علم البديع
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (عِلْمُ البديعِ
البديعُ علْمٌ يُعْرَفُ بهِ وُجوهُ تَحسينِ الكلامِ المطابِقِ لِمُقْتَضى
الحالِ. وهذه الوجوهُ ما يَرْجِعُ منها إلى تَحسينِ المعنى، يُسَمَّى
بالمحسِّناتِ المعنويَّةِ، وما يَرجِعُ منها إلى تَحسينِ اللفظِ، يُسَمَّى
بالمحسِّناتِ اللفظيَّةِ).
الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): ( (علْمُ البديعِ)(1)
البديعُ علْمٌ(2) يُعرَفُ به وجوهُ تحسينِ الكلامِ المطابِقِ لمقْتَضَى
الحالِ(3). وهذه الوجوهُ ما يرجِعُ(4) منها إلى تحسينِ المعنى يُسَمَّى
بالمحسِّناتِ المعنويَّةِ، وما يَرجِعُ منها إلى تحسينِ اللفظِ يُسَمَّي
بالمحسِّناتِ اللفظيَّةِ).
_____________________
قال الشيخ محمد علي بن حسين بن إبراهيم المالكي (ت: 1368هـ): ((1) قولُه: (علْمُ البديعِ)، إنَّما سُمِّيَ
بذلكَ لأنَّه باحثٌ عن أحوالِ الكلامِ من حيثُ تحسينُه المقتَضِي لغرابتِه
في جنسِه. والبديعُ لغةً: الشيءُ الحسَنُ والشيءُ المستغرَبُ.
(2) قولُه: (علْمٌ إلخ)، أي: مَلَكَةٌ
يُستَحْضَرُ بها تلكَ الوُجوهُ المعرَّفَةُ بتلكَ التعارِيفِ عندَ الحاجةِ
إليها. قيلَ: ولا يُرادُ به هنا الإدراكُ ولا المسائلُ. أمَّا الأوَّلُ
فلأنَّ الإدراكَ هنا عبارةٌ عن تصوُّراتِ تعاريفِ تلكَ الوجوهِ، وتعاريفُ
تلكَ الوجوهِ وإنْ كانتْ لا شكَّ في كونِها سببًا في معرفةِ الوجوهِ
وتصوُّرِها، لكنَّ الوجهَ أن يكونَ العِلْمُ هو تلكَ الوجوهَ المعرَّفةَ لا
تعاريفَها؛ لأنَّ التعاريفَ مبادئُ للمعرَّفاتِ كالأدلَّةِ للمسائلِ،
إلاَّ أن يُرادَ بالإدراكِ هنا المدرَكاتُ. وأمَّا الثاني؛ فلأنَّ هذا
العِلْمَ من قبيلِ التصوُّراتِ كما يُفيدُه قولُ السعْدِ في شرْحِ هذا
الحدِّ، أعني علْمٌ يُعرَفُ به وجوهُ تحسينِ الكلامِ، أي يُتَصَوَّرُ به
معانيها، ويُعلَمُ بها أعدادُها وتفاصيلُها بقدْرِ الطاقةِ ا.هـ. وذلكَ
العلْمُ الذي يُتَصَوَّرُ به تلك الوجوهُ ليستْ إلاَّ تعاريفَها وحدودَها،
وهي من قبيلِ المعلوماتِ التصوُّريَّةِ. نعمْ يَلوحُ من قولِ السعْدِ:
ويُعلَمُ به أعدادُها وتفاصيلُها، أنَّه بعدَ تصوُّرِ الوجوهِ يَبحَثُ عن
أحوالِها كعددِها وتفاصيلِها، فيكونُ البديعُ عبارةً عن مجموعِ تصوُّراتٍ
وتصديقاتٍ، ولا مانِعَ منهُ مع أنَّه هو المتبادَرُ من سَرْدِهم أنواعَ هذا
الفنِّ وتفاصيلِها؛ فإنَّهُم إنَّما يَشرحونَ معاني تلكَ الوجوهِ
ويُقَسِّمُونها، وأكثرُهم يَحصُرُها عددًا كما أفادَه عبدُ الحكيمِ. وهذا
يَقتضي أنَّه ليس له مسائلُ. نعمْ يُمكِنُ أن يَجْعَلَ مسائلَه الوجوهَ
التي يُسألُ عن حقائقِها ويُطلَبُ تَصوُّرُها. وتسميتُها مسائلَ على ضرْبٍ
من التسمُّحِ، كتسميةِ الأمرِ الإجماليِّ الذي تَرجِعُ إليه أنواعُ العلْمِ
التصوُّرِيِّ موضوعًا.
وقالَ بعضُهم: والأوجَهُ إنَّه متى أمكْنَ حمْلُ هذا العلْمِ على
التصديقاتِ، وإجراؤُه على نَسَقٍ غيرِه من العلومِ ولو بالتأويلِ، لا
يُعْدَلُ عنه؛ وذلكَ بأنْ يُقالَ في شرْحِ هذا الحدِّ: أي قواعدُ كلِّيَّةٌ
يُعرَفُ بها أحوالُ الكلامِ التي تُورِثُه حُسْنًا بعدَ رعايةِ
مُطابَقَتهِ لما يَقتضيهِ المقامُ عمَلاً بفنِّ المعاني، وبعدَ رعايةِ
وضوحِ دَلالتِه على معناهُ عمَلاً بفنِّ البيانِ، وذلكَ كقولِنا: الكلامُ
الذي يُرادُ تحسينُه يَعرِضُ له طِباقُ التضادِّ؛ لأنَّ الذوقَ يَحكُمُ
بأنَّه محسِّنٌ للكلامِ. وقولُه تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ}
كلامٌ أُرِيدَ تحسينُه، فلحِقَه الطباقُ بينَ اليقظةِ والنومِ، وكقولِنا:
الكلامُ الذي يُرادُ تحسينُه يَعرِضُ له الجِناسُ كذلكَ، وقولُه تعالى: {يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} كلامٌ
أُريدَ تحسينُه فجاءَ على وجهِ المجانَسةِ بينَ لفْظَي الساعةِ. هذا هو
المتبادَرُ في تصوُّرِ مسائلِ هذا الفنِّ، حيثُ جَعَلوا موضوعَه الكلامَ،
وحاصِلُه جعْلُ الكلامِ موضوعًا، وحَمْلُ وجوهِ التحسينِ عليه، ويمكِنُ
تَصوُّرُها على وجهٍ آخَرَ كقولِكَ: الطِّباقُ محسِّنٌ للكلامِ بشهادةِ
الذوقِ، والوجهُ الذي وَرَدَ عليه قولُه تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} من قبيلِ الطباقِ؛ فهو محسِّنٌ له، وكقولِكَ: الجناسُ محسِّنٌ للكلامِ كذلكَ، والوجهُ الذي أتى عليه قولُه تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ}
إلخ من الجناسِ؛ فهو محسِّنٌ له، وحاصِلُه جعْلُ وجوهِ التحسينِ مضوعاتٍ
للمسائلِ، ويُحمَلُ عليها كونُها محسِّنةً للكلامِ بشهادةِ الذوقِ. وعليه
فيكونُ جعْلُ أحوالِ تلك الوجوهِ أحوالاً للكلامِ؛ لأنَّ عارِضَ العارِضِ
لشيءٍ عارِضٌ لذلكَ الشيءِ، وجعلُهم موضوعَ كثيرٍ من مسائلِه البحثَ في هذا
الفنِّ عن أحوالِ تلك الوجوهِ من حيثُ كونُها معنويَّةً تارةً ولفظيَّةً
أخرى، وأنَّ المقصودَ منه معرفةُ ذلكَ، إلاَّ أنَّه يَجِبُ تأويلُه بأنَّهم
لمَّا رأَوْا تلك الوجوهِ ثابتةً للكلامِ ومحسِّنةً له أمرًا متقرَّرًا لا
يَحتاجُ إلى التنبيهِ عليه، عدَلُوا عنه إلى وجهٍ يَضبِطُ تلكَ الوجوهَ،
فالغرَضُ منه ضبطُها، لا إثباتُ كونِها معنويَّةً أو لفظيَّةً؛ وذلكَ لأنَّ
المسائلَ التي على هذا الوجهِ لا يَنطبِقُ تعريفُ الفنِّ عليها ولا يشيرُ
إليها، وليس المرادُ معرفةَ جميعِ الوجوهِ المحسِّنةِ التي يُمكنُ وجودُها
في الكلامِ؛ لأنَّها لا تَزالُ تَتجدَّدُ، ولا تَكادُ تَنحصِرُ، بل المرادُ
معرفتُها بقدْرِ الطاقةِ كما مَرَّ عن السعدِ. وكثيرٌ من العلومِ غيرِ هذا
العلْمِ وإن شارَكَهُ في تجدُّدِ المسائلِ وعدَمِ انحصارِها إلاَّ أنَّ له
ضوابطَ تَرْجِعُ إليها مسائلُه الموجودةُ والمتجدِّدةُ. وأمَّا هذا
العلْمُ فمسائلُه منتشِرةٌ قلَّ أن تَرْجِعَ مسألةٌ منها إلى الأخرى؛
فلِذَا خُصَّ هذا العلْمُ بالتنبيهِ على ذلكَ، وعلى مِنوالِه علْمُ اللغةِ
ا.هـ. بتصرُّفٍ. وعلى كلِّ حالٍ يَخْرُجُ بقولِه: يُعرَفُ به وجوهُ تحسينِ
الكلامِ، ما عدا علْمَ البديعِ من العلومِ، والمرادُ بالكلامِ الكلامُ
المعهودُ عندَ البُلغاءِ، وهو العربيُّ، فيَخرُجُ به العلْمُ الذي يُعرَفُ
به تحسينُ غيرِه.
(3) قولُه: (المطابِقَةُ لمُقتضى الحالِ)، أي:
معَ وضوحِ دَلالتِه على معناهُ عمَلاً بفَنَّي المعاني والبيانِ. قيلَ:
وليسَ رعايةُ هذيْنِ الأمريْنِ قيدًا في التعريفِ، بل ذِكْرًا فيه؛ لكونِ
رعايتِهما شرطًا للعمَلِ لا للعلْمِ، أي شرطًا في كونِ الوجوهِ محسِّنةً
للكلامِ يَترتَّبُ عليها قَبولُه حتَّى تُراعى فيه لا في معرفةِ الوجوهِ.
وقيلَ: رعايةُ هذيْنِ الأمريْنِ قيدٌ في التعريفِ، إمَّا لإخراجِ تلك
الوجوهِ قبلَ رعايةِ الأمريْنِ؛ لأنَّها لا تُعَدُّ محسِّنةً حينئذٍ،
وإنَّما تُعَدُّ محسِّنةً بعدَها، وإمَّا لإخراجِ العلومِ التي تُوجِبُ
للكلامِ الحُسْنَ الذاتيَّ بِناءً على أنَّ المرادَ بوجوهِ التحسينِ
الأحوالُ التي يَحصُلُ بها تحسينُ الكلامِ سواءٌ كان ذاتيًّا، وهو الداخلُ
في البلاغةِ، أو عرَضيًّا وهو التابعُ لها، كونُ الحالِ قد يَقتضِي تحسينَ
الكلامِ بتلكَ الوجوهِ، فيكونُ تحسينُه بها ذاتيًّا وداخلاً في البلاغةِ،
بدليلِ أنَّه رُبَّما اقْتَضى المقامُ تَرْكَه فيكونُ الإتيانُ به سمِجًا
لا يُنافي ذلكَ؛ لأنَّ البحثَ عنه من جهةِ كونِه تحسينًا عرَضِيًّا تابعًا
للبلاغةِ من فنِّ البديعِ، ومن جهةِ أنَّه من مُقتضياتِ الحالِ وتحسينًا
ذاتيًّا وداخلاً في البلاغةِ من فنِّ المعاني، وإمَّا لإخراجِ علْمِ
العَرُوضِ لأنَّ تحسينَه لم يُشترَطْ فيه كونُه بعدَ رعايةِ هذيْنِ
الأمريْنِ، فإنْ وَقَعَ كذلكَ فهو اتِّفاقِيٌّ لا لازمٌ، أفادَهُ بعضُ
الأفاضِلُ.
(4) قولُه: (وهذه الوجوهُ ما يَرْجِعُ إلخ)،
أي: هذه الوجوهُ التى بها التحسينُ العَرَضِيُّ، أي: الزائدُ على تحسينِ
البلاغةِ، قسمانِ: قِسمٌ يَبحثُ عن الوجوهِ المعنويَّةِ، أي التي يَرجِعُ
تحسينُها إلى المعنى، وقسمٌ يَبحثُ عن الوجوهِ اللفظيَّةِ، أي التي
يَرْجِعُ تحسينُها إلى مُجرَّدِ اللفظِ، وهذا بحسْبِ القصْدِ الأَوْلى، فلا
يُنافِي أنَّ المعنويَّ قد يحسِّنَ اللفظَ وبالعكسِ. وعن السيوطيِّ في
شرْحِ عُقود الجُمانِ قَسَّمَ جماعةٌ وُجوهِ التحسينِ إلى ثلاثةِ أقسامٍ،
فزادوا ما يَتعلَّقُ باللفظِ والمعنى معًا، كالمطابَقَةِ والمقابَلةِ،
والأمْرُ قريبٌ ا.هـ. والبحثُ في ذلكَ كلِّه عن محسِّناتِ الكلامِ، وقد
يُبْحَثُ عن محسِّناتِه من حيثُ أخْذُهُ، ولو بالمعنى من كلامٍ آخَرَ، وهي
مباحثُ السَّرِقاتِ الشعريَّةِ وما يَتعلَّقُ بها. وقد يُبحَثُ عن تحسينِه
من حيثُ ابتداؤُه أو انتهاؤُه أو التخلُّصُ من بعضِه إلى بعضٍ، وما يُفيدُه
كلامُ المطَوَّلِ من أنَّ مباحثَ السرِقاتِ الشعريَّةِ وما بعدَها ليستْ
من البديعِ، وإنَّما هي من علائقِه وتوابِعه معناهُ أنَّها ليستْ من
البديعِ المقصودِ بالذَّاتِ الممكِنِ في كلِّ كلامٍ، فلا يُنافِي صحَّةَ
إطلاقِه على ما يَشمَلُها؛ لأنَّها من مكمِّلاتِه، وليسَ لها فنٌّ
مُستقِلٌّ؛ ولذلكَ صرَّحَ في المختَصَرِ بأنَّها منه، أفادَه بعضُ
الأفاضِلِ).
دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (عِلْمُ البديعِ
البديعُ علْمٌ يُعْرَفُ بهِ وُجوهُ تَحسينِ الكلامِ المطابِقِ لِمُقْتَضى
الحالِ. وهذه الوجوهُ ما يَرْجِعُ منها إلى تَحسينِ المعنى، يُسَمَّى
بالمحسِّناتِ المعنويَّةِ، وما يَرجِعُ منها إلى تَحسينِ اللفظِ، يُسَمَّى
بالمحسِّناتِ اللفظيَّةِ).
حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (علْمُ البديعِ(1)
البديعُ(2) علْمٌ(3) يُعرَفُ به(4) وجوهُ تحسينِ الكلامِ(5) المطابِقِ لِمُقْتَضَى الحالِ(6).
وهذه الوجوهُ(7) ما يَرجِعُ منها(8) إلى تحسينِ المعنى(9) يُسمَّى(10) بالمحسِّناتِ المعنويَّةِ(11).
كقولِك لشخصٍ يَضُرُّ الناسَ: خيرُ الناسِ من يَنفعُهم(12).
وما يَرجِعُ منها إلى تحسينِ اللفظِ(13) يُسمَّى(14) بالمحسِّناتِ اللفظيَّةِ(15).
_____________________
قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): ((1) علْمُ البديعِ
آخِرُ علومِ البلاغةِ الثلاثةِ.
(2) (البديعُ) لغةً المُخْتَرَعُ الموجودُ على
غيرِ مثالٍ سابقٍ, أو الغريبُ من بَدُعَ الشيءُ بضَمِّ الدالِ إذا كان
غايةً فيما هو فيه من علْمٍ أو غيرِه حتى صارَ غريباً فيه لطيفاً,
واصطلاحاً.
(3) (علمٌ) أي: مَلَكةٌ حاصلةٌ من ممارَسةِ مسائلِه المقرَّرةِ.
(4) (يُعرَفُ به) أي: بسببِ هذا العلْمِ.
(5) (وجوهُ تحسينِ الكلامِ ) أي: الوجوهُ
والمزايا التي يَصيرُ بها الكلامُ حسَناً، والمرادُ بالمعرفةِ هنا مطلَقُ
الإدراكِ بمعنى أننا نتصوَّرُ بهذا العلْمِ وبالملَكةِ الحاصلةِ من ممارسةِ
مسائلِه معانيَ تلك الوجوهِ المحسِّنَةِ, ونُصَدِّقُ بأعدادِها وتفاصيلِها
بقدرِ الطاقةِ، وليس المرادُ بها الإدراكاتِ الجزئيةَ المتعلِّقةَ
بالفروعِ المستخرَجةِ من القواعدِ كما سَبقَ في عِلْمَي المعاني والبيانِ؛
لأنه لا قواعدَ لهذا العلْمِ حتى يُستخرَجَ منها فروعٌ فتَدبَّرْ.
(6) (المطابِقِ لمقتضى الحالِ) أي: مع وضوحِ
دَلالتِه على معناه، فلا تُعَدُّ تلك الوجوهُ محسِّنَةً للكلامِ إلا بعدَ
رعايةِ الأمرين: الأمرُ الأوَّلُ مطابقةُ الكلامِ لِمُقْتَضَى الحالِ, وهذه
تُعرَفُ بعلْمِ المعاني, والأمرُ الثاني وضوحُ دَلالتِه وهذا مُبَيَّنٌ في
علْمِ البيانِ وإلا كانت تلك الوجوهُ كتعليقِ الدُّرِّ في أعناقِ
الخنازيرِ, وليس رعايتُهما قَيْداً في تعريفِ علْمِ البديعِ، بل ذُكِرا فيه
لبيانِ أن رعايتَهما شرطٌ في كون الوجوهِ المبحوثةِ فيه محسِّنةً لا في
معرفتِها. وأما واضِعُه فهو الخليفةُ عبدُ اللهِ بنُ المعتَزِّ بنِ
المتوكِّلِ العباسيُّ المتَوَفى سنةَ 296، فهو أوَّلُ من ألَّفَ فيه, ثم
اقْتَفى أثرَه قُدامةُ بنُ جعفرٍ الكاتبُ, ثم أَلَّفَ فيه كثيرونَ, كأبي
هِلالٍ العَسْكَريِّ وابنِ رُشَيقٍ القَيْرَوانيِّ وصَفِيِّ الدينِ
الْحُلِّيِّ وابنِ حُجَّةَ الْحَمَوِيِّ وغيرِهم.
(7) (وهذه الوجوهُ) أي: وجوهُ تحسينِ الكلامِ الحاصلِ بعدَ الرعايةِ السابقةِ مبتدأٌ أوَّلٌ.
(8) (ما يرجِعُ منها) أي: من هذه الوجوهِ مبتدأٌ ثانٍ.
(9) (إلى تحسينِ المعنى) أوَّلاً وبالذاتِ.
(10) (يُسَمَّى) أي: هذا النوعُ.
(11) (بالمحسِّناتِ المعنويَّةِ) وإن كان بعضُ أفرادِه قد يُفيدُ تحسينَ اللفظِ أيضًا, لكن ثانياً وبالعَرَضِ
(12) (كقولِك لشخصٍ يَضُرُّ الناسَ: خيرُ الناسِ من يَنفعُهم)
كِنايةً عن نفي الخيريَّةِ عن الذي يَضُرُّ الناسَ؛ لأن حصْرَ الخيريَّةِ
فيمن يَنفعُ الناسَ مِن لازِمِه انتفاؤها عن كلِّ مَن يَضُرُّهم وهذا هو
المعنى الكِنائيُّ, ويُفهمُ منه بطريقِ التعريضِ الذي هو الإفهامُ بالسياقِ
أنَّ هذا الشخصَ المعَيَّنَ انتَفَتْ عنه الخيريَّةُ, هذا وقد يكونُ
التعريضُ حقيقةً, وقد يكونُ مَجازاً, فالأوَّلُ كقولِك: لستُ أتكلَّمُ أنا
بسُوءٍ فيَمْقُتَني الناسُ, وأردْتَ إفهامَ أنَّ زيداً ممقوتٌ؛ لأنه
تَكلَّمَ بسُوءٍ فالكلامُ حقيقةٌ, ولكنه لما سِيقَ عندَ تَكلُّمِ زيدٍ
بالسوءِ كان فيه تعريضٌ بمقتِه, وفُهِمَ هذا المعنى من السياقِ لا من
الوضْعِ. والثاني: كقولِك: رأيتُ أُسُوداً في الحمَّامِ غيرَ كاشفين
العورةِ, فما مُقِتُوا, ولا عِيبَ عليهم, تعريضاً بمن حضَرَ منهم أنه
كَشَفَ عورتَه في الحمَّامِ, فمُقِتَ وعِيبَ عليه, فالكلامُ مَجازٌ ولكنه
فُهِمَ منه هذا المقصودُ من السياقِ لا من المعنى المَجازيِّ, وبهذا ظهَرَ
أن التعريضَ يكونُ لفظُه تارةً حقيقةً, وتارةً مَجازاً وأخرى كِنايةً
فتدَبَّرْ أعني بالتبعيَّةِ لتحسينِ المعنى كالمشاكَلَةِ, وهي ذكْرُ الشيءِ
بلفظِ غيرِه لوقوعِه في صُحبتِه, كالتعبيرِ عن الخِياطةِ بالطبخِ لوقوعِها
في صحبتِه، فاللفظُ حسَنٌ؛ لما فيه من إيهامِ المجانَسةِ اللفظيَّةِ؛ لأن
المعنى مختلِفٌ، واللفظَ متَّفِقٌ، لكنَّ الغرَضَ الأصليَّ جعْلُ الخياطةِ
كطبخِ المطبوخِ لوقوعِها في صحبتِه.
(13) (و ما يَرجِعُ منها إلى تحسينِ اللفظِ) أوَّلاً وبالذاتِ.
(14) (يُسَمَّى) أي: هذا النوعُ.
(15) (بالمحسِّناتِ اللفظيَّةِ) وإنْ كان بعضُ
أفرادِه قد يُفيدُ تحسينَ المعنى أيضاً لكن بطريقِ التَّبَعِ والعُروضِ
لتحسينِ اللفظِ. هذا وقد أَجمعوا على أن المحسِّناتِ كلَّها وخصوصاً
اللفظيَّةَ لا تَقعُ موقعَها من الحُسْنِ إلا إذا طلَبَها المعنى, فجاءتْ
عفْواً بدونِ تكلُّفٍ وإلا فمُبْتَذَلةٌ).
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري
قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل
حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (البديعُ في اللغةِ:
الغريبُ، منْ بَدُعَ الشيءُ بضَمِّ الدالِ إذا كانَ غايةً فيما هوَ فيهِ
منْ عِلْمٍ أوْ غيرِه حتَّى صَارَ غريبًا فيهِ لطيفًا،وفي الاصطلاحِ:
عِلْمٌ يُعْرَفُ بهِ وجوهُ تحسينِ الكلامِ المطابِقِ لِمُقْتَضَى الحالِ،
أيْ يُعْرَفُ بهِ الأمورُ التي يَصِيرُ بها الكلامُ حَسَنًا، لكِنْ لا
مُطْلَقًا، بلْ إذا كانَ ذلكَ الكلامُ مُطابِقًا لِمُقْتَضَى الحالِ؛ فإنَّ
هذهِ الوجوهَ إنَّما تُعَدُّ مُحَسِّنَةً للكلامِ بعدَ رعايةِ مُطَابقتِه
لِمُقْتَضَى الحالِ،وإلَّا كانتْ تلكَ الوجوهُ كتعليقِ الدُّرَرِ في
أعناقِ الخنازيرِ،وهذهِ الوجوهُ نوعانِ:
الأوَّلُ: ما يَرْجِعُ منها إلى تحسينِ المعنى،
بأنْ يكونَ القَصْدُ منها تحسينَ المعنى أَوَّلًا وبالذاتِ،وإنْ كانَ قدْ
يُفيدُ بعضُ تلكَ الوجوهِ تحسينَ اللفظِ أيضًا، لكِنَّ القَصْدَ الأصليَّ
منها إنَّما هوَ إلى كونِها مُحسِّنَةً للمعنى،ولهذا يُنْسَبُ هذا النوعُ
إلى المعنى بأن يُسَمَّى بالمحسِّناتِ المعنويَّةِ .
والثانِي: ما يَرْجِعُ منها إلى تحسينِ اللفظِ،
ويُنْسَبُ إليهِ بأنْ يُسَمَّى بالمُحَسِّنَاتِ اللفظيَّةِ؛ لكونِ المقصودِ
منها تحسينَ اللفظِ بالذَّاتِ، وإنْ تَبِعَ ذلكَ تحسينُ المعنى .
ثمَّ لَمَّا كانَ المقصودُ الأصليُّ هوَ المعاني، والألفاظُ توابِعُ
وقوالِبُ لها، كانَ الاهتمامُ بالوجوهِ الْمُحَسِّنَةِ لها أَوْلَى من
الاهتمامِ بالوجوهِ الْمُحَسِّنَةِ للألفاظِ؛ فلذا قَدَّمَها وقالَ: (
مُحَسِّنَاتٌ مَعْنَوِيَّةٌ )، وهيَ وجوهٌ عديدةٌ ذَكَرَ المصنِّفُ منها
أربعةً وعشرينَ:).
شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ)
قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: ( (علم البديع)
هذا العلم الثالث من علوم البلاغة, والبديع فعيل, من بدع إذا جاء على غير
مثال سابق، فيطلق على الجديد مطلقاً من الأفعال والذوات، فيقال: هذا فعل
بديع، ويقال: إنسان بديع، وأمر بديع، بمعنى: حسن .
والبديع في الاصطلاح هو العلم الذي تُعرف به وجوه تحسين الكلام، ويشمل ذلك
التحسين المعنوي للكلام، التحسين اللفظي له؛ لذلك قال: " البديع علم يعرف
به وجوه تحسين الكلام المطابق لمقتضى الحال ".
معناه من شرط البديع، أن يكون الكلام مطابقاً لمقتضى الحال، أي: بليغاً,
لأن الكلام غير البليغ لا فائدة لتحسينه، فإذا أُتي بكل جناس وبكل طباق
وغير ذلك في كلام لا معنى له ولا فائدة فيه فهذا غير محمود، ولهذا فإن
الكلام العربي ينقسم إلى أقسام من الناحية البديعية، فمنه ما جمع البلاغة
بالإضافة إلى التحسين المعنوي والتحسين اللفظي، وهذا أفضله، وأعلاه المعجز
كلام الله تعالى ثم دونه الكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كلام
البلغاء الذي دون حد البلاغة، دون حد الإعجاز, ويتفاوت تتفاوت مقاماته دون
ذلك، وأدنى الكلام هو ما يصل إلى ما لو نزل الكلام عنه لكان ككلام الحيوان
البهيمي كأصوات الحيوان البهيمي .
يقول الخنا وأبغض العجم ..... ناطقاً إلى ربنا صوت الحمار يجدع.
فما لو نزل الكلام عنه لم يعتبر من كلام البشر لسماجته وقبحه؛ فلذلك المقام الأول هو ما جمع البلاغة, والمحسنات المعنوية, والمحسنات اللفظية.ولما قضينا من منىً كل حاجة ..... ومسَّح بالأركان من هو ماسح
وشدت على كور المطايا رحالنا ..... ولم ينظر الغادي الذي هو رايحولما قضينا من منىً كل حاجة ..... ومسَّح بالأركان من هو ماسح
وشُدت على كور المطايا رحالنا ..... ولم ينظر الغادي الذي هو رايح
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ..... ( غير مسموع ) بأعناق المطيِّ الأباطح
لكن المقام قد يقتضي مثل هذا الذي قاله، ومن المعلوم أن كل كلمة لها مقام يناسبها في اللغة العربية، فالفعل إذا كان بعد أن غير الفعل الذي يكون بعد إذا .شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)
القارئ: (بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... أما بعد:
قال المؤلفون – رحمهم الله تعالى-: (الدرس الحادي والعشرون):
علم البديع: البديع علم يعرف به وجوه تحسين الكلام المطابق لمقتضى الحال
وهذه الوجوه ما يرجع منها إلى تحسين المعنى يسمى بالمحسنات المعنوية، وما
يرجع منها إلى تحسين اللفظ يسمى بالمحسنات اللفظية).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على رسوله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين... وبـعـد:
ففي هذا الدرس يبدأ الحديث عن علم البديع وهو العلم الثالث من علوم البلاغة العربية في تصنيف المتأخرين.
والبديع ينحصر عند من قسم البلاغة إلى علوم ثلاثة في وجوه التحسين؛ لأن
علوم البلاغة كما سلف في الدروس الماضية تنظر إلى علم المعاني من زاوية
تركيب الكلم وتنظر إلى علم البيان من زاوية طرق تأدية المعنى وتنظر إلى
البديع من زاوية تحسينه سواءاً أكان التحسين معنوياً ينظر إلى المعنى
بالدرجة الأولى أو كان لفظياً حيث يكون مقصده الأول هو التحسين اللفظي ومن
هنا جاء تقسيم علم البديع.
أريد أن أنبه إلى مسألة مهمة وهي أن البديع عند البلاغيين يأخذ
معنىً واسعاً عند كثيرين منهم بحيث يشمل علوم البلاغة الثلاثة فيشمل
القضايا المتصلة بتركيب الكلام وهي الداخلة في علم المعاني ويشمل القضايا
المختصة بطرق تأدية المعنى الخاصة بعلم البيان ويشمل قضايا التحسين الخاصة
بالبديع عند المتأخرين.
ومنذ أن بدأ عبد الله بن المعتز تأليف كتابه (البديع) وهذه
المسألة هي الشغل الشاغل لكثير من البلاغيين في رصد الألوان البلاغية أو
الألوان البديعية عند هذه المدرسة، ونشأ في القرن السابع وما بعده اتجاه في
التأليف البلاغي يسمى الاتجاه البديعي وهذا يظهر أثره ويظهر بصورة واضحة
جداً عند أبي الأصبع المصري في كتابيه (بديع القرآن) و (تحرير التحبير) حيث
جمع الألوان البلاغية التي سبقه إليها من قبله ابتداءً بابن المعتز ثم
قدامة بن جعفر ثم أبي هلال العسكري ثم ابن رشيق القيرواني وشرف الدين
التيفاشي ومن بينهم إلى أن وصل إلى عصره هو طبعاً هو متوفي سنة 654هـ،
فأوصل عدة الفنون البديعية كما يسميها إلى مائة وعشرين لوناً بلاغيا ًهذه
الألوان البلاغية تتوزع عند المتأخرين إلى علوم البلاغة الثلاثة. ولهذا
أردت التنبيه حتى لا يختلط قضية البديع عند المتأخرين بالبديع عند ابن أبي
الأصبع وأضرابه من أصحاب المدرسة البديعية ثم هيأ الله لي أن أطلع على
كتابٍ أفرد البديع بمعناه عند المتأخرين بمؤلف خاص وهو كتاب القول البديع
في علم البديع لمرعي بن يوسف الحنبلي وقد يسر الله لي تحقيقه ونشره.
المؤلفون – رحمهم الله – يرون أن علم البديع هو علم يعرف بوجوه تحسين الكلام المطابق لمقتضى الحال.
ويلحظ هنا مسألة أن التعريف تضمن الإشارة إلى المطابقة لمقتضى الحال
والمطابقة لمقتضى الحال إضافتها هنا أو إضافة ما يدل عليها في هذا التعريف
حتى يدخل البديع في حيز علم البلاغة العام لأن البديع إذا لم ينظر فيه إلى
مطابقة الكلام إلى مقتضى الحال فهو حينئذٍ كما عبر بعض الأدباء كتعليق الدر
على أعناق الخنازير- أكرم الله السامعين- فالدر على ما فيه من بهاءٍ
ورونقٍ ولمعانٍ وجمالٍ إذا علق في غير مكانه فإنه يفتقد ذلك الجمال والبديع
هو مظهر من مظاهر التحسين لكنه إذا وضع في غير مكانه فإنه يفقد ذلك.
وأشبه بتشبيه أقرب من هذا لو أن صاحب ريشة جميلة يرسم مناظر
طبيعية جيدة رسمها على رقعةٍ بالية نعم الرسم يظهر أنه جميل لكن المكان
الذي وضع فيه ليس المكان الخاص به، ولذلك شرط البلاغيين أن يكون البديع
داخلاً في حيز مطابقة مقتضى الحال فإذا اقتضى الحال أن يكون البديع موجوداً
فحينئذٍ يكون داخلاً في البلاغة أما عندما يكون البديع متعسفاً متكلفاً
فحينئذٍ لا يدخل في هذا الجانب، ومن هذا ما يروى عن أحد الأمراء الذي قال
لأحد القضاة أيها القاضي بقم هو فكر حتى تستقيم له السجعة والتجنيس وهما من
ألوان البديع قال: (قد عزناك فقم) ليجانس بين كلمتي (قم) الدالة على اسم
المكان و (قم) الأمر بالقيام فكما يقول من علق على هذا القول ذهب القاضي
ضحية سجعة، إذاً هذا ما يتصل بالتعريف ثم بعد ذلك وجوه التحسين هذه منها:
ما يرجع إلى الجانب المعنوي يكون المعنى هو المقصود أولاً، ونحن نعرف أن
المعنى لا ينفصل على اللفظ، الألفاظ هي القوالب للمعاني ولكن لأن الغاية هي
المعنى يصنف اللون البديعي إلى أنه محسن معنوي وإذا كانت الغاية لفظية
بمعنى أن الجانب التحسيني يظهر فيه جانب اللفظ أكثر يقال جانب التحسين
اللفظي وبعض البلاغيين يشكل عليه تصنيف بعض الفنون البديعية هل هي أقرب إلى
المعنى أو إلى اللفظ فأضاف قسماً ثالثاً وهو التحسين اللفظي المعنوي الذي
يجمع الأمرين معاً وهذا موجود في كتاب: (المصباح في تلخيص المفتاح) لبدر
الدين بن مالك ابن صاحب الألفية في النحو.
فهذا علم البديع عند جمهور البلاغيين يقسم إلى قسمين اثنين).
الكشاف التحليلي
عناصر الدرس السابع عشر:
علم البديع
· البديع لغة: المخترع الموجود على غير مثال سابق، أو الغريب
· البديع اصطلاحاً: علْمٌ يُعرَفُ به وجوهُ تحسينِ الكلامِ المطابِقِ لِمُقْتَضَى الحالِ.
° شرح التعريف
° سبب تسميته علم البديع
° قوله هنا (علم) أي ملكة يستحضر بها تلك الوجوه، وقد قد قيل:لا يراد به هنا الإدراك ولا المسائل.
- سبب كونها لا يراد بها الإدراك.
- سبب كونها لا يراد بها المسائل
- تحقيق كونها تسمى مسائل
- كثيرٌ من العلومِ غيرِ هذا العلْمِ وإن شارَكَهُ في تجدُّدِ
المسائلِ وعدَمِ انحصارِها إلاَّ أنَّ له ضوابطَ تَرْجِعُ إليها مسائلُه
الموجودةُ والمتجدِّدةُ، وأمَّا هذا العلْمُ فمسائلُه منتشِرةٌ
· لا يكون البديع إلا بعد مطابقة الكلام لمقتضى الحال -وهو علم المعاني-، ووضح دلالته -وهو علم البيان-
§ هل رعاية علم المعاني والبيان شرط في علم البديع؟
· أول من ألف في علم البديع:الخليفة عبدالله بن المعتز بن المتوكل العباسي المتوفى سنة 296هـ
§ من المبرزين في علم البديع:ابن جعفر الكاتب، وأبوهلال
العسكري، وابن رشيق القيرواني، وصفي الدين الحلي، وابن حجة الحموي، وغيرهم
· الكلام العربي من الناحية البديعية أقسام:
° الأول:ما جمع البلاغة بالإضافة إلى التحسين المعنوي والتحسين اللفظي؛ وهذا أفضله؛ وأعلاه كلام الله ثم كلام رسوله ثم كلام البلغاء
° المقام الثاني: ما جمع البلاغة والمحسنات المعنوية فقط دون المحسنات اللفظية.
° المقام الثالث: ما جمع البلاغة والمحسنات اللفظية دون المعنوية.
° المقام الرابع: ما فيه بلاغة دون محسنات.
° المقام الخامس: ما فيه محسنات دون بلاغة، وهذا يمثلون له بقول الشاعر:ولما قضينا من مـنىً كل حاجة..الخ
- نقد أبي هلال العسكري لهذه الأبيات وما رُدَّ به عليه
§ ومن المعلوم أن كل كلمة لها مقام يناسبها في اللغة العربية؛ مثل (إن) و(إذا)
البديع نوعان: محسنات معنوية، ومحسنات لفظية
· أجمعوا على أن المحسِّناتِ
كلَّها وخصوصاً اللفظيَّةَ لا تَقعُ موقعَها من الحُسْنِ إلا إذا طلَبَها
المعنى, فجاءتْ عفْواً بدونِ تكلُّفٍ وإلا فمُبْتَذَلةٌ
° قد يبحث في محسنات الكلام من حيث أخذه كما في مباحث السرقات
الشعرية أو من حيث ابتداؤه وانتهاؤه والتخلص من بعضه إلى بعض، وهي من
مكملات فن البديع وإن لم تكن من المقصود بالذات فيه
المحسنات المعنوية
· قدم المحسنات المعنوية لأن المقصود الأصليَّ هوَ المعاني