7 Feb 2015
الباب التاسع: في النجاسات وكيفية تطهيرها
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريف النجاسة، ونوعاها
النجاسة: هي كل عين مستقذرة أمر الشارع باجتنابها.
وهي نوعان:
1 - نجاسة عينية أو حقيقية: وهي التي لا تطهر بحال؛ لأن عينها نجسة، كروث الحمار، والدم، والبول.
2 - نجاسة حكمية:
وهي أمر اعتباري يقوم بالأعضاء، ويمنع من صحة الصلاة، ويشمل الحدث الأصغر
الذي يزول بالوضوء كالغائط، والحدث الأكبر الذي يزول بالغسل كالجنابة.
والأصل الذي تزال به النجاسة هو الماء، فهو الأصل في التطهير، لقوله تعالى: {وينزّل عليكم من السّماء ماءً ليطهّركم به} [الأنفال: 11].
وهي على ثلاثة أقسام:
نجاسة مغلظة: وهي نجاسة الكلب، وما تولّد منه.
نجاسة مخففة: وهي نجاسة بول الغلام الذي لم يأكل الطعام.
نجاسة متوسطة: وهي بقية النجاسات. كالبول، والغائط، والميتة.
المسألة الثانية: الأشياء التي قام الدليل على نجاستها
1 - بول الآدمي وعذرته وقيئه: إلا بول الصبيّ الذي لم يأكل الطعام، فيكتفى برشه؛ لحديث أم قيس بنت محصن: (أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، فأجلسه في حجره، فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه (1) ولم يغسله). أما بول الغلام الذي يأكل الطعام، وكذا بول الجارية، فإنه يغسل كبول الكبير.
2 - الدم المسفوح من الحيوان المأكول، أما الدم الذي يبقى في اللحم والعروق، فإنه طاهر، لقوله تعالى: {أو دمًا مسفوحًا} [الأنعام: 145]، وهو الذي يهراق وينصبّ.
3 - بول وروث كل حيوان غير مأكول اللحم، كالهر والفأر.
4 - الميتة: وهي ما مات حتف أنفه من غير ذكاة شرعية لقوله تعالى: {إلّا أن يكون ميتةً} [الأنعام: 145] .. ويستثنى من ذلك ميتة السمك، والجراد، ومالا نفس له سائلة، فإنها طاهرة.
5 - المذي:
وهو ماء أبيض رقيق لزج، يخرج عند الملاعبة أو تذكّر الجماع، لا بشهوة ولا
دفق، ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، وهو نجس؛ لقوله صلّى اللّه عليه
وسلّم في حديث عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : (توضأ، واغسل ذكرك). يعني من المذي، ولم يؤمر فيه بالغسل تخفيفاً ورفعاً للحرج؛ لأنه مما يشق الاحتراز منه.
6 - الودي: وهو ماء أبيض ثخين يخرج بعد البول، ومن أصابه فإنه يغسل ذكره ويتوضأ، ولا يغتسل.
7 - دم الحيض:
كما في حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: جاءت امرأة إلى النبي
صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض كيف تصنع؟
فقال: (تحتّه، ثم تقرصه (2) بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه).
المسألة الثالثة: كيفية تطهير النجاسة
1 - إذا كانت النجاسة في الأرض والمكان:
فهذه يكفي في تطهيرها غسلة واحدة، تذهب بعين النجاسة، فيصب عليها الماء
مرة واحدة؛ لأمره صلّى اللّه عليه وسلّم بصب الماء على بول الأعرابي الذي
بال في المسجد.
2 - إذا كانت النجاسة على غير الأرض: كأن تكون في الثوب أو في الإناء.
فإن كانت من كلب ولغ في الإناء، فلابد من غسله سبع غسلات إحداهن بالتراب؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً، أولاهن بالتراب). وهذا الحكم عام في الإناء وغيره، كالثياب، والفرش.
أما نجاسة الخنزير: فالصحيح أنها كسائر النجاسات يكفي غسلها مرة واحدة، تذهب بعين النجاسة، ولا يشترط غسلها سبع مرات.
وإن كانت النجاسة من البول
والغائط والدم ونحوها: فإنها تغسل بالماء مع الفرك والعصر حتى تذهب وتزول،
ولا يبقى لها أثر، ويكفي في غسلها مرة واحدة.
ويكفي في تطهير بول الغلام الذي لم يأكل الطعام النضح، وهو رشه بالماء؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (يغسل من بول الجارية، وينضح من بول الغلام) ، ولحديث أم قيس بنت محصن المتقدم.
أما جلد الميتة مأكولة اللحم: فإنه يطهر بالدباغ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (أيما إهاب دبغ فقد طهر).
ودم الحيض تغسله المرأة من ثوبها بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه.
فعلى المسلم أن يهتم بالطهارة من النجاسات في بدنه ومكانه وثوبه الذي يصلي فيه، لأنها شرط لصحة الصلاة). [الفقه الميسر: 35-37]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نَضَحَهُ: رشَّه بالماء وصَبَّه عليه.
(2) تَحُتُّه: تحكه بطرف حجر أو عود، وتقرصه: تدلكه بأطراف الأصابع والأظفار دلكاً شديداً وتصب عليه الماء حتى يزول عينه وأثره.