الدروس
course cover
أبو إسحاق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
7 Jan 2009
7 Jan 2009

4360

0

0

course cover
مختصر عبد الغني

القسم الرابع

أبو إسحاق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
7 Jan 2009
7 Jan 2009

7 Jan 2009

4360

0

0


0

0

0

0

0

قالَ الحافظُ أبو مُحَمَّدٍ عبدُ الغَنِيِّ بنُ عبدِ الواحدِ الْمَقْدِسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ وأَرضاهُ:

أبو إسحاقَ سعدُ بنُ أبي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ

واسمُ أبي وَقَّاصٍ: مالكُ بنُ أُهَيْبِ بنِ عبدِ مَنافِ بنِ زُهرةَ بنِ كلابٍ. يَلتقِي معَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كِلابِ بنِ مُرَّةَ.
وأمُّهُ حَمْنَةُ بنتُ سُفيانَ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عبدِ شمسِ بنِ عبدِ مَنافٍ.
وأَسْلَمَ قَديمًا. وكانَ يَقولُ: لقدْ رَأَيْتُنِي وإنِّي لَثُلُثُ الإسلامِ [1].
وشَهِدَ بَدْرًا والْمَشاهِدَ كُلَّها معَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وهوَ أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ في سبيلِ اللَّهِ.
وكانَ رَمْيُهُ ذلكَ في جيشٍ فيهم أبو سُفيانَ، لَقَوْهُم بِصَدْرِ رَابِغٍ [2] في أَوَّلِ سنةٍ قَدِمَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينةَ [3].
ولهُ من الوَلَدِ:
مُحَمَّدٌ: قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ.
وعمرُ: قَتَلَهُ الْمُختارُ بنُ أبي عُبَيْدٍ
[4].
وعامرٌ ومُصْعَبٌ: وَرُوِيَ عنهما الحديثُ.
وعُمَيْرٌ وصالحٌ وعائشةُ، بنو سَعْدٍ.
ماتَ بقَصْرِهِ في العَقيقِ على عَشَرَةِ أميالٍ من المدينةِ.
وحُمِلَ على رِقابِ الرجالِ إلى المدينةِ سنةَ خمسٍ وخمسينَ، وهوَ ابنُ بِضْعٍ وسبعينَ، فكانَ آخِرَ العَشَرَةِ وَفاةً.



تعليق الشيخ: خالد بن عبد الرحمن الشايع

[1] يعني: أنَّهُ ثالثُ امرئٍ مُسْلِمٍ، انْظُرْ: (صحيحَ البخاريِّ) (3766)، و(فَتْحَ البارِي) (7/ 84).

[2] رَابِغٌ: مدينةٌ على ساحِلِ البحرِ الأَحْمَرِ غربِيِّ الْمَملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ حَرَسَها اللَّهُ.

[3] نَقَلَ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ في الفَتْحِ (7/84) عن الزُّبيرِ بنِ بَكَّارٍ، أنَّ ذلكَ كانَ في سَرِيَّةِ عُبيدةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ الْمُطَّلِبِ، وكانَ القِتالُ فيها أوَلَّ حَرْبٍ وَقَعَتْ بينَ المشرِكينَ والمسلِمينَ، وهيَ أَوَّلُ سَرِيَّةٍ بَعَثَها رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في السَّنَةِ الأُولَى من الهجرةِ، بَعَثَ أُناسًا إلى رابِغٍ، لِيَلْقَوْا عِيرًا لقُريشٍ، فتَرَامَوْا بالسهامِ، ولمْ يكُنْ بينَهم مُسايَفَةٌ، فكانَ سعدٌ أَوَّلَ مَنْ رَمَى.

[4] روى مسلِمٌ في (صحيحِهِ) (2545) عنْ أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنها، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِنَّ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا))، وقالَتْ للحَجَّاجِ: أمَّا الكَذَّابُ فرَأَيْنَاهُ، وأَمَّا الْمُبِيرُ فلا إِخَالُكَ إلَّا إيَّاهُ. اهـ والْمُبِيرُ: هوَ الْمُهْلِكُ.
وكانَ الْحَجَّاجُ قدْ أَعْمَلَ السيفَ في الْمُسلمينَ قَتْلًا، وأمَّا المُخْتَارُ بنُ أبي عُبَيْدٍ فكان كَذَّابًا، ويَزْعُمُ أنَّ جِبريلَ يَأْتِيهِ بالوَحْيِ.

هيئة الإشراف

#2

30 Mar 2010

شرح مختصر عبد الغني لفضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

ذكر بعده : سعد بن أبي وقاص ،
كنيته أبو إسحاق ، سعد بن أبي وقاص ، اسم أبي وقاص : مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلاب بن مرة ، فهو من بني زهرة ، وهم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن أم النبي صلى الله عليه وسلم من بني زهرة بن كلاب ، هكذا .

أم سعد : حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، أمه من بني أمية ، فأعمامه بنو زهرة وأخواله بنو أمية .
أسلم قديما ، حتى روي عنه أنه يقول : لقد رأيتني وإني لثلث الإسلام ، يعني أنه ثالث من أسلم ، فمعناه أنه أسلم بعد أبي بكر ، وكأنه لم يعد غيره ، ما عد عليا لأنه صغير ، ولم يعد زيدا لأنه من الموالي ، ولم يعد بلالا لأنه مملوك ، ولم يعد خديجة لأنها من النساء ، ويمكن أنه عد عليا ولم يعد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه الذي دعا إلى الإسلام ، هكذا .
ذكروا أنه أسلم قديما وشهد بدرا والمشاهد كلها ، ما تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشهد من المشاهد ، وأنه أول من رمى سهما في سبيل الله ، أول من رمى في سبيل الله في سرية من السرايا ، في جيش فيهم أبو سفيان ، لقوهم بصدر رابغ في أول سنة قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رابغ : المدينة المعروفة .
يقول: نقل عن الزبير بن بكار أن هذا كان في سرية عبيد الله بن الحارث بن عبد المطلب ، كان القتال في أول حرب وقعت بين المشركين والمسلمين ، وهي أول سرية بعثها النبي صلى الله عليه وسلم ليلقوا عيرا لقريش ، تراموا بالسهام ولم يكن بينهم مسايفة ، فكان سعد هو أول من رمى .
سعد رضي الله عنه كان من الشجعان ، ولأجل ذلك تولى القتال ، وبالأخص وقعة القادسية ، وذلك لأنه لما ولاه عمر رضي الله عنه أميرا وإماما على العراق ، كان يقيم الغزوات ، فجاءت هذه الغزوة التي حصل بها نصر عظيم للمسلمين ، كان هو الذي يدبرها ، وهو الذي يجهز الجيوش بما يلزم ، إلى أن حصل النصر بإذن الله .
ثم ذكر أن أهل العراق اشتكوه حتى قالوا : إنه لا يحسن أن يصلي ، قد عرف أن أهل العراق من قديم ، أنهم مُجمَّعون ، ولأجل ذلك تحصل منهم كثير من الفتن ، ولما اشتكوه سأله عمر إنهم اشتكوك حتى في الصلاة ، فذكر له صفة صلاته ، فقال : ذاك الظن بك يا أبا إسحاق .
ثم بعث عمر رضي الله عنه من يسأل أهل العراق عنه ، فكلما جاءوا إلى قبيلة سألوهم فأثنوا عليه خيرا ، حتى جاءوا إلى مسجد لبني عبس ، فقام فيه رجل فقال : إن تسألنا عن سعد فإنه كان لا يعدل في الرعية ولا يخرج في السرية ولا يقسم بالسوية ، فقال سعد رضي الله عنه : اللهم إن كان كاذبا فأطل عمره وأعم بصره وعرضه للفتن ، فبلغ سنا سقطت حاجبه على عينيه ، وفقد البصر ، وكان يمشي في السكك يتعرض للجواري يغمزهن ، يقول : شيخ مفتون أصابتني دعوة سعد .
كان سعد مستجاب الدعوة ؛ لأنه قال : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة ، فقال : ((أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة)) فكان لا يأكل إلا حلالا ، لا يأكل شيئا فيه شبهة ، فكان مستجاب الدعوة .
كان في حجة الوداع ، أصابه مرض حتى أشفق عليه من الموت عاده النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني امرؤ ذو مال ، ولا يرثني إلا ابنة ، بنت واحدة ، أفأتصدق بثلثي مالي ؟ قال : ((لا)) ، قال : فالشطر ؟ قال : ((لا)) ، قال : فالثلث ؟ قال : ((الثلث والثلث كثير ، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس)).
شفي من ذلك المرض ، كان في ذلك الوقت ما له إلا بنت واحدة ، تزوج بعد ذلك وولد له أولاد .
يقول : له من الولد : محمد ، قتله الحجاج ، وعمر قتله المختار بن أبي عبيد ، وعامر ومصعب ، روي عنهم الحديث ، وعمير وصالح وعائشة ، بنو سعد ، فيكون له من الأولاد سبعة .
بالنسبة إلى عمر بن سعد ، قتله المختار ، وذلك لأنه الذي تولى الجيش الذي قتل الحسين ، أمير السرية التي قتلت الحسين ، لما قدم ابن زياد على العراق جهز جيشا من ألفين ، وجعل أميره عمر بن سعد بن أبي وقاص ، فكان هو الذي على تلك السرية .
وذكروا أيضا أنه كان في سرية عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ، ولكن سرية عبيدة قبل وقعة بدر ؛ لأن عبيدة بن الحارث قتل في بدر ، تلك السرية هي أول حرب وقعت بين المشركين والمسلمين ، هكذا في صحيح مسلم عن أسماء بنت أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في ثقيف كذابا ومبيرا)) أما الكذاب فإنه المختار ، وأما المبير فإنه الحجاج ، هكذا .
بالنسبة إلى عامر ومصعب ، هما من رواة الحديث .
مات سعد بقصره في العقيق على عشرة أميال من المدينة ، حمل على رقاب الرجال إلى المدينة ، سنة خمس وخمسين ، وسنه بضع وسبعون ، فهو آخر من مات من العشرة ، عاش بضعا وسبعين .
لما وقعت تلك الفتن : وقعة في الجمل ووقعة صفين ، تلك الوقائع ، اعتزلها ، بل ذكروا أنه خرج في البراري ، خرج إلى البرية وانقطع عن الناس وعن مخالطة الناس حتى إنه قال :

عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ ....... عـوى وصـوت إنسـان فكـدت أطير

أي أنه يستأنس بالوحوش ويستأنس بالبرية ولا يحب أن يراه أحد ولا يرى أحدا من الناس ، يخشى أنه إذا جاءه إنسان اجتذبه إلى تلك الفتن التي حصل فيها قتال بين المسلمين ، الذين في الجمل وفي صفين وفي غيرها ، فانقطع رضي الله عنه إلى أن هدأت الأمور ، رجع إلى قصره الذي في المدينة ، بالعقيق ، على عشرة أميال من المدينة وتوفي فيه رضي الله عنه ، حمله الرجال على الرقاب عشرة أميال إلى المدينة ، لم يحملوه على حمار ولا على فرس ، مع أن عشرة الأميال قد تقارب سبعة عشر كيلو ، وهم يمشون على أرجلهم ، وذلك من تقديرهم وتوقيرهم له رضي الله عنه.