7 Feb 2015
..................................................................الباب الرابع: في زكاة بهيمة الأنعام
وفيه مسائل:
وبهيمة الأنعام هي: الإبل،
والبقر، والغنم، والبقر يشمل الجاموس أيضاً، فهو نوع من البقر. والغنم
يشمل الماعز، والضأن. وسمّيت بهيمة الأنعام؛ لأنها لا تتكلم، من الإبهام
وهو الإخفاء، وعدم الإيضاح.
المسألة الأولى: شروط وجوبها
يشترط لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام الشروط التالية:
1 - أن تبلغ الأنعام النصاب الشرعي، وهو في الإبل خمس، وفي البقر ثلاثون، وفي الغنم أربعون؛ لقول رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم : (ليس فيما دون خمس ذود صدقة) ، ولحديث معاذ: (بعثنى رسول الله أصدق أهل اليمن، فأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعاً، ومن كل أربعين مسنة) ، ولقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة، فليس فيها صدقة ... ).
2 - أن يحول على الأنعام حول كامل عند مالكها وهي نصاب؛ لحديث: (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول).
3 -
أن تكون سائمة، وهي التي ترعى الكلأ المباح وهو الذي نبت بفعل الله سبحانه
دون أن يزرعه أحد في الحول أو أكثره ؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : (وفي صدقة الغنم في سائمتها، إذا كانت أربعين إلى مائة وعشرين، شاة) ، وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : (وفي كل إبل سائمة في أربعين بنت لبون)، فإن كانت ترعى أقل الحول ويعلفها أكثره، فليست سائمة، ولا زكاة فيها.
4 -
أن لا تكون عاملة، وهي التي يستخدمها صاحبها في حرث الأرض، أو نقل المتاع،
أو حمل الأثقال؛ لأنها تدخل في حاجات الإنسان الأصلية كالثياب. أما إذا
أعدّت للكراء فإن الزكاة تكون فيما يحصل من أجرتها، إذا حال عليه الحول.
المسألة الثانية: في قدر الواجب
1 - قدر الواجب في الإبل:
ومقدار الزكاة الواجبة: في
الخمس من الإبل شاة جذعة من الضأن، أو ثنيّة من المعز، وفي العشر شاتان،
وفي الخمس عشرة ثلاث شياه، وفي العشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين إلى خمس
وثلاثين بنت مخاض من الإبل، وهي ما تمّ لها سنة، ودخلت في الثانية. وسمّيت
بذلك لأن الغالب أن أمّها قد حملت، فهي ماخض أي: حامل، فإن لم يجدها أجزأه
ابن لبون ذكر، وهو ما تمّ له سنتان ودخل في الثالثة، وسمّي بذلك؛ لأن أمه
وضعت الحمل الثاني في الغالب فهي ذات لبن. وفي ست وثلاثين إلى خمس وأربعين
بنت لبون، لها سنتان.
وفي ست وأربعين إلى ستين
حقّةٌ، وهي ما تمّ لها ثلاث سنين، ودخلت في الرابعة. وسميت بذلك لأنها
استحقت أن يطرقها الفحل. وقيل: لأنها استحقت الركوب، والتحميل.
وفي إحدى وستين إلى خمس وسبعين جذعة، وهي ما تمّ لها أربع سنين ودخلت في الخامسة، وسميت بذلك لأنها جذعت مقدم أسنانها أي: أسقطته.
وفي ست وسبعين إلى تسعين بنتا لبون.
وفي إحدى وتسعين إلى مائة وعشرين حقتان.
فإذا زادت على مائة وعشرين ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة؛ وذلك لحديث أنس في كتاب الصدقة وفيه: (في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم من كل خمس شاة، فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى .. ) الحديث.
وهذا جدول يبين كيفية الزكاة في الإبل:
العدد [من - إلى] ... المقدار الواجب
[5 - 9] ... شاة
[10 - 14] ... شاتان
[15 - 9] ... ثلاث شياه
[20 - 24] ... أربع شياه
[25 - 35] ... بنت مخاض
[36 - 45] ... بنت لبون
[46 - 60] ... حقة
[61 - 75] ... جذعة
[76 - 90] ... بنتا لبون
[91 - 120] ... حقتان
فما زاد على 120 فالواجب في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة.
2 - قدر الواجب في البقر:
يجب في ثلاثين بقرة إلى
تسع وثلاثين تبيع، وهو ما تم له سنة، وسمّي بذلك لأنه يتبع أمه، وفي أربعين
إلى تسع وخمسين مسنة، وهي ما تمّ لها سنتان، وسميت بذلك؛ لأنها طلعت لها
أسنان.
وفي ستين إلى تسع وستين تبيعان.
ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة، وهكذا مهما بلغت.
وذلك لحديث معاذ - رضي الله عنه - وفيه: (فأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعاً، ومن كل أربعين مسنة).
وهذا جدول يبين كيفية الزكاة في البقر:
العدد [من - إلى] ... المقدار الواجب
[30 - 39] ... تبيع
[40 - 59] ... مسنة
[60 - 69] ... تبيعان
[70 - 79] ... تبيع ومسنة
فما زاد ففي كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة.
3 - قدر الواجب في الغنم:
ويجب في أربعين من الغنم
إلى مائة وعشرين، شاة، وفي مائة وإحدى وعشرين إلى مائتين، شاتان، وفي
مائتين وواحدة إلى ثلاثمائة، ثلاث شياه، ثم تستقر الفريضة فيها بعد هذا
المقدار، فيكون في كل مائة شاةٌ، مهما بلغت.
وذلك لما جاء في حديث أنس في كتاب الصدقة وفيه: (وفي
صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت
على مائة وعشرين إلى مائتين شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة
ففيها ثلاث، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة).
وهذا جدول يبين كيفية زكاة الغنم:
العدد [من - إلى] ... المقدار الواجب
[40 - 120] ... شاة
[121 - 200] ... شاتان
[201 - 300] ... ثلاث شياة
فما زاد على ذلك ففي كل مائة شاة.
المسألة الثالثة: في صفة الواجب
وازن الإسلام بتشريعه
العادل بين المصالح للفقراء والأغنياء، فندب إلى أخذ الفقير حقوقه كاملة،
غير منقوصة، وندب إلى مراعاة حقوق الأغنياء في أموالهم، ولذلك حدد الواجب
في الزكاة بأن يكون من وسط المال، لا من خياره، ولا من شراره، فيجب على
الساعي مراعاة السن الواجبة، إذ لا يجزئ أقلّ منها؛ لأنه إضرار بالفقراء،
ولا يأخذ أعلى منها؛ لأنه إجحاف بالأغنياء.
ولا يأخذ المريضة،
والمعيبة، والكبيرة الهرمة؛ لأنها لا تنفع الفقير، وبالمقابل لا يأخذ
الأكولة، وهي السمينة المعدّة للأكل، ولا الرّبى، وهي التي تربي ولدها، ولا
الماخض وهي الحامل، ولا الفحل المعد للضراب، ولا حرزات المال، وهي خيارها
التي تحرزها العين؛ لأنها من كرائم الأموال، وأخذها إضرار بالغني لقوله
صلّى اللّه عليه وسلّم : ( ... وإياك وكرائم أموالهم).
ولما روي عن عمر أنه قال
لعامله سفيان: (قل لقومك: إنا ندع لكم الرّبى، والماخض، وذات اللحم، وفحل
الغنم، ونأخذ الجذع والثني، وذلك وسط بيننا وبينكم في المال).
المسألة الرابعة: في الخلطة في بهيمة الأنعام
وهي على نوعين:
النوع الأول: خلطة
أعيان، وهي: أن يكون المال مشتركاً بين اثنين في الملك، مشاعاً بينهما، لم
يتميز نصيب أحدهما عن الآخر، وتكون خلطة الأعيان بالإرث، وتكون بالشراء.
النوع الثاني: خلطة أوصاف، وهي أن يكون نصيب كل منهما متميزاً معروفا، ويجمع بينهما الجوار فقط.
وهي بنوعيها تصيّر المالين
المختلطين كالمال الواحد إذا كان مجموع المالين نصاباً، وأن يكون الخليطان
من أهل وجوب الزكاة. فلو كان أحدهما كافراً لا تصح الخلطة، ولا تؤثر، وأن
يشترك المالان المختلطان في المراح، وهو المبيت والمأوى، ويشتركا في المسرح
فيسرحن جميعاً، ويرجعن جميعاً، والمحلب والمرعى، والفحل، فيكون فحل الضراب
واحداً مشتركاً لها جميعاً.
فإذا توافرت هذه الشروط أصبح المالان كالمال الواحد بتأثير الخلطة.
لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية). فالخلطة تؤثر في إيجاب الزكاة وفي إسقاطها، وذلك في بهيمة الأنعام خاصة دون غيرها.
ومثال الجمع بين المتفرق:
أشخاص ثلاثة كل واحد منهم يملك أربعين من الغنم، فجميعها مائة وعشرون، فلو
اعتبرنا كل واحد لوحده لوجب عليهم ثلاث شياه، لكن إذا جمعنا الغنم كلها فلا
يكون فيها إلا شاة واحدة. فهنا: جمعوا بين متفرق؛ لئلا يجب عليهم ثلاث
شياه، بل واحدة.
ومثال التفريق بين مجتمع:
شخص عنده أربعون شاة، فإذا علم بمجيء العامل فرق بينها فجعل عشرين منها في
مكان وعشرين في مكان آخر، فلا يؤخذ عليها زكاة لعدم بلوغها النصاب متفرقة).
[الفقه الميسر: 134-140]