6 Jan 2009
قالَ الحافظُ أبو مُحَمَّدٍ عبدُ الغَنِيِّ بنُ عبدِ الواحدِ الْمَقْدِسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ وأَرضاهُ:
[أَعْمَامُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعَمَّاتُهُ]
فصلٌ في أَعمامِهِ وعَمَّاتِهِ
الحارثُ: وهوَ أَكبرُ وَلَدِ عبدِ الْمُطَّلِبِ، وبهِ كانَ يُكَنَّى. ومِنْ وَلَدِهِ ووَلَدِ وَلَدِهِ جماعةٌ لهم صُحْبَةُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقُثَمُ: هَلَكَ صغيرًا، وهوَ أَخُو الحارِثِ لأُمِّهِ.
والزُّبَيْرُ بنُ عبدِ الْمُطَّلِبِ: وكانَ منْ أَشرافِ قُرَيْشٍ.
وابنُهُ عبدُ اللَّهِ بنُ الزُّبَيْرِ، شَهِدَ معَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا، وثَبَتَ يَوْمَئِذٍ، واسْتُشْهِدَ بأَجْنَادَيْنِ [1]، ورُوِيَ أنَّهُ وُجِدَ إلى جَنْبِ سَبْعَةٍ قدْ قَتَلَهم وقَتَلُوهُ.
وضُبَاعَةُ بنتُ الزُّبَيْرِ، لها صُحْبَةٌ.
وأمُّ الْحَكَمِ بنتُ الزُّبَيْرِ، رَوَتْ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وحمزةُ بنُ عبدِ الْمُطَّلِبِ: أَسَدُ اللَّهِ وأَسَدُ رسولِهِ، وأَخُوهُ من الرَّضَاعَةِ، أَسْلَمَ قَديمًا، وهاجَرَ إلى المدينةِ، وشَهِدَ بَدْرًا، وقُتِلَ يومَ أُحُدٍ شَهيدًا، ولمْ يكُنْ لهُ إلَّا ابْنَةٌ [2].
وأبو الفضْلِ العَبَّاسُ بنُ عبدِ الْمُطَّلِبِ: أَسْلَمَ وحَسُنَ إسلامُهُ، وهاجَرَ إلى المدينةِ.
وكانَ أكبرَ من النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثَلاثِ سنينَ.
وكانَ لهُ عَشَرَةٌ من الذُّكُورِ: الفضْلُ وعبدُ اللَّهِ وقُثَمُ، لهم صُحْبَةٌ.
وماتَ سنةَ اثنتَيْنِ وثلاثينَ في خِلافةِ عُثمانَ بنِ عَفَّانَ بالمدينةِ.
ولمْ يُسْلِمْ منْ أَعمامِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا الْعَبَّاسُ وحَمْزَةُ.
وأبو طالبِ بنُ عبدِ الْمُطَّلِبِ: واسمُهُ عبدُ مَنَافٍ، وهوَ أخو عبدِ اللَّهِ -أبي رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأُمِّهِ.
وعَاتِكَةُ صاحبةُ الرُّؤْيَا في بَدْرٍ [3]، وأُمُّهم فَاطِمَةُ بنتُ عمرِو بنِ عَائِذِ بنِ عِمرانَ بنِ مَخْزُومٍ.
ولهُ من الوَلَدِ طالبٌ -ماتَ كافرًا- وعُقَيْلٌ، وجَعْفَرٌ، وعَلِيٌّ، وأمُّ هَانِئٍ، لهم صُحْبَةٌ. واسمُ أُمِّ هانئٍ فاخِتَةُ، وقيلَ: هِنْدٌ.
وجُمَانَةُ ذُكِرَتْ في أولادِهِ أيضًا.
وأبو لَهَبِ بنُ عبدِ الْمُطَّلِبِ: واسمُهُ عبدُ الْعُزَّى، وكَنَّاهُ أَبُوهُ بذلكَ لِحُسْنِ وَجْهِهِ.
ومِنْ وَلَدِهِ: عُتْبَةُ ومُعَتِّبٌ، ثَبَتَا معَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومَ حُنَيْنٍ، ودُرَّةُ. لهم صُحْبَةٌ.
وعُتَيْبَةُ: قَتَلَهُ الأَسَدُ بالزَّرْقَاءِ منْ أَرْضِ الشامِ على كُفْرِهِ بدَعْوَةِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعبدُ الكَعْبَةِ.
وحَجَلٌ، واسمُهُ الْمُغيرةُ.
وضِرارٌ، أخو العَبَّاسِ لأُمِّهِ.
والْغِيدَاقُ، وإنَّمَا سُمِّيَ الغِيداقَ؛ لأنَّهُ أَجْوَدُ قُريشٍ وأكْثَرُهُم طَعامًا [4].
وعَمَّاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتٌّ:
صَفِيَّةُ بنتُ عبدِ الْمُطَّلِبِ: أَسْلَمَتْ وهاجَرَتْ، وهيَ أمُّ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، تُوُفِّيَتْ بالمدينةِ في خِلافةِ عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ.
وهيَ أُخْتُ حمزةَ لأُمِّهِ.
وعَاتِكَةُ بنتُ عبدِ الْمُطَّلِبِ: قيلَ إنَّها أَسْلَمَتْ. وهيَ صاحبةُ الرُّؤْيَا في بَدْرٍ [5]، وكَانَتْ عندَ أبي أُمَيَّةَ بنِ الْمُغيرَةِ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ بنِ مَخزومٍ.
وَلَدَتْ لهُ عبدَ اللَّهِ، أَسْلَمَ ولهُ صُحْبَةٌ، وزُهَيْرًا، وقُرَيْبَةَ الكُبْرَى.
وأَرْوَى بنتُ عبدِ الْمُطَّلِبِ [6]: كانتْ عندَ عُمَيْرِ بنِ وَهْبِ بنِ عبدِ الدارِ بنِ قُصَيٍّ. فوَلَدَتْ لهُ طُلَيْبَ بنَ عُمَيْرٍ، وكانَ من المهاجرينَ الأَوَّلِينَ، شَهِدَ بَدْرًا، وقُتِلَ بأَجنادينَ شَهِيدًا، ليسَ لهُ عَقِبٌ.
وأُمَيْمَةُ بنتُ عبدُ الْمُطَّلِبِ [7]: كانتْ عندَ جَحْشِ بنِ رِئَابٍ. وَلَدَتْ لهُ عبدَ اللَّهِ المقتولَ بأُحُدٍ شَهيدًا، وأبا أحمدَ الأعمى الشاعرَ، واسمُهُ عَبْدٌ، وزينبَ زَوْجَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحَبِيبَةَ، وحَمْنَةَ، كُلُّهم لهم صُحبةٌ، وعُبيدَ اللَّهِ بنِ جَحْشٍ، أَسْلَمَ ثمَّ تَنَصَّرَ وماتَ بالحبشةِ كافرًا.
وبَرَّةُ بنتُ عبدِ الْمُطَّلِبِ [8]: كانتْ عندَ عبدِ الأسدِ بنِ هلالِ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرَ بنِ مخزومٍ. فوَلَدَتْ لهُ أبا سَلَمَةَ، واسمُهُ عبدُ اللَّهِ، وكانَ زوجَ أُمِّ سَلَمَةَ قبلَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتَزَوَّجَها بعدَ عبدِ الأسدِ أبو رُهْمِ بنُ عبدِ العُزَّى بنِ أبي قَيْسٍ، فوَلَدَتْ لهُ أبا سَبْرَةَ بنَ أبي رُهْمٍ.
وأُمُّ حَكيمٍ [9]: وهيَ البَيْضَاءُ بنتُ عبدِ الْمُطَّلِبِ، كانتْ عندَ كُرَيْزِ بنِ رَبيعةَ بنِ حَبيبِ بنِ عبدِ شَمْسِ بنِ عبدِ مَنافٍ. فوَلَدَتْ لهُ أَرْوَى بنتَ كُرَيْزٍ، وهيَ أمُّ عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ.
تعليق الشيخ: خالد بن عبد الرحمن الشايع
[2] ذَكَرَ القسطلانيُّ في (المواهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ) (2/102) أنَّ لهُ ابنَيْنِ أيْضًا يُكَنَّى بهما: عِمارةُ، ويَعْلَى.
[3] ومُلَخَّصُها: أنَّ عاتِكَةَ أَرْسَلَتْ للعَبَّاسِ بنِ عبدِ الْمُطَّلِبِ تُخْبِرُهُ أنَّها رَأَتْ رُؤْيَا مُفْزِعَةً، وهيَ أنَّ راكِبًا أَقْبَلَ على بَعيرٍ لهُ يَسْتَصْرِخُ الناسَ في الأَبْطُحِ: يَا لَغُدَرُ لَمَصَارِعُكُم في ثلاثٍ، ثمَّ تَبِعُوهُ إلى المسجدِ، ثمَّ ظَهَرَ بهِ بعيرُهُ على الكعبةِ، ثمَّ استَصْرَخَهم مثلَ المرَّةِ الأَولى، ثمَّ ظَهَرَ بهِ بعيرُهُ على جَبَلِ أبي قُبَيْسٍ، فأَرْسَلَ عليهم صَخرةً، فتَفَتَّتْ، فما بَقِيَ بيتٌ في مَكَّةَ إلَّا دَخَلَهُ منها.
وكانت هذهِ الرُّؤْيَا سببًا رَئِيسًا في تَثْبِيطِ عَدُوِّ اللَّهِ أبي لَهَبٍ من الخروجِ لبَدْرٍ.
انظُرْ: (سيرةَ ابنِ هِشامٍ) (1/607)، (مَرْوِيَّاتِ غَزوةِ بَدْرٍ) ص (128).
[4] الذي يَظْهَرُ أنَّهُ لمْ يُدْرِكَ الإسلامَ منْ أعمامِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلَّا أَرْبَعَةٌ:
حَمْزَةُ والعَبَّاسُ، وقدْ أَسْلَمَا رَضِيَ اللَّهُ عنهما.
وأبو طالِبٍ وأبو لَهَبٍ، وبَقِيَا على كُفْرِهما.
ونَبَّهَ لهذا الإمامُ النوويُّ رَحِمَهُ اللَّهُ في (تَهذيبِ السيرةِ النبويَّةِ) ص (42)، بتَحْقِيقِي. وهوَ مُنْتَزَعٌ منْ (تَهذيبِ الأسماءِ واللُّغَاتِ).
[5] تقَدَّمَت الإشارةُ إليها ص (97) في التعليقِ رقم (1).
[6] ذَكَرَ الذهبيُّ في (سِيَرِ أعلامِ النُّبلاءِ) (2/272) أنَّها أَسْلَمَتْ.
[7] ذكَرَ الذهبيُّ في (السِّيَرِ) (2/273) أنَّها أَسْلَمَتْ.
[8] قالَ الذهبيُّ في (السِّيَرِ) (2/273): لمْ تُدْرِك البَعثَ.
[9] قالَ الذهبيُّ في (السِّيَرِ) (2/273): وما أَظُنُّها أَدْرَكَتْ نُبُوَّةَ الْمُصْطَفَى.
وحولَ إسلامِ عَمَّاتِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقولُ ابنُ حِبَّانَ في (السيرةِ) ص (52 - 53): لمْ يُسْلِمْ منْ عَمَّاتِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا صَفِيَّةُ.
وانْظُر: الطبقاتِ (8/41 - 44) لابنِ سعدٍ.
شرح مختصر عبد الغني لفضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)
يقول بعد ذلك: فصل في أعمام النبي صلى الله عليه وسلم وعماته.
كان لرسول الله النبي صلى الله عليه وسلم من العمومة أحد
عشر، هكذا ذكر، وقد ذكروا أن عبد المطلب نذر إذا رزقه الله عشرة من الولد
أن يذبح أحدهم، يعني من باب الشكر، أو من باب التقرب بما يحبه، فتم أولاده
عشرة، الذكور. بعد ذلك أراد أن يوفي بنذره، فجاء بالسهام ليسهم على
الأولاد، فخرج السهم على عبد الله، والد النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت
له قريش: لك أن تفديه، اذبح بدله مائة من الإبل. القصة طويلة، ذبح بدله
مائة من الإبل، وأصبح يسمى الذبيح.
أما بقية أولاده فإن بعضهم أسلم قديما وبعضهم أسلم حديثا،
فمنهم الحارث بن عبد المطلب، أكبر أولاد عبد المطلب، كان عبد المطلب يقال
له: أبو الحارث، يكنى بولده الحارث، وله أولاد وأولاد أولاد، لهم صحبة،
صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم، منهم سفيان الذي ثبت مع النبي صلى الله
عليه وسلم في غزوة حنين، سفيان بن الحارث ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: اسمه قثم بن عبد المطلب، ذكر أنه أخو الحارث لأمه، هلك صغيرا، يمكن أنه هلك بعدما ترعرع.
الثالث: الزبير بن عبد المطلب،
وهو من أشراف قريش، وله ابن اسمه عبد الله بن الزبير، وهو الذي شهد مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم أيضا حنينا، وثبت يومئذ واستشهد بغزوة أجنادين،
وأجنادين موضع معروف بالشام، موقع قريب من فلسطين، روي أنه وجد إلى جنبه
سبعة من الكفار، قد قتلهم ثم قتلوه، عبد الله ولد الزبير قد أسلم، وللزبير
أيضا بنت اسمها ضباعة بنت الزبير، وهي التي وردت في الحديث أن النبي دخل
على ضباعة وقالت: إني أريد الحج وأجدني وجعة، فقال لها: ((حجي واشترطي)) ولها أيضا أخت يقال لها أم الحكم بنت الزبير بن عبد المطلب، وهي أيضا ممن روى الحديث.
رابعا: حمزة بن عبد المطلب، أسد
الله وأسد رسوله، الذي أسلم قديما، كان من فرسان الصحابة، ولم يخلف إلا
ابنة وعرضت كي يتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((إنها بنت أخي من الرضاعة)).
أسلم بمكة وهاجر إلى المدينة، وشهد بدرا، وبارز مع الذين بارزوا الكفار، واستشهد يوم أحد، هكذا.
الخامس: أبو الفضل العباس بن عبد
المطلب، أسلم وحسن إسلامه، أسلم في سنة ثمان قبل أن تفتح مكة، وهاجر إلى
المدينة، سنه أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم، سأله بعض الصحابة: هل أنت
أكبر أم النبي صلى الله عليه وسلم؟ فكره أن يقول: إني أكبر، فقال: النبي
صلى الله عليه وسلم أكبر مني وأنا أسن منه، تواضع قال: أنا أسن منه، لم
يتجرأ أن يقول: أنا أكبر، مع أنه قبله بثلاث سنين، كان له عشرة من الولد،
أولاد العباس، منهم الفضل، وعبد الله، وقثم، لهم صحبة، والبقية كأنهم صغار
ما أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم، أشهرهم عبد الله الذي هو حبر الأمة،
وترجمان القرآن، مات العباس سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان
بالمدينة، بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بثنتين وعشرين سنة، لم يسلم من
أعمام النبي صلى الله عليه وسلم إلا العباس وحمزة، يعني أن الحارث وقثم
والزبير لم يسلموا، ولكن أسلم أولادهم.
السادس: أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم.
اسمه عبد مناف، أكبر أولاده اسمه طالب، وهو أخو عبد الله
والد النبي صلى الله عليه وسلم لأمه، وكذلك أخو عاتكة صاحبة الرؤيا في بدر،
أمهم فاطمة بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، أي من بني مخزوم، ذكروا أن
عاتكة هذه قبيل وقعة بدر رأت رؤيا، وهي أن صائحا يصيح في بطحاء مكة يا أهل
مكة اخرجوا إلى مصارعكم، ثم أخذ ذلك الصائح حجرا من الحجارة الكبيرة وضرب
به فتكسر، وطارت كسره فما بقي بيت مشهور إلا دخلت فيه كسرة.
وكان أبو جهل ينكث النبي صلى الله عليه وسلم فلما جاءه خبر
هذه الرؤيا فقال: يا بني هاشم، أما يكفيكم تنبؤ رجالكم تنبأ رجل منكم،
والآن قد تنبأت امرأة ألا يكفيكم ذلك فلم يلبثوا إلا وقد جاء الخبر بأن
محمدا اعترض أبا سفيان ومن معه الذين جاءوا بتلك البضائع، فلما علموا ذلك
قالوا: هلم فلنخرج حتى ننقذ بضائعنا، فلما خرجوا إلى بدر وصلت إليهم
الغزوة، ووقعت وقعة بدر وقتل أبو جهل.
هكذا أولاد أبي طالب أربعة: طالب، وعقيل، وجعفر، وعلي؛ طالب
مات كافرا، وعقيل ما أسلم إلا متأخرا، وجعفر أسلم متقدما، وهاجر الهجرتين،
وعلي أسلم أيضا وهو صغير.
وله أيضا أم هانئ بنت أبي طالب ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ)) اسمها فاختة وقيل اسمها هند.
والسابع: أبو لهب، المشهور أبو
لهب بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه كان شقيا، كناه أبوه
بذلك لحسن وجهه، يعني كناه أبا لهب، ولما مات مات بعدما جاءت وقعة بدر،
لما جاء الذين رجعوا من وقعة بدر قال بعضهم أخذوا يلومونهم: كيف وأنتم ألف
وهم ثلاثمائة وغلبوكم وقتلوا منكم هذه المقتلة فيقول واحد منهم: والله ما
لمت الناس لقينا رجالا جردا بين السماء والأرض لا يقوم لهم قائمة فقال أحد
الموالي: تلك والله الملائكة فغضب أبو لهب وقام إليه وجعل يضربه، ثم جاءه
من يخلصه بعد مدة قليلة ابتلي أبو لهب بمرض يقال له: العدسة مرض يعدي فمات
بسرعة، ولم يقدروا أن يمسوه فجروه بحبال، ووضعوه عند جدار، وهدموا الجدار
عليه وذلك لأن الله تعالى توعده بالكفر{سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} له أولاد: عتبة، ومعتب، أسلم ولده عتبة ومعتب، وثبت يوم أحد، وله أيضا بنت اسمها درة بنت أبي لهب.
وكذلك أيضا له ولد اسمه عتيبة دخل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يهاجر وسبه، أخذ يسب النبي صلى الله عليه وسلم ولما خرج قال: ((اللهم سلط عليه كلبا من كلابك))
فأخبر أباه، فقال: أخاف أن تقبل دعوة محمد، ثم إنه خرج إلى الشام عتبة
هذا، ولما وصلوا إلى الزرقا من أرض الشام، وصلوا إليها، قالوا: إن هذه أرض
المسبعة، فماذا نفعل؟ عمدوا على عتبة هذا، وجعلوه وسط رحلهم، وأظهروا عليه
الرحل وأخفوه وناموا، وجاء الأسد في الليل، وجعل يشم حتى ركع عليه، وأخذ
رأسه فهشم رأسه، واستجيبت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: قتله الأسد
في الزرقا من أرض الشام.
كذلك أولاد عبد المطلب: عبد الكعبة، وحجل، وضرار، والغيداق، فيكون لعبد المطلب أحد عشر، فهؤلاء أولاد عبد المطلب أحد عشر.
وأما بناته عمات النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أنهن ست:
إحداهن صفية بنت عبد المطلب، وهي أم الزبير بن العوام أسلمت وهاجرت، ولما
قتل أخوها حمزة جاءت بكفن، أو جاءت بثوبين فكفن في أحدهما؛ لأن الكفار قد
نزعوا ثيابه، ماتت في المدينة في خلافة عمر رضي الله عنه، هي أخت حمزة
لأمه.
شقيقته الثانية: عاتكة بنت عبد
المطلب يعني أخت أبي طالب، وقيل: إنها أسلمت، وقال بعضهم: إنها صاحبة
الرؤيا في بدر التي ذكروها، كانت عند أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن
عمرو بن مخزوم، ولدت له عبد الله، أسلم وله صحبة، وزهيرا وقريبة الكبرى.
هذه أيضا إحدى عمات النبي صلى الله عليه وسلم.
الثالثة: أروى بنت عبد المطلب
عمة النبي صلى الله عليه وسلم، ذكر أيضا أنها أسلمت، كانت زوجة لعمير بن
وهب بن عبد الدار بن قصي، وعمير هذا ما ذكر أنه أسلم، ولدت له طليب بن عمير
وهو من المسلمين، بل من المهاجرين الأولين إلى الحبشة، شهد بدرا، وقتل
بأجنادين شهيدا، قتل شهيدا في أجنادين غزوة وليس له عقب.
كذلك الرابعة: أميمة بنت عبد
المطلب كانت عند جحش بن رئاب ولدت له عبد الله الذي قتل بأحد شهيدا، وأبا
أحمد الأعمى الشاعر، واسمه عبد، ولدت أيضا زينب زوج النبي صلى الله عليه
وسلم، هؤلاء كلهم من جحش بن رئاب زينب بنت جحش بن رئاب، وأمها أميمة بنت
عبد المطلب، فتكون زينب بنت عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أم زينب
وحبيبة وحمنة، وكلهن لهن صحبة، وأم عبيد الله بن جحش وهو من الذين أسلموا
وهاجروا، ولكنه والعياذ بالله تنصر ومات في الحبشة كافرا.
خامسا: وبرة بنت عبد المطلب،
وبرة هذه أيضا كانت عند عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم،
ولدت له أبا سلمة اسمه عبد الله، وهو زوج أم سلمة الذي هاجر بها مع النبي
إلى الحبشة، ثم رجع إلى المدينة، ثم مات بالمدينة تزوجها النبي صلى الله
عليه وسلم بعد عبد الأسد أبو رهم بن عبد العزى بن أبي قيس، فولدت له أبا
سبرة بن أبي رهم هكذا.
السادسة: أم حكيم إحدى عمات
النبي صلى الله عليه وسلم بنت عبد المطلب، وتسمى البيضاء كانت عند كُريز بن
ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف، ولدت له أروى بنت كُريز، وهي أم
عثمان بن عفان رضي الله عنهم، هؤلاء أعمامه وعماته، وهم أيضا منهم من له
صحبة وكان ممن أسلم، ومنهم من لم يسلم، ولكن عقبهم عقب أعمامه أسلموا،
ويعتبرون من بني هاشم، ويعتبرون من بني عبد المطلب الذين هم في رتبة علي بن
أبي طالب، ولكنهم مع ذلك لا يعترف بهم الرافضة الذين يقولون: إننا نوالي
أهل البيت، فنقول لهم: إذا كنتم توالون أهل البيت فلا تبغضوا منهم أحدا؛
فإن العباس من آل البيت، وأولاده عشرة وأنتم تقاطعونهم وتعادونهم، وهو عم
النبي صلى الله عليه وسلم، وأولاد الحارث بن عبد المطلب من آهل البيت،
أسلموا وجاهدوا في سبيل الله وأنتم لا تعترفون بهم، مع أنهم من أهل البيت،
وكذلك أولاد الزبير بن عبد المطلب، الزبير هو أخو عبد الله، وأخو أبي طالب
الذي هو والد علي ها كأنكم تقولون: أهل البيت علي فقط، واثنان من أولاده،
هذا هو معتقدهم، علي رضي الله عنه أولاده الذكور أحد عشر، ولكنهم لا
يعترفون إلا بالحسن والحسين، وحتى لا يعترفون بأختهم أم كلثوم؛ لأنها تزوجت
عمر بن الخطاب، وهم يلعنون عمر رضي الله عنه، ولا يعترفون بهؤلاء وكأنهم
ليسوا من آهل البيت، وحتى مثلا أولاد أبي لهب الذي مات كافرا وتوعده الله: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} أسلم له ولدان، ولهما ذرية، وكانوا من الصحابة أفتوالونهم أليسوا من أهل البيت أليسوا من آل النبي صلى الله عليه وسلم؟
والحاصل: أن العلماء يذكرون
أعمام النبي صلى الله عليه وسلم، ويذكرون عماته؛ ليعرف الناس أنهم أولى بأن
يكونوا من أهل البيت، وأن الذين يمقتونهم أو يبغضونهم لم يكونوا صادقين في
أنهم يوالون أهل البيت، إذا أنكر على هؤلاء الرافضة يقولون: ليس لنا ذنب
إلا أننا نحب أهل البيت، ذنبنا عندكم أننا نوالي أهل البيت، من هم أهل
البيت؟ عندكم أنهم أربعة فقط، وذرية الحسين، والبقية لا تعترفون بهم ما
الذي قرب هؤلاء وأبعد هؤلاء؟ كلهم جميعا في القرابة سواء.
فهكذا نحب جميعا أهل البيت، ونحب جميع الصحابة، ونحب أيضا أقارب النبي صلى الله عليه وسلم، ونحب زوجاته صلى الله عليه وسلم.
لعلنا في الغد إن شاء الله نقرأ زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كما سمعنا.
أحسن الله إليكم يقول: ما هو الاعتقاد الحق في أبوي المصطفى صلى الله عليه وسلم؟
ماتا في الجاهلية، ثبت أنه صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه، وقال: ((استأذنت ربي أن أزورها فأذن لي فزوروا القبور؛ فإنها تذكر الآخرة، واستأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يأذن لي)) يعني في قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى}؛ فكونه لم يأذن له أن يستغفر لها دل على أنها ماتت على الكفر، والله أعلم بحال الجاهليين الذين ماتوا في الجاهلية.
أحسن الله إليكم، وأثابكم، ونفعنا بعلمكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد - والله أعلم وصلى الله على محمد- وعلى آله وصحبه أجمعين.