6 Jan 2009
قالَ الحافظُ أبو مُحَمَّدٍ عبدُ الغَنِيِّ بنُ عبدِ الواحدِ الْمَقْدِسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ وأَرضاهُ:
[أَوْلادُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منْ بَنِينَ وبَنَاتٍ]
فَصْلٌ في أولادِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1]
ولهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من البَنِينَ ثلاثةٌ:
القاسِمُ: وبهِ كانَ يُكَنَّى، وُلِدَ بِمَكَّةَ قبلَ النُّبُوَّةِ، وماتَ
بها وهوَ ابنُ سَنَتَيْنِ. وقالَ قَتادةُ: عاشَ حتَّى مَشَى.
وعبدُ اللَّهِ: ويُسَمَّى الطَّيِّبُ والطَّاهِرُ؛ لأنَّهُ وُلِدَ في الإسلامِ.
وقِيلَ: إنَّ الطَّاهِرَ والطَّيِّبَ غَيْرُهُ. والصحيحُ الأَوَّلُ.
وإبراهيمُ عليهِ السلامُ: وُلِدَ بالمدينةِ، وماتَ بها سنةَ عَشْرٍ، وهوَ ابنُ سَبْعَةَ عَشَرَ شهرًا أوْ ثمانيَةَ عَشَرَ [2].
وقيلَ: كانَ لهُ ابْنٌ يُقالُ لهُ: عبدُ الْعُزَّى. وقدْ طَهَّرَهُ اللَّهُ عزَّ وجَلَّ منْ ذلكَ وأَعاذَهُ منْهُ [3].
الْبَنَاتُ:
زَيْنَبُ: تَزَوَّجَها أبو العاصِ بنُ الربيعِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ عبدِ
شَمْسٍ، وهوَ ابنُ خَالَتِها، وأُمُّهُ هالةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ.
وَلَدَتْ لهُ عَلِيًّا -ماتَ صغيرًا-
وَأُمَامَةَ التي حَمَلَها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
الصَّلاةِ، وَبَلَغَتْ حتَّى تَزَوَّجَها عَلِيٌّ بعدَ مَوْتِ فاطمةَ.
وفاطمةُ: بنتُ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
تَزَوَّجَها عَلِيُّ بنُ أبي طالبٍ، فوَلَدَتْ لهُ الحسَنَ والْحُسَيْنَ،
ومُحْسِنًا، ماتَ صغيرًا، وأُمَّ كُلثومٍ، تَزَوَّجَها عُمَرُ بنُ
الْخَطَّابِ، وزَيْنَبَ، تَزَوَّجَها عبدُ اللَّهِ بنُ جَعفرِ بنِ أبي
طالبٍ.
ورُقَيَّةُ: بنتُ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَزَوَّجَها عُثمانُ بنُ عَفَّانَ، فماتَتْ عندَهُ.
ثم تَزَوَّجَ أُمَّ كُلثومٍ، فمَاتَتْ عندَهُ.
ووَلَدَتْ رُقَيَّةُ ابنًا، فَسَمَّاهُ عبدَ اللَّهِ، وبهِ كَانَ يُكَنَّى.
فَالْبَنَاتُ أَرْبَعٌ بلا خِلافٍ.
والصحيحُ في البنينَ أنَّهُم ثَلاثةٌ.
وأَوَّلُ مَنْ وُلِدَ لهُ: القاسِمُ، ثمَّ زَيْنَبُ، ثمَّ رُقَيَّةُ، ثمَّ
فَاطمةُ، ثمَّ أُمُّ كُلثومٍ. ثم في الإسلامِ: عبدُ اللَّهِ، ثمَّ إبراهيمُ
بالمدينةِ.
وأولادُهُ كُلُّهم منْ خَديجةَ إلَّا إبراهيمَ؛ فإنَّهُ منْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ.
وكلُّهم مَاتُوا قبلَهُ إلَّا فاطمةَ؛ فإنَّها عَاشَتْ بعدَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ.
تعليق الشيخ: خالد بن عبد الرحمن الشايع
[1] راجِعْ (تَسميَةَ أزواجِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأولادِهِ) لأبي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بنِ الْمُثَنَّى.شرح مختصر عبد الغني لفضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)
أما أولاده، فقيل: إنه ولد له من خديجة ثمانية: أربعة بنين، وأربع بنات، ولكن المؤلف لم يرجح إلا اثنين وأربع بنات، يقولون: (ولد
له صلى الله عليه وسلم من البنين ثلاثة: القاسم، وبه كان يكنى، ولد بمكة
قبل النبوة ومات بها وهو ابن سنتين، وقال قتادة: عاش حتى مشى).
كانت كنيته أبو القاسم، قبل الوحي وبعده.
وقد اختلف، هل يجوز أن يكنى غيره بهذه الكنية؟ فروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، فإنما بعثت قاسما أقسم بينكم))
ولكن قد أثر عن الصحابة كثيرا، وعن التابعين ومن بعدهم، أنهم تكنوا بأبي
القاسم، وأقربهم محمد بن القاسم بن محمد بن أبي بكر؛ فإنه يكنى أبا القاسم،
فلعل النهي كان في حياته.
ولا خلاف أنه مات صغيرا، وسواء كان قد مشى أو لا. قول قتادة: (عاش حتى مشى)، الذي يكون له سنتان يمشي.
- الثاني: عبد الله، ويسمى الطيب الطاهر؛ لأنه ولد في الإسلام، وقيل: إن الطيب الطاهر غيره، والصحيح الأول،
الذين قالوا: إن أولاده
من خديجة أربعة، قالوا: القاسم، وعبد الله، والطيب، والطاهر، والذين قالوا:
ولدان، قالوا: إن عبد الله يوصف بعبد الله الطيب، عبد الله الطاهر، فكان
له ثلاثة أسماء: عبد الله، الطيب، الطاهر، وكأن هذا هو الأقرب؛
وذلك لأنه عندما تزوج
خديجة كان عمرها نحو أربعين سنة، يعني قد أسنت، وإذا كنا تحققنا أنها ولدت
أربع بنات وولدين؛ ستة، فهؤلاء الستة على الأقل يمكن أنهم تتابعوا، كل واحد
في سنة، فمعنى ذلك أنهم ولدوا، انتهوا إلى سنة ست وأربعين، وهذه غاية ما
ينقطع عنه حمل المرأة، ويمكن أن كل واحد منهم له سنتان، فتكون أيضا زادت
على الستين وهي تلد، وإن كان ذلك نادرا.
- الثالث من أولاده: (إبراهيم، ولد بالمدينة ومات بها سنة عشر وهو ابن سبعة عشر شهرا، أو ثمانية عشر)، يعني مات قبل أن يفطم؛ ولذلك في صحيح البخاري: (لما توفي إبراهيم قال: ((إن له مرضعا في الجنة)) ).
وأمه مارية القبطية؛ أمة مملوكة للنبي صلى الله عليه وسلم، وطئها فحملت فكانت أم ولد.
هناك من يقول: إنه كان له
ولد قديم اسمه عبد العزى، وهذا ليس بصحيح، طهره الله عز وجل من ذلك، وأعاذه
أن يعبّد لغير الله، وأن يسمي أحدا من أبنائه عبدا لغير الله.
أما البنات فبالاتفاق أنهن أربع:
- أكبرهن زينب، تزوجها
أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس، وهو ابن خالتها، أمه هالة
بنت خويلد، أخت خديجة بنت خويلد، فتزوج زينب، وولدت منه، قيل: إنها ولدت له
ولدا اسمه علي، مات وهو صغير، وولدت له أيضا جارية اسمها أمامة.
ثبت في الصحيح (أن النبي
صلى الله عليه وسلم خرج مرة وهو حامل أمامة بنت زينب، ولأبي العاص بن
الربيع، فتقدم بالناس وكبر وهو حامل لها، فكان إذا ركع وضعها وإذا قام
حملها) يعني من شفقته ورحمته.
هذه أمامة، يقول بعضهم:
إنها بلغت وتزوجها علي رضي الله عنه، أي بعد موت فاطمة. يمكن أن يكون ذلك؟
لأن زينب بقيت في مكة لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لما كان في
غزوة بدر أسر أبو العاص مع الأسرى، بعد ذلك منّ عليه النبي صلى الله عليه
وسلم بدون فدية، واشترط عليه أن يرسل زينب، فوفى بذلك، فجاءت زينب سنة
اثنتين، وأقامت مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن لها أولادها هكذا.
ولما هاجر أبو العاص سنة ثمان ردها عليه، ولكنها ماتت بعد ذلك بقليل، ماتت
بعد هجرته بسنة.
- الثانية: فاطمة، وهي
أشهرهن، أي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها علي رضي الله عنه،
ولدت له الحسن والحسين ومحسنا وأم كلثوم وزينب.
فأما محسن
فمات وهو صغير، ويقول الرافضة: إنه مات وهو في بطنها، وأن عمر بن الخطاب
طعن بطنها إلى أن أسقطته، وهذا كذب، كذب على عمر ولو ذكر في كتبهم، فإنهم
كذابون، ولم يذكر في كتب أهل السنة، ويمكن أنه مات وهو رضيع.
وأما أم كلثوم
فهي التي تزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولما تزوجها قال: ما أريد
إلا أن أتصل بنسب هذا البيت الكريم، أن يكون لي صلة به، ولدت منه ولدا اسمه
زيد، ولما ولدته بقيت بعدما ترعرع الولد نحو سنتين أو قريبا منها، وماتت
ومات ولدها.
- الثالثة من بنات النبي صلى الله عليه وسلم: رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، تزوجها عثمان وماتت سنة ثنتين.
تخلف عثمان عن غزوة بدر ليمرض ابنته؛ أي: بنت النبي صلى الله عليه وسلم، فأعطاه سهمه وأجره كأنه حضرها.
ولما ماتت؛ زوجه أختها التي هي:
- أم كلثوم، وهي الرابعة، ومكثت عنده أيضا سنة أو سنوات وماتت، وقال: ((لو كان عندي بنت ثالثة لزوجتها عثمان)).
عثمان تزوج أولا رقية، ثم تزوج أم كلثوم، ولذلك يقال له: ذو النورين، يعني: ذو الزوجتين، ومدحه الكلوذاني:
قـالوا فثـالثهم فقلت مجاوبا = مـن بـايع المختار عنـه باليد
عن ابن عفان التقي ومن حوى = فضليــن فضـل تلاوة وتهجـد
يعني أنه يدعى: ذو النورين.
هكذا رقية ولدت من عثمان ابنا اسمه عبد الله، وبه كان يكنى.
البنات أربع بلا خلاف، والبنين الصحيح أنهم ثلاثة.
أول من ولد له القاسم، ثم
زينب، ثم رقية، ثم فاطمة، ثم أم كلثوم، ثم في الإسلام عبد الله، ثم إبراهيم
في المدينة، أولاده كلهم من خديجة، إلا إبراهيم، فإنه من مارية القبطية
وهي أمة،
كلهم ماتوا قبله إلا فاطمة فإنها عاشت بعده ستة أشهر، وقد أخبرها في آخر حياته، أسر إليها، وقال: ((إن جبريل كان يدارسني القرآن مرة، وهذه السنة عارضني مرتين، ولا أرى ذلك إلا لدنو أجلي))، فبكت، ثم أسر إليها فقال: ((إنك أول أهلي لحوقا بي، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة؟)) فمكثت بعده ستة أشهر ثم ماتت رضي الله عنها.