الدروس
course cover
باب الصفات
9 Nov 2008
9 Nov 2008

6223

0

0

course cover
المقدمة الجزرية

القسم الأول

باب الصفات
9 Nov 2008
9 Nov 2008

9 Nov 2008

6223

0

0


0

0

0

0

0

باب الصفات

قال الحافظ محمد بن محمد ابن الجزري (ت: 833هـ) : (باب الصفات

صِفَاتُهَا جَهْـرٌ وَرِخْـوٌ  مُسْتَفِـلْ ... مُنْفَتِـحٌ مُصْمَتَـةٌ والضِّـدَّ  قُـلْ

مَهْمُوسُهَا (فَحَثَّهُ شَخْصٌ سَكَـتْ) ... شَدِيْدُهَا (لَفْظُ أَجِدْ قَـطٍ بَكَـتْ)

وَبَيْنَ رِخْوٍ وَالشَّدِيدِ (لِـنْ عُمَـرْ) ... وَسَبْعُ عُلْوٍ (خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ) خَصَرْ

(وَصَادُ ضادٌ طَاءُ ظَـاءٌ)  مُطْبَقَـهْ ... وَ (فِرَّ مِنْ لُبِّ) الحُرُوفُ  الْمُذْلَقَـهْ

صَفِيرُهَـا (صَـادٌ وَزايٌ  سِيـنُ) ... قَلْقَلَـةٌ (قُطْـبُ جَـدٍ)  وَاللِّيـنُ

(وَاوٌ وَيَـاءٌ) سَكَنَـا وَانْفَتَـحـا ... قَبْلَهُمَـا  وَالاِنْحِـرَافُ  صُحِّحَـا

في (اللاَّمِ وَالرَّا) وَبِتَكْرِيْـرٍ جُعِـلْ ... وَلِلتَّفَشِّي (الشِّيْنُ) (ضَاداً)  اِسْتُطِلْ

هيئة الإشراف

#2

19 Aug 2008

المنح الفكرية لنور الدين علي بن سلطان محمد القاري

قال الإمام نور الدين علي بن سلطان محمد القاري (ت:1014هـ): ( (صفاتُها جَهْرٌ ورِخْوٌ مُسْتَفِلْ = مُنْفَتِحٌ مُصْمَتَةٌ والضِّدَّ قُلْ)

بابُ صفاتِ الحروفِ:
الصفةُ: ما قامَ بالشيءِ مِن المَعْاني كالعلمِ والسوادِ، وقد تُطْلَقُ الصفةُ ويرادُ بها النعتُ النحويُّ، والمرادُ بها هنا: عوارضُ تَعْرِضُ للأصواتِ الواقعةِ في الحروفِ من الجهرِ والرَّخاوةِ والهمسِ والشدَّةِ وأمثالِ ذلكَ، فالمَخْرَجُ للحرفِ كالميزانِ يُعْرَفُ به ماهِيَّتُه وكِمِّيَّتُه، والصفةُ كالمَحَكِّ والناقدِ, يُعْرَفُ بها هيئتُه وكيفيَّتُه وبهذا يتميَّزُ بعضُ الحروفِ المشتركةِ في المَخْرَجِ عن بعضِها حالَ تأديتِه، ولولا ذلكَ لكانَ الكَلاَمُ بمنزلةِ أصواتِ البهائمِ التي لها مَخْرَجٌ واحدٌ وصفةٌ واحدةٌ فلا يُفْهَمُ منها المَرامُ، وهذا معنى قولِ المازنيِّ: إذا هَمَسْتَ وجَهَرْتَ، وأَطْبَقْتَ، وفَتَحْتَ اختلفتْ أصواتُ الحروفِ التي مِن مَخْرَجٍ واحدٍ، وقالَ الرُّمَّانِيُّ وغيرُه: لولا الإطباقُ لصارتْ الطاءُ دالًا؛ لأنَّه ليسَ بينهما فرقٌ إلا الإطباقُ، ولصارتْ الظاءُ ذالًا، ولصارت الصادُ سينًا، فسبحانَ مَن دَقَّتْ في كُلِّ شىءٍ حكمتُه، رُوِيَ أنَّ الإمامَ أبا حنيفةَ رحمَهُ اللهُ تعالى ناظرَ مُعْتَزِلِيًّا فقالَ له: قلْ: (با), فقالَ:با ثُمَّ قالَ: قلْ: (حا)، فقالَ: حا, فقالَ له: بَيِّنْ مَخْرَجَهُمَا. فبيَّنهُما فقالَ: إنْ كنتَ خالقَ فَعْلِكَ فأخرجِ الباءَ مِن مَخْرَجِ الحاءِ فَبُهِتَ المُعْتَزِلِيُّ.
وصفاتُ الحروفِ منها ماله ضِدٌّ، ومنها ما ليسَ له ضدٌّ، كما سيأتي بيانُهمَا، وإنَّما ذكرَ الشيخُ رحمَهُ اللهُ هنا صفاتِهما المشهورةَ اللائقَةَ لمقدَّمَتِه المُخْتَصَرَةِ، وإلا فقدْ ذكَرَ بعضُهم أنَّ لها أربعةً وأربعينَ صفةً، وزادَ بعضُهم عليها كما في الكتبِ المبسوطةِ، فذكرَ المصنِّفُ مِن صفاتِها سبعةَ عشَرَ نوعًا: منها الجَهْرُ، والرِّخْوَةُ، والاستعلاءُ، والانفتاحُ، والإصماتُ، بحسبِ ما اتُّفِقَ له مِن الوزنِ تارةً بلفظِ المصدرِ، وأُخْرَى بصيغةِ الوصفِ، وستأتي معَانيها معَ أضْدَادِها في مَحَلِّها اللائقِ بها.
وقولُ: (والضدَّ قُلْ) أي: واذْكُرْ أضدادَ هذه الصفاتِ الخمسةِ بِالْمُقَابَلَةِ المُرَتَّبَةِ كما قالَ: (مَهْمُوسُها فَحَثَّهُ شخصٌ سكتْ) فإنَّ الأشياءَ تَتَبَيَّنُ بأضدادِهَا، وبِتَعْدَادِ حروفِ بعضِ الأضدادِ تُعْرَفُ سائرِ الأضدادِ من جهةِ الأعدادِ، ولمَّا كانت الحروفُ المهموسةُ وأمثالُها قليلةً قابِلَةً لسرعةِ ضبطِها وحفظِها بيَّنها وترَك بيانَ ضدِّها لما يُعْرَفُ من مفهومِ ما عيَّنَها.
والحاصلُ أنَّ الحروفَ المهموسةَ مجتمعَةٌ في كلماتٍ مُرَكَّبَةٍ منها، عبَّرَ عنها بقولِه "فحثَّه شخصٌ سكتْ" وهي عشرةٌ: الفاءُ، والحاءُ المُهْمَلَةُ، والثاءُ المُثَلَّثَةُ، والهاءُ، والشينُ، والخاءُ المُعْجَمَتَانِ، والصادُ، والسينُ، والكافُ، والثاءُ المُثَنَّاةُ مِن فوقٍ، فالحثُّ بمعنى الحَضِّ، والشخصُ معْروفٌ، وسكتَ فعلٌ ماضٍ مِن السكوتِ، ثمَّ الهمسُ في اللغةِ: الخَفَاءُ، ومنه قولُه تعالى [فلا تَسْمَعُ إلا هَمْسًا] والمرادُ به حسُّ مشيِ الأقدامِ إلى المَحْشَرِ، أو حسُّ كَلاَمِ أهلِه مِن هولِ ذلكَ المنظرِ، وممَّا يناسبُ المعنى الأَوَّلَ قولُ الشاعرِ:

وهنَّ يَمْشِينَ بنا هَمِيسًا = إنْ يَصْدُق الطيرُ نَكُ لِمِيسَا.

وسُمِّيَت مهموسةً؛ لجريانِ النَّفَسِ معَها؛ لضعفِها ولضعفِ الاعتمادِ عليها عندَ خروجِها، وضدُّها المَجْهُورَةُ، والجهرُ في اللغةِ الصوتُ القويُّ الشديدُ، وسُمِّيَت مَجْهُورةً؛ لمنعِ النَّفَسِ وحَصْرِه أنْ يجريَ معَها لقوَّتِهَا وقوَّةِ الاعتمادِ عليها عندَ خروجِها، والتحقيقُ أنَّ الهواءَ الخارجَ مِن داخلِ الإنسانِ إنْ خرجَ بدفعِ الطبعِ يُسَمَّى نَفَسًا بفتحِ الفاءِ، وإنْ خرجَ بالإرادةِ وعَرَضَ له تَمَوُّجٌ بتصادمِ جسمينِ يُسَمَّى صوتًا، وإذا عرضَ للصوتِ كيفياتٌ مَخْصُوصَةٌ بأسبابٍ مَعْلُومَةٍ يُسَمَّى حُرُوفًا، وإذا عَرَض للصوتِ كيفياتٌ أُخَرُ عارِضَةٌ بسببِ الآلاتِ تُسمَّى تلكَ الكيفياتُ صفاتٍ، ثمَّ إنَّ النَّفَسَ الخارجَ الذي هو صِفَةُ حرفٍ إنْ تكيَّفَ كُلُّه بكيفيَّةِ الصوتِ حتَّى يحصُلَ صوتٌ قويٌّ كانَ الحرفُ مَجْهُورًا، وإنْ بَقِيَ بعضُه بلا صوتٍ يجري معَ الحرفِ كانَ الحرفُ مَهْمُوسًاَ، وأيضًا إذا انحصرَ صوتُ الحرفِ في مَخْرَجِه انحصارًا تامًّا فلا يجري جريانًا سهلًا يُسَمَّى شِدَّةً فإنك لو وقفتَ على قولِكَ: (الحجُّ) وجَدْتَ صوتَكَ راكِدًا مَحْصُورًا حتى لو رُمْتَ مدَّ صوتِكَ لم يمكنْكَ، وأمَّا إذا جرى الصوتُ جريانًا تامًّا ولا يَنْحَصِرُ أصلًا يُسَمَّى رِخْوَةً كما في (الطشِّ) فإنَّكَ إذا وَقَفْتَ عليها وَجَدْتَ صوتَ الشينِ جاريًا بِمَدَّةٍ إنْ شئتَ، وأمَّا إذا لم يتمَّ الانحصارُ ولا يجري يكونُ مُتَوَسِّطًا بينَ الشِّدَّةِ والرِّخْوَةِ كما في (الظلِّ) فإنَّكَ إذا وقفتَ عليها وجدتَ الصوتَ لا يجري مثلَ ذلكَ يعني مثلَ جريِ (الطشِّ) ولا ينحصرُ مثلَ انحصارِ (الحجِّ) بلْ يخرجُ على حدِّ اعتدالٍ بينهما، فإذا عرفتَ ذلكَ تبيَّنَ لكَ أيضًا معنى قولِه (شديدُها لفظُ أَجِدْ قَطٍ بَكَتْ) فأَجِدْ أَمْرٌ مِن الإجادةِ، وقَطٍ مُنَوَّنٌ مجرورٌ مُخَفَّفٌ بمعنى حَسْبُ، وبَكَتْ مُجَرَّدُ التبكيتِ، يقالُ: بَكَتَه إذا غَلَبَه بالحُجَّةِ، والمرادُ بها هنا أنَّ الحروفَ المُتَّصِفَةَ بالشَدَّةِ مجموعةٌ فى الكلماتِ الثلاثةِ مُرَكَّبَةٌ منها، وهي الهمزةُ، والجيمُ، والدالُ المُهْمَلَةُ، والقافُ، والطاءُ المُهْمَلَةُ، والباءُ الموحَّدةُ، والكافُ، والتاءُ المُثَنَّاةُ مِن فوقٍ، فما عداها وما عدا الليِّنَةَ التي ذكرَها في قولِه (وبينَ رَخْوٍ والشديدِ) أي: وما بينَهما حروفٌ خمسةٌ يجمعُها تركيبٌ (لِنْ عُمَر) وكُلُّها حروفٌ رِخْوَةٌ، والشدَّةُ في اللغَةِ: القوةُ، وسُمِّيَت شديدةً؛ لمنعِها الصوتَ أنْ يجريَ معَها؛ لأنَّها قَوِيَتْ في مواضِعِها فلَزِمَتْها الشدَّةُ، والرِخْوَةُ: مُثَلَّثَةُ الراءِ، والكسرُ أشهرُ، والرِّخَاوَةُ في اللغةِ اللَّينُ، وسُمِّيَت بذلك لجريِ النفسِ والصوتِ معَها حتى لانَتَ عندَ النطقِ بها وضعفِ الاعتمادِ عليها، ثُمَّ الحروفُ التي بينَ الرخوةِ والشدَّةِ خمسةٌ يجمعُها قولكُ "لِنْ عُمَرْ" بِكَسْرِ اللامِ أمرٌ مِن لاَنَ يَلِينُ وعُمَرُ منادى بحذفِ حرفِ النداءِ، وهذا التركيبُ أَوْلَى مِن جمعِ بعضِهم في (لم نرعْ) وممَّا وقعَ في الشاطبيَّةِ مِن قولِهِ (عُمَرنَلْ) معَ ما فيه من خلوصِ المبنيِّ وخلاصةِ المعنى كما لا يخفىَ، وهي اللامُ، والنونُ، والعينُ المُهْمَلَةُ، والميمُ، والراءُ، وإنَّما وُصِفَتْ بذلكَ؛ لأنَّ الرخوةَ إذا نُطِقَ بها في نحوِ: اجلسْ، وافرشْ، جرى معَها الصوتُ والنَّفَسُ عندَ سكونِهما، والشدِيدةُ إذا نُطِقَ بها في نحوِ: اضْرِبْ، واقْعُدْ، وانحبسَ الصوتُ والنَّفَسُ معَها ولم يَجْرِيا، والتي بينَ الرِّخوةِ والشديدةِ إذا نُطِقَ بها في نحوِ: أَنْعِِمْ واعْمَلْ لم يجرِ الصوتُ والنَّفَسُ معَها جريانَهما معَ الرخوةِ ولم ينحبسْ انحباسَهما معَ الشديدةِ، وهذا وقدْ قالَ ابنُ الحاجبِ في (الشافيةِ): المجهورةُ ما ينحصرُ أي: ينقطعُ جريُ النفسِ معَ تَحَرُّكِهِ، والمهموسةُ بخلافِها، وخالفَ بعضُهم فجعلَ الضادَ والظاءَ والذالَ أى: المُعْجَمَاتِ، والزايَ والعينَ والغينَ والباءَ أي الموحَّدَةَ مِن المهموسةِ، والكافَ والتاءَ أي: المَنْقُوطَةَ بنقطتينِ من فوقٍ مِن المجهورةِ، ورأَى أنَّ الشدَّةََ تُؤَكِّدُ الجهرَ، والشديدةُ: ما ينحصرُ جريُ صوتِه عندَ إسكانِه في مَخْرَجِه فلا يجري، قالَ شارحُها النظاميُّ: والجهرُ انحصارُ النَّفَسِ معَ تَحَرُّكِه، فقد يجري النفَسُ ولا يجري الصوتُ كالكافِ والتاءِ المنقوطةِ بنقطتينِ مِن فوق, وقد يجري الصوتُ, ولا يجري النفسُ كالضادِ والغينِ المُعْجَمتينِ، فظهرَ الفرقُ بينهما, واللهُ أعلمُ.
(وسبعُ عُلْوٍ) بِضَمِّ العينِ ويُكْسَرُ (خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ حَصَر) أي: حصرُ سبعِ عُلْوٍ حروفُ (خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ) فَقِظْ أمرٌ مِن قاظَ بالمكانِ إذا أقامَ بهِ في الصيفِ، والخُصُّ بضمِّ الخاءِ المُعْجَمَةِ البيتُ مِن القَصَبِ، والضَّغْطُ الضيِّقُ، والمعْني: أقِمْ في وقتِ حرارةِ الصيفِ في خُصٍّ ذي ضغطٍ، أي: اقْنَعْ مِن الدنيا بمثلِ ذلكَ وما قاربَه واسْلُكْ طريقَ السلفِ الصالحِ وما وافقَه، فقد جاءَ عن أبي وائلٍ شَقِيقِ بنِ سلمةَ وهو مِن أكابرِ التابعينَ مِن أصحابِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه نحوٌ مِن ذلكَ، قالَ عبدُ الملكِ بنُ عُميرٍ: كانَ لأبي وائلٍ خُصٌّ مِن قصبٍ يكونُ فيه هو ودابَّتُه، فإذا غزا أَنْقَضَه، وإذا رجعَ بَنَاهُ. كذا ذَكَرَهُ أبو شامةَ رَحِمَهُ اللهُ، فقولُ الشارحِ: * (خُصَّ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمفعولِ بمعنى اختصَّ "صُحِّفَ عَلَيْهِ، والمرادُ هنا أنَّ حروفَ الاستعلاءِ سبعةٌ انْحَصَرَتْ في مُرَكَّبَاتِ هذه الكلماتِ، وهي الخاءُ المُعْجَمةُ، والصادُ المُهْمَلَةُ، والضادُ، والغينُ المُعْجَمتانِ، والطاءُ، والقافُ، والظاءُ، وسُمِّيَت مُسْتَعْلِيَّةً؛ لاستعلاءِ اللسانِ عندَ النطقِ بها إلى الحنكِ الأعلى وما عداها مُسْتَفِلَةٌ لانْخِفَاضِ اللسانِ عن الحنكِ عندَ لفظِها. (وصادُ ضادٌ طاءُ ظاءٌ مُطْبَقَهْ) بفتحِ الباءِ ويجوزُ كسرُها، وَيَتَّزِنُ البيتُ بتنوينِ الثاني والرابعِ، وإنَّما لمْ يُرَكِّبْ هذه الحروفَ الأربعةَ المُطْبَقَةَ على قياسِ سائرِها؛ لعدمِ حصولِ مَعْنيً في تركيبِها ولثِقَلِها على اللسانِ بخلافِ غيرِها، والحاصلُ أنَّ حروفَ الإطباقِ أربعةٌ الصادُ والضادُ والطاءُ والظاءُ وهي مِن جملةِ الحروفِ المُسْتَعْلِيَةِ وأخصُّ منها، وسُمِّيَت بها لإطباقِ ما يُحاذِي اللسانَ مِن الحنكِ على اللسانِ عندَ خروجِها، وهو أبلغُ مِن الاستعلاءِ، وهو لغةً: الإلصاقُ، وضدُّهَا المُنْفَتِحَةُ، وسُمِّيَتْ بها؛ لانْفِتَاحِ ما بينَ اللسانِ والحَنَكِ وخروجِ الريحِ مِن بينِهما عندَ النطقِ بها، وهو لغةً: الافتراقُ، ومِن الغريبِ أنَّ قولَه تعالى: }حَصَبُ جَهَنَّمَ{ قُرِيءَ بجميعِ حروفِ المُطْبَقَةِ، ولم يجتمعْ في كلمةٍ غيرِها.
(وَفَرَّ مِن لُبِّ الحروفِ المُذْلَقَهْ) أي: والحروفُ المُذْلَقَةُ مجموعُ حروفِ (فَرَّ مِن لُبِّ) وهو بِضَمِّ اللامِ وحذفِ التنوينِ للوزنِ، على أنَّ (مِن) حرفُ جرٍّ، واللبُّ الذي هو العقلُ بمعنى الفاعلِ، والمعنى: هربَ الجاهلُ مِن العاقلِ، ويمكنُ أنْ يكونَ المعنى فَرَّ مَنْ فَرَّ مِن الخلقِ مِن عَقْلٍ له به عَرَفَ الحقَّ، ففيه إيماءٌ إلى قولِه تعالى: }فَفِرُّوا إلى اللهِ{ وقولِه سبحانَه: }وَتَبَتَّلْ إليه تَبْتِيلًا{. والحاصلُ أنَّ الفاءَ، والراءَ، والميمَ، والنونَ، واللامَ، والباءَ الموحَّدةَ، يقالُ لها (المُذْلَقَةُ) لخُرُوجِها مِن ذَلْقِ اللسانِ والشفَةِ، أي طرفيهما، والمرادُ أنَّ خروجَ بعضِها مِن ذلقِ اللسانِ، وهي الراءُ، واللامُ، والنونُ، وبعضِها مِن ذلقِ الشفةِ، وهي الباءُ، والفاءُ، والميمُ، وما عداها مُصْمَتَةٌ؛ لأنَّها مِن الصمتِ وهو المنعُ، قالَ الأخفشُ: لأنَّ مَن صمتَ منعَ نفسَه الكَلاَمَ والمرادُ بها هنا أنَّهَا ممنوعةٌ مِن انفرادِها أصولًا في بناتِ الأربعةِ والخمسةِ، بمعنى أنَّ كُلَّ كلمةٍ على أربعةِ أحرفٍ أو خمسةٍ أصولًا لا بدَّ أنْ يكونَ فيها معَ الحروفِ المُصْمَتَةِ حرفٌ مِن حروفِ المُذْلَقَةِ، وإنَّما فعلُوا ذلكَ لخفَّتِها، فلذلكَ عادلُوا بها الثقيلةَ،ولأجلِ ما ذُكِرَ حَكَمُوا بأنَّ (عَسْجَدًا ) اسمُ الذَّهبِ أعجميٌّ؛ لكونِه من بناتِ الأربعةِ وليسَ فيه حرفٌ مِن حروفِ المُذْلَقَةِ، وقالَ مكيٌّ في (الرعايةِ): إنَّ الألفَ ليستْ من المُذْلَقَةِ ولا مِن المُصْمَتَةِ؛لأنَّها هوائيَّةٌ لا مُسْتَقَرَّ لها في المَخْرَجِ، وبهذا تَمَّتْ أضدادُ الصفاتِ الخمسةِ المذكورةِ، فشرَعَ في ذكرِ صفاتٍ اخْتُصَّتْ ببعضِ الحروفِ دونَ بعضِها مِن غيرِ تحَقُّقِ وجودِ أضدادِها فقالَ: (صفيرُها صادٌ وزايٌ سينُ) أي: حروفُ الصفيرِ ثلاثةٌ: صادٌ مُهْمَلَةٌ، وزايٌ، وسينٌ مُهْمَلَةٌ، ولم يُرَكِّبْ لما سبقَ في المُطْبَقِ، وجعلَ الروميُّ ضميرَ صفِيرِها إلي الصفاتِ فيحتاجُ إلي تكَلُّفٍ في صَحَّةِ الحملِ بأنْ يُقَالَ: حروفُ صفيرِها، والمعنى أنَّ هذه الحروفَ موصوفةٌ بصفةِ الصفيرِ، وهو صوتٌ زائدٌ يخرجُ مِن بينِ النفَسِ يَصْحَبُ هذه الحروفَ عندَ خروجِها، وهو لغةً صوتٌ يُصَوَّتُ به للبهائمِ، ثمَّ اعلمْ أنَّ السينَ حرفٌ مهموسٌ مِن حروفِ الصفيرِ ويمتازُ عن الصادِ بالإطباقِ وعن الزايِ بالهمسِ كما في القاموسِ.
(قَلْقَلَةٌ قُطْبُ جَد واللينُ) أي: حروفُ الْقَلْقَلَةِ ويقالُ لها: الْقَلْقَةُ: خمسةٌ يجمعُها قولُكَ (قُطْبُ جَدٍّ) وهي القافُ، والطاءُ المُهْمَلَةُ، والباءُ الموحَّدَةُ، والجيمُ، والدالُ المُهْمَلَةُ، وإنَّما وُصِفَتْ بذلكَ؛لأنَّها حينَ سكونِها لا سيَّمَا إذا وقفَ علَيها تُقَلْقِلُ المَخْرَجَ حتى يُسْمَعَ له نَبْرَةٌ قويَّةٌ، لمَا فيها مِن شِدَّةِ الصوتِ الصاعدِ بها معَ الضغطِ دونَ غيرِها، وهي في اللغةِ: التحرُّكُ والاضطرابُ، والقُطْبُ: بِتَثْلِيثِ القافِ، والضمُّ أشهرُ، ما يدورُ عليه الأمرُ، ومنه قُطْبُ الرَّحَى، والجَدُّ: البَخْتُ والعظمةُ، وخُفِّفَ للوزنِ، ثمَّ قولُه: (واللِّينُ) أي: حروفُه اثنانِ (واوٌ وياءٌ سَكَنَا وانْفَتَحَا) بألفِ الإطلاقِ أي: وقعَ الفتحُ (قبلَهُمَا والانحرافُ صُحِّحَا) بصيغةِ المجهولِ، والألفُ للإطلاقِ أي: إذا سُكِّنَ الواوُ والياءُ وانْفَتَحَ ما قبلَهَمَا يُسَمَّى لَيِّنًا، لِقَلَّةِ المدِّ فيهما بالنسبةِ إلى حروفِ المدِّ التي حركةُ ما قبلَها مِن جنسِها، وذلكَ لأنَّ في حرفِ المدِّ مدًّا أصليًّا، وفي حرفِ اللينِ مدًّا ما يُضْبَطُ بالمُشَافَهَةِ كُلٌّ منهما، كما ذكرَه الجُعْبُرِيُّ.
ولذا أُجْرِي حرفا اللينِ مُجْرَى حروفِ المدِّ واللينِ، حتى إذا وقعَ بعدَهما ساكنٌ بوقفٍ أو إدغامٍ جازَ المدُّ، والتوسُّطُ، والقصرُ، إلا أنَّ هذا الترتيبَ أولى في المدِّ، وعكسُه في اللينِ، وقد رُجِّحَ قَصرُ وَرْشٍ في نحوِ (شيء)ٍ (وسوءٍ) على التوسُّطِ والتوسُّطُ على الطولِ بهذا لمعنى، ووَصْفُ الانحرافِ صُحِّحَ ثبوتُه (في اللامِ والرا) مقصورًا (وبتكريرِ جعلَ) وإنَّما اللامُ والراءُ مُنْحَرِفَانِ؛لأنَّ اللامَ فيه انحرافٌ ومَيْلٌ إلى طَرَفِ اللسانِ، والراءَ فيه انحرافٌ إلى ظهرِ اللسانِ وميلٌ قليلٌ إلى جهةِ اللامِ، ولذلكَ يجعلُها الألْثَغُ لامًا، والضميرُ في (جُعِلَ) راجعٌ إلى الراءِ، والمعنى أنَّ الراءَ يُوصَفُ بالتَّكْرَارِ أيضًا كما وُصِفَ بالانحرافِ، والتَّكْرَارُ: إعادةُ الشيءِ وأقلُّهُ مَرَّةٌ على الصحيحِ، ومعنى قولِهم إنَّ الراءَ مُكَرَّرٌ هو أنَّ الراءَ له قَبُولُ التكرارِ، لارتعادِ طَرَفِ اللسانِ به عندَ التلفُّظِ، كقولِهم لغيرِ الضاحكِ: إنسانٌ ضاحكٌ، يعنى أنَّهُ قابلٌ للضَّحِكِ، وفي الجَعْلِ إشارةٌ إلى ذلكَ، ولهذا قالَ ابنُ الحاجبِ: لِمَا تُحِسُّه مِن شبهِ ترديدِ اللسانِ في مَخْرَجِهِ، وأمَّا قولُه: ولذلكَ جَرَى مَجْرَى حرفينِ في أحكامٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فليسَ كذلكَ، بل تكريرُه لحنٌ فَيَجِبُ مَعْرِفةُ التحفُّظِ عنه للتحفُّظِ به، وهذا كمَعْرِفةِ السِّحْرِ لِيُجْتَنَبَ عن تضرُّرِه، ولِيُعْرَفَ وجهُ دفعِه قالَ الجُعْبُرِيُّ: وطريقةُ السلامةِ أنَّهُ يُلْصِقُ اللافِظُ ظهرَ لسانِه بأعلى حنكِه لصقًا مُحْكَمًا مرَّةً واحدةً، ومتى ارْتَعدَ حَدَثَ مِن كُلِّ مرَّةٍ راءٌ، وقالَ مكيٌّ: لابدَّ في القراءةِ مِن إخفاءِ التكريرِ، وقالَ: واجبٌ على القارئِ أنْ يُخْفِيَ تكريرَه، ومتى أظهرَ فقدْ جعلَ مِن الحرفِ المُشَدَّدِ حروفًا ومِن المُخَفَّفِ حرفينِ. ا هـ.
ثمَّ قولُ ابنِ الحاجبِ: "في أحكامٍ مُتَعَدِّدَةٍ" بَيَّنَه أبو شامةَ حيثُ قالَ: فَحَسُنَ إسكانُ (يَنْصُرْكُمْ) و (يُشْعِرْكُمْ) ولم يَحْسُنْ إسكانُ (بِقَتْلِكِمْ) و (يُسْمِعُكُمْ) وحَسُنَ إدغامُ مثلِ }وإنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ{ أحسنُ مُنه في }إنْ يَمْسَسْكُمْ{ ولم يُمِلِ (طالبٌ) و (غانمٌ) وأُمِيلَ (طاردٌ) و (غارمٌ) وامتنعُوا مِن إمالةِ (راشدٍ) ولم يَمْتَنِعُوا مِن إمالةِ (ناشدٍ) وكُلُّ هذه الأحكامِ راجِعَةٌ في المنعِ والتسويغِ إلى التكريرِ الذي في الراءِ. (وللتَّفَشِّي الشينُ ضادًا اسْتَطِلْ) التفَشِّي: الانْبِثَاثُ والانتشارُ، والكَلاَمُ مِن بابِ القلبِ أي صفةُ التفشِّيِ ثابتةٌ للشينِ، والمعنى: أنَّ الشينَ موصوفٌ بانتشارِ الصوتِ عندَ خروجِها حتى تَتَّصِلَ بحروفِ طَرَفِ اللسانِ، منها مَخْرَجُ الظاءِ المُشَالَةِ، والحالُ أنَّ مَخْرَجَها حافَةُ اللسانِ مِن مُحَاذَاةِ وسَطَهِ، وقولُه: (اسْتَطِلْ) أَمْرٌ مِن الاستطالةِ وهي لغةً: أبعدُ المسافتينِ، والمرادُ منها هنا: الامتدادُ مِن أَوَّلِ حافَةِ اللسانِ إلى آخرِها كما قالَه الجُعْبُرِيُّ، والمعنى صفةٌ بالاستطالةِ.
والحاصلُ أنَّ الضادَ حرفٌ مستطيلٌ، وإنَّما وُصِفَ بالاستطالةِ؛ لأنَّه يستطيلُ حتى يتَّصِلَ بمَخْرَجِ اللامِ، وللتحَيُّزِ بينَ المَخْرَجينِ باعتبارٍ واحدٍ صَعُبَ اللفظُ بها، وقد أَلْحَقَ المتقدِّمُونَ الثاءَ المُثَلَّثَةَ بالشينِ في التفشِّى، وقالُوا: إنها تَفَشَّتْ حتى اتَّصَلتْ بمَخْرَجِ الفاءِ؛ ولذا تُبْدَلُ منها، فيقالُ: جَدَفَ وجَدَثَ، قالَ ابنُ المصنِّفِ: وسبيلُ تسهيلِ النطقِ بها قطعُ النظرِ عن الحيِّزِ المُقَابِلِ وتَمْكِينُهَا في مَخْرَجِها وتحصيلُ صفاتِها المميِّزَةِ لها عن الظاءِ، قالَ الجُعْبُرِيُّ: والفرقُ بينَ المُسْتَطِيلِ والمَمْدُودِ أنَّ المُسْتَطِيلَ جرى في مَخْرَجِه والمَمْدُودَ جرى في نفسِه.
ثمَّ اعلمْ أنَّ خَمْسًا مِن الصفاتِ العْشرِ المُتَقَابِلَةِ قويَّةٌ، وخمسًا منها ضعيفةٌ، فالقويَّةُ: الجهرُ، والشدَّةُ، والاستعلاءُ، والإطباقُ، والإصماتُ. والضعيفةُ الخمسُ المقابلةُ، وهي: الهمسُ، والرخاوةُ، والاسْتِفالةُ، والانفتاحُ، والذَّلْقُ، وأمَّا السبعُ المفردةُ فكُلُّها قويَّةٌ إلا اللينَ، ثمَّ كُلُّ حرفٍ من التسعةِ والعشرينَ لابدَّ أنْ يَتَّصِفَ بخمسٍ من الصفاتِ العشْرةِ، فما جَمَعَ جميعَ الصفاتِ القويَّةِ، كالطاءِ المُهْمَلَةِ، فهو أقوى الحروفِ، وما جَمَعَ جيمعَ الصفاتِ الضعيفةِ، فهو أضعفُها، كالهاءِ، والفاءِ، وما اجتمعَ فيه الأمرانِ فهو مُتَوَسِّطٌ فيها، وضعْفُه وقوَّتُه بحسبِ ما تَضَمَّنَهُ منها.

هيئة الإشراف

#3

11 Nov 2008

الدقائق المحكمة لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري

قال الإمام زكريا بن محمد بن أحمد الأنصاريِّ السُّنَيْكِيِّ (ت: 926هـ) : (المتن:

(20) صِفَاتُهَا جَهْرٌ وَرِخْوٌ مُسْتَفِلْ = مُنْفَتِحٌ مُصْمَتَةٌ والضِّدَّ قُلْ

(21) مَهْمُوسُهَا (فَحَثَّهُ شَخْصٌ سَكَتْ) = شَدِيْدُهَا (لَفْظُ أَجِدْ قَطٍ بَكَتْ)

(22) وَبَيْنَ رِخْوٍ وَالشَّدِيدِ (لِنْ عُمَرْ) = وَسَبْعُ عُلْوٍ (خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ) خَصَرْ

(23) (وَصَادُ ضادٌ طَاءُ ظَاءٌ) مُطْبَقَهْ = وَ (فِرَّ مِنْ لُبِّ) الحُرُوفُ الْمُذْلَقَهْ

(24) صَفِيرُهَا (صَادٌ وَزايٌ سِينُ) = قَلْقَلَةٌ (قُطْبُ جَدٍ) وَاللِّينُ

(25) (وَاوٌ وَيَاءٌ) سَكَنَا وَانْفَتَحا = قَبْلَهُمَا وَالاِنْحِرَافُ صُحِّحَا

(26) في (اللاَّمِ وَالرَّا) وَبِتَكْرِيْرٍ جُعِلْ = وَلِلتَّفَشِّي (الشِّيْنُ) (ضَاداً) اِسْتُطِلْ

___________________

2- بابُ صِفاتِ الحُروفِ

ولِلْحُرُوفِ صِفاتٌ أَيْ: كَيْفيَاتٌ بِهَا تتَمَيَّزُ الحُروفُ المشْتَرِكةُ بَعْضُهَا عَنْ بعْضٍ، كمَا يتميَّزُ غَيْرُهَا بالمَخَارِجِ. إذِ المَخْرَجُ للْحَرْفِ كالمِيزَانِ، يُعْرَفُ بهِ كمَّيتُهُ. والصِّفةُ لهُ كالنَّاقِدِ تُعْرَفُ بِهَا كيْفيَّتُهُ.

وقدْ أخَذَ في بَيانِ المشْهورِ منْهَا وهيَ سبْعَةَ عشَرَ. فقالَ:


صِفَاتُهَا جَهْرٌ وَرِخْوٌ مُسْتَفِلْ = مُنْفَتِحٌ مُصْمَتَةٌ والضِّدَّ قُلْ

مَهْمُوسُهَا (فَحَثَّهُ شَخْصٌ سَكَتْ) = شَدِيْدُهَا (لَفْظُ أَجِدْ قَطٍ بَكَتْ)


(20) "صِفاتُها" أَي المشْهُورةُ

1- جَهْرٌ.

2- وَرَخْوٌ. بتثْليثِ الرَّاءِ. والكَسْرُ أَشْهرُ.

3- وَمُسْتَفِلٌ.

4- ومُنْفَتِحٌ.

5- ومُصْمَتَةٌ.

والمنَاسِبُ التَّعْبيرُ بـ: الاسْتِفَالِ، والانْفِتَاحِ، والإصْمَاتِ.

"والضِّدُّ لَهَا قُلْ". وهُوَ:

6- الهَمْسُ.

7- والشِّدَّةُ.

8- والاسْتِعلاءُ.

9- والانطِباقُ.

10- والانذِلاقُ.

وقَدْ أَخَذَ في بيَانِهَا معَ بيَانِ عِدَّةِ حُرُوفِهَا. المعْلُومُ مِنْهُ عِدَّةُ حُرُوفِ الخَمسَةِ الأُوَلِ. فقَالَ:

حُرُوفُ الهَمْسِ والجَهْرِ والشِّدَّةِ والرَّخْوِ.

(21) "مَهْمُوسُهَا" عَشْرَةُ أَحْرفٍ، يَجْمَعُهَا لَفْظُ "فَحَثَّهُ شخصٌ سَكَتْ".

فَـ "حُروفُ الجَهْرِ" تَسْعَةَ عشَرَ. وهيَ مَا عَدَا هَذِهِ العَشَرَةَ.

وإنَّمَا ذَكَرَ عِدَّةَ المهْمُوسَةِ وأَخَواتِهَا، دُونَ المَجْهُورَةِ وأَخَواتِهَا؛ لِقِلَّتِهَا.

والهَمْسُ – لُغَةً-: الخَفَاءُ. سُمِّيَتْ حُروفُهُ مهموسَةً؛ لضعْفِهَا، وجريَانِ النَّفسِ معهَا لِضعْفِ الاعتِمادِ عليْهَا في مخارِجِهَا.

الحروفُ المتَوسِّطَةُ والمُسْتَعْلِيَةُ

وحروفُ المتَوَسِّطَةِ بينَهُ وبيْنَ الشَّديدِ خَمْسَةٌ؛ كَمَا ذكَرَ بِقَوْلِهِ:


وَبَيْنَ رِخْوٍ وَالشَّدِيدِ (لِنْ عُمَرْ) = وَسَبْعُ عُلْوٍ (خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ) خَصَرْ


الحروفُ المُطْبَقَةُ


(وَصَادُ ضادٌ طَاءُ ظَاءٌ) مُطْبَقَهْ = وَ (فِرَّ مِنْ لُبِّ) الحُرُوفُ الْمُذْلَقَهْ


والجهْرُ – لُغَةً -: الإعلانُ. سُمِّيَتْ حروفُهُ مجْهُورَةً للْجَهْرِ بهَا، ولقْوَتِهَا، ومنْعِ النَّفسِ أنْ يَجريَ معَهَا، لقُوَّةِ الاعتمَادِ عليْهَا في مَخارِجِهَا.

"شَديدُهَا": ثمانيةُ أحرُفٍ. يجمَعُهَا "لفْظُ": "أَجِدْ قَطٍ بَكَتْ". وحروفُ غيرِهِ إحدى وعشْرونَ. وهيَ مَا عدَا هذِهِ الثَّمانيةَ. لكنَّ حروفَ الرَّخْوِ منْهَا ستَّةَ عشَرَ.


(22)"وَبَيْنَ" أي ومَا بيْنَ "رَخْوٍ والشَّدِيدِ" خمسَةُ أحرُفٍ يجْمَعُهَا لفْظُ:

"لِنْ عُمَرُ".

والشِّدةُ – لُغَةً – القوَّةُ؛ سُمِّيتْ حُروفُهَا شَديدَةً؛ لِمنْعِهَا النَّفَسَ أَنْ يجريَ معهَا، لِقوَّتِهَا في مَخَارِجِهَا.

والرَّخَاوَةُ – لُغةً – اللينُ؛ سُمِّيتْ حروفُهَا رَخْوَةً، لجرْيِ النَّفَسِ مَعَهَا، حتَّى لانَتْ عنْدَ النُّطْقِ بهَا.

وَسُمِّيَتِ الخمسَةُ المذكُورَةُ مُتَوسِّطةً بيْنَهُمَا؛ لأنَّ النَّفَسَ، لَمْ ينحَبسْ مَعَها انْحِبَاسَ الشَّديدةِ، ولمْ يَجْرِ معَهَا جَرَيانَه مَعَ الرَّخوةِ.

"وسَبْعُ عُلْوٍ" – بِضَمِّ العَيْنِ وَكَسْرِهَا – أي والمُسْتَعْليَةُ سَبْعَةُ أَحرُفٍ، يجْمَعُهَا لَفْظُ:

"خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ" ونبَّهَ على جمْعِهَا في هذهِ بِقَوْلِهِ: "حَصَرْ" أَي جمَعَها بَعضُهُمْ في هذِهِ.

فَـ "حُروفُ الاستِفَالِ"اثْنَانِ وعشرونَ. وهيَ مَا عدَا هذهِ السبعةَ.

"والاستعلاءُ" مِنَ العُلُوِّ. وَهُوَ – لُغَةً – الارتِفاعُ. سُمِّيتْ حروفُه: مُسْتَعْليةً؛ لاسْتِعلاءِ اللِّسانِ عنْدَ النُّطْقِ بِهَا إلى الحنَكِ.

وَ "الاسْتِفَالُ" – لُغَةً – الانْخِفَاضُ. وسُمِّيَتْ حروفُهُ: مُسْتَفِلَةً، لتَسَفُّلِهَا وانْخِفاضِ اللِّسَانِ عنْدَ النُّطْقِ بَهَا عَنِ الحَنَكِ.

(23) وَ "صَادٌ" وَ "ضَادٌ" وَ "طَاءٌ" – بترْكِ تَنوينِ الأَوَّلِ والثالِثِ للْوزنِ – و "ظَاءٌ" أَرْبَعَتُهَا "مُطْبَقةٌ" – بِفَتْحِ البَاءِ وَكَسرِهَا – فالمنْفَتِحَةُ خَمسةٌ وعشرونَ حرفًا. وهي مَا عدَا هذهِ الأربعةَ.

والانْطباقُ – لُغَةً – الالتِصاقُ. سُمِّيَتْ حروفُهُ "مُطْبَقَةً" لانْطِبَاقِ طَائِفةٍ منَ اللِّسانِ بها على الحنَكِ الأعْلَى عنْدَ النُّطْقِ بهَا.

والانْفِتَاحُ – لُغَةً – الافْتِراقُ.

حروفُ الصَّفيرِ والقَلْقَلةِ


" صَفِيرُهَا (صَادٌ وَزايٌ سِينُ) = قَلْقَلَةٌ (قُطْبُ جَدٍ) وَاللِّينُ


"واللّينُ": حَرْفَا اللّينِ

والانْفِتَاحُ – لُغَةً – الافْتِراقُ. سُمِّيَتْ حُرُوفُهُ "مُنْفَتِحَةً" لانفِتَاحِ مَا بَيْنَ اللِّسَانِ والحَنَكِ عِنْدَ النُّطْقِ بِهَا.

واعْلَمْ أنَّ "حروفَ الاسْتِعْلاءِ" أَقْوى الحُروفِ. وأَقْواهَا حُروفُ الإِطْباقِ. ومِنْ ثَمَّ مُنِعَت الإِمَالةُ؛لاسْتِحْقَاقِهَا التَّفْخيمَ المُنافيَ للإِمَالةِ.

الحُروفُ المُذْلَقَةُ

"وَفَرَّ مِنْ لُبِّ" – بحَذْفِ التَّنوينِ للْوزنِ- واللُّبُّ: العَقْلُ. أَيْ: و"الحُروفُ المُذْلَقَةُ" – بالذَّالِ المُعْجَمةِ – ستَّةٌ. يجْمَعُهَا لَفْظُ: "فَرَّ مِنْ لُبِّ". أَيْ هَرَبَ الجَاهِلُ منَ العَاقِلِ.

فَـ "المُصْمَتَةُ" ثَلاثةٌ وعِشرونَ حرفًا، وهيَ ما عدا هذِهِ السِّتَّةَ.

وَ "الذَّلَقُ" – لُغَةً الطَّرَفُ. سُمِّيَتْ حروفُهُ "مُذْلَقَةً" لخُروجِ بعضِهَا مِنْ ذَلَقِ اللِّسَانِ، وبعضُهَا منْ ذَلقِ الشَّفَةِ. أَيْ: طَرَفَيْهِمَا.

وَ "الإصْمَاتُ" مِنَ الصَّمتِ. وَهُوَ– لُغَةً – المَنعُ. سُمِّيَتْ حروفُهُ مُصْمَتَةً لأنَّهَا ممْنُوعةٌ منَ انْفِرادِهَا أُصُولاً في بناتِ الأربعةِ والخَمسةِ. أيْ أنَّ كُلَّ كلمةٍ على أربعةِ أحرفٍ أوْ خمسةِ أصُولٍ، لا بدَّ أنْ يكونَ فيهَا معَ الحروفِ المُصْمَتَةِ حَرْفٌ منَ "الحُروفِ المُذْلَقَةِ". وإِنَّمَا فعلُوا ذلكَ لخفَّتِهَا … فَعَادَلوا بِهَا الثَّقيلَةَ ولذلكَ قالُوا:

إنَّ عَسْجَدَ – اسمٌ للذَّهَبِ – أَعْجَميٌّ؛لِكَوْنِهِ مِنْ بِنَاتِ الأرْبَعةِ. ولَيْسَ فيهِ حَرْفٌ منَ المُذْلَقَةِ.

(24) "صَفِيرُهَا" أَيْ حروفُ الصَّفيرِ: "صَادٌ" – مُهْمَلَةٌ – و "زَايٌ"، و "سينٌ" – مُهْمَلةٌ -. سُمِّيَتْ بذلكَ؛ لِصوْتٍ يخْرُجُ معهَا بِصَفيرٍ، يُشْبِهُ صفيرَ الطَّائِرِ، وفيهَا لأجْلِ صَفيرِهَا قُوَّةٌ. وأقْوَاهَا في ذلكَ "الصَّادُ" للإطبَاقِ والاسْتِعْلاءِ. وتَليهَا "الزَّايُ" للْجَهْرِ. ثُمَّ "السِّينُ".

"قَلْقَلَةٌ" أَيْ حُروفُ القَلْقَلَةِ – ويُقَالُ لَهَا: اللَقْلَقَةُ – خَمْسَةٌ. يَجْمَعُهَا لَفْظُ: "قُطْبُ جَدٍ" – بتخفيفِ الدَّال-.

والقَلْقَلَةُ، واللقْلَقَةُ – لُغَةً – الحَرَكةُ. سُمِّيَتْ حروفُهَا بذلكَ؛ لأنَّهَا حينَ سُكونِهَا تَتَقَلْقَلُ، وتَتَلَقْلَقُ، عِنْدَ خُروجِهَا، حتَّى تَسْمَعَ لهَا نَبْرةً قَويَّةً، لمَا فيهَا منْ شِدَّةِ الصَّوْتِ الصَّاعِدِ بِهَا مَعِ الضَّغْطِ، دُونَ غَيرِهَا منَ الحُروفِ.

(25) "واللّينُ" أيْ:وحرُوفُ اللّينِ بِلاَ مَدٍّ: "وَاوٌ، ويَاءٌ سَاكِنَةٌ وانْفَتَحَا" – بألف الإِطلاقِ – أَيْ وانْفَتَحَ مَا "قَبْلَهُمَا". نَحْوُ: خَوْفٍ، وَبَيْتٍ.

سُمِّيَا بذلكَ، لأنَّهُمَا يَخرُجَانِ في لينٍ، وعَدَمِ كُلْفَةٍ على اللِّسانِ – كمَا مَرَّ-.

وَأَجْرَى بَعضُهُمْ حَرْفيِّ اللِّينِ مَجْرَى حُروفِ المدِّ واللِّينِ حتَّى إذَا وقَعَ بَعْدَهُمَا ساكِنٌ لِوَقْفٍ أَوْ إدْغَامٍ؛ جَازَ المدُّ، والقَصْرُ، والتَّوسُّطُ.

حُروفُ الانْحِرافِ والتَّكْريرِ والتَّفَشِّي والاسْتِطالَةِ حَرْفَا الانْحِرافِ

"والانْحِرَافُ صُحِّحَا" –بألفِ الإطْلاقِ – أَيْ صَحَّحَ جُمهورُ القُرَّاءِ ثُبوتَهُ في اللاَّمِ والرَّاءِ.

(26) الانْحِرافُ "في اللاَّمِ والرَّا" – بتَرْكِ الهمزةِ للْوَزْنِ – والانحِرافُ– لُغَةً – المَيْلُ. يُسَمَّى حَرفَاهُ مُنْحَرِفَيْنِ، لانْحِرافِهِمَا إلى طَرَفِ اللِّسانِ، إلاَّ أَنَّ الرَّاءَ فيهِ انْحِرَافٌ قَليلٌ إلى ظَهْرِ اللِّسَانِ.

حَرْفُ التَّكرِيرِ"وَبِتَكْريرٍ" لَهُ "جُعِلْ" أَيْ وُصِفْ؛ لأَنَّهَا تتكرَّرُ في نَحوِ: "فَرَوْحٌ" لاَ في نحَوِ: نارٌ" وهُوَ مُرادُ قَوْلِ ابْنِ النَّاظِمِ.

وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: أَنَّ الرَّاءَ مُكَرَّرٌ أنَّ لهُ قَبُولَ التِّكْرَارِ؛ لارْتِعَادِ طَرَفِ اللِّسانِ عنْدَ النُّطْقِ بهِ. كَقَوْلِهِمْ لإنْسَانٍ غَيْرِ ضَاحِكٍ: ضَاحِكٌ. ومَا قيلَ: إنَّهُ جَرى مَجْرى حَرْفَيْنِ في أُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ، لَيْسَ كذَلكَ. بَلْ هُوَ لحْنٌ يجبُ التَّحفُّظُ عَنْهُ.

حرفُ التَّفَشِّي "وللتَّفَشِّي الشِّينُ"

(26) – منْ بابِ القَلْبِ 0 أيْ والتَّفشِّي ثابتٌ للشِّينِ المُعْجَمَةِ.

والتَّفشِّي – لُغَةً -: الاتِّسَاعُ. وفي الاصْطِلاحِ: انتِشَارُ الرِّيحِ مِنَ الفَمِ حتَّى يتَّصِلَ بمَخْرجِ الظَّاءِ المَشَالَةِ. وبذلكَ عُرِفَ وَجْهُ تَسْميَةِ حَرْفِهِ: مُتَفَشِّيًا.

وعدَّ بعضُهُمْ معَ "الشِّينُ" في ذلكَ "الفَاءُ". وبعضُهمْ "الثَّاءُ" المُثَلَّثَةُ. وبَعضُهُمْ "الضَّادُ".

حَرْفُ الاسْتِطَالَةِ "ضَادًا" – مُعْجَمَةً – "اسْتَطِلْ" أَنْتَ. أَيْ اجْعَلْهَا حَرْفًا مُسْتَطيلاً(26). وَ "الاسْتِطَالَةُ" – لُغَةً-: الامْتِدَادُ. وَسُمِّيَ حرفُهَا بذلكَ؛ لأنَّه يسْتَطيلُ بمَخْرَجِهِ، حتَّى يتَّصِلَ بمَخْرَجِ اللَّامِ.

والفَرْقُ بَيْنَ المُسْتَطيلِ والمَمْدُودِ: أَنَّ المُسْتَطيلَ يجري في مَخْرَجِهِ، والمَمْدُودَ في نَفْسِهِ.

وَقَدْ عُلِمَ بمَا تَقرَّرَ: أنَّ الصِّفاتِ ثلاثَةُ أَقْسَامٍ:

1- قَويةٌ. 2- وَضَعيفَةٌ. 3- ومُتَوسِّطَةٌ بيْنَهُمَا.

هيئة الإشراف

#4

19 Nov 2008

الفوائد التجويدية للشيخ: عبد الرازق بن علي موسى

قال الشيخ عبد الرازق بن علي بن إبراهيم موسى المصري (ت: 1429هـ): (وبهذا نكون قد انتَهينا من الكلامِ على مخارجِ الحروفِ مع ألقابِها، ونبدأُ في الكلامِ على صفاتِها، وقبلَ أن نشرحَ كلام الناظمِ في هذا البابِ نذكرُ أوَّلاً أقوالَ العلماءِ في عددِ صفاتِ الحروفِ فنقولُ:

صفـاتُ الحــروفِ:

اعلمْ أن المخارجَ للحروفِ بمثابةِ الموازينِ تُعرفُ بها مقاديرُها، والصفاتُ بمثابةِ الناقدِ الذي يُميِّزُ الجيِّدَ من الرديءِ فببيانِ مَخرجِ الحرفِ تُعرفُ كَميَّتُه أي مقدارُه فلا يُزادُ فيه ولا يُنقصُ منه، وببيانِ صفتِه تُعرفُ كيفيتُه عندَ النطقِ به من سليمِ الطبعِ كجَرْيِ الصوتِ وعدمِه.
الصِّفةُ لغةً: ما قامَ بالشيءِ من المعاني الحسيَّةِ والمعنويَّةِ كالعِلمِ والبياضِ... الخ.
واصطلاحاً: كيفيَّةٌ عارِضةٌ للحرفِ عندَ حصولِه في المَخرجِ من جهْرٍ وهمْسٍ وشدَّةٍ... إلخ.
وقد اختلفَ العلماءُ في عددِ صفاتِ الحروفِ فأَنهاها بعضُهم إلى أربعٍ وأربعين صِفةً، وبعضُهم إلى أربعٍ وثلاثين صفةً، وبعضُهم إلى أربعَ عشرةَ صِفةً كالْبَرْكَوِيِّ ت سنةَ 929 هـ، وبعضُهم زادَ على ما ذُكِرَ، وبعضُهم نَقَّصَ.
والقولُ المشهورُ عندَ الجمهورِ هو سبعَ عشرةَ صِفةً وهو الذي اختاره ابنُ الجَزْرِيِّ في المقدِّمةِ وغيرِها.

وفائدةُ معرفةِ المَخرجِ: تمييزُ الحروفِ المشترَكةِ في المَخرجِ بعضِها عن بعضٍ ولمعرفةِ الصفاتِ ثلاثُ فوائدَ:
الأولى: تمييزُ الحروفِ المشترَكة في المَخرجِ الواحدِ، إذ لولاها لكانت الحروفُ المشترَكةُ حرفاً واحداً، فالطاءُ مثلاً لولا الاستعلاءُ والإطباقُ والجهْرُ التي فيه لكانت تاءً لاتِّفاقِهما في المَخرجِ.
والثانيةُ: تحسينُ لفظِ الحروفِ المختلِفةِ المخارجِ من حيثُ الترقيقِ والتفخيمِ وغيرِ ذلكَ.
والثالثةُ: معرفةُ القويِّ من الضعيفِ ليُعلمَ ما يَجوزُ إدغامُه وما لا يَجوزُ فإنَّ ما له قوَّةٌ و مَزِيَّةٌ على غيرِه لا يَجوزُ أن يُدغمَ في ذلك الغيرِ لئَلاَّ تَذهبَ تلك المَزِيَّةُ.
وسنذكرُ الصفاتِ على قولِ الجمهورِ الذي هو سبعَ عشرةَ صِفةً وَفقاً لما عليه ابنُ الجَزْرِيِّ والجمهورُ كما سبَقَ آنفاً، فنقولُ وباللهِ التوفيقُ.
تَنقسمُ الصفاتُ إلى قسمين:
الأوَّلُ: الأصليَّةُ (اللازمةُ).
الثاني: العَرَضِيَّةُ.
أما الصفاتُ الأصليَّةُ فهي الملازِمةُ للحرفِ لا تُفارقُه بحالٍ من الأحوالِ كالجهرِ والاستعلاءِ والإطباقِ والقَلْقَلَةِ، ويُقالُ لها ذاتيَّةٌ.
وأما الصفاتُ العَرَضِيَّةُ فهي التي تَعْرِضُ للحرفِ في بعضِ الأحوالِ وتَنفكُّ عنه في البعضِ الآخرِ لسببٍ من الأسبابِ كالتفخيمِ والترقيقِ والإظهارِ والإدغامِ، والمَدِّ، والقصرِ، وسنتكلَّمُ على هذا القسمِ بعدَ الانتهاءِ من الكلامِ على الصفاتِ اللازمةِ إن شاءَ اللهُ تعالى.

الكلامُ على الصفاتِ الأصليَّةِ اللازمةِ
تنقسمُ الصفاتُ الأصليَّةُ اللازمةُ إلى قسمين أيضاً،قِسمٌ له ضِدٌّ وهو خَمسٌ وضِدُّه خمْسٌ كذلك، فهذه عشرٌ، وتُسمَّى ذواتِ الأضدادِ، وقسمٌ لا ضِدَّ له وهو سبعٌ، وسنزيد عليها صِفَتَي الخفاءِ والغُنَّةِ لأنهما من الصفاتِ اللازمةِ أيضاً وقد ذَكرهما كثيرٌ من علماءِ هذا الفنِّ، وفيما يلي الكلامُ على كلِّ قسمٍ بانفرادٍ.
أولاً: الصفاتُ ذواتُ الأضدادِ:
الصفاتُ ذواتُ الأضدادٍ عشرٌ وهي كالآتي:
الجهْرُ وضِدُّهُ الهمسُ، والرِّخْوُ وضِدُّه الشَّدَّةُ والتوسُّطُ معاً، والاستِفالُ وضدُّه الاستعلاءُ، والانفتاحُ وضِدُّه الإطباقُ، والإصماتُ وضِدُّه الإذلاقُ، وفي هذا يقولُ ابنُ الجَزْرِيِّ في المقدِّمةِ:

20. صفاتُها جهـرٌ ورِخـوٌ مستَفِلْ = منفتِحٌ مُصمَتـةٌ والضـدُّ قُـلْ
21. مهموسُها فحَثَّهُ شخصٌ سَكَتْ = شديدُها لفظُ أَجـدْ قَـطٍ بكَتْ
22. وبين رِخْـوٍ والشديدِ لِن عُمرْ = وسبعُ عُلْو خصَّ ضغطٍ قظْ حَصَرْ


ثانياً: الصفاتُ التي لا ضِدَّ لها:
وأما الصفاتُ التي لا ضِدَّ لها فسبعٌ كما مَرَّ، وهي الصفيرُ، والقلقلةُ، واللِّينُ، والانحرافُ، والتَّكرارُ، والتفشِّي، والاستطالةُ، وسنتكلَّمُ أوَّلاً على كلِّ صِفةٍ وضدِّها على حِدَةٍ إلى أن تَنتهيَ ذواتُ الأضدادِ ثم نُتبعُه بالكلامِ على الصفاتِ السبعِ التي لا ضِدَّ لها، فنقولُ وباللهِ التوفيقُ:
الصفةُ الأولى: الهمْسُ ومعناهفي اللغةِ الخفاءُ
وفي الاصطلاحِ: ضَعْفُ التصويتِ بالحرفِ لضَعْفِ الاعتمادِ عليه في المَخرجِ حتى جَرى النفَسُ معه فكانَ فيه همْسٌ أيْ: خفاءٌ، ولذا سُمِّيَ مهموساً، قالَ تعالى: {فَلاَ تَسْمَعُ إلاَّ هَمْساً} (طه: آية 108) وحروفُه عشرةٌ جمَعَها الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ في قولِه: "فحَثَّهُ شخصٌ سَكتْ" أيْ: سَكتَ شخصٌ فحثَّهُ آخَرُ فتكلَّمَ، وهي الفاءُ والحاءُ والثاءُ المثلَّثةُ، والهاءُ، والشينُ، والخاءُ، والصادُ، والسينُ، والكافُ، والتاءُ المثنَّاةُ فوقَ.
الصفةُ الثانيةُ: الجَهْرُ وهو ضدُّ الهمسِ، وهو المقابلُ لها في البيتِ الأوَّلِ من كلامِ الناظمِ، والجهْرُ في اللغةِ: الإعلانُ والإظهارُ.
وفي الاصطِلاحِ: قوَّةُ التصويتِ بالحرفِ لقوَّةِ الاعتمادِ عليه في المَخرجِ حتى منَعَ جريانَ النفَسِ معه، فكانَ فيه جهْرٌ أيْ: إعلانٌ وإظهارٌ، ولذا سُمِّيَ مجهوراً وحروفُه ثمانيةَ عشرَ، وهي الأحرُفُ الباقيَةُ بعد حروفِ الهمْسِ العشرةِ وإنما ذَكرَ الناظمُ حروفَ الهمْسِ لقلَّتِها، ويؤخذُ من التعريفِ الاصطلاحيِّ لصِفَتَي الجهْرِ والهمْسِ أنَّ الفرقَ بينهما قائمٌ على عدَمِ جَرَيانِ النَّفَسِ في الأوَّلِ، وهو الجَهْرُ، وجريانُه في الثاني وهو الهمْسُ كما يؤخذُ أيضاً أن الحروفَ الهِجائيَّةَ موزَّعةٌ على الصفتين فما كان من حروفِ "فحثَّه شخصٌ سكتْ" فهو من صِفةِ الهمسِ وما كان من غيرِها فهو من صفاتِ الجهرِ، ولا تُعَدُّ الألِفُ من حروفِ الجهرِ لأن حروفَ المَدِّ الثلاثةَ لا تتَّصِفُ إلاَّ بالخفاءِ.
الصفةُ الثالثةُ: الشِّدَّةُ والتوسُّطُ.
فالشِّدَّةُ لغةً: القوَّةُ، واصطلاحاً: لزومُ الحرفِ لمَوضعِه لقوَّةِ الاعتمادِ عليه في المَخرجِ حتى حُبِسَ الصوتُ عن الجَرَيَانِ معه فكان فيه شِدَّةٌ أيْ: قوَّةٌ، ولذا سُمِّيَ شديداً وحروفُها ثمانيةٌ جمَعَها ابنُ الجَزْرِيِّ في قولِه "أجِد قَط بَكَتْ" وهي الهمزةُ، والجيمُ، والدالُ، والقافُ، والطاءُ، والباءُ الموحَّدةُ، والكافُ، والتاءُ المثنَّاةُ فوقَ.
والتوسُّطُ: أيْ بينَ الشِّدَّةِ والرِّخْوِ، وتُسمَّى أيضاً البينيَّةَ، ومعناه لغةً: الاعتدالُ، واصطلاحاً: كَوْنُ الحرفِ بينَ الصفَتَين أيْ: بينَ صِفةِ الرِّخْوِ، وصفةِ الشَّدَّةِ، بحيثُ يكونُ عند النطقِ به ينحبسُ بعضُ الصوتِ معه ويَجْري بعضُه، ولذا سُمِّيَ متوسِّطاً، وحروفُه خمسةٌ جمَعَها الحافظُ في قولِه: " لِن عُمَرْ" أيْ: لِن يا عُمرُ في الأحكامِ، وهي اللامُ، والنونُ، والعَيْنُ، والميمُ، والراءُ، وفي هذا يقولُ ابنُ الجَزْرِيِّ في المقدِّمةِ:

22. وبين رِخوٍ والشديدِ لِنْ عمرْ = وسبعُ عُلْو خُصَّ ضَغطٍ قِظْ حَصَرْ


الصفةُ الرابعةُ: الرِّخْوُ، وهي ضِدُّ الشِّدَّةِ والتوسُّطِ، ومعناه في اللغةِ: اللِّينُ، وفي الاصطلاحِ: ضَعْفُ لزومِ الحرفِ لمَوضِعِه لضَعْفِ الاعتمادِ عليه في المَخرجَ حتى جَرى معه الصوتُ فكان فيه رِخْوٌ أيْ: لِينٌ، ولذا سُمِّيَ رِخْواً.
وحروفُه ستَّةَ عشرَ حرفاً، وهي الباقيةُ من حروفِ الهجاءِ بعدَ حروفِ الشَّدَّةِ الثمانيةِ المتقدِّمُ ذِكرُها، وهي ثمانيةٌ، وحروفُ التوسُّطِ الخمسةُ السابقُ ذِكرُها، كذلك ويُؤخذُ مما سَبَقَ أن الحروفَ الهِجائيَّةَ موزَّعةٌ على صِفةِ الشَّدَّةِ والتوسُّطِ والرِّخْوِ، فما كان من حروفِ "أجِدْ قَط بَكَتْ" فهو من صِفةِ الشِّدَّةِ، وما كان من حروفِ "لِن عُمرُ" فهو من صِفةِ التوسطِ، وما ليس منهما فهو من صِفةِ الرِّخْوِ، كما يُؤخذُ من التعريفِ الاصطلاحيِّ للصفاتِ الثلاثِ - وهي الشِّدَّةُ والتوسُّطُ والرِّخْوُ - أن الفَرْقَ بينهنَّ قائمٌ على حَبْسِ جريانِ الصوتِ في الأُولى وجريانِه في الثالثةِ، وعدَمِ كمالِ جريانِه في الثانيةِ بمعنى أن الصوتَ لم يَجْرِ في حروفِ التوسُّطِ كجريانِه مع الرِّخْوِ ولم يَنحَبِسْ كانحباسِه مع الشِّدَّةِ وإليك بعضاً من الأمثلةِ ليَظهرَ لك الفرْقُ بينَهن، فإذا وَقفْتَ على الدالِ والجيمِ من نحوِ: (مُهْتَدٍ)، و (الحَجِّ)، ترى أنَّ الصوتَ قد انْحَبسَ ولم يَجْرِ وذلك لأنَّ الدالَ والجيمَ من حروفِ الشِّدَّةِ، وإذا وَقفتَ على السينِ والفاءِ من نحوِ: (الْمَسُّ) و (أُفٍّ)، ترى أن الصوتَ قد جرى جَرَياناً ظاهراً، وذلك لأنَّ السينَ والفاءَ من حروفِ الرِّخْوِ، وإذا وَقفتَ على اللامِ والنونِ من نحوِ: (قُلْ)، و (يَكُنْ)، تَرى أن الصوتَ لم يَنحبسْ عند النطقِ بهذين الحرفينِ كانحباسِه مع الشِّدَّةِ، ولم يَجرِ معهما كجريانِه مع الرِّخْوِ، ومن ثَمَّ سُمِّيَتْ بحروفِ التوسُّطِ، أو الحروفِ البينيَّةِ، وهذه الأمورُ كلُّها مدرَكَةٌ بالحِسِّ بأدنى تأمُّلٍ واللهُ أعلمُ.
قالَ العلاَّمةُ المسعديُّ: تنبيهٌ: الفرْقُ بينَ المَجهورةِ والشديدةِ، أنَّ المجهورةَ لا يَجري معها النَّفَسُ، والشديدةَ لا يَجري معها الصوتُ، والفرْقُ بينَ المهموسةِ والرِّخْوَةِ، أنَّ المهموسةَ يَجري معها النفَسُ، والرِّخْوَةُ يَجري معها الصوتُ، فعُلِمَ بذلك أنه لا يَلزمُ من الجهْرِ الشِّدَّةُ، ولا العكسُ؛ لأنه قد يَجري النفَسُ مع الحرفِ، ولا يَجري الصوتُ معه كالكافِ والتاءِ، وقد يَجري الصوتُ معه، ولا يَجري النفَسُ كالضادِ، ثم قالَ: " تنبيهٌ آخَرُ".
هذه الصفاتُ وما سيُعطفُ عليها لا تكونُ إلاَّ في ثمانيةٍ وعشرين حرفاً، وهي الحروفُ الهِجائيَّةُ ما عدا الألِفِ فلا تتَّصِفُ على حِدَتِهَا بصفَةٍ أصْلاً بل هي هوائيَّةٌ تابعةٌ لما قبلَها، إن كان مجْهُوراً فمجهورَةٌ أو مفخَّماً فمفخَّمةٌ أو مرقَّقاً فمرقَّقةٌ، وكذلك يُقالُ في بقيَّةِ الصفاتِ، ويَلحقُ بالألِفِ في عدَمِ الاتِّصافِ بصفَةٍ على حدتِه الواوُ والياءُ المدِّيَّتَان، لأنهما حينئذٍ هوائيَّتين كالألِفِ. انتهى من المسعديِّ بتصرُّفٍ.
الصفةُ الخامسةُ: الاستعلاءُ، وهوفي اللغةِ: الارتفاعُ، وفي الاصطلاحِ: ارتفاعُ اللسانِ إلى الحَنَكِ الأعلى عندَ النُّطقِ بحروفِه، فيَرتفعُ الصوتُ معه، ولذا سُمِّيَ مُستعلِياً، وحروفُه سبعةٌ جمَعَها الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ في قولِه: "وسبعُ عُلْو خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ" وهي: الخاءُ والصادُ، والضادُ والغَيْنُ المعجَمَتان، والطاءُ المهملَةُ، والقافُ والظاءُ المعجَمتَان.
الصفةُ السادسةُ: الاستِفالُ، وهو ضِدُّ الاستعلاءِ، ومعناه في اللغةِ: الانخفاضُ، وقيلَ الانحطاطُ، واصطلاحاً: انخفاضُ اللسانِ أو انحطاطُه عن الحَنَك الأعلى عندَ النُّطقِ بحروفِه.
فإنْ قيلَ: من جمْلةِ هذه الحروفِ الغَيْنُ، والخاءُ، وهما من الحَلْقِ، فلا يَرتفعُ اللسانُ عندَ النُّطقِ بهما، أُجيبَ بأنَّ التعليلَ مَنظورٌ فيه لأكثرِ الحروفِ، وأنَّ كونَهما من الحَلْقِ بالنظرِ للظاهرِ، وإلا فقدْ قالَ العلماءُ: الاعتمادُ في جميعِ الحروفِ على اللسانِ، وحروفُ الاستِفالِ اثنان وعشرون حرفاً وهي الباقيةُ من حروفِ الهجاءِ بعد حروفِ الاستعلاءِ المتقدِّمةِ، ومن هنا يُؤخذُ أن حروفَ الهجاءِ مُوزَّعةٌ على الصفتَيْن، فما كان من حروفِ "خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ" فهو مستعْلٍ، وما كان من غيرِها فهو مستَفِلٍ، كما يُؤخذُ من التعريفِ الاصطلاحيِّ لِهَاتين الصفتَيْن، أنَّ الفرْقَ بينهما قائمٌ على ارتفاعِ اللسانِ بالحرفِ إلى الحَنَكِ الأعلى عندَ النُّطقِ به أو انخفاضِه عنه، فما كان من الحروفِ مرتفعٌ مع اللسانِ فهو مستَعْلٍ، وما كان منها منخفضٌ معه فهو مستَفِلٌ، ويترتَّبُ على صِفةِ الاستفالِ الترقيقُ لحروفِها كما يترتَّبُ على الاستعلاءِ التفخيمُ لحروفِها، وسيأتي بيانُ ذلك.
الصفةُ السابعةُ: الإطباقُ وضدُّه الانفتاحُ، والإطباقُ في اللغةِ: الالتصاقُ،واصطلاحاً: انطباقُ طائفةٍ، أيْ: جمْلةٍ من اللسانِ على الحَنَكِ الأعلى عندَ النُّطقِ بحروفِه.

23. وصادُ ضادُ طاءُ ظاءٌ مطبَقَهْ = وفَرَّ من لُبِّ الحروفِ المُذلَقَهْ


واعلمْ أنَّ الإطباقَ أبْلغُ وأَخصُّ من الاستعلاءِ فكونُه أبلغُ لأنَّ اللسانَ عندَ النُّطقِ بحروفِه يَرتفعُ إلى الحَنَكِ الأعلى ويَنطبقُ بخلافِ الاستعلاءِ فإنَّ اللسانَ يَرتفعُ ولا يَنطبقُ بها، ولذلك خُصَّتْ حروفُ الإطباقِ من بينِ حروفِ الاستعلاءِ بتفخيمٍ أقْوَى، وكَوْنُ الإطباقِ أَخصَّ من الاستعلاءِ؛ لأنه يَلزمُ من الإطباقِ الاستعلاءُ ولا يَلزمُ من الاستعلاءِ الإطباقُ، فكلُّ مطبَقٍ مستعْلٍ وليس كلُّ مستَعْلٍ مطبَقاً.
الصفةُ الثامنةُ: الانفتاحُ، ومعناهفي اللغةِ: الافتراقُ، واصطلاحاً: انفتاحُ ما بينَ اللسانِ والحَنَكِ الأعلى، بمعنى تَجافي كُلاّ من طائفَتَي اللسانِ والحَنَكِ الأعلى عندَ النُّطقِ بحروفِه فلا يَنحصرُ الصوتُ بينَهما، فيَخرجُ الريحُ من بينِهما.
ولذا سُمِّيَ مُنفتحاً وحروفُه أربعةٌ وعشرون حرفاً، وهي الحروفُ الباقيةُ من حروفِ الهجاءِ بعد حروفِ الإطباقِ الأربعةِ المتقدِّمةُ، ويؤخذُ من هذا أنَّ حروفَ الهجاءِ موزَّعةٌ على الصِّفتين، فما كان من حروفِ الإطباقِ الأربعةِ فمُطبَقٌ، وما كان من غيرِها فمُنفتِحٌ كما يُؤخذُ من التعريفِ أنَّ الفرْقَ بينَهما قائمٌ على انطباقِ اللسانِ إلى الحَنَكِ الأعلى عندَ النُّطقِ بالحرفِ أو انخفاضِه عنه.
الصفةُ التاسعةُ: الذَّلاقَةُ، ومعناها في اللغةِ: الطرَفُ، وفي الاصطلاحِ: الاعتمادُ على ذَلَقِ اللسانِ والشَّفةِ عندَ النُّطقِ بحروفِها، واعتمادُ بعضِها على ذَلَقِ اللسانِ وبعضِها على ذَلَقِ الشَّفةِ، أيْ: طرَفُهما، وقيلَ: سرعةُ النُّطقِ بالحروفِ المُذلقةِ لخروجِ بعضِها من ذَلَقِ اللسانِ، أيْ: طرَفِه، وهي اللامُ والنونُ والراءُ وبعضُها من ذَلَقِ الشَّفةِ وهو الباءُ الموحَّدةُ، والفاءُ والميمُ، ووُصِفتْ بالانذلاقِ، لكن مُقتضى ذلك أنَّ أحرُفَ الطرَفِ جميعَها تُوصفُ بالانذلاقِ إلاَّ أن يُقالُ: إنَّ وجهَ التسميةِ لا يلزمُ اطرادُه، هذا واعترضَ بعضُهم على ذِكرِ الإصماتِ والانذلاقِ في هذا المَقامِ بأنَّ كُلاّ منهما لا دخْلَ له في النُّطقِ بالحروفِ والكلامِ، إنما هو في صفاتٍ يُطلبُ من القارئِ مراعاتُها عندَ النُّطقِ بالحروفِ، ولعلَّ هذا هو السرُّ في عدمِ ذِكرِ الشاطبيِّ لهما، لكنَّ المحقَّقَ على الأوَّلِ، ولعلَّ وجهَ ذِكرِه لهما، أنَّ الكلامَ فيما هو أعمُّ مما يُطلبُ مراعاتُه وغيرُه، أو أنَّ ذِكرَ الذَّلاقةِ لكونِه يُعلمُ منه مَحلُّ خروجِ حروفِه، واللهُ أعلمُ.
وحروفُ الانذلاقِ ستَّةٌ، جمَعَها الناظمُ في قولِه "فَرَّ من لُبِّ" وهي الفاءُ، والراءُ، والميمُ، والنونُ، واللامُ، والباءُ، أيْ: فَرَّ الجاهلُ من العاقلِ.
الصفةُ العاشرةُ: الإصماتُ، وهو ضِد الذَّلاقةِ وحروفُ الإصماتِ ثلاثةٌ وعشرون، وهي الباقيةُ من حروفِ "فَرَّ من لُبِّ"، والإصماتُ لغةً: المنعُ، واصطلاحاً: منعُ حروفِه من الانفرادِ بتكوينِ الكلماتِ المُجرَّدةِ الرباعيَّةِ والخماسيَّةِ، أي أنَّ كلَّ كلمةٍ على أربعةِ أحرُفٍ أو خمسةِ أصولٍ لابدَّ أن يكونَ فيها مع الحروفِ المُصمتَةِ حرفٌ أو أكثرُ من الحروفِ المُذلقَةِ، وإنما فَعلوا ذلك لخفَّتِها فعادَلوا بها الثقيلةَ، ولذلك حَكموا بأن عَسْجَدَ اسمٌ للذهبِ أعجميٌّ، وَوُصِفَتْ تلك الحروفُ بالإصماتِ لأنهم أَصمتوها، أيْ: مَنعوها، ولم يَجعلوا منها رُباعيًّا، أو خُماسيًّا، وجَعلوها صامتةً فلم يَنطقوا بها.
وكلمةُ عَسْطُوسٍ اسمُ شجرٍ، فقيلَ إنهما غيرُ أصليَّين في كلامِ العربِ، بل مُلحقان به، وقيلَ شاذًّا، وقيلَ غيرُ ذلك، ويُؤخذُ ممَّا تَقدَّمَ أنَّ الحروفَ الهِجائيَّةَ موزَّعةٌ على صفَتَي الذَّلاقةِ والإصماتِ، فما كان من حروفِ "فَرَّ من لُبِّ" فمُذْلَقٌ، وما كان من غيرِها فمُصمَتٌ، وإلى هنا انتهت الصفاتُ التي لها ضِدٌّ والتي ذَكرَها الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ في المقدِّمةِ في قولِه السابقِ: (صفاتُها جهْرٌ ورِخْوٌ إلى آخرِ قولِه "وفَرَّ من لُبِّ الحروفِ المذلَقةِ").
واعلم أنه متى ثَبتَ أحدُ الضدَّيْن في عددٍ من الحروفِ يَثبتُ ضدُّه فيما بَقيَ منها، واللهُ أعلمُ.

الكلامُ على الصفاتِ التي لا ضِدَّ لها
الصفاتُ التي لا ضِدَّ لها سبعٌ، وهي: الصَّفيرُ والقَلْقَلَةُ، واللِّينُ، والانحرافُ، والتكريرُ، والتَّفَشِّي، والاستطالةُ، وفيما يلي تفصلُيها واحدةً واحدةً، وهذه الصفاتُ هي الباقيةُ بعدَ العشرةِ المتقدِّمةِ، وهي صفاتٌ اختُصَّتْ ببعضِ الحروفِ دونَ بعضٍ ولا ضِدَّ لها مسمًّى باسمٍ خاصٍّ كما في المُتضادَّةِ، وقد جمَعَها الحافظُ ابن الجَزْرِيِّ في المقدِّمةِ بقولِه:

24. صفيرُها صادٌ وزايٌ سينُ = قَلْقَلَةُ قُطْبُ جَدٍّ واللِّينُ


25. واوٌ وياءٌ سَكَنا وانفتَحا = قبلَهما والانحرافُ صحِّحا


26. في اللامِ والرا وبتكريرٍ جُعلْ = وللتَّفَشِّي الشينُ ضاداً استُطِلْ


الصفةُ الأولى: الصفيرُ، وحروفُه ثلاثةٌ، وهي الصادُ، والزايُ، والسينُ، وأقواها الصادُ لما فيها من الاستعلاءِ والإطباقِ ويَليها الزايُ لما فيها من الجهْرِ، والسينُ أضعفُها لما فيها من الهمْسِ، والصفيرُلغةً: حِدَّةُ الصوتِ، واصطلاحاً: صوتٌ زائدٌ يَصحبُ الصادَ وأختَيْها عندَ خروجِها من مَخرجِها، وسُمِّيتْ هذه الحروفُ بذلك لخروجِ صوتٍ منها مع حروفِها يُشبِهُ صوتَ الطائرِ وكلُّ ذلك تقريبٌ، وبقيَّةُ حروفِ الهجاءِ لا تُوصفُ بالصفيرِ وهي خمسةٌ وعشرون غيرُها.
الصفةُ الثانيةُ: القَلْقَلَةُ، وحروفُها خمسةٌ جَعلَها الناظمُ في قولِه: "قُطْبُ جَدٍّ"، وهي القافُ، والطاءُ، والباءُ الموحَّدةُ، والجيمُ، والدالُ المهمَلةُ، والقُطْبُ، بثليثِ القافِ والضمُّ أشهرُها، وهو ما يدورُ عليه الأمرُ، والجَدُّ، العَظَمَةُ.
والقَلْقَلَةُ لغةً: التحريكُ والاضطرابُ، واصطلاحاً: اضطرابُ المَخرجِ والصوتِ عندَ النُّطقِ بالحرفِ ساكناً حتى يُسمعَ له نَبْرَةٌ قويَّةٌ، وقيلَ: تُقَلْقَلُ حروفُها حتى يُسمعَ لها نَبْرَةٌ قويَّةٌ، أيْ: ارتفاعٌ أو صوتٌ عالٍ وإنما وُصفتْ بالقَلْقَلَةِ، لشدَّةِ صوتِها؛ لأن صوتَها لا يكادُ يَبينُ به سكونُها إلاَّ إذا خَرَجَتْ إلى شِبْهِ التحريكِ، وذلك لأنها شديدةٌ مَجْهورةٌ. فالجهْرُ يَمنعُ النَّفَسَ أن يَجريَ معها، والشِّدَّةُ تَمنعُ الصوتَ أن يَجريَ معها، فلما امتنَعَ جرَيانُ الصوتِ والنفَسِ مع حروفِها احتاجَتْ إلى التكلُّفِ في بيانِها بضمِّ إليها شدَّةِ الضغطِ حالَ سكونِها فتخرجُ إلى شِبهِ المتحرِّكِ قصداً لبيانِها ولولا ذلك لم تُبيَّنْ، والقلقةُ صِفةٌ ذاتيَّةٌ لازمةٌ لحروفِها الخمسةِ المذكورةِ آنفاً، لا فرْقَ بينَ أن يكونَ الساكنُ منها موصولاً نحوَ: (يَقْبَلُ)، و (يَطْبَعُ)، أو موقوفاً عليه سواءً أكان مخفَّفاً أم مشدَّداً فالمخفَّفُ نحوَ: (فَوَاقِ)، (الصراطِ)، و المشدَّدُ نحوَ: (الحقّ)، (وتَبَّ)، (والحَجّ)، وللقَلْقَلَةِ ثلاثُ مراتبَ، أعلاها المشدَّدُ الموقوفُ عليه، فالساكنُ الموقوفُ عليه، فالساكنُ وَصْلاً، والقَلْقَلَةُ في الموقوفِ عليه الساكنِ أَبْيَنُ من الساكنِ الموصولِ، وفي هذا يقولُ ابنُ الجَزْرِيِّ:

وبيِّنَنْ مُقَلْقَلاً إن سَكَنَا = وإن يكنْ في الوَقْفِ كان أَبْيَنَا


وكيفيَّةُ أدائِها. اختلفَ العلماءُ في ذلك على أكثرِ من قولٍ، والمشهورُ من ذلك قولان:
الأوَّلُ: أن الحرفَ المُقَلْقَلَ يَتبعُ حركةَ ما قبلَه سواءً كان السكونُ موصولاً أو موقوفاً عليه، مخفَّفاً أو مشدَّداً.
الثاني: أن الحرفَ المُقَلْقَلَ يكونُ للفتْحِ أقربَ مُطلقاً سواءً كان قبلَه مفتوحاً أم مكسوراً أم مضموماً. وقد أشارَ صاحبُ لآلئِ البيانِ إلى القولين معاًً مرجِّحاً الاتِّباعَ لما قبلَه فقالَ:

قَلْقَلَةُ قطبِ جدٍّ وقرِّبَتْ = للفتحِ والأرجحُ ما قبلُ اقتَفت


كبيرةٌ حيثُ لدى الوقفِ أتتْ = أكبرُ حيثُ عندَ وقفٍ شدِّدَتْ


والمقصودُ بالفتْحِ هنا فتحُ المَخرجِ لا فتحُ الحركةِ، كما أفادَ صاحبُ المنظومةِ.
الصفةُ الثالثةُ: اللِّينُ وحروفُه اثنان وهما: الواوُ والياءُ الساكنتان المفتوحُ ما قبلَهما كـ (خَوْفٍ)، و (بَيْتٍ)، وسُمِّيَا بذلك لخروجِهما في لِينٍ وعدَم كُلفةٍ واللِّينُ في اللغةِ، السهولةُ، واصطلاحاً: إخراجُ الحرفِ في لِينٍ وعدَمِ كُلفةٍ على اللسانِ، وسيأتي الكلامُ عليه في بابِ المُدودِ وبقيَّةُ الحروفِ الهجائيَّةِ، لا تُوصفُ باللِّينِ.
الصفةُ الرابعةُ: الانحرافُ، وحروفُه اثنان: اللامُ والراءُ، ومعناه لغةً: المَيْلُ، واصطلاحاً:انحرافُ الحرفِ عن مَخرجِه حتى يَتَّصلَ بمَخرجِ غيرِه، ووُصِفا بالانحرافِ لانحرافِ اللامِ إلى طرَفِ اللسانِ وانحرافِ الراءِ إلى ظهْرِ اللسانِ مع مَيْلٍ قليلٍ إلى جهةِ اللامِ، ولذلك يَجعلُها الألْثَغُ لاماً وهذا مذْهبُ الجمهورِ، وجعلَ بعضُهم الانحرافَ للامِ فقط، وبقيَّةُ الحروفِ الهجائيَّةِ لا تُوصفُ بالانحرافِ.
الصفةُ الخامسةُ: التكريرُ، وهي في الراءِ فقط؛ لأن قولَ الناظمِ: "جُعل" أيْ: وُصفَ فالضميرُ المستتِرُ في جُعلَ يعودُ على أقربِ مذكورٍ وهو الراءُ، والتكريرُ لغةً: إعادةُ الشيءِ مرَّةً بعدَ أخرى، وسُمِّيَ حرفُه بذلك لارتعادِ طرَفِ اللسانِ عندَ النُّطقِ به، واصطلاحاً: ارتعادُ رأسِ اللسانِ عندَ النُّطقِ بالحرفِ، وقالَ بعضُهم: هو التَّحفُّظ منه عنه أصلاً لا الوصفُ به، وإنما وُصِفت الراءُ به دونَ غيرِها لقَبولِها له، فيَجبُ التحفُّظُ منه، ومن لم يَتحفَّظْ منه عنه فقد جَعلَ من المخفَّفِ رائَيْن ومن المشدَّدِ راءاتٍ، وطريقُ التحفُّظِ كما قاله الجَعْبَرِيُّ: أن يَلصقَ اللافظُ لسانه بالحَنَكِ الأعلى لصقاً محكَماً ويَنطقُ بها مرَّةً واحدةً.
الصفةُ السادسةُ: التَّفشِّي، وهو لغةً: الانتشارُ، واصطلاحاً: انتشارُ الريحِ في الفمِ عندَ النُّطقِ بالشينِ حتى تَتَّصلَ بمَخرجِ الظاءِ المشالَةِ، والتَّفشِّي صِفةٌ للشين وحدَها عندَ ابن الجَزْرِيِّ والشاطبيِّ، وقيلَ مع الفاءِ، وقيلَ مع الثاءِ المثلَّثةِ، ومع الصادِ عندَ بعضِ العلماءِ، وقالَ المَرْعَشِيُّ: لكنَّ ذلك الانتشارَ في الشين أكثرُ.
الصفةُ السابعةُ: الاستطالةُ، وهي في اللغةِ الامتدادُ، وفي الاصطلاحِ: امتدادُ الصوتِ من أوَّلِ حَافَةِ اللسانِ إلى آخرِها، وهي صِفةٌ لحرفٍ واحدٍ وهو الضادُ المعجَمَةُ، وسُمِّيَ بذلك لاستطالتِه مَخرجاً وصوتاً حتى اتَّصلَ بمَخرجِ اللامِ.
فإن قيلَ: ما الفرْقُ بينَ المستطيلِ والممدودِ، فالجوابُ أنَّ المستطيلَ جرى في مَخرجِه، أيْ: امتدَّ في مَخرجِه إلى مَخرجِ غيرِه، والممدودَ جرى في نفسِه أيْ: امتدَّ بمدِّ الصوتِ فيه من غيرِ امتدادِ مَخرجِه ولهذا لو أردتَ الزيادةَ في المستطيلِ بعد اتِّصالِه بمَخرجِ اللام لم يُمكِنْ بخلافِ الممدودِ، فإنَّ مدَّه حاصِلٌ حتى يَنقطعَ الصوتُ، ولا يُقالُ: ما دارَ في الضادِ يَجري في اللامِ، فإنها مستطيلةٌ في مَخرجِها؛ لأنَّ وجْهَ التسميةِ لا يَطَّرِدُ، انتهى.

تتمَّةٌ: في صفَتَي الخفاءِ والغُنَّةِ
ذَكرَ كثيرٌ من الأئمَّةِ صفتَيْن أُخريَيْن من الصفاتِ اللازمةِ التي لا ضِدَّ لها، على الصفاتِ السبعِ التي تَقدَّمَ ذِكرُها، وهما صفَتَي الخفاءِ والغُنَّةِ، أما الخفاءُ فهو في اللغةِ: الاستتارُ، واصطلاحاً: خفاءُ صوتِ الحرفِ عندَ النُّطقِ به، وحروفُه أربعةٌ، وهي حروفُ المَدِّ الثلاثةُ، والهاءُ، وسُمِّيتْ بذلك لأنها تَخْفى في اللفظ إذ اندرَجتْ بعد حرفٍ قبلَها، أمَّا الخفاءُ في حروفِ المَدِّ فلِسِعَةِ مَخرجِها ولذا قَويتْ بالمدِّ عندَ الهمزِ وأما الخفاءُ في الهاءِ فلاجتماعِ صفاتِ الضعفِ فيها، ولذا قَويتْ بالصِّلةِ إذا كانت ضميراً.
وأما الغُنَّةُ فهي في اللغةِ: صوتٌ في الخَيْشومِ وعرَّفَها بعضُهم بأنها صوتٌ أَغَنُّ لا عَمَلَ للسانِ فيه، واصطلاحاً: صوتٌ لذيذٌ مركَّبٌ في جسمِ الميمِ والنونِ المشدَّدتَيْن فهي صِفةٌ ثابتةٌ فيهما مُطلقاً إلاَّ أنها في المشدَّدِ أكملُ منها في المدغَمِ، وفي المدغَمِ أكملُ منها في المخْفِيِّ، وفي المخفِيِّ أكملُ منها في الساكنِ المظْهَرِ، وفي الساكنِ المظهَرِ أكملُ منها في المتحرِّكِ، وبهذا يَتبيَّنُ أن للغُنَّةِ خمْسَ مراتبَ، والظاهِرُ منها في حالةِ التشديدِ والإدغامِ والإخفاءِ كمالُها، المقدَّرُ بحركتَيْن أمَّا في الساكنِ المظهَرِ والمتحرِّكِ فالثابتُ منها أصلُها فقط فلا تُقدَّرُ بشيءٍ. وبإلحاقِ صِفةِ الخفاءِ والغُنَّةِ بالصفاتِ السبعِ التي لا ضِدَّ لها، تصيرُ تسعةً، يُضافُ إليها ذواتُ الأضدادِ العشرُ فتصيرُ تسعَ عشرةَ صِفةً كلُّها صحيحةٌ ومشهورةٌ.

تتمَّةٌ أخرى: في بابِ الصفاتِ:
قالَ العلاَّمةُ المسعديُّ " تنبيهان" الأوَّلُ: إنما تُفخَّمُ حروفُ الاستعلاءِ حالَ الفتْحِ والضمِّ كُلاّ نحوَ: (طَفِقَ)، و (قُلْ) أو بعضاً نحوَ: (يَخصمون) بالاختلاسِ و (يَخْلُقُ) بالرَّوْمِ، وحالَ السكونِ أيضاً سواءً أكانَ السكونُ أصليًّا كـ (النصرِ) أم عَرَضِيًّا كـ (الأرضِ) وقْفاً، أما حالُ الكسرِ والإمالةِ فهي مرقَّقةٌ لأنَّ كُلاّ من الكسرِ والإمالةِ مُنافٍ للتفخيمِ، لأنهما يَستدعيان تسفُّلَ اللسانِ وانخفاضَه، والتفخيمُ يَستدعي ارتفاعَه، وسواءً كان الكسرُ كاملاً كصراطٍ أم ناقصاً، كَفِرْق بالرَّوْمِ وقْفاً، وسواءً كانت الإمالةُ صُغرى أم كُبرى نحو: (عصى) و (قضى) و (لَظى)، الثاني: من تنبيهاتِ المسعديِّ ما تَقدَّمَ من تَخصيصِ الحروفِ المُطبَقةِ بالأربعةِ المتقدِّمةِ، ومن تخصيصِ الحروفِ المذْلَقَةِ بالستَّةِ السابقةِ في كلٍّ منهما مسامَحةٌ لأن غيرَ الأربعةِ المُطبَقةِ كالدالِ والتاءِ الفوقيَّةِ يَنطبقُ اللسانُ معهما أيضاً، ولم يَذكروهما من الحروفِ المُطبَقةِ بل هذان الحرفان يَنطبقُ اللسانُ على الحَنَكِ الأعلى عندَ النُّطقِ بهما انطباقاً كاملاً بل لا يكادُ اللسانُ يَنطبقُ على الحَنَكِ الأعلى عندَ النُّطقِ بكلٍّ من الصادِ المهمَلةِ والظاءِ المعجَمَةِ أصلاً كما هو ظاهرٌ للمتأمِّلِ، وكذلك أيضاً غيرُ الستَّةِ المذلَقَة كالذالِ والظاءِ المعجمَتَيْن فإنهما يَخرجان من كلٍّ من ذَلَقِ اللسانِ والثنايا العُليا، أيْ: طرفَيهما، ولم يَذكروهما من الحروفِ المذلَقَةِ أيضاً، بل هذان الحرفان أيضاً أولى بالوصفِ بالذلاقةِ من النونِ والباءِ والميمِ كما هو ظاهِرٌ للمتأمِّلِ أيضاً التنبيهُ الثاني من هذه التنبيهاتِ يتعلَّقُ بكلمةِ عَسْجَدٍ وعَسْطُوسٍ، وقد تَقدَّمَ الكلامُ عليهما فلا داعيَ لإعادتِهما.

فصلٌ: في تقسيمِ الصفاتِ إلى قويَّةٍ وضعيفةٍ ومتوسِّطةٍ:
فالصفاتُ القويَّةُ إحدى عشرةَ صفةً، وهي: الجهْرُ، والشِّدَّةُ، والاستعلاءُ، والإطباقُ، والصفيرُ، والقَلْقَلَةُ، والانحرافُ، والتكريرُ، والتَّفشِّي، والاستطالةُ، والغُنَّةُ، والصفاتُ الضعيفةُ ستٌّ، وهي: الهمْسُ، والرخاوةُ، والاستفالُ، والانفتاحُ، واللِّينُ، والخفاءُ.
والصفاتُ المتوسِّطةُ ثلاثٌ وهي: الإصماتُ والذلاقةُ، والبينيَّةُ، أيْ: التي بينَ الرخاوةِ والشِّدَّةِ، وقد نظَمَها الشيخُ إبراهيمُ شحاتةُ في نظمِه لآلئِ البيانِ (مطبوعٌ) فقالَ:

ضعيفُها همْسٌ ورِخْوٌ وخَفَا = لِينُ انفتاحٌ واستفالٌ عُرِفَا

وما سِواها وصفُهُ بالقوَّةِ = لا الزَّلْقُ والإصماتُ والبينيَّةُ


وباعتبارِ تقسيمِ الصفاتِ إلى هذا التقسيمِ تنقسمُ الحروفُ الهجائيَّةُ كذلك إلى أقسامٍ ثلاثةٍ: قويَّةٌ وضعيفةٌ ومتوسِّطةٌ.
فالحرفُ الذي جَمَعَ كلَّ صفاتِ القوَّةِ أو أكثرَها كالطاءِ المهمَلةِ كان قويًّا والحرفُ الذي جَمَعَ كلَّ صفاتِ الضعفِ أو أكثرَها كالهاءِ كان ضعيفاً.
والحرفُ الذي جَمَعَ بينَ صفاتِ القوَّةِ والضعفِ كاللامِ والغَيْنِ كان متوسِّطاً، وهكذا فعلى قدْرِ ما في الحرفِ من الصفاتِ القويَّةِ تكونُ قوَّتُه، وعلى قدْرِ ما فيه من صفاتِ الضعفِ يكونُ ضعفُه، واللهُ أعلمُ.

فصلٌ: في كيفيَّةِ استخراجِ صفاتِ كلِّ حرفٍ على حِدَةٍ
إذا أردتَ استخراجَ صفاتِ كلِّ حرفٍ بمفردِه فمُرَّ به على صِفةِ الهمْسِ أوَّلاً وحروفُه " فَحَثَّهُ شخْصٌ سَكَتْ" فإن وجدْتَ الحرفَ المطلوبَ فيها فهو صفتُه وإلا ففي ضدِّها الجهْرُ ثم انتقِلْ لحروفِ الشِّدَّةِ "أجِدْ قَط بَكَتْ" والتوسُّطُ" لِنْ عُمَرُ" فإن وجدْتَه في أحدِهما فهو صفتُه وإلا ففي ضدِّهما الرِّخْوُ، ثم انتقِلْ لحروفِ الاستعلاءِ خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ " فإن كان فيها فهو صفتُه وإلا ففي ضدِّها الاستفالُ، ثم انتقِلْ لحروفِ الإطباقِ التي هي الصادُ المهمَلةُ والضادُ المعجَمَةُ والطاءُ المهمَلةُ، والظاءُ المعجَمَةُ، فإن كان فيها فهو صفتُه وإلا ففي ضدِّه الانفتاحُ، ثم انتقِلْ لحروفِ الإذلاقِ "فَرَّ من لُبِّ" فإن كان فيها فهو صفتُه وإلا ففي ضِدِّه الإصماتُ، وإلى هنا يَتمُّ للحرفِ خمْسُ صفاتٍ من المتضادَّةِ، ثم انتقِلْ لغيرِ المتضادَّةِ، فإن وجدْتَه في أحدِها كان صفتَه وحينئذٍ يَتمُّ للحرفِ سِتٌّ أو سبعٌ، ولا يَنقصُ الحرفُ عن خمْسٍ ولا يزيدُ عن سبعٍ وليس هناك حرفٌ له سبعُ صفاتٍ إلاَّ الراءَ، مثالُ ما له خمْسٌ: الفاءُ، فهي حرفٌ مهموسٌ، رِخوٌ، مستفِلٌ، منفتِحٌ، مذلَقٌ، ومِثال ما له سبعُ صفاتٍ: الراءُ، فهي مجهورةٌ، متوسِّطةٌ مستفِلةٌ، منفتحةٌ، مذلَقْةٌ، منحرِفَةٌ، مُكرَّرةٌ، ومثال ما له ستُّ صفاتٍ: الباءُ الموحَّدةُ، فهي مجهورةٌ، شديدةٌ، مستفِلةٌ، منفتِحةٌ، مذلَقةٌ، مقَلْقَلَةٌ، وذِكرُ هذه الأمثلةِ مُغْنٍ عن الإطالةِ بذِكرِ جميعِ الصفاتِ، فقِسْ مالم أذكرْه على ما ذكرتُه، واللهُ أعلمُ.

هيئة الإشراف

#5

25 Nov 2008

شرح المقدمة الجزرية للشيخ المقرئ: عبد الباسط هاشم

قال الشيخ عبد الباسط بن حامد بن محمد متولي [المعروف بعبد الباسط هاشم] (ت: 1441هـ): (وللحروف صفات بها تتميز الحروف المشتركة بعضها عن بعض، والصفة للحرف كالصفة للإنسان خلْقاً وخُلقاً، فإذا علم خلُقه وعلم منشؤه، سهل التعامل معه، كذلك الحرف إذا علم مخرجه وعلمت صفاته سهل النطق به، فالمخرج للحرف كالميزان تعرف به كميته، والصفة له كالناقد تعرف بها كيفيته.
وصفات الحروف سبعة عشر، خمس لها أضداد، فتلك عشرة، وسبعة لا ضد لها، وقد بينها الناظم فقال:

صفاتها جهر ورخو مستفل منفتح مصمتة والضد قل


والمعنى صفاتها المشهورة جهر ورخو بكسر الراء واستيفال وانفتاح وإصمات، (والضد قل) أي والضد فاعلم، فالجهر ضده الهمس ولذا قال:

*مهموسها: (فحثه شخص سكت)*

أي: هذه الحروف العشرة هي حروف الهمس، فيكون الباقي حروف الجهر.
ثم قال:

*شديدها (لفظ أجد قط بكت) *

فهذه الحروف الثمانية هي حروف الشدة فيكون الباقي حروف الرخاوة.
ثم قال:

*وبين رخو والشديد (لِن عمر)*

هذه الحروف الخمس بين الرخاوة والشدة، وهذه صفة لا ضد لها فتكون باقي الحروف إما رخوة وإما شديدة.
وقوله:

*وسبع علو (خص ضغط قظ) حصر*

أي حصرها العلماء وجمعوها في هذه الأحرف، فما سوى هذه الحروف السبعة حروف استيفال.
وقوله:

*(وصاد ضاد طاء ظاء) مطبقه*

فما سوى هذه الحروف الأربع حروف انفتاح.

*و(فر من لب) الحروف المذلقة*

أي: هذه الأحرف الستة حروف الإذلاق فما سواها حروف إصمات. ومعنى (فر من لب) أي: هرب الجاهل من العاقل.
ثم أخذ في بيان الصفات التى لا ضد لها فقال:

* صفيرها (صاد وزاي سين) *

هذه واحدة قلقلة: (قطب جد) تلك الثانية، (واللين: واو وياء سكنا وانفتحا قبلهما) يعني واو وياء سكنا سكوناً صحيحاً وقبلهما مفتوح كصيف وبيت وخوف، هذه ثلاثة. وقوله: (والانحراف صححا في اللام والراء) هذه صفة الانحراف، وهي الصفة الرابعة فى اللام والراء.
ثم قال: (وبتكرير جعل) أي الراء اختص بصفة التكرير وهي الصفة الخامسة ثم قال: (وللتفشي الشين) وهي الصفة السادسة.
ثم قال: (ضاداً استَطل) هكذا حفظناها، وقُرِئتْ: استُطل أي: أطلها أيها القارئ. واسْتُطِل على البناء، وتلك هي الصفة السابعة، فتمت سبعة عشرة صفة كما ذكرنا.
وهذه نبذة نبين فيها ما يتماثل من الحروف وما يتقارب وما يتجانس وبعضهم ذكر المتباعد، ولكن أشياخي لم يذكرونه ونبين فيها ألقاب الحروف كما ذكرها الخليل بن أحمد وهي عشرة ألقاب ونبين فيها معاني الصفات المتضادة وغير المتضادة، ونذكر ما لكل حرف مخرجاً وصفة، حتى تتم الفائدة إن شاء الله.
فنقول وبالله التوفيق: أما المتماثل فما اتفق مخرجاً وصفة وذاتاً كالباء مع الباء والميم مع الميم والتاء مع التاء واللام مع اللام...وهلم جرا.
وأما المتجانس فعدة حروفه إحدى وعشرين حرفاً، وهي:
أولاً وثانياً: الهمزة والهاء، فإذا جاءت الهمزة مع أي حرف من حروف الحلق غير الهاء فهي متقاربة لامتجانسة.
الثالث والرابع: العين والحاء فإذا جاءت إحداهما مع غير أختها فهي متقاربة.
الخامس والسادس: الغين والخاء، فإذا جاءت إحداهما مع غير أختها فهي متقاربة.
السابع والثامن والتاسع: الباء والميم والواو، ولا تقارب في هذه الثلاثة ألبتة، إلا في الفاء.
العاشر والحادي عشر والثاني عشر: الصاد والزاي والسين، أي: حروف الصفير، فإذا جاء حرف منها مع غير أخيه فهو متقارب إلا حروف الحلق والشفتين.
الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر: والطاء والدال التاء. إذا جاء حرف منها مع غير أخيه من حروف اللسان فهو متقارب.
السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر، الثاء والظاء والذال، إذا جاء حرف منها مع أي حرف من حروف اللسان غير أخيه فهو متقارب.
التاسع عشر والعشرون والحادي والعشرون: الجيم والشين والياء، إذا جاء حرف منها مع غير أخيه من حروف اللسان فهو متقارب.
هذا هو المتجانس وما سواه فهو متقارب، وقد علمت المتماثل إذا سكن الأول وتحرك الثاني فهو صغير، وإذا تحركا معاً فهو كبير، وإذا تحرك الأول وسكن الثاني مثل قوله: } فإن زللتم{ فهو مطلق إن كان مظهراً فمظهر وإن كان مدغماً فمدغم، تقول: إدغام متقاربين صغير أو إدغام متجانسين صغير أو إظهار متقاربين صغير أو إظهار متقاربين كبير أو مطلق، والمطلق لا يأتي فيه إدغام أبداً.
وقد لقب الخليل بن أحمد الحروف بألقاب عشرة وهي:
أولاً وثانياً: جوفية هوائية، وهي حروف العلة. حروف المد.
ثالثاً ورابعا: حلقية ولهوية، وهي حروف الحلق والقاف والكاف.
خامساً: شجرية.
سادساً وسابعاً: ذلقية ونطعية.
ثامناً وتاسعاً: أسلية ولثوية.
عاشراً: شفوية.
وقد بينها الشيخ السمنودي في (لآلئ البيان) فقال:

وأحرف المد إلى الجوف انتمت = وهكذا إلى الهواء انتسبت
وأحرف الحلق أتت حلقيه = والكاف والقاف معاً لهويه
والجيم والشين وياء لقبت = مع ضادها شجرية كما ثبت
واللام والنون ورا ذلقيه = والطاء والدال وتا نطعيه
وأحرف الصفير قل أسليه = والظاء والذال وثا لثويه
والفا وواو با وميم سميت = شفوية فتلك عشرة أتت.




وإنما قلنا: إن الضاد شجرية؛ لأنها تخرج من حافتي اللسان مع الأضراس فهي مفرَّعة، وقد تقدم في المخارج بيان ذلك كله، ومعنى الذلقية نسبة إلى ذلق اللسان وهو منتهى طرفه، والشفوية نسبة إلى الشفتين والله أعلم.
وهذا بيان معاني الصفات السبعة عشر فنقول وبالله التوفيق:
أولاً: الهمس وهو لغة: الخفاء، واصطلاحا:ً جريان النفس عند النطق بالحرف، لضعف مخرجه.
ثانياً: الجهر، وهو ضد الهمس، ومعناه لغة: الظهور والإعلام، واصطلاحاً: انحباس جريان النفس عند النطق بالحرف؛ لقوة مخرجه.
ثالثاً: الشدة، وهي ضد الرخاوة، ومعناها لغة: القوة، واصطلاحاً: انحباس جريان الصوت عند النطق بالحرف لتمام الاعتماد على قوة المخرج.
رابعاً: التوسط يعني بين الرخاوة والشدة، ومعناه لغة: الاعتدال، واصطلاحاً:اعتدال النفس والصوت عند النطق بالحرف.
خامساً: الرخاوة، وهي ضد الشدة والوسط ومعناها لغة: اللين، واصطلاحاً:جريان الصوت والنفس عند النطق بالحرف لضعف مخرجه.
سادساً: الاستعلاء وهو ضد الاستيفال ومعناه لغة: العلو والارتفاع، واصطلاحاً: ارتفاع جزء كبير من اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بحروفه.
سابعاً: الاستيفال وهو ضد الاستعلاء ومعناه لغة: الانخفاض، واصطلاحاً: انخفاض اللسان إلى قاع الفم عند النطق بأكثر حروفه.
ثامناً: الإطباق وهو ضد الانفتاح،ومعناه لغة: الإلصاق، واصطلاحاً: إطباق اللسان على الحنك الأعلى عند النطق بحروفه، بحيث ينحصر الصوت بينهما، أعني بين اللسان والحنك الأعلى.
تاسعاً: الانفتاح وهو ضد الإطباق، ومعناه لغة: الافتراق، واصطلاحاً: تجافي اللسان عن الحنك الأعلى ليخرج الريح مع النطق ببعض حروفه.
عاشراً: الإذلاق، وهو ضد الإصمات، ومعناه لغة:حدة اللسان وبلاغته وطلاقته، واصطلاحاً: سرعة النطق بالحرف وسهولة خروجه وطلاقته لخروجه من ذلق اللسان، أي من طرفه أو من الشفتين، أو من إحداهما.
الحادي عشر: الإصمات، وهو ضد الإذلاق، ومعناه لغة: المنع، يقال: صمت عن الكلام أي منع نفسه أن يتكلم، واصطلاحاً: ثقل الحرف وشدة خروجه؛ لبعده عن ذلق اللسان، أي عن طرف اللسان.
وهذا بيان الصفات السبع التي لا ضد لها، وبعضهم أوصلها إلى تسع صفات وسنذكر بيانها جميعاً فنقول:
أولاً: الصفير: وهو لغة: صوت يشبه صفير الطائر أو لغته عند النطق بحروفه، واصطلاحاً: صوت زائد يخرج من بين الثنايا وطرف اللسان.
ثانياً: القلقلة، ومعناها لغة: الاضطراب والرجرجة. واصطلاحاً: اضطراب الصوت عند النطق بالحرف حتى يسمع له نبرة قوية.
ثالثاً: اللين، ومعناه لغة: السهولة، واصطلاحاً: إخراج الحرف سهلاً دون كلفة على اللسان.
رابعاً: الانحراف، ومعناه لغة: الميل والعدول عن الجادة، واصطلاحاً: الميل بالحرف بعد خروجه من مخرجه عند النطق به، حتى يخيل للسامع أنه اتصل بمخرج آخر.
خامساً: التكرير،ومعناه لغة: الإعادة،واصطلاحاً: ارتعاد طرف اللسان عند النطق بالحرف.
سادساً: التفشيومعناه لغة: الانتشار والاتساع، واصطلاحاً: انتشار خروج الريح بين اللسان والحنك الأعلى عند النطق بالحرف.
سابعاً: الاستطالة، ومعناها لغة: الامتداد، واصطلاحاً: إطالة الصوت من أول إحدى حافتي اللسان إلى آخرها عند النطق بالحرف.
ثامناً: الخفاء، وهو لغة: الاستتار.واصطلاحاً: خفاء صوت الحرف عند النطق به.
تاسعاً: الغنة ومعناها لغة: الرنة، واصطلاحاً: صوت لطيف يخرج من الخيشوم كأنك غزالة ضاع وليدها.
وتماما للفائدة هذا ترتيب الحروف على المخارج أولاً فأولاً، فنقول:
الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء والقاف والكاف والجيم والشين والياء والضاد واللام والنون والراء والطاء والدال والتاء والظاء والذال والثاء والصاد والسين والزاي والفاء والواو والباء والميم والغنة.
وهذا بيان كل حرف مخرجاً وصفة، فنقول وبالله التوفيق:
الهمزة: مخرجها من أقصى الحلق، صفتها: جهرية شديدة مستفلة منفتحة مصمتة.
الباء: مخرجها من الشفتين، صفتها: جهرية شديدة منفتحة مستفلة مذلقة مقلقلة.
التاء: مخرجها من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا، صفتها: همسية شديدة منفتحة مستفلة مصمتة.
الثاء: مخرجها من طرف اللسان، بمساعدة الثنايا العليا مع بروز لطرف اللسان عند النطق بها. صفتها: همسية رخوة مستفلة منفتحة مصمتة.
الجيم: مخرجها من وسط اللسان مع ارتفاع قليل إلى سقف الحنك الأعلى، صفتها: جهرية شديدة منفتحة مصمتة مستفلة مقلقلة.
الحاء: مخرجها من وسط الحلق،صفتها: همسية رخوية منفتحة مستفلة مصمتة.
الخاء: مخرجها من أدنى الحلق، صفتها: همسية مستعلية رخوية منفتحة مصمتة.
الدال: مخرجها من طرف اللسان بمساعدة الثنايا العليا، صفتها: جهرية شديدة منفتحة مستفلة مصمتة مقلقلة.
الذال: كالثاء مخرجاً ونطقاً وصفتها، جهرية رخوية منفتحة مستفلة مصمتة.
الراء: مخرجها من طرف اللسان إلى الظهر قليلاً، صفتها: جهرية متوسطة مستفلة منفتحة مذلقة مكررة منحرفة.
الزاي: مخرجها من طرف اللسان مستكنّاً بين الثنايا العليا والسفلى.صفتها: جهرية رخوة مستفلة منفتحة مصمتة صفيرية.
السين: كالزاي مخرجاً ونطقاً، وصفتها: همسية رخوة مستفلة منفتحة مصمتة صفيرية.
الشين: مخرجها من وسط اللسان مع ارتفاع قليل إلى الحنك الأعلى، صفتها: همسية مستفلة رخوة منفتحة مصمتة متفشية.
الصاد: كالزاى والسين نطقاً ومخرجاً،صفتها همسية رخوة مستعلية مطبقة مصمتة صفيرية.
الضاد: مخرجها من حافتي اللسان إلى ما يلي الأضراس من أيسر أو يمناها، أو من كلاهما حسبما تيسر, صفتها: جهرية رخوة مستعلية مستطيلة مطبقة مصمتة.
الطاء: مخرجها من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا.صفتها: جهرية شديدة مستعلية مطبقة مصمتة مقلقلة.
الظاء: كالثاء والذال مخرجاً ونطقاً.صفتها: جهرية رخوة مستعلية مطبقة مصمتة.
العين: مخرجها من وسط الحلق. صفتها: جهرية متوسطة مستفلة منفتحة مصمتة.
الغين: مخرجها من أدنى الحلق كالخاء. صفتها: جهرية رخوة مستعلية منفتحة مصمتة.
الفاء: مخرجها من بطن الشفة السفلى مع أطراف الثنايا العليا.صفتها: همسية رخوة مستفلة منفتحة مذلقة.
القاف: مخرجها من أقصى اللسان بمساعدة اللهى. صفتها: جهرية شديدة مستعلية منفتحة مصمتة مقلقلة.
الكاف: مخرجها بعد القاف بقليل. صفتها: همسية شديدة مستفلة منفتحة مصمتة.
اللام: مخرجها من حافة اللسان أدناها إلى منتهاها، صفتها: جهرية متوسطة مستفلة منفتحة مذلقة منحرفة.
الميم: مخرجها، من الشفتين. صفتها: جهرية متوسطة مستفلة منفتحة مذلقة.
النون: مخرجها من طرف اللسان بمساعدة أصول الثنايا العليا، صفتها جهرية متوسطة منفتحة مستفلة مذلقة.
الهاء: مخرجها من أقصى الحلق، صفتها: همسية رخوة مستفلة منفتحة مصمتة.
الواو: مخرجها من الشفتين،صفتها: جهرية رخوة مستفلة منفتحة مصمتة لينة.
الياء: كالشين والجيم مخرجاً ونطقاً. صفتها: جهرية رخوة مستفلة منفتحة مصمتة لينة.
فهذا بيان مخرج كل حرف وصفته. والله تعالى أعلم.