الدروس
course cover
عشرة أقسام لمعاني ألفاظ القرآن الكريم
14 Feb 2015
14 Feb 2015

4801

0

0

course cover
عشريات ابن القيّم

القسم الثاني

عشرة أقسام لمعاني ألفاظ القرآن الكريم
14 Feb 2015
14 Feb 2015

14 Feb 2015

4801

0

0


0

0

0

0

0

عشرة أقسام لمعاني ألفاظ القرآن الكريم


قال 
ابن القيم رحمه الله في "الصواعق المرسلة": (الوجوهُ التي تنقسِمُ إليها معانِي ألفاظِ القرآنِ، وهي عشرةُ أقسامٍ:

القسم الأولُ: تعريفُه سبحانَه نفسَه لعبادِهِ بأسمائِهِ وصفاتِ كمالِهِ، ونعوتُ جلالِهِ وأفعالِهِ، وأنَّهُ واحدٌ لا شريكَ لهُ، وما يتبع ذلك.
القسم الثاني: ما استشهدَ بهِ على ذلكَ من آياتِ قُدرتِه وآثارِ حكمته فيما خلقَ وذَرَأَ في العالمِ الأعلى والأسفلِ من أنواع بريَّتِه وأصنافِ خليقَتِه محتجًّا بهِ على من ألحدَ في أسمائِه وتوحيدِه وعطَّله عن صفاتِ كمالِهِ وعن أفعاله، وكذلك البراهينُ العقليةُ التي أقامها على ذلكَ، والأمثالُ المضروبةُ، والأقيسةُ العقلية التي تقدَّمتِ الإشارة إلى الشيءِ اليسيرِ منها .
القسم الثالث: ما اشتملَ عليه بَدْءُ الخلقِ وإنشاؤه ومادَّتُه وابتداعُه له، وسَبْقُ بعضِه على بعضٍ، وعدَدُ أيَّامِ التَّخْلِيقِ، وخلقُ آدمَ وإسجادُ الملائكةِ، وشأنُ إبليسَ وتمرُّدُهُ وعصيانُهُ، وما يتبع ذلك .
القسم الرابع: ذكرُ المعادِ والنشأةِ الأخرى وكيفيَّتِه وصورته وإحالةِ الخلق فيهِ مِنْ حالٍ إلى حال، وإعادتِهم خلقًا جديدا
القسم الخامس: ذكرُ أحوالِهم في معادِهم وانقسامِهم إلى شقيٍّ وسعيدٍ ومسرورٍ بمنقلَبِهِ ومثبورٍ به، وما يتبع ذلك.
القسم السادس: ذكرُ القرونِ الماضيةِ والأمم الخاليةِ، وما جرى عليهم، وذِكْرُ أحوالِهم مع أنبيائِهم وما نزلَ بأهل العنادِ والتكذيبِ منهم من المَثُلات، وما حلَّ بهمْ من العقوبات؛ ليكون ما جرتْ عليهِ أحوالُ الماضينَ عِبْرَةٌ للمعاندِين؛ فيحذروا سلوكَ سبيلِهم في التَّكذيبِ والعصيان.
القسم السابع: الأمثالُ التي ضرَبها لهم، والمواعظُ التي وعظَهم بها؛ ينبِّهُهم بها على قدرِ الدنيا وقِصَرِ مدَّتِها، وآفاتِها ليزهَدُوا فيها، ويتركوا الإخلادَ إليها، ويرغبوا فيما أعدَّ لهم في الآخرة من نعيمها المقيم وخيرها الدائم.
القسم الثامن: ما تضمَّنَهُ من الأمرِ والنهيِ والتحليلِ والتحريمِ وبيان ما فيه طاعته ومعصيته، وما يحبُّه من الأعمالِ والأقوالِ والأخلاقِ، وما يكرَهُه ويبغضِهُ منها، وما يقرِّبُ إليه ويدني من ثوابه، وما يبعدُ منه ويدني من عقابه، وقسَّم هذا القِسْمَ إلى فروضٍ فرضَها، وحدودٍ حدَّها، وزواجرَ زجرَ عنها، وأخلاقٍ وشِيَم رَغَّبَ فيها.
القسم التاسع: ما عرَّفهم إيَّاهُ من شأنِ عدوِّهم ومداخِلِه عليهِمْ، ومكايدِه لهم، وما يريدُه بهم، وما عرَّفَهم إيَّاه من طريقِ التحصُّنِ منهُ والاحترازِ من بلوغِ كيدِه منهم، وما يتداركونَ به ما أصيبوا بهِ في معركةِ الحربِ بينهم وبينه، وما يتبع ذلك.
القسم العاشر: ما يختصُّ بالسفيرِ بينَه وبينَ عبادِه مِنْ أوامرِهِ ونواهيهِ، وما اختصَّهُ بهِ من الإباحةِ والتحريمِ، وذِكْرِ حقوقِهِ على أمَّتِهِ، وما يتعلَّقُ بذلك.
فهذه عشرة أقسام عليها مدار القرآن.


وإذا تأملتَ الألفاظَ المتضمِّنَةَ لها وجدتَها ثلاثةَ أنواع:
أحدها: ألفاظٌ في غايةِ العمومِ؛ فدعوى التخصيصِ فيها يُبْطِلُ مقصودَها وفائدةَ الخطابِ بها.
الثاني: ألفاظٌ في غايةِ الخصوصِ؛ فدعوى العمومِ فيها لا سبيلَ إليه.
الثالث: ألفاظٌ متوسِّطَةٌ بينَ العمومِ والخُصوصِ.
فالنوع الأولُ: كقولِهِ: {والله بكل شيء عليم}، و{على كل شيء قدير}، و{خالق كل شيء}، وقوله: {ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله}، و{يا أيها الناس اعبدوا ربكم}، و{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة}، وأمثال ذلك.
والنوع الثاني: كقوله: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}، وقوله: {فلمّا قضى زيد منها وطرا زوجنكها}، وقوله: {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين}.
والنوع الثالث: كقوله: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا}، وقوله: {يا أيها الذين آمنوا}، و{يا أهل الكتاب} و{يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} ، ونحو ذلك مما يخصُّ طائفةً من الناسِ دونَ طائفة.
وهذا النوع وإن كان متوسّطا بين الأول والثاني؛ فهو عامّ فيما قُصِدَ به ودَلَّ عليه،
وغالبُ هذا النوع أو جميعُه قد علّقت الأحكامُ فيه بالصفاتِ المقتضيةِ لتلكَ الأحكامِ؛ فصار عمومه لما تحته من جهتين:
من جهة اللفظ والمعنى؛ فتخصيصُه ببعض نوعِهِ إبطالٌ لما قُصِدَ به، وإبطالٌ لدلالته؛ إذِ التوقُّف فيها لاحتمال إرادة الخصوص بها أشدُّ إبطالاً لها، وعَوْدٌ على مقصودِ المتكلِّم به بالإبطال.
فادَّعى قومٌ من أهل التأويل في كثير من عمومات هذا النوع التخصيص، وذلك في باب الوعد والوعيد، وفي باب القضاء والقدر.
- أما باب الوعيد فإنَّه لما احتجَّ عليهم الوعيدية بقوله: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم..}، وبقوله: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا..}، وأمثال ذلك: لجأوا إلى دعوى الخصوصِ، وقالوا: هذا في طائفة معيَّنة، ولجأوا إلى هذا القانون، وقالوا: الدليل اللفظي العامُّ مبنيٌّ على مقدِّمات منها عدم التخصيص، وانتفاؤه غير معلوم.

- وأما باب القَدَر؛ فإنَّ أهلَ الإثباتِ لما احتجوا على القدرية بقوله: {الله خالق كل شيء} ، وقوله: {وهو على كل شيء قدير} ، ونحوه؛ ادعوا تخصيصه.
وأكثر طوائف أهل الباطل ادعاءً لتخصيصِ العمومات هم الرافضة؛ فقلَّ أن تجدَ في القرآن والسنة لفظاً عامًّا في الثناءِ على الصحابةِ إلا قالوا: هذا في عليٍّ وأهلِ البيت!!
وهكذا تجد كلَّ أصحابِ مذهبٍ من المذاهبِ إذا ورد عليهم عامٌّ يخالِفُ مذهبَهم ادَّعَوا تخصيصَه، وقالوا: أكثر عمومات القرآن مخصوصة، وليس ذلك بصحيح، بل أكثرها محفوظة باقيةٌ على عمومها.
فعليك بحفظ العموم؛ فإنه يخلِّصُكَ من أقوالٍ كثيرةٍ باطلة وقَعَ فيها مدّعو الخصوصِ بغير برهان من الله، وأخطأوا من جهة اللفظ والمعنى:

- أما من جهة اللفظ؛ فلأنك تجدُ النصوصَ التي اشتملتْ على وعيدِ أهلِ الكبائرِ مثلاً في جميعِ آياتِ القرآنِ خارجةً بألفاظِها مخرجَ العمومِ المؤكَّدِ المقصودِ عمومُه؛ كقوله: {ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا} ، وقوله: {ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال}، وقوله: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم}، وقوله: {من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} وقد سمَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلَّم هذه الآيةَ جامعةً فاذَّةً؛ أي: عامَّة فذّةً في بابها، وقوله: {إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى}، وقوله: {إن الذين يأكلون أموال اليتمى}، وقوله: {إن الذين لا يدعون مع الله إلها آخر} .
وأضعاف أضعاف ذلك من عموماتِ القرآنِ المقصودِ عمومُها، التي إذا أُبْطِلَ عمومُها بطلَ مقصودُ عامَّةِ القرآنِ، ولهذا قال شمس الأئمة السَّرَخْسِيُّ: إنكارُ العمومِ بدعةٌ حدثتْ في الإسلام بعدَ القرونِ الثلاثة).