الفاعل
قال ابن آجُرُّوم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (باب الفاعـل
الفاعل: هو الاسم المرفوعُ المذكورُ قَبْلَهُ فِعْلُهُ.
وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: ظَاهِرٌ، وَمُضْمَرٌ.
- فَالظَّاهِرُ نَحْوُ قَوْلِكَ: قَامَ زَيْدٌ، وَيَقُومُ زَيْدٌ، وقَامَ الزَّيْدَانِ، وَيَقُومُ الزَّيْدَانِ، وَقَامَ الزَّيْدُونَ، وَيَقُومُ الزَّيْدُونَ، وَقَامَ الرِّجَالُ، وَيَقُومُ الرِّجَالُ، وَقَامَتْ هِنْدٌ، وَتَقُومُ هِنْدٌ، وَقَامَتِ الهِنْدَانِ، وَتَقُومُ الهِنْدَانِ، وَقَامَتِ الهِنْدَاتُ، وَتَقُومُ الهِنْدَاتُ،وقَامَتِ الهُنُودُ، وَتَقُومُ الهُنُودُ، وَقَامَ أَخُوكَ، وَيَقُومُ أَخُوكَ، وَقَامَ غُلاَمِي، وَيَقُومُ غُلاَمِي، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
- وَالمُضْمَرُ اثْنَا عَشَرَ، نَحْوُ قَوْلِكَ: ضَرَبْتُ، وَضَرَبْنَا، وَضَرَبْتَ، وَضَرَبْتِ، وَضَرَبْتُمَا، وَضَرَبْتُم، وَضَرَبْتُنَّ، وَضَرَبَ، وَضَرَبَتْ، وَضَرَبَا، وَضَرَبُوا، وَضَرَبْنَ).
التحفة السنية للشيخ: محمد محيي الدين عبد الحميد
المتن:
قال ابن آجُرُّوم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (باب الفاعـل
الفاعل: هو الاسم المرفوعُ المذكورُ قَبْلَهُ فِعْلُهُ.
وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ(1): ظَاهِرٌ، وَمُضْمَرٌ.
- فَالظَّاهِرُ(2) نَحْوُ قَوْلِكَ: قَامَ زَيْدٌ، وَيَقُومُ زَيْدٌ، وقَامَ الزَّيْدَانِ، وَيَقُومُ الزَّيْدَانِ، وَقَامَ الزَّيْدُونَ، وَيَقُومُ الزَّيْدُونَ، وَقَامَ الرِّجَالُ، وَيَقُومُ الرِّجَالُ، وَقَامَتْ هِنْدٌ، وَتَقُومُ هِنْدٌ، وَقَامَتِ الهِنْدَانِ، وَتَقُومُ الهِنْدَانِ، وَقَامَتِ الهِنْدَاتُ، وَتَقُومُ الهِنْدَاتُ،وقَامَتِ الهُنُودُ، وَتَقُومُ الهُنُودُ، وَقَامَ أَخُوكَ، وَيَقُومُ أَخُوكَ، وَقَامَ غُلاَمِي، وَيَقُومُ غُلاَمِي، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
- وَالمُضْمَرُ اثْنَا عَشَرَ، نَحْوُ قَوْلِكَ: ضَرَبْتُ، وَضَرَبْنَا، وَضَرَبْتَ، وَضَرَبْتِ، وَضَرَبْتُمَا، وَضَرَبْتُم، وَضَرَبْتُنَّ، وَضَرَبَ، وَضَرَبَتْ، وَضَرَبَا، وَضَرَبُوا، وَضَرَبْنَ(3) ).
الشرح:
قال الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد (ت: 1392هـ): ( (1) الفَاعِلُ لهُ معنيانِ: أحدُهمَا لغويٌّ، والآخرُ اصطلاحيٌّ.
- أمَّا معنَاهُ فِي اللُّغَةِ: فهُوَ عبارةٌ عمَّنْ أوجدَ الفِعْلَ.
- وأمَّا معنَاهُ فِي الاصْطِلاحِ: فهُوَ: الاسْمُ المرفُوعُ المذكورُ قبلَهُ فعْلُهُ، كمَا قالَ المؤلِّفُ.
وقولُنا: (الاسم) لا يشملُ الفِعْلَ ولا الحَرْفَ، فلا يَكُونُ واحدٌ منهمَا فاعلاً، وهُوَ يشملُ:
-الاسْمَ الصّريحَ.
-والاسْمَ المؤوَّلَ بالصّريحِ.
أمَّا الصّريحُ:فنحْوُ (نُوح) و(إبراهيم) فِي قولِهِ تعالَى: {قالَ نُوحٌ}، وقوله: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ}.
وأمَّا المؤولُ بالصّريحِ: فنحْوُ قوْلِهِ تعالَى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا}:
فأنَّ: حَرْفُ توكيدٍ ونصبٍ.
و نا: اسمُهُ مبنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي محلِّ نصْبٍ.
و أَنْزَلْنَا: فِعْلٌ مَاضٍ وفاعلُهُ، والجملُة فِي محلِّ رفْعٍ خبرُ أنَّ.
و أنَّ: ومَا دخلتْ عَلَيْهِ فِي تأويلِ مصدرٍ فَاعِلُ يكفي، والتّقديرُ: أولَمْ يكفهم إِنزالُنَا.
ومِثَالُهُ قوْلُكَ: (يَسرُّني أن تتمسَّكَ بالفضائلِ)، وقوْلُكَ: (أعجبني مَا صنعتَ)، التّقديرُ فيهمَا: يسرُّني تمسُّكُكَ، وأعجبني صُنْعُكَ.
وقولُنا: (المرفُوعُ): يُخرِجُ مَا كانَ مَنْصُوباً أوْ مجروراً، فلا يَكُونُ واحدٌ منْهَا فاعلاً.
وقولُنا: (المذكورُ قبلَهُ فِعْلُه): يُخرِجُ:
-المبتدأَ. - واسْمَ (إنَّ) وأخواتِهَا، فإنهمَا لَمْ يتقدَّمْهُمَا فِعْلٌ البتةَ. - ويُخرِجُ
أيضاً اسْمَ (كانَ) وأخواتِهَا، واسْمَ (كادَ) وأخواتِهَا، فإنهمَا وإنْ
تقدَّمَهُمَا فِعْلٌ فإنَّ هذَا الفِعْلَ ليْسَ فِعْلَ واحدٍ منهمَا. والمُرَادُ بالفِعْلِ مَا يشملُ شِبْهَ الفِعْلِ كاسْمِ الفِعْلِ فِي نحْوِ: (هَيْهَاتَ العَقِيقُ) و(شتَّانَ زيدٌ وعمرٌو) واسْمَ الفَاعِلِ فِي نحْوِ (أَقَادِمٌ أبوكَ) فَالعَقِيقُ، وزيدٌ مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وأبوكَ: كلٌّ منْهَا فَاعِلٌ. أقسام الفاعل وأنواع الظاهر منه ينقسمُ الفَاعِلُ إلَى قِسْمَيْنِ: الأوَّلُ: الظَّاهرُ. الثَّانِي: المضمرُ. فأمَّا الظَّاهرُ: فهُوَ: مَا يدلُّ عَلَى معنَاهُ بدونِ حاجةٍ إلَى قرينةٍ. وأمَّا المضمرُ: فهُوَ: مَا لا يدلُّ عَلَى المُرَادِ منْهُ إلاَّ بقرينةِ تكلُّمٍ أوْ خطابٍ أوْ غيبةٍ. (2) والظَّاهرُ عَلَى أنواعٍ: لأنَّهُ إمَّا أن يكونَ: - مفرداً. - أوْ مُثنًّى. - أوْ مجموعاً جمعاً سالماً. - أوْ جمْعَ تَكْسِيرٍ. وكلٌّ مِن هذِهِ الأنْوَاعِ الأرْبَعَةِ: 1 - إمَّا أن يكونَ مذكَّراً. 2 - وإمَّا أن يكونَ مؤنَّثاً. فهذِهِ ثمانيَةُ أنواعٍ، وأيضاً فإمَّا أن يكونَ إعرابُه: بضمَّةٍ ظَاهِرةٍ، أوْ مُقدَّرةٍ. - وإمَّا أن يكونَ إعرابُهُ: بالحُرُوفِ نيابةً عن الضَّمَّةِ. وعلَى كلِّ هذِهِ الأحوالِ: -إمَّا أن يكونَ الفِعْلُ ماضياً. -وإمَّا أن يكونَ مُضَارِعاً. فمِثالُ الفَاعِلِ المُفرَدِ المُذكَّرِ: -مَعَ الفِعْلِ المَاضِي: (سَافَرَ مُحَمَّدٌ، وَحَضَرَ خَالِدٌ). -ومَعَ الفِعْلِ المضَارِعِ: (يُسَافِرُ مُحَمَّدٌ، وَيَحْضُرُ خَالِدٌ). ومِثالُ الفَاعِلِ المُثنَّى المُذكَّرِ: - مَعَ الفِعْلِ المَاضِي: (حَضَرَ الصَّدِيقَانِ، وَسَافَرَ الأَخَوَانِ). - ومَعَ الفِعْلِ المضَارِعِ:(يَحْضُرُ الصَّدِيقَانِ، وَيُسَافِرُ الأَخَوَانِ). ومِثالُ الفَاعِلِ المجموعِ جمْعَ تصحيحٍ لمذكَّرٍ: - مَعَ الفِعْلِ المَاضِي:(حَضَرَ المُحَمَّدُونَ، وَحَجَّ المُسْلِمُونَ). - ومَعَ الفِعْلِ المضَارِعِ:(يَحْضُرُ المُحَمَّدُونَ، وَيَحُجُّ المُسْلِمُونَ). ومِثالُ الفَاعِلِ المجموعِ جمْعَ تَكْسِيرٍ- وهُوَ مذكَّرٌ-:
- مَعَ الفِعْلِ المَاضِي:(حَضَرَ الأَصْدِقَاءُ، وَسَافَرَ الزُّعَمَاءُ).
- ومَعَ الفِعْلِ المضَارِعِ: (يَحْضُرُ الأَصْدِقَاءُ، وَيُسَافِرُ الزُّعَمَاءُ).
ومِثالُ الفَاعِلِ المُفرَدِ المُؤنَّثِ:
- مَعَ الفِعْلِ المَاضِي: (حَضَرَتْ هِنْدٌ، وَسَافَرَتْ سُعَادُ).
- ومَعَ الفِعْلِ المضَارِعِ: (تَحْضُرُ هِنْدٌ، وَتُسَافِرُ سُعَادُ).
ومِثالُ الفَاعِلِ المُثنَّى المُؤنَّثِ:
- مَعَ المَاضِي: (حَضَرَتِ الهِنْدَانِ، وَسَافَرَتِ الزَّيْنَبَانِ).
- ومَعَ المضَارِعِ: (تَحْضُرُ الهِنْدَانِ، وَتُسَافِرُ الزَّيْنَبَانِ).
ومِثالُ الفَاعِلِ المجموعِ جمْعَ تصحيحٍ المُؤنَّثِ:
- مَعَ المَاضِي: (حضرت الهِنْدَاتُ، وَسَافَرَت الزَّيْنَبَاتُ).
- ومَعَ المضَارِعِ: (تَحْضُرُ الهِنْدَاتُ، وَتُسَافِرُ الزَّيْنَبَاتُ).
ومِثالُ الفَاعِلِ المجموعِ جمْعَ تَكْسِيرٍ، وهُوَ لِمُؤنَّثٍ:
- مَعَ المَاضِي: (حَضَرَت الهُنُودُ، وَسَافَرَت الزَّيَانِبُ).
- ومَعَ المضَارِعِ: (تَحْضُرُ الهُنُودُ، وَتُسَافِرُ الزَّيَانِبُ).
ومِثالُ الفَاعِلِ الذي إعرابُهُ بالضَّمَّةِ الظَّاهِرَةِ:
جميعُ مَا تقدَّمَ من الأمثْلِةِ مَا عَدَا المُثنَّى المذكَّرَ والمُؤنَّثَ وجمْعَ التّصحيحِ لمُذكَّرٍ.
ومِثالُ الفَاعِلِ الذي إعرابُهُ بالضَّمَّةِ المقدَّرةِ:
- مَعَ الفِعْلِ المَاضِي:(حَضَرَ الفَتَى) و(سَافَرَ القَاضِي) و(أَقْبَلَ صَدِيقِي).
- ومَعَ الفِعْلِ المضَارِعِ: (يَحْضُرُ الفَتَى) و(يُسَافِرُ القَاضِي) و(يُقْبِلُ صَدِيقِي).
ومِثالُ الفَاعِلِ الذي إعرابُهُ بالحُرُوفِ النَّائبةِ عن الضَّمَّةِ:
مَا تقدَّمَ مِن أمثْلِةِ الفَاعِلِ المُثنَّى المذكَّرِ أو لمُؤنَّثٍ، وأمثلةِ الفَاعِلِ المجموعِ جمْعَ تصحيحٍ لمُذكَّرٍ.
ومنْ أمثلتِهِ أيضاً:
- مَعَ المَاضِي: (حَضَرَ أَبوكَ) و(سَافَرَ أخُوكَ).
- ومَعَ المضَارِعِ: (يَحْضُرُ أَبوكَ) و(يُسَافِرُ أخُوكَ).
أنواع الفاعل المضمر
(3) قدْ عرفْتَ فيمَا تقدَّمَ المضمرَ مَا هُوَ، والآنَ نُعرِّفُكَ أنَّهُ عَلَى اثنَيْ عشرَ نوعاً، وذلكَ لأنَّهُ:
1- إمَّا أن يدلَّ عَلَى متكلِّمٍ.
2- وإمَّا أن يدلَّ عَلَى مخاطَبٍ.
3- وإمَّا أن يدلَّ عَلَى غائبٍ.
والَّذِي يدلُّ عَلَى متكلمٍ، يتنوعُ إلَى نوعينِ لأنَّهُ:
1- إمَّا أن يكونَ المُتكلِّمُ واحداً.
2- وإمَّا أن يكونَ أكثرَ مِن واحدٍ.
والَّذِي يدلُّ عَلَى مُخاطَبٍ أوْ غائبٍ يتنوَّعُ كلٌّ منهمَا إلَى خمسةِ أنواعٍ، لأنَّهُ:
1- إمَّا أن يدلَّ عَلَى مفردٍ مُذكَّرٍ.
2- وإمَّا أن يدلَّ عَلَى مفردةٍ مؤنَّثةٍ.
3- وإمَّا أن يدلَّ عَلَى مُثنًّى مطلقاً.
4- وإمَّا أن يدلَّ عَلَى جمْعٍ مُذكَّرٍ.
5- وإمَّا أن يدلَّ عَلَى جمْعٍ مُؤنَّثٍ.
فيكونُ المجموعُ اثنيْ عشرَ.
فمِثالُ ضميرِ المُتكلِّمِ الواحدِ، مذكَّراً كانَ أوْ مؤنَّثاً:
(ضَرَبْتُ) و(حَفِظْتُ) و(اجْتَهَدْتُ).
ومِثالُ ضميرِ المُتكلِّمِ المتعدِّدِ أو الواحدِ الذي يُعظِّمُ نفسَهُ ويُنـزلُهَا منـزلةَ الجماعةِ:
(ضَرَبْنَا) و(حَفِظْنَا) و(اجْتَهَدْنَا).
ومِثالُ ضميرِ المُخاطَبِ الواحدِ المذكَّرِ:
(ضَرَبْتَ) و(حَفِظْتَ) و(اجْتَهَدْتَ).
ومِثالُ ضميرِ المخاطَبةِ الواحدةِ المؤنَّثةِ:
(ضَرَبْتِ) و(حَفِظْتِ) و(اجْتَهَدْتِ).
ومِثالُ ضميرِ المخاطَبَيْنِ الاثنينِ مُذكَّريْنِ أوْ مؤنَّثتَيْنِ:
(ضَرَبْتُمَا) و(حَفِظْتُمَا) و(اجْتَهَدْتُمَا).
ومِثالُ ضميرِ المخاطَبِينَ مَعَ جمْعِ الذّكورِ:
(ضَرَبْتُمْ) و(حَفِظْتُمْ) و(اجْتَهَدْتُمْ).
ومِثالُ ضميرِ المخاطَباتِ مِن جمْعِ المؤنَّثاتِ:
(ضَرَبْتُنَّ) و(حَفِظْتُنَّ) و(اجْتَهَدْتُنَّ).
ومِثالُ ضميرِ الواحدِ المذكَّرِ الغائبِ:
(ضَرَبَ) فِي قوْلِكَ: (مُحَمَّدٌ ضَرَبَ أَخَاهُ) و(حفِظَ) فِي قوْلكَ (إِبْرَاهِيمُ حَفِظَ دَرْسَهُ) و(اجْتَهَدَ) فِي قوْلكَ: (خَالِدٌ اجْتَهَدَ فِي عَمَلِهِ). وياءُ المُتكلِّمِ ضميرٌ مضافٌ إليْهِ مبنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي محلِّ جرٍّ).
ومِثالُ ضميرِ الواحدةِ المؤنثةِ الغائبةِ:
(ضَرَبَتْ) فِي قوْلِكَ: (هِنْدٌ ضَرَبَتْ أُخْتَهَا) و(حَفِظَتْ) فِي قوْلِكَ: (سُعَادُ حَفِظَتْ دَرْسَهَا) و(اجْتَهَدَتْ) فِي قوْلِكَ: (زَيْنَبُ اجْتَهَدَتْ فِي عَمَلِهَا).
ومِثالُ ضميرِ الاثنينِ الغائبيْنِ مذكرينِ كانَا أوْ مؤنَّثينِ: (ضَرَبَا)
فِي قوْلِكَ: (المُحَمَّدَانِ ضَرَبَا بَكْراً) أوْ قوْلِكَ: (الهِنْدَانِ
ضَرَبَتَا عَامِراً) و(حَفِظَا) فِي قوْلِكَ: (المُحَمَّدَانِ حَفِظَا
دَرْسَهُمَا) أوْ قوْلِكَ: (الهِنْدَانِ حَفِظَتَا دَرْسَهُمَا)
و(اجْتَهَدَا) فِي نحْوِ قوْلِكَ: (البَكْرَانِ اجْتَهَدَا) أوْ قوْلِكَ:
(الزَّيْنَبَانِ اجْتَهَدَتَا) و(قامَا) فِي نحْوِ قوْلِكَ:
(المُحَمَّدَانِ قَامَا بِوَاجِبِهِمَا) أوْ قوْلِكَ: (الهِنْدَانِ
قَامَتَا بِوَاجِبِهِمَا). ومِثالُ ضميرِ الغائبِينَ مِن جمْعِ الذّكورِ: (ضَرَبُوا)
مِن نحْوِ قوْلِكَ: (الرِّجَالُ ضَرَبُوا أَعْدَاءَهُم) و(حَفِظُوا) مِنْ
قوْلِكَ: (التَّلامِيذُ حَفِظُوا دُرُوسَهُم)، و(اجْتَهَدُوا) مِن نحْوِ
قوْلِكَ: (التَّلامِيذُ اجْتَهَدُوا). ومِثالُ ضميرِ الغائباتِ مِن جمْعِ الإناثِ: (ضَرَبْنَ)
مِن نحْوِ قوْلِكَ: (الفَتَيَاتُ ضَرَبْنَ عَدُوَّاتِهِنَّ)، وكذا
(حَفِظْنَ) مِن نحْوِ قوْلِكَ: (النِّسِاءُ حَفِظْنَ أَمَانَاتِهِنَّ) وكذا
(اجْتَهَدْنَ) مِن نحْوِ قوْلِكَ: (البَنَاتُ اجْتَهَدْنَ). وكلُّ هذِهِ الأنْوَاعِ الاثنيْ عشرَ السَّابقةِ يُسمَّى الضَّميرُ فِيهَا: الضَّميرَ المُتَّصلَ، وتعريفُهُ أنَّهُ هُوَ: الذي لا يُبْتَدَأُ بهِ الكلاَمُ ولا يقعُ بعْدَ (إلاَّ) فِي حالةِ الاختيارِ.
ومثلُهَا يأْتِي فِي نوعٍ آخرَ من الضَّميرِ يُسمَّى: الضَّميرَ المنفصلَ وهُوَ:
الذي يُبتدأُ بهِ ويقعُ بعْدَ (إلاَّ) فِي حالةِ الاختيارِ.
تقُولُ:
(مَا ضَرَبَ إِلاَّ أَنَا) و(مَا ضَرَبَ إِلاَّ نَحْنُ) و(مَا ضَرَبَ إِلاَّ أَنْتَ) و(مَا ضَرَبَ إِلاَّ أَنْتِ) و(مَا ضَرَبَ إِلاَّ أَنْتُمَا) و(8مَا ضَرَبَ إِلاَّ أَنْتُمْ) و(مَا ضَرَبَ إِلاَّ أَنْتُنَّ) و(مَا ضَرَبَ إِلاَّ هُوَ) و(مَا ضَرَبَ إِلاَّ هِيَ) و(مَا ضَرَبَ إِلاَّ هُمَا) و(مَا ضَرَبَ إِلاَّ هُمْ) و(مَا ضَرَبَ إِلاَّ هُنَّ).
وعلَى هذَا يجرِي القياسُ.
وسيأْتِي بيانُ أنْوَاعِ الضَّميرِ المنفصلِ بأوسعَ مِن هذِهِ الإشارةِ فِي بابِ المبتدأِ والخبرِ.
تدريبٌ عَلَى الإعرَابِ
أعْرِب الجملَ الآتيَةَ:
(حضرَ محمَّدٌ)، (سافرَ المُرتضَى)، (سيزُورُنَا القاضِي)، (أقبَلَ أخِي).
الجوابُ:
1- (حضرَ محمَّدٌ).
حضرَ: فِعْلٌ مَاضٍ مبنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ لا مَحَلَّ لهُ مِن الإعْرَابِ.
محمَّدٌ: فَاعِلٌ مرفُوعٌ، وعَلامَةُ رفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ فِي آخرِهِ.
2-(سافرَ المُرتضَى).
سافرَ: فِعْلٌ مَاضٍ مبنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ لا مَحَلَّ لهُ من الإعْرَابِ.
المُرتضَى: فَاعِلٌ مرفُوعٌ، وعَلامَةُ رفْعِهِ ضمَّةٌ مُقدَّرةٌ عَلَى الألفِ منَعَ مِن ظهُورِهَا التّعذُّرُ.
3-(سيزُورُنا القاضِي).
السِّينُ :حَرْفٌ دالٌّ عَلَى التّنفيسِ.
يزورُ: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مرفُوعٌ لِتَجَرُّدِهِ من النَّاصبِ والجَازمِ، وعَلامَةُ رفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ.
ونا: ضميرٌ مَفْعُولٌ بهِ مبنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي محلِّ نصْبٍ.
والقاضِي: فَاعِلٌ، وعَلامَةُ رفْعِهِ ضمَّةٌ مُقدَّرةٌ عَلَى الياءِ منَعَ مِن ظهُورِهَا الثِّقَلُ.
4- (أقبَلَ أخِي).
أقبْلَ: فِعْلٌ مَاضٍ مبنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ لا مَحَلَّ لهُ من الإعْرَاب.
وأخ: فَاعِلٌ مرفُوعٌ، وعَلامَةُ رفْعِهِ ضمَّةٌ مُقدَّرةٌ عَلَى آخرِهِ منعَ مِن ظُهورِهَا اشتغالُ المحلِّ بحركةِ المناسبةِ، وأخ مضافٌ).
حاشية الآجرومية للشيخ: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم
المتن:
قال ابن آجُرُّوم: أبو
عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (بَابُ الْفَاعِلِ(1)
الْفَاعِلُ: هُوَ الاسْمُ الْمَرْفُوعُ(2)، المذْكُورُ قَبْلَهُ فِعْلُهُ(3).
وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: ظَاهِرٌ، وَمُضْمَرٌ(4).
فَالظَّاهِرُ
نَحْوُ قَوْلِكَ:قَامَ زَيْدٌ، وَيَقُومُ زَيْدٌ(5)، وقَامَ الزَّيْدَانِ، وَيَقُومُ الزَّيْدَانِ(6)، وَقَامَ الزَّيْدُونَ، وَيَقُومُ الزَّيْدُونَ(7)، وَقَامَ الرِّجَالُ، وَيَقُومُ الرِّجَالُ(8)، وَقَامَتْ هِنْدٌ، وَتَقُومُ هِنْدٌ(9)، وَقَامَتْ الهِنْدَانِ، وَتَقُومُ الهِنْدَانِ(10)، وَقَامَتْ الِهِنْدَاتُ، وَتَقُومُ الهِنْدَاتُ(11)، وَقَامَتِ الْهُنُودُ، وَتَقُومُ الهُنُودُ(12)، وَقَامَ أَخُوكَ، وَيَقُومُ أَخُوكَ(13)، وَقَامَ غُلاَمِي، وَيَقُومُ غُلاَمِي(14)، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ(15).
وَالمُضْمَرُ
(16)
اثْنَا عَشَرَ، نَحْوُ قَوْلِكَ: ضَرَبْتُ، وَضَرَبْنَا،(17) وَضَرَبْتَ،
وَضَرَبْتِ(18)، وَضَرَبْتُمَا، وَضَرَبْتُم، وَضَرَبْتُنَّ(19)، وَضَرَبَ،
وَضَرَبَتْ(20)، وَضَرَبَا، وَضَرَبَتَا، وَضَرَبُوا، وَضَرَبْنَ(21) ).
الشرح:
قال الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي (ت: 1392هـ): ( (1) الفاعلُ في اللغةِ: مَنْ أوجدَ الفعلَ.لمَّا ذكرَ المرفوعاتِ السَّبعَة مجملةً، شرعَ يفصِّلُهَا،
وبدأَ بالفاعلِ: لأنَّهُ الَّذي يبدأُ به أوَّلاً، ولأنَّهُ الأصلُ في المرفوعاتِ عندَ الجمهورِ.
(2) أي: الفاعلُ في الاصطلاحِ، ما رسمَهُ ببعضِ خواصِّهِ؛ تقريبًا للمبتدئ،
فقالَ: (هو الاسمُ): أي: الصَّريحُ، كـ(قالَ اللهُ)،أو المؤوَّلُ كـ{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ}،ومثلُ الاسمِ الجملةُ؛ إذا أُريدَ لفظُهَا، كقولِهِ: (صدرَ عنِّي: اللهُ حسبي)؛ والمسمَّى بها نحو: (تَأَبَّطَ شَرًّا).
وخرجَ بالاسمِ:الحرفُ والفعلُ.
وقولُهُ: (المرفوعُ): أي: حكمُهُ الرَّفعُ بفعلِهِ، لفظًا كـ (جاءَ زيدٌ)، أو تقديرًا، كـ (جاءَ الفتى، والقاضي، وغلامي).
(3) على كلِّ حالٍ، نحو: (قامَ زيدٌ).
أو ما يعملُ عملَ فعلِهِ، كـ (أقائمٌ الزَّيدانِ)، ومنه: {لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ}.
وخرجَ بذلك المبتدأُ، فإنَّهُ لم يُذْكَرْ قبلَهُ عاملٌ لفظيٌّ.
(4) يعني: أنَّ الاسمَ الواقعَ فاعلاً، ينقسمُ إلى قسمينِ:
- ظاهرٍ، وهو: ما دلَّ على مسمَّاهُ بلا قيدٍ.
-ومضمرٍ، وهو: ما دلَّ على مسمَّاهُ بقيدِ تكلُّمٍ، ونحوِهِ.
(5) أي:فالظـَّاهرُ يرفعُهُ الماضي، والمضارعُ إذا أُسنِدَ إلى غائبٍ، وكذا ما يعملُ عملَ فعلِهِمَا، ولا يرفعُهُ الأمرُ.
وهو على عشرةِ أقسامٍ:
فالمفردُ المذكَّرُ مع الماضي:نحو قولِكَ: (قامَ زيدٌ).
والمفردُ المذكَّرُ مع المضارعِ: نحو: (يقومُ زيدٌ):
فقامَ: فعلٌ ماضٍ.
وزيدٌ: فاعلٌ.
ويقومُ: فعلٌ مضارعٌ.
وزيدٌ: فاعلٌ.
(6) لمثنى مذكـَّرٍ.
(7)لجمعِ المذكَّرِ السَّالمِ.
(8)لجمعِ التَّكسيرِ.
(9)للمفردِ المؤنَّثِ.
(10)لمثنى المؤنـَّثِ.
(11) لجمعِ المؤنَّثِ السَّالمِ.
(12)لجمعِ المؤنَّثِ المكسَّرِ.
(13)للمفردِ من الأسماءِ الخمسةِ، المضافِ إلى غيرِ ياءِ المتكلِّمِ.
(14)للفاعلِ المضافِ إلى ياءِ المتكلِّمِ، فالفاعلُ في هذه الأمثلةِ ونحوِهَا: اسمٌ ظاهرٌ.
(15) أي: أشبهَ أمثلةَ الظَّاهرِ هذه الَّتي مثَّلَ له بها، وهي: عشرةٌ مع الماضي، وعشرةٌ مع المضارعِ، والفاعلُ: معرفةٌ أو نكرةٌ، فجملتُهُ: أربعون مثالاً، وكلُّهَا أسماءٌ ظاهرةٌ.
(16) وهو: ما كُنـِّيَ به عن الظَّاهرِ اختصارًا، وهو قسمانِ:
-متَّصلٌ بعاملِهِ.
- ومنفصلٌ عنه.
والمتَّصلُ هو: الَّذي لا يبدأُ بهِ، ولا يلي (إلا) في الاختيارِ.
ويرفعُهُ الماضي والمضارعُ والأمرُ، وذلك نحوَ ما ذكرَهُ.
(17) (ضَرَبـْتُ) للمتكلِّمِ وحدَهُ، والضَّميرُ محلُّهُ رفعٌ على الفاعليَّةِ، و(ضربنا) للمتكلِّمِ ومعه غيرُهُ، أو المعظِّمِ نفسَهُ.
(18) (ضربـْتَ) بفتحِ التَّاءِ، للمخاطبِ المذكَّرِ، (وضربْتِ) بكسرِ التَّاءِ للمخاطبةِ.
(19) (ضربـْتـُما) للمثنى المخاطـَبِ مطلقًا، و(ضربْتُم) لجمعِ الذُّكورِ المخاطبينَ، و(ضربتُنَّ) لجمعِ الإناثِ المخاطَباتِ، والتَّاءُ في الجميعِ هي الفاعلُ، وهذه أمثلةُ الحاضرِ، وما بقيَ للغائبِ.
(20) (ضرب)َللغائبِ المفردِ، (وضربَتْ) للغائبةِ المفردةِ.
(21) (ضربـَا) للمثنـَّى المذكـَّرِ، و(ضربتَا) للمثنَّى المؤنَّثِ الغائبِ، و(ضربُوا) لجماعةِ الذُّكورِ الغائبينَ، و(ضربْنَ) لجماعةِ الإناثِ الغائباتِ.
هذا حكمُ الفاعلِ المضمرِ المتَّصلِ، وهو: ما لا يُبْدَأُ به، ولا يقعُ بعدَ (إلا)في حالةِ الاختيارِ كما تقدَّمَ.
وأمَّا الفاعلُ المضمَرُ المنفصلُ:
فهو: ما يقعُ بعدَ (إلا)، أو ما في معناها، نحو قولِكَ: (ما ضربَ إلا أنا، وإلا أنتَ، وإلا أنتِ، وإلا أنتُمَا، وإلا أنتم، وإلا أنتنَّ، وإلا هو، وإلا هي، وإلا هما، وإلا هم، وإلا هن)؛ فهذه الضَّمائرُ الواقعةُ بعدَ إلا، كلٌّ منها في محلِّ رفعٍ على الفاعليَّةِ.
وتقولُ: (إنَّمَا ضربَ أنا، وإنِّمَا ضربَ نحنُ)، وكذلك البواقي مع الماضي.
وتقولُ في المضارعِ مع الاتِّصالِ:(أضربُ أنا، ونضربُ نحن)، إلى آخرِهَا.
وفي الانفصالِ:(ما يضربُ إلا أنا، وإنِّمَا يضربُ أنا)، إلى آخرِهَا.
ومع الأمرِ ولا يكونُ إلا متَّصِلاً:(اضربَا، اضربوا، اضربي، اضربْنَ)، وما أشبهَ ذلك.
وينقسمُ أيضًا إلى:
- مستترٍ.
- وبارزٍ.
والبارزُ هو: ما يوجدُ له صورةٌ في اللفظ.
والمستترُ هو: ما ليسَ له صورةٌ في اللفظِ.
وينقسمُ إلى:
-ما هو جائزُ الاستتارِ.
-وما هو واجبُهُ.
والمستترُ وجوبًا:ما لا يحلُّ الظَّاهرُ محلَّهُ.
والمستترُ جوازًا:ما يحلُّ الظَّاهرُ محلَّهُ).
حاشية الآجرومية للشيخ: عبد الله العشماوي الأزهري
المتن:
قال ابن آجُرُّوم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (باب الفاعـل
الفاعل(1): هو الاسم(2) المرفوعُ(3) المذكورُ قَبْلَهُ فِعْلُهُ(4).
وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: ظَاهِرٌ، وَمُضْمَرٌ(5).
-
فَالظَّاهِرُ نَحْوُ قَوْلِكَ: قَامَ زَيْدٌ، وَيَقُومُ زَيْدٌ، وقَامَ
الزَّيْدَانِ، وَيَقُومُ الزَّيْدَانِ، وَقَامَ الزَّيْدُونَ، وَيَقُومُ
الزَّيْدُونَ، وَقَامَ الرِّجَالُ، وَيَقُومُ الرِّجَالُ، وَقَامَتْ
هِنْدٌ، وَتَقُومُ هِنْدٌ، وَقَامَتِ الهِنْدَانِ، وَتَقُومُ الهِنْدَانِ،
وَقَامَتِ الهِنْدَاتُ، وَتَقُومُ الهِنْدَاتُ،وقَامَتِ الهُنُودُ،
وَتَقُومُ الهُنُودُ، وَقَامَ أَخُوكَ، وَيَقُومُ أَخُوكَ، وَقَامَ
غُلاَمِي، وَيَقُومُ غُلاَمِي، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. -
وَالمُضْمَرُ اثْنَا عَشَرَ(6)، نَحْوُ قَوْلِكَ: ضَرَبْتُ، وَضَرَبْنَا،
وَضَرَبْتَ، وَضَرَبْتِ، وَضَرَبْتُمَا، وَضَرَبْتُم، وَضَرَبْتُنَّ،
وَضَرَبَ، وَضَرَبَتْ، وَضَرَبَا، وَضَرَبُوا، وَضَرَبْنَ).
الشرح:
قال الشيخ عبد الله العشماوي الأزهري: (بابُ الفاعلِ
فيه ما تقدَّمَ في بابِ الإعرابِ.
(1) قوله: (الفاعلُ): إنَّما أظهرَ في محلِّ الإضمارِ للإيضاحِ.
(2) قوله: (الاسمُ): أي: اصطلاحاً،
وأمَّا معنى الفاعلِ لغةً فهو: من أوجدَ الفعلَ، وهو تعريفٌ له بالرَّسمِ،
وهو التَّعريفُ بالعرضيَّاتِ، كقولِكَ: (الإنسانُ حيوانٌ ضاحكٌ).
وأمَّا التّعريفُ بالحدِّ فهو بالذَّاتيَّاتِ، كقولِكَ في حدِّ الإنسانِ: الإنسانُ حيوانٌ ناطقٌ.
وقد يكونُ التّعريفُ لفظيًّا وهو التّعريفُ بالمرادفِ، كتعريفِ الذّهبِ بالعسجدِ، وتعريفِ القمحِ بالبُرِّ.
وقولُهُ: (الاسمُ)، يشملُ الصَّريحَ والمؤوَّلَ.
-فالصَّريحُ، كـ(جاءَ زيدٌ).
-والمؤوَّلُ، كقولِهِ تعالى: {ألمْ يأنِ للَّذينَ آمنوا أن تخشعَ قلوبُهُم} أي: خشوعُ قلوبِهِم.
وخرجَ بقولِهِ: (الاسم): الفعلُ والحرفُ، فلا يقعُ كلٌّ منهما فاعلا.
(3) قوله: (المرفوعُ):
-إمَّا لفظًا، كـ(زيدٌ)من: (قام زيد).
- وإمَّا مرفوعٌ تقديرًا، كـ(الفتى) من: (جاءَ الفتى).
-أو مرفوعًا محلاًّ،كسيبويهِ من قولِكَ: (جاءَ سيبويهِ).
وخرج بذلك المنصوبُ والمجرورُ، ولا يردُ علينا:
-جرُّهُ بِمنْ الزّائدةِ، كما في قولِهِ تعالى: {ما جاءَنَا من بشيرٍ ولا نذيرٍ}.
-ولا يردُ جرُّهُ بالمصدرِ، كما في قولِهِ تعالى: {ولولا دفعُ اللهِ النَّاسَ}.
-ولا يردُ جرُّهُ باسمِ المصدرِ، كما في قولِهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: ((من قُبلةِ الرّجلِ امرأتَهُ الوضوءُ)).
(4) قوله: (المذكورُ قبلَهُ فعلُهُ): خرج بذلك المبتدأُ، فإنَّه لم يُذكرْ قبلَهُ عاملُهُ اللفظيُّ.
(5) قوله: (على قسمين ظاهرٍ ومضمرٍ): يصحّ في ظاهرٍ ومضمرٍ الرَّفعُ والنّصبُ والجرُّ.
قوله: (فالظَّاهرُ نحوُ قولِكَ) إلخ.
وحاصلُ ما ذكره من أقسامِ المذكّرِ خمسةٌ:
-المفردُ المذكّرُ.
-مثنَّى المذكَّرُ.
-الجمع المذكر.
-الجمعُ المكسَّرُ.
-المضافُ لياءِ المتكلِّمِ.
-والعاملُ الماضي أو المضارعُ.
فتكونُ عشرةً، ومثلُهَا في المؤنّثِ.
وعلى كلِّ حالٍ إمَّا أن يكونَ الفاعلُ معرفةً أو نكرةً، فجملةُ الصّورِ أربعون ولا يخفى على الحاذقِ التَّمثيلُ.
(6) قوله: (والمضمرُ اثنا عشرَ):
اثنانِ للمتكلِّمِ وخمسةٌ للحاضرِ وهي:
- المفردُ المخاطبُ.
- والمفردةُ المخاطبةُ.
- والمثنَّى المخاطبُ.
- وجمعُ المذكَّرِ المخاطبُ.
-وجمعُ المؤنَّثِ المخاطبُ.
وخمسةٌ للغائبِ وهي:
-المفردُ الغائبُ.
-والمفردةُ الغائبةُ.
- والمثنَّى الغائبُ.
-وجمعُ المذكّرِ الغائبُ.
-وجمعُ المؤنّثِ الغائبُ.
ولا يخفى عليك إعرابُهَا وأمثلتُهَا).
شرح الآجرومية للشيخ: حسن بن علي الكفراوي
قال الشيخ حسن بن علي الكفراوي الأزهري الشافعي (ت: 1202هـ): (ولَمَّا ذَكَرَ هذه المرفوعاتِ إجمالاً أخَذَ يَتَكَلَّمُ عليها تفصيلاً علَى سبيلِ اللَّفِّ والنشْرِ الْمُرَتَّبِ فقالَ:
بابُ الفاعلِ (1) وإعرابُه: كما تَقَدَّمَ. (الفاعلُ): مبتدأٌ مرفوعٌ بالابتداءِ. (هو): ضميرُ فَصْلٍ -علَى الأَصَحِّ- لاَ مَحَلَّ لَهُ مِن الإعْرَابِ. (الاسمُ): خبرُ المبتدأِ مَرفوعٌ بالمبتدأِ. (المرفوعُ): نعتٌ لـ الاسمُ، ونعتُ المرفوعِ مرفوعٌ. (المذكورُ): نعتٌ ثانٍ لـ الاسمُ، ونعتُ المرفوعِ مرفوعٌ. (قبلَه): ظرْفُ مكانٍ مَنصوبٌ علَى الظرفيَّةِ بـ المذكورُ، وقبلَ: مضافٌ. والهاءُ: مُضافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ علَى الضَّمِّ في مَحَلِّ جَرٍّ. والمذكورُ: اسمُ مفعولٍ، وقولُه: (فعلُه): نائبُ فاعلِه مرفوعٌ بالضَّمَّةِ، وفِعْلُ: مضافٌ، والهاءُ: مُضافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ علَى الضَّمِّ في مَحَلِّ جَرٍّ.
يَعْنِي:أنَّ الفاعلَ في اصطلاحِ النُّحاةِ هو الاسمُ المرفوعُ الذي ذُكِرَ قبلَه فعلُه.
فقولُه: الاسمُ جنسٌ مُتناوِلٌ لجميعِ الأسماءِ، ومُخْرِجٌ للحرفِ والفعلِ؛ فلا يكونُ كلٌّ منهما فاعلاً. وقولُه:المرفوعُ
مُخْرِجٌ للمنصوبِ والمجرورِ بالإضافةِ أو بحرفِ الجرِّ الأصليِّ؛ فلا
يكونُ كلٌّ منهما فاعلاً إلا علَى لغةٍ قليلةٍ، فإنه يَجوزُ نَصْبُ الفاعلِ
ورَفْعُ المفعولِ عندَ تمييزِهما، نحوُ: (خَرَقَ الثوبُ الْمِسْمَارَ): برفْعِ الثوبِ علَى المفعوليَّةِ. ونَصْبِ
المسمارِ علَى الفاعلِيَّةِ؛ إذ مِن المعلومِ أنَّ الْمِسمارَ هو الخارقُ
فهو الفاعلُ، وإن كان منصوبًا، والثوبَ هو المخروقُ فهو المفعولُ، وإنْ كان
مَرفوعًا، فإنْ لم يَتَمَيَّزْ تَعَيَّنَ رفعُ الفاعلِ ونَصْبُ المفعولِ،
نحوُ: (ضَرَبَ زيدٌ عَمْرًا)؛ إذ لا يُعْرَفُ الفاعلُ مِن المفعولِ إلا
برَفْعِ الأوَّلِ ونَصْبِ الثاني. وقولُنا: بحرفِ جرٍّ أصليٍّ، مُخْرِجٌ لحرفِ الجرِّ الزائدِ، فيَجوزُ جَرُّ الفاعلِ به، نحوُ: {مَا جَاءنَا مِنْ بَشِيرٍ} وإعرابُه:
ما: نافيةٌ.
جاءَ:فعلٌ ماضٍ. ونا: مفعولٌ به مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في محلِّ نصبٍ. ومِن: حرفُ جرٍّ زائدٌ. وبَشيرٌ: فاعلُ جاءَ مرفوعٌ بضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ علَى آخِرِه مَنَعَ مِن ظُهورِها اشتغالُ المَحَلِّ بحركةِ حرفِ الجرِّ الزائدِ. وقولُه:
المذكورُ قبلَه فعلُه، مُخْرِجٌ لِمَا عدا الفاعلَ مِن المرفوعاتِ، ولا
يقالُ: دَخَلَ فيه نائبُ الفاعلِ؛ لأنه لم يُذْكَرْ قبلَه فِعْلُه؛ لأن
الذي يذْكَرُ معه إنما هو فِعْلُ فاعلِه الذي نابَ عنه لا فعلُه هو.
ودَخَلَ في قولِه الاسمُ الصريحُ، نحوُ: (قامَ زيدٌ)، وإعرابُه:
قامَ:فعلٌ ماضٍ.
وزيدٌ:فاعِلٌ مرْفُوعٌ بالضَّمَّةِ. والْمُؤَوَّلُ بالصريحِ، نحوُ: (يُعْجِبُني أنْ تقومَ)، وإعرابُه: يُعْجِبُ:فعلٌ مضارِعٌ مَرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ. والنونُ: للوِقايةِ. والياءُ: مَفعولٌ به مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في مَحَلِّ نصبٍ. وأنْ: حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ ونَصْبٍ. ويَقومَ:فعلٌ مضارِعٌ مَنْصوبٌ بـ أنْ وعلامةُ نَصْبِه الفتحةُ الظاهرةُ. والفاعلُ مُسْتَتِرٌ وُجوبًا تقديرُه أنت. وأنْ وما بعدَها في تأويلِ مَصْدَرٍ فاعلُ يُعْجِبُ، والتقديرُ: يُعْجِبُني قِيامُك. فكلٌّ
مِن زيدٌوقِيامٌ فاعلٌ؛ لأنه اسمٌ مرفوعٌ مَذكورٌ قَبْلَه فعلُه وهو قامَ
في: (قامَ زيدٌ)، ويُعْجِبُ في: (يُعْجِبُني أنْ تقومَ). (2) (وهو): الواوُ للاسْتِئنافِ. هو: ضميرٌ مُنْفَصِلٌ مبتدأٌ مَبْنِيٌّ علَى الفتحِ في مَحَلِّ رَفْعٍ. (علَى قِسمينِ): علَى: حرفُ جرٍّ. وقِسمينِ:
مجرورٌ بـ علَى وعلامةُ جَرِّه الياءُ المفتوحُ ما قَبْلَها والمكسورُ ما
بعدَها لأنه مُثَنًّى، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرِ
المبتدأِ. (ظاهرٍ):
بالْجَرِّ بَدَلٌ مِن قِسمينِ، وبَدَلُ المجرورِ مجرورٌ، وعلامةُ جَرِّهِ
الكسرةُ الظاهرةُ، وبالرفْعِ خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ تقديرُه: أحدُهما ظاهرٌ،
وإعرابُه: أَحَدُ:مبتدأٌ مرفوعٌ بالابتداءِ.وأحدُ:مضافٌ. والهاءُ: مُضافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ علَى الضَّمِّ في مَحَلّ جَرٍّ. والميمُ: حرفُ عِمادٍ. والألِفُ: حَرْفٌ دالٌّ علَى التثنيةِ.وظاهِرٌ:خبرُ المبتدأِ مَرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ. (ومُضْمَرٍ): بالْجَرِّ معطوفٌ علَى ظاهرٍ، وبالرفْعِ: خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ تقديرُه: وثانيهما مُضْمَرٌ، وإعرابُه: الواوُ: حرفُ عطفٍ. وثاني: مبتدأٌ مرفوعٌ بضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ علَى الياءِ مَنَعَ مِن ظُهورِها الثِّقَلُ. وثاني: مضافٌ. والهاءُ: مُضافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ علَى الكسرِ في مَحَلِّ جَرٍّ. والميمُ: حرفُ عمادٍ. والألفُ: حرفٌ دالٌّ علَى التثنيةِ. ومُضْمَرٌ: خبرُ المبتدأِ مَرفوعٌ بالضَّمَّةِ. يعني: أنَّ الاسمَ الواقعَ فاعلاً يَنْقَسِمُ قِسمينِ: قِسمٌ ظاهرٌ:وهو ما دَلَّ علَى مُسَمَّاهُ بلا قَيْدٍ. ومُضْمَرٌ: وهو ما دَلَّ علَى مُسَمَّاه بقَيْدِ تَكَلُّمٍ ونحوِه. ثم مَثَّلَ لكلٍّ منهما مُقَدِّمًا الظاهرَ علَى سبيلِ اللَّفِّ والنشْرِ الْمُرَتَّبِ، مُنَوِّعًا للأمْثِلَةِ بقولِه: (3)(فالظاهرُ): الفاءُ: فاءُ الفصيحةِ. الظاهرُ:مبتدأٌ مرفوعٌ بالابتداءِ، وَعَلامةُ رفْعِه ضمَّةٌ ظاهِرةٌ في آخِرِه. (نحوُ): خبرُ المبتدأِ مَرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ. ونحوُ: مضافٌ. و (قولِك): مُضافٌ إليهِ مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ. وقولِ: مضافٌ. والكافُ: مُضافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ علَى الفتحِ في مَحَلِّ جَرٍّ. و (قامَ): فعلٌ ماضٍ. و (زيدٌ):
فاعِلٌ مرْفُوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ، وهذا مِثالٌ للفاعلِ المفرَدِ
الْمُذَكَّرِ مع الماضي. (ويقومُ): الواوُ: حرفُ عطفٍ، يقومُ: فعلٌ مضارِعٌ
مَرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ. (زيدٌ): فاعِلٌ مرْفُوعٌ بالضمَّةِ
الظاهِرَةِ، وهذا مثالٌ له مع المضارِعِ. (وقامَ الزيدانِ):الواوُ: حرفُ عطفٍ. قامَ: فعلٌ ماضٍ. والزيدانِ: فاعِلٌ مرْفُوعٌ بالألِفِ نيابةً عن الضمَّةِ لأنه مُثَنًّى. والنونُ: عِوَضٌ عن التنوينِ في الاسمِ المُفْرَدِ، وهذا مثالُ الفاعلِ الْمُثَنَّى الْمُذَكَّرِ مع الماضي. (ويقومُ):الواوُ: حرفُ عطفٍ.يقومُ: فعلٌ مضارِعٌ مَرفوعٌ بالضَّمَّةِ الظاهرةِ. و (الزيدانِ): فاعِلٌ مرْفُوعٌ بالألِفِ نيابةً عن الضمَّةِ لأنه مُثَنًّى، وهذا مِثالٌ له مع المضارِعِ. (وقام):الواوُ: حرفُ عطفٍ. قامَ: فعلٌ ماضٍ. و (الزيدونَ):
فاعِلٌ مرْفُوعٌ بالواوِ نيابةً عن الضمَّةِ؛ لأنه جمعُ مُذَكَّرٍ
سالِمٌ.والنونُ: عِوَضٌ عن التنوينِ في الاسمِ المُفْرَدِ، وهذا مثالٌ
للفاعلِ المذَكَّرِ المجموعِ جَمْعَ تصحيحٍ مع الماضي. (ويقومُ): الواوُ: حرفُ عطفٍ. يقومُ: فعلٌ مضارِعٌ مَرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ. و (الزيدون): فاعِلٌ مرْفُوعٌ بالواوِ نيابةً عن الضمَّةِ؛ لأنه جمعُ مُذَكَّرٍ سالِمٌ، وهذا مثالٌ له مع المضارِعِ. (وقامَ):الواوُ: حرفُ عطفٍ. قامَ: فعلٌ ماضٍ. و (الرجالُ): فاعِلٌ مرْفُوعٌ بالضَّمَّةِ، وهذا مثالٌ لِجَمْعِ التكسيرِ المذَكَّرِ مع الماضي. (ويقومُ):الواوُ: حرفُ عطفٍ. يقومُ: فعلٌ مضارِعٌ مَرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ. و (الرجالُ): فاعِلٌ مرْفُوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ، وهذا مِثالٌ له مع المضارِعِ. (وقامتْ): الواوُ: حرفُ عطفٍ. قامَ: فعلٌ ماضٍ. والتاءُ: علامةُ التأنيثِ. و (هندُ): فاعِلٌ مرْفُوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ، وهذا مثالٌ للفاعلِ المفرَدِ المُؤَنَّثِ مع الماضي. (وتقومُ):الواوُ: حرفُ عطفٍ. تقومُ: فعلٌ مضارِعٌ مَرفوعٌ بالضَّمَّةِ. و (هندُ): فاعِلٌ مرْفُوعٌ بالضَّمَّةِ، وهذا مِثالٌ له مع المضارِعِ. (وقامتْ):الواوُ:حرفُ عطفٍ. قامَ:فعلٌ ماضٍ. والتاءُ: علامةُ التأنيثِ، وحُرِّكَ بالكسرِ لالتقاءِ الساكنَيْنِ. و (الهندانِ): فاعِلٌ مرْفُوعٌ بالألِفِ نيابةً عن الضمَّةِ؛ لأنه مُثَنًّى، وهذا مِثالٌ للفاعلِ المُؤَنَّثِ الْمُثَنَّى مع الماضي. (وتقومُ): الواوُ: حرفُ عطفٍ. تقومُ: فعلٌ مضارِعٌ مَرفوعٌ بالضَّمَّةِ. (الهندانِ): فاعِلٌ مرْفُوعٌ بالألِفِ نيابةً عن الضمَّةِ لأنه مُثَنًّى، وهذا مثالٌ له مع المضارِعِ. (وقامتِ):الواوُ: حرفُ عطفٍ. قامَ:فعلٌ ماضٍ. والتاءُ: علامةُ التأنيثِ، وحُرِّكَتْ بالكسرِ لالتقاءِ الساكنَيْنِ. و (الهنداتُ): فاعِلٌ مرْفُوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ، وهذا مِثالٌ للفاعلِ المُؤَنَّثِ المجموعِ جَمْعَ تصحيحٍ مع الماضي. (وتقومُ): الواوُ: حرفُ عطفٍ. تقومُ: فعلٌ مضارِعٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ).
شرح الآجرومية للدكتور: محمد بن خالد الفاضل (مفرغ)
القارئ:
(باب الفاعل: الفاعل هو الاسم المرفوع المذكور قبله فعله، وهو على قسمين:
ظاهر ومضمر، فالظاهر نحو قولك: (قام زيد) و(يقوم زيد) و(قام الزيدان)
و(يقوم الزيدان) و(قام الزيدون) و(يقوم الزيدون) و(قام الرجال) و(يقوم
الرجال) و(قامت هند) و(تقوم هند) و(قامت الهندان) و(تقوم الهندان) و(قامت
الهندات) و(تقوم الهندات) و(تقوم الهنود) و(قام أخوك) و(يقوم أخوك) و(قام غلامي) و(يقوم غلامي) وما أشبه ذلك.
والمضمر
اثنا عشر نحو قولك: (ضربتُ) و(ضربنا) و(ضربْتَ) و(ضربْتِ) و(ضربتما)
و(ضربتم) و(ضربتن) و(ضرب( و(ضربَتْ) و(ضربا) و(ضربوا) و(ضربن) ).
قال الدكتور محمد بن خالد الفاضل: (عرف الفاعل ثم انتقل إلى التمثيل له بأمثلة طويلة، ومغزاه من هذه الأمثلة الطويلة: أن يبين لك أن الفاعل:
-سواء سبق بفعل ماض أو فعل مضارع.
- أو سواء كان معرباً بالحروف أو كان معرباً بالحركات.
- وسواء كان مفرداً أو مثنى أو جمعاً.
- وسواء كان جمع تكسير أو جمع مذكر سالم أو جمع مؤنث سالم.
فأتى
بـ (أو) من الأسماء الخمسة أو الستة، أتى بمجموعة أمثلة؛ لكي يبين لك تنوع
الفاعل وأنه مهما كان من هذه الأنواع فإنه يعد فاعلاً ويدخل فيه.
قال: (الفاعل هو الاسم المرفوع المذكور قبله فعله).
كلمة (الاسم) ماذا يريد أن يخرج بها؟
يريد أن يخرج بها الحرف والفعل،فإن (الفاعل) لا يمكن أن يكون فعلاً، ولا يمكن أن يكون حرفاً، وإنما لابد فيه أن يكون اسماً.
كذلك كلمة (اسم) تشمل:
-ما كان اسماً صريحاً.
- وما كان اسماً مؤولاً.
الاسم الصريح واضح، مثل: (جاء محمدٌ) و(قام عليٌّ) وغيرها من الأسماء الصريحة.
الاسم المؤول يراد به: ما كان مصدراً منسبكاً من حرف مصدري وفعل، يعني في قوله تعالى: {أو لم يكفهم أنا أنزلنا} الفعل (يكفهم) أين فاعله؟ المصدر المؤول من (أن) وما دخلت عليه في محل رفع فاعل لـ(يكفهم)، تقديره ماذا؟: أو لم يكفهم إنزالنا.
وكما إذا قلت مثلاً: (أعجبني ما صنعت) وأردت بها المصدرية فإن التقدير حينئذٍ: أعجبني صنيعك أو صنعك، (سرني أن اجتهدت) تقديره: سرني اجتهادك.
فإذاً الفاعل يراد به الاسم سواء كان.
-اسماً صريحاً مثل: (محمد) و(علي) و(خالد) و(كتاب) و (قلم) ونحو ذلك، أو كان:
-اسماً مؤولاً ويراد به الفعل إذا دخل عليه حرف مصدري وأول هو وهذا الفعل بفاعل، أو وقع في محل يكون فيه فاعلاً؛ فإن المصدر المنسبك أو المصدر المؤول منهما معاً يعرب فاعلاً مرفوعاً.
طبعاً كلمة (المرفوع) يريد به: أن الفاعل من أبرز أحكامه وأشهرها الرفع، فلا يكون الفاعل مجروراً ولا يكون منصوباً، وإنما لابد فيه أن يكون مرفوعاً.
سواء كان مرفوعاً بحركة، أو كان مرفوعاً بحرف.
أو كان مرفوعاً بضمة ظاهرة، أو كان مرفوعاً بضمة مقدرة.
وسواء كانت مقدرة:
-للثقل.
- أو للتعذر.
-أو للمناسبة.
أو غير ذلك، المهم أنه لابد أن يكون مرفوعاً مهما كان نوع هذا الرفع.
وقوله: (المذكور قبله فعله) ما المراد بها؟ المراد بها: أن الفاعل لابد أن يتقدم فعله عليه: ولا يصح بحال من الأحوال أن يتقدم الفاعل، وهذا هو المشهور من رأي الجمهور، وإن كان هناك من العلماء من يجيز تقدم الفاعل، فمحمد في قولك: (محمد قام) ماذا تعرب؟
تعرب: مبتدأ،
و(قام): خبر،
وفاعله: ضمير مستتر تقديره (هو)،
وإن كان (محمد) هو الفاعل في المعنى فلا يصح أن تقول: (محمد): فاعل مقدم، و(قام): فعل مؤخر، فالفاعل من أحكامه الأساسية الرئيسية أنه يجب أن يتأخر عن فعله.
وكلمة (فعل) هذه ليست على إطلاقها، وهي تشمل العامل في الفاعل، سواء:
- كان فعلاً.
- أو كان مما يجري مجرى الفعل.
ويراد به: اسم الفاعل، فاسم الفاعل يرفع فاعلاً، وغيره من الأشياء التي قد ترفع فاعلاً.
إذاً فكلمة (فعله) أطلقت ويراد بها ما كان فعلاً حقيقياً أو كان جارياً مجرى الفعل مما يرفع فاعلاً كاسم الفاعل والمصدر وغيره من الأشياء.
هذا التعريف الذي ذكره المؤلف نحن نقف عنده، وإلا فهناك تعريفات كثيرة وردت في كتب النحو، لكن هذا التعريف الذي ذكره المؤلف تعريف إذا أوضح بهذه الصورة فإنه يكون شاملاً، إذا أدخلت في (الاسم) الاسم الصريح والمؤول، وإذا أدخلت في (الفعل) الفعل وما جرى مجراه من الأشياء التي تعمل عمله فإنه يكون تعريفاً مقبولاً، وإلا فإن هناك تعريفات أخرى لـ(ابن هشام) في (شرح القطر) وله في (أوضح المسالك) ولغيره من العلماء تعريفات لا بأس بها.
(وهو على قسمين):
أي أن الفاعل على قسمين:
- فيكون اسماً ظاهراً.
- ويكون اسماً مضمراً (أو ضميراً).
فالاسم الظاهر مثل له المؤلف بعدة أمثلة:
(قام زيد)أراد بها: الاسم المفرد المعرب بالحركات الظاهرة، والذي سبقه فعل ماض.
(يقوم زيد)أراد به: ما سبقه فعل مضارع.
(قام الزيدان) أراد به: ما كان معرباً بالحركات، وهو مثنى مرفوع بالألف وسبق بالماضي.
(يقوم الزيدان)كذلك، إلا أنه سبق بالمضارع.
(قام الزيدون): الفاعل جمع مذكر سالم مرفوع بالواو، وسبق بماضي.
(يقوم الزيدون)كذلك، إلا أنه سبق بالفعل المضارع.
(قام الرجال): (الرجال): فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة؛ لأنه جمع تكسير، وقد سبق بفعل ماض.
و(يقوم الرجال) مثله، إلا أنه سبق بفعل مضارع.
و(قامت هند): الفاعل هنا مفرد مؤنث، وسبق بالفعل الماضي.
و(تقوم هند) كذلك، وسبق بفعل مضارع.
و(قامت الهندان): مثنى مؤنث سبق بالماضي.
و(تقوم الهندان): مثنى مؤنث سبق بالمضارع.
و(قامت الهندات): جمع مؤنث سالم سبق بالماضي.
و(تقوم الهندات): جمع مؤنث سالم مرفوع بالضمة، وسبق بالمضارع.
و(تقوم الهنود)(الهنود) جاء به؛ ليبين لك أن جمع التكسير سواء:
-كان مذكراً مثل: (قام الرجال) الذي مثل به.
-أو كان لمؤنث مثل: (قامت الهنود) و(تقوم الهنود) وهو جمع لهند المؤنثة.
و(قام أخوك) أراد به ما كان الفاعل من الأسماء الستة، معرب بالحركات مرفوع بالواو.
و(يقوم أخوك) كذلك، ماضي ومضارع.
و(قام غلامي) أراد به ما كان مرفوعاً بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، ومثله: (يقوم غلامي) وما أشبه ذلك.
مثل: (قام الفتى) ما كان الضمة مقدرة للتعذر.
و(قام القاضي) ما كانت الضمة مقدرة للثقل.
فهذه الأمثلة التي نوعها المؤلف جاء بها مطولة، وإلا فإنها كلها أمور معروفة: أن الفاعل سواء كان مفرداً أو مثنى أو جمعاً سواء عرب بالحركات أو الحروف، وسواء سبق بفعل ماض أو فعل مضارع.
لماذا لم يأت في الأمثلة السابقة كلها بفعل أمر؟ وإنما حصر التمثيل في الماضي والمضارع فقط
الجواب:
لأنه هنا يتحدث عن الفاعل الظاهر فقال: (فالفاعل الظاهر نحو..) كذا، ومثل له بالماضي والمضارع.
ولم يمثل بالأمر لأن فاعل فعل الأمر:
- إماأن يكون ضميراً مستتراً وجوباً إذا كان للواحد مثل: (اكتب) أي: أنت.
-أو أن يكون ضميراً لكنه من الضمائر الظاهرة المتصلة: (اكتبا)، (اكتبوا)، (اكتبن).
لكن فاعل فعل الأمر لا يكون اسماً ظاهراً.
والمضمر اثنا عشر: يعني سيأتي بضمائر الرفع الآن، جاء بالفاعل إذا كان اسماً ظاهراً، وسيأتي بالفاعل إذا كان ضميراً.
الضمائر أنواع:
- منها: ضمائر رفع.
- ومنها:ضمائر نصب.
- ومنها: ضمائر جر.
وهي أيضاً تكون ضمائر متصلة وضمائر منفصلة.
الضمائر المتصلة ما تعريفها؟
لو أردت أن تفرق بين الضمير المتصل والمنفصل؛ما الفرق بينهما؟
الضمير المتصل: هو الذي لا يمكن البدء به ولا يمكن وقوعه بعد (إلا) إلا في ضرورة الشعر، هذه لا علاقة لنا بها هنا.
والضمير المنفصل هو: ما يجوز أن يبتدأ به، تقول:(أنت مجتهد)، وقع مبتدأ وابتدأ به، ويصح وقوعه بعد (إلا): (ما قام إلا أنت)، هذا هو العلامة البارزة الظاهرة للتفريق بين الضمير المتصل والمنفصل: أن الضمائر المتصلة لا يبدأ بها ولا يصح أن تقع بعد (إلا)، وأن الضمائر المنفصلة هي التي يصح الابتداء بها ويصح وقوعها بعد (إلا).
وهذا الكلام ليس هو العلامة الوحيدة، قد يكون هناك علامات أخرى تدلك على التفريق بين الضمير المتصل والمنفصل، لكن هذه العلامة كافية للتفريق بينهما.
ما الذي يصلح من أنواع الضمائر لكي يكون فاعلاً؟
الضمائر التي يصح أن تكون فاعلاً هي ضمائر الرفع؛ لأن لو قلت: الضمير المتصل عموماً، فالضمير المتصل فيه ضمائر نصب لا تقع فاعلاً وإنما تقع مفعولاً، وفيه ضمائر جر، لا تقع فاعلاً وإنما تقع مجرورة بحرف الجر أو بالإضافة.
فالضمائر التي يصح أن تقع فاعلاً هي ضمائر الرفع، سواء كانت متصلة أم منفصلة.
لماذا سميت بضمائر رفع؟
لأنها تكون مرفوعة، ما دامت يصح أن تكون مرفوعة إذاً يصح أن تكون فاعلاً.
ضمائر النصب لا يصح أن تكون فاعلاً لأننا اشترطنا في الفاعل أن يكون مرفوعاً.
وضمائر الجر لا يصح أن تكون فاعلاً؛ لأن أول شرط في الفاعل أن يكون مرفوعاً، فضمائر الرفع سواء كانت متصلة -كما مثل المؤلف- أو كانت منفصلة كما سنمثل مما تركه المؤلف.
يقول: (والمضمر الذي يقع فاعلاً اثنا عشر):
لماذا كانت اثني عشر ضميراً؟
الضمائر صارت اثني عشر كما سترون في التمثيل الآن لأن:
-اثنين للمتكلم، ولو حاولت أن تأتي للمتكلم بأكثر من ضميرين ما استطعت.
- وخمسة للمخاطب، ولو حاولت أن تأتي بأكثر من خمسة ما استطعت.
- وخمسة للغائب، فأصبح المجموع اثني عشر.
والمضمر اثنا عشر:
نحو قولك: (ضربت) و(ضربنا)، هذان اثنان للمتكلم؛ المتكلم المفرد أو المتكلم الجمع (أنا) (نحن) (ضربت) (ضربنا)، إذاً اثنان للمتكلم، سواء كان مفرداً أو جمعاً أو المفرد المعظِّم نفسه؛ لأنه يستخدم كلمة (نحن) ويستخدم كلمة (نا).
و(ضربتَ) و(ضربتِ) و(ضربتما) و(ضربتم) و(ضربتن) هذه خمسة للمخاطب.
و(ضرب).
أي هو، مستتر، و(ضربتْ) أي: هي، مستتر، و(ضربا) ألف الاثنين، و(ضربوا) واو الجماعة، و(ضربنَ) نون النسوة، هذه خمسة للغائب، فأصبحت الآن (ضمائر الرفع المتصلة التي تقع فاعلاً) اثني عشر ضميراً؛ اثنان للمتكلم، وخمسة للمخاطب، وخمسة للغائب.
إذا جئت تعرب كلمة
)ضرب (تقول: ضرب فعل ماض وفاعله ضمير مستتر تقديره (هو)، فإذا جئت تعرب (ضربَتْ) ماذا تقول؟ (ضربَتْ)كيف تقول في إعرابها؟
فعل ماض والفاعل ضمير مستتر، والتاء هذه تاء (التأنيث الساكنة) حرف لا محل لها من الإعراب، التاء التي تقع فاعلاً هي تاء الضمير المتكلم أو المخاطب: (ضربتُ)، (ضربتَ)، (ضربتِ)، هذه التي تقع فاعلاً: ضمير الرفع المتحرك.
أما تاء التأنيث الساكنة فهي حرف لا محل لها من الإعراب ولا يصح بحال من الأحوال أن تعرب فاعلاً، فإذاً ضرب فاعله مستتر، و(ضربتْ) فاعله مستتر، و(ضربا) فاعله أين هو؟ ألف الاثنين.
(ضربوا) واو الجماعة.
(ضربن) نون النسوة.
المخاطب؛ الفاعل معه ظاهر في الحالات الخمس: (ضربتَ)، و(ضربتِ)، و(ضربتما) و(ضربتم) و(ضربتن).
أما الغائب فالفاعل مستتر في المفرد المذكر والمؤنث، وظاهر في الثلاثة الباقية المثنى والجمع بنوعيه.
هذه ضمائر الرفع المتصلة التي تقع فاعلاً وهي اثنا عشر ضميراً، وهي التي مثل لها المؤلف.
ضمائر الرفع المنفصلة لم يمثل لها المؤلف.
هل لأنها لا يصح أن تقع فاعلاً؟ أو أنه تركها استغناءً؛ بأنها واضحة، مع أنها يصح أن تقع فاعلاً.
من يعطيني مثالاً لضمائر الرفع المنفصلة وهي واقعة فاعلاً؟
طبعاً ضمائر الرفع المنفصلة مثل ضمائر الرفع المتصلة في أنها اثنا عشر:
- اثنان للمتكلم.
- وخمسة للمخاطب.
- وخمسة للغائب.
(أنا) و(نحن) للمتكلم، (أنتَ) و(أنتِ) و(أنتما) و(أنتم) و(أنتن)
للمخاطب، (هو) و(هي) و(هما) و(هم) و(هن) للغائب، هذه اثنا عشر ضميراً.
أريد أن تجعلها فاعلاً في عدة أمثلة.
لابد من (إلا)، لأنه لا يصح أن تقول: (جاء نحن) و (جاء أنتم).
لأنك تستطيع أن تأتي بالضمير المتصل، فتقول:
(جئنا) و(جئتم).
والقاعدة:
أنه لا يصح ولا يحسن أن تأتي بالضمير المنفصل وهو مطول وأنت تستطيع أن تأتي بالضمير المتصل وهو مختصر، فالأولى أن تأتي بالضمير المتصل ما دمت تستطيع ذلك.
لكي تأتي بالضمير المنفصل تأتي بـ(إلا)؛ لأن المتصل لا يصح أن يقع بعد (إلا) حينئذٍ، فيتعين عليك أن تأتي بالمنفصل.
تقول: (ما قام إلا أنا)، و(ما سافر إلا نحن)، و(ما حضر إلا أنت) و(إلا أنتِ) و(إلا أنتما) و(إلا أنتم) و(إلا أنتن)، و(ما جاء إلا هو) و(ما جاء إلا هي) وما جاء إلا (هم) و (هما) و(هن).
فلكي تجعل الضمير المنفصل فاعلاً اجعله بعد (إلا).
فإذاً أصبحت الضمائر التي تقع فاعلاً أربعةً وعشرين ضميراً:
اثنا عشر متصلة:
(وهي ضمائر رفع).
واثنا عشر منفصلة:
(وهي ضمائر الرفع المنفصلة).
الأشياء التي تعمل عمل الفعل فترفع فاعلاً:
- منها: اسم الفعل مثل: (هيهات)، بمعنى بَعُدَ، تقول: هيهات (البيت المشهور):
فهيهات هيهات العقيق ومن به وهـيهـات خلٌّ بالعقيق نواصله
(هيهات العقيق)، هيهات ذلك المكان أي: بَعُدَ العقيق وبَعُد ذلك المكان.
(فهيهات)اسم فعل ماضي بمعنى بَعُد، وعمل عمل فعله ورفع الفاعل الذي هو (العقيق).
- وكذلك: اسم الفاعل -أيضاً- يعمل عمل فعله فيرفع فاعلاً، كما في مثل قولك: (أقائم الزيدان)، (أقائم الرجال)، فـ(الزيدان)، و(الزيدون) و(الرجال) فاعل مرفوع والعامل فيه اسم الفاعل المتقدم عليه وهو: (قائم).
- وكذلك: المصدر أيضاً يعمل عمل فعله فيرفع فاعلاً.
والمصدر كثيراً ما يضاف إلى فاعله، ويؤتى بعده بالمفعول، وقد يصح العكس، فيضاف المصدر إلى مفعوله، ويؤتى بعده بالفاعل مرفوعاً.
تقول مثلاً: (عجبت من شُرْب محمدٍ العسل)، أين المصدر العامل؟
المصدر العامل (شُرْب)، وقد عمل، رفع فاعله محلاً فتقول: (شُرْب) مضاف، و(العسل) مضاف إليه، أو (من شرب محمد العسل): (شرب) مضاف و(محمد) مضاف إليه مجرور لفظاً؛ لأنه مضاف إليه، ومرفوع محلاً؛ لأنه هو الفاعل؛ لأن المعنى: من أن يشرب محمد العسل، (عجبت من شرب محمد العسل) أي: عجبت من أن يشرب محمد العسل، فـ(محمد) هذا المضاف إليه، تقول في إعرابه: هو مجرور لفظاً بالإضافة، لكنه مرفوع محلاًّ على أنه هو الفاعل، و(العسل) مفعول به.
يصح لك أن تعكس فتضيف المصدر إلى مفعوله فيتأخر الفاعل حينئذٍ ليرتفع ويكون مرفوعاً، ماذا تقول؟
(عجبت من شرب العسل محمدٌ)، فتقول: (شرب) هنا مصدر عامل وهو مضاف،
(العسل): مضاف إليه مجرور لفظاً ومنصوب محلاً؛ لأنه مفعول به،
و(محمد) فاعل مرفوع متأخر للمصدر الذي هو (شُرب).
فالمصدر يعمل عمل فعله، ويصح أن يرفع الفاعل.
[ من أحكام الفاعل الأخرى ]
- أن الفاعل لا ينبغي أن يلحق عامله علامة تثنية أو جمع عند تثنيته، أي أن عامله أو فعله -وهو الأغلب- يكون مفرداً عند تثنيته وجمعه هو، إلا في تلك اللغة المشهورة التي اشتهرت تسميتها بلغة (أكلوني البراغيث).
تقول مثلاً: (قام محمدٌ) و(قام المحمدان) و(قام المحمدون)، و(قامت هند) و(قامت الهندان) و(قامت الهندات)، ترون أن الفاعل صار مفرداً وصار مثنى وصار جمعاً ومع ذلك فاعله لم تتصل به العلامة الدالة على التثنية ولا على الجمع، هذا هو الأصل، وهذا هو المشهور والفصيح.
يجوز بقلة -وليس كثيراً- أن تتصل العلامة به فيما عرف بلغة (أكلوني البراغيث) وفيما يسميه
ابن مالك بلغة: (يتعاقبون فيكم ملائكة) أخذها من الحديث: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل والنهار)) فـ(يتعاقبون فيكم ملائكة) (الملائكة) هنا هي الفاعل، ولو جاء الحديث على اللغة المشهورة لكان: يتعاقب فيكم ملائكة بدون أن تلحق الفعل علامة الجمع، لكنه جاء على اللغة الثانية، مما يدل على أنها جائزة، لكنها أقل شهرة، ورد آيتان في القرآن الكريم، تحتملان أن تكونا من هذه اللغة، وهي التي تذكر فيها علامة التثنية أو علامة الجمع مع الفعل، إذا كان الفاعل مثنى أو جموعاً: آية سورة الأنبياء وهي قوله: {وأسروا النجوى الذين ظلموا} فـ(أسروا) ظهر الفاعل الآن وجيء بواو الجماعة، والفاعل ظاهر وهو قوله تعالى: {الذين ظلموا}.
وكذلك آية أخرى وهي في سورة المائدة في قوله تعالى: {فعموا وصموا ثم عموا وصموا كثيرٌ منهم}.
وهذه الآية والتي قبلها -كما قلت- خرّجت على البدلية؛ لكي تخرج من هذا الباب.
طبعاً نحن لسنا بصدد التفصيل في هذا الموضوع وإنما محل الشاهد عندنا: أن الفاعل الأصل فيه أن يفرد وأن يوحد فعله (حتى وإن كان مثنى أو مجموعاً) وأن لا تلحق العلامة ذلك الفعل، لماذا؟
لأن العلامة لو لحقت الفعل لاجتمع عندنا ما ظاهره أنه فاعلان، إذا قلت مثلاً: (قام محمد): (قام) فعل، و(محمد) فاعل، (قام المحمدان): (المحمدان) فاعل، (قام المحمدون): (المحمدون): فاعل، فإذا قلت: (قاموا المحمدون) كيف تعرب واو الجماعة وهي ضمير؟
واو الجماعة ضمير وهي عادة تكون فاعلاً، لأنك لو عكست فقلت: (المحمدون قاموا) لصارت واو الجماعة9 فاعلاً بلا إشكال، فإذا قلت: (قاموا المحمدون) فسيجتمع عندك ما ظاهره أنه فاعلان،فماذا تقول؟ هل تقول واو الجماعة فاعل، والمحمدون فاعل آخر؟
ما يصلح هذا الكلام، فإما أن تقول: بأن واو الجماعة فاعل، وأن (المحمدون) بدل، وإما أن تقول أن واو الجماعة فاعل، وأن (المحمدون) مبتدأ مؤخر، والجملة هذه: خبر مقدم.
هذا حكم من أحكام الفاعل وهي قضية: أن الأصل والمشهور أن يُوحد الفعل مع تثنية الفاعل وجمعه.
- أيضاً من أحكامه: أن فعله يؤنث له، ويذكر بحسب حاله هو؛ فإن كان الفاعل مؤنثاً أنثت الفعل، وإن كان الفاعل مذكراً ذكَّرته.
فتقول: (قام محمد)، و(قامت هند)، (قام الرجل)، و(قامت المرأة)، وهذا التأنيث تارة يكون واجباً وتارة يكون جائزاً، وله مسائل وله مواضع كثيرة.
المهم أنه لابد أنه يراعى مسألة تأنيثه وتذكيره بالنسبة لفعله، فيذكر الفعل معه إن كان مذكراً ويؤنث الفعل معه إن كان مؤنثاً، على حسب الأحكام الواردة في ذلك والتي ورد فيها تفريق بين المؤنث الحقيقي والمؤنث المجازي.
وأن المؤنث الحقيقي إذا لم يفصل يجب فيه التأنيث، والمؤنث المجازي لا حرج في تأنيثه وتذكيره، وإن كان الأشهر فيه التأنيث.
-أيضاً من أحكامه: مسألة الترتيب بينه وبين فعله ومفعوله، وهي أن الأصل فيه أن يتقدم الفعل ثم يليه الفاعل، ثم يتأخر عنهما المفعول.
تقول: (قرأ محمد الكتاب)، هذا هو الترتيب الأصلي، وقد يعدل عن هذا الترتيب فيتقدم المفعول على الفاعل فيقال: (قرأ الكتاب محمد)، أو يتقدم المفعول حتى على الفعل والفاعل فيقال: (الكتابَ قرأه محمد) إلا أن الذي لا يجوز أبداً هو مسألة تقدم الفاعل على الفعل، هذه ممنوعة، أما مسألة التقديم والتأخير بين هذه الثلاثة -باستثناء تقدم الفاعل على فعله- فذلك أمر واسع، وتارة يكون واجباً، وتارة يكون جائزاً في مواضع أيضاً مفصلة في أماكنها).
العناصر
الفاعل
سبب البداءة بالفاعل: أن عامله لفظي
بيان معنى (الفاعل)
تعريف (الفاعل) لغة: من أوجد الفعل
تعريف (الفاعل) اصطلاحاً: هو الاسم المرفوع المذكور قبله فعله
الأشياء التي يشملها (الاسم):
الأول: الاسم الصريح نحو: (الله)
الثاني: المؤول بالصريح: وهو المصدر المنسبك من (إن) وما دخلت عليه
مثاله: (أولم يكفهم أنا أنزلنا إليك الكتاب)
أقسام (الفاعل)
القسم الأول: الفاعل الظاهر
أنواع الفاعل الظاهر:
النوع الأول: الاسم المفرد
النوع الثاني: جمع التكسير
النوع الثالث: الجمع السالم
النوع الرابع: الأسماء الخمسة
النوع الخامس: المثنى
صور الفاعل الظاهر:
الصورة الأولى: أن يكون عاملها ماضيا أو مضارعا
الصورة الثانية: أن يكون نكرة أو معرفة
الصورة الثالثة: أن يكون لمذكر أو لمؤنث
فائدة: يتحصل من مجموع هذه الأنواع الخمسة أربعون صورة
القسم الثاني: الفاعل المضمر
أنواع الفاعل المضمر:
النوع الأول: ضمير الرفع
النوع الثاني: ضمير النصب
النوع الثالث: ضمير الخفض
أقسام الضمائر باعتبار الاتصال والانفصال
القسم الأول: الضمائر المتصلة
بيان معنى (الضمائر المتصلة): هي ما لا يبتدأ به الكلام ولا يقع بعد (إلا) في حالة الاختيار
عدد الضمائر المتصلة اثنا عشر ضميراً
ضميران للمتكلم: نحو: (ضربتُ) و(ضربنا)
خمسة ضمائر للمخاطب: نحو: (ضربتَ) و(ضربتِ) و(ضربتُما) و(ضربتُم) و(ضربتُن)
خمسة ضمائر للغائب: نحو: (ضربَ) و(ضربَت) و(ضربا) (وضربتا) و(ضربوا)
القسم الثاني: الضمائر المنفصلة
بيان معنى (الضمائر المنفصلة): ما يبتدأ به الكلام ويقع بعد إلا في حالة الاختيار
عدد الضمائر المنفصلة اثنا عشر ضميراً
ضميران للمتكلم: (أنا) و(نحن)
خمسة ضمائر للمخاطب: (أنتَ) و(أنتِ) و(أنتما) و(أنتم) و(أنتن)
خمسة ضمائر للغائب: (هو)، و(هي)، و(هما)، و(هم)، و(هن)
أقسام الضمائر باعتبار الظهور والاستتار:
القسم الأول: ضمير ظاهر، وهو: ما له صورة في اللفظ
القسم الثاني: ضمير مستتر وهو: ما ليس له صورة في اللفظ
أنواع الضمير المستتر
النوع الأول: جائز الاستتار
ضابطه: ما يحل الظاهر محله
النوع الثاني: واجب الاستتار
ضابطه: ما لا يحل الظاهر محله
فائدة: مجموع الضمائر التي تكون فاعلا أربعة وعشرون ضميراً
أحكام الفاعل، منها:
الحكم الأول: وجوب تأخر الفاعل عن عامله
الحكم الثاني: لا يلزم أن يكون عامله فعلا
الأشياء التي تعمل عمل الفعل:
الأول: اسم الفعل نحو: هيهات
مثاله: (فهيهات هيهات العقيق ومن به وهيهات خلٌّ بالعقيق نواصله)
الثاني: اسم الفاعل نحو: قائم
مثاله: (أقائمٌ الزيدان)
الثالث: المصدر
مثاله: (عجبت من شربِ محمدٍ العسلَ)
فائدة: يجوز إضافة المصدر إلى مفعوله
مثاله: (عجبت من شربِ العسل محمدٌ)
الحكم الثالث: الأصل أن يوحد الفعل مع تثنية الفاعل وجمعه
فائدة: يجوز أن تظهر علامة التثنية أو الجمع على الفاعل في لغة قليلة تسمى لغة (أكلوني البراغيث)
آيات في القرآن الكريم تحتمل أن تكون من هذه اللغة:
1- قوله تعالى: (وأسروا النجوى الذين ظلموا)
2- قوله تعالى: (فعموا وصموا ثم عموا وصموا كثير منهم)
الحكم الرابع: تذكير الفعل أو تأنيثه حسب حال الفاعل
مثاله: (قام محمدٌ) (قامت هندُ)
فائدة: المؤنث الحقيقي يجب فيه التأنيث إن لم يفصل والمجازي يجوز فيه الأمران والأشهر التأنيث
الحكم الخامس: الأصل أن يتقدم الفعل ثم الفاعل ثم المفعول
مثاله: (قرأ محمدٌ الكتابَ)
الصور الجائزة في الترتيب بين الفعل والفاعل والمفعول
الصورة الأولى: يجوز تقدم المفعول على الفاعل
مثاله: (قرأ الكتابَ محمدٌ)
الصورة الثانية: قد يتقدم المفعول على الفعل والفاعل
مثاله: (الكتابَ قرأ محمدٌ)
فائدة: هذه الصور تكون واجبة أحياناً وجائزة أحياناً
تنبيه: لا يجوز تقديم الفاعل على الفعل أبدا
الأسئلة
س1: عدد أنواع المرفوعات مع التمثيل لكل نوعٍ بمثال .
س2: عدد أنواع التوابع مع التمثيل لكل نوعٍ بمثال .
س3: ما سبب بدء المصنف بالفاعل .
س4: عرف (الفاعل) لغة واصطلاحاً مع شرح التعريف الاصطلاحي .
س5: عدد أنواع الفاعل الظاهر مع التمثيل .
س6: للفاعل الظاهر ثلاث صور ، اذكرها .
س7: اذكر أنواع الفاعل المضمر .
س8: عدد الضمائر المتصلة والمنفصلة .
س9: ما الفرق بين الضمير الظاهر والمستتر .
س10: هل يلزم أن يكون عامل الفاعل فعلاً .
س11: عدد العوامل التي ترفع الفاعل مع التمثيل .
س12: ما المراد بلغة (أكلوني البراغيث) .
س13: عدد خمسة من أحكام الفاعل، مع التوضيح .
س14: عدد الصور الجائزة في الترتيب بين الفاعل والفعل والمفعول .
س15: هل يجوز تقديم الفاعل على الفعل ، ولماذا .