الدروس
course cover
الباب الثاني: أحكام الذبائح
7 Feb 2015
7 Feb 2015

4353

0

0

course cover
فقه المعاملات من الفقه الميسّر

كتاب الأطعمة

الباب الثاني: أحكام الذبائح
7 Feb 2015
7 Feb 2015

7 Feb 2015

4353

0

0


0

0

0

0

0

الباب الثاني: أحكام الذبائح


وفيه مسائل:

المسألة الأولى: معناها، وأنواع التذكية، وحكمها:

1 - تعريف الذبائح:

لغة: الذبائح جمع ذبيحة، بمعنى مذبوحة.

وشرعاً: الحيوان الذي تمت تذكيته على وجه شرعي. والتذكية: هي ذبح -أو نحر- الحيوان البري المأكول المقدور عليه، بقطع حلقومه ومريئه، أو عقر الممتنع غير المقدور عليه منها. والعقر معناه: الجرح.

2 - أنواع التذكية:

وحيث إن الذبح يراد به الحيوان الذي تمت تذكيته على الوجه الشرعي؛ فإنه من المناسب بيان أنواع التذكية التي تبيح أكل الحيوان،

وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام، كما يتضح من التعريف السالف للتذكية:

أولاً: الذبح: وهو قطع الحلق من الحيوان بشروط.

ثانياً: النحر: وهو قطع لبّة الحيوان، وهي أسفل العنق، وهو التذكية المسنونة للإبل؛ لقوله تعالى: {فصلّ لربّك وانحر} [الكوثر: 2].

ثالثاً: العقر: وهو قتل الحيوان غير المقدور عليه من الصيد والأنعام، بجرحه في غير الحلق واللبة في أي مكان من جسمه؛ لحديث رافع - رضي الله عنه - قال: ندّ بعير، فأهوى إليه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (ما ندّ عليكم فاصنعوا به هكذا).

3 - حكم التذكية: حكم تذكية الحيوان المقدور عليه أنها لازمة، لا يحل شيء من الحيوان المذكور بدونها، وذلك بلا خلاف بين أهل العلم؛ لقوله تعالى: {حرّمت عليكم الميتة} [المائدة: 3] وغير المذكى ميتة، إلا السمك، والجراد، وكل مالا يعيش إلا في الماء، فيحلّ بدون ذكاة، كما مضى بيانه في الأطعمة.


المسألة الثانية: شروط صحة الذبح:

تنقسم هذه الشروط إلى أقسام ثلاثة:

1 - شروط تتعلق بالذابح.

2 - شروط تتعلق بالمذبوح.

3 - شروط تتعلق بآلة الذبح.

أولاً: الشروط المتعلقة بالذابح:

1 - أهلية الذابح: بأن يكون الذابح عاقلاً مميزاً، سواء أكان ذكراً أم أنثى، مسلماً أم كتابيا. قال تعالى: {إلّا ما ذكّيتم} [المائدة: 3]، وهذه الآية في ذبيحة المسلم. وقال تعالى: {وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم} [المائدة: 5] وهذه الآية في ذبيحة الكتابي، قال ابن عباس: (طعامهم: ذبائحهم). أما سائر الكفار من غير أهل الكتاب، وكذا المجنون، والسكران، والصبي غير المميز، فلا تحل ذبائحهم.

2 - ألا يذبح لغير الله عز وجل أو على غير اسمه، فلو ذبح لصنم أو مسلم أو نبي لم تحل؛ لقوله تعالى عند ذكر المحرم من الأطعمة: {وما أهلّ لغير اللّه به} [المائدة: 3].

فإذا توافر هذان الشرطان في الذابح حلت ذبيحته، لا فرق في الذابح بين أن يكون رجلاً أو امرأة، كبيراً أو صغيراً، حراً أو عبداً.

ثانياً: الشروط المتعلقة بالمذبوح:

1 - أن يقطع من الحيوان الحلقوم، والمريء، والودجين. والحلقوم هو مجرى النفس. والمريء هو مجرى الطعام. والودجان هما العرقان المتقابلان المحيطان بالحلقوم؛ لحديث رافع بن خديج - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه، ليس السن والظفر). فقد اشترط في الذبح أن يسيل الدم. والذبح بقطع الأشياء المشار إليها من الحيوان. وفي هذا المحل خاصة أسرع في إسالة دمه وزهوق روحه، فيكون أطيب للّحم، وأخف وأيسر على الحيوان. وما أصابه سبب الموت كالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، وكذا المريضة، وما وقع في شبكة، أو أنقذه من مهلكة: إذا أدركه وفيه حياة مستقرة -كتحريك يده، أو رجله، أو طرف عينه- فذكاه فهو حلال؛ لقوله تعالى: {إلّا ما ذكّيتم} [المائدة: 3] أي: فليس بحرام.

وأما ما عجز عن ذبحه في المحل المذكور، لعدم التمكن منه، كالصيد، والنعم المتوحشة، والواقع في بئر ونحو ذلك، فذكاته بجرحه في أي موضع من بدنه فيكون ذلك ذكاة له؛ لحديث رافع بن خديج المتقدم في البعير الذي ندّ وشرد فأصابه رجل بسهم، فأوقفه، فقال النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (ما ندّ عليكم فاصنعوا به هكذا).

2 - أن يذكر اسم الله عز وجل عند الذبح؛ لقوله تعالى: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه وإنّه لفسقٌ} [الأنعام: 121]، ويسن أن يكبر مع التسمية، لما روي عنه - صلّى اللّه عليه وسلّم - في الأضحية أنه لما ذبحها (سمى وكبّر).

وفي رواية: أنه كان يقول: (باسم الله، والله أكبر).

ثالثاً: الشرط المتعلق بآلة الذبح:

أن تكون الآلة مما يجرح بحدّه من حديد ونحاس وحجر، وغير ذلك مما يقطع الحلقوم، وينهر الدم، عدا السن والظفر؛ لحديث رافع - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه، ليس السّنّ والظّفر). ويدخل في حكم السن والظفر في المنع سائر أنواع العظام، سواء أكانت من آدمي أم غيره.

وسبب المنع من ذلك ما ذكر في الحديث، وتمامه: (وسأحدثكم عن ذلك: أما السنّ فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة).

أما النهي عن الذبح بالعظام: فلأنها تنجس بالدم، وقد نهى النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - عن تنجيسها؛ لأنها زاد إخواننا من الجن.

وأما الظفر: فللنهي عن التشبه بالكفار.


المسألة الثالثة: آداب الذبح:

للذبح آداب ينبغي للذابح التقيد بها، وهي:

1 - أن يحد الذابح شفرته؛ لحديث شداد بن أوس - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، واذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته).

2 - أن يضجع الدابة لجنبها الأيسر، ويترك رجلها اليمنى تتحرك بعد الذبح؛ لتستريح بتحريكها؛ لحديث شداد بن أوس المتقدم قبل قليل. ولحديث أبي الخير أن رجلاً من الأنصار حدثه عن رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - أنه أضجع أضحيته ليذبحها، فقال رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - للرجل: (أعنّي على ضحيتي) فأعانه.

3 - نحر الإبل قائمة معقولة ركبتها اليسرى. والنحر: الطعن بمحدد في اللّبة، وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر؛ لقوله تعالى: {فاذكروا اسم اللّه عليها صوافّ} [الحج: 36] أي: (قياماً من ثلاث). ومر ابن عمر رضي الله عنهما على رجل قد أناخ بدنته؛ لينحرها، فقال: (ابعثها قياماً مقيدة سنة محمد - صلّى اللّه عليه وسلّم -).

4 - ذبح سائر الحيوان غير الإبل: لقوله تعالى: {إنّ اللّه يأمركم أن تذبحوا بقرةً} [البقرة: 67]، ولحديث أنس - رضي الله عنه - (أن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - ذبح الكبشين اللذين ضحى بهما).


المسألة الرابعة: مكروهات الذبح:

1 - يكره الذبح بآلة كالّة -أي: غير قاطعة-؛ لأن ذلك تعذيب للحيوان؛ لحديث شداد بن أوس الماضي، وفيه: (وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته). ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - أمر أن تحد الشفار، وأن توارى عن البهائم).

2 - يكره كسر عنق الحيوان أو سلخه قبل زهوق روحه؛ لحديث شداد بن أوس - رضي الله عنه -: (وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة) ، ولقول عمر - رضي الله عنه -: (لا تعجلوا الأنفس أن تزهق).

3 - يكره حد السكين والحيوان يبصره؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق وفيه: (وأن توارى عن البهائم).


المسألة الخامسة: حكم ذبائح أهل الكتاب:

تحل ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى؛ لقوله تعالى: {وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم} [المائدة: 5]، أي: ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى حل لكم أيها المسلمون. قال ابن عباس رضي الله عنهما: (طعامهم: ذبائحهم).

فذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى حلال بإجماع المسلمين؛ لأنهم يعتقدون تحريم الذبح لغير الله، وتحريم الميتات، بخلاف غيرهم من الكفار من عبدة الأوثان والزنادقة والمرتدين والمجوس، فإنه لا تحل ذبائحهم، وكذا المشركون شركاً أكبر، من عبّاد القبور والأضرحة ونحوهم). [الفقه الميسر: 406-411]