الدروس
course cover
4: الكناية
10 Nov 2008
10 Nov 2008

14742

0

0

course cover
دروس البلاغة

القسم الرابع

4: الكناية
10 Nov 2008
10 Nov 2008

10 Nov 2008

14742

0

0


0

0

0

0

0

4: الكناية


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (الكنايةُ
هيَ لفظٌ أُريدَ بهِ لازمُ معناهُ، معَ جوازِ إرادةِ ذلكَ المعنى، نحوُ: (طويلُ النِّجادِ): أيْ طويلُ القامَةِ.
وتَنقسِمُ باعتبارِ الْمُكنَّى عنهُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ:
الأوَّلُ: كنايةٌ يكونُ الْمُكنَّى عنه فيها صفةً، كقولِ الخنساءِ:

طويلُ النِّجادِ رَفِيعُ العِمادِ ..... كثيرُ الرَّمَادِ إذا ما شَتَا

تريدُ أنَّهُ طويلُ القامةِ، سيِّدٌ كريمٌ.
والثاني: كنايةٌ يكونُ المكنَّى عنه فيها نِسبةً، نحوُ: (الْمَجْدُ بينَ ثوبَيْه، والكرَمُ تحتَ ردائِه)، تريدُ نِسبةَ الْمَجدِ والكرَمِ إليه.
والثالثُ: كنايةٌ يكونُ المكنَّى عنه فيها غيرَ صفةٍ ولا نِسبةٍ، كقولِه:

الضارِبِينَ بكلِّ أبيضَ مُخْذِمٍ ..... والطاعِنِينَ مَجامِعَ الْأَضْغَانِ

فإنَّهُ كَنَّى بِمَجامِعِ الأضغانِ عن القلوبِ).

هيئة الإشراف

#2

13 Nov 2008

الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): ( (الكنـايـــةُ)
هي لفظٌ أُريدَ به لازِمُ معناهُ(1) مع جوازِ إرادةِ ذلك المعنى(2)، نحوُ: طويلُ النِّجادِ(3)، أي طويلُ القامةِ. وتَنقسِمُ باعتبارِ المكنِيِّ عنهُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ(4):
(الأوَّلُ): كنايةٌ يكونُ المكْنِيُّ عنهُ فيها صفةً (5)، كقولِ الخنساءِ:

طويلُ النِّجادِ رفيعُ العِمادِ ..... كثيرُ الرَّمادِ إذا ما شَتَا

تُريدُ(6) أنه طويلُ القامَةِ سيِّدٌ كريمٌ.
(والثاني): كنايةٌ يكونُ المكنِيُّ عنهُ فيها نِسبةً(7)، نحوُ: المَجْدُ بينَ ثَوْبَيْهِ، والكرَمُ تحتَ ردائِه، تُريدُ نسبةَ المَجْدِ والكرَمِ إليه.
(والثالثُ): كنايةٌ يكونُ المكنِيُّ عنه فيها غيرَ صفةٍ ولا نِسبةٍ(8)، كقولِه:

الضارِبِينَ(9) بكُلِّ أبيضَ مُخْذِمِ ..... والطاعنينَ مجامِعَ الأَضْغانِ

فإنه كنَّى بمجامِعِ الأضغانِ عن القلوبِ.

_____________________

قال الشيخ محمد علي بن حسين بن إبراهيم المالكي (ت: 1368هـ): ((1) قولُه: (لازمُ معناهُ إلخ)، أي: فالانتقالُ فيها عندَ الخطيبِ من الملزومِ إلى اللازمِ. وتعريفُ السكَّاكيِّ في المِفتاحِ لها بأنَّها ترْكُ التصريحِ بذكْرِ الشيءِ إلى ذكْرِ ما يَلزَمُه ليَنتقِلَ من المذكورِ إلى المتروكِ، وإن أفادَ أنَّ الانتقالَ فيها من اللازمِ إلى الملزومِ، لا يُخالِفُ تعريفَ الخطيبِ الذي في الكتابِ إلاَّ لفظًا؛ وذلكَ لأنَّ الانتقالَ من اللازمِ إلى الملزومِ يَعتمِدُ مساواتَه إيَّاهُ، إذ لا يُتَصَوَّرُ انتقالٌ من العامِّ باقيًا على عمومِه إلى الخاصِّ؛ لأنَّه لا دَلالةَ للعامِّ من حيثُ ذاتُه على الخاصِّ، بل لا بُدَّ أن يُعتَبَرَ معه ما يصيرُ به مساويًا له، وعندَ المساواةِ يكونانِ متلازِمَيْنِ، فحينئذٍ يكونُ الانتقالُ من اللازمِ إلى الملزومِ بمنزلةِ الانتقالِ من الملزومِ إلى اللازمِ كما في شرْحِ السيِّدِ على المِفتاحِ. وليس المرادُ باللزومِ ههُنا امتناعَ الانفكاكِ، بل المرادُ الانتقالُ في الجملةِ، سواءٌ كانَ بِناءً على لزومٍ عقلِيٍّ أو عاديٍّ أو اعتقاديٍّ أو ادِّعائِيٍّ، كما قاله السعْدُ في شرْحِ المِفتاحِ. أنبابيٌّ.

(2) قولُه: (مع جوازِ إرادةِ ذلكَ المعنى)، أي: معنى اللفظِ الحقيقيِّ، والمرادُ بجـوازِ إرادةِ المعنى الحقيقيِّ في الكنايةِ أنَّ الكنايةَ من حيثُ إنَّها كنايةٌ لا تُنافِي إرادتَه، كما أنَّ المَجازَ من حيثُ إنَّه مَجازٌ يُنافِي إرادتَه، ولكن قد تَمتنِعُ إرادةُ المعنى الحقيقيِّ من حيثُ خُصوصُ المادَّةِ، إمَّا لاستحالتِه كما في قولِه تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} إذا لم تُجعَل الكافُ زائدةً، ولم يَجِبْ عن اقتضائِها المُحالُ حينئذٍ، وهو ثبوتُ مِثلٍ له تعالى بحسْبِ الظاهرِ بأنَّ المِثلَ عينُ الذاتِ، والمعنى ليس كذاتِه شيءٌ، بل أُجيبَ عن ذلكَ بأنَّها من بابِ الكنايةِ، وقُرِّرَتْ بأحَدِ وجهيْنِ، بأنَّ مِثلَ المِثلِ مِثلٌ متى كان وجهُ المثليَّةِ واحدًا، فيَلزَمُ من نَفْيِ مِثلِ المِثلِ نَفْيُ المِثلِ مع قطْعِ النظَرِ عن كونِ المِثليْنِ في أخَصِّ الصفاتِ حُكمُهما واحدٌ، وإمَّا بأنْ يُقالَ: إنَّ نفيَ الشيءِ عن أحدِ المتماثِلَيْنِ يَقتضي نفيَهُ عن الآخَرِ؛ لأنَّ حُكْمَ الأمثالِ واحدٌ، والحقُّ أنَّ في معنى هذا الوجهِ الثاني الوجهَ الثالثَ، وهو أن يُقالَ: إنَّ ثبوتَ المِثلِ ملزومٌ، وثبوتَ مِثلِ المِثلِ لازمٌ، ونفيَ اللازمِ يَستلزِمُ نفيَ الملزومِ؛ وذلكَ لأنَّه لا تَتأتَّى الكنايةُ في الآيةِ على هذيْنِ الوجهيْنِ إلاَّ إذا قامَت القرينةُ على انتفاءِ المِثلِ. وعليه فلا يَلزَمُ من نفيِ المِثلِ المحقَّقِ عن المِثلِ الفرْضِيِّ أو الوهميِّ نفيُ المِثلِ المحقَّقِ عنِ اللَّهِ تعالى، إلاَّ إذا اعتُبِرَ أنَّ حُكْمَ الأمثالِ واحدٌ، فيَرجِعُ هذا الوجهُ الثالثُ للثاني قطْعًا، ويَنبَني على عدَمِ تأتِّي الكنايةِ في الآيةِ إلاَّ على فرْضِ المِثلِ أو اعتبارِ توهُّمِه أمرانِ: الأوَّلُ، أنَّ الآيةَ الكريمةَ على جعْلِها من بابِ الكنايةِ لا تَستلزِمُ حقيقتُها مُحالاً. والثاني، أنَّ جعْلَ صاحبِ الكشَّافِ الآيةَ من بابِ الكنايةِ لا يُخالِفُ مَذهبَهُ من أنَّه لا بُدَّ فيها من إمكانِ المعنى الحقيقيِّ، فافهَمْ. وإمَّا للزومِه الكذِبَ كما في قولِكَ: زيدٌ جَبانُ الكلْبِ، ومهزولُ الفَصيلِ، إذا لم يكن له كلبٌ ولا فصيلٌ، فلا يَصِحُّ هنا إرادةُ الحقيقةِ للزومِ الكذِبِ حينئذٍ، وقيلَ: المرادُ بجوازِ إرادةِ المعنى الحقيقيِّ فيها جوازُ إرادتِه في الجملةِ ولو في محَلٍّ آخَرَ باستعمالٍ آخَرَ، ولا يَضُرُّ عدَمُ جوازِ إرادتِه في المحَلِّ الذي استُعمِلَتْ فيه كما في قولِه تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، وقولِه عزَّ وجلَّ: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيمِينِهِ}، ونظائرِهما، بخلافِ المَجازِ؛ فإنَّه لا تَجوزُ فيه إرادتُه في كلِّ مَحلٍّ واستعمالٍ؛ لأنَّه مشروطٌ بقرينةٍ مانعةٍ عن إرادتِه. وعلى كلٍّ من الوجهيْنِ المذكورَيْن في معنى جوازِ إرادةِ المعنى الحقيقيِّ في الكنايةِ المستفادَيْنِ من الكشَّافِ والمِفتاحِ يَندفِعُ الاعتراضُ على التعريفِ بما يَمتنِعُ فيه إرادةُ الموضوعِ له. وبالجملةِ فالمُرادُ بالجوازِ ما يُقابِلُ الوجوبَ والامتناعَ، وليس المرادُ به عدَمَ الامتناعِ، والكنايةُ على أنَّها واسطةٌ قد يُرادُ بها الموضوعُ له مع لازمِه بالفعْلِ، نحوُ قولِكَ: زيدٌ طويلُ النِّجادِ، إذا كانَ له نِجادٌ، فيكونُ اللفظُ مستَعملاً في الموضوعِ له وغيرِه على أنَّه حقيقةٌ وواسطةٌ، إلاَّ أنَّ غيرَه أصلٌ في الإرادةِ ومقصودٌ بالإفادةِ، وإرادةُ الموضوعِ له تَبَعٌ ووسيلةٌ ليَنتقِلَ منهُ إلى ذلكَ الغيرِ المقصودِ فلا يكونُ من قبيلِ الجمْعِ بينَ المعنى الحقيقيِّ وغيرِه المختلَفِ فيه، وقد لا يُرادُ بها إلاَّ غيرُ الموضوعِ له، وهذا هو الغالِبُ. هذا ما ذهَبَ إليه السَّعدُ والسيِّدُ ومَن وافقَهُما، واستظْهَرَ الفاضلُ عبدُ الحكيمِ أنَّ المرادَ بالجوازِ عدَمُ الامتناعِ، فيُجامِعُ وجوبَ إرادةِ الموضوعِ لهُ مع غيرِه، وأنَّهُ لا تَخالُفَ بينَ طريقَي الكنايةِ المارَّيْنِ؛ وذلكَ لأنَّه لمَّا كانَ المعنيانِ مُرادَيْنِ في الكنايةِ صَحَّ أن يُقالَ: إنَّها مُستعملَةٌ في الموضوعِ له؛ إذ الأصلُ في اللفظِ إرادتُه عندَ عدَمِ القرينةِ المانِعةِ عنه، وإنَّها مُستعمَلةٌ في غيرِ الموضوعِ له بالنظَرِ إلى القرينةِ الدالَّةِ على إرادتِه، فهيَ بخلافِ المجاز؛ فإنَّ معهُ القرينةَ المانِعةَ عن إرادةِ الموضوعِ له فتَمتَنِعُ إرادتُه، وبخلافِ الحقيقةِ المصرِّحَةِ لانتفاءِ القرينةِ الدالَّةِ على إرادةِ غيرِ الموضوعِ له، وحاصلُه أنَّ الكنايةَ يَجبُ فيها إرادةُ المعنى الموضوعِ له مع لازمِه بحيثُ يكون اللفظُ مستعمَلاً فيهما، لا في المعنى الموضوعِ له فقط، ولا في لازمِه فقط. وهذا جديرٌ بأن يكونَ مَذهبًا آخَرَ في الكنايةِ، فتكونُ جملةُ المذاهبِ في الكنايةِ خمسةً: الأوَّلُ، أنَّها تارةً تكونُ واسطةً فقط، وتارةً تكونُ جمْعًا بينَ الحقيقةِ والواسِطةِ. الثاني، أنَّها حقيقةٌ فقط. الثالثُ، أنَّها مَجازٌ فقط. الرابعُ، أنَّها تارةً تكونُ من قبيلِ الحقيقةِ، وتارةً تكونُ من قبيلِ المجازِ. الخامسُ، أنَّها تكونُ حقيقةً وواسِطةً دائمًا. هذا خُلاصةُ ما في حاشيةِ الأنبابيِّ على بيانيَّةِ الصبَّانِ مع زِيادةٍ.

(3) قولُه: (النِّجادِ) بكَسْرِ النونِ وتخفيفِ الجيمِ، حمائلُ السيفِ.

(4) قولُه: (إلى ثلاثةِ أقسـامٍ)، أي: بحُكْمِ الاستقـراءِ وتَتبُّعِ مواردِ الكِناياتِ. وأمَّا قولُنا كثُرَ الرمادُ في ساحةِ زيدٍ، أو في ساحةِ العالِمِ، حيثُ دلَّ الدليلُ كالشُّهرَةِ على أنَّ المرادَ بالعالِمِ زيدٌ، فإنَّ المثالَ الأوَّلَ كنايتانِ: إحداهما، طلَبَ بها النِّسبةَ وهي إثباتُ كثرةِ الرمادِ في ساحةِ زيدٍ، التي هي الفُسحةُ بينَ بيوتِ دارِهِ. والأُخرى طلَبَ بها نفسَ المضيافيَّةِ وهي التصريحُ بكثرةِ الرمادِ ليَنتقِلَ منها إلى المِضيافيَّةِ لاسْتِلْزَامِها إيَّاها. والمثالُ الثاني ثلاثُ كناياتٍ: الكنايتان المذكورتان، وذِكْرُ العالِمِ كنايةٌ عن الموصوفِ، فافْهَمْ.

(5) قولُه: (صفةً)، أي: معنويَّةً، وهي المعنى القائمُ بالغيرِ كالجُودِ والكرَمِ وطُولِ القامَةِ، لا خُصوصُ مدلولِ النعتِ النحويِّ. ومعنى كونِ المكنِيِّ عنه صفةً لا نِسبةً أن يكونَ المقصودُ بالذاتِ هو إفهامَ معنى الصفةِ من صفةٍ أُخْرى أُقِيمتْ مَقامَ تلكَ الصفةِ، فصارَ تَصَوُّرُ المثبَتةِ، أعنِي المكنِيَّ عنها، هو المقصودُ بالذاتِ، لا نفسَ إثباتِها؛ لأنَّ نفسَ إثباتِها كالمعلومِ من وجودِ نسبةِ المكنِيِّ بها، وذلكَ كأن يَذْكُرُ جُبْنَ الكلْبِ أو كثْرةَ الرمادِ ليَنتقِلَ منه للجُودِ.

(6) قولُه: (تريدُ إلخ)، أي: تريدُ الخنساءُ أنَّ الممدوحَ، وهو أخوها صخرٌ، فكنَّتْ بطولِ النجادِ عن كونِه طويلَ القامَةِ، وبرفيعِ العِمادِ عن كونِه سيَّدًا، وبكثيرِ الرمادِ عن كونِه كريمًا.

(7) قولُه: (يكونُ المَكنيُّ عنه فيها نِسبةً)، أي: لا صفةً، وذلكَ فيما إذا صرَّحَ بالصفةِ وقَصَدَ الكنايةَ بإثباتِها لشيءٍ عن إثباتِها للمرادِ بحيث يصيرُ الإثباتُ للمرادِ بسببِ الإثباتِ لغيرِه هو المقصودَ بالذاتِ.

(8) قولُه: (غيرَ صفةٍ ولا نِسبةٍ)، أي: ولا نِسبـةِ صفةٍ لموصـوفٍ، وذلكَ بأن يكونَ المَكْنِيُّ عنه فيها موصـوفًا كما في مجامعِ الأضغانِ في بيتِ الكتابِ؛ فإنَّ المكنِيَّ عنه القلوبُ، وهي موصوفةٌ بمجامعِ الأضغانِ، وكذا قولُنا كنايةً عن الإنسانِ: حيٌّ مُسْتَوِي القامَةِ عريضُ الأظفارِ. أو يكونُ المَكْنِيُّ عنه غيرَ الموصوفِ وغيرَ الصفةِ وغيرَ النِّسبةِ، كما في قولِه تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}؛ فإنَّ المكنِيَّ عنهُ نَفْيُ المِثلِ، وهو ليس بموصوفٍ لنَفْيِ مِثلِ المِثلِ، ولا صفةٍ، ولا نسبةٍ.

(9) قولُه: (الضارِبينَ)، أي: أمْدَحُ الضاربينَ، وقولُه: (بكلِّ أبيضَ)، أي: بكلِّ سيفٍ أبيضَ، وقولُه: (مُخْذِمٍ)، بضَمِّ الميمِ وسُكونِ الخاءِ وكسْرِ الذالِ المعجَمةِ، أي: قاطعٍ، وقولُه: (والطاعنينَ)، أي: وأمدَحُ الطاعنينَ، أي الضاربينَ بالرمْحِ، وقولُه: (مجامِعُ الأضغانِ)، المَجامعُ جمْعُ مَجْمَعٍ، اسمُ مَكانٍ من الجمْعِ، والأضغانُ جمْعُ ضِغنٍ، وهو الحقْدُ، ومجامِعُ الأضغانِ وإن كان مُشتقًّا ومصدوقُه القلوبُ وإطلاقُ اللفظِ على مَصدوقِه حقيقةٌ لا كنايةٌ، إلاَّ أنَّه ليس المرادُ منه هنا الذاتَ الموصوفةَ بالصفةِ، المرادُ منه خُصوصُ الصفةِ، وهي جمْعُ الضِّغْنِ، وهذه لا تُطْعَنُ، فأطلَقَ الشاعرُ الصفةَ التي هي لازمٌ، وأرادَ مَحلَّها وهو الموصوفُ كنايةً. دسوقيٌّ).

هيئة الإشراف

#3

16 Nov 2008

دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (الكنايةُ
هيَ لفظٌ أُريدَ بهِ لازمُ معناهُ، معَ جوازِ إرادةِ ذلكَ المعنى، نحوَ: (طويلُ النِّجادِ): أيْ طويلُ القامَةِ.
وتَنقسِمُ باعتبارِ الْمُكنَّى عنهُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ:
الأوَّلُ: كنايةٌ يكونُ الْمُكنَّى عنه فيها صفةً، كقولِ الخنساءِ:

طويلُ النِّجادِ رَفِيعُ العِمادِ ..... كثيرُ الرَّمَادِ إذا ما شَتَا

تريدُ أنَّهُ طويلُ القامةِ، سيِّدٌ كريمٌ.

والثاني: كنايةٌ يكونُ المكنَّى عنه فيها نِسبةً، نحوَ: (الْمَجْدُ بينَ ثوبَيْه، والكرَمُ تحتَ ردائِه)، تريدُ نِسبةَ الْمَجدِ والكرَمِ إليه.

والثالثُ: كنايةٌ يكونُ المكنَّى عنه فيها غيرَ صفةٍ ولا نِسبةٍ، كقولِه:

الضارِبِينَ بكلِّ أبيضَ مُخْذِمٍ ..... والطاعِنِينَ مَجامِعَ الأَضْغَانِ

فإنَّهُ كَنَّى بِمَجامِعِ الأضغانِ عن القلوبِ).

هيئة الإشراف

#4

3 Dec 2008

حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (الكِنايةُ(1)
هي(2) لفظٌ(3) أُرِيدَ به لازِمُ معناه(4) مع جوازِ إرادةِ ذلك المعنى(5)، نحوُ: طويلُ النجادِ(6). أي: طويلُ القامَةِ(7).
وتَنقسمُ(8) باعتبارِ الْمَكْنِيِّ عنه(9) إلى ثلاثةِ أقسامٍ(10):
(الأوَّلُ)(11) كِنايةٌ يكونُ الْمَكْنِيُّ عنه فيها(12) صفةً(13)، كقولِ الخَنْساءِ(14):

طويلُ النِّجادِ رفيعُ العِمادِ ..... كثيرُ الرَّمادِ إذا ما شَتَا(15)

تريدُ(16) أنه(17) طويلُ القامَةِ(18) سيِّدٌ(19) كريمٌ(20).
(والثاني)(21) كِنايةٌ يكون الْمَكْنِيُّ عنه فيها نِسبةً(22)، نحوُ: الْمَجْدُ(23) بينَ ثوبَيْه، والكرَمُ(24) تحتَ رِدائِه.(25)
تريدُ(26) نِسبةَ الْمَجْدِ والكرَمِ إليه(27).
(والثالثُ)(28) كِنايةٌ يكونُ الْمَكْنِيُّ عنه فيها غيرَ صفةٍ ولا نِسبةٍ(29)، كقولِه(30):

الضاربِين(31) بكلِّ(32) أبيضَ مُخْذِمِ(33) ..... و(34) الطاعنِين(35) مَجامعَ الأضغانِ(36)

فإنه(37) كنَّى بمجامعِ الأضغانِ عن القلوبِ(38).

_____________________________

قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): ((1) الكِنايةُ

أي: تعريفُها وأقسامُها

(2) (هي ) أي: الكِنايةُ, لغةً: ما يَتَكَلَّمُ به الإنسانُ ويُريدُ به غيرَه, أو تَرْكُ التصريحِ بالشيءِ واصطلاحاً.

(3) (لفظٌ) له معنًى حقيقيٌّ أُطْلِقَ, ولم يُرَدْ منه ذلك المعنى الحقيقيُّ بل.

(4) (أُريدَ به لازِمُ معناه) الحقيقيِّ لاستعمالِه فيه والمرادُ باللزومِ هنا مطلَقُ الارتباطِ ولو بعرْفٍ.

(5) (مع جوازِ إرادةِ ذلك المعنى) الحقيقيِّ لذاتِه مع لازِمِه على أنَّ الغرَضَ المقصودَ بالذاتِ هو اللازمُ بمعنى أنه لابدَّ أن لا تَصْحَبَه قرينةٌ مانِعةٌ من إرادةِ المعنى الحقيقيِّ.

(6) نحوُ: (طويلُ النِّجادِ) أي: عِلاقةُ السيفِ وطولُها يَستلزِمُ طولَ القامةِ فقولُك: فلانٌ طويلُ النِّجادِ.

(7) (أي: طويلُ القامةِ) فقد استُعمِلَ اللفظُ في لازمِ معناه مع جوازِ أن يُرادَ بهذا الكلامِ الإخبارُ بأنه طويلُ عِلاقةِ السيفِ, وطويلُ القامةِ بأن يُرادَ بطويلِ النجادِ معناه الحقيقيُّ واللازِميُّ؛ لأنه لم تُوجَدْ قرينةٌ تَمنعُ من إرادةِ معناه الحقيقيِّ, فقولُه: لفْظٌ. جنْسٌ وقولُه أُريدَ لازِمُ معناه. قيْدٌ أوَّلُ خرَجَ به اللفظُ الذي أُرِيدَ به نفسُ معناه, وهو الحقيقةُ, وقولُه: مع جوازِ إلخ قيْدٌ ثانٍ خرَجَ به المَجازُ؛ إذ لا يَجوزُ فيه إرادةُ المعنى الحقيقيِّ مع المعنى المَجازيِّ على أنَّ الغرَضَ المقصودَ بالذاتِ هو المَجازيُّ فقط عندَ مَن يَمْنَعُ الجمْعَ بينَ الحقيقةِ والمَجازِ؛ إذ يَشْتَرِطُ في قرينتِه كما سَبقَ أن تكونَ مانِعةً من إرادةِ المعنى الحقيقيِّ, ومن هذا الفرْقِ بينَ الكِنايةِ والمَجازِ عُلِمَ أنهما يَجْتَمِعَانِ في جوازِ إرادةِ المعنى الحقيقيِّ للانتقالِ منه للمرادِ وفي امتناعِ إرادتِه بحيث يكونُ هو المعنى المقصودَ بالذاتِ, وعُلِمَ أيضاً أن الكِنايةَ واسطةٌ بينَ الحقيقةِ والمَجازِ فليست حقيقةً؛ لأن اللفظَ لم يُرَدْ به معناه, بل لازِمُه، ولا مَجازاً لأن المَجازَ لابدَّ له من قرينةٍ مانِعةٍ عن إرادةِ المعنى الموضوعِ له.

(8) (وتَنقسمُ) الكِنايةُ.

(9) (باعتبارِ المكنَّى عنه) أي: المعنى المقصودِ بلفظِها يعنى: المعنى الذي يُطلَبُ الانتقالُ من المعنى الأصليِّ إليه.

(10) (إلى ثلاثةِ أقسامٍ) بحكْمِ الاستقراءِ وتَتَبُّعُ مواردِ الكِناياتِ

(11) (الأوَّلُ من الثلاثةِ الأقسامِ):

(12) (كِنايةٌ يكونُ الْمَكْنِيُّ عنه فيها) أي: يكونُ المقصودُ إفادتَه وإفهامَه بطريقِ الكِنايةِ.

(13) (صفةً) من الصفاتِ المعنويَّةِ, وهي المعنى القائمُ بالغيرِ كالجُودِ والكرمِ وطولِ القامةِ وذلك بأن يكونَ المقصودُ بالذاتِ منها هو إفهامَ معنى الصفةِ من صفةٍ أخرى أُقيمتْ مُقامَ تلك الصفةِ فصارَ تصوُّرُ المثبَتةِ, أعنِي: الْمَكْنِيَّ عنها, هو المقصودَ بالذاتِ, لا نفسَ إثباتِها؛ لأن نفسَ إثباتِها كالمعلومِ, وهذه الصفةُ قسمان, قريبةٌ وهي ما يكونُ انتقالُ الذهنِ منها إلى الْمَكْنِيِّ عنه بغيرِ واسِطةٍ بين المعنى المنتقَلِ عنه والمعنى المنتقَلِ إليه, وبعيدةٌ وهي ما يكونُ الانتقالُ منها إلى الْمَكْنِيِّ عنه بواسِطةٍ أو بوسائطَ.

(14) كقولِ الخنساءِ تَمْدَحُ أخاها صخْراً:

(15) (طويلُ النِّجادِ رفيعُ العِمادِ. كثيرُ الرمادِ إذا ما شَتَا) أي: فرَّقَ وأَنْفَقَ.

(16) (تريدُ) أي: الخنساءُ بقولِها طويلُ النِّجادِ.

(17) (أنه) أي: الممدوحُ وهو أخوها صخْرٌ.

(18) (طويلُ القامَةِ) وتريدُ بقولِها رفيعُ العِمادِ أنه.

(19) (سيدٌ) وتريدُ بقولِها كثيرُ الرمادِ أنه.

(20) (كريمٌ ) أي: كثيرُ الإعطاءِ فقد اشتملَ هذا البيتُ على ثلاثِ كناياتٍ يُكْنَى بها عن الصفةِ, والأُولَيَانِ قريبتان, والأخيرةُ بعيدةٌ, والوسائطُ فيها هي الانتقالُ من كثرةِ الرمادِ إلى كثرةِ الإحراقِ, ومنها إلى كثرةِ الطبْخِ والخبْزِ, ومنها إلى كثرةِ الأَكَلَةِ, ومنها إلى الكرمِ, وهو المقصودُ.

(21) (والثاني ) منها:

(22) (كِنايةٌ يكونُ الْمَكْنِيُّ عنه فيها نسبةً) أي: إثباتَ صفةٍ لموصوفٍ أو نفيَها عنه, وذلك بأن يُصرِّحَ بالصفةِ ويَقصِدَ الكِنايةَ بإثباتِها لشيءٍ عن إثباتِها للمرادِ, وهو الموصوفُ بها, فيصيرُ الإثباتُ للمرادِ بسببِ الإثباتِ لغيرِه هو المقصودَ بالذاتِ.

(23) (نحوُ المجدِ) أي: الشرفِ.

(24) (بينَ ثوبَيْه والكرمُ) هو صفةٌ يَنشأُ عنها بذْلُ المالِ عن طِيبِ نفْسٍ.

(25) (تحتَ ردائِه) فكَنَّى عن ثُبوتِ المجْدِ والكرَمِ له بكونِ الأوَّلِ بينَ أجزاءِ ثوبَيْه، وبكونِ الثاني تحتَ أجزاءِ ردائِه, ومن المعلومِ أنَّ الكونين لا يَخلو عن موصوفٍ بهما, وليس إلا صاحبُ الثوبين والرداءِ فأفادَ الثُّبوتَ للموصوفِ بطريقِ الكِنايةِ والمجدُ والكرَمُ مذكوران فلا يُطْلَبان, وإنما يُطلَبُ ثبوتُهما لموصوفِهما فـ

(26) (تُريدُ) بهذا القولِ.

(27) (نِسبةَ المجْدِ والكرمِ إليه) لا غيرُ.

(28) (والثالثُ) منها.

(29) (كِنايةٌ يكونُ الْمَكْنِيُّ عنه فيها غيرَ صفةٍ ولا نِسبةٍ يأن يكونَ الْمَكْنِيُّ عنه موصوفاً أو غيرَ هذه الثلاثةِ, فالأوَّلُ.

(30) (كقولِه) أي: الشاعرِ

(31) (الضارِبِين) نُصِبَ على المدحِ, أي: أَمْدَحُ الضارِبِين.

(32) (بكلِّ) سيفٍ.

(33) (أبيضَ مُخْذِمِ) بضمِّ الميمِ وكسْرِ الذالِ المعجَمةِ, وبينَهما خاءٌ ساكنةٌ, أي: قاطعٍ.

(34) (و) أمدَحُ.

(35) (الطاعنين) أي: الضاربين بالرمْحِ.

(36) (مَجامعَ الأضغانِ) مَجامعَ جمْعُ مَجْمَعٍ, اسمُ مكانٍ من الجمْعِ, والأضغانُ جمْعُ ضِغْنٍ, وهو الحقْدُ.

(37) (فإنه) أي: الشاعرَ.

(38) (كَنَّى بمجامِعِ الأضغانِ عن القلوبِ) فكأنه يقولُ: والطاعنين قلوبَ الأقرانِ لإجهازِ نفوسِهم وإخراجِ أرواحِهم بسرعةٍ، والقلوبُ لا صفةٌ ولا نسبةٌ, بل هي موصوفةٌ, والثاني وهو أن يكونَ الْمَكْنِيُّ غيرَ الثلاثةِ السابقةِ نحوُ قولِه تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فإنه كَنَّى به عن نفي الْمِثلِ وهو ليس بنسبةٍ ولا صفةٍ ولا بموصوفٍ بنفي مِثلِ الْمِثلِ فتدَبَّرْ).

هيئة الإشراف

#5

5 Dec 2008

شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري


قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (الكنايةُ
هيَ في اللغةِ: تَرْكُ التصريحِ بشيءٍ؛ لأنَّهُ مَصْدَرُ كَنَّيْتَ بكذا عنْ كذا، إذا تَرَكْتَ التصريحَ بهِ.وفي الاصطلاحِ: لفظٌ أُرِيدَ بهِ لازِمُ معناهُ معَ جوازِ إرادةِ ذلكَ المعنى معَ ذلكَ اللازمِ، بخلافِ الْمَجَازِ فإنَّهُ وإنْ شارَكَ الكنايةَ في مُطْلَقِ إرادةِ اللازمِ بهِ لكِنْ لا يَجُوزُ معهُ إرادةُ المعنى الحقيقيِّ،وذلكَ الافتراقُ منْ جهةِ أنَّ الكِنايةَ لا تَصْحَبُها قرينةٌ مانِعةٌ منْ إرادةِ المعنى الحقيقيِّ،والْمَجَازَ لا بُدَّ أنْ تَصْحَبَهُ قرينةٌ مانِعةٌ منْ إرادةِ المعنى الأصليِّ، نحوَ: طويلُ النِّجَادِ،وهوَ حَمَائِلُ السيفِ، إذا أُطْلِقَ وأُرِيدَ بهِ لازِمُ معناهُ، أيْ: طويلُ القامَةِ، معَ جوازِ إرادةِ حقيقةِ طُولِ النِّجَادِ أيضًا بأنْ لا تُوجَدَ قرينةٌ تَمْنَعُ مِنْ إرادةِ نَفْسِ معنى طُولِ النِّجادِ .
وتَنْقَسِمُ الكنايةُ باعتبارِ الْمَكْنِيِّ عنهُ، أي الذي يُطْلَبُ الانتقالُ من المعنى الأصلِيِّ إليه،ويُقْصَدُ إفهامُه بطريقِ الكنايةِ، إلى ثلاثةِ أقسامٍ ؛ لأنَّهُ إمَّا أنْ يكونَ صفةً من الصفاتِ، أوْ يكونَ نِسْبَةَ صفَةٍ لموصوفٍ، أوْ لا يكونَ صفةً ولا نِسبةً، بلْ موصوفًا .
الأوَّلُ: كنايةٌ يكونُ الْمَكْنِيُّ عنهُ فيها صفةً، أيْ معنًى قائمًا بالغيرِ، كالجُودِ والكَرَمِ وطُولِ القامَةِ، لا خصوصَ النعْتِ النَّحْويِّ.وهذا القِسمُ ضَرْبَانِ: قريبةٌ وبعيدةٌ؛ لأنَّ الانتقالَ منها إلى الْمَكْنِيِّ عنهُ الذي هوَ الصفةُ إنْ لمْ يكُنْ بواسطةٍ فقريبةٌ،وإنْ كانَ بواسطةٍ فبعيدةٌ. ثمَّ لَمَّا كانَ معنى القرْبِ ههنا عَدَمَ الواسِطَةِ لا نَفْيَ الْخَفَاءِ أَمْكَنَ أنْ يكونَ المعنى الْمَكْنِيُّ عنه خَفِيًّا بالنِّسبةِ إلى الأصْلِ،وأنْ يكونَ واضحًا، فانْقَسَمَت القريبةُ إلى واضِحَةٍ وخَفِيَّةٍ، فكانت الأقسامُ لهذا القِسمِ ثلاثةً، وقد اجْتَمَعَتْ في المثالِ الذي ذَكَرَه بقولِه: كقولِ الْخَنساءِ:

طويلُ النِّجَادِ رفيعُ العِمَادِ ..... كثيرُ الرَّمَادِ إذا ما شَتَا

فإنَّها تُريدُ منْ طويلِ النِّجادِ بطريقِ الكِنايةِ القريبةِ الواضحةِ أنَّهُ طويلُ القامَةِ، إذْ لا شَكَّ أنَّ طُولَ النِّجادِ اشْتُهِرَ استعمالُهُ عُرْفًا في طُولِ القامَةِ بحيثُ يُفْهَمُ منهُ بلا تَكَلُّفٍ،وبلا احتياجٍ إلى واسطةٍ، فكانتْ واضحةً قريبةً.وتريدُ منْ رفيعِ العِمادِ بطريقِ الكنايةِ القريبةِ الخفيَّةِ أنَّهُ سَيِّدٌ، فإنَّ رَفيعَ العِمادِ مِمَّا يُسْتَدَلُّ بهِ على السِّيادةِ ويُنْتَقَلُ منهُ إليها، لكنْ في هذا الانتقالِ نوعُ خفاءٍ يَزُولُ بالتأمُّلِ منْ غيرِ احتياجٍ إلى وَسَطٍ، فكانت قريبةً خَفِيَّةً. وتُريدُ منْ كثيرِ الرَّمَادِ بطريقِ الكنايةِ البعيدةِ أنَّهُ كريمٌ ؛ لأنَّ الانتقالَ منْ كثرةِ الرَّمادِ إلى الكَرَمِ يَحتاجُ إلى وسائِطَ كثيرةٍ كما ستَعْلَمُ منْ كلامِ المصَنِّفِ، فكانتْ هذه الكنايةُ بعيدةً .
ثمَّ هذه الكِناياتُ إنَّما كانت كِناياتٍ عن الصفةِ لا عن النِّسبةِ ؛ لأنَّ النِّسبةَ ههنا مُصَرَّحٌ بها، فهيَ ليست مقصودةً بالكنايةِ،وإنَّما المقصودُ بالذاتِ الوَصْفُ، فكانَ الْمَكْنِيُّ عنهُ في هذه الكناياتِ الصفةَ .
والثاني: كنايةٌ يكونُ الْمَكْنِيِّ عنهُ فيها نِسبةً، أيْ نِسبةَ الصفةِ للموصوفِ، نحوَ: الْمَجْدُ بينَ ثَوْبَيْهِ،والكرَمُ تحتَ ردائِه. فإنَّ إثباتَ الْمَجْدِ والكرَمِ لِمَا يُحيطُ بالممدوحِ ويَشْتَمِلُ عليهِ، وهوَ الثوبُ، كنايةٌ عنْ إثباتِهما لذاتِ الممدوحِ، فكانَ الْمَكْنِيُّ عنه فيها نِسبةَ الْمَجْدِ والكرَمِ إليه لا نفْسَ المجدِ والكرَمِ؛ لأنَّهُما مذكورانِ صريحًا، فلا تُريدُ أنْفُسَهما بطريقِ الكنايةِ، بلْ تريدُ نِسبةَ الْمَجْدِ والكَرَمِ إليه، فكانَ المكنيُّ عنهُ فيها النِّسبةَ .
والثالثُ: كنايةٌ يكونُ الْمَكْنِيُّ عنهُ فيها غيرَ صفةٍ ولا نِسْبَةٍ، بلْ نفْسَ الموصوفِ، كقولِه: ( الضَّارِبِينَ )، أيْ: أَمْدَحُ الضاربينَ، (بكلِّ أبيضَ)، أيْ: بكلِّ سيفٍ أبيضَ، (مُخْذِمِ)، بضَمِّ الميمِ وسكونِ الخاءِ وكسْرِ الذالِ، أي: القاطعِ،و(الطاعنينَ)، أيْ: وأَمْدَحُ الطاعنينَ الضاربينَ بالرمْحِ، (بِمَجامعِ الأضغانِ)، المجامِعُ: جمْعُ مَجْمَعٍ، وهوَ اسمُ مكانٍ من الجميعِ، والأضغانُ جَمْعُ ضِغْنٍ، وهوَ الْحِقْدُ؛ فإنَّهُ كَنَّى بمجامِعِ الأضغانِ التي هيَ مُخْتَصَّةٌ بالقلوبِ، إذْ لا تَجْتَمِعُ الأضغانُ في غيرِها، عن القلوبِ، فكانت الكنايةُ ههنا مِمَّا يكونُ المكنِيُّ عنه فيهِ الموصوفَ لا الصفةَولا النِّسبةَ؛ لأنَّهُما مذكورتانِ صراحةً فلا يُطْلَبانِ بالكنايةِ .
والكنايةُ إنْ كَثُرَتْ فيها الوسائطُ في الانتقالِ منها إلى الْمَكْنِيِّ عنهُ سُمِّيَتْ تلويحًا؛ لأنَّ كثرةَ الوسائطِ يُوجِبُ بُعدَ الإدراكِ غالبًا،والتلويحُ في الأصْلِ أنْ يُشارَ إلى الشيءِ منْ بُعدٍ، نحوَ: هوَ كثيرُ الرمادِ، أيْ كريمٌ، فكثرةُ الرَّمَادِ كنايةٌ عن الكرَمِ بوسائطَ كثيرةٍ ؛ فإنَّ كثرَةَ الرَّمادِ الْمُكَنَّى بهِ تَستلزِمُ كثرةَ الإحراقِ ضرورةَ أنَّ الرمادَ لا يَكثُرُ إلَّا بكثرةِ الإحراقِ،وكثرةُ الإحراقِ تَستلزِمُ كثرةَ الطَّبْخِ والخبْزِ؛ لأنَّ الغالِبَ أنَّ الإحراقَ لفائدةِ الطبْخِ والخبزِ،وكثرتُهما تَستلزِمُ كثرةَ الآكِلِينَ ؛ لأنَّ العادَةَ أنَّ المطبوخَ إنَّما يُطْبَخُ ليُؤْكَلَ،وهيَ، أيْ كثرةُ الآكِلِينَ، تَستلزِمُ كَثْرَةَ الضِّيفانِ، إذ الغالِبُ أنَّ كَثْرَةَ الآكلِينَ إنَّما تكونُ من الأضيافِ لا من العِيالِ، وكثرةُ الضِّيفانِ تَستلزِمُ الكرَمَ الذي هوَ الْمَكْنِيُّ عنهُ .
وإنْ قَلَّتِ الوسائطُ فيها وخَفِيَتْ في اللزومِ سُمِّيَتْ رَمْزًا ؛ لأنَّ الرمْزَ في الأصْلِ أنْ تُشيرَ إلى قريبٍ منكَ معَ خَفاءِ الإشارةِ، كالإشارةِ بالشَّفَةِ أو الحاجِبِ، نحوَ: هوَ سَمِينٌ رِخْوٌ، أيْ غَبِيٌّ بَلِيدٌ، فيُكَنَّى عنْ كونِه غَبِيًّا بليدًا بكونِه سَمِينًا رِخْوًا، بواسطةِ أنَّ السِّمَنَ والرِّخْوَ يَستلزِمانِ في الغالِبِ استرخاءَ الْقُوَى الذهنِيَّةِ وسكونَها،وهما يَستلزِمانِ الْغَباوةَ والبَلادَةَ، لكنَّ هذا الاسْتِلْزَامَ ليسَ بواضحٍ، فقدْ تَحَقَّقَ في هذه الكنايةِ واسِطَةٌ واحدةٌ خَفِيَّةٌ .
وإنْ قَلَّتْ فيها الوسائطُ أوْ لمْ تكُنْ، أي: انْعَدَمَتْ بالكلِّيَّةِ، ووَضَحَتْ معَ قِلَّتِها في اللزومِ، سُمِّيَتْ إيماءً وإشارةً ؛ لأنَّ أصْلَ الإشارةِ أنْ تكونَ حِسَّيَّةً،وهيَ ظاهِرَةٌ.ومثلُها الإيماءُ، نحوَ: ( أَوَمَا رَأَيْتَ الْمَجْدَ أَلْقَى رَحْلَهُ ): أي: الْخَيْمَةَ أوْ أثاثَ السفَرِ، (في آلِ طَلْحَةَ ثمَّ لم يَتَحَوَّلِ)، أيْ: لمْ يَرْتَحِلْ عنهمْ إلى غيرِهم، فإلقاءُ الْمَجْدِ الرَّحْلَ في آلِ طَلْحَةَ بلا تَحَوُّلٍ عنهم كنايةٌ عنْ كونِهم أَمْجادًا بواسِطَةِ أنَّ الْمَجْدَ صفةٌ لا بُدَّ لهُ عنْ موصوفٍ يقومُ بهِ، وهوَ آلُ طَلْحَةَ، لعَدَمِ وِجدانِ غيرِهم معهُم،وهذهِ واسطةٌ واحدةٌ مَبْنِيَّةٌ بنفسِها، فهيَ كنايةٌ قَلَّتْ فيها الوسائِطُ معَ الظهورِ .
وهناكَ نوعٌ من الكنايةِ يَعْتَمِدُ في فَهمِه على السياقِوالقرائنِ يُسَمَّى تعريضًا،وهوَ إمالةُ الكلامِ وتوجيهُه إلى عُرْضٍ، بالضَّمِّ، أيْ ناحيةٍ وجانبٍ، يَدُلُّ على المقصودِ بالسياقِ والقرائِنِ، كقولِك لشخْصٍ يَضُرُّ الناسَ: ( خيرُ الناسِ مَنْ يَنْفَعُهُم )، فمعناهُ الصريحُ حَصْرُ الخيريَّةِ في مَنْ يَنْفَعُ الناسَ،ويُفْهَمُ منْ سياقِه نفيُ الخيريَّةِ عمَّن يَضُرُّ الناسَ،وهذا هوَ المعنى الكِنائيُّ الذي فُهِمَ منْ سِياقِ الكلامِ، هذا واللَّهُ سبحانَه وتعالى أَعْلَمُ).

هيئة الإشراف

#6

8 Jan 2009

شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ)


قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: (ثم قال: باب الكناية، هذا هو الباب الأخير من أبواب علم البيان، وهو الكلام على التصريح والكناية، فالتصريح اشتقاقة من صرح الشيء إذا ظهر، فيقال: صَرَحَ وصَرَّحَ, أي: ظهر وبرز، والصريح: الخالص، فتحت (غير مسموع) النمر الصريح، أي: الخالص .

أبت لي عفتي وأبى بلائي ..... وأخذ الحبل بالثمن الربيح

( غير مسموع ) على المكروه نفسي ..... وضربي هامة البطل المشيح

وقولي كلما جشأت وجاشت

(كلام غير مسموع) فهنا لما قالت: طويل النجاد. أمكن، علم أنها لا تقصد بذلك طول النجاد الذي هو (غير مسموع) بل طوله هو, وكَنَّتْ بطول نجاده عن طوله هو، لكن مع هذا يجوز أن يقصد معناه الحقيقي، معناه الأصلي، فطويل النجاد أي: طويل القامة.

وتنقسم الكناية باعتبار المكني عنه إلى ثلاثة أقسام.

وفائدة الكناية أن تستطيع التعبير عن معنى واحد بعدة خيارات، فكل خيار يناسب نوعاً من الناس،إذا أردت أن تعبر عن طول قامة إنسان، فإذا قلت: فلان طويل القامة فهذا تعبير، وإذا قلت: طويل الشبر،فهذا تعبير آخر، وإذا قلت: طويل النجاد،فهذا تعبير آخر، وإذا أردت أن تعبر عن قصره أيضاً تقول: قصير القامة، هذا تصريح،أو بالكناية تقول: قصير الشبر، أو قصير النجاد، كما في قول الخنساء أيضاً:

قصير الشبر (غير مسموع) بشيخ قصير الشبر (غير مسموع) .

وتنقسم باعتبار المكني عنه إلى ثلاثة أقسام:

الأول كناية يكون المكني عنه فيها صفة فقط، وذلك في قول الخنساء:

طويل النجاد رفيع العماد ..... كثير الرماد إذا ماشتا.

فتريد بطويل النجاد طول قامته، وتريد بقولها: رفيع العماد ارتفاع مكانته, وتريد بقولها: كثير الرماد كرمه وجوده، فطول النجاد وطول علاقة السيف يدل على طول القامة، ورفيع العماد،عماد البيت أي: العمود الذي يرفعه، والبيت الرفيع معناه: أن أهله هم سادة المحلة، وهم الذين يستقبلون الضيوف والوافدين إليها، وكثير الرماد دليل على كثرة طعامه، وذلك دليل على كثرة ضيوفه وكرمه، نعم،إذا ماشتا، أي: في وقت الشتاء وهو وقت حاجة الناس إلى الكرم، تريد أنه طويل القامة سيد كريم.

والثاني القسم الثاني: تكون كناية لطول المكني عنه فيها نسبة فقط، فالأول المكني عنه صفة، والثاني نسبة أي: إثبات نحو: "المجْد بين ثوبيه والكرم تحت برديه" مثلاً, فهنا المقصود بذلك أنه يملك الكرم, ويملك الجود، كأنه صفة من صفاته فأثبت له ذلك فهذا كناية عن كرمه وجوده، تريد نسبة المجد والكرم إليه، نعم مثلما تقول: الجود في ملك راحته، في ملك يمينه مثلا, أو الشعر في ملك راحته، أي: أنه يتصرف فيه كيف يشاء وهكذا.

النوع الثالث: كناية لكون المكني عنه فيها غير صفة ولا نسبة، وذلك مثل قول الشاعر:

الضاربين بكل أبيض مخذم ..... والطاعنين مجامع الأضغان

فهنا مجامع الأضغان المقصود به القلوب؛ لأنها التي يجتمع فيها الأضغان، جمع ضغن، وهو العداوة والبغض, والطاعنين مجامع الأضغان أي: الطاعنين القلوب, نعم؛ فإنه كنى بمجامع الأضغان عن القلوب).

هيئة الإشراف

#7

2 Aug 2017

شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)


القارئ: (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين . الدرس العشرون ، قال المؤلفون رحمهم الله تعالى :
( الكناية : هي لفظ أُريد به لازم معناه مع جواز إرادة ذلك المعنى ، نحو : طويل النجاد أي طويل القامة) ).

قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين وبعد :
فهذا هو الدرس الأخير في باب البيان، وموضوعه الكناية :
والكناية : كما عرفها البلاغيون هي : لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادة ذلك المعنى .
الحق أن العبارة الأخيرة : ( مع جواز إرادة ذلك المعنى ) هي لون من الاحتراز من دخول المجاز في الكناية مع أن القضية قضية خلافية هل الكناية حقيقة، أو الكناية مجاز، أو الكناية واسطة بين الحقيقة والمجاز، أو الكناية حقيقة ومجاز في وقت واحد هذه قضية خلافية لكن لعل الأمثلة توضح الصورة المقصودة من هذه الكناية.
فحينما يقال : ( فلان طويل النجاد ) كما وصفت الخنساء أخاها صخر.
والنجاد هي : حمائل السيف التي يضعها الفارس لسيفه ثم يضع ذلك على عاتقه ، أو يضعها على مكان مرتفع فكل ما طالت هذه الحمائل دلت بلازمها على طول حاملها وهو الفارس فكونك تقول : (طويل النجاد) أنت وصفت الطول لحمائل السيف والمراد هو طول الرجل الذي يحمل ذلك فهذه من الأشياء المتلازمة ، فطول الحمائل لا يمكن لرجل قصير أن يضع حمائل السيف طويلة ؛ لأنه حينئذ سوف يسقط السيف على الأرض.
ولذلك يصح أن يراد طول الرجل ولا يتعارض مع ذلك أن المراد طويل حمائل السيف فكلاهما صحيح وكونه صحيح لا يعني أنه هو المراد ، فالمراد ليس هو التركيز على حمائل السيف بقدر ما هو التركيز على وصف الرجل بأنه هو المعني بهذا الموضوع).

القارئ : ( وتنقسم باعتبار المكنى عنه إلى ثلاثة أقسام : )
- الأول : كناية يكون عنه فيها صفة كقول الخنساء :
طـويـل النـجــاد رفـيع العـمـاد كثير الرماد إذا ما شـتى
تريد أنه طويل القامة سيد كريم).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (المكنى عنه أنواع ، إما أن يكون :
- صفة .
- أو موصوفاً .
- أو نسبة ، كما يقول البلاغيون .
لكن يجب التنبيه هنا إلى قوم المؤلفين – رحمهم الله – الكناية يكون المكنى عنه فيها صفة ، فالصفة هنا ليس المقصود بها النعت النحوي ، وإنما هي الصفة المعنوية ، وهي المعنى القائم بالغير ، كالجود والكرم والطول والبخل إلى غير ذلك .
مثال المؤلفين قول الخنساء : طويل النجاد : يعني تعني أخاها صخر بمعنى طويل وهذه صفة ، صفة طول القامة .
رفيع العماد : أعمدة بيته رفيعة هذا دليل على من كانت هذه صفة بيته عند العرب فهو من علية القوم؛ الذين يرحبون بالضيوف ، وتكون بيوتهم مشهورة واضحة ، وتستقبل الناس في كل وقت .
كثير الرماد : تدل على مسألة ما يقدمه هذا الرجل لضيوفه . وكلمة ( إذا ما شتى ) هذه لعلها تذكرنا بلونٍ آخر من الألوان البلاغية مرّ بنا في دراسة الإطناب وهو الإغال " إذا ما شتى " لماذا : إذا ما شتى ؟ هي وصفت أخاها بالطول والرفعة بدلالة بيته وتميز بيته وكثرة الرماد هذه ثلاث صفات فلما انتهى البيت أضافت الشاعرة : ( إذا ما شتى ) فكون هذا الرجل يكثر رماده في فصل الشتاء الذي يكون الناس أشد ما يكونون في الحاجة إلى الإطعام وإلى إيقاد النار هذا دليل على أن الشاعرة وفقت وتمت المعنى بإضافة ألفاظٍ تزيده معنىً جميلاً).

القارئ : ( والثاني : كناية يكون المكنى عنه فيها نسبة نحو : المجد بين ثوبيه ، والكرم تحت ردائه ) تريد نسبة المجد والكرام إليه).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (لو لاحظنا المجد بين ثوبيه ، نسب المجد إلى ما بين الثوبين من الذي يكون بين الثوبين ؟
هو المتحدث عنه ، إذاً نسبة الأمر إلى ما بين الثوبين : المجد بين ثوبيه يكون للموصوف بأنه يحمل المجد هو وليست القضية قضية الأثواب ؛ لأنه يقع بينها هو .
والكرم تحت ردائه : من الذي يكون تحت الرداء ؟
هو نفسه ، ولذلك كونه يوصف بالكرم تحت الرداء كأنما نسب إليه هو ، وإنما عبر بين ثوبيه وتحت ردائه عنه هو).

والقارئ : ( والثالث : كنية يكون المكنى عنه فيها غير صفة ولا نسبه كقوله :
الضاربين بـكل أبـيـض مِـخْـدَمٍ والطاعنين مجامع الأضغان
فإنه كنى بمجامع الأضغان عن القلوب ) ).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (الشاهد ( مجامع الأضغان ) الطعن حتى يكون مميتاً يتجه إلى القلب ، هو الذي يكون فيه حياة الإنسان ولم يقل الطاعنين للقلوب ، بل قال : الطاعنين مجامع الأضغان ) إذاً هو أراد موصوفاً وذكر مكانه ولذلك البلاغيون هنا كثير منهم يقول إن هذه كناية عن موصوف وهو القلب ولكن هنا المؤلفين لم يقولوا موصوف وإنما قالوا ليس صفة ولا نسبة .
فالمكان الذي فيه الكناية هو : ( مجامع الأضغان ) والمقصود به كناية عن القلوب ، والحقيقة أن القلوب كما هي مجامع الأضغان إلا أنها أيضاً مجامع المحبة ومجامع المودة فقد يكون الشاعر نظر إلى جانب وترك جانباً آخـر
).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#8

29 Oct 2018

الكشاف التحليلي

عناصر الدرس السادس عشر :
الكناية
· تعريف الكناية لغة:ما يَتَكَلَّمُ به الإنسانُ ويُريدُ به غيرَه, أو تَرْكُ التصريحِ بالشيءِ
· تعريف الكناية اصطلاحا:لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادة ذلك المعنى
§ مثاله:طويل النجاد -والنجاد عِلاقة السيف-: أي طويل القامة.
§ محترزات التعريف:
° قوله : (لفظ) جنس
° قولُه : (أُريدَ لازِمُ معناه). قيْدٌ أوَّلُ خرَجَ به اللفظُ الذي أُرِيدَ به نفسُ معناه, وهو الحقيقةُ.
° وقولُه: ( مع جوازِ إلخ ) قيْدٌ ثانٍ خرَجَ به المَجازُ؛ إذ لا يَجوزُ فيه إرادةُ المعنى الحقيقيِّ مع المعنى المَجازيِّ
§ التفريق بين المجاز والكناية
° علم مما سبق أن الكِنايةَ واسطةٌ بينَ الحقيقةِ والمَجازِ فليست حقيقةً؛ لأن اللفظَ لم يُرَدْ به معناه, بل لازِمُه، ولا مَجازاً لأن المَجازَ لابدَّ له من قرينةٍ مانِعةٍ عن إرادةِ المعنى الموضوعِ له.
· أقسام الكناية باعتبار المكني عنه؛ ثلاثة أقسام:
§ القسم الأول: كناية يكون المكنى عنه فيها صفة معنوية؛ وهي نوعان:قريبة وبعيدة:
° قريبة:وهي ما يكونُ انتقالُ الذهنِ منها إلى الْمَكْنِيِّ عنه بغيرِ واسِطةٍ بين المعنى المنتقَلِ عنه والمعنى المنتقَلِ إليه.
- تنقسم القريبة إلى قسمين: واضحة وخفية
° وبعيدةٌ : وهي ما يكونُ الانتقالُ منها إلى الْمَكْنِيِّ عنه بواسِطةٍ أو بوسائطَ.
° مثال القسم الأول:طويلُ النِّجادِ رفيعُ العِمادِ. كثيرُ الرمادِ إذا ما شَتَا
- اشتملَ هذا البيتُ على الأنواع الثلاثة:القريبة الواضحة والقريبة الخفية والبعيدة
§ القسم الثاني:كِنايةٌ يكونُ الْمَكْنِيُّ عنه فيها نسبةً
° مثاله: المجد بين ثوبيه والكرم تحت ردائه
§ القسم الثالث: كناية يكونُ الْمَكْنِيُّ عنه فيها غيرَ صفةٍ ولا نِسبةٍ، وهو نوعان:
° النوع الأول:أن يكون موصوفاً، ومثاله:الضاربين بكل أبيض مخذم * والطاعنين مجامع الأضغانِ
° النوع الثاني:وهو أن يكونَ الْمَكْنِيُّ غيرَ الثلاثةِ السابقةِ نحوُ قولِه تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}