7 Feb 2015
الباب التاسع عشر: إحياء الموات
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في معناه وحكمه:
1 - معناه:
الموات لغة: هو ما لا روح فيه، والمراد به الأرض التي لم تعمر ولا مالك لها.
وفي الاصطلاح: هو الأرض
المنفكّة عن الاختصاصات وملك معصوم، فهو الأرض الخراب التي لم يجر عليها
ملك لأحد، ولم يوجد فيها أثر عمارة. أو وجد فيها أثر ملك وعمارة، ولم يعلم
لها مالك.
2 - حكمه وأدلته:
والأصل فيه قوله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (من أحيا أرضاً ميتة فهي له، وليس لعرقٍ ظالمٍ حقٌّ). والعرق الظالم: أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها غيره، فيغرس فيها، أو يزرع؛ ليستوجب بذلك الأرض.
وقد يكون الإحياء مستحبا لحاجة الناس والدواب ونفعهم؛ لقوله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (من أحيا أرضاً ميتة فله فيها أجر، وما أكله العوافي فهو له صدقة).
المسألة الثانية: شروطه وما يحصل به:
يشترط لصحة إحياء الموات شرطان:
1 - أنه لم يجر على الأرض ملك مسلم، فإن جرى ذلك حرم التعرض لها بالإحياء إلا بإذن شرعي.
2 - أن يكون المحيي مسلماً، فلا يجوز إحياء الكافر مواتاً في دار الإسلام.
ويحصل الإحياء بأمور:
1 - إذا أحاطه بحائط منيع مما جرت به العادة فقد أحياه؛ لقوله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (من أحاط حائطاً على أرض فهي له).
2 - إذا حفر في الأرض الموات بئراً، فوصل إلى الماء، فقد أحياها، وإن لم يصل إلى الماء فهو الأحق من غيره، وكذلك لو حفر فيها نهراً.
3 - إذا أوصل إلى الأرض الموات ماءً أجراه من عين أو نهر أو غير ذلك، فقد أحياها بذلك.
4 - إذا غرس فيها شجراً، وكانت قبل ذلك لا تصلح للغراس، فنقّاها، وغرسها فقد أحياها.
5 - ومن
العلماء من قال: إن الإحياء لا يقف عند هذه الأمور، ويرجع فيه إلى العرف،
فما عدّه الناس إحياء فهو إحياء، وما لا يعدّ إحياء فلا يعتبر.
المسألة الثالثة: بعض الأحكام المتعلقة به:
1 - من أحيا شيئاً من أرض الموات فقد ملكه؛ لعموم الأحاديث المتقدمة، ومنها قوله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (من أحيا أرضاً ميتة فهي له).
2 - حريم المعمور لا يملك بالإحياء؛ لأن مالك المعمور يستحق مرافقه.
3 - لإمام المسلمين إقطاع الأرض الموات لمن يحييها؛ لحديث وائل بن حجر: (أن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - أقطعه أرضا بحضرموت).
4 - يجوز
للإمام أن يحمي العشب في أرض الموات لإبل الصدقة وخيل المجاهدين، إذا
احتاج إلى ذلك، ولم يكن فيه ضيق أو مضرّة على المسلمين، وليس ذلك لأحد سوى
إمام المسلمين، وهو مشروع للمصلحة العامة، ففي حديث الصعب بن جثامة
مرفوعاً: (لا حمى إلا لله ولرسوله). ومعنى حماه: أي جعله حمىً، أي: محظوراً
لا يقرب). [الفقه الميسر: 261-262]