7 Feb 2015
الباب الثالث عشر الشفعة والجوار
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في معناها وأدلة مشروعيتها:
1 - معناها:
الشّفعة هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه بعوض مالي.
وسميت بذلك؛ لأن صاحبها ضمّ المبيع إلى ملكه، فصار شفعاً، بعد أن كان نصيبه
منفرداً في ملكه. وقيل: هي حق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الشريك
الحادث بسبب الشركة؛ لدفع الضرر.
2 - أدلة مشروعيتها: الأصل فيها حديث جابر - رضي الله عنه - قال: (قضى رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة). وفي رواية أخرى: (قضى
رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعةٍ أو
حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء ترك، فإذا باع ولم
يؤذنه، فهو أحق به). وعنه - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: (جار الدار أحق بالدار).
وقد أجمع العلماء على إثبات حق الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من أرض، أو دار، أو حائط.
فتبيّن من ذلك ثبوت مشروعية الشفعة بالسنة والإجماع.
المسألة الثانية: الأحكام المتعلقة بالشفعة:
1 - لا يجوز للشريك أن يبيع نصيبه حتى يؤذن ويعرض على شريكه، فإن باع، ولم يؤذنه فهو أحق به.
2 - لا تثبت الشفعة في غير الأرض والعقار، كالمنقولات من الأمتعة والحيوان ونحو ذلك.
3 - الشفعة حق شرعي لا يجوز التحيل لإسقاطه؛ لأنها شرعت لدفع الضرر عن الشريك.
4 - تثبت الشفعة للشركاء على قدر ملكهم، ومن ثبتت له الشفعة أخذه بالثمن الذي بيعت به سواء كان مؤجلاً أو حالاً.
5 -
تثبت الشفعة بكون الحصة المنتقلة عن الشريك مبيعة بيعاً صريحاً أو ما في
معناه، فلا شفعة فيما انتقل عن ملك الشريك بغير بيع: كموهوب بغير عوض،
وموروث، وموصى به.
6 - لابد أن يكون العقار المنتقل بالبيع قابلاً للقسمة، فلا شفعة فيما لا يقسم: كحمام صغير، وبئر، وطريق.
7 -
الشفعة تثبت المطالبة بها فور علمه بالبيع، وإن لم يطالب بها وقت البيع
سقطت، إلا إذا لم يعلم فهو على شفعته، كذلك لو أخّر طلبه لعذر، كالجهل
بالحكم أو غير ذلك من الأعذار.
8 -
محل الشفعة الأرض التي لم تقسم، ولم تحد، وما فيها من غراس وبناء فهو تابع
لها. فإذا قسمت لكن بقي بعض المرافق المشتركة بين الجيران كالطريق والماء
ونحو ذلك، فالشفعة باقية في أصح قولي أهل العلم.
9 - ولابد للشفيع من أخذ جميع المبيع، فلا يأخذ بعضه ويترك بعضه، وذلك دفعاً للضرر عن المشتري.
المسألة الثالثة: في أحكام الجوار:
الجار له حق على جاره، وقد أوصى النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - بالجار حتى كاد أن يورثه.
فمن احتاج إلى جاره كأن
يحتاج إلى إجراء الماء في أرضه، أو ممر في ملكه، أو نحو ذلك، فعلى جاره أن
يحقق له حاجته، سواء كانت بعوض أو بغير عوض.
ولا يجوز للإنسان أن يحدث
في ملكه ما يضر بجاره، كفتح نافذة تطل على بيته، أو مصنع يقلق جاره بأصواته
أو نحو ذلك. وإذا كان بينهما جدار مشترك لا يتصرف فيه ويضع عليه الخشب إلا
عند الضرورة، كأن يحتاج إليه عند التسقيف، فلا يمنعن من ذلك؛ لقوله - صلّى
اللّه عليه وسلّم -: (لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبةً في جداره).
المسألة الرابعة: في الطرقات:
1 - لا يجوز مضايقة المسلمين في طرقاتهم.
2 - لا يجوز أن يحدث في ملكه ما يضايق الطريق.
3 - لا يجوز أن يتخذ موقفاً لدابته أو سيارته بطريق المارة.
4 - الطريق
حق للجميع فتجب المحافظة عليه، من جميع ما يضر المارة عليه، كوضع المخلفات
والقمائم فيه ونحو ذلك؛ لأن إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان). [الفقه الميسر: 246-248]