7 Feb 2015
الباب الثامن: في الردة
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريفها، وشروطها، وحكم المرتد:
1 - تعريف الردة: الردة في اللغة: الرجوع عن الشيء، ومنه الرجوع عن الإسلام.
وفي الاصطلاح: الكفر بعد الإسلام طوعاً بنطق، أو اعتقاد، أو شك، أو فعل.
2 - شروطها: أما شروطها: فالعقل والتمييز والاختيار.
فلا يحكم على مجنون، أو صبي غير مميز، أو مكره بالردة، إذا وقعت منهم.
3 - حكم المرتد:
أما حكمه في الدنيا: فهو القتل؛ لقوله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (من بدل
دينه فاقتلوه). وينبغي قبل القتل أن يستتاب، ويدعى إلى الإسلام، وأن يضيق
عليه ويحبس ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا قتل؛ لحديث اليهودي الذي كان أسلم ثم
ارتد. فقال معاذ - رضي الله عنه - لأبي موسى: لا أنزل عن دابتي حتى يقتل،
فقتل. وفي رواية: (وكان قد استتيب قبل ذلك). ولقول عمر - رضي الله عنه -
لما بلغه أن رجلاً كفر بعد إسلامه فضربت عنقه قبل أن يستتاب: (فهلاّ
حبستموه ثلاثاً، فأطعمتموه كل يوم رغيفاً، واستتبتموه، لعله يتوب، أو يراجع
أمر ربه. اللهم إني لم أحضر، ولم أرض إذ بلغني).
والذي يتولى قتله الإمام أو نائبه؛ لأنه حق لله تعالى فيكون إلى وليّ الأمر.
ولا يقتل الصبي المميز -ولو قيل بصحة ردته- حتى يبلغ.
وأما حكمه في الآخرة: فقد بيّنه الله تعالى في قوله: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافرٌ فأولئك حبطت أعمالهم في الدّنيا والآخرة وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون} [البقرة: 217].
المسألة الثانية: الأمور التي تحصل بها الردة:
والردة تحصل بارتكاب ما
يوجبها جداً أو هزلاً أو استهزاءً، كالشرك بالله بجميع أنواعه، وجحود
الصلاة وغيرها من أركان الإسلام، وسب الله ورسوله - صلّى اللّه عليه وسلّم
-، وجحود القرآن الكريم كله أو بعضه، ومن اعتقد أن بعض الناس يجوز له
الخروج عن شريعة محمد - صلّى اللّه عليه وسلّم - كغلاة الصوفية، وكذلك من
ظاهر المشركين وأعانهم على المسلمين، وغير ذلك من أنواع الردة التي تحصل
بارتكاب ناقض من نواقض الإسلام الكثيرة. ومن ذلك: تحكيم القوانين الوضعية
ممن يرى أنها أصلح مما جاءت به الشريعة الإسلامية أو أنها مساوية لها.
وعلى هذا فإنه يمكن حصر الأمور التي تحصل بها الردة فيما يلي:
1 - القول: كمن سبّ الله تعالى أو رسوله أو الملائكة، أو ادعى النبوة، أو ادعى علم الغيب، وكذا الشرك بالله تعالى.
2 - الفعل: كالسجود للصنم والقبر ونحو ذلك، أو إلقاء المصحف، أو تعمد امتهانه، أو مظاهرة المشركين، ومعاونتهم على المسلمين، وغير ذلك.
3 - الاعتقاد:
مثل اعتقاد الشريك لله تعالى أو الصاحبة أو الولد، أو اعتقاد حل الزنا أو
الخمر، أو اعتقاد أن هدي غير النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - أكمل من
هديه.
4 - الشك: كأن يشك في حرمة ما أجمع على حله، أو حل ما أجمع على حرمته، ومثله لا يجهله لكونه نشأ بين المسلمين.
المسألة الثالثة: الأحكام المتعلقة بالردة:
1 - المكره إذا نطق بما يوجب ردته بسبب الإكراه فإنه لا يحكم بارتداده؛ لقوله تعالى: {إلّا من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان}[النحل: 106].
2 - المرتد يستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل، وقتله للإمام أو نائبه، كما مضى بيان ذلك.
3 -
المرتد يمنع من التصرف في ماله، فإن أسلم مكّن من التصرف فيه، وإن مات على
ردته أو قتل مرتداً فماله فيءٌ لبيت مال المسلمين؛ لأنه لا وارث له، لأن
المسلم لا يرث الكافر، ولا يرثه أحد من الكفار؛ لأنه لا يقرّ على ردّته.
4 - المرتد لا يغسل ولا يصلى عليه، ولا يدفن مع المسلمين إذا قتل على ردته.
5 - تحصل توبة المرتد بإتيانه بالشهادتين، لعموم قوله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها). ومن كانت ردته بسبب جحود شيء من أمور الدين فتوبته إلى جانب الإتيان بالشهادتين: إقراره بما جحد وأنكر، ورجوعه عما كفر به). [الفقه الميسر: 383-385]