10 Nov 2008
تأكيد المدح بما يشبه الذم، وتأكيد الذم بما يشبه المدح
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (20- تأكيدُ المدْحِ بما يُشبِهُ الذمَّ:ضربانِ:
أحدُهما أنْ يُستثنَى منْ صِفَةِ ذمٍّ منْفِيَّةٍ صفةُ مدحٍ على تقديرِ دخولِها فيها، كقولِه:
ولا عَيْبَ فيهم غيرَ أنَّ سيوفَهُم ..... بهنَّ فُلولٌ منْ قِراعِ الكتائِبِ
وثانيهما: أنْ يُثْبَتَ لشيءٍ صفةُ مَدْحٍ، ويُؤْتَى بعدَها بأداةِ استثناءٍ تَلِيها صفةُ مدْحٍ أُخْرى، كقولِه:
فتًى كَمُلَتْ أَوْصَافُه غيرَ أنَّه ..... جَوادٌ فما يُبقِي على المالِ باقيًا
21- تأكيدُ الذمِّ بما يُشْبِهُ المدْحَ: ضَرْبانِ أيضًا. الأوَّلُ
أنْ يُسْتَثْنى منْ صفةِ مدحٍ منفيَّةٍ صفةُ ذمٍّ على تقديرِ دخولِها
فيها، نحوُ: فلانٌ لا خيرَ فيهِ، إلاَّ أنَّهُ يَتصَدَّقُ بما يَسْرِقُ. والثاني، أنْ يَثْبُتَ لشيءٍ صفةُ ذمٍّ، ويُؤْتَى بعدَها بأداةِ استثناءٍ تَلِيها صفةُ ذمٍّ أُخْرى، كقولِه: هوَ الكلبُ إلاَّ إنَّ فيهِ مَلالةً وسوءَ مُراعاةٍ وما ذاكَ في الكلْبِ).
الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (9- تأكيدُ المدْحِ بما يُشبِه الذمِّ: ضَرْبَانِ:
(أحدُهما): أن يُستَثْنى(1) من صفةِ ذمٍّ منفيَّةٍ صفةُ مدْحٍ على تقديرِ دخولِها فيها، كقولِه(2):
ولا عَيْبَ فيهم غيرَ أنَّ سيوفَهم ..... بهِنَّ فلولٌ(3)من قِراعِ الكتائبِ(4)
(ثانيهما): أن يُثبَتَ لشيءٍ(5) صفةُ مدْحٍ(6) ويُؤتَى بعدَها بأداةِ استثناءٍ(7)، تليها صفةُ مدْحٍ أخرى(8)، كقولِه:
فتًى كمُلَتْ(9) أوصافُه غيرَ أنه ..... جَوَادٌ فما يُبقِي على المالِ باقيًا
______________________ قال الشيخ محمد علي بن حسين بن إبراهيم المالكي (ت: 1368هـ): ((1) قولُه: (أحدُهما أن يُستَثْنَى إلخ)، منهُ
في المعنى، وإن كان غيرُه بالنظَرِ للصورةِ التركيبيَّةِ أن يُؤتَى
بمُستَثْنَى فيه معنَى المدْحِ معمولاً لفعْلٍ فيه معنى الذمِّ، فيكونُ
الاستثناءُ حينئذٍ مفرَّغًا، نحوُ: {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِايَآتِ رَبِّنَا}؛
وذلكَ لأنَّ المعنى: لا عيبَ فينا إلاَّ الإيمانُ إنْ كانَ عيبًا، وإنَّما
كان ما ذُكِرَ من تأكيدِ المدْحِ لأنْ نفَى صفةَ الذمِّ على وجهِ العمومِ؛
حتَّى لا يَبْقَى في المنفيِّ عنهُ ذمٌّ مدحٌ. وبما تَقرَّرَ من أنَّ
الاستثناءَ من النفيِ إثباتٌ، كان استثناءُ صفةِ المدْحِ بعدَ نَفْيِ
الذمِّ إثباتًا للمدْحِ، فجاءَ تأكيدُ المدْحِ، وإنَّما كانَ هذا التأكيدُ
مُشْبِهًا للذمِّ وفي صورتِه؛ لأنَّه لمَّا قُدِّرَ الاستثناءُ متَّصلاً،
وقُدِّرَ، أي فُرِضَ، دخولُ هذا المستثْنَى في المستثْنَى منهُ كانَ
الإتيانُ بهذا المستَثْنَى لو تَمَّ التقديرُ وصَحَّ الاتِّصالُ ذمًّا؛
لأنَّ العيبَ منفيٌّ، فإذا كانَ هذا عيبًا كانَ إثباتًا للذمِّ، لكن وُجِدَ
مدحًا، فهو في صورةِ الذمِّ وليس بذمٍّ، وفائدةُ تقديرِه متَّصِلاً إفادةُ
أنَّ هذا المستثْنَى لا يَثْبُتُ العيبُ إلاَّ به إنَّ صَحَّ كونُه من
جنسِ العيبِ، وكونُه، أي المستثْنَى هنا وهو صفةُ المدْحِ، من جِنسِ العيبِ
محالٌ، فيُفيدُ ذلكَ تعليقَ ثبوتِ العيبِ على المُحالِ، كما يُقالُ: لا
أفعَلُ كذا حتَّى يَبْيَضَّ القَار،ُ أي الزِّفْتُ، {وَحَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ في سَمِّ الْخِيَاطِ}،
فالتأكيدُ في هذا الضرْبِ من وجهيْنِ: أحدُهما، أنَّه كدَعْوى الشيءِ
ببيِّنَةٍ؛ لأنَّه تعليقُ نقيضِ المدَّعَى، وهو إثباتُ شيءٍ من العيبِ
بالمُحالِ، والمعلَّقُ بالمحالِ محالٌ، فعَدَمُ العيبِ محقَّقٌ. والوجهُ
الثاني، أنَّ الأصلَ في مُطلَقِ الاستثناءِ هو الاتِّصالُ، وهو كونُ
المستثْنَى منه بحيثُ يَدخُلُ فيه المستثْنَى على تقديرِ السكوتِ عنه،
وذلكَ لما تَقَرَّرَ في موضعِه من أنَّ الاستثناءَ المنقطِعَ مَجازٌ، وإذا
كان الأصلُ فيه الاتِّصالَ فذِكْرُ أداتِه قبلَ ذكْرِ ما بعدَها، وهو
المستثْنَى، يُوهِمُ إخراجَ شيءٍ ممَّا قبلَ الأداةِ، وهو المستثْنَى منه.
فإذا وَلِيَ الأداةَ صفةُ مدْحٍ جاءَ التأكيدُ لما فيه من المدْحِ على
المدحِ والإشعارِ بأنَّه لم يَجِدْ صفةَ ذمٍّ يَستثنيها فاضْطَرَّ إلى
استثناءِ صفةِ مدْحٍ وتحويلِ الاستثناءِ إلى الانقطاعِ. ابنُ يعقوبَ
بزيادةٍ. (2) قولُه: (كقولِه)، أي: الشاعرِ، وهو زيادُ
بنُ معاويةَ الملقَّبُ بالنَّابِغَةِ الذُّبْيَانيِّ نِسبةً إلى ذُبيانَ
بالضمِّ والكسْرِ، قبيلةٍ من قبائلِ العربِ. دسوقيٌّ. (3) قولُه: (فُلولٌ)، جمْعُ فِلٍّ، وهو الكسْرُ في حدِّ السيفِ. (4) وقوله: ( من قِراعِ الكتائبِ)، أي:
مُضاربَةِ الجيوشِ. وفلولُ السيوفِ كنايةٌ عن كمالِ الشجاعةِ؛ لأنَّه
إنَّما يكونُ من المُضارَبةِ عندَ مُلاقاةِ الأقرانِ في الحروبِ، وذلكَ
لازمٌ لكمالِ الشجاعةِ، فأَطْلَقَ اسمَ اللازمِ وأرادَ الملزومَ، فقولُه:
لا عيبَ فيهم، نَفْيٌ لكلِّ عيبٍ، ونفيُ كلِّ عيبٍ مدْحٌ، ثمَّ استثْنَى من
العيبِ المنفيِّ كونَ سيوفِهم مفلولةً من مُضاربَةِ الكتائبِ على تقديرِ
كونِه عيبًا، ونظيرُ هذا البيتِ قولُه: ولا عيبَ فيهم غيرَ أنَّ ضُيوفَهم ..... تُعابُ بنسيانِ الأحبَّةِ والوطَنْ (5) قولُه: (وثانيهما أن يُثْبَتَ لشيءٍ)، أي: لموصوفٍ. (6) وقوله: ( صفةُ مدْحٍ إلخ)، وجهُ تأكيدِ
المدحِ هنا هو أنَّ إثباتَ الصفةِ في مقامِ المدْحِ يُشعِرُ بإثباتِها على
وجهِ الكمالِ المقْتَضِي لانتفاءِ جميعِ أوجُهِ النقصانِ عن تلك الصفةِ،
والإتيانُ بأداةِ الاستثناءِ بعدَها يُشعِرُ بأنه أُريدَ إثباتُ مخالِفٍ
لما قبلَها؛ لأنَّ الاستثناءَ أصلُه المخالَفةُ، فلما كان المأتيُّ به بعدَ
الأداةِ صفةَ مدْحٍ أُخرى لذلكَ الموصوفِ جاءَ التأكيدُ، سواءٌ كانت
الصفةُ الثانيةُ مؤكِّدةً للأولى ولو بطريقِ اللزومِ كما في مثالِ الكتابِ،
ونحوُ: أَنَا أَفْصَحُ الْعَرَبِ بَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ، أو كانت
غيرَ ملائمةٍ للأُولى كما في قولِه: هو البدْرُ إلاَّ أنَّه البحرُ زَاخرًا ..... سوى أنَّه الضُّرغامُ لكنَّهُ الوَبْلُ وذلكَ لأنَّ تأكيدَ المدْحِ يَحْصُلُ بمُجرَّدِ ذكْرِ الصفةِ المدحيَّةِ
ثانيًا، ولو لم تكنْ مُلائمةً للأُولى لحصولِ المدْحِ بكلٍّ منهما، وإنَّما
كانَ مَدحًا بما يُشبِهُ الذمَّ، لما علِمْتَ من أنَّ أصلَ ما بعدَ
الأداةِ مخالفتُه لما قبلَها، فإنْ كانَ ما قبلَها إثباتُ مدْحٍ كما هنا
فالأصلُ أن يكونَ ما بعدَها سَلْبُ مدْحٍ، وهو هنا ليسَ كذلكَ، فكانَ مدحًا
في صورةِ ذمٍّ؛ لأنَّ ذلكَ أصلُ دَلالةِ الأداةِ، فالتأكيدُ في هذا
الضرْبِ لا يَحصُلُ إلاَّ من الوجهِ الثاني من الوجهيْنِ المارَّيْنِ في
الضرْبِ الأوَّلِ، وهو أنَّ ذكْرَ أداةِ الاستثناءِ قبلَ ذكْرِ المستثْنَى
يُوهِمُ إخراجَ شيءٍ ممَّا قبلَها من حيثُ إنَّ الأصلَ في مُطلَقِ
الاستثناءِ هو الاتِّصالُ، فإذا ذُكِرَ بعدَ الأداةِ صفةُ مدحٍ أُخْرى جاءَ
التأكيدُ. وأمَّا الوجهُ الأوَّلُ، وهو أنَّه كدَعْوَى الشيءِ ببيِّنةٍ
فلا يَحصُلُ هنا؛ لأنَّه مَبنيٌّ على التعليقِ بالمُحالِ المبنيِّ على
تقديرِ الاستثناءِ متَّصِلاً، وهو غيرُ ممكِنٍ هنا؛ لأنَّ الأصلَ هنا، أي
الراجحُ الكثيرُ الاستعمالِ، أنْ يكونَ المذكورُ بعدَ أداةِ الاستثناءِ
غيرُ داخلٍ فيما قبلَها بأنْ يكونَ ما قبلَها صفةً خاصَّةً، وما بعدَها
كذلكَ، فلا يُتَصَوَّرُ شمولُ أحدِهما للآخَرِ فلا يُتَصَوَّرُ الاتِّصالُ،
ويُمنَعُ من أن يُقَدَّرَ في قولِنا: أنا أفصَحُ العرَبِ بيدَ أنِّي من
قريشٍ، وشِبْهُه، إلاَّ أنْ يكونَ كوْنِي من قريشٍ مخِلاّ بالفصاحةِ،
فيَثْبُتُ لي إخلالٌ بها، لكنَّ كونَه مخِلاّ مُحالٌ مانعٌ، وهو كونُ ذلكَ
غيرَ معتَبَرٍ في استعمالِ البُلغاءِ، وإلاَّ لصَرَّحَ به يومًا ما، ولوْ
قيلَ: أنا أفصَحُ العربِ إلاَّ أنِّي من قريشٍ إن كانَ مخلاّ بالفصاحةِ،
كانَ ركيكًا بخلافِ التعليقِ بعدَ العمومِ في نحوِ: لا عيْبَ في زيدٍ إلاَّ
الكرَمُ إن كانَ عيبًا؛ فإنَّه يُفيدُ أنَّ العيبَ منتَفٍ عنه معَ كلِّ ما
فيه من الأوصافِ، إلاَّ إذا كانَ الكرَمُ عيبًا، وهو محالٌ كما مَرَّ. وقد
يكونُ المستثنَى هنا داخلاً في المستثنَى منه كما في مِثالِ الكتابِ،
نحوُ: فلانٌ له جميعُ المحاسِنِ، أو جمَعَ كلَّ كمالٍ، إلاَّ أنَّه كريمٌ،
لكنَّ دخولَه فيه هنا خلافُ الأصلِ، فافْهَمْ. ولكونِ التأكيدِ في هذا
الضرْبِ من الوجهِ الثاني فقطْ، وفي الضرْبِ الأوَّلِ من الوجهيْنِ معًا،
كانَ الأوَّلُ أفضَلَ من الثاني. ابنُ يعقوبَ بتَصَرُّفٍ وزيادةٍ. (7) قولُه: (ويُؤتَى بعدَها بأداةِ استثناءٍ)،
أي: أو استدراكٍ؛ لأنَّه في بابِ تأكيدِ المدْحِ بما يُشبِهُ الذمَّ
كالاستثناءِ؛ لأنَّ أداةَ الاستثناءِ في الاستثناءِ المنقطِعِ بمعنى لكنْ.
سعدٌ. (8) قولُه: (تَليها صفةُ مدْحٍ أُخرى)، أي:
تلي تلكَ الأداةَ وتأتي بعدَها صفةُ مدْحٍ أُخرى كائنةٌ لذلكَ الشيءِ
الموصوفِ بالأَوْلى لحصولِ تأكيدِ المدْحِ بمُجرَّدِ ذكْرِ الصفةِ
المدحيَّةِ ثانيًا، ولو لم تكنْ ملائمةً للأولى لحصولِ المدْحِ بكلٍّ منهما
كما علِمْتَ. (9) قولُه: (فتًى كَمُلَتْ إلخ)، فاستَثْنى جُودَه الذي يَستأصِلُ مالَه بعدَ أنْ وَصَفَه بالكمالِ. وبهذا الاستثناءِ زادَ كمالاً، وتأكَّدَ حُسْنًا).
دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (تأكيدُ المدْحِ بما يُشبِهُ الذمَّ، ضربانِ:
أحدُهما أن يُستثنَى منْ صِفَةِ ذمٍّ منْفِيَّةٍ صفةُ مدحٍ على تقديرِ دخولِها فيها، كقولِه:
ولا عَيْبَ فيهم غيرَ أنَّ سيوفَهُم ..... بهنَّ فُلولٌ منْ قِراعِ الكتائِبِ
وثانيهما: أنْ يُثْبَتَ لشيءٍ صفةُ مَدْحٍ، ويُؤْتَى بعدَها بأداةِ استثناءٍ تَلِيها صفةُ مدْحٍ أُخْرى، كقولِه: فتًى كَمُلَتْ أَوْصَافُه غيرَ أنَّه ..... جَوادٌ فما يُبقِي على المالِ باقيًا).
حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (تأكيدُ المدحِ بما يُشبِهُ الذمَّ(1) ضَرْبَان(2):
(أحدُهما)(3) أن يُستَثْنَى من صفةِ ذَمٍّ منفيَّةٍ(4) صفةُ مدْحٍ(5) على تقديرِ(6) دخولِها(7) فيها، (8) كقولِه (9):
ولا عيبَ فيهم غيرَ أن سيوفَهم ..... بهنَّ فُلولٌ(10) من قِرَاعِ(11) الكتائبِ(12)
(ثانيهِما) أن يُثْبَتَ لشيءٍ صفةُ مدْحٍ ويُؤْتَى بعدَها(13) بأداةِ استثناءٍ تَلِيها(14) صفةُ مدْحٍ أخرى(15)، كقولِه(16): فَتًى كَمُلَتْ أوصافُه(17) غيرَ أنه ..... جَوَادٌ(18) فما يُبقِي عَلَى المالِ باقياً(19) ____________________ قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): ((1) (تأكيدُ المدْحِ بما يُشبِهُ الذَّمَّ) بأن يُبالَغَ في المدْحِ إلى أن يأتيَ بعبارةٍ يَتَوَهَّمُ السامِعُ في بادئِ الأمْرِ أنه ذَمٌّ. (2) (ضَربان) أي: نوعان. (3) (أحدُهما) وهو أحسنُهما. (4) (أن يُستَثْنى من صفةِ ذمٍّ مَنفيَّةٍ) عن الشيءِ. (5) (صفةُ مدْحٍ) لذلك الشيءِ نائبُ فاعلِ يُسْتَثنَى. (6) (على تقديرِ) أي: فرْضِ. (7) (دخولِها) أي: صفةِ المدْحِ. (8) (فيها) أي: في صفةِ الذمِّ, فالمرادُ
بالتقديرِ هنا: تقديرُ الدخولِ على وجهِ التعليقِ الموجِبِ لكونِه على وجهِ
الشكِّ, لا ادِّعاءُ الدخولِ على وجهِ الجزْمِ والتصميمِ, وإنما كان ما
ذُكِرَ من تأكيدِ المدْحِ بما يُشْبِهُ الذمَّ؛ لأن نَفيَ صفةِ الذمِّ على
وجهِ العمومِ حتى لا يَبْقَى في الْمَنْفيِّ عنه مدْحٌ, وبما تَقرَّرَ من
أن الاستثناءَ من النفيِ إثباتٌ كان استثناءُ صفةِ المدْحِ بعدَ نفيِ
الذمِّ إثباتاً للمدْحِ وإنما كان هذا التأكيدُ مُشْبِهاً للذمِّ وفي
صورتِه؛ لأنه لما قُدِّرَ الاستثناءُ متَّصِلاً, وقُدِّرَ دخولُ هذا
المستثنَى في المستثنَى منه كان الإتيانُ بهذا المستثنَى لو تَمَّ التقديرُ
وصَحَّ الاتِّصالُ ذمًّا؛ لأن العيبَ منفيُّ, فإذا كانَ هذا عيباً كان
إثباتاً للذمِّ لكن وُجِدَ مدحاً فهو في صورةِ الذَّمِّ وليس بذَمٍّ. (9) (كقولِه) أي: قولِ النابغةِ زيادِ بنِ معاويةَ الذُّبْيَانيِّ. (10) (ولا عَيْبَ فيهم غيرَ أن سيوفَهم بهن فُلولٌ) جمْعُ فَلٍّ, وهو الكسْرُ في حدِّ السيفِ. (11) (من قِراعِ) بكسْرِ القافِ, أي: مُضاربَةِ. (12) (الكتائبِ) جمْعُ كَتيبةٍ وهي الجامعةُ
المستعِدَّةُ للقتالِ, أي: الجيوشِ, فقولُه: لا عَيْبَ فيهم نفيٌ لكلِّ
عيبٍ, ونفيُ كلِّ عيبٍ مدْحٌ, ثم استثنَى من العيْبِ المنفيِّ كونَ سيوفِهم
مفلولةً من مُضاربَةِ الكتائبِ على تقديرِ كونِه عيباً, أي: إنَّ فرْضَ
كونِ فلولِ السيفِ عيباً ثَبَتَ العيبُ وإلا فلا. (13) (ثانيهِما) أن يَثْبُتَ لشيءٍ صفةُ مدْحٍ ويُؤتَى بعدَها) أي: بعدَ صفةِ المدْحِ. (14) (بأداةِ استثناءٍ تَلِيها) أي: تُذكَرُ تلك الأداةُ حالَ كونِها تَلِيها أي: تأتي بعدَها. (15) (صفةُ مدْحٍ أخرى) كائنةٌ لذلك الشيءِ الموصوفِ سواءٌ كانت الصفةُ الثانيةُ مؤكِّدةً للأُولى ولو بطريقِ اللُّزومِ. (16) (كقولِه) أي: الشاعرِ. (17) (فتًى كمُلَتْ أوصافُه) هذه صفةُ مدْحٍ. (18) (غيرَ أنه جَوَادٌ) أي: كريمٌ غايةَ الكرَمِ. (19) (فما يُبْقِي عَلى المالِ باقياً) هذه صفةُ
مدْحٍ ثانيةٌ. وجْهُ تأكيدِ المدْحِ في هذا أن الإتيانَ بأداةِ الاستثناءِ
يُشعِرُ بأنه أُريدَ إثباتُ مخالِفٍ لما قبلَها؛ لأن الاستثناءَ أصلُه
المخالَفةُ فلمَّا كان المأتيُّ به بعدَها كونَه جَوَاداً المستلزِمَ
لتأكيدِ كمالِ أوصافِه جاءَ التأكيدُ كما لا يَخْفَى على كلِّ ذي طبْعٍ
سليمٍ, وكانت الصفةُ الثانيةُ غيرَ ملائمةٍ للأُولى, كما في قولِ أبي
الفضلِ بديعِ الزمانِ الهمَذَانيِّ في مدْحِ خَلَفِ بنِ أحمدَ
السِّجِسْتَانيِّ: هو البدرُ إلا أنه البحرُ زاخِراً ..... سِوى أنه الضِّرْغَامُ لكنه الوبْلُ فقولُه هو: البدرُ صفةٌ مدحيَّةٌ أُولَى, وقولُه: البحرُ زاخراً صفةٌ مدحيَّةٌ ثانيةٌ, وليس بينَهما مُلاءَمةٌ).
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري
قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (21- تأكيدُ الذمِّ بما يُشبِهُ المدْحَ:
ضَربانِ أيضًا كتأكيدِ المدْحِ بما يُشْبِهُ الذمَّ ضَربانِ.
الأوَّلُ: أنْ يَسْتَثْنِيَ منْ صفةِ مَدْحٍ
مَنْفِيَّةٍ على الشيءِ صفةَ ذمٍّ ثابتةً لذلكَ الشيءِ على تقديرِ دخولِها
فيها، أيْ: على تقديرِ دخولِ صفةِ الذمِّ في صفةِ المدْحِ، نحوَ: ( فلانٌ
لا خيرَ فيهِ إلَّا أنَّهُ يَتَصَدَّقُ بما يَسْرِقُ )، فقدْ نَفَى صفةَ
مَدْحٍ، وهيَ الخيريَّةُ على الوجهِ الكلِّيِّ، ثمَّ اسْتَثْنَى بعدَ هذا
النفيِ صفةً هيَ كونُه يَتَصَدَّقُ بما يَسْرِقُ، فيَجْرِي فيهِ مِثْلُ ما
تَقَدَّمَ في الضرْبِ الأوَّلِ في تأكيدِ المدْحِ من الإشعارِ بأنَّهُ
طَلَبُ الأصْلِ وهوَ استثناءُ المدْحُ ليَقَعَ الاتِّصالُ، فلمَّا لم
يَجِدْهُ اسْتَثْنَى صفةَ الذمِّ فجاءَ فيهِ تأكيدُ الذمِّ بوجهٍ أبلغَ
مُشْبِهًا للمدْحِ .
والثاني: أنْ يُثْبَتَ لشيءٍ صفةُ ذمٍّ، ويُؤْتَى بعدَها بأداةِ استثناءٍ تَلِيها صفةُ ذمٍّ أخرى، كقولِه:
هوَ الكلبُ إلَّا أنَّ فيهِ مَلَالَةً ..... وسوءَ مُراعاةٍ وما ذاكَ في الكلْبِ
فقولُه: هوَ الكلْبُ، إثباتُ صفةِ ذمٍّ،
والإتيانُ بعدَها بأداةِ الاستثناءِ يُشْعِرُ بأنَّهُ أرادَ إثباتَ مخالِفٍ
لِمَا قَبْلَها؛ لكونِ الأصْلِ في الاستثناءِ المخالَفَةَ، فيُفْهَمُ
المدْحُ منْ هذا الوجهِ، لكِنْ لَمَّا كانَ المأتيُّ بهِ بعدَ أداةِ
الاستثناءِ هوَ كونُ الْمَلالةِ وسوءِ المراعاةِ فيهِ الْمُستلزِمُ لزيادةِ
الذمِّ جاء فيهِ تأكيدُ الذمِّ مُشَبَّهًا بالمدْحِ).
شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ)
قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: (كذلك من المحسنات المعنوية تأكيد المدح بما يشبه الذم، وذلك نوعان:
والنوع الأول: أن يُستثنى من صفة ذم منفية، صفة مدح على تقدير دخولها فيها ادعاء، وذلك مثل قول النابغة الذبياني:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ..... بهن فلول من قراع الكتائب
تخيِّرن من أيام يوم حليمة ..... إلى اليوم قد جربن كل تجارب
(ولا عيب فيهم) ثم قال: (غير) فمن سمعها ظن أنه سيعيبهم، سيذكر عيبا فعلا، ولكن الواقع أن هذا تأكيد للمدح بما يشبه الذم، قال: (غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب) أنهم أهل حرب وقتال. ثانيهما: أن يثبت لشيء صفة
مدح، ويؤتى بعدها بأداة استثناء وهو عكس السابق، تليها صفة مدح أخرى فيظن
أن عندما يؤتى بصفة مدح فيستثنى منها، يظن أن ذلك الاستثناء عيب، لكن يؤتى
بعده بصفة مدح أخرى، وذلك كقول الشاعر: فتى كمُلت أوصافه غير أنه ..... جواد فما يبقي على المال باقيا (فتى كملت أوصافه غير أنه) من سمع هذا ظن أنه سيذكر عيبا فيه، فذكر الجود، غير أنه جواد، فهذا كله يسمى: تأكيد المدح بما يشبه الذم).
شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)
القارئ: (بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
الدرس الثالث والعشرون:
قال المؤلفون – رحمهم الله تعالى -: (العشرون تأكيد المدح بما يشبه الذم، ضربان:)
أحدهما: أن يستثنى من صفة ذم منفية صفة مدح على تقدير دخولها فيها كقوله:
ولا عــيـب فـيـهم غـيـر أن سـيـوفـهم بهن فلول من قراع الكتائب
وثانيهما: أن يثبت لشيء صفة مدح، ويؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى، كقوله:
فــتـىً كـمـلت أوصـافــه غـيـر أنــه جواد فما يبقى على المال باقياً).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذا اللون تأكيد المدح بما
يشبه الذم يلحظ هنا أن هذا اللون لم يعرف وربما يكون المصطلح هو التعريف،
وهذا من المصطلحات الطويلة عند البلاغيين التي يكفي ذكر المصطلح ليدرك
المفهوم، وهو قسمان يعتمد على الجانب الإيجابي، والجانب السلبي.
القسم الأول: أن يستثنى من صفة ذم منفية أن يتعمد أولاً على نفي صفة ذم ثم يستثنى منها بعد ذلك صفة مدح على تقدير دخولها فيها، فيقول الشاعر:
(ولا عيب فيهم) نفى عن الممدوحين العيب.
(غير) بعد ذكر كلمة (غير) وأداة الاستثناء هنا يتوقع أنه يذكر أحد العيوب
الخفيفة في هؤلاء ولكنه يذكر بعد أداة الاستثناء صفة مدح أخرى على أنه لو
كان لهم عيب لم يكن لهم إلا هذه الصفة مادام هذه الصفة ليست عيباً فليس لهم
إذاً أي عيب يمكن أن يذكر.
ولا عــيـب فـيـهم غـيـر أن سـيـوفـهم بهن فلول من قراع الكتائب
إذا كانت السيوف التي لهم متتلمة من قراع الكتائب، من خوض المعارك من ضرب الأعداء فهذا دليل على أنهم لا يوجد لديهم عيوب.
أما الثاني: فهو أن يثبت لشيء صفة مدح يعتمد
على أن تثبت صفة مدح هناك في الأول تنفي صفة ذم وهنا أن تثبت صفة مدح يعتمد
على الإيجاب، ويؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى مثل أن يقول:
(فتى كملت أوصافه) كمال الأوصاف يدل على أنه جمع المكارم من كل ناحية، ثم يقول:
(غير أنه) يحتمل أن تذكر صفة تسلب هذا الكمال ولكنه قال:
(جواد فما يبقي على المال باقياً) والفتى الذي يكون عيبه أو يكون مستثنى
من كماله هو عدم إبقائه للمال فهذا دليل على أنه أخلاقه كاملة وأوصافه
كاملة).
القارئ: (الحادي والعشرون: تأكيد الذم بما يشه المدح، ضربان أيضاً:
الأول: أن يستثنى من صفة مدح منفية صفة ذم على تقدير دخولها فيها نحو: فلان لا خير فيه إلا أنه يتصدق بما يسرق.
والثاني: أن يُثبت لشيء صفة ذم ويؤتى بعدها بأداة استثناء وتليها صفة ذم أخرى، كقوله:
هــو الكـلـب إلا أن فـيــه مــلالـة وسوء مراعاةٍ وما ذاك في الكلب).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (وهذا هو اللون المقابل للون السابق تأكيد الذم بما يشبه المدح عكس السابق وأيضاً قسمان يعتمدان على مسألة النفي والإثبات.
المثال الذي ذكروه من استثناء صفة المدح المنفية صفة ذم أخرى
على تقدير دخولها فيها: (فلان لا خير فيه إلا) يمكن أن يتوقع بعد كلمة
(إلا) أن يؤتى بصفة فيها خير لكن حينما قال: (إلا أنه يتصدق بما يسرق) هذه
أثبتوا عليه السرقة وادعوا أن صدقته مما يسرق.
والضرب الثاني من تأكيد الذم بما يشبه المدح هو أن يثبت لشيء
صفة ذم ثم بعد ذلك يؤتى بعدها بـأداة استثناء فيها صفة ذم أخرى كما يقال:
(هو الكلب) هذا تشبيه للإنسان بالكلب غالباً لا يكون بالصفات الجيدة عند
الكلب وإنما يكون بالصفات المشهورة والكلب في صفاته المشهورة ليست من
الصفات الحميدة.
(إلا أن فيه ملالة وسوء مراعاة وما ذاك في الكلب) يقول أصبح ليس مثل الكلب بل هو أسوأ من الكلب وهذا تأكيد الذم بما يشبه المدح).
الكشاف التحليلي
عناصر الدرس التاسع عشر:
· تأكيد المدح بما يشبه الذم
§ معناه:أن يُبالَغَ في المدْحِ إلى أن يأتيَ بعبارةٍ يَتَوَهَّمُ السامِعُ في بادئِ الأمْرِ أنه ذَمٌّ، وهو نوعان:
§ النوع الأول: أن يستثني من صفة ذم منفية صفة مدح على تقدير دخولها فيها
- مثاله : ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائبِ
° سبب كونه تأكيداً هو أنه نفى صفة الذم على وجه العموم وهذا مدح، واستثنى صفة مدح بعد نفي الذم فأثبت المدح
° سبب كونه تأكيداً مشبهاً للذم؛ أنه لو قدر الاستثناء متصلاً وقدر دخول المستثنى في المستثنى منه لكان ذماً لأن أثبته من الذم
- فائدة تقديره متصلاً أن لا يكون هذا المستثنى الذي هو مدح عيباً إلا إذا كان من جنس المستثنى منه المعيب، وهو محال، كما في قوله: {حتى يلج الجمل في سم الخياط}
° على هذا؛ فالتأكيد في هذا الضرب من وجهين:
- الأول:أنه كدعوى الشيء ببينة؛ لأنَّه تعليقُ نقيضِ المدَّعَى: وهو إثباتُ شيءٍ من العيبِ بالمُحالِ، والمعلَّقُ بالمحالِ محالٌ، فعَدَمُ العيبِ محقَّقٌ.
- والوجهُ الثاني: أنَّ الأصلَ في مُطلَقِ الاستثناءِ هو الاتِّصالُ، فذِكْرُ أداتِه قبلَ ذكْرِ ما بعدَها، وهو المستثْنَى، يُوهِمُ إخراجَ شيءٍ ممَّا قبلَ الأداةِ، وهو المستثْنَى منه فإذا وَلِيَ الأداةَ صفةُ مدْحٍ جاءَ التأكيدُ لما فيه من المدْحِ على المدحِ والإشعارِ بأنَّه لم يَجِدْ صفةَ ذمٍّ يَستثنيها فاضْطَرَّ إلى استثناءِ صفةِ مدْحٍ وتحويلِ الاستثناءِ إلى الانقطاعِ.
§ النوع الثاني:أن يثبت لشيء صفة مدح ويؤتى بعدها بأداةِ استثناءٍ تَلِيها صفة مدح أخرى
- مثاله: فتى كملت أوصافه غير أنه * جواد فما يبقي على المال باقيا
° وجه تأكيد المدح في النوع الثاني:أنَّ إثباتَ الصفةِ في مقامِ المدْحِ يُشعِرُ بإثباتِها على وجهِ الكمالِ المقْتَضِي لانتفاءِ جميعِ أوجُهِ النقصانِ عن تلك الصفةِ، والإتيانُ بأداةِ الاستثناءِ بعدَها يُشعِرُ بأنه أُريدَ إثباتُ مخالِفٍ لما قبلَها؛ فلما كان المأتيُّ به بعدَ الأداةِ صفةَ مدْحٍ أُخرى لذلكَ الموصوفِ جاءَ التأكيدُ
° يستوي في ذلك ما إذا:
- كانت الصفة الثانية مؤكدة للأولى ولو بطريق اللزوم، ومثاله:َنَا أَفْصَحُ الْعَرَبِ بَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ،
- أو كانت غيرَ ملائمةٍ للأُولى كما في قولِه: هو البدْرُ إلاَّ أنَّه البحرُ زَاخرًا *سوى أنَّه الضُّرغامُ لكنَّهُ الوَبْلُ
° سبب كونه مدحاً بما يشبه الذم؛ لما علمت أن أصل ما بعد الأداة مخالفته لما قبلها؛ فإن كان مدحاً كان هنا سلب المدح؛ فلما لم يكن كذلك كانَ مدحًا في صورةِ ذمٍّ
- تنبيه: تبين مما سبق أن التأكيد في هذا النوع لا يَحصُلُ إلاَّ من الوجهِ الثاني من الوجهيْنِ المارَّيْنِ في النوع الأوَّلِ؛ أما كونه أنَّه كدَعْوَى الشيءِ ببيِّنةٍ فلا يَحصُلُ هنا
- قد يكون المستثنى هنا داخلاَ في المستثنى منه مثل:فلان له جميع المحاسن إلا أنه كريم، لكن دخوله خلاف الأصل
° التأكيد في النوع الأول أفضل من الثاني لأنه من الوجهين
· تأكيد الذم بما يشبه المدح
§ النوع الأول:أنْ يَسْتَثْنِيَ منْ صفةِ مَدْحٍ مَنْفِيَّةٍ على الشيءِ صفةَ ذمٍّ ثابتةً لذلكَ الشيءِ على تقديرِ دخولِها فيها
- مثاله:فلانٌ لا خيرَ فيهِ إلاَّ أنَّهُ يَتَصَدَّقُ بما يَسْرِقُ
§ النوع الثاني: أنْ يُثْبَتَ لشيءٍ صفةُ ذمٍّ، ويُؤْتَى بعدَها بأداةِ استثناءٍ تَلِيها صفةُ ذمٍّ أخرى
- مثاله:هــوَ الـكـلــبُ إلاَّ أنَّ فـيـهِ مـَلاَلــَةً وسوءَ مُراعاةٍ وما ذاكَ في الكلْبِ