6 Jan 2009
قالَ الحافظُ أبو مُحَمَّدٍ عبدُ الغَنِيِّ بنُ عبدِ الواحدِ الْمَقْدِسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ وأَرضاهُ:
[أَسْمَاءُ
الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونَشْأَتُهُ بِمَكَّةَ
ومُكْثُهُ بها، وبَدْءُ الوَحْيِ، وهِجْرَتُهُ إلى الْمَدِينةِ، والإسراءُ
إلى بيتِ الْمَقْدِسِ، والعُروجُ بهِ إلى السماءِ، وذِكْرُ وَفاتِهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ].
فَصْلٌ في أسمائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
روى جُبَيْرُ بنُ مُطْعِمٍ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنِّي
أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو
اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي حَشَرَ النَّاسَ،
وَأَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ)). صحيحٌ مُتَّفَقٌ عليهِ [1].
وروى أبو موسى عبدُ اللَّهِ بنُ قَيْسٍ قالَ: سَمَّى
لنا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ أَسْمَاءً،
منها ما حَفِظْنَا، فقالَ: ((أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَالْمُقَفِّي، وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ، وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ)).
وفي روايَةٍ: ((وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ))، وهيَ الْمَقْتَلَةُ. صحيحٌ، رواهُ مُسْلِمٌ [2].
وروى جابرُ بنُ عبدِ اللَّهِ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَنَا
أَحْمَدُ، وَأَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا الْحَاشِرُ، وَأَنَا الْمَاحِي
الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ
الْقِيَامَةِ لِوَاءُ الْحَمْدِ مَعِي، وَكُنْتُ إِمَامَ الْمُرْسَلِينَ،
وَصَاحِبَ شَفَاعَتِهِمْ)) [3].
وسَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ:
{بَشِيرًا}، وَ{نَذِيرًا} [4].
وَ{رَءُوفٌ}، وَ{رَحِيمٌ} [5].
وَ{رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [6].
فصلٌ:
[نَشْأَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، وخُرُوجُهُ معَ عمِّهِ أبي طالبٍ إلى الشامِ، وزَوَاجُهُ بخَديجةَ]
ونَشَأَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ يَتِيمًا يَكفُلُهُ جَدُّهُ عبدُ الْمُطَّلِبِ، وبعْدَهُ عمُّهُ أبو طالبِ بنُ عبدِ الْمُطَّلِبِ.
وطَهَّرَهُ اللَّهُ عزَّ وجَلَّ منْ دَنَسِ الجاهليَّةِ ومِنْ كلِّ عَيْبٍ [7]، ومَنَحَهُ كلَّ خُلُقٍ جميلٍ، حتَّى لمْ يكُنْ يُعْرَفُ بينَ قومِهِ إلَّا بالأمينِ؛ لِمَا شاهَدُوا منْ أَمَانَتِهِ وصِدْقِ حَديثِهِ وطَهارتِهِ.
"فلَمَّا بَلَغَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سنةً خرَجَ معَ عَمِّهِ أبي طالبٍ إلى الشامِ، حتَّى بَلَغَ بُصْرَى [8]، فرآه بَحِيرَا الرَّاهِبُ، فعَرَفَهُ بِصِفَتِهِ.
فجاءَ وأَخَذَ بيدِهِ وقالَ: هذا سَيِّدُ العالَمِينَ، هذا رسولُ ربِّ العالمينَ، هذا يَبْعَثُهُ اللَّهُ رحمةً للعالَمينَ.
فقيلَ لهُ: وما عِلْمُكَ بذلكَ؟ قالَ: إنَّكُمْ حينَ أَقْبَلْتُمْ من العَقَبَةِ لمْ يَبْقَ شَجرةٌ ولا حَجَرٌ إلَّا خَرَّ ساجدًا، ولا يَسْجِدُونَ إلَّا لِنَبِيٍّ، وإنَّا نَجِدُهُ في كُتُبِنا. وسألَ أبا طالبٍ، فرَدَّهُ خَوْفًا عليهِ من اليهودِ" [9].
ثُمَّ خَرَجَ ثانيًا إلى الشامِ معَ مَيْسَرَةَ غُلامِ خَديجةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها في تِجارةٍ لها قبلَ أنْ يَتَزَوَّجَها، حتَّى بَلَغَ إلى سُوقِ بُصْرَى، فباعَ تِجارتَهُ.
فلَمَّا بلَغَ خَمْسًا وعشرينَ سنةً تَزَوَّجَ خديجةَ [10] عليهِ السلامُ [11].
تعليق الشيخ: خالد بن عبد الرحمن الشايع
قالَ ابنُ الأثيرِ في معنى: ((يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي)) أيْ: أنَّهُ أوَّلُ مَنْ يُحْشَرُ من الْخَلْقِ، ثمَّ يُحْشَرُ الناسُ على قَدَمِهِ؛ أيْ: على أَثَرِهِ. وقيلَ: أرادَ بقَدَمِهِ: عَهْدَهُ وزَمانَهُ.
وقدْ أشارَ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في (فتحِ البارِي) (6/ 558) إلى أنَّهُ لا يُرادُ حَصْرُ أسماءِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في هذهِ الخمسةِ المذكورةِ، ولكنَّ الذي يَظهرُ لي أنَّهُ أشارَ إلى أنَّهُ اخْتُصَّ بها ولمْ يُسَمَّ بها أَحَدٌ قَبلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أوْ أنَّها مُعَظَّمَةٌ أوْ مَشهورةٌ في الأمَمِ السابقةِ.
وأمَّا التسميَةُ بِمُحَمَّدٍ، فقدْ حَمَى اللَّهُ تعالى هذا الاسمَ والأسماءَ التي اخْتُصَّ بها عليهِ الصلاةُ والسلامُ أنْ يُسَمَّى بها أحَدٌ قَبلَهُ، وقدْ سُمُّوا بهِ قُرْبَ مَوْلِدِهِ لَمَّا سَمِعُوا من الأحبارِ والكُهَّانِ أنَّ نَبِيًّا سَيُبْعَثُ في ذلكَ الزمانِ يُسَمَّى مُحَمَّدًا، فرَجَوْا أنْ يكُونَ أحدَهم، فَسَمَّوْا أبناءَهم بذلكَ.
[2] رَقْم (2355). أمَّا رِوايَةُ ((نَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ))، فهيَ عندَ أحمدَ في المسنَدِ: (4/395، 404، 407)، وابنِ حِبَّانَ في (صحيحِهِ) (6314). وفي روايَةٍ: لفظُ ((نَبِيُّ الْمَلَاحِمِ))، في (المسنَدِ) (5/ 405)، و(الشمائلِ) ص (191) للتِّرْمِذِيِّ. قالَ الألبانيُّ: إسنادُهُ حَسَنٌ.
والْمَلَاحِمُ: جَمْعُ مَلحَمَةٍ، وهيَ الْحَرْبُ؛ سُمِّيَتْ بذلكَ لاشتباكِ لُحومِ الناسِ فيها بَعْضِهِم ببعضٍ.
[3] أَوْرَدَهُ الهَيْثَمِيُّ في (مَجْمَعِ الزوائدِ) (8/ 284) وقالَ: رواهُ الطبرانيُّ في الكبيرِ [(2/ 184)، ورَقْمُهُ (1750) ]، والأَوْسطِ [(4/44) ورقَمُهُ (3570) ]، وفيهِ عُرْوَةُ بنُ مَرْوانَ، قيلَ فيهِ: ليسَ بالقَوِيِّ، وبَقِيَّةُ رِجالِهِ وُثِّقُوا.
[4] قالَ اللَّهُ تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سورة البقرةِ، الآيَةُ: 119].
[5] قالَ تعالى واصِفًا نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [سورة التوبةِ، جزءٌ من الآيَةِ: 128].
[6] قالَ اللَّهُ تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [سورة الأنبياءِ، الآيَةُ: 107].
ومِمَّا جاءَ منْ أسماءِ المصطَفَى صَلَّى اللَّهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ وأوصافِهِ في القرآنِ: الشاهدُ، والمبَشِّرُ، والنذيرُ، والداعي إلى اللَّهِ، والسِّرَاجُ الْمُنيرُ، والْمُذَكِّرُ، والرحمةُ، والنعمةُ، والهادِي، والشهيدُ، والأمينُ، والْمُزَّمِّلُ، والْمُدَّثِّرُ.
نَبَّهَ لهذا الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في (فتحِ البارِي) (6/ 558)، وأشارَ إلى كتابِ ابنِ دِحْيَةَ الذي أَفْرَدَهُ للأسماءِ النَّبَوِيَّةِ، وذِكْرِهِ لِمَواضِعِها من القرآنِ والأخبارِ، وضَبْطِهِ ألفاظَها، وشَرْحِهِ لِمَعَانِيهَا.
وقدْ ساقَ الحافظُ أبو بكرِ بنُ العربيِّ المالكيُّ في كتابِهِ: (الأَحْوَذِيُّ في شَرْحِ التِّرمذيِّ) (10 / 280 - 287) جُمْلَةً منْ أسماءِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلَغَتْ نَحْوًا منْ أربعةٍ وسِتِّينَ اسْمًا، وعَدَّدَها مَشْرُوحَةً مُفَصَّلَةً.
وعندَ النظَرِ فأَكْثَرُها صفاتٌ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا أسماءَ أَعْلامٍ، كما قالَ الحافظُ الذهبيُّ في (السيرةِ) ص (33).
واعلَمْ أنَّ كثرةَ الأسماءِ تَدُلُّ على شَرَفِ الْمُسَمَّى.
[7] روى البخاريُّ (364) ومسلمٌ (340) عنْ جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يَنْقُلُ معهم الحجارةَ للكعبةِ وعليهِ إِزَارُهُ، فقالَ لهُ العَبَّاسُ عمُّهُ: يا ابنَ أَخِي، لوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فجَعَلْتَ على مَنْكِبَيْكَ دونَ الحجارةِ، قالَ: فَحَلَّهُ فجَعَلَهُ على مَنْكِبَيْهِ، فسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَمَا رُؤِيَ بعدَ ذلكَ عُرْيَانًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[8] بُصْرَى: بضَمِّ الباءِ وإسكانِ الصادِ، مدينةٌ جنوبَ غَرْبِ سُورِيَّةَ (مُعْجَمَ البلدانِ: 1/441).
[9] هذهِ إحدى رواياتِ قِصَّةِ بَحِيرا الراهبِ وخَبَرِهِ معَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْرَدَها المُؤَلِّفُ هنا مُخْتَصَرَةً، وهيَ عندَ التِّرمذيِّ (3620)، وخَرَّجَها الحاكِمُ في (الْمُسْتَدْرَكِ) (2/ 615 - 617)، وقالَ: هذا حديثٌ صحيحٌ على شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، ولمْ يُخَرِّجَاهُ.
قالَ الذهبيُّ في (تلخيصِهِ): "أَظنُّهُ مَوْضُوعًا، فَبَعْضُهُ باطلٌ". وقالَ في (السيرةِ) ص (57): "هوَ حديثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا".
واستَغْرَبَ مَتْنَهُ الحافظُ ابنُ كثيرٍ في (البدايَةِ والنهايَةِ) (2/ 348)؛ وذلكَ لذِكْرِ أبي بكرٍ وبلالٍ في بعضِ رواياتِهِ، وقالَ في (السيرةِ) ص (36): "رجالُ إسنادِ الترمذيِّ ثِقاتٌ".
وقالَ الإمامُ ابنُ الْقَيِّمِ في (زادِ الْمَعادِ) (1/ 76): "إنَّ هذهِ النُّقْطَةَ من الغَلَطِ الواضحِ".
وقدْ أجابَ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ عنْ هذا الإِشْكَالِ فقالَ: "وَرَدَتْ هذهِ القِصَّةُ بإسنادٍ رِجالُهُ ثِقاتٌ منْ حديثِ أبي موسى الأشعريِّ، أَخْرَجَها التِّرمذيُّ وغيرُهُ، ولمْ يُسَمِّ فيها الراهبَ، وزادَ فيها لَفْظَةً مُنْكَرَةً، وهيَ قولُهُ: وأَتْبَعَهُ أَبُو بكرٍ بلالًا. وسببُ نَكَارَتِها أنَّ أبا بكرٍ حينئذٍ لمْ يكُنْ مُتَأَهِّلًا، ولا اشْتَرَى يَومئذٍ بلالًا، إلَّا أنْ يُحْمَلَ على أنَّ هذهِ الجملةَ الأخيرةَ مُنقطِعَةٌ منْ حديثٍ آخَرَ وأُدْرِجَتْ في هذا الحديثِ. وفي الجملةِ هيَ وَهْمٌ منْ أَحَدِ رُوَاتِهِ" (الإصابةُ) (1/293).
ومِمَّنْ صَحَّحَ هذا الحديثَ من العلماءِ المعاصِرينَ الشيخُ العَلَّامَةُ مُحَمَّد ناصر الدِّينِ الألبانيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ في (صحيحِ سُنَنِ الترمذيِّ) (3/191)، و(الْمِشْكَاةِ) (5918)، وقالَ: لكنَّ ذِكْرَ بلالٍ فيهِ مُنْكَرٌ كما قِيلَ.
ومِمَّنْ أَسنَدَ هذا الخبرَ: البَزَّارُ في (مُسْنَدِهِ) كما ذكَرَ ابنُ الْقَيِّمِ في (زادِ الْمَعَادِ) (1/77)، وابنُ عساكِرَ في تاريخِ دِمشقَ ص (1 - 8) (السيرةِ) منْ عِدَّةِ طُرُقٍ، وابنُ إسحاقَ في (السيرةِ) ص (53)، والبيهقيُّ في (دَلائلِ النُّبُوَّةِ) (2/ 24 - 26)، وأبو نُعَيْمٍ في (الدلائلِ) ص (170 - 172)، وابنُ أبي شَيْبَةَ في (الْمُصَنَّفِ) (11782) (18390)، والخَرَائِطِيُّ في (هواتِفُ الجانِّ وعَجيبُ ما يُحْكَى عن الْكُهَّانِ) (مخطوطٌ لوحةٌ 97)، إضافةً للتِّرْمِذِيِّ والحاكمِ كما تَقَدَّمَ، وغَيْرُهم.
[10] وكان عُمْرُها إذْ ذَاكَ أربعينَ سنةً على المشهورِ، انْظُرْ (فتحَ البارِي) (7/134) (سِيَرَ أعلامِ النُّبلاءِ) (2/109).
[11] الأصوَبُ أنْ لا يُمَيَّزَ أحدٌ من الصحابةِ بِمِثْلِ قولِهم: عليهِ السلامُ ونحوِ ذلكَ، وإنْ كانَ هذا جائزًا في الأَصْلِ. وبكُلِّ حالٍ فألفاظُ الصلاةِ والترَضِّي والترَحُّمِ ونحْوِها مِمَّا قدْ يَتَصَرَّفُ فيهِ بعضُ النُّسَّاخِ، فتَنَبَّهْ.
وللعَلَّامَةِ ابنِ الْقَيِّمِ بَحْثٌ نَفيسٌ حولَ هذهِ المسألةِ في البابِ
السادسِ منْ كتابِهِ القَيِّمِ: (جلاءُ الأَفْهَامِ في فضلِ الصلاةِ على
مُحَمَّدٍ خيرِ الأنامِ) ص (457)، وانْظُرْ: (مجموعَ فتاوى ابنِ
تَيْمِيَةَ) (4 / 420)، و(تفسيرَ ابنِ كثيرٍ) (3/ 524) و(فَتاوَى اللجنةِ
الدائمةِ للبحوثِ العِلميَّةِ والإِفْتَاءِ في الْمَملكةِ) (3/ 289).
شرح مختصر عبد الغني لفضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)
أما أسماؤه:
فقد أكثر العلماء من ذكر أسمائه، توسعوا في ذلك حتى قال بعضهم: إن له تسعا
وتسعين اسما، وقد ذكر بعضهم أيضا أكثر من ذلك قد تصل إلى مائتين، ولعلكم
قرأتم تلك الأسماء التي كتبت في المسجد النبوي في عهد الدولة التركية، في
الصف الأول من طرف الجدار الأيمن إلى طرفه الأيسر كلها من أسمائه: (نبي
الرحمة)، (نبي الملحمة)، (البشير النذير)، (المدثر)، (المزمل)، وأكثر من
ذلك، ولكن الصحيح أنها صفات لا أنها أسماء له؛ لأن الثابت عنه أنه ذكر خمسة
هذه الأسماء، البقية تعتبر صفات.
روى جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر، وأنا الحاشر الذي حشر الناس، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي)) متفق عليه.
اسمه محمد ورد في القرآن في قول الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} وكذلك في قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} وفي قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} وغير ذلك.
سمي به لكثرة خصاله الحميدة، سمي به قبله سبعة عشر على ما قاله ابن الهائم كما في الروض المربع،
أحمد هو اسمه الذي ذكر في الكتب المتقدمة، ولأجل ذلك ذكره عيسى في قول الله تعالى: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} فأحمد بلفظ الفعل أي: بلفظ أحمد ربي ولكن بمعنى أنه يحمد الله.
سمي بالماحي
الذي يمحو الله تعالى به الشرك ويمحو الله به الكفر، وهذا اسم مطابق فقد
محا الله تعالى به الكفر، ورد الناس إلى الإسلام وإلى التوحيد.
أما الحاشر؛
فقيل: إنه الذي يحشر الناس على عقبه، يعني: في يوم القيامة هو أول من
يستفتح باب الجنة، فيقول الملك: بك أمرت ألا أفتح لأحد قبلك، ثم يدخل بعده
الناس أمته ثم سائر الأمم فيحشر الناس بعده.
وأما العاقب؛ فإن معناه الذي جاء عقب الأنبياء، العاقب: هو آخر الأنبياء عاقبهم ليس بعده نبي، وكونه آخر الأنبياء أي جاء في القرآن، قال الله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} ، {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} وقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:((لا نبي بعدي))، ((أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي))
ولكن أخبر بأنه سيأتي بعده كذابون ثلاثون كل منهم يزعم أنه نبي، وقد خرج
منهم كثير، في العهد النبوي تنبأ مسيلمة ولكن الله تعالى خذله وقتل.
تنبأ أيضا رجل في اليمن الأسود العنسي، ثم أيضا قتل، وكان ينزل عليه الشيطان فيتكلم على لسانه ويخبره ببعض الأمور الغائبة.
ذكروا أيضا أنه تنبأ المختار بن أبي عبيد ادعى أنه يوحى إليه ولكن لم يمهل؛ بل قتل في زمن قصير.
أما الذين يتنبئون كثيرا
ولا يلتفت إليهم فإنهم كثير قد يبلغون المئات أو الألوف، ولكن لا يكون لهم
دولة ولا ينخدع الناس بهم، ذكر أن واحدا جاء إلى بعض الخلفاء، وقال: إني
نبي، عند ذلك قال لبعض وزرائه: اقتلوه، فقال ذلك المتنبي: إن فرعون قال
أرجه وأخاه أفيكون فرعون خير منك؟ أي بمعنى أنه يقول: لا تعجل هذا من ضعف
العقول.
وكذلك أيضا تنبأ آخر ولما
جاء قيل له: ما علامة نبيك؟ قال: أنزلت علي سورة مثل سورة الكوثر: إنا
أعطيناك الجماهر فصل لربك وجاهر ولا تطع كل كافر عند ذلك قتل وصلب؛ لأنه
تبين أيضا كذبه، وغيرهم كثير.
يقول: (وروى أبو موسى عبد الله بن قيس رضي الله عنه قال: سمى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه أسماء أي منها ما حفظنا فقال:((أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا المقفي، ونبي التوبة، ونبي الرحمة)) وفي رواية: ((ونبي الملحمة)) )، وهذا صحيح قد رواه مسلم.
المقفي بمعنى العاقب يعني الذي يكون عقب الأنبياء الذي يقتفيهم.
نبي التوبة يعني شريعته فيها فتح باب للتوبة، شريعته فيها دعوة إلى الرحمة.
أما الملحمة فإنها المقتلة، أي: أنه يحصل في أمته قتال سواء بينهم وبين المشركين، أو بين الأمة بعضهم لبعض، حصل بذلك كثير من الملاحم.
يقول: (وروى جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا
أحمد، وأنا محمد، وأنا الحاشر، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر فإذا
كان يوم القيامة لواء الحمد معي وكنت إمام المرسلين وصاحب شفاعتهم)) ).
هكذا الحاشر كما تقدم الذي يحشر الناس على عقبه.
وكذلك قوله: الماحي فسره بأنه الذي يمحو الله تعالى به الكفر كما تقدم في الحديث الأول،
وذكر من باب التحدث بنعمة الله في قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}
أنه يوم القيامة لواء الحمد معه اللواء الذي يكون لأهل الحمد لمن يحمد
الله ينضمون إليه، وينضوون إلى أمته فيقول: إنه إمام المرسلين، قيل: إن
الله تعالى أي بعث له الأنبياء أو بعضهم لما أسري به إلى بيت المقدس فصلى بهم؛ فهم المأمومون وهو الإمام،
وكذلك
أيضا صاحب شفاعتهم عندما يتراجعون الشفاعة، يطلبون الشفاعة لفصل القضاء من
آدم ثم من نوح ثم من إبراهيم ثم من موسى ثم عيسى وكلهم يعتذر إلى أن يأتوا
إليه فيقول: ((أنا لها)) فيشفع وهو المقام المحمود، هذه أسماؤه.
يقول المؤلف: (وسماه الله عز وجل في كتابه: بشيرا ونذيرا)، أي: يبشر أهل الخير أي: بالثواب وينذر الكفار أي: بالعقاب،
وسماه أيضا رءوفا رحيما في قوله تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} يعني أنه رفيق بهم يرحمهم،
وكذلك قال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} أي أن الله تعالى رحمهم ببعثته هكذا.
ثم إن كثيرا يزيدون في أسمائه مع أن الشيء إذا قلّ يكون صحيحا، فبعضهم يقول: إن من أسمائه "يس" والصحيح أنها من الحروف، مثل "طس" وقالوا: من أسمائه "طه" والصحيح أيضا أنها من الحروف مثل "حم" ونحوها.
ذكر بعد ذلك نشأته وسفره.
(نشأته بمكة وخروجه مع عمه أبي طالب إلى الشام وزواجه بخديجة).
لا خلاف أنه صلى الله عليه
وسلم نشأ يتيما كفله جده عبد المطلب أي: مات أبوه وهو حمل، أو وهو رضيع،
وماتت أمه وله ست سنين أو نحو ذلك؛ فكان يتيما من الأب والأم، فكفله جده
الذي هو عبد المطلب، وهو الذي سماه أي: اختار له هذا الاسم، وبعد موت عبد
المطلب كفله عمه أبو طالب بن عبد المطلب، وبقي في كفالته إلى أن تزوج وإلى
أن ولد له بعض أولاده، ثم لما تنبأ حماه عن كيد المشركين، وكان الكفار
يحترمون أبا طالب؛ لأنه من سادتهم وأشرافهم فلم يتجرءوا على النبي صلى الله
عليه وسلم، وإلا فقد هموا أن يقتلوه ولكن الله تعالى قد عصمه: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} وطهره الله في حال تربيته طهره من أدناس الجاهلية، الصحيح أنه ما كان يأكل من ذبائحهم التي أهلت لغير الله.
وكذلك أيضا ما عهد أنه يشرب الخمور ولا عهد منه فعل فاحشة، حماه الله تعالى من أدناس الجاهلية.
وكذلك أيضا حمى أباءه وأجداده قال صلى الله عليه وسلم: ((ولدت من نكاح لا من سفاح)) وأخبر بأنه المصطفى قال: ((إن الله اصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم))
فهو خيار من خيار، طهره الله تعالى من العيوب، من كل عيب يعاب به، فلم يكن
يكذب، ولم يكن يخلف الوعد، ولم يكن يغش في معاملة من المعاملات، ولم يكن
يؤذي أحدا.
منحه الله تعالى الأخلاق
الجميلة، كل خلق حسن، وازداد بعدما أنزل عليه القرآن، فكان خلقه القرآن،
كانوا يعرفونه في مكة الأمين، يسمونه الأمين؛ لأنه أمين على ما يؤتمن عليه،
أودعوا عنده ودائع كثيرة أمانات، ولما عزم على أن يهاجر وكانت عنده تلك
الأمانات أودعها عند ابن عمه علي بن أبي طالب؛ حتى يأتي أهلها ويأخذوها
منه، شاهدوا أمانته، وشاهدوا صدق حديثه، وشاهدوا طهارته، فقال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} هكذا جبله الله على هذا الخلق العظيم، لأنه اختاره نبيا.
(لما بلغ اثنتي عشرة سنة خرج مع عمه أبي طالب إلى الشام، حتى بلغ بصرى -التي بالشام-
فرآه بحيرى الراهب، فعرفه بصفته، فجاء وأخذ بيده وقال: هذا سيد العالمين
هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين، فقيل له: وما علمك
بذلك؟ قال: إنكم حين أقبلتم من العقبة لم يبق شجرة ولا حجر إلا خر ساجدا،
ولا يسجدون إلا لنبي وإنا نجده في كتبنا).
قصة بحيرى هذه مشهورة، وإن
كان فيها شيء من الاختلاف، فبعضهم يقول: إنه عرفه لأنه رأى الغمامة تظله،
كان كلما سار فإن الله يسير معه غمامة (قطعة من الغيم) تظله ولا تظل غيره
فعرف أن له خصيصية، وأنه نبي.
هذا الراهب من رهبان
النصارى وعبادهم يجدون أيضا صفته في الكتب ويعلمون بأنه نبي هذا الزمان،
ويعلمون أنه سيبعث وأن الله تعالى سينصره وسيؤيده ويقويه فلأجل ذلك كانوا
ينتظرونه، ينتظرون في ذلك الزمان، اليهود الذين في المدينة يقولون للأنصار:
إنه قد أظل عهد نبي يخرج في هذا الزمان نقاتلكم معه، يذكرون ذلك دائما،
كان ذلك من أسباب مسابقة الأنصار إلى تصديقه.
كذلك أيضا النصارى الذين منهم بحيرى يعرفونه بصفته التي يجدونها في كتبهم، ودليل ذلك من القرآن قول الله تعالى: {الَّذِينَ
يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ
مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} مكتوبا عندهم، وقال تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}.
فعرفه بصفته، وأشار إلى
أبي طالب أن يرده خوفا عليه من اليهود أنهم إذا رأوه قتلوه إذا علموا أن
النبوة خرجت منهم، يعرفون أن هناك وقت نبي ولكن يقولون: الأنبياء منا،
فينتظرون أنه يخرج منهم ولهذا لما خرج من غيرهم من العرب حسدوه، كما قال
تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} يحسدونهم قال تعالى:
{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ
إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ}.
ذكر بعد ذلك أنه خرج مرة
ثانية إلى الشام مع ميسرة غلام خديجة رضي الله عنها وذلك لأن خديجة كان
عندها رأس مال، كان عندها مال، وكان لها غلام مملوك اسمه ميسرة، فأشارت على
النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج مع ميسرة بمال لها؛ يشتري به بضائع يغنم
به رجاء أن يحصل به ربح فخرج مع ميسرة في تجارة لها بلغوا إلى سوق بصرى من
الشام فباعوا ما معهم من التجارة واشتروا أيضا، اشتروا تجارة، وجاءوا بها
إلى مكة، واحتاج إليها أهل مكة إلى تلك البضاعة، وربح فيها ربحا كثيرا، لما
ربح ربحا كثيرا قسم ربحه ثلاثة أقسام، فقال: ثلث أتصدق به، وثلث أتزوج به،
وثلث أتمتع به، فلما ذكر الزواج عرضت عليه نفسها: ألا تتزوجني عند ذلك؟
وافق على ذلك.
اشتهر ذلك عند أهل مكة وتزوجها وعمره خمس وعشرون سنة وكان دائما يذكرها ويثني عليها.
ولها أخت اسمها هالة تقول عائشة رضي الله عنها: ما
غرت على أحد من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، ولقد
ماتت قبل أن يتزوجني بخمس سنين وما أدركتها ولكن كان صلى الله عليه وسلم
يكثر من ذكرها، استأذنت عليه مرة أختها هالة فعرف صوتها، فقال: ((اللهم هالة)) فغارت عائشة وقالت: ما تذكر من امرأة حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيرا منها، فقال: ((إنها وإنها وكان لي منها ولد))، فهكذا كانت هذه مقدمة حياته.
بعد هذا الدرس نواصل إن شاء الله في ابتداء الوحي وما بعده ونحرص على أن نكمل هذه النقطة.
سؤال: أحسن الله إليكم يا شيخ.
يقول: من استدل على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي مستدلا بحديث((ذلك يوم ولدت فيه)) وقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم عظم يوم مولده وصامه فنحن نعظمه؛ لتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم؟
الجواب: صحيح نقول: عظموه بالصيام وأما أن تعظموه بالرقص وبالغناء ونحو ذلك فإن هذا مخالف لسنته.
سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين فقال: ((ذاك يوم ولدت فيه)) كأنه يقول: إنه يوم له هذا الفضل؛ فصيامه يكون فيه الأجر.
وجاء في فضله أيضا أنها
ترفع فيه الأعمال في يوم الاثنين وفي يوم الخميس كان صلى الله عليه وسلم
يصومهما فقيل: إنك تكثر من صيام الاثنين والخميس فقال: ((إنها ترفع فيهما الأعمال وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)).
سؤال: أحسن الله إليكم:
يقول: كيف شاهد بحيرى الراهب سجود الأشجار والأحجار؟
الجواب: هكذا جاء في هذه القصة يمكن أنها كشفت له أنها سجدت سجودا حقيقيا، ولكن الصحيح أن سجود هذه الأشجار بظلها في قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ} أي: يسجد ظلهم ولكن قد تسجد الشجرة، قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم جاءه رجل وقال: (إني
قرأت آية فيها سجدة فسجدت فيها فسجدت الشجرة التي عندي وسمعتها تقول:
اللهم اكتب لي بها أجرا، وضع عني بها وزرا، واجعلها لي عندك زخرا).
سؤال: أحسن الله إليكم.
يقول: في إحدى صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري: ((اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم)) يقول: فضيلة الشيخ ألا يكون هذا الحديث مفسرا للآل؟
الجواب:
صحيح أنه مفسر له، وأن كثيرا من العلماء يقولون: إن آله: أزواجه، وذريته:
بناته، وقد يدخل فيهم أيضا أعمامه: عمه حمزة، وعمه العباس، وبنو عمه أولاد
عبد المطلب الذين أسلموا، كعقيل، وجعفر، وعلي، وأولاد العباس كل هؤلاء قد
يدخلون في آله، ولكن الرافضة إنما يخصون آله بخمسة يقول قائلهم:
لـي خمسـة أطفـي بهــم نــار الجحيـم الحـاطمــة = المصطفــى والمجــتـبى وابنـاهمــا والفـاطمـــة
هؤلاء عندهم هم آل البيت، العباس ليس من أهل البيت بل يكفرونه، وكذلك ابن عباس، وكذلك بقية الصحابة، وكذلك بقية أهل البيت.
نقول: آله: أهل بيته، وزوجاته من أهل بيتهن في قول الله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} السياق في زوجاته، ما قبل هذه الآية وما بعدها في قوله تعالى: {وَقَرْنَ
فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى
وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ} يعني: عنكن وعن النبي، ذكّر الضمير؛ تغليبا لدخوله صلى الله عليه وسلم فيه.
سؤال: أحسن الله إليكم.
يقول: ما معنى نبي الملحمة؟
الجواب:
فسرها المؤلف بأنها المقتلة يعني أنه يحصل على يديه قتال، كما حصل في وقعة
بدر ووقعة أحد، ووقعة حنين وغير ذلك، وكذلك في أمته حصل أيضا قتال بين
أمته سواء بينهم وبين الكفار كما في قتال الروم وقتال الفرس، أو بين أمته
في قتال الفتن.
سؤال: أحسن الله إليكم.
يقول: ذكرتم أن الماحي هو الذي محا الله به الكفر ولكن الكفر موجود ولو في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟
الجواب:
هكذا فسر فيه أنا الماحي الذي يمحو الله تعالى به الكفر وليس معناه أنه
يمحى الكفر كله من الأرض، ولكن يمحى من كثير من الأرض؛ فإن الله تعالى أظهر
دينه حتى انتشر في ثلاثة أرباع الأرض، مما يدل على أن الله تعالى أظهر
دينه على ما وعد به في قول الله تعالى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}.
سؤال: أحسن الله إليكم.
يقول هل ما ذكره الله في كتابه بشيرا ونذيرا تصح أسماء للنبي صلى الله عليه وسلم؟
الجواب: هي الصحيح أنها من الصفات أن من صفته أنه مبشر يبشر بالخير ويحذر عن الشر.
أحسن الله إليكم.
وأثابكم ونفعنا بعلمكم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.