البدل
قال ابن آجُرُّوم: أبو
عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (باب البَدَل
إِذَا أُبْدِلَ اسْمٌ مِنِ اسْمٍ أَوْ فِعْلٌ مِن فِعْلٍ تَبِعَهُ في جَمِيعِ إِعْرَابِهِ.
وَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:
- بَدَلُ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ.
- وَبَدَلُ البَعْضِ مِنَ الكُلِّ.
- وَبَدَلُ الاشْتِمَالِ.
- وَبَدَلُ الغَلَطِ.
نَحْوُ
قَوْلِكَ: (قَامَ زَيْدٌ أَخُوكَ)، وَ(أَكَلْتُ الرَّغِيفَ ثُلُثَهُ)،
وَ(نَفَعَنِي زَيْدٌ عِلْمُهُ)، وَ(رَأَيْتُ زَيْداً الفَرَسَ)، أَرَدْت
أَنْ تَقُول:
رَأَيْتُ الفَرَس فَغَلِطْت فَأَبْدَلْت زَيْداً مِنْهُ).
التحفة السنية للشيخ: محمد محيي الدين عبد الحميد
المتن:
قال ابن آجُرُّوم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (باب البَدَل
إِذَا أُبْدِلَ اسْمٌ مِنِ اسْمٍ أَوْ فِعْلٌ مِن فِعْلٍ تَبِعَهُ في جَمِيعِ إِعْرَابِهِ(1).
وَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ(2):
- بَدَلُ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ.
- وَبَدَلُ البَعْضِ مِنَ الكُلِّ.
- وَبَدَلُ الاشْتِمَالِ.
- وَبَدَلُ الغَلَطِ.
نَحْوُ
قَوْلِكَ: (قَامَ زَيْدٌ أَخُوكَ)، وَ(أَكَلْتُ الرَّغِيفَ ثُلُثَهُ)،
وَ(نَفَعَنِي زَيْدٌ عِلْمُهُ)، وَ(رَأَيْتُ زَيْداً الفَرَسَ)، أَرَدْت
أَنْ تَقُول:
رَأَيْتُ الفَرَس فَغَلِطْت فَأَبْدَلْت زَيْداً مِنْهُ).
الشرح:
قال الشيخ محمد محيي الدين
عبد الحميد (ت: 1392هـ): (البدل، وحكمه(1)
البَدَلُ معنَاهُ فِي اللُّغَةِ: العِوَضُ، تقُولُ: استبدَلْتُ كذَا بكذَا، وأبْدَلْتُ كذَا مِن كذَا؛ تريدُ أنَّكَ اسْتَعَضْتَهُ منهُ.
وهُوَ فِي اصْطِلاحِ النَّحْويينَ:(التَّابعُ المقصودُ بالحُكمِ بلا واسطةٍ).
وحكمُهُ أنَّهُ يتبعُ المبدَلَ منْهُ فِي إعرابِهِ.
عَلَى معْنَى:
-أنَّهُ إنْ كانَ المُبْدَلُ منْهُ مرْفُوعاً كانَ البدَلُ مرْفُوعاً، نحوُ: (حَضَرَ إِبْرَاهِيمُ أَبُوكَ).
-وإنْ كانَ المُبدَلُ منْهُ مَنْصُوباً كانَ البدَلُ مَنْصُوباً، نحوُ: (قَابَلْتُ إِبْرَاهِيمَ أَخَاكَ).
-وإنْ كانَ المبدلُ منْهُ مخفوضاً كانَ البدلُ مخفوضاً، نحوُ: (أَعْجَبَتْنِي أَخْلاَقُ مُحَمَّدٍ خَالِكَ).
-وإنْ كانَ المبدَلُ منْهُ مَجْزُوماً كانَ البدَلُ مَجْزُوماً، نحوُ: (مَنْ يَشْكُرْ رَبَّهُ يَسْجُدْ لَهُ يَفُزْ).
أنواع البدل:
(2) البدلُ عَلَى أرْبَعَةِ أنواعٍ:
النّوعُ الأوَّلُ:بدلُ الكُلِّ من الكُلِّ، ويُسمَّى البدلَ المطابِقَ.
وضابطُهُ:
أن يكونَ البدلُ عيْنَ المبدَلِ منهُ، نحوُ: (زَارَنِي مُحَمَّدٌ عَمُّكَ).
النّوعُ الثَّانِي:بدلُ البعضِ من الكلِّ.
وضابطُهُ:
أن يكونَ البدلُ جزءاً من المبدلِ منهُ، سواءٌ أكانَ أقلَّ من الباقي أمْ
مساوياً لهُ أمْ أكثرَ منهُ، نحوُ: (حَفِظْتُ القُرْآنَ ثُلُثَهُ) أوْ
(نِصْفَهُ) أوْ (ثُلُثَيْهِ) ويجبُ فِي هذَا النّوعِ أن يضافَ إلَى ضميرٍ
عائدٍ إلَى المبدَلِ منهُ، كمَا رأيتَ.
النّوعُ الثَّالثُ: بدلُ الاشتمالِ.
وضابطُهُ:
أن يكونَ بيْنَ البدلِ والمبدَلِ منْهُ ارتباطٌ بغيرِ الكليَّةِ
والجزئيَّةِ، ويجبُ فيهِ إضافةُ البدلِ إلَى ضميرٍ عائدٍ إلَى المبدَلِ
منْهُ أيضاً، نحوُ: (أَعْجَبَتْنِي الجَارِيَةُ حَدِيثُهَا) و(نَفَعَنِي
الأُسْتَاذُ حُسْنُ أَخْلاَقِهِ).
النّوعُ الرَّابعُ: بدلُ الغلَطِ.
وهذَا النّوعُ عَلَى ثلاثةِ أضرُبٍ:
1-بدلُ البدَاءِ.
وضابطُهُ: أن تقصدَ شيئاً فتقُولُهُ، ثُمَّ يظهرُ لكَ أنَّ غيرَهُ أَفْضَلُ منْهُ فتعدِلُ إليْهِ.
وذلكَ كمَا لوْ قلْتَ: (هَذِهِ الجَارِيَةُ بَدْرٌ) ثُمَّ قلْتَ بعْدَ ذلكَ: (شَمْسٌ).
2-بدلُ النِّسْيانِ.
وضابطُهُ: أن تبنِيَ كلامَكَ فِي الأوَّلِ عَلَى ظنٍّ، ثُمَّ تعلَمَ خطأَهُ فتعِدَلَ عنْهُ.
كمَا
لوْ رأيتَ شبحاً مِن بعيدٍ فظننْتَهُ إنساناً فقلْتَ: (رَأَيْتُ
إِنْسَاناً) ثُمَّ قَرُبَ مِنْكَ فوجدتَهُ (فَرَساً) فقلْتَ: (فَرَساً).
3-بدلُ الغلَطِ.
وضابطُهُ: أن تريدَ كلاماً فيسبِقَ لسانُكَ إلَى غيرِهِ وبعْدَ النّطقِ تعدِلُ إلَى مَا أردْتَ أوَّلاً.
نحوُ: (رَأَيْتُ مُحَمَّداً الفَرَسَ) ).
حاشية الآجرومية للشيخ: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم
المتن:
قال ابن آجُرُّوم: أبو
عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (بَابُ: الْبَدَلِ(1)
إِذَا أُبْدِلَ اسْمٌ مِنَ اسْمٍ أَوْ فِعْلٌ مِن فِعْلٍ، تَبِعَهُ في جَمِيعِ إِعْرَابِهِ(2).
وَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:
-بَدَلُ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ(3).
-وَبَدَلُ البَعْضِ مِنَ الكُلِّ(4).
-وَبَدَلُ الاشْتِمَالِ(5).
-وَبَدَلُ الغَلَطِ (6).
تَقُولُ:
(جَاءَ
زَيْدٌ أَخُوكَ)(7)، وَ(أَكَلْتُ الرَّغِيفَ ثُلُثَهُ)(8)، وَ(نَفَعَنِي
زَيْدٌ عِلْمُهُ)(9)،(رَأَيْتُ زَيْداً الفَرَسَ)(10)، أَرَدْت أَنْ
تَقُولَ: رَأَيْتُ الفَرَس، فَغَلِطْتَ فَأَبْدَلْت زَيْداً مِنْهُ(11) ).
الشرح:
قال الشيخ عبد الرحمن بن
محمد بن قاسم العاصمي (ت: 1392هـ): ( (1) هو لغةً: العِوَضُ عن الشَّيءِ، والمرادُ هنا المبدلُ.
واصطلاحًا:التَّابعُ المقصودُ بالحكمِ بلا واسطةٍ بينه وبين متبوعِهِ، فهو تابعٌ للمبدلِ منه، في رفعِهِ، ونصبِهِ، وخفضِهِ، وجزمِهِ.
(2) من رفعٍ، ونصبٍ، وخفضٍ، وجزمٍ.
(3) أي: بدلُ شيءٍ من شيءٍ، مساوٍ له في المعنى.
(4) وهو: أن يكونَ الثَّاني بعضًا من الأوَّلِ، سواءً كانَ مساويًا لنصفِهِ، أو أقلَّ، أو أكثرَ.
(5) وهو: أن يشتملَ المبدلُ منه على البدلِ، اشتمالاً بطريقِ الإجمالِ.
(6) من اللفظِ الَّذي ذُكِر غلطًا، لا أنَّه الغلطُ.
(7) فأخو بدلٌ من زيدٌ، بدلَ شيءٍ من شيءٍ.
(8) أو نصفـَهُ، أو ثلثيهِ،فثلثَهُ بدلٌ من الرَّغيفَ، بدلَ بعضٍ من كلٍّ.
(9) فعلمـُهُ بدلٌ من زيدٌ، بدلَ اشتمالٍ.
(10) فالفرسَ: بدلٌ من (زيدًا) بدلَ غلطٍ.
(11) صوابـُهُ: فأبدلْتَ الفرسَ من زيدٍ.
فهذه أقسامُ البدلِ في الاسمِ.
وأمَّا في الفعلِ،فقالَ بعضُهُم: تجري فيها الأقسامُ الأربعةُ:
- مثالُ بدلِ شيءٍ من شيءٍ: {وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ}.
- وبدلِ البعضِ من الكلِّ: (إن تصلِّ تسجدْ للهِ يرحمْكَ).
-وبدلِ الاشتمالِ:
إنَّ عـلـيَّ الــَلـــهَ أنْ تبايـعـَا تؤخذ كرهًا أو تجئ طائعًا
-وبدلُ الغلطِ: (إنْ تأتِنَا تسألْنَا نُعطِكَ).
واستدركَ عليه:
- بدلُ الإضرابِ،وهو: أن يكونَ كلٌّ من الأوَّلِ، والثَّاني مقصودًا في الابتداءِ.
-وبدلُ النِّسيانِ، وهو: أن يكونَ القصدُ الإخبارَ بالأوَّلِ، ثمَّ تبيّنَ أنَّ المقصودَ الثَّاني.
وبدلُ الغلطِ: فيما يقعُ باللسانِ.
وبدلُ النِّسيانِ: فيما يقعُ بالجنانِ).
حاشية الآجرومية للشيخ: عبد الله العشماوي الأزهري
المتن:
قال ابن آجُرُّوم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (باب البَدَل(1)
إِذَا أُبْدِلَ اسْمٌ مِنِ اسْمٍ أَوْ فِعْلٌ مِن فِعْلٍ تَبِعَهُ في جَمِيعِ إِعْرَابِهِ(2).
وَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ(3):
- بَدَلُ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ(4).
- وَبَدَلُ البَعْضِ مِنَ الكُلِّ(5).
- وَبَدَلُ الاشْتِمَالِ(6).
- وَبَدَلُ الغَلَطِ(7).
نَحْوُ
قَوْلِكَ: (قَامَ زَيْدٌ أَخُوكَ)، وَ(أَكَلْتُ الرَّغِيفَ ثُلُثَهُ)،
وَ(نَفَعَنِي زَيْدٌ عِلْمُهُ)، وَ(رَأَيْتُ زَيْداً الفَرَسَ)، أَرَدْت
أَنْ تَقُول: رَأَيْتُ الفَرَس فَغَلِطْت فَأَبْدَلْت زَيْداً مِنْهُ).
الشرح:
قال الشيخ عبد الله العشماوي الأزهري: (بابُ البدل
(1) وهو لغةً: العِوَضُ، ومنه قولُهُ تعالى: {عسَى ربُّنَا أن يبدلَنَا خيرًا منها} يعني: يعوّضُنَا.
واصطلاحًا:هو التَّابعُ المقصودُ بالحكمِ بلا واسطةٍ.
فقولُهُ:
المقصودُ بالحكمِ فصلٌ مخرِجٌ للنَّعتِ والتَّوكيدِ وعطفِ البيانِ، فإنَّ
هذه الثَّلاثةَ مكمّلةٌ للمقصودِ بالحكمِ، وليست مقصودةً بنفسِهَا.
وقوله: بلا واسطةٍ، مخرِجٌ لعطفِ النّسقِ.
(2) قوله: (إذا أُبدِلَ اسمٌ من اسمٍ أو فعلٌ من فعلٍ تبعَهُ في جميعِ إعرابِهِ) أي:
-في رفعِهِ إن كان المبدلُ منه مرفوعًا.
-أو نصبِهِ إن كان المبدلُ منه منصوبًا.
وقسْ على ذلك.
(3) قوله: (وهو على أربعةِ أقسامٍ) هذا جري على المشهورِ عند علماءِ أهلِ هذا الفنِّ، فلا ينافي أنَّ هناك قسمين آخرين:
-بدلَ الإضرابِ.
-وبدلَ النّسيانِ.
(4) قوله: (بدلُ الشَّيءِ من الشَّيءِ) وضابطُهُ: أن يكونَ الثَّاني مساويًا للأوَّلِ في المعنى.
(5) قوله: (وبدلُ البعضِ من الكلِّ) وهو أن يكونَ الثَّاني بعضًا من الأوَّلِ، سواءٌ كان مساويًا لنصفِهِ أو أكثرَ أو أقلَّ:
فمثالُ الثَّالثِ:(أكلْتُ الرَّغيفَ ثلثَهُ).
ومثالُ ذلك أيضا قولُهُ تعالى: {وللهِ على النَّاسِ حِجُّ البيتِ من استطاعَ إليه سبيلا}:
فمَنْ: اسمٌ
موصولٌ بمعنى الَّذي بدلٌ من النَّاسِ، بدلُ بعضٍ من كلٍّ، لأنَّ
المستطيعَ بعضُ النَّاسِ، خلافاً لمن جعلَهَا فاعلَ المصدرِ، لما فيه من
فسادِ المعنى، لأنَّه يقتضي أن يجبَ على جميعِ النَّاسِ أن يحجَّ
مستطيعُهُم، وليس كذلك.
ولا بدّ لبدلِ البعضِ من الكلِّ من ضميرٍ يعودُ على المبدلِ منه.
(6) قوله: (وبدلُ الاشتمالِ)وهو
أن يكونَ المبدَلُ منه مشتملا على البدلِ، بأن يكونَ دالاًّ عليه بحيثُ
إذا ذُكِرَ المبدلُ منه تتشوَّفُ النَّفسُ وتنتظرُ إلى البدلِ: كما في
قولِهِ تعالى: {يسألونَكَ عن الشَّهرِ الحرامِ قتالٍ فيه}:
فقتالٍ بدلٌ من الشَّهرِ، والشّهرُ مشتملٌ عليه من حيثُ وقوعُهُ فيه.
(7) قوله: (وبدلُ الغلطِ) وهو آخرُ الأقسامِ، وهو أن يكونَ الثَّاني مقصودًا والأوَّلُ غيرَ مقصودٍ.
فإذا أردتَ الإخبارَ بأنَّكَ
تصدَّقْتَ بدرهمٍ فسبق
لسانُكَ إلى التّصدّقِ بدينارٍفتقول: (تصدَّقْتُ بدينارٍ درهمٍ)، فإنَّه
يُقالُ له بدلُ غلطٍ أي بدلٌ عن اللفظِ الَّذي ذُكِرَ غلطًا، لا أنَّه
نفسَهُ هو الغلطُ.
وأمَّا إن قصدتَ الإخبارَ بالدينارِ فأضربْتَ عنه إلى الدّرهمِ فإنَّه يُقالُ له بدلُ إضرابٍ.
وإن قصدتَ الإخبارَ بالأوَّلِ
ثمَّ تبيَّنَ لك فسادُ قصدِكَ الأوَّلِ وأنَّ المقصودَ هو الثَّاني، فهذا يُقالُ له بدلُ نسيانٍ.
فقد تمَّ الكلامُ على البدلِ في الاسمِ، وأمَّا أمثلةُ البدلِ في الفعلِ فأربعةٌ أيضا:
- فمثالُ بدلِ البعضِ من الكلِّ:
(إن تصلِّ تسجدْ للهِ يرحمْكَ اللهُ):
فتصلِّ: فعلُ الشَّرطِ مجزومٌ وجزمُهُ حذفُ الياءِ.
وتسجدْ: بدلُ بعضٍ من كلٍّ لأنَّ السّجودَ من بعضِ الصّلاةِ.
-ومثالُ بدلِ الكلِّ: {ومن يفعلْ ذلك يلقَ أثامًا *يضاعَفْ له}:
فيضاعَفْ: بدلٌ من يَلْقَ، بدلُ كلٍّ من كلٍّ، بناءً على أنَّ لَقُي الآثامِ هو مضاعفةُ العذابِ.
-ومثالُ بدلِ الاشتمالِ:
إنَّ عــلــيَّ الــلـــهَ أن تبايـعــَا تؤخَذَ كرهًا أو تجيءَ طائعًا
فإنَّ: حرفُ توكيدٍ ونصبٍ.
وعليَّ: جارٌّ ومجرورٌ في محلِّ رفعٍ خبرُ إنَّ مقدّمٌ على اسمِهَا.
واللهَ: منصوبٌ بنزعِ الخافضِ وهو واوُ القسمِ المحذوفةِ.
(أن تبايعا): أن: حرفٌ مصدريٌّ ونصبٍ.
تبايعا: فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بأنْ، والفعلُ في تأويلِ مصدرٍ اسمِ إنَّ، والتَّقديرُ إنَّ عليَّ واللهِ مبايعتَكَ.
تؤخذَ بدلٌ من تبايعَا، لأنَّ المبايعةَ مشتملةٌ على الأخذِ كرهًا أو المجيءِ طوعًا.
وقولُهُ: (كرهًا) إمَّا صفةٌ لمصدرٍ محذوفٍ، والتَّقديرُ: أخذًا كرهًا.
أو حالٌ تقديرُهُ: تؤخَذَ حالَ كونِ الأخذِ على سبيلِ الإكراهِ، أو تجيءَ حالَ كونِ المجيءِ على سبيلِ التّطوّعِ.
- ومثالُ بدلِ الغلطِ:(إن تأتِنَا تسألْنَا نُعطِكَ):
فتسألْنَا: بدلُ غلطٍ من تأتِنَا لأنَّه أرادَ أن يخبر أولاً بقولِهِ تسألْنَا، فسبقَهُ لسانُهُ إلى قولِهِ تأتِنَا).
شرح الآجرومية للشيخ: حسن بن علي الكفراوي
قال الشيخ حسن بن علي الكفراوي الأزهري الشافعي (ت: 1202هـ): (بابُ البدلِ
(1) (بابُ): خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ تقديرُهُ: هذا بابُ، وتَقَدَّمَ إعرابُهُ.
وبابُ: مُضَافٌ.
و(البدَلِ): مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ بالكسرةِ.
والبدلُ
معناهُ لُغَةً:العِوَضُ.
وفي الاصطلاحِ:هوَ التابعُ المقصودُ بالْحُكْمِ بلا واسطةٍ بينَهُ وبينَ مَتْبُوعِهِ.
فخَرَجَ بقوْلِهِم: المقصودُ، بَقِيَّةُ التوابعِ.
وبقولِهم:
بلا وَاسطَةٍ، العطفُ؛ فإنَّهُ وإنْ كانَ المعطوفُ مقصودًا بالْحُكْمِ في
بعضِ المعطوفاتِ، كالمعطوفِ بـ بلْ، نحوُ: (جاءَ زيدٌ بلْ عمرٌو)، لكنْ
بواسطةِ حرفِ العطفِ، نحوُ ما سيأتي منْ قولِكَ: (جاءَ زيدٌ أَخُوكَ).
فأخوكَ:
بَدَلٌ مِنْ زيدٌ، وبدلُ المرفوعِ مرفوعٌ؛ إذْ هوَ المقصودُ بنِسبةِ
المَجِيءِ إليهِ دُونَ لفظِ زيدٌ؛ فإنَّهُ صارَ في نِيَّةِ الطرْحِ.
والبدَلُ
كما سيأتي في الأسماءِ كذلكَ يَأْتِي في الأفعالِ كما أشارَ لذلكَ
بقولِهِ: (إذا): ظَرْفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ من الزمانِ، وفيهِ معنى الشرطِ.
واختُلِفَ في ناصبِهِ:
فقيلَ: الجوابُ.
وقيلَ: الشرطُ.
واعْتُرِضَ الأوَّلُ بأنَّ الجوابَ قدْ يَقْتَرِنُ بالفاءِ، وما بعدَ الفاءِ لا يَعْمَلُ فيما قَبْلَها.
واعْتُرِضَ الثاني بأنَّها مُضَافةٌ للشرْطِ، والمُضَافُ إليهِ لا يَعْمَلُ في المُضَافِ.
وأُجيبَ عنْ هذا الثاني بأنَّ القائلينَ:
إنَّ العملَ بالشَّرْطِ، لا يقولونَ بإضافتِهِ إليهِ.
فكان
هذا الثاني أَرْجَحَ مِن الأوَّلِ، وإنْ كانَ الأوَّلُ هوَ الأشهرَ، فقولُ
بعضِ الْمُعْرِبينَ: خافضٌ لِشَرْطِهِ مَنْصُوبٌ بِجَوَابِهِ، جَرَى على
غيرِ الأرْجَحِ.
(أُبْدِلَ): فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ للمجهولِ.
(اسمٌ): نائبُ فاعلٍ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ.
(مِن اسمٍ): جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بـ أُبْدِلَ.
(أوْ): حرفُ عطفٍ.
(فِعْلٌ): معطوفٌ على اسمٌ، والمعطوفُ على المرفوعِ مرفوعٌ.
(مِنْ فِعْلٍ):
جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بـ أُبْدِلَ المُقَدَّرِ، فهوَ في قُوَّةِ
جُملةٍ معطوفٌ على جُمْلَةِ: أُبْدِلَ اسمٌ، والتقديرُ: أوْ أُبْدِلَ فِعلٌ
مِنْ فعلٍ.
(تَبِعَهُ):تَبِعَ: فعلٌ ماضٍ، وفاعلُهُ ضميرٌ يعودُ على أُبْدِلَ اسمٌ مِن اسمٍ أوْ فعلٌ.
والهاءُ:مفعولٌ
بهِ مَبْنِيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ نَصْبٍ، وهيَ عائدةٌ على
المُبْدَلِ مِنهُ من اسمٌ أوْ فعلٌ، والجملةُ مِن الفعلِ والفاعلِ جوابُ
إذا لا مَحَلَّ لها مِن الإعرابِ.
(في جميعِ): جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بـِ تَبِعَ مِنْ تَبِعَهُ.وجميعِ: مُضَافٌ.
و (إعرابِهِ): مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ بالكسرةِ.وإعرابُ: مُضَافٌ.والهاءُ: مُضَافٌ إليهِ في مَحَلِّ جرٍّ. (2)
(وهوَ): الواوُ: للاستئنافِ.هوَ: ضميرٌ مُنْفَصِلٌ مبتدأٌ مَبْنِيٌّ على الفتحِ في مَحَلِّ رفعٍ.
(أربعةُ): خبرُ المبتدأِ مرفوعٌ بالضمَّةِ، وأربعةُ: مُضَافٌ.
و (أقسامٍ): مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ.
(بَدَلُ)، وما عُطِفَ عليهِ: بَدَلٌ مِنْ أربعةُ، بَدَلُ مُفَصَّلٍ مِنْ مُجْمَلٍ، وبدلُ المرفوعِ مرفوعٌ.
وبدلُ: مُضَافٌ.
و (الشَّيْءِ): مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ.
(مِن الشيءِ): جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بـ بَدَلُ.
(وبَدَلُ): الواوُ: حرفُ عطفٍ.بَدَلُ: معطوفٌ على بَدَلُ الأوَّلِ.وبدلُ: مُضَافٌ.
و (البعضِ): مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ.
(مِن الكلِّ): جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بـ بَدَلُ.
(وبَدَلُ): الواوُ: حرفُ عطفٍ.
بدَلُ معطوفٌ أيضًا على بَدَلُ الأوَّلِ.وبَدَلُ: مُضَافٌ.
و (الاشتمالِ): مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ.
(وبَدَلُ): الواوُ: حرفُ عطفٍ.بَدَلُ: معطوفٌ على بَدَلُ الأوَّلِ أيضًا، وبَدَلُ المرفوعِ مرفوعٌ.وبَدَلُ:مُضَافٌ.
و (الغلَطِ): مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ.
(3) (نَحْوُ): خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ تقديرُهُ: وذلكَ نحوُ.
ونحوُ: مُضَافٌ.
و (قَوْلِكَ): مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ.وقولِ: مُضَافٌ.والكافُ: مُضَافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ على الفتحِ في مَحَلِّ جرٍّ.
(قامَ): فعلٌ ماضٍ.
(زيدٌ): فاعلٌ مرفوعٌ.
(أَخُوكَ): بَدَلٌ مِنْ زيدٌ، بدَلُ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ مرفوعٌ بالواوِ نيابةً عن الضَّمَّةِ؛ لأنَّهُ مِن الأسماءِ الخمسةِ.
وأَخُو: مُضَافٌ.
والكافُ: مُضَافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ على الفتحِ في مَحَلِّ جرٍّ.
وهذا مِثالٌ لبدَلِ الشيءِ مِن الشيءِ.
ويقالُ لهُ: بَدَلُ الكُلِّ مِن الكلِّ.
ويُقَالُ لهُ: البدَلُ المُطَابِقُ.
(وَأَكَلْتُ الرغيفَ): الواوُ: حرفُ عطفٍ.أَكَلْتُ: فعلٌ وفاعلٌ.
والرغيفَ: مفعولٌ بهِ منصوبٌ.
(ثُلُثَهُ): بَدَلُ بعضٍ مِنْ كُلٍّ، وبدلُ المنصوبِ منصوبٌ.
وثُلُثَ: مُضَافٌ.
والهاءُ: مُضَافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ جرٍّ.
وهذا مِثالٌ لِبَدَلِ البعضِ مِن الكلِّ.
(وَنَفَعَنِي): الواوُ: حرفُ عطفٍ.
نفعَ: فعلٌ ماضٍ.
والنونُ: للوقايَةِ.والياءُ: مفعولٌ بهِ في مَحَلِّ نَصْبٍ.
(زيدٌ): فاعلٌ مرفوعٌ.
(عِلْمُهُ): بَدَلُ اشتمالٍ منْ زيدٌ، وبدلُ المرفوعِ مرفوعٌ.وعِلْمُ: مُضَافٌ.
والهاءُ: مُضَافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ جرٍّ.
وهذا مِثالٌ لِبَدَلِ الاشتمالِ؛
فإنَّ زيدًا يَشتمِلُ على العِلْمِ وغيرِهِ اشتمالاً مَعْنَوِيًّا كاشتمالِ الظرْفِ على المظروفِ.
وَ(رَأَيْتُ زيدًا): فعلٌ وفاعلٌ ومفعولٌ.
(الفرَسَ): بَدَلٌ مِنْ زيدًا، بدَلُ غَلَطٍ.
وتوجيهُ ذلكَ أنَّكَ: (أَرَدْتَ): فعلٌ وفاعلٌ.
(أنْ): حَرْفٌ مصدرِيٌّ ونَصْبٍ.
(تقولَ): فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـ أنْ.
وفاعلُهُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ وُجُوبًا تقديرُهُ أنتَ.
(رَأَيْتُ الفرَسَ): فعلٌ وفاعلٌ ومفعولٌ.
(فَغَلَطْتَ):الفاءُ:حرفُ عطفٍ. غَلَطْتَ: فعلٌ وفاعلٌ.
والجملةُ معطوفةٌ على جُمْلةِ: (أَرَدْتَ).
(فَأَبْدَلْتَ):الفاءُ:حرفُ عطفٍ.
أَبْدَلْتَ: فعلٌ وفاعلٌ.
(زيدًا): مفعولٌ بهِ، والجملةُ معطوفةٌ على جملةِ: (فغَلَطْتَ).
(منهُ): جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بـِ أَبْدَلْتَ.
وهذا مِثالٌ لِبَدَلِ الغلَطِ، ويُسَمَّى:
-بدَلَ البَدَاءِ.
-وبدلَ النسيانِ.
-وبدلَ الإضرابِ.
وقيلَ: بدلُ البَدَاءِ:
أنْ تَذْكُرَ الأوَّلَ على سبيلِ الشكِّ، ثمَّ تَذْكُرَ الثانيَ بعدَ تَحَقُّقِ الحالِ.
وبدلُ الإضرابِ:
أنْ يكونَ كُلٌّ مِن الأوَّلِ والثاني مقصودًا في الابتداءِ، ثمَّ تَقْصِدُ خُصُوصَ الثاني في الدَّوَامِ.
وبدلُ الغلطِ: فيما يَقَعُ باللِّسَانِ.
وبدلُ النسيانِ:فيما يَقعُ بالْجَنَانِ.
وظاهرُ قولِهِ: (فأَبْدَلْتَ زيدًا منهُ)، أنَّ
لفظَ الفَرَسِ هوَ الذي ذُكِرَ على سبيلِ الغلطِ.
وليسَ كذلكَ؛ فإنَّ الذي ذُكِرَ على سبيلِ الغلطِ هوَ لفظُ زيدٍ لا لفظُ الفرَسِ.
فقولُهُ: (فغَلَطْتَ فأَبْدَلْتَ زيدًا منهُ)، أرادَ بهِ الإبدالَ اللُّغَوِيَّ وهوَ التعويضُ.
والمعنى: عَوَّضْتَ زَيْدًا عن الفرَسِ الذي كانَ حقَّ التركيبِ الإتيانُ بهِ دونَ لفظِ زَيْدٌ.
والمرادُ بِبَدَلِ الغلَطِ
ما ذُكِرَ على وجهِ الغلطِ، لا أنَّ البَدَلَ نفسَهُ هوَ الغلطُ كما هوَ ظاهرٌ).
شرح الآجرومية للدكتور: محمد بن خالد الفاضل (مفرغ)
القارئ: (بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، قال المصنف رحمه الله تعالى:
(باب البدل:
إذا أبدل اسم من اسم أو فعل من فعل تبعه في جميع إعرابه، وهو على أربعة أقسام:
بدل الشيء من الشيء.
وبدل البعض من الكل.
وبدل الاشتمال.
وبدل الغلط.
نحو قولك: قام زيد أخوك، وأكلت الرغيف ثلثه، ونفعني زيد علمه، ورأيت زيداً الفرس، أردت أن تقول الفرس فغلطت، فأبدلت زيداً منه).
قال الدكتور محمد بن خالد الفاضل: (باب البدل: البدل هو الباب الأخير من أبواب التوابع.
والبدل في اللغة:هو العوض، تقول أخذت هذا بدل هذا، أي عوضاً منه.
وفي الاصطلاح:هو التابع المقصود في الحكم بلا واسطة، وهذا التعريف روعيت فيه بعض العبارات التي تخرج ما عداه من التوابع.
فإذا قلت:(التابع) دخلت كل التوابع.
فإذا قلت: (المقصود في الحكم)
فإنه حينئذٍ يخرج بعض التوابع التي ليست مقصودة في الحكم، كعطف البيان
مثلاً والتوكيد، فإنها ليست مقصودة، وإنما جيء بها للتقوية فقط، وإلا
المقصود الأول الذي هو المتبوع، أما البدل فإن التابع هو المقصود.
البدل
هو المقصود واللفظ المبدل منه كأنه ألغي ونسخ بهذا البدل الجديد، وإلا ما
فائدة البدل! أنت لم تأت بالبدل إلا لأنك أردت أن تأتي بلفظ ترى أنه أدق
أوأشمل من اللفظ الأول، فجئت به كأنك تريد أن تستغني به عنه، ولذلك فإن
البدل يقولون فيه: إنه على نية إحلال الثاني محل الأول.
بمعنى أنك لو أحللت الثاني محل الأول واكتفيت بالثاني لصح الكلام؛ لأن الثاني هو المقصود عندك وهو المهم، فمثلاً إذا قلت:
(أعجبني
زيدٌ)، ثم أردت أن تبين ما الذي أعجبك فيه؛ فقلت: (علمه) فالمقصود عندك هو
العلم وليس كل زيد، ولذلك أنت استدركت لما قلت: (أعجبني زيد)، فخشيت أن
يفهم أنك معجبٌ بكل شيء في زيد، فأردت أن تحدد أن إعجابك مقصور على علمه
فقط، ومن هنا كان البدل هو المقصود، أما المبدل منه فكأنه نسخ بالبدل،
بخلاف عطف البيان والتوكيد.
عطف
البيان والتوكيد المقصود هو الأول، ولكن جيء بالثاني لتقويته وتوكيده فقط،
فأنت حينما تقول في تعريف البدل أنه التابع المقصود في الحكم، لتخرج به بعض
التوابع.
وحينما تقول: (بلا واسطة) لتخرج به ماذا من التوابع؟..
لتخرج به عطف النسق، فإن عطف النسق تابع بواسطة حرف من حروف العطف.
بدون حرف من حروف العطف لا يسمى عطف نسق، فعطف النسق تابع بواسطة، أما البدل فإنه تابع بلا واسطة.
طبعاً
البدل من التوابع والتوابع من أخص خصائصها أن التابع يتبع ما قبله في
إعرابه، ولذلك البدل يتبع المبدل منه في حركات الإعراب كلها، ولا يشترط في
البدل تعريفاً أو تنكيراً، فيمكن أن يكونا نكرتين ويمكن أن يكونا معرفتين،
فلا شرط للتعريف والتنكير في البدل.
قال: (والبدل أربعة أقسام) أو أربعة أنواع، ومن العلماء من يقول إن
البدل ستة أنواع:
الأول -كما ذكر المؤلف هنا-: بدل الشيء من الشيء، وهو الذي يسمى أحياناً: بدل الكل من الكل.
وربما يفر بعض العلماء من كلمة
الكل
من الكل إلى كلمة الشيء من الشيء لأن إدخال الألف واللام على كلمة (كل)
و(بعض) فيه كلام عند بعض النحاة، عند بعض العلماء، وبعضهم يقول: إنه غير
جائز في اللغة ولكني رأيته مستعملاً منذ القدم، رأيته عند كبار العلماء،
كالزجّاج وغيره، بل إن الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة رحمه الله أثبت في
شواهد سمعتها منه وفاتني تسجيلها -شواهد عربية قديمة ومنها جاهلية- أنه
ثابت في اللغه دخول (أل) على كل وبعض، وأنه استعمال فصيح، وليس استعمالاً
غير فصيح، فلا حرج إذاً أن تقول إنه بدل الشيء من الشيء، أو بدل الكل من
الكل.
هذا هو النوع الأول: بدل الكل من الكل.
بدل الكل من الكل ما المراد به؟
يراد به البدل المطابق،
يعني
أن يكون الأول هو الثاني، والثاني هو الأول، يعني ليس الثاني أقل من الأول
بأي شيء، وإنما هو هو عينه، كما إذا قلت: (جاء زيد أخوك)، و(رأيت زيداً
أخاك)، و(مررت بزيدٍ أخيك)، أو البيت:
أقـسم بالله أبو حفصٍ عمرْ ..............
مرَّ معنا هناك أننا أعربنا (أبو حفص عمر) قلنا: إنه عطف بيان، وهنا نقول: إنه بدل.
وأنا
ذكرت لكم أن عطف البيان يتداخل مع بدل الكل من الكل فقط، ليس مع كل أنواع
البدل، عطف البيان القاعده التي يقولون فيها كل ما صح أن يعرب عطف بيان صح
أن يعرب بدلاً، إنما يراد بها بدل كل من كل، أو بدل الشيء من الشيء، أما
بدل الاشتمال أو بدل البعض من الكل أو نحو ذلك فهي لا تدخل في عطف البيان.
الذي يتفق مع عطف البيان هو بدل الكل من الكل.
وذكرت
لكم أيضاً أن هذه القاعده المشهورة أن كل ما صح أن يعرب عطف بيان صح أن
يعرب بدلاً أنه يستثنى منها بعض المسائل، ووعدت ببيانها في هذا الدرس، ولعل
ما دمنا بصدد الحديث عن النوع الأول وهو بدل الكل من الكل، وهو الذي
يتداخل مع عطف البيان،
أن نشير إلى المسائل التي يتعين فيها أن يعرب عطف البيان عطف بيان، ولا يصح أن يعرب بدلاً.
الضابط الذي يتعين بسببه في عطف البيان أن يعرب عطف بيان ولا يصح أن [يعرب] بدلاً، إذا لم يمكن إحلال الثاني محل الأول.
البدل
هو على نية إحلال الثاني محل الأول، بمعنى أنك لو استغنيت بالثاني عن
الأول لصح الكلام، هذا هو البدل، أصله، فإذا جاء معنا تابع لا يصح فيه أن
تحل الثاني محل الأول فإنه حينئذٍ يكون عطف بيان ولا يصح أن يعرب بدلاً،
قلنا بأن البيت المشهور:
أقــســم بــالــلـــه أبـــو حفص عمر ..................
إن (عمر)يصح أن يعرب بدلاً ويصح أن يعرب عطف بيان، لماذا؟
لأنك لو حذفت (أبو حفص) وقلت: (أقسم بالله عمر) لَصح الكلام.
فإذاً:
- إذا صح أن يحذف الأول ويبقى الثاني جاز أن يعرب هذا اللفظ إما بدلاً أو عطف بيان.
- فإن كان لا يصح أن يحذف الأول لأي مانع من الموانع فإنه لا يجوز أن يعرب الثاني حينئذٍ بدلاً، وإنما يجب أن يعرب عطف بيان.
وهذه هي الصوره التي لا يتناوب فيها البدل وعطف البيان، فقاعدتها العامة أن لا يصح إحلال الثاني محل الأول.
من أمثلتها قول الشاعر:
أنا ابن التاركِ البكريِّ بشرٍ عـلـيـه الـطيرُ ترقبه وقوعـا
أين عطف البيان هنا؟
كلمة (بشر) الآن هي عطف بيان.
عطف بيان لماذا؟
للبكري،
أصله يقول: أنا ابن ذلك الشخص الذي ترك البكريَّ بشراً عليه الطير ترقبه
وقوعاً، أي أنني صرعته وجندلته، وجعلت الطير ترقبه لكي تأكل من جيفته أو من
جثته،
(أنا
ابن التارك البكري بشر) فالبكري هو بشر، وبشر هو البكري، فإذا جئت تعرب:
طبعاً (التارك) مضاف و(البكري) مضاف إليه و(بشر) عطف بيان للبكري؛ لأن بشر
هو البكري والبكري هو بشر.
فهنا بشر لا يصح أن تعرب بدلاً، لماذا؟
لأن البدل لا يصح أن يعرب إلا أن يجوز أن تحذف الذي قبله،
فلو حذفنا البكري وأحللنا بشر محله فصار البيت: أنا ابن التارك بشر، هذا صحيح أو ليس بصحيح؟
ليس بصحيح لماذا؟
من
حيث المعنى صحيح أن يقول أنا ابن التارك البكري، أو يقول أنا ابن التارك
بشر، أو يقول أنا ابن التارك البكري بشر، المعنى صحيح؛ لأن البكري مثل أبي
حفص، وبشر مثل عمر، لا فرق، فمن حيث المعنى صحيح.
لكن فيه شيء من حيث الصناعة النحوية، فيه علة أخرى لن يعرفها إلا من هو حديث عهد بباب الإضافة.
أولاً:
تعرفون أنتم أنه عند الإضافة يجب أن تحذف الألف واللام من المضاف إليه،
فإذا قلت: (هذا الكتاب)، إذا أضفته قلت: (هذا كتاب محمد)، يجب أن أحذف
الألف واللام من المضاف الذي هو الكتاب، إلا في باب الإضافة اللفظية التي
يكون المضاف فيها اسم فاعل أو نحوه، فإنه لا مانع من أن تدخل الألف واللام
على المضاف، أي من أن تبقى الألف واللام في المضاف مع إضافته، لكن بشروط؛
من ضمن الشروط أن يكون المضاف إليه بأل، فإن كان المضاف إليه فيه (أل)، صح
أن يكون المضاف فيه (أل)، تقول: (رأيت الرجل الطويل الشعر)، الطويل مضاف،
والشعر مضاف إليه، كلاهما فيه (أل) إذا صار كلاهما فيه (أل) صح أن تدخل
(أل) في المضاف، لا يصح أن تقول (الطويل شعر) بأن تبقيها في المضاف وتحذفها
من المضاف إليه.
فـ(أنا
ابن التارك البكري) التارك البكري صح إضافة التارك وهو فيه (أل) إلى
البكري لأن فيه (أل) فإذا حذفنا البكري صار التارك مضافاً إلى بشر، وبشر
ليس فيه أل، إذاً لا يصح.
إذاً
امتنع إحلال الثاني الذي هو بشر، محل الأول الذي هو البكري؛ لأن هذا فيه
(أل) وهذا ليس فيه (أل)، فتعين حينئذٍ أن يعرب (بشر) عطف بيان، ولا يصح أن
يعرب بدلاً.
مثال آخر: يمثلون بقول الشاعر:
أيا أخوينا عبد شمس ونوفلاً
هنا (عبد شمس ونوفلاً) عطف بيان لأخوينا.
من هم الأخوان المقصودان هنا؟
(أيا أخوينا عبد شمس ونوفلاً ) بيان للأخوين لأنهما غير معروفين، فعبد شمس ونوفل هل يصح أن يعرب بدلاً؟
لا يصح، لماذا؟
لأنه يمتنع أن يحل محل الأول،
فلو حذفت أخوينا وقلت: أيا عبد شمس ونوفلاً لا يصح،لماذا لا يصح؟
لأنك
إذا قلت: (أيا عبد شمس ونوفلاً) لزمك أن تقول: (ونوفلُ)؛ لأن المنادى إذا
كان مفرداً بني على الضم، وما عطف عليه يأخذ نفس الحكم، فعبد شمس مضاف
منصوب، ونوفلاً مفرد ينبغي أن تقول (ونوفلُ)، ولأنك قلت (ونوفلا) أصبح لا
يصح هذا أن يتقدم وهو منصوب، ولا تستطيع أن تغير في البيت، فامتنع إذاً
إحلال الثاني محل الأول بسبب مانع نحوي، فتعين أن يعرب عطف بيان، ولا يصح
أن يعرب بدلاً.
ربما
لو حاولنا أن نستعرض لوجدنا أمثلة كثيرة، لكن القاعده أنه يتعين أن يعرب
عطف بيان حينما لا يصح إحلال الثاني محل الأول، فإن صح إحلال الثاني محل
الأول جاز أي يعرب عطف بيان وجاز أن يعرب بدلاً ونكتفي بهذا.
فالنوع الأول،
هو بدل الكل من الكل أو بدل الشيء من الشيء، وهو متداخل مع عطف البيان،
فكل ما صح أن يعرب عطف بيان صح أن يعرب بدل كل من كل إلا ما أشرت إليه.
والنوع الثاني:في كلام المؤلف: بدل البعض من الكل:
ضابط بدل البعض من الكل:
أن يكون البدل جزءاً من المبدل منه.
سواء
كان هذا الجزء هو القليل أو مساو أو كثير، كما إذا قلت: (أكلت الرغيف
ربعه)، الجزء قليل، أو نصفه، الجزء مساو، أو ثلثاه، الجزء أكثر، كل الثلاثة
جائزة بلا حرج.
النوع الثالث: بدل الاشتمال:
وبدل
الاشتمال ضابطه: هو ما كان فيه بين البدل والمبدل منه علاقة وملابسة بغير
الجزئية أو الكلية؛ لأنه لو كان فيه علاقة جزئيه لصار النوع الثاني، وهو
بدل البعض من الكل، وإنما أي علاقة، كما في قولك (أعجبني زيد علمه)، وكما
في قوله تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه}هم
سألوا عن ماذا لم يسألوا عن الشهر الحرام بكل أحكامه، وإنما سألوا عن قضيه
واحده في الشهر الحرام وهي القتال فيه فقط، ومن هنا قلنا إن البدل على نية
إحلال الثاني محل الأول؛ لأن الثاني هو المقصود، مقصودهم القتال في الشهر
الحرام، وليس مقصودهم أي قضية من قضايا الشهر الحرام الأخرى{يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه}
فقتال هنا (قتالٍ فيه) بدل اشتمال من الشهر الحرام لأن بينهما علاقة
ملابسة وصلة بغير الكلية أو الجزئية، طبعاً لا بد فيه كما تلحظون هنا من
إضافة الضمير كما في قوله (قتال فيه) أو قولك: (أعجبني زيد علمه)، أو نحو
ذلك.
النوع الرابع: بدل الغلط:
وقلت لكم إن بعض العلماء يجعلها أنواعاً ستة؛ لأنه يجعل بدل الغلط هذا ثلاثة أنواع:
-بدل غلط.
- أو بدل نسيان.
- أو بدل إضراب.
وجعلهما نوعاً واحداً كاف؛ لأن المثال واحد للجميع، لكن يختلف باختلاف نيتك أنت،
هل
أنت غلطت، سهوت، أو أنت أخطأت، أو أنت أضربت إضراباً نهائياً صرفت النظر
عنه، فالمثال واحد، لكن يتنوع باختلاف نية المتحدث نفسه، كما إذا قلت
مثلاً: (سافرت على سيارةٍ قطار)، قلت: (سافرت على سيارة)، فتبين أنك نسيت
وأنك لم تسافر هذه المرة على سيارة، وإنما سافرت على قطار، وأبدلتها
بالواقع الصحيح، وهو القطار، هذا يسمى بدل إضراب، أي أنك أضربت عن الأول
إلى الثاني.
وبدل غلط؛أنك غلطت فذكرت الأول وأنت تريد الثاني.
أو بدل نسيان: أنك
نسيت، كنت تتصور أنك سافرت على سيارة، ولكن تذكرت أنك سافرت على قطار، أو
نحوه كما إذا قلت مثلاً: (رأيت محمداً خالداً)، فتبين لك فعلاً أنك لم تر
محمداً، وإنما رأيت خالداً، ونحو ذلك.
هذا البدل يجعل المبدل منه في حكم المتروك والمسكوت عنه،
وإنما هو فقط ربما كان:
-سبق لسان.
-أو نسياناً.
-أو خطأ، أو نحو ذلك.
وإنما المقصود هو الأخير، فهذا هو بدل الإضراب، أو بدل الغلط.
هذه أنواع البدل الأربعة).
العناصر
البدل
تعريف البدل
البدل في اللغة: العوض
البدل في الاصطلاح: التابع المقصود بالحكم بلا واسطة
حكم البدل: يتبع المبدل منه في إعرابه
أنواع البدل:
النوع الأول: بدل الكل من الكل (المطابق)
ضابط النوع الأول أن يكون البدل عين المبدل منه
مثال بدل الكل من الكل: (جاء زيد أخوك)
فائدة: إدخال الألف واللام على (كل) و(بعض) فصيح وجائز
قاعدة: ما صح أن يعرب عطف بيان صح أن يعرب بدلاً (بدل الكل من الكل فقط)
النوع الثاني: بدل البعض من الكل
ضابط النوع الثاني: أن يكون البدل جزءاً من المبدل منه سواءً أكان أقل من الباقي أم مساوياً له أم أكثر منه
مثال بدل البعض من الكل: (أكلت الرغيف ربعه)
بيان أن هذا النوع يتداخل مع عطف البيان
النوع الثالث: بدل الاشتمال
ضابط النوع الثالث: أن يكون بين البدل والمبدل منه ارتباط بغير الكلية والجزئية
مثال بدل الاشتمال: (أعجبني زيد علمه)
النوع الرابع: بدل الغلط
أضرب بدل الغلط
الضرب الأول: بدل البداء
ضابط الضرب الأول: أن تقصد شيئاً فتقوله، ثم يظهر لك غيره أفضل منه فتعدل إليه
مثال بدل البداء: (هذه الجارية بدر شمس)
الضرب الثاني: بدل النسيان (فيما يقع بالجنان)
ضابط الضرب الثاني: أن تبني كلامك على ظن، ثم تعلم خطأه فتعدل عنه
مثال بدل النسيان: (رأيت إنسانأ فرساً)
الضرب الثالث: بدل الإضراب (الغلط) (فيما يقع باللسان)
ضابط الضرب الثالث: أن تريد كلاماً فيسبق لسانك إلى غيره وبعد النطق تعدل إلى ما أردت أوّلاً
مثال بدل الغلط: (سافرت سيارة قطار)
الأسْئِلةٌ
س1: مَا هُوَ البدلُ؟
س2: فِيمَ يتبعُ البدلُ المبدَلَ منْهُ؟
س3: إلَى كمْ قسْمٍ ينقسِمُ البدلُ؟
س4: مَا الذي يُشترطُ فِي بدلِ البعضِ وبدلِ الاشتمالِ؟
س5: مَا ضابطُ بدلِ الكلِّ؟
س6: مَا ضابطُ بدلِ البعضِ؟
س7: مَا ضابطُ بدلِ الاشتمالِ؟
س8: مَا هُوَ بدلُ الغلطِ؟
س9: مَا أقسام بدل الغلط، ومَا ضابطُ كلِّ قسمٍ؟
س10: أعْرِب الأمثْلِةَ الآتيَةَ:
(رسولُ اللَّهِ محمَّدٌ خاتمُ النّبيِّينَ)، (عجزَ العربُ عن الإتيانِ بالقرآنِ عشْرِ آياتٍ منْهُ)، (أعجبتْنِي السّماءُ نجومُهَا).