الدروس
course cover
1- ما ينصب بنفسه (أن، لن، إذن، كي)
3 Nov 2008
3 Nov 2008

32977

0

0

course cover
الآجرومية

القسم الثاني

1- ما ينصب بنفسه (أن، لن، إذن، كي)
3 Nov 2008
3 Nov 2008

3 Nov 2008

32977

0

0


0

0

0

0

0

1- ما ينصب بنفسه (أن، لن، إذن، كي)

قال ابن آجُرُّوم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (وَهِيَ: أَنْ، وَلَنْ، وَإِذَنْ، وَكَيْ).

هيئة الإشراف

#2

17 Dec 2008

التحفة السنية للشيخ: محمد محيي الدين عبد الحميد

المتن:

قال ابن آجُرُّوم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (وَهِيَ: أَنْ(1)، وَلَنْ(2)، وَإِذَنْ(3)، وَكَيْ(4) ).


الشرح:

قال الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد (ت: 1392هـ): (أمَّا القسمُ الأوَّلُ: -وهُوَ الذي يَنْصِبُ الفِعْلَ المضَارِعَ بنفسِهِ- فأرْبَعَةُ أَحْرُفٍ، وَهِيَ:
أَنْ، وَلَنْ، وَإِذَنْ، وَكَيْ.

(1) أمَّا (أَنْ): فحَرْفُ مصدرٍ ونصبٍ واستقبالٍ.
-ومِثَالُهَا قولُهُ تعالَى: {أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي}.

-وقولُهُ جلَّ ذِكْرُهُ: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ}.

-وقولُهُ تعالَى: {إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ}.

-وقولُهُ تعالَى: {وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الجُبِّ}.

(2) وأمَّا (لَنْ): فحَرْفُ نفِيٍ ونصبٍ واستقبالٍ.

-ومِثَالُهُ قولُهُ تعالَى: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ}.

-وقولُهُ تعالَى: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ}.

-وقولُهُ تعالَى: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ}.

(3) وأمَّا (إِذَنْ): فحَرْفُ جوابٍ وجزاءٍ ونصبٍ.

ويُشترطُ لنصبِ المضَارِعِ بهَا ثلاثةُ شروطٍ:

الأوَّل:أن تكُونَ (إذنْ) فِي صدرِ جملةِ الجوابِ.

الثَّانِي:أن يكونَ المضَارِعُ الواقعُ بعْدَهَا دالاًّ عَلَى الاستقبالِ.

الثَّالث:أن لا يفصلَ بينهَا وبيْنَ المضَارِعِ فاصلٌ غيرُ القَسَمِ أو النّداءِ أوْ (لا) النَّافيةِ.

-ومِثالُ المستوفيَّةِ للشروطِ أن يقولَ لكَ أحدُ إخوانِكَ: (سَأَجْتَهِدُ فِي دُرُوسِي) فتقُولُ له: (إِذَنْ تَنْجَحَ).

-ومِثالُ المفصولةِ بالقَسَمِ أن تقُولَ: (إِذَنْ وَاللَّهِ تَنْجَحَ).

-ومِثالُ المفصولةِ بالنّداءِ أن تقُولَ: (إِذَنْ يَا مُحَمَّدُ تَنْجَحَ).

-ومِثالُ المفصولةِ بلا النَّافيَّةِ أن تقُولَ: (إِذَنْ لاَ يَخِيبَ سَعْيُكَ) أوْ تقُولَ: (إِذَنْ وَاللَّهِ لا يَذْهَبَ عَمَلُكَ ضَيَاعاً).

(4) وأمَّا (كَيْ): فحَرْفُ مصدرٍ ونصبٍ.

ويُشترطُ فِي النَّصْبِ بهَا:

-أن تتقدَّمَهَا لامُ التّعليلِ لفظاً، نحْوُ قوْلِهِ تعالَى: {لِكَيْلاَ تَأْسَوْا}.

-أوْ تتقدَّمَهَا هذِهِ اللامُ تقديراً، نحْوُ قوْلِهِ تعالَى: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً}.

فإذَا لَمْ تتقدَّمْهَا اللامُ لفظاً ولا تقديراً كانَ النَّصْبُ بأنْ مضمرةً، وكَانتْ (كَيْ) نفسُهَا حَرْفَ تعليلٍ).

هيئة الإشراف

#3

17 Dec 2008

حاشية الآجرومية للشيخ: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم

المتن:

قال ابن آجُرُّوم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (وَهِيَ(1): أَنْ، وَلَنْ(2)، وَإِذَنْ(3)، وَكَيْ(4) ).


الشرح:

قال الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي (ت: 1392هـ): ( (1) أي: (فالنَّواصبُ)، وهي: جمعُ ناصبٍ،
(عشرةٌ)، على ما ذكرَ، أربعةٌ منها تنصبُ بنفسِهَا، وستَّةٌ بـ(أَنْ) مضمرَةً وجوبًا، أو جوازًا.

وعندَ الجمهورِ:

النَّواصبُ أربعةٌ.
(2) أن: بفتحِ الهمزةِ، وسكونِ النُّونِ، وهي أمُّ البابِ، وتسمَّى المصدريَّةَ؛ لأنَّهَا مع منصوبِهَا تؤوَّلُ بمصدرٍ،
فأخرجَ: الشَّرطيَّةَ، والمخَفَّفَةَ، والتَّفسيريَّةَ،
وهي:تنصبُ المضارعَ لفظًا، والماضيَ والأمرَ محلاًّ؛ وتعملُ ظاهرًا، نحو: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ}، ومضمرةً كما يأتي.

ويُشترطُ لـ(أَنْ) المصدريَّةِ:

-أن لا تُسبقَ بِعَلَمٍ.

-وأن لا يفصلَ بينها وبين الفعلِ فاصلٌ، غيرَ واوِ القسمِ، وبظن يجوزُ الرَّفعُ والنَّصبُ.
والثَّاني من النَّواصبِ:
لن، وهي تنصبُ بنفسِهَا، وقدَّمَها بعضُهُم على أنْ؛ وهي: حرفٌ معناه النَّفيُ في المستقبلِ، ينصبُ المضارعَ، وينفي معناه، نحو: (لَنْ نَبْرَحَ).

(3) إذَنْ: هو الثَّالثُ من النَّواصبِ بنفسِهَا، وهي: حرفُ جوابٍ وجزاءٍ.

ويشترطُ للنَّصبِ بها ثلاثةُ شروطٍ:

-أن تكونَ في صدرِ الجوابِ.

-وأن يكونَ الفعلُ بعدَها مستقبلاً.
-وأن لا يفصلَ بينها وبين الفعلِ فاصلٌ، غيرَ واوِ القسمِ، أو (لا) النَّافيةِ، نحو: (إذن أكرمَكَ)، جواباً لمن قالَ: (أريدُ أن أزورَكَ).
والرَّابعُ:
(كي)، المصدريَّةُ، الدَّاخلةُ عليها لامُ التَّعليلِ لفظًا نحو: {لِكَيْلاَ تَأْسَوْا}، أو تقديرًا، نحو: {كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا}.

فإنْ لم يتقدَّمْهَا اللامُ، لا لفظًا ولا تقديرًا، فهي حرفُ تعليلٍ وجرٍّ، والفعلُ بعدَهَا منصوبٌ بأن مضمرةٍ وجوبًا بعدَ (كي).

فالحاصلُ: أنَّ لـ(كي) ثلاثَ حالاتٍ:

-تكونُ مصدريَّةً، نحو: {كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً}
-وتكونُ تعليليَّةً، نحو: جئتُ كي أقرأَ.
-وتكونُ لهما، نحو: جئتُ كي تكرمَنِي.
(4) سمـِّيتْ بذلك؛ لأنَّ كي تخلفُهَا في التَّعليلِ، ويُقالُ لامُ التَّعليلِ؛ لأنَّ ما بعدَهَا علَّةٌ لما قبلَهَا، وهي: أوَّلُ النَّواصبِ المختلفِ فيها، نحو:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}.
ولا فرقَ بينَ أن تكونَ للعاقبةِ، أو الصَّيرورةِ، نحو: {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً}، {لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ الرِّجْسَ}.
ومحلُّ جوازِهِ: ما لم يقترنِ الفعلُ بلا النَّافيةِ، أو (أن) فيكونُ واجبًا.

ولـ(أَنْ): ثلاثةُ أحوالٍ:

-لزومُ الإضمارِ، وهو فيما عدا لامِ كي.
-ولزومُ الإظهارِ وهو مع لامِ كي، إذا كانت مع لا.
-وجوازُ الأمرينِ مع كي إذا لم تكن مع لا، نحو: (أسلمْتُ كي أدخلَ الجنَّةَ) ).

هيئة الإشراف

#4

17 Dec 2008

حاشية الآجرومية للشيخ: عبد الله العشماوي الأزهري

المتن:

قال ابن آجُرُّوم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (وَهِيَ(1): أَنْ(2)، وَلَنْ(3)، وَإِذَنْ(4)، وَكَيْ(5) ).


الشرح:

قال الشيخ عبد الله العشماوي الأزهري: ( (1) قوله: (فالنَّواصبُ عشرةٌ): وهي: جمعُ ناصبٍ لا جمعُ ناصبةٍ

والرَّاجحُ التَّفصيلُ،

لأنَّ النَّاصبَ بنفسِهِ أربعةٌ فقط: أن ولن وإذن وكي، وهو مذهبُ البصريِّين.
(2) قوله: (وهي: أنْ): بهمزةٍ مفتوحةٍ ونونٍ ساكنةٍ، احترازاً من (إنْ) المكسورةِ الهمزةِ فإنَّها ليست من النَّواصبِ.

فتارةًتكونُ نافيةً كما في قولِهِ: (إنْ أحدٌ خيرٌ من أحدٍ إلا بالعافيةِ).

وتارةًتكون شرطيَّةً وسيأتي الكلامُ عليها.
والمراد بـ(أَنْ) المفتوحةِ الهمزةِ المصدريَّةُ،
وسُمّيتْ مصدريَّةً لأنَّها تؤوَّلُ مع منصوبِهَا بمصدرٍ، مثالُ ذلك: (عجبتُ من أن تضربَ):
فأن: حرفٌ مصدريٌّ ونصبٌ.

تضربَ:فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بأن، ونصبُهُ فتحةٌ ظاهرةٌ في آخرِهِ.
و(أن) وما دخلت عليه في تأويلِ مصدرٍ والتَّقديرُ:

عجبتُ من ضربِكَ.
فخرجَ بالمصدريَّةِ:

-(أن) المفسّرةُ الَّتي بمعنى (أيْ) وهي: المسبوقةُ بجملةٍ فيها معنى القولِ دون حروفِهِ، كما في قولِهِ تعالى: {فأوحينا إليه أن اصنعِ الفلكَ}.
-والزَّائدةُ وهي الواقعةُ بعد (لمَّا)، كما في قولِهِ تعالى: {فلمَّا أن جاءَ البشيرُ}.
-وخرج أيضا المخفَّفةُ من الثَّقيلةِ، وهي الواقعةُ بعد ما يدلُّ على العلمِ كقولِهِ تعالى: {علمَ أن سيكونُ منكم مرضى}:
فأنْ: مخفَّفةٌ من الثّقيلةِ، واسمُهَا ضميرُ الشَّأنِ، والسّينُ حرفُ تنفيسٍ.
ويكونُ فعلٌ مضارعٌ ناقصٌ متصرفٌ من (كان) النَّاقصةِ يرفعُ الاسمَ وينصبُ الخبرَ، واسمُهَا مستترٌ جوازاً تقديرُهُ (هو)، و(منكم)جارٌّ ومجرورٌ متعلّقٌ بما بعده.

ومرضى:خبرُ (يكونُ) منصوبٌ بفتحةٍ مقدّرةٍ على الألفِ منع من ظهورِهَا التّعذّرُ.
والجملةُ من (يكونُ) واسمِها وخبرِهَا

في محلِّ رفعٍ خبرُ (أنْ) المخفّفةِ من الثّقيلةِ.

وإن سبقت بما يدلّ على الظّنِّ

فيصحّ أن تكونَ مصدريّةً وأن تكونَ مخفّفةً كما في قولِهِ تعالى: {وحسبُوا أن لا تكونَ فتنةٌ}، قرئ تكون بالنَّصبِ على أنَّها مصدريَّةٌ، وقرئ بالرَّفعِ على أنَّها مخفّفةٌ من الثقّيلةِ، قراءتان سبعيتان.
(3) قوله: (ولَنْ): هذا هو الثَّاني من النَّواصبِ بنفسِهَا وهي حرفٌ بسيطٌ على الأصحِّ:

-وقيل إنَّها مركَّبةٌ من (لا أن)، فحُذفَتِ الهمزةُ تخفيفا والألفُ لالتقاءِ السّاكنين فصار (لن).

-وقيل: أصلُهَا (لا) أُبدِلَتِ الألفُ نوناً فصار لن.
والصَّحيحُ:

أنَّها لا تفيدُ تأبيدَ النَّفي ولا تأكيدَهُ خلافا للزَّمخشريِّ، فالنَّفي في لن أقومَ مساوٍ للنَّفي في لا أقومُ، قالَ اللهُ تعالى حكايةً عن قومِ موسى: {لن نبرحَ عليه عاكفين حتَّى يرجعَ إلينا موسى}
فلن: حرفُ نفي ونصبٍ واستقبالٍ.
ونبرحَ: فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بِلَنْ وهو متصرِّفٌ من برحَ النَّاقصةِ يرفعُ الاسمَ وينصبُ الخبرَ، والاسمُ مستترٌ وجوبا تقديرُهُ نحن.

وعاكفين:خبرُ (نبرحَ).
وعليه: جارٌّ ومجرورٌ متعلّقٌ بعاكفين، أي: مستمرِّين عاكفين على عبادةِ العجلِ إلى أن يرجعَ إلينا موسى.
(4) قوله: (وإذن): بكسرِ الهمزةِ وفتحِ الذَّالِ.

-وتُرسَمُ بالنّونِ عندالمبرّدِ.

-وذهب الفرَّاءُ إلى رسمِهَا بألف.
والصَّحيحُ الأوَّلُ.

-وبعضُهُم يفصِّلُ فيقولُ: إن أُلغِيَتْ رُسِمَتْ بالألفِ.

وهي حرفُ جوابٍ وجزاءٍ، لأنَّ مضمونَ الكلامِ الَّذي بعدها جزاءٌ لما قبلها، مثالُ ذلك قولُكَ: إذن أكرمَكَ، جوابًا لمن قالَ: أريدُ أن أزورَكَ:

فإذن:حرفُ جوابٍ وجزاءٍ.

وأكرمَ:فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بإذَنْ، وعلامةُ نصبِهِ فتحةٌ ظاهرةٌ في آخرِهِ، والفاعلُ مستترٌ وجوبا تقديرُهُ: أنا، والكافُ: مفعولٌ به مبنيٌّ على الفتحِ في محلِّ نصبٍ.

وشرطُ النَّصبِ بإذَنْ:

-أن تكونَ مصدَّرةً، فإن تأخَّرَتْ كقولِكَ لمن قال: آتيك غدًا، أكرمُكَ إذن:

فحينئذٍ يتعيَّنُ رفعُ الفعلِ لأنَّ المنصوبَ لا يتقدَّمُ على ناصبِهِ.

-ويُشترَطُ أن يكونَ الفعلُ مستقبلاً بعدها، فلو كان بمعنى الحالِ أُهمِلَت، كقولِكَ لمن يحدّثُكَ حديثًا: إذن تصدُقُ، لأنَّ الصّدقَ حاصلٌ في الحالِ.

-وأن يكونَ الفعلُ متّصلا بها، فلو فَصَلَ بينهما فاصلٌ كقولِكَ لمن قال: (آتيك غداً)، (إِذَنْ في الدَّارِ أو يومَ الجمعةِ أكرمُكَ):
فيتعيَّنُ الرَّفعُ للفصلِ حينئذٍ، نعم يُغتفرُ الفصلُ بلا النَّافيةِ أو القسَمِ، ومثالُ القسَمِ كما في قولِ الشَّاعرِ:

إذن والــلــــهِ نــرمــيـَهــُمْ بحربٍ تُشيبُ الطِّفلَ من قبلِ المشيبِ

(5) قوله: (وكي): بالكافِ المفتوحةِ وياءٍ ساكنةٍ، يعني:

أنَّ كي المصدريَّةَ هي رابعُ النّواصبِ بنفسِهَا من غيرِ واسطةِ أنْ.

وسُمّيَتْ مصدريَّةً

لأنَّها تؤوَّلُ مع مدخولِهَا بمصدرٍ، احترازاً من كي المختصرةِ من (كيف) كما في قولِهِ: (كي تجنحون)، واحترازًا عن كي التّعليليَّةِ الآتي بيانُهَا.

ثمَّ اعلمْ أنّ ضابطَ كَيْ المصدريَّةِ:

أن يتقدَّمَها اللامُ لفظًا أو تقديرًا:

- مثالُ تقدّمِ اللامِ لفظًا: كقولِهِ تعالى: {لكيلا تأسَوْا}:

فاللامُ: حرفُ تعليلٍ وجرّ.

وكي: حرفٌ مصدريٌّ ونصبٌ.
ولا: نافيةٌ.
وتأسَوا: فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بِكَيْ، ونصبُهُ حذفُ النّونِ، والواوُ فاعلٌ.
-ومثالُ تقدّمِ اللامِ تقديرًا: كقولِكَ: (جئتُ كي أقرأَ)، إذا قدَّرْتَها.
- فإذا تأخَّرَتْ لامُ التَّعليلِ عن (كي) كما في قولِكَ: (جئتُ كي لأقرأَ)، أو وقعَ بعدها أن المصدريَّةُ كقولِكَ: (جئتُ كيْ أن تكرمَنِي)، فهي تعليليَّةٌ.
- وتحتملُ المصدريَّةَ والتّعليليَّةَ إذا لم يتقدَّمْهَا اللامُ ولم يقعْ بعدَهَا أن.

فالحاصلُ أنَّ لكي ثلاثَ حالاتٍ:

-تكونُ مصدريَّةً.

- وتكونُ تعليليَّةً.
- وتكونُ محتملةً لهما).

هيئة الإشراف

#5

18 Dec 2008

شرح الآجرومية للشيخ: حسن بن علي الكفراوي


قال الشيخ حسن بن علي الكفراوي الأزهري الشافعي (ت: 1202هـ): ( (1) ثم شَرَعَ في بيانِ الناصبِ والجازمِ مُقَدِّمًا الأوَّلَ علَى سبيلِ اللَّفِّ والنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ
فقالَ: (فالنواصبُ): الفاءُ: فاءُ الفصيحةِ، النواصبُ: مبتدأٌ مرفوعٌ بالابتداءِ.
(عشرةٌ): خبرُ المبتدأِ مَرفوعٌ بالمبتدأِ.
يَعْنِي: أنَّ النواصبَ للفعلِ المضارِعِ لفظًا إذا لم يَتَّصِلْ به إحدَى النونينِ، أو مَحَلاًّ إذا اتَّصَلَ به ذلك بنَفْسِها أو بغيرِها، عشرةٌ: أربعةٌ تَنْصِبُ بنفسِها، وسِتَّةٌ بغيرِها.
وقد أشارَ للأَوَّلِ بقولِه:
(2) (وهي): الواوُ: للاسْتِئنافِ،
هي: ضميرٌ مُنْفَصِلٌ مبتدأٌ مَبْنِيٌّ علَى الفتحِ في مَحَلِّ رَفْعٍ.
(أَنْ): بفَتْحِ الهمزةِ وسكونِ النونِ هي وما عُطِفَ عليها في مَحَلِّ رَفْعٍ خبرُ المبتدأِ.
وبَدَأَ بـأنْ لكونِها أمَّ البابِ، وهي تَنْصِبُ المضارِعَ لفظًا، والماضيَ والأمْرَ مَحَلاًّ.

-مثالُ المضارِعِ:(يُعْجِبُنِي أنْ تقومَ)، وإعرابُه:
يُعْجِبُ: فعلٌ مضارِعٌ مَرفوعٌ لتَجَرُّدِه مِن الناصبِ والجازِمِ، وَعَلامةُ رفْعِه ضمَّةٌ ظاهِرةٌ في آخِرِه.
والنونُ:للوِقايةِ.
والياءُ: مفعولٌ مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في محلِّ نَصْبٍ.
وأنْ:حَرْفٌ مَصدريٌّ ونَصْبٍ.
وتقومَ: فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـأنْ، وعلامةُ نَصْبِه الفتحةُ الظاهرةُ، والفاعلُ مُسْتَتِرٌ وُجوبًا تقديرُه أنتَ.
-ومثالُ الماضي:(يُعْجِبُني أنْ قامَ زيدٌ)، وإعرابُ يُعْجِبُني كما تَقَدَّمَ.وأنْ: حرفٌ مَصْدَرِيٌّ ونَصْبٍ.
وقام:فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ علَى الفتحِ في محلِّ نصبٍ بـأنْ.
وزَيدٌ:فاعلٌ.
وأنْ وما بعدَها في المثالينِ في تأويلِ مَصْدَرِ فاعلِ يُعْجِبُ، والتقديرُ: يُعْجِبُنِي قِيامُك وقيامُ زيدٍ.
-ومِثالُ الأمرِ:(أَشَرْتُ إليه بأنْ قُمْ)، وإعرابُه:
أَشَرْتُ:فعلٌ وفاعلٌ.
إلَى:حرفُ جرٍّ.
والهاءُ: ضميرٌ مَبْنِيٌّ علَى الكسرِ في مَحَلِّ جَرٍّ بـإلَى؛ لأنه اسمٌ مَبْنِيٌّ لا يَظْهَرُ فيه إعرابٌ.
والباءُ:حرفُ جرٍّ.
وأن: حرفٌ مَصْدَرِيٌّ ونَصْبٍ.
وقُمْ: فعلُ أمرٍ مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في محلِّ نَصْبٍ.
والفاعلُ مُسْتَتِرٌ وُجوبًا تقديرُه أنتَ.

وأن وما بعدَها في تأويلِ مَصْدَرٍ مجرورٍ بالباءِ، والتقديرُ: أَشَرْتُ إليه بالقيامِ.
وسُمِّيَتْ مَصْدَرِيَّةً: لسَبْكِها بالمصدَرِ كما عَلِمْتَ.
(ولن): الواوُ: حرفُ عطفٍ.
ولن: معطوفٌ علَى أن مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في مَحَلِّ رَفْعٍ.
يَعْنِي: أنَّ النواصبَ:

لن:وهي حرفٌ يَنْصِبُ المضارِعُ ويَنْفِي معناه ويُصَيِّرُه خالصًا للاستقبالِ، نحوُ: (لنْ يقومَ زيدٌ)، وإعرابُه:
لن: حرفُ نفيٍ ونصبٍ واستقبالٍ.
ويقومَ: فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـلنْ وعلامةُ نَصْبِه الفتحةُ الظاهرةُ.
وزيدٌ: فاعِلٌ مرْفُوعٌ، وَعَلامةُ رفْعِه ضمَّةٌ ظاهِرةٌ في آخِرِه.
(وإذنْ): الواوُ: حرفُ عطفٍ.

إذنْ: معطوفٌ علَى أن مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في محلِّ رفعٍ.
يَعْنِي: أنَّ مِن النواصبِ إذنْ، وهي حرفُ جوابٍ وجَزاءٍ.

ويُشْتَرَطُ في النصْبِ بها ثلاثةُ شروطٍ:

-أنْ تكونَ في صَدْرِ الجوابِ.
-وأنْ يكونَ الفعلُ بعدَها مُسْتَقْبَلاً.
-وأنْ لا يَفْصِلَ بَيْنَها وبَيْنَ الفعلِ فاصلٌ غيرُ القَسَمِ، نحوُ: (إذنْ أُكْرِمَكَ)، جوابًا لِمَنْ قالَ: (أُريدُ أنْ أَزورَك)، وإعرابُه:
إذنْ: حرفُ جوابٍ وجَزاءٍ ونَصْبٍ.
وأُكْرِمَ: فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـإذنْ وعلامةُ نَصْبِه الفتحةُ الظاهرةُ، والفاعلُ مُسْتَتِرٌ وُجوبًا تقديرُه أنا.
والكافُ:مفعولٌ به مَبْنِيٌّ علَى الفتحِ في محلِّ نصبٍ.
فإن لم تكنْ في صَدْرِ الجوابِ

نحوُ: (يا زيدُ إِذَنْ أُكْرِمُك).

أو فَصَلَ بَيْنَها وبَيْنَ الفعلِ فاصلٌ غيرُ القَسَمِ

نحوُ: (إذنْ يا زيدُ أُكْرِمُك).

أو كان الفعلُ غيرَ مُسْتَقْبَلٍ

نحوُ: (إذنْ تَصْدُقُ)، جوابًا لِمَنْ قالَ: (أُحِبُّكَ).

تَعَيَّنَ رَفْعُ الفعلِ بعدَها في جميعِ هذه الأمثلةِ الثلاثةِ.
(وكيْ):

الواوُ: حرفُ عطفٍ.

كي: معطوفٌ علَى أن مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في مَحَلِّ رَفْعٍ.
يَعْنِي:أنَّ مِن النواصبِ للمضارِعِ كي، ويُشْتَرَطُ في النصبِ بها مِن غيرِ تقديرِ (أنْ) بعدَها:
أنْ تكونَ مَصدريَّةً، وهي التي تَتقدَّمُ عليها اللامُ:
-إمَّا لفظًا نحوُ:{لِكَيْ لاَ تَأْسَوْا} وإعرابُه:
اللامُ:لامُ كي.
وكي:حرفٌ مَصدريٌّ ونَصْبٍ.
ولا:نافيةٌ، وتَأْسَوْا: فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـكي وعلامةُ نَصْبِه حذْفُ النونِ.
والواوُ: فاعلٌ مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في مَحَلِّ رَفْعٍ.
-وَأَمَّا تقديرًا نحوُ قولِه تعالَى: {كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا} إذْ قُدِّرَتِ اللامُ قبلَ كي، وإعرابُه:
كي:حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ ونَصْبٍ.
وتَقَرَّ: فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـكي وعلامةُ نَصْبِه فتحةٌ ظاهرةٌ في آخِرِه.
وعينُ: فاعلُ تَقَرَّ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ، وعينُ: مضافٌ، والهاءُ: مُضافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في مَحَلِّ جَرٍّ.
وسُمِّيَتْ حينئذٍ مَصدريَّةً

لتَأَوُّلِها مع ما بعدَها بِمَصْدَرٍ، أي: لِعَدَمِ إساءتِكم ولِقُرَّةِ عينِها.

فإنْ لم تَتَقَدَّمْ عليها اللامُ لا لفظًا ولا تقديرًا

فهي حرفُ تعليلٍ بمعنَى اللامِ، وتكونُ ناصبةً للفعلِ بعدَها بـأنْ مُضْمَرةٍ وُجوبًا بعدَ كي، نحوُ: (جئتُ كيْ أَقْرَأَ العلْمَ)، وإعرابُه:

جئتُ:فعلٌ وفاعلٌ.
وكي:حَرْفُ تعليلٍ وجَرٍّ.
وأقرأَ: فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـأنْ مُضْمَرةٍ وُجوبًا بعدَ كي التعليليَّةِ وعلامةُ نَصْبِه الفتحةُ الظاهرةُ، والفاعلُ مُسْتَتِرٌ فيه وُجوبًا تقديرُه أنا.
العلْمَ:مفعولٌ به منصوبٌ وعلامةُ نَصْبِه الفتحةُ الظاهرةُ.
وسُمِّيَتْ حينئذٍ تَعليليَّةً؛ لأنها بمعنَى اللامِ، فهي عِلَّةٌ لِمَا قَبْلَها، أي: جِئْتُ لإقراءِ العلْمِ.
ولَمَّا أَنْهَى الكلامَ علَى النواصبِ التي تَنْصِبُ بنفسِها أخَذَ يَتَكَلَّمُ علَى النواصبِ التي تَنْصِبُ بـأن مُضْمَرةٍ بعدَها، وإنما أُضْمِرَتْ

(أنْ) دونَ غيرِها؛ لأنها أمُّ البابِ؛ فلذا عَمِلَتْ ملفوظةً ومُقَدَّرَةً، وإضمارُها:

-إمَّا جائزٌ.
-أو واجبٌ.
فقالَ: (ولامُ):الواوُ: حرفُ عطفٍ.
لامُ: معطوفٌ علَى أن، والمَعْطُوفُ علَى المَرْفوعِ مَرْفُوعٌ، ولامُ: مضافٌ.

و (كيْ): مُضافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في مَحَلِّ جَرٍّ.

يَعْنِي:أنَّ مِن النواصبِ التي للمضارِعِ لامَ كي، ويقالُ لها: لامُ التعليلِ، لكن بـأن مُضْمَرةٍ بعدَها، نحوُ قولِه تعالَى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}، وإعرابُه:
اللامُ:لامُ كي.
وتُبَيِّنَ: فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـأنْ مُضْمَرةٍ جوازًا بعدَ لامِ كي، وعلامةُ نَصْبِه الفتحةُ الظاهرةُ، والفاعلُ مُسْتَتِرٌ وُجوبًا تقديرُه: أنتَ.
للناسِ:جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بـتُبَيِّنَ.
(1) ثم شَرَعَ في بيانِ الناصبِ والجازمِ مُقَدِّمًا الأوَّلَ علَى سبيلِ اللَّفِّ والنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ فقالَ: (فالنواصبُ): الفاءُ: فاءُ الفصيحةِ، النواصبُ: مبتدأٌ مرفوعٌ بالابتداءِ. (عشرةٌ): خبرُ المبتدأِ مَرفوعٌ بالمبتدأِ.

يَعْنِي: أنَّ النواصبَ للفعلِ المضارِعِ لفظًا إذا لم يَتَّصِلْ به إحدَى النونينِ، أو مَحَلاًّ إذا اتَّصَلَ به ذلك بنَفْسِها أو بغيرِها، عشرةٌ: أربعةٌ تَنْصِبُ بنفسِها، وسِتَّةٌ بغيرِها.
وقد أشارَ للأَوَّلِ بقولِه:
(2) (وهي): الواوُ: للاسْتِئنافِ، هي: ضميرٌ مُنْفَصِلٌ مبتدأٌ مَبْنِيٌّ علَى الفتحِ في مَحَلِّ رَفْعٍ.
(أَنْ): بفَتْحِ الهمزةِ وسكونِ النونِ هي وما عُطِفَ عليها في مَحَلِّ رَفْعٍ خبرُ المبتدأِ.
وبَدَأَ بـأنْ لكونِها أمَّ البابِ، وهي تَنْصِبُ المضارِعَ لفظًا، والماضيَ والأمْرَ مَحَلاًّ.

-مثالُ المضارِعِ:(يُعْجِبُنِي أنْ تقومَ)، وإعرابُه:
يُعْجِبُ: فعلٌ مضارِعٌ مَرفوعٌ لتَجَرُّدِه مِن الناصبِ والجازِمِ، وَعَلامةُ رفْعِه ضمَّةٌ ظاهِرةٌ في آخِرِه.
والنونُ:للوِقايةِ.
والياءُ: مفعولٌ مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في محلِّ نَصْبٍ.
وأنْ:حَرْفٌ مَصدريٌّ ونَصْبٍ.
وتقومَ: فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـأنْ، وعلامةُ نَصْبِه الفتحةُ الظاهرةُ، والفاعلُ مُسْتَتِرٌ وُجوبًا تقديرُه أنتَ.
-ومثالُ الماضي:(يُعْجِبُني أنْ قامَ زيدٌ)، وإعرابُ يُعْجِبُني كما تَقَدَّمَ.
وأنْ: حرفٌ مَصْدَرِيٌّ ونَصْبٍ.
وقام:فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ علَى الفتحِ في محلِّ نصبٍ بـأنْ.
وزَيدٌ:فاعلٌ.
وأنْ وما بعدَها في المثالينِ في تأويلِ مَصْدَرِ فاعلِ يُعْجِبُ، والتقديرُ: يُعْجِبُنِي قِيامُك وقيامُ زيدٍ.
-ومِثالُ الأمرِ:(أَشَرْتُ إليه بأنْ قُمْ)، وإعرابُه:
أَشَرْتُ:فعلٌ وفاعلٌ.
إلَى:حرفُ جرٍّ.
والهاءُ: ضميرٌ مَبْنِيٌّ علَى الكسرِ في مَحَلِّ جَرٍّ بـإلَى؛ لأنه اسمٌ مَبْنِيٌّ لا يَظْهَرُ فيه إعرابٌ.
والباءُ:حرفُ جرٍّ.
وأن: حرفٌ مَصْدَرِيٌّ ونَصْبٍ.
وقُمْ: فعلُ أمرٍ مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في محلِّ نَصْبٍ.
والفاعلُ مُسْتَتِرٌ وُجوبًا تقديرُه أنتَ.

وأن وما بعدَها في تأويلِ مَصْدَرٍ مجرورٍ بالباءِ، والتقديرُ: أَشَرْتُ إليه بالقيامِ.
وسُمِّيَتْ مَصْدَرِيَّةً: لسَبْكِها بالمصدَرِ كما عَلِمْتَ.
(ولن): الواوُ: حرفُ عطفٍ.
ولن: معطوفٌ علَى أن مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في مَحَلِّ رَفْعٍ.
يَعْنِي: أنَّ النواصبَ:

لن:وهي حرفٌ يَنْصِبُ المضارِعُ ويَنْفِي معناه ويُصَيِّرُه خالصًا للاستقبالِ، نحوُ: (لنْ يقومَ زيدٌ)، وإعرابُه:
لن: حرفُ نفيٍ ونصبٍ واستقبالٍ.
ويقومَ: فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـلنْ وعلامةُ نَصْبِه الفتحةُ الظاهرةُ.
وزيدٌ: فاعِلٌ مرْفُوعٌ، وَعَلامةُ رفْعِه ضمَّةٌ ظاهِرةٌ في آخِرِه.
(وإذنْ): الواوُ: حرفُ عطفٍ.

إذنْ: معطوفٌ علَى أن مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في محلِّ رفعٍ.
يَعْنِي: أنَّ مِن النواصبِ إذنْ، وهي حرفُ جوابٍ وجَزاءٍ.

ويُشْتَرَطُ في النصْبِ بها ثلاثةُ شروطٍ:
-أنْ تكونَ في صَدْرِ الجوابِ.
-وأنْ يكونَ الفعلُ بعدَها مُسْتَقْبَلاً.
-وأنْ لا يَفْصِلَ بَيْنَها وبَيْنَ الفعلِ فاصلٌ غيرُ القَسَمِ، نحوُ: (إذنْ أُكْرِمَكَ)، جوابًا لِمَنْ قالَ: (أُريدُ أنْ أَزورَك)، وإعرابُه:
إذنْ:حرفُ جوابٍ وجَزاءٍ ونَصْبٍ.
وأُكْرِمَ: فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـإذنْ وعلامةُ نَصْبِه الفتحةُ الظاهرةُ، والفاعلُ مُسْتَتِرٌ وُجوبًا تقديرُه أنا.
والكافُ:مفعولٌ به مَبْنِيٌّ علَى الفتحِ في محلِّ نصبٍ.
فإن لم تكنْ في صَدْرِ الجوابِ

نحوُ: (يا زيدُ إِذَنْ أُكْرِمُك).

أو فَصَلَ بَيْنَها وبَيْنَ الفعلِ فاصلٌ غيرُ القَسَمِ

نحوُ: (إذنْ يا زيدُ أُكْرِمُك).

أو كان الفعلُ غيرَ مُسْتَقْبَلٍ

نحوُ: (إذنْ تَصْدُقُ)، جوابًا لِمَنْ قالَ: (أُحِبُّكَ).

تَعَيَّنَ رَفْعُ الفعلِ بعدَها في جميعِ هذه الأمثلةِ الثلاثةِ.

(وكيْ):

الواوُ: حرفُ عطفٍ.

كي: معطوفٌ علَى أن مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في مَحَلِّ رَفْعٍ.
يَعْنِي:أنَّ مِن النواصبِ للمضارِعِ كي، ويُشْتَرَطُ في النصبِ بها مِن غيرِ تقديرِ (أنْ) بعدَها:
أنْ تكونَ مَصدريَّةً، وهي التي تَتقدَّمُ عليها اللامُ:
-إمَّا لفظًا نحوُ:{لِكَيْ لاَ تَأْسَوْا} وإعرابُه:
اللامُ:لامُ كي.
وكي:حرفٌ مَصدريٌّ ونَصْبٍ.
ولا:نافيةٌ، وتَأْسَوْا: فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـكي وعلامةُ نَصْبِه حذْفُ النونِ.
والواوُ: فاعلٌ مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في مَحَلِّ رَفْعٍ.
-وَأَمَّا تقديرًا نحوُ قولِه تعالَى: {كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا} إذْ قُدِّرَتِ اللامُ قبلَ كي، وإعرابُه:
كي:حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ ونَصْبٍ.
وتَقَرَّ: فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـكي وعلامةُ نَصْبِه فتحةٌ ظاهرةٌ في آخِرِه.
وعينُ: فاعلُ تَقَرَّ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ، وعينُ: مضافٌ، والهاءُ: مُضافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في مَحَلِّ جَرٍّ.
وسُمِّيَتْ حينئذٍ مَصدريَّةً

لتَأَوُّلِها مع ما بعدَها بِمَصْدَرٍ، أي: لِعَدَمِ إساءتِكم ولِقُرَّةِ عينِها.

فإنْ لم تَتَقَدَّمْ عليها اللامُ لا لفظًا ولا تقديرًا

فهي حرفُ تعليلٍ بمعنَى اللامِ، وتكونُ ناصبةً للفعلِ بعدَها بـأنْ مُضْمَرةٍ وُجوبًا بعدَ كي، نحوُ: (جئتُ كيْ أَقْرَأَ العلْمَ)، وإعرابُه:

جئتُ:فعلٌ وفاعلٌ.
وكي:حَرْفُ تعليلٍ وجَرٍّ.
وأقرأَ: فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـأنْ مُضْمَرةٍ وُجوبًا بعدَ كي التعليليَّةِ وعلامةُ نَصْبِه الفتحةُ الظاهرةُ، والفاعلُ مُسْتَتِرٌ فيه وُجوبًا تقديرُه أنا.
العلْمَ:مفعولٌ به منصوبٌ وعلامةُ نَصْبِه الفتحةُ الظاهرةُ.

وسُمِّيَتْ حينئذٍ تَعليليَّةً؛ لأنها بمعنَى اللامِ، فهي عِلَّةٌ لِمَا قَبْلَها، أي: جِئْتُ لإقراءِ العلْمِ.

هيئة الإشراف

#6

18 Dec 2008

شرح الآجرومية للدكتور: محمد بن خالد الفاضل (مفرغ)


قال الدكتور محمد بن خالد الفاضل: (يقول: (والمضارع ما كان في أوله إحدى الزوائد الأربع التي يجمعها قولك: أنَيْت

-أو قلنا نأيت أو أتينا أو نأتي- وهو مرفوع أبداً حتى يدخل عليه ناصب أو جازم.
(فالنواصب عشرة، وهي: أن ولن وإذاً وكي، ولام كي، ولام الجحود، وحتى، والجواب بالفاء والواو وأو.

والجوازم ثمانية عشر وهي: (لم) و(لما) و(ألم) و(ألما)، ولام الأمر والدعاء و(لا) في النهي والدعاء و(إن) و(ما) و(مهما) و(إذما) و(أي)، و(متى) و(أين)، و(أيان)، و(أنى) و(حيثما)، و(كيفما) و(إذا) في الشعر خاصة):
المضارع، ما كان في أوله إحدى الزوائد الأربع، وهي المجموعة في كلمة: (أنيت) وهي التي تسمى بحروف المضارعة،
وهذه الحروف لا يكفي وحدها لكي تكون علامة للفعل المضارع، بل إن الفعل المضارع
لابد فيه من علامتين:
- أن يسبق بأحد أحرف المضارعة الأربعة.

-وأن يقبل السين أو سوف أو (لم).
وهذا الفعل

-وهو الفعل المضارع- مرفوع أبداً في حالة إعرابه حتى يدخل عليه ناصب أو جازم، إلا أن يدخل عليه إحدى النونين فإنه حينئذٍ يُبنى ويخرج عن باب الإعراب الذي نتحدث فيه.
ثم بعد ذلك انتقل إلى النواصب والجوازم التي تدخل على الفعل المضارع، فتغير حاله من الرفع إلى النصب، أو من الرفع إلى الجزم.

- المضارع إذا دخل عليه ناصب فإنه يكون منصوباً بهذا الناصب.
-فإن دخل عليه جازم فإنه يكون مجزوماً بهذا الجازم.

فإذا لم يدخل عليه شيء يكون مرفوعاً بالضمة.

يقولون: في الفعل المضارع بأن عامل الرفع فيه عامل معنوي وهو: تجرده من الناصب أو الجازم، وأن عامل الرفع في المبتدأ كذلك عامل معنوي وهو الابتداء.

وما عدا هذين العاملين فإنه يكون عاملاً لفظياً،

يعني: أن الأسماء والأفعال، لابد لها من شيء يحدث فيها عملاً معيناً،فإن ارتفعت نقول: ما الذي رفعها؟

وإن نصبت قلنا: ما الذي نصبها؟

وإذا جرّت قلنا: ما الذي جرّها؟

وإن جزمت قلنا: ما الذي جزمها؟

أي: نستطيع أن نقول:

إن العامل في اللغة العربية نوعان:

-عامل معنوي.

- وعامل لفظي.

العامل المعنوي:

لا يأتي إلا في بابين فقط:

- مع الفعل المضارع المرفوع.

- ومع المبتدأ فقط.

أما ما عدا ذلك:

فإن العامل يكون عاملاً لفظياً سواء كان عامل رفع مثل: (جاء محمد):

(محمد) فاعل مرفوع عمل فيه الفعل الماضي

(جاء) فهو عامل لفظي.

ولكن (محمد قائم): (محمد) مرفوع، ما الذي عمل فيه الرفع؟

يقولون: عمل فيه الرفع الابتداء، الابتداء ما هو؟

هو شيء معنوي، ليس شيئاً لفظياً، الابتداء ليس شيئاً لفظياً كحرف النصب، أو حرف الجزم أو حرف الخفض، أو الفعل أو نحو ذلك.

الابتداء هو اهتمامك بهذا الاسم وتقديمه واحتفاؤك به، جعله يكون مرفوعاً، هذا هو الذي يسمى الابتداء.

وكذلك الفعل المضارع إذا دخل عليه ناصب نصب بهذا العامل اللفظي وهو الناصب.

وإذا دخل عليه جازم نصب بهذا العامل اللفظي وهو حرف الجزم (لم)، أو نحوها، فإذا لم يدخل عليه شيء فإنه يكون مرفوعاً حينئذٍ، ما العامل الذي عمل فيه الرفع؟

هو عامل معنوي لا يرى، وليس عاملاً لفظياً وهو: تجرده من الناصب والجازم.

طبعاً هذا الأمر فيه خلاف. لكنه هو المشهور والراجح: أن عامل الرفع في الفعل المضارع وفي المبتدأ عامل معنوي، وفيما عداهما فهو عامل لفظي.

فالنواصب إذاً التي تدخل على الفعل المضارع ثم ينصب عشرة:

الواقع أن النواصب والجوازم، المؤلف هنا سردها بهذه الصورة، ويعني قد يبدو لأول وهلة من سردها أنها شيء يسير، لكنها في الواقع تشكل باباً كبيراً من أكبر أبواب النحو، وهو ما يسمى بإعراب الفعل.

فالحروف النواصب سردها المؤلف رحمه الله فقال إنها عشرة وهي: (أن) و(لن) و(إذاً) و(كي) و(لام كي) التي تسمى لام التعليل، ولام الجحود وهي التي تسمى لام النفي، و(حتى) والفاء والواو إذا وقعتا في الجواب، أو كما قال المؤلف: الجواب بالفاء والواو، والحرف الأخير (أو).

هذه الحروف العشرة، لو نظرنا إليها لجعلناها فئات:

الفئة الأولى من هذه الحروف:

فئة تنصب بنفسها، وهي الحروف الأربعة الأولى: (أن) و(لن) و(إذاً) و(كي).

وفئة ثانية:

تنصب بأن مضمرة جوازاً، وهي لام كي، أو لام التعليل.

والفئة الثالثة:

فئة تنصب بـ(أن) مضمرة وجوباً، وهي: لام الجحود، و(حتى)، والفاء، والواو إذا وقعتا في الجواب و(أو).

أيضاً هذا التقسيم إلى هذه الفئات ليس محل اتفاق ، وإنما هو من التقسيمات الجيدة الشائعة.

الفئة الأولى:

هي الحروف التي تنصب بنفسها، وهي أربعة:

(أن) و(لن) و(إذاً) و(كي).

والفئة الثانية:

هي الحروف التي تنصب بواسطة (أن) المضمرة جوازاً، وهي:

لام كي، أو لام التعليل.

والفئة الثالثة:

هي الحروف التي تنصب بواسطة (أن) المضمرة وجوباً، وهي الخمسة الباقية:

لام الجحود و(حتى) والفاء أو الواو في الجواب و(أو).

إذاً نلحظ من ذلك: لو أمعنا النظر وجدنا أن (أنْ) هي المهيمنة على هذا الباب، لأنها:

- إما أن تنصب وهي ظاهرة، وهي تكاد تكون أم الباب.

- وإما أن تنصب وهي مضمرة جوازا، وذلك بعد لام التعليل، أو لام كي.

- وإما أن تنصب وهي مضمرة وجوباً، وذلك بعد الحروف الخمسة الأخيرة.

إذاً: هذه التي تسمى نواصب وهي الحروف الستة الأخيرة، الواقع أنها ليست هي النواصب وإنما الناصب مستتر وهو (أن).

ثم (أن) هذه أيضاً، تحتاج إلى وقفات، لأن (أن) هذه ليست نوعاً واحداً وتكاد تكون أنواعها متداخلة إلى حد ما، فـ(أن) هذه:

- تارة تكون مفسرة.

- وتارة تكون زائدة.

- وتارة تكون مخففة من الثقيلة، وهي أخت (إنّ) الناسخة.

(أنّ) الناسخة تخفف أيضاً فتصير (أنْ)، فيصير لها أحكام خاصة.

-وتارة يصح فيها الوجهان: أن تكون مخففة وناصبة.

- وتارة تكون ناصبة للفعل المضارع، وهي التي معنا، وكلها في النطق متشابهة، بل متحدة.

فالمفسرة مثلاً:

هي المسبوقة بجملة فيها معنى القول دون حروفه.

مثالها: (كتبت إليه أن يفعل كذا)، أو (بأن يفعل كذا)، وهي التي ربما كانت مرادفة لـ(أيْ)، كتبت إليه أي: قلت إليه: افعل كذا، أي طلبت منه بأن يفعل كذا.

والزائدة هي:

الواقعة بين القسم و(لو)، كما لو قلت مثلاً: (أقسم بالله أن لو يأتيني زيد لأكرمنه).

وأيضاً منها قوله تعالى: {فلما أن جاء البشير} الواقعة بعد (لما) أيضاً داخلة في الزائدة، كما في قوله تعالى: {فلما أن جاء البشير}.

وكلمة

(زيادة) في القرآن الكريم لها خصوصية، ليست ككلمة زائدة في الكلام العام، حينما تقول بأن هذا حرف زائد، أو حرف جر زائد، أو أن تقول: هذا مبتدأ مرفوع لفظاً ومجرور محلاًّ بحرف الجر الزائد، أو نحو ذلك في القرآن الكريم، فإن معنى الزيادة إنما هي قضية تتعلق بالحكم الإعرابي.

أما الناحية المعنوية فإنه ليس هناك شيء في القرآن زائد ليس له معنى، وإنما جاءت لتؤدي معنى مهمّاً، ومعنى كبيراً قد يكون ظاهراً وقد يكون ليس بظاهر.

النوع الثالث من أنواع (أن):

هي: المخففة، وهي المسبوقة بـ(علم) أو أي فعل من أفعال العلم، هذه في الغالب تكون مخففة من الثقيلة، وهذه كثيرة جدّاً في القرآن كما في قوله تعالى: {علم أن سيكون منكم مرضى} وفي قوله تعالى: {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولاً} فتلحظون أن الفعل المضارع إذا جاء في القرآن بعد فعل يدل على العلم، فإن (أن) هذه تكون مخففة ويرتفع الفعل المضارع بعدها.

فإن جاءت بعد فعل يدل على الظن فإنها تكون حينئذٍ محتملة لأن تكون مخففة فيرتفع الفعل المضارع بعدها، ويحتمل أن تكون ناصبة فينصب الفعل بعدها، ولذلك جاء في بعض الآيات قراءتان سبعيتان كلتاهما متواترتان، إحداهما بالرفع وإحداهما بالنصب، فالتي بالرفع تكون (أن) فيها مخففة من الثقيلة، أخت (إنّ) الناسخة، والتي بالنصب تكون (أن) فيها هي الناصبة.

(أن) المحتملة للوجهين المخففة والناصبة

هي: الواقعة بعد فعل ظن كفعل (حسب) أو نحو ذلك، كما في قوله تعالى: {وحسبوا أن لا تكون فتنة} هذه الآية قرئت بوجهين:

قرئت بالنصب: {حسبوا أن لا تكون فتنة}.

وقرئت بالرفع: {وحسبوا أن لا تكونُ فتنة}.

وكلا الوجهين جائزان؛ لأنهما قراءتان سبعيتان؛ ولأن (أن) إذا وقعت بعد فعل من أفعال الظن مثل: (حسب) أو (ظن) أو (خال)، أو نحو ذلك، فإنها تكون محتملة لأن تكون مخففة من الثقيلة، فيرتفع الفعل المضارع بعدها، ولأن تكون ناصبة للفعل المضارع، فينصب الفعل المضارع بعدها.

والناصبة:

هي التي لا يسبقها فعل عِلْم ولا فعل ظن، وهذه كثيرة في القرآن، كما في قوله تعالى: {والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين}وكما تقول: (أريد منك أن تحضر) و(أن تعمل كذا) وما إلى ذلك.

هذا مرور سريع على أنواع (أن)، ونحن الآن لسنا بصدد التفصيل في أنواع (أن) وإنما نحن بصدد (أن) الناصبة فقط.

فـ(أن) الناصبة هذه ما نوعها؟

(أن) الناصبة للفعل المضارع هي:

-حرف مصدري؛ لأنها مصدرية تؤول مع ما تدخل عليه بمصدر.

- ونصب؛ لأنها تنصب الفعل المضارع إذا دخلت عليه.

- واستقبال؛ لأنها تدل على ذلك، فحينما تقول: (أريد منك أن تحضر معك كتاب النحو).

فهي هنا:

- ناصبة؛ لأنك نصبت الفعل بعدها فقلت: (أن تحضر).

- ومصدرية؛ لأنها تؤول مع ما بعدها بمصدر؛ لأن التقدير: (أريد منك إحضار كتاب النحو)، كقوله تعالى: {والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي} التقدير: والذي أطمع منه مغفرة أو غفران خطيئتي يوم الدين.

فهي إذاً:

- ناصبة؛ لأن الفعل الذي بعدها ينصب.

- ومصدرية؛ لأن الفعل الذي بعدها يؤول، تؤول معه بمصدر.

- واستقبال؛ لأنها تكون للمستقبل، فأنت تقول: أريد منك أن تحضر، والذي أطمع أن يغفر لي، أي: إن شاء الله تعالى يتجاوز عني يوم الحساب.

وكما قلت لكم أمثلتها كثيرة:

-كما في قوله تعالى: {والذي أطمع أن يغفر لي}.

- وكما في قوله تعالى: {وأخاف أن يأكله الذئب}.

- وكما في قوله تعالى: {إني ليحزنني أن تذهبوا به}.

- وكما في قوله تعالى: {وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب}.

فالحاصل إذاً أن

(أنْ) هذه -كما ذكرت لكم- ناصبة ومصدرية ودالة على الاستقبال، وهي أيضاً نوع واحد من خمسة أنواع أشرنا إليها.

الحرف الثاني: (لن).

(لن) أيضاً من معانيها:

- أنها حرف نفي.

- وأنها حرف نصب.

- وأنها حرف استقبال،

كما إذا قلت مثلاً: (لن يحضر محمد هذا اليوم)، (لن يحضر): فيه نفي، وفيه نصب للفعل، وفيه استقبال؛ لأنك إنما تتحدث عن أمر مستقبل، أي: أنه لن يحضر فيما نستقبل من الوقت.

وأمثلتها وشواهدها كثيرة جدّاً في القرآن:

- كقوله تعالى: {لن نبرح عليه عاكفين}.

-{لن نؤمن لك}.

- {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} إلى غير ذلك.

الحرف الثالث من الحروف الأربعة:

أي: من حروف الفئة الأولى التي تنصب بنفسها هو: (إذن).

متى ينصب الفعل المضارع بعد (إذن)؟

كما ترون أن النصب بـ(أن) كثير جدّاً، وليس له شروط.

والنصب بـ(لن) أيضاً كثير جدّاً وليس له شروط.

أما النصب بإذاً فهو ليس في كثرة النصب بـ(أن) و(لن).

وكذلك فإنه لابد أن يتوافر فيه ثلاثة شروط على الأقل لكي يصح النصب بها.

(إذن) ما معناها؟

هي: حرف جواب، وحرف جزاء أيضاً، وحرف نصب.

الغالب في حروف الجواب والجزاء أن تكون حروف جزم، كما سيأتي معنا في حروف الشرط.

لكن (إذن) حرف نصب؛ لأنها ضمن نواصب الفعل المضارع.

وحرف جواب؛ لأنها تقع جواباً لكلام سابق.

وحرف جزاء أيضاً لأنها بمثابة الجزاء وليس الجواب فقط.

إذا قال لك شخص مثلاً: (سأزورك غداً)، فقلت له: (إذاً أكرمك): (إذاً): نصبت الفعل المضارع الواقع بعدها وهو (أكرمك)، و(أكرمك) فعل مضارع منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على الميم؛ لأنه مسبوق بحرف (إذاً) التي تنصب الفعل المضارع.

نطبق عليها ما قيل فيها:

-أنها حرف نصب؛ هذا واضح.

-وحرف جواب؛ أن الرجل قال: (سأزورك غداً)، فأجبته أنت: (إذاً أكرمك)، فهذا حرف جواب لك.

-وحرف جزاء أيضاً؛ أي: أنك كأنك تجازيه وتكافئه على هذه الزيارة بهذا الإكرام.


الفرق بين الجواب والجزاء:

-أن الجواب يتضمن إجابة للمتكلم بجواب ما، وقد لا يكون هذا الجواب فيه مجازاة على عمل معين.

-أما الجزاء فإنه يكون فيه شيء مثل الجزاء، ومثل رد ما يشبه أن يكون جميلاً منه، فحينما يقول: (سأزورك) فتقول له: (إذاً والله أكرمك)، (إذاً أكرمك)، تكون حينئذٍ جاوبته على هذا، على الزيارة بأنك وعدته بشيء، أو بأنك أجبته: هل سيجدك أو لا يجدك أو نحو ذلك، ثم بعد ذلك ثنيت بأن قدمت له ما يشبه الجزاء والمجازاة على تفضله بزيارتك، وهي أنك وعدته بالإكرام، فهي إذاً حرف جواب وجزاء ونصب.


لا تنصب الفعل المضارع إلا بشروط ثلاثة:

الشرط الأول:

أن تقع في صدر جملة الجواب، فلا يصح أن تكون في الوسط أو في الحاشية أو قريبة من الآخر.

والشرط الثاني:

أن يكون المضارع بعدها مستقبلاً؛ لأنك تعده بشيء لم يحصل، فإن كان الفعل المضارع بعدها حالاً فإنه لا يتعين نصبه وإنما يجوز رفعه.

الشرط الثالث:

أن لا يفصل بينها وبين الفعل الذي تريد أن تنصبه بفاصل، إلا بعض الفواصل التي تستثنى في الغالب.

ومن أبرز الفواصل التي تستثنى:

- القسَم: فلو قال لك: (سأزورك غداً)، فقلت: (إذاً أكرمك) أو (إذاً -والله- أكرمك)، فلا حرج، فإن الفصل بالقسم لا يؤثر بشيء، فيجوز أن تنصب مع الفصل بالقسم.

-وأيضاً من الفواصل التي تباح في هذا الموضع: الفصل بالنداء، فإذا قال مثلاً: (سأزورك غداً)، فقلت: (إذاً -يا صاحبي- أكرمك) لا حرج من الفصل بالنداء؛ لأنه ليس غريباً، وإنما في جو الحديث العام.

-كذلك لو فصلت بـ(لا) النافية، (لا) النافية طبعاً ستعكس المعنى المراد، لكنه لا مانع من الفصل بها، لو قال: (سأزورك غداً متأخراً)، وأنت لا يطيب لك الزيارة المتأخرة؛ لأنك تنام مبكراً، فقلت: (إذاً لا أكرمك)، يجوز حينئذٍ، النصب جائز، ولا حرج في الفاصل؛ لأنه (لا) النافية، لكن الجزاء جاءه معاكساً لما يتوقع، ففيها جواب، أنك جاوبته، وفيها جزاء، أنك جازيته، لكنه الجزاء قد يكون إيجابياً وقد يكون سلبياً، قد يكون مقبولاً، وقد لا يكون مقبولاً، لكنه في الواقع جزاء، فالمكافأة تسمى جزاء، والعقوبة تسمى جزاء أيضاً.

فالحاصل أن (إذاً) تنصب الفعل المضارع ولكن لابد لها من ثلاثة شروط:

-أن تقع في جملة الجواب في صدرها.

- وأن يكون الفعل المضارع بعدها مستقبلاً.

- وأن لا يفصل بينها وبينه بفاصل إلا بعض الفواصل التي لا تؤثر، كالقسم(إذاً والله)، النداء: (إذاً يا محمد)، أو (إذاً يا صاحبي)، أو (إذاً يا عزيزي) و(لا) النافية.

ومن شواهدها المشهورة التي تتناقلها الكتب قول الشاعر:

إذاً والـــلــــه نــرمــيــهــم بحرب تشيب الطفل من قبل المشيب

فهو هنا فيه جواب وجزاء، لكنه جزاء معاكس، يعني: لا نكافئهم وإنما إن هجموا علينا فإننا سنرميهم بهذه الحرب التي تشيب لها الولدان.

الحرف الرابع من الفئة الأولى من النواصب: -

وهي التي تنصب بنفسها- هو (كي):

و(كي) هذه حرف مصدري ونصب، حرف مصدري كما قلنا في (أن)، أي أنها تؤول مع ما بعدها بمصدر، وحرف نصب أنها تنصب الفعل المضارع.

ويشترط في النصب بها شرط واحد

وهو: أن تسبقها لام التعليل لفظاً أو تقديراً.

لا تنصب (كي) إلا أن تسبق بلام التعليل في اللفظ أو في التقدير.

فإن سبقتها لام التعليل لفظاً نصبت كما في قوله تعالى: {لكي لا تأسوا على ما فاتكم}.

(لكي)، (كي)

هنا نصبت الفعل المضارع (تأسوا).

وعلامة نصبه ما هي؟

حذف النون؛ لأنه من الأفعال أو من الأمثلة الخمسة، وجاز ذلك لأنه تحقق فيها الشرط، فقد سبقت بلام التعليل، لفظاً.

أو سبقت بها تقديراً

كما في قوله تعالى: {كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم}

{كي لا يكون} فقد سبقت بلام التعليل المقدرة؛ لأن المعنى: لكي لا يكون، لام التعليل تعرف أنها مقدرة حينما يصح أن تدخلها، فإن صح أن تدخلها فهي مقدرة، وتكون حينئذٍ (كي) هي الناصبة.

فإن لم تُسبق (كي) بلام التعليل لا لفظاً ولا تقديراً، صارت (كي) نفسها حينئذٍ هي التي للتعليل، وصار النصب حينئذٍ بـ(أن) مضمرة بعد (كي).

هذه هي الفئة الأولى، وهي الأربعة التي تنصب بنفسها.

[الخلاصة]

إن الفعل المضارع يُرفع إذا تجرد من الناصب والجازم، وهذا هو القول المشهور، أي أن رافع الفعل المضارع هو تجرده من الناصب والجازم.

وهناك أقوال أخرى وهي: أن رافعه: حروف المضارعة.

أو أن رافعه: حلوله محل الاسم، أو غير ذلك.

لكن الرأي الذي يرجح في هذا هو:

أن رافعه تجرده من الناصب والجازم.

ومعنى ذلك: أنه إذا دخل عليه حرف ناصب فسينصب، وإن دخل عليه حرف جازم فسيجزم.

والحروف الناصبة سردها المؤلف -رحمه الله- وقال: هي (أنْ) و(لن) و(إذاً) و(كي) ولام (كي) ولام الجحود و(حتى) والجواب بالفاء والواو و(أو).

وهي ثلاث فئات:

- فئة تنصب بنفسها، وهي ا لأربعة الأولى: (أن) و(لن) و(إذاً) و(كي).

- وفئة تنصب بـ(أن) مضمرة جوازاً وهي: لام (كي) أو لام التعليل، ومعها غيرها -كما سأشير-.

- وفئة تنصب بـ(أن) مضمرة وجوباً، وهي الحروف الخمسة الباقية: لام الجحود و(حتى) والفاء والواو إذا وقعتا في الجواب و(أو).

ومن العلماء من يختصر اختصاراً، فيرون أن هذه الحروف هي الناصبة، ولا داعي لأن تقول: إن الناصب هو (أن) مضمرة جوازاً أو (أن) مضمرة وجوباً، وإنما تقول: منصوب بلام الجحود، منصوب بـ(كي)، منصوب بـ(حتى)، منصوب بالواو، بـ(أو)، بالفاء، إلى غير ذلك.

فالقول المشهور:

أن النصب بـ(أن) مضمرة جوازاً أو وجوباً.

وهناك قول آخر: بأن تقول إن هذه الحروف هي النواصب، ولا داعي لتقدير (أن).

قلنا: إن (لن) تنصب بنفسها، وهي حرف نفي ونصب واستقبال، وأمثلتها في القرآن كثيرة طويلة يصعب إحصاؤها في مثل هذا المجلس:

قوله تعالى: {لن نؤمن لك}، وفي قوله تعالى: {لن نبرح عليه عاكفين}، وفي مثل قوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}وغيرها من الآيات.

والحرف الثاني:

(إذاً) وقلنا في (إذاً) إنها حرف جواب وجزاء، وتحدثنا أيضاً بتفصيل عن شروطها.

(إذاً) حرف جواب وجزاء ونصب، ولها ثلاثة شروط:

- أن تكون في صدر جملة الجواب.

- وأن يكون المضارع بعدها مستقبلاً.

- وأن لا يفصل بينهما بفاصل، غير القسم أو النداء أو (لا) النافية.

الفصل بالقسم جوازه محل اتفاق، أما الفصل بالنداءأو بـ(لا) النافية فإنه مختلف فيه، فمن العلماء من يبيح الفصل بهما ومنهم من لا يبيح.

حينما يقول لك شخص: (سأزورك غداً، فتقول له: إذاً أكرمك).

هذا هو الأصل أن لا يفصل بينها وبين الفعل بفاصل: إذاً أكرمك.

فهي -كما ترون- حرف جواب؛ لأنه إذا قال لك: سأزورك غداً ينتظر منك جواباً؛ الموافقة أو عدمها.

وحرف جزاء؛ لأن ما بعدها قد يكون نوعاً من الجزاء والتكريم.

الجزاء قد يكون تكريماً أو عكس ذلك، لهذا الذي عرض عليك هذا العرض، وهي حرف نصب؛ لأنها تنصب الفعل المضارع، فإذا قال: سأزورك غداً فينبغي أن تجيبه وأن يتضمن جوابك جزاء، هذا الجزاء قد يكون إكراماً أو عدمه، تقول: إذاً أكرمك.

أو لو قال: (سأزورك متأخراً فتقول: إذاً لا أكرمك أو لا أستقبلك)، أو نحو ذلك.

والفصل بالنداء أو الفصل بالقسم جائز باتفاق،

فيصح لك أن تقول: (إذاً والله أكرمك).

والفصل بالنداء:

(إذاً يا صاحبي أكرمك).

أو الفصل بـ(لا):

(إذاً لا أكرمك)؛ هذا الفصل كما قلت لكم ليس محل اتفاق كما حصل بالنسبة للقسم.

الحرف الثالث الذي ينصب بنفسه:

(كي)، وهي حرف مصدر أو حرف مصدري ونصب.

ويشترط في النصب بها أن تسبق بلام التعليل، سواء كانت هذه اللام ملفوظة، وهو الذي ينبغي وهو الأكثر، كما في قوله تعالى: {لكي لا تأسوا على ما فاتكم} سُبقت (كي) بلام التعليل فنصب الفعل المضارع بعدها وهو: (تأسوا) بحذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة.

أو أن تكون مسبوقة تقديراً: {كي لا يكون دولة}، كما في قوله تعالى: {كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم}فهي على معنى: لكي لا يكون دولة.

فإن لم تسبق (كي) لا باللام الظاهرة ولا باللام المقدرة فهي حينئذٍ حرف التعليل، ويكون النصب بـ(أن) مضمرة بعدها، إما جوازاً كما هو رأي، أو وجوباً كما هو رأي آخر.

إذاً الناصب الثالث هو: (كي)،

ولابد للنصب بها من أن تسبق بلام التعليل ظاهرة أو مقدرة، فإن لم تسبق بلام التعليل صارت هي حرف التعليل، وصار النصب بـ(أن) مضمرة، إما وجوباً كما يرجح، أو جوازاً كما يراه البعض.

-أما (أن): وهي أم الباب وهي الأصل؛ لأنها هي الوحيدة التي تنصب ظاهرة ومضمرة جوازاً ومضمرة وجوباً؛ فهي حرف مصدري ونصب أيضاً، كما في بعض أخواتها، وأيضاً حرف استقبال.

و(أن) كما قلت لكم يكثر أن تنصب ظاهرة.

- كما في قوله تعالى:{والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين}.

- وكما في قوله تعالى: {أخاف أن يأكله الذئب}.

- وكما في قوله تعالى: {أن تذهبوا به}.

- وكما في قوله تعالى: {وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب}.

وغيرها من الآيات وهي كثيرة لا تحصى، ولو طلبت من أي واحد منكم أن يمثل لما أعوزه المثال من القرآن الكريم.

(أن) هذه التي تنصب الفعل المضارع هي حرف مصدري، لكنها ربما التبست بغيرها من أنواع (أن) الأخرى.

وأنا في الدرس الماضي استطردت استطراداً سريعاً لبعض أنواع (أن)، فقلت: إن (أن) تأتي:

- ناصبة للفعل المضارع، وهذه علامتها: أن تكون مصدرية، وأن ينصب الفعل المضارع بعدها، بمعنى: أنها يصح أن تؤول مع ما بعدها بمصدر، وأن تنصب الفعل المضارع.

والنوع الثاني:

هي (أن) المخففة من الثقيلة.

ما معنى كلمة مخففة من الثقيلة؟

يعني: أصلها: (أنّ) أخت (إنّ) الناسخة، (أنّ) التي تنصب الاسم وترفع الخبر، إذا خففت من الثقيلة صارت (أنْ)، وهي حينئذٍ مصدرية أيضاً وتعمل، ويكون اسمها في الغالب: ضمير الشأن محذوف، وخبرها: جملة اسمية أو فعلية أو نحو ذلك، وينبغي أن تفصل من خبرها بالسين أو سوف أو بعض حروف النفي أو (لو)؛ لكي تكون هذه فارقة بينها وبين الناصبة للفعل المضارع، هذه هي (أنْ) المخففة.

بالنسبة للنوع الثالث من أنواع (أنْ):

أيضاً هي (أن) الزائدة.

(أن) الزائدة متى تُزاد؟

(أن) الزائدة تزاد بعد (لما) كثيراً.

- كما في قوله تعالى: {فلما أن جاء البشير}.

- وكما في قوله تعالى: {ولما أن جاءت رسلنا لوطاً سيئ بهم}.

فتزاد كثيراً (أن) الزائدة بعد (لما).

وتزاد أيضاً حينما تقع بعد القسم و(لو)،

تزاد إذا وقعت بين القسم و(لو)، أيضاً تكون زائدة.

بعض الشواهد عليها:

تزاد بعد (لما):

- كما في قوله تعالى:{فلما أن جاء البشير}.

- وكما في قوله تعالى: {فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما}.

- وكما في قوله تعالى: {ولما أن جاءت رسلنا لوطاً}.

وتزاد أيضاً حينما تقع بين القسم و(لو)

كما إذا قلت: (أقسم بالله أن لو يأتيني زيد لأكرمنه)، وقعت هنا (أن) بين القسم وبين (لو) كما ترون، فهي في مثل هذا الموقع يحكم عليها بالزيادة.

النوع الرابع:

المفسرة: والمفسرة العلماء يقولون: إنه لا يوجد آيات أو شواهد أو أمثلة تتعين فيها (أن) المفسرة، وإنما (أن) هذه تكون مفسرة حينما تكون بمعنى (أيْ)، لكنها في الوقت نفسه يحتمل أن تكون ناصبة، ويحتمل أن تكون مخففة من الثقيلة، فإن كانت بمعنى (أيْ) ووقع بعدها فعل مضارع مرفوع فهي المفسرة، لكن المفسرة يقل أن يليها الفعل المضارع.

الكثير في المفسرة أن يليها فعل الأمر، ولذلك أغلب الآيات الكريمة التي وردت فيها (أن) المفسرة، وليها فعل أمر أو وليها فعل مضارع مسبوق بلا الناهية.

نظرت في كتاب الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة: (دراسات لأسلوب القرآن)، فوجدته تحدث باستفاضة عن أنواع (أن) وتحدث عن (أن) المفسرة، وذكر الآيات التي حملها بعض العلماء على المفسرة، لكنه قال: إن طائفة من العلماء لم يوافقوا في أنها تتعين أن تكون مفسرة في هذه الآيات، وإنما هي تحتمل المصدرية وتحتمل أيضاً المخففة من الثقيلة.

المصدرية الناصبة للفعل المضارع ليست خاصة بالفعل المضارع، فالمصدرية الناصبة للفعل المضارع تدخل على الأمر وتدخل على الماضي وتدخل على المضارع، لكنها لا تعمل إلا في المضارع فقط، هذا هو الفرق.

أما هي فهي مصدرية، ربما تدخل على الأمر وهذا كثير، وتدخل على الماضي أيضاً وتدخل على المضارع، فلا تعمل عملها إلا في الفعل المضارع فقط حيث تنصبه.

أما إذا دخلت على غيره من الأفعال فهي مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر لكنها لا تعمل شيئاً، هذه هي التي كثيراً ما تلتبس بالمفسرة.

ولذلك مثلاً أذكر لكم بعض الآيات التي ذكر فيها أنها مفسرة:

-في قوله تعالى: {فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى}.

{أنْ يا موسى}: إذا نطقناها بدون إدغام، يقول الزمخشري: هي هنا مفسرة؛ لأن التقدير: أي يا موسى.

-وكما في قوله تعالى: {وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله}{وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله}، (أنْ) هنا كما ترون دخلت على فعل أمر، هذه هي التي تحتمل التفسير، لأن من العلماء:

- من يقول التقدير: أي: آمنوا بالله.

- ومنهم من يقول: إنها هنا تحتمل أن تكون مصدرية.

- وكما في قوله تعالى: {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي} هنا كما ترون (أن) هذه مفسرة دخلت على فعل أمر.

- وكما في قوله تعالى: {فأوحى إليهم أن سبحوا} هنا أيضاً هذه مفسرة دخلت على فعل أمر، لأنها كلها يصح -ولو على بُعد- أن تكون مقدرة أو مؤولة بـ(أيْ)، أي: سبحوا.

- {وأوحينا إلى أمك ما يوحي أن اقذفيه}، هنا (أن) أيضاً جاء بعدها فعل الأمر.

- وكما في قوله تعالى: {فأرسلنا فيهم رسولاً منهم أن اعبدوا الله)، {فأتيا فرعون فقولا إنا رسولُ رب العالمين أن أرسل معنا}{أن أرسل}.

هذه أمثلة أو شواهد على مجيء فعل الأمر بعدها وهو الكثير جدّاً في القرآن، وهي آيات كثيرة، هناك آيات أخرى.

- وكما في قوله تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله}.

- {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي} أيضاً فعل أمر.

- {وانطلق الملأ منهم أن امشوا} فعل أمر.

ونأتي إلى الأمثلة التي تكون دخلت فيها على فعل مضارع مسبوق بلا الناهية:

- كما في قوله تعالى: {وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل أن لا تتخذوا}{أن لا تتخذوا} هنا بعض العلماء يقول: إنها تفسيرية أو مفسرة؛ لأن التقدير: أي: لا تتخذوا من دوني وكيلاً.

- وكما في قوله: {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم أن لا تعلوا علي}{أن لا تعلوا علي}.

- وكما في قوله تعالى: {وإذ بؤأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً} إلى آخر الآيات.

فإذاً الحاصل:

أن المفسرة يقل أن يليها الفعل المضارع؛ فإن وليها الفعل المضارع، فإنها حينئذٍ إن لم يصح أن يدخل عليها حرف الجر، وارتفع الفعل المضارع بعدها فهي تفسيرية أو مفسرة، وإلا فهي الناصبة للفعل المضارع.

لكن المفسرة يقل أن تدخل على الفعل المضارع، وأكثر ما تدخل على الفعل الأمر أو على الفعل المضارع المجزوم بـ(لا) الناهية بحيث لا يظهر العمل ولا تكون عاملة، هذا بالنسبة للمفسرة.

ماذا بقي من أنواع (أن)؟

بقي منها النوع المحتمل لأن تكون ناصبة للفعل المضارع، ومخففة من الثقيلة.

أولاً:من علامات المخففة من الثقيلة: أن تقع بعد فعل يدل على العلم واليقين.

-كما في قوله تعالى: {علم أن سيكون منكم مرضى}

-وكما في قوله تعالى: {أفلا يرون أن لا يرجع} على أن الرؤية هنا رؤية علمية.

-وكما في قولك: (علمت أن قد يقوم زيد).

- وكما في قوله تعالى: {أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً}.

هذه الأمثلة لماذا جيء بها؟

جيء بها ليبين أن المخففة لابد أن يفصل بينها وبين فعلها إما:

-بالسين: {أن سيكون}.

- أو بـ(لا)، {ألا يرجع}.

- أو بـ(قد): {أن قد يقوم}.

-أو بـ(لو):{أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً}.

فالمخففة إذاً هي التي تقع بعد فعل يدل على العلم.

فإن وقعت بعد فعل يدل على الظن، فإنها في هذه الصورة

تحتمل الوجهين:

-يصح أن تكون مخففة.

- ويصح أن تكون ناصبة للفعل المضارع.

ولذلك فإنه أكثر الآيات التي جاءت بهذا الشيء -بهذا الشكل- قرئت بقراءتين: قرئت بالرفع، قرئ الفعل المضارع بالرفع الذي بعد

(أن) بالرفع على أنها مخففة، وقرئ بالنصب على أنها ناصبة للفعل المضارع، ومن ذلك قوله تعالى: {وحسبوا أن لا تكون فتنة}.(حسب) من أخوات (ظن)، فإذا جاء بعد (أن) فعل يدل على الظن وليس يدل على العلم واليقين صارت (أن) صالحة لأن تكون مخففة من الثقيلة، ولأن تكون ناصبة للفعل المضارع، ولذلك هذه الآية: {وحسبوا أن لا تكون فتنة}قرئت بقراءتين:

-قرئت: {أن لا تكونُ}برفع الفعل على أنها مخففة من الثقيلة.

- وقرئت: {أن لا تكونَ} بنصب الفعل على أنها الناصبة للفعل المضارع.

- وكما في قوله تعالى:{أحسب الناس أن يتركوا} هذه أيضاً كذلك.

أما الناصبة للفعل المضارع،

فكما ذكرت لكم علامتها:

-أن تكون مصدرية.

-وأن ينتصب الفعل المضارع بعدها.

- وأن يكون الفعل المتقدم عليها ليس بفعل علم ولا ظن، يعني فعلاً ليس فيه دلالة على العلم وليس فيه دلالة على الظن، وإنما هو فعل آخر فيه أي دلالة.

- كما في قوله تعالى: {والذي أطمع أن يغفر لي}.

- وكما في قولك: (أريد منك أن تحضر أو أن تسافر)، أو نحو ذلك.

إذاً (أن) الناصبة للفعل المضارع، هذه هي أخواتها التي قد تلتبس بها، وهي:

- المفسرة.

- والزائدة.

- والمخففة من الثقيلة.

-والمحتملة للأمرين.

والخامسة:

هي الناصبة للفعل المضارع).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#7

18 Dec 2008

العناصر

نواصب الفعل المضارع

باب إعراب الفعل المضارع من أكبر أبواب النحو

(النواصب): جمع (ناصب)

أقسام نواصب الفعل المضارع

نواصب الفعل المضارع عشرة، وهي قسمان:

القسم الأول: نواصب تنصب بنفسها، وهي أربعة

القسم الثاني: تنصب بـ(أن) مضمرة وجوباً أو جوازاً، وهي ستة

نواصب الفعل المضارع تنصبه لفظاً إذا لم يتصل به إحدى النونين أو محلاً إذا اتصلت به إحداهما

حكم المضارع إذا اتصلت به إحدى النونين: مبني وليس بمعرب

القسم الأول: ما ينصب الفعل المضارع بنفسه، وهي أربعة أحرف

الحرف الأول: (أنْ)

معنى (أن)

(أن) حرف نصب ومصدر واستقبال

(أنْ) أم الباب؛ لأنها تنصب ظاهرة ومضمرة وجوباً وجوازاً

فائدة: (أن) تنصب المضارع لفظاً والماضي والأمر محلاً

حالات (أنْ) مع الفعل المضارع

الحال الأولى: لزوم الإضمار وهو فيما عدا لام (كي)

الحال الثانية: لزوم الإظهار وهو مع لام (كي)، إذا كانت مع (لا)

مثاله: (لئلا يعلم أهل الكتاب)

الحال الثالثة: جواز الأمرين مع (كي) إذا لم تكن مع (لا)

مثاله: (أسلمت كي أدخل الجنَّة)

أنواع (أنْ):

النوع الأول: (أن) المصدرية

ضابطها: أن لا تسبق بفعل (علم) ولا (ظن)

مثالها: (والذي أطمع أنْ يغفرَ لي)

النوع الثاني: (أن) المخففة من الثقيلة

ضابطها: أن تسبق بـ(علم) أو ما دل على العلم

مثالها: (علم أنْ سيكون منكم مرضى)

النوع الثالث: (أن) الزائدة

ضابطها: أن تقع بين القسم و(لو) أو تقع بعد (لمَّا)

مثال1: (أقسمتُ بالله أنْ لو يأتيني ضيفٌ لأكرمنَّه)

مثال2: (فلمَّا أنْ جاء البشيرُ)

تنبيه: الزيادة هنا إنما هي في الحكم الإعرابي أما في المعنى فليس في القرآن حرف زائد لا معنى له

خفاء بعض المعاني على المتأمل لا يدل على عدم المعنى

النوع الرابع: (أن) المفسرة

ضابطها: أن تسبق بجملة فيها معنى القول دون حروفه

فائدة: (أن) المفسرة: يقل دخولها على الفعل المضارع ويكثر دخولها على فعل الأمر والمضارع المجزوم بـ(لا) الناهية

مثال (أن) المفسرة مع فعل الأمر: (فأوحينا إليه أن اصنع الفلك)

مثال (أن) المفسرة مع الفعل المضارع المجزوم بـ(لا) الناهية: (وأنه بسم الله الرحمن الرحيم أن لا تعلو علي)

النوع الخامس: (أن) مصدرية، ومخففة من الثقيلة

ضابطها: أن تسبق بفعل يدل على الظن كـ(حسب)

مثالها: (وحسبوا أن لا تكونَُ فتنة) فيها قراءتان بالرفع والنصب وهما قراءتان سبعيتان

فائدة: (إن) بكسر الهمزة ليست من النواصب وهي على أنواع:

النوع الأول: (إن) النافية

مثالها: قوله تعالى: (إن عندكم من سلطان بهذا)

النوع الثاني: (إن) الشرطية

مثالها: قوله تعالى: (إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء)

النوع الثالث: (إن) الزائدة

مثالها: قول امرئ القيس (وما إن أرى عنك الغواية تنجلي)

الحرف الثاني: (لن) وهي حرف نصب ونفي واستقبال

مثال نصب الفعل المضارع بـ(لن): (لنْ نبرحَ عليه عاكفين)

(لن) حرف بسيط على الأصح وقيل: مركبة من (لا أن)

الصحيح أنها لا تفيد تأبيد النفي ولا تأكيده خلافاً للزمخشري

الحرف الثالث: (إذن) حرف جزاء وجواب ونصب

(إذن) ترسم بالألف عند الفراء وبالنون عند المبرد وهو أصح

قال بعضهم: إن ألغيت رسمت بالألف

الفرق بين الجزاء والجواب:

الجواب: قد يتضمن جزاء وقد لا يتضمن

الجزاء: قد يكون جواباً وقد لا يكون

شروط نصب الفعل المضارع بـ(إذن)

1- أن تكون (إذن) في صدر جملة الجواب

فإن تأخرت تعين رفع الفعل كقولك لمن قال لك: آتيك غداً: (أكرمُك إذن)

2- أن يكون المضارع بعدها دالاًّ على الاستقبال

فإن كان بمعنى الحال أهملت كقولك لمن يحدثك حديثاً: (إذن تصدقُ)

3- ألا يفصل بينها وبين المضارع فاصل غير القسم أو النداء أو (لا) النافية

تنبيه: الفصل بالقسم والنداء متفق عليه أما الفصل بـ(لا) النافية ففيه خلاف

أمثلة لـ(إذن) الناصبة للمضارع

مثال (إذن) المستوفية للشروط: (إذن تنجحَ) جواباً لمن قال لك: (سأجتهد في دروسي)

مثال (إذن) المفصولة بالقسم:: (إذن والله تنجحَ) جواباً عن الكلام السابق

مثال (إذن) المفصولة بالنداء: (إذن يا محمدُ تنجحَ) جواباً على الكلام السابق

مثال (إذن) المفصولة بـ(لا) النافية: (إذن لا يخيبَ الله مسعاك) جواباً على الكلام السابق

الحرف الرابع (كي) المصدرية

معنى (كي)

كي حرف مصدر ونصب

سميت مصدرية: لأنها تؤول مع منصوبها بمصدر

حالات (كي)

1- تكون مصدرية

نحو: (كي لا يكونَ دولة)

2- تكون تعليلية في حالتين:

الأولى: إذا تأخر لام التعليل عن (كي) نحو: (جئت كي لأقرأ)

الثانية: إذا وقع بعدها (أن) المصدرية نحو: (جئت كي أن تكرمني)

3- تكون لهما

نحو: (جئت كي تكرمني)

4- تكون مختصرة من (كيف)

نحو: (كي تجنحون)

شروط نصب المضارع بـ(كي)

شرطٌ واحد وهو أن تسبقها لام التعليل لفظاً أو تقديراً

مثال اللفظ: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم)

مثال التقدير: (كي لا يكونَ دولة)

إذا لم تتقدمها اللام لفظاً ولا تقديراً فهي حرف تعليل وتكون ناصبة للفعل المضارع بعدها بأن مضمرة وجوباً بعد كي

مثال: (جئت كي أطلب العلم)

فائدة: الأربع الأولى تنصب بنفسها عند نحاة البصرة والكوفة

القسم الثاني: ما ينصب الفعل المضارع بواسطة (أن) المضمرة جوازاً

وهو حرف واحد: لام التعليل

سبب إضمار (أن) دون غيرها: أنها أم الباب

(لام كي) هي لام التعليل

سبب تسميتها بـ(لام كي) لأن (كي) تخلفها في التعليل

تنبيه: (لام كي) من النواصب المختلف فيها

الكوفيون يقولون: إنها ناصبة بنفسها

البصريون يقولون: إنها ناصبة بـ(أن) مضمرة ولا ينصب بنفسه إلا الأربعة المتقدمة

مثاله: (ليغفرَ لك الله ما تقدم من ذنبك)

تنبيه: لا فرق أن تكون اللام للعاقبة أو الصيرورة نحو: (ليكون لهم عدواً)، أو زائدة نحو: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس)

القسم الثالث: ما ينصب الفعل المضارع؛ بواسطة (أن) المضمرة وجوباً

وهي: (لام الجحود، وفاء السببية، وواو المعية، وحتى، وأو).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#8

18 Dec 2008

الأسئلة

س1: مَا هِيَ الأدواتُ التي تَنْصِبُ المضَارِعَ بنفسِهَا؟

س2: مَا معنى (أنْ) ومَا معْنَى (لنْ) ومَا معْنَى (إذنْ) ومَا معْنَى (كيْ)؟
س3: مَا الذي يُشترطُ لنصبِ المضَارِعِ بعْدَ (إذنْ) وبعْدَ (كيْ)؟
س4: مَا هِيَ الأشْيَاءُ التي لا يضرُّ الفصلُ بهَا بيْنَ (إذنْ) النَّاصبةِ والمضَارِعِ؟