الدروس
course cover
الباب العاشر: في صلاة الجمعة
7 Feb 2015
7 Feb 2015

5304

0

0

course cover
فقه العبادات من الفقه الميسّر

كتاب الصلاة ق3

الباب العاشر: في صلاة الجمعة
7 Feb 2015
7 Feb 2015

7 Feb 2015

5304

0

0


0

0

0

0

0

الباب العاشر: في صلاة الجمعة


وفيه مسائل:
المسألة الأولى: حكمها ودليل ذلك
الجمعة فرض عين على الرجال، لقوله سبحانه: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نودي للصّلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه وذروا البيع} [الجمعة: 9]. ولقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (رواح الجمعة واجب على كل محتلم). وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين).
قال النووي رحمه الله: "فيه أن الجمعة فرض عين". وللحديث الآتي بعد قليل، وفيه: (الجمعة حق واجب على كل مسلم ... ).

المسألة الثانية: على من تجب؟
تجب الجمعة على كل مسلم ذكر حر بالغ عاقل، قادر على إتيانها، مقيم، فلا تجب على: عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مجنون أو مريض أو مسافر؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض). وأما المسافر فلا تلزمه الجمعة؛ لأن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لم يكن يصليها في أسفاره، وقد وافق يوم عرفة في حجته جمعة، ومع ذلك صلاها ظهراً وجمع العصر معها. أما المسافر الذي ينزل بلداً تقام فيه الجمعة فإنه يصليها مع المسلمين. وإذا حضرها العبد أو المرأة أو الصبي أو المريض أو المسافر صحت منه، وأجزأته عن صلاة الظهر.

المسألة الثالثة: وقتها
وقت الجمعة هو وقت الظهر، من بعد الزوال إلى أن يصير ظل الشيء كطوله؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس. وهو المروي عن أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وسلّم من فعلهم. وعلى هذا فمن أدرك ركعة منها قبل خروج وقتها فقد أدركها، وإلا صلاها ظهراً؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة). وقد تقدم.

المسألة الرابعة: الخطبة
الخطبة ركن من أركان الجمعة لا تصح إلا بها؛ لمواظبته صلّى اللّه عليه وسلّم عليها وعدم تركه لها أبداً، وهما خطبتان، يشترط لصحة صلاة الجمعة أن يتقدما على الصلاة.

المسألة الخامسة: في سنن الخطبة
ويسن الدعاء للمسلمين بما فيه صلاح دينهم ودنياهم، مع الدعاء لولاة أمور المسلمين بالصلاح والتوفيق؛ لأنه صلّى اللّه عليه وسلّم (كان إذا خطب يوم الجمعة دعا، وأشار بأصبعه، وأمّن الناس)، وأن يتولاهما مع الصلاة واحد، ويرفع صوته بهما حسب الطاقة، وأن يخطب قائماً لقوله تعالى: {وتركوك قائمًا} [الجمعة: 11]. وقال جابر ابن سمرة رضي الله عنه : (كان رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم فيخطب، فمن حدثك أنه يخطب جالساً فقد كذب) ، وأن يكون على منبر أو مكان مرتفع؛ لأنه صلّى اللّه عليه وسلّم (كان يخطب على منبره). وهو مرتفع، ولأن ذلك أبلغ في الإعلام، وأبلغ في الوعظ. وأن يجلس بين الخطبتين قليلاً؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: (كان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس). ويسن قصر الخطبتين، والثانية أقصر من الأولى؛ لحديث عمار مرفوعاً: (إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنّةٌ من فقهه، فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة) والمئنة: العلامة. ويسن أن يسلم الخطيب على المأمومين إذا أقبل عليهم؛ لقول جابر رضي الله عنه: (كان رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم إذا صعد المنبر سلم). ويسن أن يجلس على المنبر إلى فراغ المؤذن؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: (كان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ المؤذن ثم يقوم فيخطب). ويسن أن يعتمد الخطيب على عصا ونحوها، ويسن للخطيب أن يقصد تلقاء وجهه لفعله صلّى اللّه عليه وسلّم ذلك.

المسألة السادسة: ما يحرم فعله في الجمعة
يحرم الكلام والإمام يخطب؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفاراً ... ) ، ولقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت) أي: تكلمت باللغو، وهو الكلام الباطل المردود. ويحرم تخطي رقاب الناس أثناء الخطبة؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم لرجل رآه يتخطى الرقاب: (اجلس فقد آذيت) ، ففيه أذية للمصلين، وإشغال لهم عن سماع الخطبة، أما الإمام فلا بأس بتخطيه الرقاب إن لم يمكنه الوصول إلى مكانه إلا بذلك. ويكره التفريق بين اثنين لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : (من اغتسل يوم الجمعة ... ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلّى ما كتب له ... غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى).

المسألة السابعة: بم تدرك الجمعة؟
تدرك الجمعة بإدراك ركعة مع الإمام؛ فعن أبي هريرة مرفوعاً: (من أدرك من الجمعة ركعة فقد أدرك الصلاة). وإن أدرك أقل من ركعة صلى ظهراً.

المسألة الثامنة: في نافلة الجمعة
ليس لصلاة الجمعة سنة قبلها، ولكن من صلى قبلها نافلة مطلقة قبل دخول وقتها فلا بأس به؛ لترغيب النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في ذلك، كما في حديث سلمان الماضي قبل قليل: (من اغتسل يوم الجمعة ... ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كتب له)، ولفعل الصحابة رضي الله عنهم، ولأفضلية صلاة النافلة. ولا ينكر عليه إذا ترك؛ لأن السنة الراتبة تكون بعد الجمعة بركعتين أو أربع ركعات أو ست ركعات؛ لفعله صلّى اللّه عليه وسلّم وأمره، فقد (كان يصلي بعد الجمعة ركعتين). وقال صلّى اللّه عليه وسلّم : (إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربع ركعات). وفي رواية: (من كان منكم مصلياً، بعد الجمعة فليصل أربعاً).
وأما الست: فلأنه ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان يصلي بعد الجمعة ستاً). وكان ابن عمر يفعله.
فتبين من ذلك أن أقل الراتبة بعد الجمعة ركعتان، وأكثرها ست. ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن الراتبة إن صليت في المسجد صليت أربعاً، وإن صليت في البيت صليت ركعتين ، فتكون صلاتها على أحوال متنوعة.

المسألة التاسعة: كيفية صلاة الجمعة
صلاة الجمعة ركعتان يجهر فيهما بالقراءة؛ لأنه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يفعل ذلك، وفعله صلّى اللّه عليه وسلّم من سنته، وقد أجمع أهل العلم على ذلك. ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى بسورة الجمعة بعد الفاتحة، وفي الثانية بسورة المنافقون ، أو يقرأ في الأولى بسورة الأعلى، وفي الثانية بسورة الغاشية ؛ لفعله صلّى اللّه عليه وسلّم.

المسألة العاشرة: في سنن الجمعة
1 - يسن التبكير إلى الصلاة للحصول على الأجر الكبير؛ ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى، فكأنما قرّب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرّب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة، يستمعون الذكر).
وقال أيضاً: (من غسّل يوم الجمعة واغتسل، وبكّر وابتكر، كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها).
2 - ويسن الاغتسال في يومها؛ لحديث أبي هريرة الماضي: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ... ) وينبغي الحرص عليه وعدم تركه، وبخاصة لأصحاب الروائح الكريهة. ومن العلماء من أوجبه؛ لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعاً: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم). ولعل القول بوجوبه أقوى وأحوط، وأنه لا يسقط إلا لعذر.
3 - ويسن التطيب والتنظف، وإزالة ما ينبغي إزالته من الجسم؛ كتقليم الأظافر وغيره.
والتنظف أمر زائد على الاغتسال، ويكون ذلك بقطع الروائح الكريهة وأسبابها، كالشعور التي أمر الشارع بإزالتها، والأظافر، ويسن حلق العانة، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، وحف الشارب، مع التطيب، لحديث سلمان - رضي الله عنه - مرفوعاً: (لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته ... ). قال ابن حجر: "من طهر: المراد به المبالغة في التنظيف، ويؤخذ من عطفه على الغسل ... أن المراد به التنظيف بأخذ الشارب والظفر والعانة".
4 - ويسن له أن يلبس أحسن الثياب؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أن عمر بن الخطاب رأى حلة سيراء عند باب المسجد، فقال: يا رسول الله لو اشتريت هذه، فلبستها يوم الجمعة، وللوفد إذا قدموا عليك). فقد استدل به البخاري رحمه الله على لبس أحسن الثياب للجمعة، فقال: (باب: يلبس أحسن ما يجد). قال الحافظ ابن حجر: "ووجه الاستدلال به: من جهة تقريره صلّى اللّه عليه وسلّم لعمر على أصل التجمل للجمعة" ، ولقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته). أي: ثوب خدمته وشغله.
5 - ويسن في يومها وليلتها الإكثار من الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة).
6 - ويسن أن يقرأ في فجرها في الصلاة بسورتي السجدة، والإنسان؛ لمواظبته صلّى اللّه عليه وسلّم على ذلك. وفي يومها بسورة الكهف لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء به يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين).
7 - ويسن لمن دخل المسجد يوم الجمعة ألا يجلس حتى يصلي ركعتين؛ لأمره صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك ، ويوجز فيهما إذا كان الإمام يخطب.
8 - ويسن أن يكثر من الدعاء، ويتحرى ساعة الإجابة؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي، يسأل الله شيئاً، إلا أعطاه إياه) ). [الفقه الميسر: 93-99]