الدروس
course cover
الباب الثاني: النذور
7 Feb 2015
7 Feb 2015

4098

0

0

course cover
فقه المعاملات من الفقه الميسّر

كتاب الأيمان والنذور

الباب الثاني: النذور
7 Feb 2015
7 Feb 2015

7 Feb 2015

4098

0

0


0

0

0

0

0

الباب الثاني: النذور


وفيه مسائل:

المسألة الأولى: تعريف النذر، ومشروعيته، وحكمه:

1 - تعريف النذر:

النذر لغة: الإيجاب، تقول: نذرت كذا إذا أوجبته على نفسك.

وشرعاً: إلزام مكلف مختار نفسه شيئاً لله تعالى.

2 - مشروعية النذر وحكمه:

النذر مشروع بالكتاب والسنة والإجماع، كما سيأتي ذكره من الأدلة على ذلك.

وأما حكم النذر ابتداءً فإنه مكروه غير مستحب؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - نهى عن النذر وقال: (إنه لا يردّ شيئاً وإنما يستخرج به من الشحيح) ، ولأن الناذر يلزم نفسه بشيء لا يلزمه في أصل الشرع، فيحرج نفسه، ويثقلها بذلك، ولأنه مطلوب من المسلم فعل الخير بلا نذر.

إلا أنه إذا نذر فعل طاعة وجب عليه الوفاء به؛ لقوله تعالى: {وما أنفقتم من نفقةٍ أو نذرتم من نذرٍ فإنّ اللّه يعلمه} [البقرة: 270] ، وقوله تعالى: {يوفون بالنّذر ويخافون يومًا كان شرّه مستطيرًا} [الإنسان: 7]، ولحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه).

فقد مدح الله عز وجل الموفين بالنذر وأثنى عليهم، وأمر - صلّى اللّه عليه وسلّم - بالوفاء به، فدل ذلك على أن النهي المتقدم عن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - إنما هو للكراهة لا للتحريم، وأن المنهي عنه والمكروه هو ابتداء النذر والدخول فيه، وأما الوفاء به، وإنجازه لمن لزمه فواجب، وطاعة لله سبحانه. والنذر نوع من أنواع العبادة لا يجوز صرفه لغير الله تعالى، فمن نذر لقبر أو وليٍّ ونحوه، فقد أشرك بالله تعالى شركاً أكبر، والعياذ بالله.


المسألة الثانية: شروط النذر، وألفاظه:

1 - شروط النذر: لا يصح النذر إلا من شخص بالغ عاقل مختار، فلا يصح النذر من الصبي، ولا من المجنون والمعتوه، ولا من المكره؛ لقوله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (رفع القلم عن ثلاثة ... ) الحديث، ولقوله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ ... ) الحديث، وقد تقدما مراراً.

2 - ألفاظ النذر: صيغ النذر وألفاظه أن يقول: "لله عليّ أن أفعل كذا"، أو: "عليّ نذر كذا". ونحو ذلك من الألفاظ التي يصرح فيها بذكر النذر.


المسألة الثالثة: أقسام النذر:

1 - النذر الصحيح وغير الصحيح:

ينقسم النذر باعتبار صحته وعدم صحته إلى: صحيح وغير صحيح، أو: جائز وممنوع، أو منعقد وغير منعقد.

فيكون النذر صحيحاً منعقداً واجب الوفاء: إذا كان طاعة وقربة، يتقرب بها الناذر إلى الله تعالى.

ويكون غير صحيح ولا منعقد ولا واجب الوفاء: إذا كان معصية لله تعالى؛ كالنذر للقبور والأولياء أو الأنبياء، أو نذر أن يقتل، أو أن يشرب الخمر، ونحو ذلك من المعاصي، فإن هذا النذر لا ينعقد، ويحرم الوفاء به.

2 - النذر المطلق والمقيد:

أ- النذر المطلق: هو الذي يلتزمه الشخص ابتداءً دون تعليقه على شرط، وقد يقع شكراً لله على نعمة أو لغير سبب، كأن يقول الشخص: لله عليّ أن أصلي كذا أو أصوم كذا. فيجب الوفاء به.

ب- النذر المقيّد: وهو ما كان معلقاً على شرط وحصول شىء، كأن يقول: إن شفى الله مريضي، أو قدم غائبي، فعليّ كذا. وهذا يلزم الوفاء به، عند تحقق شرطه، وحصول مطلوبه.


المسألة الرابعة: أنواع النذر وأحكامه:

ينقسم النذر بحسب الأحكام المترتبة عليه، ولزوم الوفاء به من عدمه، إلى خمسة أنواع:

1 - النذر المطلق: نحو قوله: لله عليّ نذر. ولم يسم شيئاً، فليزمه كفارة يمين، سواء كان مطلقاً أو مقيداً؛ لحديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين).

2 - نذر اللّجاج والغضب: وهو تعليق نذره بشرط يقصد به المنع من فعل شيء أو الحمل عليه أو التصديق أو التكذيب، كقوله: إن كلمتك، أو إن لم أخبر بك، أو إن لم يكن هذا الخبر صحيحاً، أو إن كان كذباً فعليّ الحج، أو العتق .. ، فهذا النذر خارج مخرج اليمين للحث على فعل شيء أو المنع منه، ولم يقصد به النذر ولا القربة، فهذا يخير فيه بين فعل ما نذره أو كفارة يمين؛ لقوله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (كفارة النذر كفارة يمين).

3 - النذر المباح: وهو أن ينذر فعل الشيء المباح، نحو: أن ينذر لبس ثوب أو ركوب دابة .. ونحو ذلك، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا شيء عليه فيه؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - يخطب، إذا هو برجل قائم فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يستظل ولا يتكلم وأن يصوم، فقال: (مروه، فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه).

4 - نذر المعصية: وهو أن ينذر فعل معصية، كنذر شرب خمر، والنذر

للقبور، أو لأهل القبور من الأموات، وصوم أيام الحيض، ويوم النحر، فهذا النذر لا ينعقد ولا يجب الوفاء به، لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: (ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه) ؛ لأن معصية الله لا تباح في حال من الأحوال، ولا يلزمه به كفارة.

5 - نذر التبرر: وهو نذر الطاعة، كنذر فعل الصلاة والصيام والحج، سواء أكان مطلقاً، أم معلقاً على حصول شيء، فيجب الوفاء به إن كان مطلقا، وعند حصول الشرط إن كان معلقاً؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه).


المسألة الخامسة: صور من النذر الذي لا يجوز الوفاء به:

إن النذر الذي لا يجوز الوفاء به هو نذر المعصية وهذا يتحقق في صور، منها:

1 - نذر شرب الخمر أو صوم أيام الحيض؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: (ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه).

2 - النذر الذي يقع للأموات كأن يقول: يا سيدي فلان، إن رد غائبي، أو عوفي مريضي، أو قضيت حاجتي، فلك من النقد أو الطعام أو الشمع أو الزيت كذا وكذا. فهذا باطل، وهو شرك أكبر والعياذ بالله؛ لأنه نذر للمخلوق، وهو لا يجوز؛ لأن النذر عبادة، وهي لا تكون إلا لله.

3 - إذا نذر أن يسرج قبراً، أو شجرة، لم يجز الوفاء به، ويصرف قيمة ذلك للمصالح؛ لأنه معصية، ولا نذر في معصية؛ للحديث المتقدم). [الفقه الميسر: 392-395]