7 Feb 2015
.........................................الباب الثالث: في زكاة الخارج من الأرض
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: متى تجب؟ ودليل ذلك
الأصل في وجوبها قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا من طيّبات ما كسبتم وممّا أخرجنا لكم من الأرض} [البقرة: 267].
وتجب الزكاة في الحبوب إذا
اشتد الحبّ، وصار فريكاً، وتجب في الثمار عند بدو صلاحها، بحيث تصبح ثمراً
طيباً يؤكل، ولا يشترط له الحول؛ لقوله تعالى: {وآتوا حقّه يوم حصاده} [الأنعام: 141].
فتجب الزكاة في كل مكيل
مدخر من الحبوب والثمار، كالحنطة، والشعير والذرة، والأرز، والتمر،
والزبيب. ولا تجب في الفواكه، والخضروات. فالمكيل: لكون النبي صلّى اللّه
عليه وسلّم اعتبر التوسيق فيه، وهو التحميل. والمدّخر: لوجود المعنى
المناسب لإيجاب الزكاة فيه.
وعلى هذا، فما لم يكن مكيلاً ولا مدخراً من الحبوب والثمار، فلا زكاة فيه.
المسألة الثانية: شروطها
يشترط لوجوب الزكاة في الحبوب والثمار شرطان:
1 - بلوغ النصاب، وهو خمسة أوسق؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة).
والوسق حمل البعير، وهو
ستون صاعاً بصاع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ، وخمسة الأوسق ثلاثمائة صاع،
فيكون زنة النصاب بالبرّ الجيّد ما يقارب ستمائة واثني عشر كيلو جراماً،
على اعتبار أن وزن الصاع 2.40 كيلو جراماً.
2 - أن يكون النصاب مملوكاً له وقت وجوب الزكاة.
المسألة الثالثة: في مقدار الواجب
والواجب في الحبوب
والثمار: العشر فيما سقي بلا كلفة، بأن كانت عثرية، أو تسقى بماء العيون،
ونصف العشر فيما سقي بمؤنة، بأن كانت تسقى بالدلاء والسواني ونحوها؛ لقوله
صلّى اللّه عليه وسلّم: (فيما سقت السماء والأنهار والعيون، أو كان بعلاً، العشر، وفيما سقي بالسواني، أو النضح، نصف العشر).
المسألة الرابعة: في زكاة العسل
حكى ابن عبد البر رحمه
الله عن الجمهور أنه لا زكاة فيه، وهو الأظهر؛ لأنه ليس في الكتاب، ولا في
السنة، دليل صحيح صريح على وجوبها، والأصل براءة الذمة حتى يقوم دليل على
الوجوب. قال الإمام الشافعي رحمه الله: "الحديث (في أن في العسل العشر)
ضعيف، وفي (ألا يؤخذ منه) ضعيف، إلا عن عمر بن عبد العزيز، واختياري أنه لا
يؤخذ منه؛ لأن السنن والآثار ثابتة فيما يؤخذ منه، وليست فيه ثابتة فكأنه
عفو". وقال ابن المنذر: "ليس في وجوب الصدقة في العسل خبر يثبت".
المسألة الخامسة: في الرّكاز
الرّكاز: هو ما وجد من
دفائن الجاهلية ذهباً أو فضة أو غيرهما مما عليه علامة الكفر، ولم يطلب
بمال، ولم يتكلف فيه نفقة وكبير عمل، وأما ما طلب بمال وتطلّب كبير عمل،
فليس بركاز، ويجب فيه الخمس في قليله وكثيره، ولا يشترط له الحول ولا
النصاب؛ لعموم قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (وفي الركاز الخمس) ، وهو فيء يصرف في مصالح المسلمين العامة، ولا يشترط أن يكون من مال معين، فسواء كان من الذهب أو الفضة أو غيرهما.
ويعرف كونه من دفائن الجاهلية: بوجود علامات الكفر عليه، ككتابة أسمائهم، ونقش صورهم، ونحو ذلك من العلامات.
وأما المعدن: فهو كل ما
تولّد من الأرض من غير جنسها، ليس نباتاً، سواء أكان جارياً، كالنّفط
والقار، أم جامداً؛ كالحديد والنحاس والذهب والفضة والزئبق. فتجب فيه
الزكاة بالإجماع كما سبق، لعموم النصوص الواردة في
وجوب الزكاة في الخارج من الأرض، كقوله تعالى: {أنفقوا من طيّبات ما كسبتم وممّا أخرجنا لكم من الأرض} [البقرة: 267]). [الفقه الميسر: 131-133]