعَ ابْنَةِ امْرِيءٍ وَاثْنَيْنِ = وَامْرَأَةٍ وَاسْمٍ مَعَ اثْنَتَيْنِ

_________________
(101)" وابدَأْ " وُجوبًا " بهمزِ الوَصْلِ من فِعلٍ بِضَمٍّ " أي مع ضَمِّ الهمزةِ.
"إن كانَ ثالِثٌ مِنَ الفعلِ يُضَمُّ" ضَمًّا لازِمًا، ولَوْ تقديرًا. نحوُ: انظُرْ واخرُجْ، وادْعُ. ونحو: اغزِي يا هندُ؛ إذ أصلُهُ اغزُوِي، نُقِلَتْ كسرةُ الواوِ إلى الزَّايِ قبلَهَا، بعدَ سَلْبِهَا حركتَهَا. فالْتَقَى السَّاكنانِ، فَحُذِفَت الواوُ. بخلافِ نَحْوِ: امشُوا. فإنَّه يجبُ كسرُ همزتِهِ – كمَا يُعلَمُ ممَّا يأتي – ؛لأنَّ ضمَّ ثالثِهِ عارضٌ. إذ أصلُهُ: امْشِيُوا: بكسْرِ الشِّينِ؛ فنُقِلَتْ ضَمَّةُ الياءِ إلى الشِّينِ، بعد سَلْبِهَا حركتَهَا، فالْتَقَى السَّاكنانِ، فَحُذِفَت الياءُ.
ويجوزُ في ضمِّ همزةٍ نَحوُ: أُغزِي الإشمامُ بالكسْرِ بأنْ تنحُوَ بالضَّمَّةِ نحوَ الكسرةِ.


(102)"واكسِرْهُ" أي: الهمزَ "حالَ الكسْرِ والفتحِ" لِثَالثِ الفعلِ. نحوُ: اضْرِبْ، وارْجِعْ، وامْشِ، واعلَمْ، واذْهَبْ، وانْطَلِق، واستَخْرِج.
وابْتُدِِئَ بهمزةِ الوَصْلِ – فيمَا ذُكِرَ – لِيُتَوَصَّلَ بها إلى النُّطقِِ بالسَّاكنِ. ومِن ثمَّ سُمِّيتْ: همزةَ وصْلٍ. ولذَلكَ سمَّاها الخليلُ: سَلْمُ اللِّسانِ.

وَوَجْهُ ضَمِّهِ في مضمومِ ثالِثِ الفعْلِ، وكسرِهِ في مكسورِهِ، المُنَاسبةُ فيهِمَا، وطلَبُ الخفَّةِ. وَوَجْهُ كَسْرِهِ في مَفْتُوحِهِ الحملُ على مكسورِهِ في إعرابِ المثنَّى والجمعِ. وذَكَرَ ابنُ النَّاظمِ هنا فوائدَ لا يفتقرُ إليهَا الشَّرحُ.

"وفي الأسماءِ" الآتيةِ – بدَرْجِ الهمزةِ والاكتفاءِ بحرَكةِ اللاَّمِ عن هَمزةِ الوصْلِ – "غيرَ اللاَّم" أي: لامِ التّعريفِ "كسرُها" أي: كسرُ الهمزةِ فيهَا "وفي" أيِّ تامٍّ بخلافِهَا في لامِ التَّعريفِ فإنَّها تُفْتَحُ طلَبًا لِلْخفَّةِ فيمَا يكثُرُ دورُهُ.
واستثناءُ "لامِ التَّعريفِ" مِن الأسماءِ استثناءٌ منقطِعٌ؛ لأنَّها حرْفٌ لا اسْمٌ، ومِن ثَمَّ قالَ ابنُ النَّاظِمِ: ليسَ مستثنىً منهَا، بلْ من قولِهِ: "واكسِرْهُ" يعني: مِنْ ضميرِهِ. أي: واكسِرْ الهمزةَ فيمَا ذَكَرَ غَيْرَ همزةِ ألْ المَعْرَفَةِ. وفيه بُعدٌ من حيثُ اللفظُ.

(103) وقد بيَّن النَّاظمُ الأسماءَ بقولِهِ "ابن" – بالجرِّ بدلاً من الأسماءِ – "مع ابنةٍ، امرئٍ، واثنيْنِ، وامرأةٍ، واسمٍ – أصلُهُ سُمُوٌّ، وقيلَ: وَسْمٌ – مع اثنتيْنِ".
وبقيَ مِن الأسماءِ المشهُورَةِ التي تُكسَرُ همزةُ الوَصْلِ فيها قياسًا: اثنان، اسْتٌ – أصلُه: سِتَةٌ لجمعِهِ على اسْتَاتٍ – وابنُم – بمعنى ابنٌ, زيدتْ فيهِ الميمُ تأكيدًا أو للمبالغةِ -.
ويقالُ في امرئٍ: مَرءٌ، وفي امرأةٍ، مَرأةٌ.

هيئة الإشراف

#3

19 Nov 2008

المنح الفكرية لنور الدين علي بن سلطان محمد القاري

قال الإمام نور الدين علي بن سلطان محمد القاري (ت:1014هـ): (همــزةُ الـوصــلِ: (وابدأْ بهمزِ الوصلِ مِن فعلٍ بِضَمٍّ) معَ ضمٍّ للهمزِ لكن لا مُطْلَقًا في جميعِ الأحوالِ، بل كما قالَ: (إنْ كانَ ثالثٌ مِن الفعلِ يُضَمُّ) بصيغةِ المجهولِ، خبرُ كانَ، أي: مَضْمُومًا.
اعلمْ أنَّ الهمزةَ في أَوَّلِ الكلمةِ إمَّا همزةُ قطعٍ، وهي التي تَثْبُتُ وَصْلًا وَبَدْءًا، وإمَّا همزةُ وصلٍ، وهي التي تَثْبُتُ في الابتداءِ وتَسْقُطُ في الدَّرَجِ، قالَ ابنُ المصنِّفِ: وقوعُ همزةِ القطعِ في الكَلاَمِ أكثرُ مِن وقوعِ همزةِ الوصلِ؛ فلذلكَ حَصَرَ الناظمُ مواضعَ همزةِ الوصلِ لِيُعْلَمَ بذلكَ أنَّ ماعداها همزةُ قطعٍ / أ.هـ.
وفيه بحثٌ لايخفى؛ إذ الظاهرُ أنَّ همزةَ الوصلِ أكثرُ وجودًا من همزةِ القطعِ في الكَلاَمِ، إلا أنَّ الضابطَ في همزةِ الوصلِ أقربُ وأظهرُ؛ فلذا اختارَ بيانَها ومن المَعْلومِ أنَّ الابتداءَ لا يمكنُ إلا بمُتَحَرِّكٍ، فأَوَّلُ الكلمةِ إنْ كانَ مُتَحَرِّكًا فظاهرًا، وإنْ كانَ ساكنًا فيحتاجُ إلى همزةِ الوصلِ، وسُمِّيَتْ همزةَ وصلٍ؛ لأنَّها يُتَوَصَّلُ بها إلى النطقِ بالساكنِ؛ وَلِذَا سَمَّاهَا الخليلُ سُلَّمَ اللسانِ، ثمَّ همزةُ الوصلِ تُوجَدُ في الأسماءِ، والأفعالِ، والحروفِ، ومِن شأنِهَا أنَّهَا لا تكونُ في مضارعٍ مُطْلَقًا، ولا في ماضٍ ثلاثيٍّ كأَمَرَ، أورباعيٍّ، كأَكْرَمَ، بل في خماسِيِّ، كانْطَلَقَ، والسداسيِّ، كاستخرجَ، وحكمُها في الماضي المَعْروفِ الكسرُ لا غيرُ، وأمَّا في المجهولِ فلا يكونُ إلا مضمومًا، وأمَّا الأمرُ الحاضرُ ففيه تفصيلٌ، كما ذكرَه الناظمُ، وقَدَّمَ حُكْمَ الأفعالِ؛ لأنَّ همزةَ الوصلِ في الأفعالِ بالأصالةِ، وأمرَ بالابتداءِ بهمزةِ الوصلِ مَضْمُومَةً مِن فعلِ الأمرِ إذا كانَ ثالثُه مضمومًا ضمًّا لازمًا لاعارضًا كما سيأتي، نحوُ: انْظُرْ، واعْبُدْ، وإنَّما عَدْلَ عن الكسرةِ إلى الضمَّةِ معَ أنَّ الأُولَى هي الأَوْلَى؛ لكونِها الأكثرَ في همزاتِ الوصلِ؛ لئلاَّ يلزمَ الخروجُ مِن الكسرةِ إلى الضمَّةِ، والحالُ أنْ لاعبرةَ بالساكنِ بينَهما، حيثُ إنَّه ليسَ بحاجزٍ ولمناسبةِ عينِ الفعلِ، وأمَّا إن كانَ ثالثُه مكسورًا كسرًا لازمًا أي: أَصْليًّا أو مفتوحًا، فابْتُدِيءَ بها مكسورةً على أصلِها، نحو: اضْرِبْ، واذْهَبْ واعْلَمْ، وأشارَ إلى ذلكَ بقولِه: (واكْسِرْهُ حالَ الكسرِ والفَتْحِ وفي) أي: واكْسِر الهمزةَ حالَ كسرِ ثالثِ الفعلِ، أو فتحِه، أمَّا وجهُ كسرِه في مكسوره فهو المناسبةُ بينَهما، كما في ضمِّه معَ مضمومِه، وأمَّا وجهُ كسرِه في مفتوحِه فالحملُ له على مكسوره، كنظيرِه في إعرابِ المثنى والجمعِ، كذا ذكرَه الشيخُ زكريَّا، والأظهرُ لدفعِ الاشتباهِ في بعضِ الصورِ، باعتبارِ بعضِ الصيغِ، ولأنَّ همزةَ القطعِ غالبًا تكونُ مفتوحةً، فلا بدَّ مِن ظهورِ المغايرةِ، وأمَّا إذا كانَ ثالثُ الفعلِ مضمومًا ضمًّا غيرَ لازمٍ، بأنْ يكونَ عارضًا لإعلالِ كسرتِه أيضًا نحو: { امْشُوْا } فإنَّ أصلَه إمْشِيُوا، نُقِلَتْ ضمَّةُ الياءِ إلى الشينِ بعدَ سلبِ حركتِها، فالتقى ساكنانِ، فَحُذِفَتْ الياءُ فصارَ (امْشُوا)، وكذا قوله { ائْتُونِي } وقد ذهبَ ابنُ المصنِّفِ وتبِعَه الشرَّاحُ إلى حصْرِ تصويرِ الأمثلةِ مُخْتَصًّا بالأوامرِ مِن الثلاثيِّ المجرَّدِ ولعلَّهُم غَفَلُوا عن أنَّهُ كذلكَ حُكْمُ الأمرِ مطلقًا والماضي مِن الثلاثيِّ المزيدِ، ماعدا بابَ الأفعالِ، فإنَّ همزتَه مطلقًا قطعيَّةٌ سواءٌ كانَ ذلكَ الفعلُ الماضي مَعْلُومًا أو مجهولًا نحوَ: {اجْتَمَعْتَ} و { اجْتُثَّتْ } و { اسْتَكْبَرَ } و { اؤتُمِنَ }، و{ اشْتَرَى } و{ اتَّخَذْنَاهُمْ سُخْرِيًّا } لِمَنْ قرأَ بالأخبارِ، ونحوَ {انْطَلِقُوا}، و {اسْتَغْفِرُوا}، وبذلكَ التعميمِ أشارَ الناظمُ حيثُ قالَ (ثالثٌ مِن الفعلِ) ولم يقلْ: عينُ الفعلِ، فافهمْ، وقالَ الشيخُ زكريَّا: وابدأْ وجوبًا، ولعلَّه أشارَ إلى الخلافِ الواقعِ في نحوِ {قلْ ادْعُوا} حالَ الوصلِ، كما بيَّنَه الشاطبيُّ رحمَهُ اللهُ بقولِه:

وضَمُّكَ أُولَى الساكنينِ لثالثٍ = يُضَمُّ لُزُومًا كَسْرُه في نَدْخُلاَ


ثمَّ قولُ الناظمِ: وفي حرفِ جرٍّ مدخولُها قولُ: (الأسماءُ غيرُ اللامِ كسرُها وفيٌّ) بتشديدِ الياءِ، سُكِّنَ وقفًا أو خُفِّفَتْ، فهو فعيلٌ بمعنى وافٍ، أي: تامٍّ، والمعنى: كسرُ الهمزةِ فيها تامٌّ، بخلافِها في لامِ التعريفِ، فإنَّها تُفْتَحُ طَلَبًا للخِفَّةِ فيما يكثُرُ دورُه، و (غيرُ) إمَّا مجرورٌ على أنَّهُ نعتُ الأسماءِ، أو منصوبٌ على الاستثناءِ، والمرادُ باللامِ لامُ التعريفِ، و (كسرُها) مرفوعٌ على أنَّهُ مبتدأٌ، وضميرُها راجعٌ إلى الهمزةِ في أَوَّلِ الأسماءِ، وَخَبَرُهُ (وفيٌّ) وفي الأسماءِ مُتَعَلِّقَةٌ (بكسرِها) واللامُ في الأسماءِ مُتَحَرِّكَةٌ مَنْقُولَةٌ إليها مِن الهمزةِ بعدَها، حيثُ أُدْرِجَت الهمزةُ واكْتُفِي بحركةِ اللامِ عن همزةِ الوصلِ، فالمعنى: أنَّ همزةَ الأسماءِ كُلَّها مكسورةٌ، غيرَ همزةِ لامِ التعريفِ، فإنَّها تكونُ مفتوحةً دائمًا طَلَبًا للخفَّةِ فيما يَكْثُرُ دَوْرُه، واستثناءُ لامِ التعريفِ مِن الأسماءِ استثناءٌ مُنْقَطِعٌ، لأنَّها حرفٌ لا اسمٌ،
ومن ثَمَّةَ قالَ ابنُ المصنِّفِ: ليسَ مُسْتَثْنًى منها، بل مِن قولِه: (واكْسِرْه)، يعني مِن ضميرِه، أي: واكسر الهمزَ فيما ذكرَ همزَ غيرَ أل المُعَرِّفةِ وفيه بُعْدٌ مِن حيثُ اللفظُ، كما قالَ زكريَّا:


ابنُ معَ ابنةِ امرىءٍ واثنينِ = وامرأةٍ واسمٍ معَ اثنتينِ


فقولُه (ابنٍ) بالجرِّ بدلٌ من الأسماءِ، كما ذكَرَه الشيخُ زكريَّا، أو عطفُ بيانٍ، وهو الأظهرُ، فالمرادُ بالأسماءِ الآتيةُ، وأمَّا قولُ الروميِّ: (وفي الأسماءِ) خبرٌ مُقَدَّمٌ لقولِه (كَسْرُهَا) وفي (ابنٍ) عطفٌ على قولِه: (وفي الأسماءِ) فليسَ في مَحَلِّه بلْ خطأً مِن جهةِ المبنى، وكذا من طريقةِ المعنى، أمَّا المبنى فلأنَّهُ يلزمُ منه عيبٌ في كَلاَمِ الناظمِ، وهو الإبطاءُ، بخلافِ ما قدَّمْنَاه في تحقيقِ البناءِ، وأمَّا المعنى فلأنَّ الأسماءَ الْمَكْسُوَرةَ الهمزةِ محصورةٌ عندَ المصنِّفِ في الأسماءِ المذكورةِ، فلا يصحُّ التعاطفُ بينَهُمَا على الطريقةِ المَسْطُورَةِ، وأيضًا لا يصحُّ حملُ الأسماءِ على العمومِ، ويكونُ العطفُ من قبيلِ التخصيصِ؛ لأنَّ جميعَ همزاتِ الأسماءِ ليستْ موصولةً، ولا كُلَّها مكسورةً، وكأنَّ الشيخَ أرادَ بالأسماءِ ما فيه الهمزةُ المكسورةُ السامَعِيُّ، فلا يَرِدُ عليه القياسيُّ، وهو كُلُّ مصدرٍ بعدَ ألفِ فِعْلِه أربعةُ أحرفٍ فصاعدًا، كالافتعالِ والانفعالِ والاستفعالِ، ممَّا وردَ في القرآنِ أو لم يَرِدْ، أولأنَّهُ اكتفى بما يُفْهَمُ مِن كسرِ همزةٍ في الفعلِ، وكسرِ همزةٍ في مصدرِه بالقياسِ، وأمَّا تفسيرُ اليمنيِّ الأسماءَ بالمصادرِ مِن نحوِ: {ابْتِغَاءَ الْفَتْنَةِ} و {اخْتِلاَفُ الليلِ} {واخْتِلاَقٌ} و (انْتِقَامٌ) فليسَ في مَحَلِّه، لما سبقَ من تحقيقِ المرامِ، وأمَّا سائرُ الأسماءِ فَمُخْتَلِفَةُ الأوائلِ، فمنها مفتوحةٌ: كآدمَ، أو مكسورةٌ: كإِبْرَاهِيمَ، أو مضمومةٌ: كأُجَاجٍ، وقد يقالُ إن هذا كُلََّه يَنْدَفِعُ بأنَّ الضميرَ في (اكْسِره) إلى همزةِ الوصلِ لا إلى الهمزةِ مطلقًا، ثمَّ ما اختارَه الناظمُ مِن أنَّ التعريفَ باللامِ وحدَه والهمزةَ زائدةٌ، إذ لو كانتْ مقصودةً لم تُحْذَفْ كما لا تُحْذَفُ همزةُ (أَمْ) و (إنْ) هو مذهبُ سِيبَوَيْهِ وأكثرِ النحاةِ، خلافًا لِمَا ذهبَ إليه الخليلُ مِن أنَّ (أل) حرفٌ ثنائيٌّ تُفِيدُ التعريفَ؛ لأنَّها مِن خصائصِ الأسماءِ وتفيدُ معنىً فيها، وهي بمنزلةِ (قد) و (هل) في الأفعالِ وذلكَ ثنائيٌّ فكذلكَ هذه. أقولُ ولعلَّ وجهَ حذفِ همزةِ كثرةِ الاستعمالِ.
والحاصلُ أنَّ الناظمَ يريدُ همزةَ الوصلِ في السماعيِّ وهو عشْرةُ أسماءِ، وقد ذكَرَ سبْعةً منَها لورودِها في القرآنِ، إلا أنَّهُ تركَ باقيَها لضرورةِ النظمِ، كما قالَ المصريُّ، وسبقَه الروميُّ، منها (ابنٌ) وأصلُه: بَنَو بفتحتينِ لقولِهم في تكسيرهِ: (أبناءٌ)، وأفعالُ في الأصلِ جمعُ فَعَلٍ، نحوُ نَبَأٌ وأَنْبَاءٌ، وخَبَرٌ وأَخَبْارٌ، فَأُعِلَّ بأنَ اسْتُثْقِلََ الضمةُ على الواوِ، وحذَفَ اللامَ لالتقاءِ الساكنينِ، وأَسْكَنَ الأَوَّلَ، وأُدْخِلَتْ عليه همزةُ الوصلِ، ومنها (ابنةٌ) وأصلُه بَنَوَةٌ، كشَجَرَةٌ وهي مؤنَّثَةُ (ابنٍ) فَحُكْمُهَا حُكْمُه، ومنها (امُرؤٌ) للمُذَكَّرِ، و (امرأةٌ) للمؤنَّثِ، وفيهما لغةٌ أُخْرَى (مَرْءٌ) و (مَرْأةٌ)، وإنَّما أَدْخَلُوا الهمزةَ عليهما وإنْ كانَا تامَّيْنِ من حيثُ إنَّ لامَهُمَا همزةٌ وَيَلْحَقُهُمَا التخفيفُ فيقالُ: مَرْ ومَرْةٌ، فَجَرَيَا مجرى ابنٍ وابنةٍ، ومنها (اثنَانِ) للمُذَكَّرِ و (اثْنَتَانِ) للمُؤَنَّثِ، وَأَصْلُها ثَنَيَانِ وثَنَيَتَانِ، كجَمَلاَنِ، وشَجَرَتَانِ، بدليلِ قولِهم في النسبةِ: ثَنَوِيٌّ فَحُذِفَت اللامُ , وأُسْكِنَت الثاءُ، وجِيءَ بهمزةِ الوصلِ، ومنها (اسمٌ) وأصلُه سَمَوَ بوزنِ قَنَوَ وصَنَو فَحُذِفَت الواوُ؛ لاستثقالِهم تعاقُبَ الحركاتِ الإعرابيَّةِ عليها ونُقِلَ سكونُ الميمِ إلي السينِ لتعاقبِ تلكَ الحركاتِ عليها، وَأُتِيَ بهمزةِ الوصلِ، وهذا مذهبُ البصريِّينَ، وفيه أنَّ العلةَ المذكورةَ منقوضةٌ في دَلْوٍ: اللهمَّ إلا أنْ يقالَ بأنَّ استعمالَ الاسمِ أكثرُ مِن الدلوِ، واطِّرَادُ العلَّةِ غيرُ لازمٍ، وأمَّا مَذْهَبُ الكوفيِّينَ أنَّ أَصْلَه (وَسْمٌ) أي: علامةٌ؛ لأنَّ الاسمَ علامةٌ للمُسَمَّى، وَيُعْرَفُ هو بِه، والمختارُ مَذْهَبُ البصريِّينَ؛ لقولِهم في تكسيرِه: أسماءٌ لا أَوْسَامٌ، وفي تصغيرِه سُمَيٌّ لاوُسَيْمٌ، وعندَ إسنادِ الضميرِ المرفوعِ المُتَحَرِّكِ: سُمَّيْتُ، لا وَسَمْتُ، كوُعَدْتُ قالَ ابنُ الناظمِ: ومنها (اسْتٌ) واصلُه سَتَهٌ، كجَمَلٍ، لِتَكْسِيرِهِ على اسْتِاهٍ، وَأَهْمَلَهُ الناظمُ؛ لأنَّ البيتَ لم يَسَعْه، قلتُ: والصوابُ في الاعتذارِ أنْ يقالَ: لعدمِ ورودِه في الكتابِ، لا سيَّما وذِكْرُه مُسْتَهْجَنٌ عندَ أُولِي الألبابِ، وأمَّا قولُ خالدٍ: وينبغي أنْ يزيدَ (أل) الموصولةَ و(ايْمُ) لغةٌ في (ايْمَن) فإنْ قالُوا هي (أَيْمَنُ) فَحُذِفَتْ اللامُ، قُلْنَا و (ابنم) هو (ابنٌ) فَزِيدَتُ الميمُ، وحُكْمُها معَ ماذكَرْنا الكسرُ، ومعَ لامِ التعريفِ الفتحُ، فالجوابُ أنَّ لامَ التعريفِ يشملُ نوعيه، و (ايْمُ) لم يجيءْ في القرآنِ العظيمِ، وكذا (ابنم) معَ أنَّه عُلِمَ حُكْمُه مِن (ابنٍ) فإنَّ الميمَ زائدةٌ للتوكيدِ والمبالغةِ، كما في (زُرْقُمْ) بمعنى الأزرقِ ومرادُ المصنِّفِ بيانُ ما في الكتابِ، واللهُ أعلمُ بالصوابِ، وأمَّا قولُ ابنِ المصنِّفِ وقدْ تبعَه الروميُّ: لو قالَ الناظمُ مكانَ كسرِها (الأيمنُ وفي) لو في، فَمَدْفُوعٌ كما لايخفى على أربابِ الوفا، لعدمِ وجودِ الاستيفاءِ، وقالَ الشيخُ زكريَّا: ذكرَ ابنُ الناظمِ ههنا فوائدَ لايَفْتَقِرُ إليها المَشْرُوحُ، قلتُ: وهو كذلكَ؛ وَلِذَلِكَ أَعْرَضْتُ عمَّا فيه مِن المَغْلُوقِ والمَفْتُوحِ.

هيئة الإشراف

#4

19 Nov 2008

الفوائد التجويدية للشيخ: عبد الرازق بن علي موسى

قال الشيخ عبد الرازق بن علي بن إبراهيم موسى المصري (ت: 1429هـ): (حركةُ البدءِ بهمزةِ الوصلِ في الأفعالِ المقِيسَةِ فيها:
حركةُ البدءِ بهمزةِ الوصلِ في الأفعالِ المقيسةِ فيها قد تكونُ بالضمِّ وقد تكونُ بالكسرِ أما حركةُ البدءِ بالضمِّ فشرطُها أن يكونَ ثالثُ الفعلِ مضموماً ضمًّا لازماً.
مثالُها في الماضي نحوُ: (استحفظوا) و (اجتثت) في قولِه تعالى: {وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَبِ اللهِ} (المائدة: آية 44)، وقولِه تعالى: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ} (إبراهيم: آية 26) ونحوَ ذلك.
ومثالُها في الأمْرِ نحوَ: (ادْعُ) و (انْظُر) و (اخْرُجُوا) في قولِه تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}(النحل: آية 125)، وقولِه تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ} (الإسراء: آية 48)، وقولِه تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دَيَارِكُمْ مَا فَعَلُوه إلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} (النساء: آية 66).
وهذا ما أشارَ إليه الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ في المقدِّمةِ بقولِه:

101- وابدأْ بهمزِ الوصلِ من فعْلٍ بضَمْ = إنْ كانَ ثالثٌ من الفعْلِ يُضَمْ


فخرَجَ بالضمِّ اللازمِ في ثالثِ الفعلِ الذي هو شرْطٌ في البدءِ بالضمِّ الضمُّ العارِضُ وحينئذٍ يُبتدأُ فيه بكسرِ الهمزةِ وُجوباً نحوَ: (اقضوا) و (ابنوا) و (امضوا) و (ائتوا) في قولِه تعالى: {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلاَ تُنْظِرُونِ} (يونس: آية 71)، وقولِه تعالى: {فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً} (الكهف: آية 21)، وقولِه تعالى: {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} (الحجر: آية65)، وقولِه تعالى: {وَانْطَلَقَ الْمَلاَ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا واصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ} (ص: آية6)، وقولِه تعالى: {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} (طه: آية 64)، وقولِه تعالى: {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} (الأحقاف: آية4)، ونحوَه، كقولِه تعالى: {قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِن أَبِيكُمْ} (يوسف: آية 59)، وليس في القرآنِ غيرُ هذه الأفعالِ الخمسةِ التي ضَمُّ ثالِثِها عارِضٌ فيما أَحسَبُ وإن كان فيه غيرُها فهو واضحٌ، لكن لا يَجوزُ البدءُ بهمزةِ الوصلِ مُجرَّدَةً عن واوِ العطْفِ في {وَامْضُوا} كما هو ظاهرٌ فليُعْلَمْ ذلك، هذا: وبيانُ عُروضِ الضمَّةِ في ثالثِ هذه الأفعالِ: هو أنَّ كلمةَ {اقْضُوا} كان أصلُها اقْضِيُوا، بضادٍ مكسورةٍ وياءٍ مضمومةٍ بعدَها فنُقلَتْ ضمَّةُ الياءِ إلى الضادِ بعدَ تقديرِ سلْبِ حركتِها فالتَقَى ساكنان الياءُ والواوُ فحذِفتْ الياءُ، لالتقاءِ الساكنين فصارت الكلمةُ اقضُوا بضمِّ الضادِ وحذْفِ الياءِ وكذلك القولُ في باقي الأفعالِ التي ضَمُّ ثالِثِها عارِضٌ فيما ذَكرْنا.
وأما حركةُ البدءِ بالكسرِ فشرطُها أن يكونَ ثالثُ الفعلِ مفتوحاً أو مكسوراً كسراً أصليًّا.
فمثالُ ما ثالثُ الفعلِ فيه مفتوحٌ نحوُ: انقلبَ وارتضى و اعلموا في قولِه تعالى: {وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} (المطففين: آية 31)، وقولِه تعالى: {إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (الجن: آية 27)، وقولِه تعالى:{اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العقابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (المائدة: آية 98) وما إلى ذلك.
ومثالُ ما ثالثُ الفعلِ فيه مكسورٌ كسراً أصليًّا نحوَ: (اهْدِنا) و (اصْبِر) و (اصْرِف) و (اكْشِف) في قولِه تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (الفاتحة: آية 6)، وقولِه تعالى: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} (ص: آية 17)، وقولِه تعالى: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ} (الدخان: آية 12)، وقولِه تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ} (الفرقان: آية 65) وما أشبَهَ ذلك.
وهذا ما أشارَ إليه الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ في المقدِّمةِ بقولِه:

102- واكسَرْه حالَ الكسْرِ والفتحِ وفى = الأسماءِ غيرِ اللامِ كسرُها وَفِـي


"توضيحٌ": تقدَّمَ قريباً أن الابتداءَ بكسرِ همزةِ الوصلِ في الفعْلِ وُجوباً إذا كان ثالثُه مضموماً ضمًّا عارِضاً كاقضِيُوا وعليه فيصيرُ الابتداءُ بكسْرِ همزةِ الوصلِ في الفعلِ وُجوباً في أحوالٍ ثلاثٍ: إذا كان ثالثُه مكسوراً كسْراً أصليًّا، أو مفتوحاً أو مضموماً ضمًّا عارِضاً.
وأما الابتداءُ بضمِّ همزةِ الوصلِ وجوباً في الفعلِ ففي حالين اثنين، إذا كان ثالثُ الفعلِ مضموماً ضمًّا لازماً، أو كان ثالثُه مكسوراً كسْراً عارِضاً نحوُ: "اضْطُر" في قراءةِ أبي جعفرٍ المدنيِّ كما ذَكرْنا في الحاشيةِ، فإنَّ أصلَه "اضطرر" بالفكِّ بضَمِّ الطاءِ وكسْرِ الراءِ الأُولى، فلما أُريدَ الإدغامُ نُقلَ هذا الكسرُ إلى الطاءِ بعدَ سلْبِ حركتِها للدلالةِ على حركةِ المدغَم، فإذا ابتُدئَ من "اضطر" فتبدأُ بضمِّ الهمزةِ سواءً أكان على القراءةِ بضمِّ الطاءِ أو على القراءةِ بكسرِها.
ومن ثَمَّ يَتبيَّنُ أن حركةَ همزةِ الوصلِ في الابتداءِ بالأفعالِ مبنيَّةٌ على حركةِ الثالثِ منها فإن اختلفَ القرَّاءُ في حركةِ الثالثِ لوُرودِ الفعلِ من بابين نحوُ: (انشزوا) في قولِه تعالى: {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} (المجادلة: آية 11) فقد قرأَ بعضُ القرَّاءِ بضمِّ الشينِ وبعضُهم بكسرِها فيُراعَى ذلك في الابتداءِ، وكذلك يُراعى اختلافُ القرَّاءِ في ضمِّ ثالثِ الفعلِ عند بنائِه للمجهولِ كما في لفظِ "استحق" في قولِه تعالى: {مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ} (المائدة: آية 107) فتَبدأُ بضمِّ الهمزةِ لمن ضَمَّ الثالثَ ويَبدأُ بكسرِها لمن قرأَ بفتحِها فتأمَّلْ.

الكلامُ على وجودِ همزةِ الوصلِ في الأسماءِ وحركةِ البدءِ بها:
وهي في الأسماءِ قياسيَّةٌ وسماعيَّةٌ، والاسمُ لا يَخلُو من أن يكونَ معرَّفاً بالألفِ واللامِ أو مجرَّداً منهما:
فإن كان معرَّفاً بالألِفِ واللامِ فهمزةُ الوصلِ فيه قياسيَّةٌ وحركتُها عند الابتداءِ الفتحةُ طلَباً للخفَّةِ ولكثرةِ دورانِها نحوُ قولِه تعالى: {هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (الحشر: آية 24)، وإن كان مجرَّداً من الألِفِ واللامِ فهمزةُ الوصْلِ فيه قياسيَّةٌ وسماعيَّةٌ، أما القياسيَّةُ ففي نوعين منه.
النوعُ الأوَّلُ: مصدرُ الفعلِ الماضي الخماسيِّ نحو: افتراء وابتغاء، واختلاف وانتقام في قولِه تعالى: {وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِرَاءً عَلَى اللهِ} (الأنعام: آية 140) وقولِه تعالى: {إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لاَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ} (يونس: آية 6)، وقولِه تعالى: {وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} (من مواضعه المائدة آية: 95).
النوعُ الثاني: مصدرُ الفعلِ الماضي السداسيِّ نحوُ: استغفار واستعجال واستكبار في قولِه تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَِبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} (التوبة: آية 114)، وقولِه سبحانَه: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} (يونس: آية 11)، وقولِه تعالى: {وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً} (نوح: آية 7) وما شابَه ذلك.
وحركةُ البدءِ بهمزةِ الوصلِ في هذين المَصدرَيْن الكسرُ وُجوباً.
وأما السماعيَّةُ ففي عشرةِ أسماءٍ محفوظةٍ وَردَ منها في القرآنِ الكريمِ سبعةُ أسماءَ والثلاثةُ الباقيةُ وَردَتْ في غيرِ القرآنِ من كلامِ العربِ.
أما الأسماءُ السبعةُ التي في الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فهي كما يلي:
الأوَّلُ: "ابن" بالتذكيرِ سواءً كان مضافاً لياءِ المتكلِّمِ أو لغيرِها كقولِه تعالى: {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} (هود: آية 45)، وقولِه تعالى: {اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} (آل عمران: آية 45).
الثاني: "ابنت" بالتأنيثِ مُفرَدةٌ أو مثنَّاةٌ كقولِه تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ} (التحريم: آية 12)، وقولِه تعالى: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} (القصص: آية 27).
الثالثُ: "امرؤ" بالتذكيرِ حيثُ وَردَ مرفوعاً كان أو منصوباً أو مجروراً نحوُ قولِه تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} (النساء: آية 176)، وقولِه تعالى: {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ} (مريم: آية 28)، وقولِه تعالى: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} (عبس: آية 37).
الرابعُ: "اثنين" بالتذكيرِ سواءً كان معرَباً بالألفِ والنونِ أو بالياءِ والنونِ أو كان مضافاً للعشرةِ نحوُ قولِه تعالى: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (المائدة: آية 106)، وقولِه تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} (التوبة: آية 40)، وقولِه سبحانه: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً} (التوبة: آية 36)، {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً} (المائدة: آية 12).
الخامسُ: "امرأت" بالتأنيثِ مفردَةً أو مثنَّاةً وسواءً رسِمتْ بالتاءِ المفتوحةِ أم بالهاءِ المربوطةِ نحوَ: {امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} (التحريم: آية 12)، وقولِه تعالى: {وِإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ} (النساء: آية 138)، وقولِه تعالى: {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ} (القصص: آية 23).
السادسُ: "اسم" نحوَ قولِه تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} (الأعلى: آية 1)، وقولِه تعالى: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}(الصف: آية 6).
السابعُ: "اثنتين" بالتأنيثِ سواءً كان مضافاً للعشرةِ أم لم يُضفْ نحوُ قولِه تعالى: {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً} (البقرة: آية 60)، وقولِه تعالى: {اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً} (الأعراف: آية 160)، وقولِه سبحانَه: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ} (النساء: آية 176).
ويُلاحظُ هنا أن النونَ من لفظِ "اثنان" في المذكَّرِ و "اثنين" في المؤنَّثِ محذوفةٌ لأجلِ تركيبِهما مع العشرةِ.
وأما الأسماءُ الثلاثةُ الباقيةُ من العشرةِ الواردةِ في غيرِ القرآنِ الكريمِ فنورِدُها لتمامِ الفائدةِ.
أوَّلُها: لفظُ "است".
وثانيها: لفظُ "ابنم" وهو (ابن) زِيدتْ فيه الميمُ.
وثالثُها: لفظُ "ايم" وهو للقسَمِ وقد يُزادُ فيه النونُ فيُقالُ "ايمن" نحوَ: "وَايْمُنِ اللهِ لاَجتهدنَّ".
هذا وقد اختلِفَ في لفظِ "ايمن" بينَ كونِه اسماً أو حرفاً، والراجحُ أنه اسمٌ، وأما حركةُ البدءِ بهمزةِ الوصلِ في هذه الأسماءِ فبالكسرِ وُجوباً سواءً أكانتْ من الواردِ في التنزيلِ أمْ من غيرِ الواردةِ فيه إلا "ايمن" في القَسَمِ في لغتَيْهِ فيَجوزُ فيه الفتحُ أيضاً وهو الأرجحُ.
وقد أشارَ الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ إلى همزةِ الوصلِ في الأسماءِ وحركةِ البدءِ بها في المقدِّمةِ الجزْرِيَّةِ بقولِه:

102- ...........................وفى = الأسماءِ غيرِ اللام كسرُها وَفِي
103- ابـْن مَـعَ ابنتَ امْـرء واثنين = وامـرأةٍ واسْم مـعَ اثنتـين

الكلامُ على وجودِ همزةِ الوصلِ في الحروفِ وحركةِ البدءِ بها:
همزةُ الوصلِ في الحروفِ لا تُوجدُ إلا في حرفين:
الأوَّلُ: "ال" في نحوِ قولِه تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (الرحمن: آية 1-4) وهي هنا قياسيَّةٌ.
الثاني: "ايمن" في القسَمِ في لغتَيْهِ: زيادةُ النونِ أو حذفُها وهذا على القولِ بحرفيَّتِه، وهو ضعيفٌ وهمزةُ الوصلِ فيه سماعيَّةٌ.
أما حركةُ البدءِ فيهما فبالفتحِ في "ال" وجوباً وفي "ايمن" على الأرجحِ.
فائدةٌ: تُحذفُ همزةُ الوصْلِ لفظاً وخطًّا من "ال" إذا دَخلَ عليها لامُ الجرِّ نحوُ: للرؤيا، للمتقين، للذين في قولِه تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} (يوسف: آية 43)، وقولِه تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً} (النبأ: آية 31)، وقولِه تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (يونس: آية 26)، بخلافِ دخولِ غيرِها عليها من بقيَّةِ حروفِ الجرِّ فإنها حينئذٍ تُحذفُ لفظاً وتُثبتُ خطاًّ، نحوُ: بالآخرةِ بالغيبِ، من الكتبِ في نحوِ قولِه تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ} (البقرة: آية 3)، وقولِه تعالى: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكَتَابِ هُوَ الْحَقُّ} (فاطر: آية31)، وقولِه تعالى: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً } (التوبة: آية 67)، وقولِه تعالى:{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} (يونس: آية64) وقولِه تعالى: {وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} (الطور: آية 1-2)، وقولِه سبحانَه: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} (النجم: آية 1).
وحكْمُ همْزةِ الوصْلِ حينئذٍ حكْمُ المسبوقةِ بكلامٍ نحوُ قولِه تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ للهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادَهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} (النمل: آية 59)، وقولِه تعالى: {وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً} (نوح: آية 7)، وهي بهذا مطابِقةٌ لتعريفِها السابقِ، من أنها تَثبتُ في الابتداءٍ وتَسقطُ في الوصْلِ، واللهُ أعلمُ.

هيئة الإشراف

#5

25 Nov 2008

شرح المقدمة الجزرية للشيخ المقرئ: عبد الباسط هاشم

قال الشيخ عبد الباسط بن حامد بن محمد متولي [المعروف بعبد الباسط هاشم] (ت: 1441هـ): (المبحث الثالث عشر في همزة الوصل
اعلم أن همزة الوصل تثبت ابتداء، وتحذف في الدرج أي وصلا، وكما أن الوقف أصله السكون كما قال الإمام الشاطبي:

والاسكان أصل الوقف وهو اشتقاقه = من الوقف عن تحريك حرف كعزلا

كان الابتداء بمحرك ولابد
وقد كره العرب الوقف على المحرك والابتداء بالساكن، فإذا كان الابتداء بساكن نحو قوله: { الأخلاء يومئذ} {الآن خفف الله عنكم} احتيج إلى همزة الوصل للتوصل بها إلى الابتداء بالساكن، وهذا فيما أعتقد سبب تسميتها بهمزة الوصل، فلولا همزة الوصل ما صيغ الابتداء باللام الساكنة، وتأتي همزة الوصل في الأسماء، والأفعال، فهي بالأسماء في القرآن الكريم في سبع كلمات: وهي (اسم، وابن، وابنة، واثنان، واثنتان، وامرئ، وامرأة) وتأتي في ثلاثة أسماء أخر لكن ليس في القرآن منها شيء وهي (است، وابنم، وايم).
وتأتي همزة الوصل في الأسماء والأفعال، فهي بالأسماء في القرآن الكريم في سبع كلمات وهي: (اسم، وابن، وابنة، واثنان، واثنتان، وامرئ، وامرأة)، وتأتي في ثلاثة أسماء أخر، لكن ليس في القرآن منها شيء وهي: (اسنن وابنم وايم) يعني ايم الله، وتقع في مصدر الفعل الخماسي، كقوله: {لا انفصام لها} وأيضاً في مصدر الفعل السداسي، كقوله: {استكباراً في الأرض} وقس على ذلك. وأيضاً في تعريف الأسماء، كالقمر، والشمس، والليل ونحو ذلك.
أما في الأفعال الماضية فلا تقع إلا في الفعل الخماسي، نحو قوله: {انطلقا}، وفي السداسي، نحو استخرجها، ولا تقع في الرباعي نحو أكرم، ولا في الثلاثي نحو أمر، فمحل ذلك همزة القطع، وحركتها في الفعل الماضي إن بدأت بها مكسورة، وفي فعل الأمر تقع في الثلاثي منه نحو: اضرب، وفي الفعل الخماسي نحو: انطلق، وفي السداسي نحو: استكبروا، ولا تقع في الأمر الرباعي نحو أكرم، فمحل ذلك همزة القطع.
وفي حكمها تفصيل: فإن كان ثالث الفعل مضموماً نحو: (اقتل، اخرج، انظر، اعبد،اخرج) بشرط أن تكون الضمة أصلية بدئ بها بالضم، وإن كان ثالث الفعل مكسوراً كسرة أصلية، أو مفتوحاً فتحة أصلية، نحو: (اضرب، استغفر، اتبع،اعلم) بدأ بها بالكسر. وقلنا إن كان مفتوحاً بدأ فيه بالكسر، مخافة التباس فعل الأمر بالمضارع من أجل ذلك كسرناه في البدء.
وثمة أربعة أفعال في القرآن الكريم ثالثها مضموماً، ولكن يبدأ فيها بالكسر، وهن:
أولاً: ائتوا؛ لأن أصلها: إئتيوا.
ثانياً: امشوا؛ لأن أصلها امشيوا.
ثالثاً: اقضوا؛ لأن أصلها اقضيوا.
رابعاً: ابنوا؛ لأن أصلها ابنيوا. وإنما بدئ فيها بالكسر؛ لأجل الياء المحذوفة.
هذا ولا تأتي همزة الوصل في فعل مضارع أبداً، ولا في أي حرف غير لام التعريف فاعلم ذلك.
قال الناظم:

وابدأ بهمز الوصل من فعل بضم = إن كان ثالث من الفعل يضم
واكسره حال الكسر والفتح وفي = الاسماء غير اللام كسرها وفي

يعني إن كان ثالث الفعل مكسوراً أو مفتوحاً كسر بدءا. وفي الأسماء غير اللام يبدأ فيها بالكسر أيضاً.

ابن مع ابنة امرئ واثنين = وامرأة واسم مع اثنتين

يعني يبدأ فيها بالكسر.