الدروس
course cover
المبحث الأول: في أركان التشبيه
10 Nov 2008
10 Nov 2008

10517

0

0

course cover
دروس البلاغة

القسم الرابع

المبحث الأول: في أركان التشبيه
10 Nov 2008
10 Nov 2008

10 Nov 2008

10517

0

0


0

0

0

0

0

المبحث الأول: في أركان التشبيه


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (المبحثُ الأولُ: في أركانِ التشبيهِ
أركانُ التشبيهِ أربعةٌ: المشبَّهُ والمشبَّهُ به، ويُسَمَّيانِ طرَفَي التشبيهِ، ووجْهُ الشَّبهِ والأداةُ. والطرَفانِ إمَّا حِسِّيَّانِ نحوُ: الورَقُ كالحريرِ في النعومةِ، وإمَّا عَقْليَّانِ نحوُ: الجهْلُ كالموتِ، وإمَّا مُختلفانِ نحوُ: خُلُقُهُ كالعِطْرِ.
ووجهُ الشبَهِ: هوَ الوصْفُ الخاصُّ الذي قُصِدَ اشتراكُ الطرَفَيْنِ فيه، كـ (الهدايةِ) في (العلْمِ) و(النورِ).
وأداةُ التشبيهِ: هيَ اللفظُ الذي يَدُلُّ على معنى المشابَهةِ، كالكافِ و(كأنَّ)، وما في معناهما.
والكافُ يَليها المشبَّهُ به، بخلافِ (كأنَّ) فيَلِيها المشبَّهُ، نحوُ:

كأنَّ الثرَيَّا راحةٌ تَشْبُرُ الدُّجى ..... لتَنْظُرَ طالَ الليلُ أَمْ قدْ تَعَرَّضَا

و (كأنَّ) تُفيدُ التشبيهَ إذا كان خبَرُها جامدًا، والشكَّ إذا كان خبَرُها مشتَقًّا، نحوُ: (كأنَّكَ فاهمٌ). وقدْ يُذكَرُ فعلٌ يُنْبِئُ عن التشبيهِ، نحوُ قولِه تعالى: {إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا}.
وإذا حُذِفَتْ أداةُ التشبيهِ ووَجْهُه يُسَمَّى تشبيهًا بليغًا، نحوُ: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا}، أيْ: كاللباسِ في السِّتْرِ).

هيئة الإشراف

#2

13 Nov 2008

الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): ( (المبحثُ الأوَّلُ – في أركانِ التشبيهِ)
(أركانُ التشبيهِ أربعةٌ)(1): المُشبَّهُ، والمُشبَّهُ به(2)، (ويُسمَّيَان طرَفَي التشبيهِ)، ووجهُ الشبهِ، والأداةُ.
ووجهُ الشَّبَهِ هو الوصْفُ الخاصُّ(3) الذي قُصِدَ اشتراكُ الطرفينِ فيه، كالهدايةِ في العلْمِ والنورِ.
وأداةُ التشبيهِ(4) هي اللفظُ الذي يَدُلُّ على معنى المشابَهةِ كالكافِ وكأنَّ، وما في معناهما، والكافُ يليها المُشبَّهُ به بخلافِ كأنَّ فيَلِيها المُشبَّهُ، نحوُ:

كأنَّ الثريَّا راحةٌ تَشْبُرُ الدُّجَى ..... لتنظرَ طالَ الليلُ أم قد تَعَرَّضَا

وكأنَّ تفيدُ التشبيهَ(5) إذا كان خبرُها جامدًا، والشكَّ إذا كان خبرُها مشتَقًّا، نحوُ: كأنَّكَ فاهمٌ.
وقد يُذكَرُ فعْلٌ يُنبِئُ عن التشبيهِ(6)، نحوُ: قولِه تعالى: {إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا}.
وإذا حذَفْتَ أداةَ التشبيهِ ووجهَهُ سُمِّيَ تشبيهًا بليغًا(7)، نحوُ: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا}، أي كاللباسِ في السِّتْرِ.

______________________
قال الشيخ محمد علي بن حسين بن إبراهيم المالكي (ت: 1368هـ): ((1) قولُه: (أركانُ التشبيهِ أربعةٌ)، قيلَ: المرادُ بها المعاني، وعليه فإطلاقُ الأركانِ عليها مع أنَّ التشبيهَ التشريكُ المخصوصُ، وتلكَ الأربعةُ خارجةٌ عنه؛ نَظرًا لكونِها داخلةً في مفهومِه، وقيلَ: المرادُ بها الألفاظُ، وعليه فإطلاقُ الأركانِ عليها؛ لأنَّها أركانٌ للكلامِ الدالِّ على التشبيهِ، إذ هيَ أجزاءٌ ماديَّةٌ له كاليدِ والرجْلِ للإنسانِ، وإنَّما أضافوها للتشبيهِ فقالوا: أركانُ التشبيهِ، بتنزيلِ المدلولِ الذي هو التشبيهُ منزِلةَ الدالِّ الذي هو الكلامُ، وهذا دَأَبُ أئمَّةِ العربيَّةِ، وجعْلِ الدالِّ على التشبيهِ مجموعَ الأربعةِ مع أنَّ الدالَّ عليه ليس إلاَّ واحدًا منها؛ نَظَرًا لكَوْنِ ذلكَ الدالِّ وهو الأداةُ كثيرًا ما يكونُ حرفًا لا يُؤدَّى معناهُ إلاَّ بمعونةِ الطرفيْنِ والوجهِ، كما هو شأنُ الحروفِ كذا في الأطْوَلِ، ولا يَخفَى أنَّ مدلولَ الكلامِ ثبوتُ المشارَكةِ لا التشريكُ، والأقربُ أنَّ المرادَ بالطرَفَيْنِ والوجهِ المعاني لا الألفاظُ الدالَّةُ عليها، وبالأداةِ اللفظُ، وإنَّما سُمِّيَتْ أركانًا مع أنَّها لم تَدْخُلْ في ماهيَّةِ التشبيهِ؛ نَظَرًا لتوقُّفِه عليها مع عدَمِ استقلالِه بكلٍّ منها فأَشْبَهَت الأركانَ. أَنْبَابِيٌّ عن ابنِ يعقوبَ.
(2) قولُه: (المشبَّهُ والمشبَّهُ به)، هما الأصلُ والعمْدةُ في التشبيهِ؛ لأنَّ وجهَ الشبَهِ معنًى قائمٌ بهما، والأداةُ آلةٌ لبيانِ ذلكَ؛ ولأنَّ ذكْرَ أحدِهما في الكلامِ الدالِّ على المشارَكةِ واجبٌ ألبتَّةَ، بخلافِ الوجهِ والأداةِ. أَنْبَابِيٌّ.
(3) قولُه: (هو الوصفُ الخاصُّ إلخ)، أي: اختصاصًا ادِّعائيًّا لا واقعيًّا، بأن يقْصِدَ المتكلِّمُ اختصاصَ ذلكَ الوصفِ بذلكَ الشيءِ، ثمَّ يُشبِّهَ به غيرَه. أَنْبَابِيٌّ.
(4) قولُه: (وأداةُ التشبيهِ)، أي: آلتُه، سُمِّيَ بها ما يُتَوَسَّلُ به إلى التشبيهِ، اسمًا كان أو فعْلاً أو حَرْفًا، مَجازًا لغويًّا وحقيقةً عُرفيَّةً.
(5) قولُه: (وكأنَّ تُفيدُ التشبيهَ إلخ والشكَّ إلخ)، أي: على قولِ الزجَّاجِ؛ وذلكَ لأنَّ المشتَقَّ في نحوِ: كأنَّكَ فاهِمٌ، عينُ المخاطَبِ، ولا يُشَبَّهُ الشيءُ بنفْسِه، بخلافِ الجامدِ في نحوِ: كأنَّ زيدًا أسدٌ؛ فإنَّه غيرُ زيدٍ فيَصِحُّ تشبيهُه به. وقالَ بعضُهم: إنَّها للتشبيهِ مطلَقًا ولا تكونُ لغيرِه، وإنَّ نحوُ: كأنَّكَ فاهمٌ، على حذْفِ الموصوفِ، أي: كأنَّكَ شخصٌ فاهمٌ، فلمَّا حُذِفَ الموصوفُ وجُعِلَ الاسمُ بسببِ التشبيهِ كأنَّه الخبرُ بعينِه صارَ الضميرُ يعودُ إلى اسمِ كأنَّ لا إلى الموصوفِ المقدَّرِ، وذكَرَ السعدُ في المُطوَّلِ أنَّ استعمالَها للتشبيهِ كثيرٌ، وللظنِّ قليلٌ، مُطلَقًا سواءٌ كان الخبرُ جامدًا أو مشتقًّا لكثرةِ استعمالِها من المولِّدِينَ للظنِّ مُطلَقًا، نحوُ: كأنَّ زيدًا أخوكَ، وكأنَّه قائمٌ، فهي في هذيْنِ المثالَيْنِ ونحوِهما للظنِّ لا للتشبيهِ، وإلاَّ كان من تشبيهِ الشيءِ بنفسِه. دسوقيٌّ بتَصرُّفٍ.
(6) قولُه: (وقد يُذكَرُ فعْلٌ يُنْبِئُ عن التشبيهِ)، أي: يَدلُّ عليه من غيرِ ذكْرِ أداةٍ، فيكونُ الفعْلُ قائمًا مقامَها، والمرادُ فعْلٌ غيرُ الأفعالِ المشتقَّةِ من المماثَلةِ والمشابَهةِ والمضاهاةِ ونحوِها، وكانَ الأَوْلى للمؤلِّفِ أن يقولَ وقد يُذْكَرُ ما يُنْبِئُ عن التشبيهِ ليَتناولَ: أنا عالِمٌ أنَّ زيدًا أسدٌ، وزيدٌ أسدٌ حقًّا، أو بلا شُبهَةٍ، وكأنَّ زيدًا أسدٌ، إذا كانت كلمةُ كأنَّ للظنِّ مُطلَقًا. أطولُ.
(7) قولُه: (سُمِّيَ تشبيهًا بليغًا)، إمَّا من البلاغةِ، مصَدَرِ بَلُغَ كظَرُفَ، لكنَّ فيه وصْفَ الشيءِ بوصفِ صاحبِهِ، أي البليغُ صاحبُه، مثلَ: الكتابِ الحكيمِ، والأسلوبِ الحكيمِ، أي التشبيهُ المخصوصُ بالبليغِ المعتَبرِ عندَهُ. وإمَّا من البـلوغِ مصدَرِ بَلَغَ كدَخَلَ، بمعنى الواصِلِ إلى درجةِ القَبولِ، وإنَّما كان هذا النوعُ من التشبيهِ بليغًا بأحَدِ المعنيَيْنِ المذكورَيْنِ؛ لأنَّ حذْفَ الوجْهِ والأداةِ يُوقِعُ في ذهْنِ السامعِ تَحَقُّقَ دعوى اتِّحادِ الطرَفَيْنِ بلا شائبةِ فُتورٍ، أمَّا حذْفُ الوجهِ فلأَنَّه يُشعِرُ بأنَّ اشتراكَ الطرَفيْنِ ليس في صفةٍ واحدةٍ فقطْ، بل في جميعِ الصفاتِ، وعندَ ذكْرِه لا يَجوزُ التجاوزُ عما ذُكِرَ. وأمَّا حذْفُ الأداةِ فلأنَّه يَقتضي أن يُحمَلَ المشبَّهُ به على المشبَّهِ بطريقِ المُوَاطَأةِ، وهذا النوعُ من الحمْلِ لا يَصِحُّ إلاَّ باتِّحادِ المحمولِ والموضوعِ في الخارجِ إمَّا حقيقةً أو ادِّعاءً. هذا ما ذكَرَهُ القومُ مع قولِهم بتقديرِ المحذوفَيْنِ الوجهِ والأداةِ، فدَعْوَى الاتِّحادِ عندَهم حاصلةٌ بحسْبِ البِناءِ على الظاهرِ، وقطْعِ النظَرِ عما هو الواقعُ من التقديرِ. وعليه فالفرْقُ بينَ التشبيهِ البليغِ والاستعارةِ المَبنيَّةِ على تَناسي التشبيهِ ظاهرٌ. ومذهَبُ العِصامِ والعلاَّمةِ عبدِ الحكيمِ أنَّ دَعْوَى الاتِّحادِ وكمالِ المبالَغةِ لا تُوجَدُ في نحوِ: زيدٌ أسدٌ، إلاَّ إذا جُعِلَ المحذوفانِ نِسْيًا مَنْسِيًّا غيرَ مقدَّرَيْنِ، أي: في نَظْمِ الكلامِ. ونظيرُه زيدٌ عَدْلٌ، إذا أُبْقِيَ العدلُ على معناهُ المصدريِّ، فدَعْوَى الاتِّحادِ عندَهما منظورٌ فيها للواقعِ من عدَمِ التقديرِ للمحذوفَيْنِ أو أحدِهما. وعليه فالتشبيهُ البليغُ والاستعارةُ المبنيَّةُ على تَناسي التشبيهِ وإن اتَّحَدَا في حصولِ دَعْوى الاتِّحادِ وكمالِ المبالَغةِ، لا بحسْبِ البناءِ على الظاهرِ، بل بالنظَرِ للواقعِ من حذْفِ الأداةِ والوجْهِ وعدَمِ التقديرِ لهما فيهما، إلاَّ أنَّه يُفرَّقُ بينَهما بنيَّةِ المحذوفَيْنِ الوجهِ والأداةِ في التشبيهِ البليغِ، وعدَمِ نيَّتِهما في الاستعارةِ. وأمَّا إذا قُدِّرَ في نحوِ: زيدٌ أسدٌ المحذوفانِ كلاهما أو أحدُهما، فإنَّه بالنظَرِ للواقعِ من التقديرِ وكونِ المقدَّرِ كالثابتِ يُعَرَّى عن دعوى الاتِّحادِ وكمالِ المبالَغةِ؛ إذ هو عند الثبوتِ عارٍ، فكذا عندَ التقديرِ؛ لأنَّ كلاّ من الوجهِ والأداةِ يُنبِئُ عن المغايَرةِ، فلا يُجامِعُ تقديرَهما أو أحدَهما دَعْوى الاتِّحادِ وكمالِ المبالَغةِ، ولا يُوجَدُ في الحذْفِ حينئذٍ فائدةٌ سِوى الأخصَرِيَّةِ. ونظيرُه زيدٌ عَدْلٌ إذا جُعِلَ بمعنى العادِلِ، أو على تقديرِ مضافٍ، أي: ذي عدْلٍ، فتَحْصُلُ أنَّ تَسميَةَ نحوِ: زيدٌ أسدٌ تشبيهًا بليغًا لا يُشترَطُ فيها عندَ القومِ عدمُ تقديرِ المحذوفَيْنِ كِلَيْهما أو أحدِهما؛ نظرًا لحصولِ دَعْوى الاتِّحادِ فيه بحسْبِ البِناءِ على الظاهرِ وقطْعِ النظَرِ عمَّا هو الواقعُ فيه من التقديرِ، ويُشترَطُ فيها عند العِصامِ وعبدِ الحكيمِ عدمُ التقديرِ المذكورِ؛ نظَرًا لعدَمِ الاعتدادِ بحُصولِ دَعْوى الاتِّحادِ بحسْبِ الظاهرِ وقطْعِ النظَرِ عمَّا هو الواقعُ من التقديرِ فيه، بل بحُصولِها بحسْبِ الواقعِ من عدَمِ تقديرِ المحذوفَيْنِ كلَيْهما أو أحدِهما فيه، وأنَّ التشبيهَ البليغَ يُفارِقُ الاستعارةَ بنيَّةِ المحذوفَيْنِ فيهِ وعَدَمِ نيَّتِهما فيها، فعندَهما في نحوِ: زيدٌ أسدٌ.
ثلاثَةُ اعتباراتٍ: إمَّا تقديرُ المحذوفَيْنِ، فيَخْلُو عن دَعْوى الاتِّحادِ، أو نيَّةُ المحذوفَيْنِ بدونِ تقديرٍ، فيكونُ تشبيهًا بليغًا، أو عدَمُ كلٍّ من التقديرِ والنيَّةِ، فيكونُ استعارةً. وممَّا يُوضِّحُ لكَ الفرْقَ بينَ التقديرِ والنيَّةِ بدونِه وعدمِهما، ما قالَه بعضُ النُّحاةِ في الفرْقِ بينَ التَّضمينِ المعنويِّ لمعنى الحرْفِ المقتَضِي مَرَّةً لبناءِ الاسمِ ومَرَّةً لعدَمِ بنائِه، والتضمينِ اللفظيِّ لذلكَ الذي لا يَقتضي البناءَ أصلاً، من أنَّ التضمينَ اللفظيَّ عبارةٌ عن ملاحظةِ لفظِ الحرْفِ بعدَ حذفِه توسُّعًا كما في المنصوبِ بِنَزْعِ الخافضِ، فيكونُ نظيرَ تقديرِ المحذوفيْنِ كليْهِما أو أحدِهما هنا كما لا يَخْفَى، وأنَّ التضمينَ المعنويَّ الذي لا يَقتضِي بِناءَ الاسمِ عبارةٌ عن الإشارةِ لمعنَى الحرفِ بالاسمِ مع نيَّةِ الحذفِ، بحيثُ يكونُ دالاّ على معناهُ بنفسِه من غيرِ توسُّعٍ بحذفِه، سواءٌ أمكَنَ النطْقُ به أم لا، كما في نحوِ الظروفِ المتصرِّفةِ وغيرِها، فيكونُ نظيرَ نيَّةِ المحذوفيْنِ هنا بحيثُ يكونُ الطرفانِ مشِيرَيْنِ لهما، وإنْ دَلَّ المحذوفانِ على معناهُما بأنفسِهما مع عدَمِ تقديرٍ لأحدِهما أو كليْهِما في نظْمِ الكلامِ المقتَضِي لبلاغةِ التشبيهِ، وأنَّ التضمينَ المعنويَّ المقتضِي بناءَ الاسمِ عبارةٌ عن كونِ الاسمِ دالاّ على معنى الحرفِ الجزئيِّ الغيرِ المستقِلِّ بنفسِه مع دَلالتِه على معناهُ المستقلِّ بحيثُ لم يكُنْ لتقديرِ الحرفِ ولا لنيَّتِه حاجةٌ؛ فلِذَا استَحَقَّ نحوُ اسمِ الاستفهامِ واسمِ الإشارةِ البناءَ للشَّبَهِ المعنويِّ، فيكونُ نظيرَ الاسمِ المستعارِ للمشبَّهِ في الاستعارةِ في دَلالتِه على باقي أركانِ التشبيهِ بنفسِه بحيثُ لا يُحتاجُ لنيَّتِها ولا لتقديرِها في نظْمِ الكلامِ، فافْهَمْ هذا واحْفَظْهُ فهوَ غايةُ تحقيقِ المقامِ).

هيئة الإشراف

#3

15 Nov 2008

دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (المبحثُ الأولُ: في أركانِ التشبيهِ
أركانُ التشبيهِ أربعةٌ: المشبَّهُ والمشبَّهُ به، ويُسَمَّيانِ طرَفَي التشبيهِ، ووجْهُ الشَّبهِ والأداةُ. والطرَفانِ إمَّا حِسِّيَّانِ نحوُ: الورَقُ كالحريرِ في النعومةِ، وإمَّا عَقْليَّانِ نحوُ: الجهْلُ كالموتِ، وإمَّا مُختلفانِ نحوُ: خُلُقُهُ كالعِطْرِ.
ووجهُ الشبَهِ: هوَ الوصْفُ الخاصُّ الذي قُصِدَ اشتراكُ الطرَفَيْنِ فيه، كـ (الهدايةِ) في (العلْمِ) و(النورِ).
وأداةُ التشبيهِ: هيَ اللفظُ الذي يَدُلُّ على معنى المشابَهةِ، كالكافِ و(كأنَّ)، وما في معناهما.
والكافُ يَليها المشبَّهُ به، بخلافِ (كأنَّ) فيَلِيها المشبَّهُ، نحوُ:

كأنَّ الثرَيَّا راحةٌ تَشْبُرُ الدُّجى ..... لتَنْظُرَ طالَ الليلُ أَمْ قدْ تَعَرَّضَا

و (كأنَّ) تُفيدُ التشبيهَ إذا كان خبَرُها جامدًا، والشكَّ إذا كان خبَرُها مشتَقًّا، نحوُ: (كأنَّكَ فاهمٌ). وقدْ يُذكَرُ فعلٌ يُنْبِئُ عن التشبيهِ، نحوُ قولِه تعالى: {إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا}.

وإذا حُذِفَتْ أداةُ التشبيهِ ووَجْهُه يُسَمَّى تشبيهًا بليغًا، نحوُ: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا}، أيْ: كاللباسِ في السِّتْرِ).

هيئة الإشراف

#4

3 Dec 2008

حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (المبحثُ الأوَّلُ في أركانِ التشبيهِ
(أركانُ التشبيهِ أربعةٌ)(1): المشبَّهُ والمشبَّهُ به (ويُسمَّيان طرَفَي التشبيهِ)(2) و(3) وجهُ الشبَهِ والأداةُ(4).
ووجْهُ الشبَهِ هو الوصْفُ الخاصُّ(5) الذي قُصِدَ اشتراكُ الطرَفَيْن فيه(6) كالهدايةِ في العلْمِ والنورِ(7)
وأداةُ التشبيهِ(8) هي اللفظُ الذي يَدُلُّ علي معنى المشابَهَةِ(9) كالكافِ(10) وكأنَّ(11) وما في معناهما(12)، والكافُ يَليها المشبَّهُ به(13)
بخلافِ كأنَّ، فيَلِيها المشبَّهُ(14)، نحوُ(15):

كأنَّ الثُّرَيَّا(16) راحةٌ تَشْبُرُ(17) الدُّجَا(18) ..... لِتنظُرَ طالَ الليلُ أمْ قد تَعرَّضَا(19)

وكأنَّ تُفيدُ التشبيهَ إذا كان خبرُها جامداً(20)، و(21) الشكَّ إذا كان خبرُها مشتقًّا، نحوُ: كأنك فاهِمٌ(22).

وقد يُذكَرُ فعْلٌ(23) يُنْبِئُ(24) عن التشبيهِ(25)،

نحوُ قولِه تعالى: {إِذَا رَأَيْتَهُمْ(26) حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً} (27).

وإذا حُذِفتْ أداةُ التشبيهِ(28) و (29) وجهُه(30) سُمِّيَ(31) تشبيهاً بليغاً(32)، نحوُ(33) {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً}(34) أي كاللباسِ في السِّتْرِ).

___________________

قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): ((1) (أركانُ التشبيهِ أربعةٌ) المرادُ بالركْنِ ما يَتوقَّفُ عليه الشيءُ, أي: الأمورُ التي يَتوقَّفُ عليها تعريفُ التشبيهِ الاصطلاحيِّ السابِقِ لكونِها مأخوذةً فيه على أنها قيودٌ خارجيَّةٌ، ويَجوزُ أن يُرادَ بالركْنِ ما كان جُزءاً لحقيقةِ الشيءِ، فيُرادُ بالتشبيهِ الكلامُ الدالُّ على الإلحاقِ السابقِ، ولا شكَّ أنَّ ما سِوَى وجهِ الشبَهِ من الأربعةِ أجزاءٌ له، وكذا وجهُ الشبَهِ جُزْءٌ له باعتبارِ اللفظِ الدالِّ عليه. الركنان الأوَّلُ والثاني.

(2) (المُشبَّهُ والمُشبَّهُ به ويُسَمَّيَان طرَفَي التشبيهِ)؛ لأنهما الأصلُ والعمدةُ في التشبيهِ؛ لأنهما معروضان للوجْهِ القائمِ بهما والمعروضُ أقوى من العارضِ؛ لأنه موصوفٌ والوصْفُ تابِعُه, ولأن الأداةَ آلةٌ لبيانِ التشبيهِ، وكثيراً ما يُستَغْنَى عنها في التركيبِ.

(3) (و) الركنان الثالثُ والرابعُ.

(4) (وجهُ الشبَهِ والأداةُ)

(5) (ووجهُ الشبَهِ هو الوصفُ الخاصُّ) أي: الذي يكونُ فيه نوعُ خصوصيَّةٍ, بل زيادةُ اختصاصٍ بهما حتى يُفيدَ التشبيهَ.

(6) (الذي قُصِدَ اشتراكُ الطرفَيْن فيه) أي: الذي قَصَدَ المتكلِّمُ بيانَ اشتراكِهما فيه.

(7) (كالهدايةِ في العلْمِ والنورِ) أي: في تشبيهِ العلْمِ بالنورِ, فلا يكونُ من الذاتيَّاتِ, ولا من الأعراضِ العامَّةِ؛ لأن الكلامَ المفيدَ للتشبيهِ باعتبارِ ذلك لا يُفيدُ، فمثلاً إذا قلتَ: زيدٌ كالأسدِ فإنه لو اعتبرتَ وجهَ الشبَهِ الجراءةَ الْمُخْتَصَّةَ فيهما المشهورةَ في الأسدِ كان صحيحاً, ولو اعتَبَرْتَ الوجهَ فيهما الحيوانيَّةَ والجسميَّةَ والوجودَ والحدوثَ، فإن الكلامَ لا يصِحُّ لعمومِهِ وعدَمِ فائدتِه، هذا مالم يَتَعلَّقْ به غرَضٌ لقَصْدِ المتكلِّمِ، كالتعريضِ بمن لا يَفهمُ المشابَهةَ في وجهٍ من الوجوهِ فيكونُ فيها مزيدُ اختصاصٍ وارتباطٍ من حيث ذلك الغرَضُ، فيكونُ الكلامُ بذلك مفيداً وصحيحاً.

(8) (وأداةُ التشبيهِ) أي: وآلتُه التي تدُلُّ عليه؛ لأنَّ الأداةَ لغةً الآلةُ سُمِّيَ بها ما يُتَوَصَّلُ به إلى التشبيهِ اسماً كان أو فعْلاً أو حرفاً.

(9) (هي اللفظُ الذي يدُلُّ على معنى المشابَهةِ) الإضافةُ بيانيَّةٌ أي: على معنًى هو المشابَهةُ بينَ الأمرَيْنِ.

(10) (كالكافِ) نحوُ: خالدٌ كالأسدِ وهي الأصلُ لبساطتِها اتِّفاقاً وتَلْزَمُ إذا دخلَتْ على كلمةِ أن المفتوحةِ كلمةُ ما فيُقالُ عمرٌو قائمٌ كما أنَّ زيداً قائمٌ.

(11) (وكأنَّ) نحوُ: خالدٌ كأنَّه أسدٌ، قيلَ: هي بسيطةٌ وقيلَ: مركَّبةٌ من الكافِ, ومِن أنَّ المشدَّدةِ، والأقربُ الأوَّلُ لجمودِ الحروفِ مع وقوعِها فيما لا يَصِحُّ فيه التأويلُ بالمصدرِ المناسِبِ لأنَّ المفتوحةِ.

(12) (وما في معناهما) أي: واللفظِ الذي معناهما فيه, ففي الكلامِ قلْبٌ، وذلك مِثْلَ وشِبْهٌ، ونحوُ وما اشتُقَّ منها، كقولِهم في الجبانِ: ما أشبهَهُ بالأسدِ.

(13) (والكافُ يَلِيها المُشبَّهُ به) لا المُشبَّهُ. وذلك؛ لأن المُشبَّهَ مُخْبَرٌ عنه بلحوقِ غيرِه محكومٌ عليه, فلو دخلَت الكافُ عليه لامتنَعَ الإخبارُ عنه، ومثلُها لفظُ: مثلَ ونحوُ وشِبْهُ ومماثِلٌ مما يَدْخلُ على المفرَدِ. وموالاةُ المُشبَّهِ به للكافِ ونحوِها، إما لفظاً، كقولِك زيدٌ كالأسدِ وإما تقديراً كقولِه تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} فالكافُ لم تَدخُلْ على المُشبَّهِ به لفظاً بل تقديراً؛ إذ المرادُ أو كَمَثَلِ ذَوِي صَيِّبٍ هذا هو الكثيرُ الغالِبُ، وقد يَلِيها ويَلِي نحوُها غيرُ المُشبَّهِ به فيما إذا كان المُشبَّهُ به مركَّباً، كقولِه تعالى: {وَاضْرِبْ لَهْمُ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ} إذ ليس المرادُ تشبيهَ حالِ الدنيا بالماءِ, ولا بمفرَدٍ آخرَ يُحْتَمَلُ تقديرُه، بل المرادُ تشبيهُ حالِها في نضارتِها وبهجتِها وما يَعْقُبُها من الهلاكِ والفَناءِ بحالِ النباتِ الحاصلِ من الماءِ يكونُ أخضرَ ناضِراً شديدَ الْخُضرَةِ, ثم يَيْبَسُ فتُطَيِّرُه الرياحُ كأنْ لم يكنْ.

(14) (بخلافِ كأنَّ فيَلِيها المُشبَّهُ) لأنها تدْخُلُ على الجملةِ.

(15) (نحوُ) قولِ الشاعرِ.

(16) (كأنَّ الثُّرَيَّا) وهي مجموعةٌ من الكواكبِ في عُنُقِ بُرْجِ الثَّوْرِ.

(17) (راحَةٌ تَشْبُرُ) أي: تُقَدِّرُ

(18) (الدُّجَا) أي: ظُلْمَةُ الليلِ.

(19) (لتَنظُرَ طالَ الليلُ أم قد تَعَرَّضَا) أي: ظَهَرَ جانبُه.

(20) (وكأنَّ تفيدُ التشبيهَ إذا كان خبرُها جامِداً) نحوُ: كأنَّ خالداً أسدٌ.

(21) (و ) تُفيدُ.

(22) (الشكَّ إذا كان خبرُها مُشْتَقًّا نحوُ كأنك فاهمٌ) وذلك لأن خبرَها المشتَقَّ عينُ اسمِها المخاطَبِ, والشيءُ لا يُشَبَّهُ بنفسِه وهذا هو قولُ الزَّجَّاجِ, وذَكَرَ السعْدُ التفتازانِيُّ في المختصَرِ أنها تُستعمَلُ للتشبيهِ والظنِّ مطلَقاً سواءٌ كان الخبرُ جامدًا أو مشتَقًّا، وذكَرَ في المُطَوَّلِ أنه الحقُّ وأن استعمالَها للظنِّ مطلَقاً كثيرٌ في كلامِ المولَّدينَ وذَهَبَ فريقٌ ثالثٌ إلى أنها للتشبيهِ مطلَقاً, ولا تكونُ لغيرِه, وجَعَلَ نحوُ كأنك فاهمٌ على حذْفِ الموصوفِ أي: كأنك شخصٌ فاهِمٌ فلمَّا حُذِفَ الموصوفُ, وجُعِلَ الاسمُ بسببِ التشبيهِ, كأنه الخبرُ بعينِه صارَ الضميرُ يعودُ إلى الاسمِ لا إلى الموصوفِ المقدَّرِ.

(23) (وقد يُذكرُ فعْلٌ) غيرُ الأفعالِ الموضوعةِ من أصلِها للدَّلالةِ على التشبيهِ لاشتقاقِها مما يَدلُّ عليه.

(24) (يُنْبِئُ) أي: ذلك الفعلُ.

(25) (عن التشبيهِ) بأن يُستعمَلَ فيما يُفيدُه من غيرِ ذكْرِ أداةٍ فيكونُ الفعلُ قائماً مقامَها، فإنْ كان كعلِمْتُ ونحوِه من صِيَغِ القطْعِ أفادَ قُرْبَ المشابَهةِ، بحيث يكونُ وجْهُ الشبَهِ قريبَ الإدراكِ فيَتحقَّقُ بأدنى الْتِفاتٍ إليه وإن كان كحَسِبْتُ وخِلْتُ ونحوِهما، أفادَ بُعْدَها بحيث يكونُ الوجهُ بعيداً عن التحقُّقِ وخَفِيًّا عن الإدراكِ العلْميِّ، فالأوَّلُ نحوُ قولِك عَلِمْتُ زيداً أسداً فإنَّ العلْمَ معناه التحقُّقُ, وذلك يُناسبُ الأمورَ الظاهرةَ البعيدةَ عن الخفاءِ، فلذلك أفادَ عَلِمْتُ حالَ تشبيهِ زيدٍ بالأسدِ وأنه على وجهِ قُرْبِ المشابَهةِ، والثاني.

(26) {نحوُ قولِه تعالى:إِذَا رَأَيْتَهُمْ} أي: الْحُورَ العينَ التي في الجنةِ.

(27) {حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً} فإن الْحُسْبانَ ليس فيه الرُّجْحَانُ بل إدراكٌ على وجهِ الاحتمالِ, ومن شأنِ البعيدِ عن الإدراكِ أن يكونَ إدراكُه كذلك، فأفادَ حَسِبْتُ حالَ التشبيهِ وأنَّ فيه بُعْداً.

(28) (وإذا حُذِفَتْ أداةُ التشبيهِ) بأن تُرِكَتْ بالكلِّيَّةِ وصارت نَسْياً مَنْسِيًّا بحيث لا تكونُ مقدَّرةً في نظْمِ الكلامِ لأجلِ الإشعارِ بأن المُشبَّهَ عينُ المُشبَّهِ به.

(29) (و) حُذِفَ

(30) (وجهُه) أي: وجهُ التشبيهِ بأن تُرِكَ بالكلِّيَّةِ بحيث لا يكونُ مقدَّراً لأجْلِ الإشعارِ بأنَّ اشتراكَ الطرَفَيْن ليس في صفةٍ واحدةٍ, بل في جميعِ الصفاتِ.

(31) (سُمِّيَ) أي: التشبيهُ المذكورُ.

(32) (تشبيهاً بليغاً) أي: واصلاً إلى درجةِ القَبولِ من البلوغِ بمعنى الوصولِ؛ لأن حذْفَ الأداةِ والوجهِ يُوقِعُ في ذهْنِ السامعِ تَحَقُّقَ دَعْوى اتِّحادِ الطرَفَيْن.

(33) (نحوُ) قولِه تعالى:

(34) {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً} أي: كاللباسِ في الستْرِ, وقد يُسَمَّى هذا التشبيهُ تشبيهاً مُؤَكَّداً أيضاً، إلا أن المعتَبَرَ في مفهومِ المؤكَّدِ كما سيأتي حذْفُ الأداةِ، سواءٌ حُذِفَ معها الوجهُ أو لم يُحْذَفْ، فهو أعمُّ من البليغِ. فتدبَّرْ).

هيئة الإشراف

#5

5 Dec 2008

شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري


قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (* المبحثُ الأوَّلُ في أركانِ التشبيهِ *
أركانُ التشبيهِ أربعةٌ: المُشَبَّهُ،والمُشَبَّهُ به،ويُسَمَّيَانِ طَرَفَي التشبيهِ،ووجْهُ الشَّبَهِ،والأداةُ .
ولمَّا كانَ الطرَفانِ منْ هذهِ الأركانِ هما الأصْلَوالعُمدةَ في التشبيهِ قَدَّمَ البَحْثَ عنهما فقالَ: والطرَفانِ إمَّا حِسِّيَّانِ ؛ المرادُ بالحِسِيِّ ما يُدْرَكُ هوَ بنفسِه، أوْ مادَّتُه التي يَحْصُلُ منها حقيقةٌ، بإحدى الحواسِّ الخمْسِ الظاهِرَةِ. فمِن الأوَّلِ نحوَ: ( الوَرَقُ كالحريرِ في النعومةِ )، فإنَّ كُلًّا من المُشَبَّهِ والمُشَبَّهِ بهِ ههنا يُدْرَكُ بنفسِه بحاسَّةِ اللَّمْسِ. ومن الثاني قولُه:

وكأنَّ مُحْمَرَّ الشقيقِ ..... إذا تَصَوَّبَ أوْ تَصَعَّدَ

أعلامُ ياقوتٍ نُشِرْ ..... نَ على رِمَاحٍ مِنْ زَبَرْجَدَ

الشقيقُ نَوْرٌ يَنْفَتِحُ كالوردِ وأوراقُه حُمْرٌ، فإضافةُ الْمُحْمَرِّ إليه منْ بابِ إضافةِ الصفةِ إلى الموصوفِ، وقولُه ( إذا تَصَوَّبَ أوْ تَصَعَّدَ )، مُتَعَلِّقٌ بمعنى كأنَّ، أيْ: يُشَبِّهُ الشقيقَ الْمُحْمَرَّ حينَ تَصَوَّبَ، أيْ مالَ إلى أَسْفْلَ، أوْ تَصَعَّدَ، أيْ مالَ إلى عُلُوٍّ، بتحريكِ الريحِ لهُ، بأعلامِ ياقوتٍ نُشِرْنَ على رِماحٍ مِنْ زَبَرْجَدَ، والأعلامُ جَمْعُ عَلَمٍ بمعنى الرايةِ، والمرادُ بالياقوتِ الْحَجَرُ النَّفِيسُ المعلومُ بشَرْطِ أنْ يكونَ أَحْمَرَ، وهوَ أَغَرُّ الياقوتِ، كما أنَّ الْمُرادَ بالزبَرْجَدِ الْحَجَرُ النفيسُ الأخْضَرُ. فالمُشَبَّهُ ههنا وهوَ الشقيقُ الْمُحْمَرُّ،وإنْ كانَ أمْرًا حِسِّيًّا مُدْرَكًا بحاسَّةِ البَصَرِ، لكنَّ المُشَبَّهَ بهِ وهوَ هَيْئَةُ نَشْرِ الأعلامِ الياقوتيَّةِ على الرماحِ الزَّبَرْجَدِيَّةِ معدومةٌ لَمْ تُشَاهَدْ قطُّ، إلَّا أنَّ هذه الأشياءَ التي هيَ مادَّةُ تلكَ الهيئةِ، وهيَ الأعلامُ والياقوتُ والرِّماح والزَّبَرْجَدُ، لَمَّا كانتْ مُدْرَكَةً بحاسَّةِ البصَرِ دَخَلَ هذا القِسْمُ في الْحِسِّيِّ أيضًا، ومثلُه يُسَمَّى بالخياليِّ .

وبهذا البيانِ يَتَّضِحُ ما قالَ في الحاشيةِ: الْمُرادُ بالْحِسِّيِّ ما يُدْرَكُ هوَ إلخ .

وإمَّا عَقْلِيَّانِ، والمرادُ بالعَقْليِّ مُقابِلُ الْحِسِّيِّ، أيْ ما لا يُدْرَكُ هوَ ولا مادَّتُه مُدْرَكًا بإحْدَى الحواسِّ الخمْسِ الظاهِرَةِ، نحوَ: الجَهْلُ كالموتِ ؛ فإنَّ كُلًّا من الْجَهْلِ والموتِ ليسَ حِسِّيًّا مُدْرَكًا بإحْدَى الحواسِّ، بلْ يُدْرَكَانِ بالعَقْلِ .

ويَدْخُلُ في العَقْلِيِّ أيضًا ما لا يُحَسُّ بهولا بِمَادَّتِه، ولكنَّهُ بحيثُ لوْ وُجِدَ في الخارِجِ وأُدْرِكَ لكانَ مُدْرَكًا بتلكَ الحواسِّ، كما في قولِ امرئِ الْقَيْسِ:

أَيَقْتُلُنِي وَالْمَشْرِفِيُّ مُضَاجِعِي ..... ومَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كأنيابِ أَغْوَالِ

أيْ: كيفَ يَقْتُلُنِي ذلكَ الرجُلُ الذي تَوَعَّدَنِي في حُبِّ سَلْمَى،والحالُ أنَّ السيفَ الْمَشْرِفِيَّ، أي المنسوبَ إلى الْمَشارِفِ التي هيَ بلادٌ باليَمَنِ،والسهامَ المسنونةَ، أي المحدودةَ الزُّرْقَ، أي الْمَجْلُوَّةَ الصافيةَ، كأنيابِ أَغْوَالٍ في الْحِدَّةِ مُضَاجِعِي ومُلَازِمِي. فالمُشَبَّهُ بهِ ههنا وهوَ أنيابُ الأغوالِ؛ لكونِه صورةً وهْمِيَّةً اختَرَعَها الوَهْمُ منْ عندِ نفسِه منْ غيرِ أنْ يكونَ لهُ أوْ لَمَادَّتِه وجودٌ في الخارِجِ، مِمَّا لا يُحَسُّ بهِ ولا بِمَادَّتِه أصْلًا،ولكنْ لوْ وُجِدَ في الخارجِ وأُدْرِكَ لم يُدْرَكْ إلَّا بالْحِسِّ .

ومثْلُ هذا التشبيهِ يُسَمَّى بالْوَهْمِيِّ،وهذا تفصيلُ ما في الحاشيةِ منْ قولِه: والمرادُ بالعَقْلِيِّ إلخ .

وإمَّا مُخْتَلِفانِ بأنْ يكونَ أحَدُ الطرَفَيْنِ حِسِّيًّا والآخَرُ عَقْلِيًّا، نحوَ: (خُلُقُه كالعِطْرِ )، فشَبَّهَ الْخُلُقُ الذي هوَ عبارةٌ عنْ كيفيَّةٍ راسخةٍ في النفْسِ تَصْدُرُ عنها الأفعالُ بسهولةٍ بذاتِ العِطْرِ، أيْ: ما يُتَعَطَّرُ بهِ منْ كلِّ طَيِّبِ الرائحةِ كالْمِسْكِ والعُودِ الهنديِّ.ولا شكَّ أنَّ الأوَّلَ أمْرٌ لا يُدْرِكُه إلَّا العَقْلُ؛ فهوَ عَقْلِيٌّ،والثاني أمْرٌ يُشَاهِدُه البصَرُ؛ فهوَ محسوسٌ بحاسَّةِ البَصَرِ،وإنْ قُصِدَ بالعِطْرِ نفسُ الرائحةِ كانَ محسوسًا بحاسَّةِ الشَّمِّ .

ووَجْهُ الشبَهِ هوَ الوَصْفُ الخاصُّ الذي قُصِدَ اشتراكُ الطرَفَيْنِ فيه،وإنَّما جَعَلَ وجْهَ الشبَهِ الوْصَفَ الخاصَّ بالمُشَبَّهَيْنِ؛ لأنَّهُ إذا كانَ من الذاتِيَّاتِ أو الأعراضِ العامَّةِ لمْ يكُنْ للتشبيهِ وادِّعاءِ المماثَلَةِ فائدةٌ، كالهدايةِ في العلْمِ والنورِ، فإنَّ وجْهَ الشبَهِ في تشبيهِ العِلْمِ بالنورِ حيثُ يُقالُ: العلْمُ كالنورِ، الهدايةُ إلى المقصودِ،وهيَ الوَصْفُ الخاصُّ الذي اشتُرِكَ فيهِ؛ فإنَّ العِلْمَ يَدُلُّ على طريقِ الْحَقِّ، ويُفَرِّقُ بينَه وبينَ طريقِ الباطِلِ، والنورَ يَدُلُّ على طريقِ السلامةِ،ويَفْصِلُ بينَه وبينَ طريقِ الْهَلاكِ، فقدْ هَدَى كلٌّ منهما إلى المطلوبِ الذي هوَ طريقُ الحقِّ في الأَوَّلِ وطريقِ السلامةِ في الثاني، فالْهِدايةُ هيَوجْهُ الشَّبَهِ .

ثمَّ وجهُ الشَّبَهِ قِسمانِ:

الأوَّلُ: الْمُحَقَّقُ، وهوَ الذي يَتَقَرَّرُ في كلٍّ من المُشَبَّه والمُشَبَّهِ بهِ علىوجْهِ التحقُّقِ، كما في تشبيهِ العلْمِ بالنورِ، فإنَّ وجْهَ الشبهِ وهوَ الهدايةُ مُتَقَرَّرٌ في كلٍّ منهما حقيقةً .

والثاني: الْمُتَخَيَّلُ، وهوَ الذي لا يكونُ مُتَقَرَّرًا فيهما أوْ في أحدِهما حقيقةً، ولكنْ يُخَيِّلُه الوَهْمُ ويُقَرِّرُه بتأويلِ غيرِ الْمُحَقَّقِ مُحَقَّقًا، وتخييلِ ما ليسَ بواقعٍ واقعًا، كتشبيهِ الشَّعْرِ بالحَظِّ ؛ فإنَّ وجْهَ الشبَهِ وهوَ السوادُ ليسَ بِمُتَقَرَّرٍ في الحظِّ حقيقةً، بلْ بتَخْيِيلِ الوَهْمِ وفَرْضِه، وهذا ما قالَ في الحاشيةِ: ويكونُوجْهُ الشبَهِ مُحَقَّقًا إلخ .

وأداةُ التشبيهِ، أيْ: وآلَتُه التي يُتَوَصَّلُ بها إلى التشبيهِ، هيَ اللفظُ الذي يَدُلُّ على معنى المشابَهَةِ، كالكافِوكأنَّوما في معناهما اسْمًا كانَ أوْ فِعْلًا، كتُشابِهُ ويُشابِهُ ومُشابِهٌ ومُمَاثِلٌ .

والكافُ يَلِيهَا المُشَبَّهُ بهِ لَفْظًا، نحوَ: العِلْمُ كالنورِ، أوْ تقديرًا نحوَ: قولِه تعالى: { أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ }؛ إذ المرادُ أوْ: كمَثَلِ ذَوِي صَيِّبٍ من السماءِ. بخلافِ كأنَّ فيَلِيها المُشَبَّهُ نحوَ:

كأنَّ الثُّرَيَّا راحةٌ تَشْبُرُ الدُّجَى ..... لتَنْظُرَ طالَ الليلُ أَمْ قَدْ تَعَرَّضَا

فدَخَلَ فيهِ كأنَّ على الثُّرَيَّا وهوَ مُشَبَّهٌ .

وكأنَّ تُفيدُ التشبيهَ إذا كانَ خبَرُها جامِدًا، والشكَّ إذا كانَ خبَرُها مشْتَقًّا؛ وذلكَ لأنَّ الْخَبَرَ إذا كانَ جامِدًا كانَ مغايِرًا لاسْمِها في المفهومِ والْمِصْدَاقِ، فيَصِحُّ تشبيهُ الاسمِ بالخبَرِ بلا مانِعٍ منهُ فتُحْمَلُ عليهِ كما هوَ أصْلُها، بخلافِ ما إذا كانَ الخبَرُ مشْتَقًّا؛ لأنَّهُ حينئذٍ يكونُ مُتَّحِدًا بالاسمِ مِصْدَاقًا، فلوْ حُمِلَتْ على التشبيهِ كانَ كتشبيهِ الشيءِ بنفسِه، فيكونُ هذا مانِعًا منْ حَمْلِها على التشبيهِ، فتُحْمَلُ على شكِّ المتكلِّمِ بثبوتِ الخبَرِ الْمُغَايِرِ للاسمِ مفهومًا لِمَا بينَ التشبيهِ والشكِّ من التقارُبِ، نحوَ: ( كأنَّكَ فاهِمٌ )؛ فإنَّ معناهُ أنَّ المتكلِّمَ يَشُكُّ في كونِ المخاطَبِ فاهِمًا .

وقدْ يُذْكَرُ فعْلٌ يُنْبُئ عن التشبيهِ معَ كوْنِ هذا الفعْلِ غيرَ دالٍّ على التشبيهِ باعتبارِ أصْلِ وَضْعِه، نحوَ قولِه تعالى: { إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا }، فذَكَرَ فعْلَ حَسِبْتَ ههنا لإفادةِ التشبيهِ بينَ الوِلدانِ الْمُخَلَّدِينَ واللؤلؤِ المنثورِ.ولا يَذْهَبُ عليكَ أنَّ كونَ الفعلِ المذكورِ مُنْبِئًا عن التشبيهِ غيرُ ظاهرٍ للقَطْعِ بأنَّهُ لا دَلالةَ للحُسبانِ على التشبيهِ أصْلًا، بل الأوْجَهُ فيهِ أنَّ المفعولَ الثاني في بابِ حَسِبْتَ يكونُ مَحمولًا بحَسَبِ المعنى على المفعولِ الْأَوَّلِ. ومن المعلومِ أنَّهُ لا يَصِحُّ حَمْلُ لؤلؤٍ منثورٍ عليهم بدونِ تقديرِ أداةِ التشبيهِ، فَعَدَمُ صِحَّةِ الحَمْلِ ههنا يُنْبِئُ عن التشبيهِ كما في قولِنا: (زيدٌ أَسَدٌ)، سواءٌ ذُكِرَ الفعلُ أوْ لم يُذْكَرْ. نعمْ، بَعْدَ تَحَقُّقِ التشبيهِ بسببِ الْحَمْلِ يُفيدُ تَعَلُّقَ الْحُسبانِ بهِ أنَّهُ على وَجْهِ ظَنِّ الْمُخَاطَبِ وإدراكِه على سبيلِ الرُّجْحَانِ لا على وَجْهِ العِلْمِ واليقينِ، كما أنَّ قولَنا: ( علِمْتُ زيدًا أسدًا )، يُفيدُ أنَّ تشبيهَ زيدٍ بالأسدِ على وَجْهِ العلْمِ والتيَقُّنِ، ويُمْكِنُ أنْ يُقالَ إنَّ الْمُضافَ في كلامِه محذوفٌ .

والمعنى أنَّ الفعْلَ يُنْبِئُ عنْ حالِ التشبيهِ منْ كونِه على وَجْهِ العِلْمِ والقطْعِ أوْ غيرِه.

وإذا حَذَفْتَ أداةَ التشبيهِ ووَجْهَه يُسَمَّى تَشبيهًا بليغًا؛ لوجودِ المبالَغَةِ في التشبيهِ حيثُ حُمِلَ المُشَبَّهُ بهِ على المُشَبَّهِ كأنَّهُ هوَ بعينِه، نحوَ: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا }، أيْ: كاللِّباسِ في السَّتْرِ عن العيونِ إذا أَرَدْتُمْ هَرَبًا منْ عَدُوٍّ أوْ إخفاءَ ما لا تُحِبُّونَ الاطِّلاعَ عليهِ منْ كثيرِ الأمورِ).

هيئة الإشراف

#6

8 Jan 2009

شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ)


قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: (ويتعلق بالتشبيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: في أركان التشبيه. والمبحث الثاني: في أقسام التشبيه. والمبحث الثالث: في الغرض من التشبيه.
فلنبدأ بالمبحث الأول، فقال:
المبحث الأول: في أركان التشبيه
أركان التشبيه أربعة: المشبه والمشبه به، ويسميان بالطرفين، طرفي التشبيه، ووجه الشبه والأداة.
ووجه الشبه هو الوصف الخاص الذي قُصد اشتراك الطرفين فيه، قُصد هنا معناه: حصل اشتراك الطرفين فيه، وقصدت أنت إبانة ذلك، فليس المقصود أنك تقصد اشراكهما فيه، فهما في الأصل مشتركان فيه، لكن أنت تقصد إبانة ذلك فقط، قصد اشتراك الطرفين فيه كالهداية في العلم والنور، فالهداية وصف مشترك بين العلم والنور، فالنور يهتدى به، والعلم يهتدي به، وهو الجامع بينهما.
وأداة التشبيه هي اللفظ الذي يدل على معنى المشابهة، وهي الكاف ومثل وكأن وما في معناهما، أي: مثل والكاف يليها المشبه به، بخلاف كأن فيليها المشبه، تقول: كأن زيدا أسد، فزيد هو المشبه، وأسد هذا المشبه به، وقد ولي المشبه كأن بخلاف الكاف: زيد كأسد فزيد هو المشبه يأتي قبل الكاف، وأسد هو المشبه به يأتي بعد الكاف، وكذلك مثل: زيد مثل الأسد، فزيد هو المشبه، وجاء قبل مثل، وأسد هو المشبه به وجاء بعد مثل، وكذلك نحو فيهي مثل مثل: زيد نحو أسد. والكاف يليها المشبه به بخلاف كأن، فيليها المشبه نحو:

كأن الثريا راحة تشبر الدجى ..... لتنظر طال الليل أم قد تعرضا

كأن الثريا عُُلقت في (غير مسموع) كما قال امرؤ القيس:

(كأن الثريا) فالثريا هي المشبه، ولذلك دخلت عليها كأن، و (راحة) أي: كف إنسان، وهذا المشبه به، (تشبر الدجى) أي: تقيسه بالشبر، الثريا تمشي في الليل هكذا، فكأنها تشبر الظلام، (لتنظر طال الليل أم قد تعرضا)أي: أم قد قصر (مداخلة غير مسموعة) لا، وجه الشبه فيه يد الإنسان أن يد الإنسان تشبر أيضا، يد الإنسان، راحة الإنسان أليست هي التي تشبر الشيء؟ فالمشبه حسي وهو الثريا، والمشبه به حسي وهو راحة الإنسان، أي: كفه، ووجه الشبه أمر معنوي وهو أنها تشبر، والغرض من التشبيه كذلك توضيح سير الثريا في الأفق.

وكأن يفيد التشبيه إذا كان خبرها جامداً، أو إذا كان الخبر جامداً، كأن تفيد التشبيه إذا كان خبرها جامدا، كالراحة هنا بالثريا. والشك إذا كان خبرها مشتقاً، تفيد الشك إذا كان خبرها مشتقاً، وكذلك إذا كان شبه المشتق، فالمشتق إذا قلت لإنسان تريد ازدراء عقله تقول: كأنك عاقل، أو تريد إلحاقه بالأمر فتقول:

كأنك قائم فيهم خطيباً ..... وقد صفوا وراءك للصلاة

كأنك قائم فيهم خطيبا وقد صفوا وراءك للصلاة، هذا في مرثية رجل قتل فصلب والناس ينظرون إليه، فرثاه أحد الشعراء بقصيدته العجيبة التى مطلعها:

سمو في الحياة وفي الممات ..... لحق أنت إحدى المعجزات

يقول فيها: (كأنك قائم فيهم خطيباً)، الخطيب هكذا يكون مرتفعاً، والناس شاخصون إليه، ينظرون إليه.

(كأنك قائم فيهم خطيباً وقد صفوا وراءك للصلاة) فخبر كأن هنا هو قائم وهو اسم مشتق، فمن المعلوم أنه فى هذا الحال لا يشبه الخطباء، فهو مصلوب عريان مقتول، لكن قصد بذلك إلحاقه بالخطباء، من المعلوم أن المشبه لا يصل إلى درجة المشبه به في الغالب، إلا في التشبيه المعكوس، والتشبيه المعكوس هو ما إذا قُصدت المبالغة ادعاء فشبه الشيء بما هو أبلغ منه، ويقصد بذلك المبالغة، كقول بعضهم: أبو حنيفة كأبي يوسف، وهذا تشبيه معكوس، فأبو يوسف هو التلميذ، وأبو حنيفة هو الشيخ؛ لكن قصدت المبالغة في جودة فقه أبي يوسف وذكائه، حتى كان كأنه أبلغ من أبي حنيفة وكأن أبا حنيفة شبه به، وهذا النوع يحصل في القلب، كقول الراجز:

(غير مسموع) أرجاؤه كأن لون أرضه سماؤه

فهو يريد الغُبرة التي ارتفعت إلى السماء، جعلت السماء غبراء فُشبهت الأرض بالسماء، كأن السماء صارت أشد في الغبرة من الأرض، (كأن لون أرضه سماؤه) أصل الكلام: كأن لون سمائه أرضه، لكنه قلب التشبيه للمبالغة، كأن لون أرضه سماؤه، وما يشبه المشتق هو مثل ما إذا كان خبر كأن جاراً ومجروراً كقول النابغة:

كأنك من جمال بني عقيش ..... يقعقع بين رجليه بشن

كأنك من جمال بني عقيش، من جمال، فهذا الجار والمجرور وهو خبر كأن، وقصد بذلك الطعن في عيينة بن الحصن، فجعله كالذي لا يبالي ولا يدرك ما يتصرف فيه، فهو كالجمل الذي يقعقع بين رجليه بشن، فينفر ويتصرف تصرفات غير معقولة، فهذا شبه إلحاق، ولا يكون تشبيها بمعناه الكامل، لكنه يريد الإلحاق به، ولذلك قال: إذا كان الخبر جامدا، والشك إذا كان خبراً مشتقاً، فهو يشبه الشك، نحو: كأنك فاهم، وقد يذكر فعل ينبئ عن التشبيه، قد يستعمل الفعل في مقام أداة التشبيه، وذلك مثل قول الله تعالى: {إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا} في وصف ولدان الجنة، فشبه ولدان الجنة باللؤلؤ المنثور، فلم يقل: كأنهم لؤلؤ منثور، إنما قال: {حسبتهم لؤلؤا منثورا} فحسبتهم هذا أبلغ من التشبيه بكأن.

ومثل هذا قوله تعالى: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} فقد شبه فقراء المهاجرين بالأغنياء، لكن بالغ في هذا التشبيه فقال: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف}.

وإذا حُذفت أداة التشبيه ووجهه سمي تشبيهاً بليغاً، إذا حُذفت أداة التشبيه وحذف وجهه فجعل المشبه عين المشبه به ادعاء، صرت تدعي أن المشبه عين المشبه به، أبو يوسف أبو حنيفة، فالأصل: أبو يوسف فى فقهه كأبي حنيفة، فحذفت الأداة وهي الكاف، وحذفت وجه الشبه وهو في فقهه، فجعلت المشبه كأنه هو المشبه به، فهذا يسمى بالتشبيه البليغ، وذلك مثل قول الله تعالى: {وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا} {جعلنا الليل لباساً} أي كاللباس، معناه جعلنا الليل في ستره للأشياء كاللباس، فحذف وجه الشبه وهو الستر، وحذفت أداة التشبيه وهي الكاف، فهذا يسمى بالتشبيه البليغ).

هيئة الإشراف

#7

2 Aug 2017

شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)


القارئ: (المبحث الأول : في أركان التشبيه ، أركان التشبيه أربعة ( المشبه والمشبه به ) ويسميان طرفي التشبيه ووجه الشبه والأداة ، والطرفان إما حسيان نحو الورق كالحرير في النعومة ، وإما عقليان نحو الجهل كالموت وإما مختلفان نحو خلقه كالعطر).

قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (يذكر البلاغيون مجموعة من المباحث في دراسة التشبيه يختلفون في كثرتها وقلتها وطريقة تصنيفها لكن هناك قاسم مشترك بين هذه الأمور المتعلقة بالتشبيه يمكن أن تشترك في مسألة الأركان التي يعتمد عليها التشبيه ثم الأقسام والأقسام باعتبارات شتى ثم الغرض الذي صيغ من أجله هذا التشبيه هذه أبرز القضايا التي يمكن أن تتناول في مسألة التشبيه ، أما الأركان فكما أشير إليه آنفاً في الحديث عليه عن التعريف أربعة هي : المشبه وهو المقصود بالأصل ، والمشبه به وهو ما جيء به ليوضح صورة المشبه وليلحق به المشبه .
ولذلك لابد أن يكون المشبه به لابد أن يكون المشبه به معروفاً عند المتكلم ؛ لأنه يريد أن يلحق المشبه به ففي مسألة الإلحاق لابد أن يكون الملحق به أمر معروف ولابد أن يكون الملحق به أمراً معروفاً عند المتلقي .
المشبه والمشبه به يسميان أو يسميهما البلاغيون طرفا التشبيه ، أما الركن الثالث فهو وجه الشبه والركن الرابع هو الأداة ، يقدم إن كان بحسب الترتيب الذكري لها في صياغة جملة التشبيه فالأداة قبل وجه الشبه وهي غالباً ما تقع بين المشبه والمشبه به ولكنها يمكن أن تتقدم عليهما . فتقدم الأداة على وجه الشبه أمر شكلي .
أما يأتي الآن ليتحدث عن نوعي الطرفين وهذا أحد تقسيمات التشبيه ينظر إلى تقسيم التشبيه بحسب نوع الطرفين وبحسب وجود الأداة من عدمها وبحسب ذكره أو عدم ذكره ، إذاً هي أقسام باعتبارات شتى ، أما ما يذكره المؤلفون هنا الطرفان إما حسيان فهو تقسيم بحسب نوع الطرفين حسيان ، الحسي : هو ما كان مدركاً بواحدة من أجهزة أو ما يتصل بأنواع الحس الخمسة يقول المؤلفون يمثلون على ذلك بقولهم: الورق كالحرير في النعومة . الورق هو المشبه والكاف هي أداة التشبيه والحرير المشبه به وفي النعومة هو وجه الشبه . كونهما حسيان لأن الورق ملموس والحرير ملموس كلاهما يحس باللمس .
وإما عقليان ، والعقلي : هو ما لا يدرك بواحدة من الحواس الخمس وإنما يدرك بجوانب أخرى ، مثل الجهل كالموت . فالجهل هو المشبه والكاف أداة التشبيه والموت هو المشبه به ، والجهل والموت أمور عقلية لا ترى بالبصر ولا تلمس باليد ولا تشم بالأنف إلى آخر الحواس الخمس.
وإما مختلفان يكون واحداً حسي والثاني عقلي أو العكس مثل قولهم خلقه كالعطر ، الخلق عقلي لأنه لا يدرك ولا يرى بالبصر ولا يلمس ولا يشم ، والعطر حسي ولذلك المشبه هنا عقلي والمشبه به حسي والكاف هي أداة التشبيه).

القارئ: (ووجه الشبه هو الوصف الخاص الذي قصد اشترك الطرفين فيه اشتراك العلم والنور وأداة التشبيه هي اللفظ الذي يدل على معنى المشابهة كالكاف وكأن وما في معناهما).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (وجه الشبه هو القاسم المشترك بين المشبه والمشبه به الذي قصده المتكلم ربما يكون هناك قواسم مشتركة كثيرة لكن الذي قصده المتكلم من صياغته وبنائه لأسلوب التشبيه هو الذي يمكن أن يحدد وجه الشبه ويكون وجه الشبه هو أبرز صفة تكون في المشبه به . أبرز صفة تكون في المشبه به يعرف الناس أن المشبه به يشتهر بها ، هي التي يمكن أن ينظر إليها ويلحق المشبه بها فإذا قيل : زيد مثل الأسد ، فالأسد فيه صفات كثيرة وحيوان والإنسان حيوان ناطق ، هل الغرض من التشبيه الحيوانية ؟ لا ، وهذا يبصر ذاك يبصر وهذا يمشي وهذا يمشي ليست هذه القواسم المشتركة بينها وإنما المراد ما يتميز به الأسد وهو مسالة الشجاعة ولذلك يلحق زيد بالأسد في قضية الشجاعة ؛ لأن الشجاعة هي التي يتميز بها الأسد .
أما بعض الصفات الأخرى التي يمكن أن تكون موجودة وقد ( أقول وقد للتقليل ) يريد المتكلم أن يشبه زيداً بالأسد في نتانة رائحته ، الأسد له رائحة كريهة فيكون التشبيه حينئذ غير بليغ ؛ لأنه لم يختر الصفة التي تميز بها الأسد في عرف المتلقي وهي الشجاعة وإن كان يريد كراهة الرائحة فهو لم يوفق في التشبيه لأن الناس يعرفون من الأسد بالدرجة الأولى شجاعته ولذلك لابد أن يكون وجه الشبه من الأشياء المشتركة بين المشبه والمشبه به أما الأداة كما أشرت آنفاً هي الوسيلة التي يمكن أن يلحق الأمر الأول بالأمر الثاني المشبه بالمشبه به وسيلة عقد الموازنة وعقد التشبيه بين هاتين الجزئيتين المشبه والمشبه به ولابد من التنبيه على أن الأداة ليست بلازم أن تذكر في كل وقت ولا وجه الشبه ، لا الأداة ولا وجه الشبه يمكن أن يستغنى عن ذكرهما في صياغة التشبيه ، أما المشبه والمشبه به فلابد من ذكرهما في التشبه ؛ لأن ذكرهما هو الفاصل بين التشبيه والاستعارة كما سنعرف إن شاء الله تعالى .
والأدوات ، أدوات التشبيه كثيرة يعدد المؤلفون منها الكاف وكأن وما في معناهما مثل كلمة مثل أو يشبه أو شابه وما يتصل بذلك).

القارئ : (والكاف يليها المشبه به خلاف كأن فيليها المشبه نحو :
كـأن الثـريـا راحــة تشبُـرُ الدجــى لتنظر طال الليل أم قد تعرضا).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هناك فرق بين أدوات في مسألة المجيء مكان ورود أداة التشبيه فالكاف ترد بين المشبه والمشبه به يرد المشبه أولاً ثم ترد الكاف ثم يرد بعد ذلك المشبه به ، ومثل الكاف كلمة مثل أما كأن فيليها المشبه يعني كأن تتقدم على المشبه ، تأتي متقدمة يأتي بعدها المشبه ثم يأتي بعد ذلك المشبه به كقول الشاعر :
كـأن الثـريـا راحــة تشبُـرُ الدجــى لتنظر طال الليل أم قد تعرضا
كأن الآن تشبيه الثريا النجم بالراحة التي تعمل على قياس المسافة الحاصلة بين لليل هي طال أو قصر هذا تشبيه جميل الغاية من ذكر هذا الشاهد أن كأن جاءت أولاً ثم جاء بعد ذلك المشبه ثم المشبه به وهو الراحة).

القارئ : (وكأن تفيد التشبيه إذا كان خبرها جامداً والشك إذا كان خبرها مشتقاً نحو : كأنك فاهم).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذه مسألة خلاف بين البلاغيين قضية تخصيص كأن المفيدة في التشبيه إذا كان خبرها جامداً يعني عند البلاغيين حديث طويل في هذا الجانب ولكن كأن حقيقة تفيد التشبيه سواء كان خبرها جامداً أو مشتقاً حتى الذين يجعلون كأن إذا كان خبرها مشتقاً تفيد الشك أيضاً يدل بالإضافة إلى الشك على قضية التشبيه أي كأنك فاهم ويشك الآن في فهم المخاطب لكن في الوقت نفسه هو يشبهه يعني بالفاهم إذا كان تشبهه بالفاهم فهو حكم عليه بعدم الفهم ولذلك حاول أن يلحقه بالفاهم لأنه يشك ، إذاً يمكن أن تدل على التشبيه ويكون الغرض حينئذٍ هو الشك .ولذلك هذه المسألة الخلافية يمكن أن يُخرج هنا بأن كأن تفيد التشبيه على أي الحالات ، وإذا كان خبرها مشتقاً يكون الغرض من التشبيه فيها هو الشك).

القارئ : (وقد يذكر فعل ينبئ عن التشبيه نحو قوله تعالى : {إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً} ).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (أداة التشبيه ليست حرفاً خاصاً أو أداة خاصة وإنما تأتي حرفاً وتأتي اسماً وتأتي فعلاً أيضاً ولذلك يمكن أن يلحق بالأدوات الخاصة بالتشبيه ما يشير إلى مسألة عقد الموازنة بين الشيئين كما ورد في قوله عز وجل : {إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً} يعني كأنهم لؤلؤاً منثوراً هؤلاء الغلمان كأنهم لؤلؤاً منثور ، كلمة حسب هي التي يمكن أن تجعل هنا في موضع أداة التشبيه ؛ لأن بواسطتها عقدت الموازنة بين الغلمان واللؤلؤ المنثور).

القارئ: (وإذا حذفت أداة التشبيه ووجهه يسمى تشبيهاً بليغاً نحو قوله تعالى : { وجعلنا الليل لباساً} أي كاللباس في الستر).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هنا يلحظ أن المؤلفين ذكروا شيئاً من أقسام التشبيه على الرغم من أنهم خصصوا الأقسام في المبحث الثاني كما سيأتي بعد قليل ؛ لأن مسألة التشبيه البليغ هذه تتصل بنوع أو بأقسام التشبيه باعتبار الأداة ، أقسام التشبيه باعتبار إذا ذكرت الأداة يسمى تشبيهاً مرسلاً أو مركباً حسب طبعاً ذكر وجه الشبه ؛ لأنه إذا ذكر وجه الشبه يكون له اسم وإذا حذف يكون له اسم ، وإذا ذكرت الأداة يكون له اسم وإذا حذفت الأداة يكون له اسم ، فحذف الأداة يقولون هو التشبه البليغ والحقيقة أن هذه التسمية تسميته بالتشبيه البليغ قد يفهم منها أن ما سوى هذا التشبيه ليس ببليغ وهذا من التسميات غير الموفقة حقيقة ، لو سمي التشبيه الذي يخلو من الأداة بالتشبيه المؤكد باعتبار أنه لا فاصل بين المشبه والمشبه به وكأنه تأكيد لتطابق صورتي المشبه والمشبه به ، ولكنها مصطلحات ، ويقول العلماء لا مشاحة أو لا مشاجة في الاصطلاح .
ومثال الأداة المحذوفة ، ومثال المثال والشاهد هو الذي لا ترد فيه الأداة قول الله عز وجل : { وجعلنا الليل لباساً } يلحظ هنا تشبيه صورة الليل باللباس ، الليل مشبه واللباس مشبه به ، والجامع بين هذين هو الستر في كل منهما وكأن اللباس حينما يستر جسم الإنسان فالليل بإحاطته بالأجسام كأنه أصبح كاللباس أو مثل اللباس في الستر
).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#8

29 Oct 2018

الكشاف التحليلي

· مباحث التشبيه: أركانه، وأقسامه، وغرضه

· المبحث الأول:في أركان التشبيه
§ المراد بالركن:ما يتوقف عليه الشيء، أو ما كان جزءاً لحقيقة الشيء
§ الركنان الأول والثاني:المشبه والمشبه به
° سبب تقديم ركني المشبه والمشبه به أنهما الأصْل والعُمدة في التشبيهِ
° الطرفان إما حسيان أو عقليان أو مختلفان
° أولاً الحسيان:
- المراد بالحسي ما يدرك هو بنفسه أو مادته التي يحصل منها حقيقة؛ بإحدى الحوس الخمس الظاهرة
- مثال المدرك بنفسه بحاسة اللمس:الورق كالحرير في النعومة
- مثال المدرك بمادته التي يحصل منها:وكأن محمر الشقيق إذا تصوب أو تصعد، أعلام يا قوت نشرن على رماح من زبرجد
° ثانياً العقليان:
- المراد بالعقلي: مُقابِلُ الْحِسِّيِّ، أيْ ما لا يُدْرَكُ هوَ ولا مادَّتُه مُدْرَكًا بإحْدَى الحواسِّ الخمْسِ الظاهِرَةِ
- مثاله:الجهل كالموت.
- ويَدْخُلُ في العَقْلِيِّ أيضًا ما لا يُحَسُّ به ولا بِمَادَّتِه، ولكنَّهُ بحيثُ لوْ وُجِدَ في الخارِجِ وأُدْرِكَ لكانَ مُدْرَكًا بتلكَ الحواسِّ، كما في قولِ امرئِ الْقَيْسِ:أَيَقْتُلُنِي وَالْمَشْرِفِيُّ مُضَاجِعِي * ومـَسـْنُونَةٌ زُرْقٌ كأنيابِ أَغْوَالِ
° ثالثاُ المختلفان؛ بأن يكون أحدهما حسياً والآخر عقلياً.
- مثاله:خلقه كالعطر
§ الركنان الثالث والرابع:وجه الشبه والأداة
§ وجه الشبه:هو الوصف الخاص الذي قصد اشتراك الطرفين فيه
- مثاله:الهداية في تشبيه العلم بالنور
° وجه الشبه قسمان:المحقق، والمتخيل
- أولا المحقق، وهو الذي يَتَقَرَّرُ في كلٍّ من المُشَبَّه والمُشَبَّهِ بهِ على وجْهِ التحقُّقِ، ومثاله:تشبيه العلم بالنور
- ثانياً: المتخيل، وهو الذي لا يكون متقرراً فيهما أو في أحدهما حقيقة، مثاله:تشبيه الشَّعْر بالحظ.
§ أداة التشبيه:هي اللفظ الذي يدل على معنى المشابهة
° كالكاف في نحو: خالد كالأسد
- الكاف يليها المشبه به، لأنه المشبه مخبر عنه محكوم عليه
- مثال موالاة المشبه للكاف لفظاً:زيد كالأسد
- مثال موالاة المشبه للكاف تقديراً:{أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْق}
- تنبيه: قد يلي الكاف ونحوها غير المشبه به إذا كان المشبه به مركباً كقولِه تعالى: {وَاضْرِبْ لَهْمُ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ}
° و(كأن) في نحو:خالد كأنه أسد
- (كأن) يليها المشبه لأنها تدخل على الجملة؛ كقول الشاعر:كأن الثريا راحة تشبر الدجا
- مسألة:اختلفوا فيما تفيده (كأن):
- القول الأول:تفيد التشبيه إن كان خبرها جامداً نحو:كأن خالد أسد، وتفيد الشك إن كان مشتقاً نحو:كأنك فاهم، وهو قول الزجاج
- القول الثاني:أنها تستعمل للتشبيه والظن مطلقاً سواء كان الخبر جامداً أو مشتقاً، وهو قول السعد التفتازاني
- القول الثالث:أنها للتشبيه مطلقاً دون غيره، وجعلوا نحو:كأنك فاهم على تقدير حذف الموصوف
° وما في معناهما، نحو (مثل) (شبه):ما أشبهه بالأسد
° قد يذكر فعل ينبئ عن التشبيه من غير أداة
- مثال ما أفاد قرب المشابهة:عَلِمْتُ زيداً أسدا
- مثال ما أفاد البعد عن الإدراك:{حسبتهم لؤلؤاً منثوراً}
- كان الأولى للمؤلف أن يقول:(وقد يذكر ما ينبئ عن التشبيه)، دون:(يذكر فعل) وبيان سببب ذلك
° إذا حذفت أداة التشبيه سمي التشبيه بليغاً، مثاله:{وجعلنا الليل لباسا}
- سبب تسميته تشبيهاً بليغاً من البلاغة، أي البليغ صاحبه، أو من البلوغ أي الواصل درجة القبول
- كان هذا التشبيه بليغاً لأن حذْفَ الوجْهِ والأداةِ يُوقِعُ في ذهْنِ السامعِ تَحَقُّقَ دعوى اتِّحادِ الطرَفَيْنِ بلا شائبةِ فُتور، وبيان ذلك
- بناء على ما سبق:فالفرْقُ بينَ التشبيهِ البليغِ والاستعارةِ المَبنيَّةِ على تَناسي التشبيهِ ظاهرٌ.
- بيان مذهب العصام والعلامة عبدالحكيم في مسألة دعوى الاتحاد وكمال المبالغة
- تحقيق المقام في مسألة دعوى الاتحاد.