الدروس
course cover
3: التقييد بالشرط
10 Nov 2008
10 Nov 2008

7212

0

0

course cover
دروس البلاغة

القسم الثالث

3: التقييد بالشرط
10 Nov 2008
10 Nov 2008

10 Nov 2008

7212

0

0


0

0

0

0

0

3: التقييد بالشرط


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): ( (وأمَّا الشرْطُ)، فالتقييدُ بهِ يكونُ للأغراضِ التي تؤَدِّيها معاني أدواتِ الشرْطِ، كالزمانِ في متى وأيَّانَ، والمكانِ في أينَ وأنَّى وحيْثُما، والحالِ في كيْفَما. واستيفاءُ ذلكَ وتحقيقُ الفرْقِ بينَ الأدواتِ يُذْكَرُ في علْمِ النَّحْوِ. وإنَّما يُفَرَّقُ ههنا بينَ إنْ وإذا ولوْ لاختصاصِها بمزايا تُعَدُّ منْ وجوهِ البلاغةِ، فإنْ وإذا للشرْطِ في الاستقبالِ، ولوْ للشرْطِ في المضِيِّ. والأصْلُ في اللفظِ أنْ يَتْبَعَ المعنى، فيكونَ فِعْلًا مضارعًا معَ إنْ وإذا، وماضيًا معَ لوْ، نحوُ: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ}، وإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تَقْنَعُ، {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}.
والفرْقُ بينَ إنْ وإذا أنَّ الأصلَ عدَمُ الجزْمِ بوقوعِ الشرْطِ معَ إنْ، والجزْمُ بوقوعِه معَ إذا؛ ولهذا غَلَبَ استعمالُ الماضي معَ إذا، فكأنَّ الشرْطَ واقعٌ بالفعْلِ بخلافِ إنْ، فإذا قُلْتَ: إنْ أَبْرَؤُ منْ مرَضِي أتَصَدَّقْ بألْفِ دينارٍ، كُنْتَ شاكًّا في البُرْءِ. وإذا قُلْتَ: إذا بَرِئْتُ منْ مرَضِي تَصدَّقْتُ، كُنْتَ جازمًا بهِ أوْ كالجازمِ. وعلى ذلكَ فالأحوالُ النادرةُ تُذْكَرُ في حيِّزِ إنْ، والكثيرةُ في حَيِّزِ إذا. ومنْ ذلكَ قولُه تعالى: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصْبِهْمُ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ}، فلكَوْنِ مجيءِ الحسنةِ محَقَّقًا؛ إذ المرادُ بها مُطْلَقُ الحسنةِ الشاملِ لأنواعٍ كثيرةٍ كما يُفْهَمُ من التعريفِ بأل الجنسيَّةِ، ذُكِرَ معَ إذا، وعُبِّرَ عنهُ بالماضي. ولكَوْنِ مجيءِ السيِّئةِ نادرًا؛ إذ المرادُ بها نوعٌ مخصوصٌ كما يُفْهَمُ من التنكيرِ وهوَ الجدْبُ، ذُكِرَ معَ إنْ وعُبِّرَ عنهُ بالمضارعِ. ففي الآيةِ مِنْ وَصْفِهِم بإنكارِ النِّعَمِ وشِدَّةِ التحامُلِ على موسى عليهِ السَّلامُ ما لا يَخْفَى.
ولوْ للشرطِ في المضِيِّ؛ ولذا يَلِيها الفعْلُ الماضي، نحوَ: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لاَسْمَعَهُمْ}.
وممَّا تَقَدَّمَ يُعْلَمُ أنَّ المقصودَ بالذاتِ من الجملةِ الشرطيَّةِ هوَ الجوابُ، فإذا قُلْتَ: إن اجْتَهَدَ زيدٌ أكْرَمْتُهُ، كُنْتَ مُخْبِرًا بأنَّكَ ستُكْرِمُهُ، ولكنْ في حالِ حصولِ الاجتهادِ لا في عمومِ الأحوالِ.
ويَتفرَّعُ على هذا أنَّها تُعَدُّ خبريَّةً أوْ إِنشائيَّةً باعتبارِ جوابِها).(دروس البلاغة)

هيئة الإشراف

#2

5 Dec 2008

شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري


قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (وأمَّا الشرْطُ فالتقييدُ بهِ يكونُ للأغراضِ التي تُؤَدِّيها معاني أدواتِ الشرْطِ في مَقامٍ يَقْتَضي تلكَ الأغراضَ. كالزمانِ: أيْ كعمومِ الزمانِ في الاستقبالِ في متى وأَيَّانَ، وعمومِ المكانِ في أيْنَ وأَنَّى وحيثُما، وعمومِ الحالِ في كيْفَما، فيُعْتَبَرُ في كلِّ مَقامٍ ما يُناسبُه منْ معاني تلكَ الأدواتِ واستيفاءِ ذلكَ.
وتحقيقُ الفرْقِ بينَ الأدواتِ يُذْكَرُ في علْمِ النحوِ، وإنَّما يُفَرَّقُ ههنا بينَ إنْ وإذا ولوْ لاختصاصِها بمزايا ومعاني لطيفةٍ تُعَدُّ منْ وجوهِ البلاغةِ، ولم يَتَعَرَّضْ لها النَّحْوِيُّونَ:
فإنْ وإذا تَشْتَرِكَانِ في أنَّهُما للشرْطِ في الاستقبالِ، بمعنى أنَّهُما تُفِيدَانِ تَعليقَ المتكلِّمِ في الحالِ وقوعَ مضمونِ الجزاءِ بوقوعِ مضمونِ الشرْطِ في المستقبَلِ .
ولوْ للشرْطِ في الْمُضِيِّ، بمعنى أنَّها تَدُلُّ على أنَّ الجزاءَ كانَ فيما مَضَى بحيثُ يَقَعُ على تقديرِ وقوعِ الشرْطِ. ثمَّ لَمَّا كانَ معنى إنْ وإذا الشرطَ في الاستقبالِ، ومعنى لو الشرطَ في الْمُضِيِّ، والأصلُ في اللفظِ أنْ يَتْبَعَ المعنى، فيكونُ الشرطُ فعلًا مضارعًا معَ إنْ وإذا، وماضيًا معَ لوْ، ولا يُخالِفُ ذلكَ لفظًا إلَّا لنُكْتَةٍ؛ لأنَّ الدَّلالةَ على المعنى بما يُطابِقُه هوَ مُقْتَضَى الظاهرِ، ومخالفتُه بلا فائدةٍ لا يَجوزُ في بابِ البلاغةِ، نحوَ: { وَإِنْ يَسْغَيِثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ }، قيلَ: الْمُهْلُ ما أُذيبَ منْ جواهرِ الأرضِ، وقيلَ: هوَ دُرٌّ والزيتُ، فوَقَعَ فيهِ معَ إنْ فِعْلٌ مضارِعٌ، وكذا معَ إذا في قولِه: ( وإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تَقْنَعُ ). وفي قولِه تعالى: { وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} وَقَعَ الفعْلُ الماضي معَ لوْ .
والفرْقُ بينَ إنْ وإذا، معَ كوْنِهما تَشتركانِ في أنَّهُما للشرْطِ في الاستقبالِ، أنَّ الأصْلَ عَدَمُ الجزمِ بوقوعِ الشرْطِ معَ إنْ، والجزمُ بوقوعِه معَ إذا، وإنَّما قالَ: الأصلُ، لأنَّهُما قدْ تُسْتَعْمَلانِ على خلافِ ذلكَ، فتُستعمَلُ إنْ في مقامِ الجزمِ، وتُستعمَلُ إذا في مَقامِ الشكِّ؛ لاعتباراتٍ خَطَابيَّةٍ، لكنَّ هذا الاستعمالَ ليسَ على الأصلِ الذي تُستعملانِ فيهِ بالحقيقةِ اللُّغَوِيَّةِ؛ ولهذا: أيْ ولأَجْلِ أنَّ الأصلَ في إذا الجزْمُ بالوقوعِ، وفي إنْ عَدَمُ الجزْمِ بهِ، غَلَبَ استعمالُ الماضي معَ إذا لدلالةِ الْمُضِيِّ على تَحَقُّقِ الوقوعِ نَظَرًا إلى نفسِ اللفظِ، وإنْ نُقِلَ ههنا إلى معنى الاستقبالِ، فكأنَّ الشرْطَ واقعٌ بالفعلِ، وهوَ يُناسِبُ مُفادَ إذا الذي هوَ الجزْمُ بالوقوعِ، فناسَبَ استعمالُ الماضي معه لَفْظًا، وإنْ صارَ بدخولِها بمعنى المستقبَلِ بخلافِ إنْ فإنَّهُ غَلَبَ استعمالُ المستقبَلِ معها كما هوَ مُقْتَضَى تَبَعيَّةِ اللفظِ للمعنى لِعَدَمِ وجودِ ما يَقتَضِي العدولَ عنْ هذا الْمُقْتَضَى فيها، فإذا قلْتَ: إنْ أَبْرَأْ منْ مَرَضِي أَتَصَدَّقْ بألفِ دينارٍ، كُنْتَ شاكًّا في الْبُرْءِ، وإذا قُلْتَ: إذا بَرِئْتُ منْ مَرَضِي تَصَدَّقْتُ، كُنْتَ جازمًا بهِ أوْ كالجازمِ، أيْ كالظانِّ غَلَبَةَ الظنِّ، فإنَّ المرادَ بالجزمِ في قولِهم: إنَّ أصْلَ إذا الْجَزْمُ بوقوعِ الشرْطِ، ما يَشْمَلُ اليقينَ وغَلَبَةَ الظنِّ .
وعلى ذلكَ: أيْ على كونِ أصلِ إنْ عدَمَ الجزمِ بالوقوعِ، وأصلِ إذا الجزْمَ بالوقوعِ، فالأحوالُ النادرةُ تُذْكَرُ في حَيِّزِ إنْ، والكثيرةُ في حَيِّزِ إذا؛ لكونِ النادرِ غيرَ مقطوعٍ بهِ في الغالِبِ، بخلافِ الكثيرِ فإنَّهُ يُقْطَعُ بهِ في الأكثَرِ. ومنْ ذلكَ قولُه تعالى: { فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ }، فلكَوْنِ مجيءِ الحسنةِ مُحَقَّقًا وكثيرَ الوقوعِ؛ إذ المرادُ بها مطلَقُ الحسنةِ الشاملِ لأنواعٍ كثيرةٍ مثلِ الْخَصْبِ والرخاءِ ونموِّ المالِ وكثرةِ الأولادِ، وغيرِ ذلكَ منْ سائرِ أنواعِ الحسناتِ كما يُفْهَمُ من التعريفِ بأل الجنسيَّةِ، فإنَّهُ يَدُلُّ على أنَّ المرادَ حقيقةُ الحسنةِ، لكِنْ لا منْ حيثُ هيَ لعَدَمِ وجودِها في الخارجِ بلْ منْ حيثُ تَحَقُّقُها في ضِمْنِ أيِّ فرْدٍ لأيِّ نوعٍ ذُكِرَ معَ إذا الدالَّةِ على الجزْمِ، وعُبِّرَ عنه بالماضي المشْعِرِ بتحقُّقِ الوقوعِ ؛ لأنَّ جنْسَ الحسنةِ وقوعُه كالواجبِ لكثرتِه واتِّساعِه، ولكَوْنِ مجيءِ السيِّئَةِ نادرًا بالنسبةِ إلى الحسَنَةِ المطلَقَةِ، إذ المرادُ بها نوعٌ مخصوصٌ كما يُفْهَمُ من التنكيرِ الدالِّ على التقليلِ، وهوَ أيْ ذلكَ النوعُ المخصوصُ الجَدْبُ ذُكِرَ معَ إن الدالَّةِ على عدَمِ الجزْمِ بالوقوعِ، وعُبِّرَ عنه بالمضارِعِ المشعِرِ بعدَمِ التحقُّقِ، فإنَّ كُلًّا منهما يُناسبُه النادرُ. ففي الآيةِ مِنْ وَصْفِهِم بإنْكارِ النِّعَمِ وشدَّةِ التحامُلِ على موسى عليهِ السلامُ ما لا يَخْفَى؛ فإنَّها تَدُلُّ على أنَّ الحسنةَ كثيرةُ الدَّوْرِ فيما بينَهم، وقَطْعِيَّةُ الحصولِ بهم، وأنَّ السيِّئةَ معَ كونِها قليلةً غيرُ قَطْعِيَّةِ الوقوعِ بهم، وذلكَ منْ كمالِ فضْلِه تعالى ورحمتِه، ثمَّ هؤلاءِ الذينَ لا يشْكُرونَ اللَّهَ تعالى بلْ يَدَّعُونَ أنَّهُم أَحِقَّاءُ باختصاصِ هذه الحسناتِ، ويَنْسِبُونُ السيِّئَةَ إلى موسى عليهِ السلامُ ويَتَشَاءَمُونَ بهِ، فهُمْ أقْبَحُ الناسِ كُفْرًا، وأَسْوَؤُهُمْ إنْكارًا .
ولوْ موضوعةٌ للشرْطِ: أيْ للدَّلالةِ على استتباعِ الأوَّلِ منْ طَرَفَيْها للثانِي، وتعليقِ الثاني على الأوَّلِ في الْمُضِيِّ معَ الإشعارِ بانتفائِهما، وصدْقِ نقيضِهما في الواقعِ؛ ولذا: أيْ ولِأَجْلِ كونِهما للشرْطِ في الْمُضِيِّ يَلِيها الفِعْلُ الماضي، إذ الأصلُ في اللفظِ أنْ يَتْبَعَ المعنى كما ذَكَرَه قُبَيْلَ هذا، نحوَ: { وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ }، ففيهِ تعليقٌ لأسماعِهم على عِلْمِ الخيرِ فيهم في الماضي معَ انتفائِهما في الواقعِ .
ومِمَّا تَقَدَّمَ منْ كونِ الشرطِ قَيْدًا كالمفعولِ ونحوِه يُعْلَمُ أنَّ المقصودَ بالذاتِ والمعتبَرَ في أصْلِ الإفادةِ من الجملةِ الشرطيَّةِ هوَ الجوابُ والجزاءُ . والشرطُ ليسَ مقصودًا لذاتِه بلْ إنَّما ذُكِرَ على أنَّهُ قَيْدٌ للحكْمِ فيهِ، فإذا قُلْتَ: إن اجْتَهَدَ زيدٌ أَكْرَمْتُه، فالمقصودُ بالذاتِ والمعتَبَرُ لأصلِ الإفادةِ هوَ الإخبارُ بإكرامِ زيدٍ، وأمَّا الشرطُ فهوَ قيدٌ فيهِ ليسَ بمقصودٍ لذاتِه، فكأنَّكَ كنتَ مُخْبِرًا بأنَّكَ ستُكْرِمُه، ولكنْ في حالِ حصولِ الاجتهادِ لا في عمومِ الأحوالِ .
ويَتَفَرَّعُ على هذا الذي ذَكَرْنا منْ كونِ المقصودِ بالذاتِ الجوابَ، أنَّها تُعَدُّ خَبَرِيَّةً أوْ إنشائيَّةً باعتبارِ جوابِها، فإنْ كانَ الجوابُ خَبَرًا كانت الشرطيَّةُ خَبَرِيَّةً، وإنْ كانَ إنشاءً كانتْ إنشائيَّةً؛ إذْ لم يَخْرُج الجوابُ بسببِ ذلكَ القيْدِ عنْ كونِه جملةً خبريَّةً أوْ إنشائيَّةً).

هيئة الإشراف

#3

25 Mar 2010

شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)


القارئ: (وأما الشرط يكون التقييد فيه للأغراض التي تؤديها معاني أدوات الشرط، كالزمان في متى، وأيان، والكان في أين، وأنى، وحيثما، والحال في كي، والحال كيفما).

قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (والشرط كذلك التقييد يكون للأغراض التي تؤديها معاني أدوات الشرط وهذا داخل فيما أسلفت ذكره قبل قليل من النظر إلى الجملة دون ذكر القيد دلالة الجملة دون القيد ثم دلالاتها بعد ذلك دلالة ما أفاده القيد أليها).

القارئ: (واستيفاء ذلك وتحقيق الفرق بين الأدوات يذكر في علم النحو وإنما يفرق ها هنا بين إن وإذا ولو لاختصاصها بمزايا تع من وجوه البلاغة.
فإن، وإذا للشرط في الاستقبال، والشرط للشرط في المضي، والأصل في اللفظ أن يتبع المعنى فيكون فعلاً مضارعاً مع (إن، وإذا) وماضياً مع (لو) نحو: { إن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل} (وإذا ترد إلى قليل تقنع) {ولو شاء الله لهداكم أجمعين}).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (البحث في أدوات الشرط هو بحث في علم النحو للتحقيق بين دلالة كل أداة من أدوات الشرط هذا يبحثه علم النحو ولكن علم البلاغة يبحث في أدوات الشرط من جانب آخر وهي ما تختص به من دلالات معنوية ربما يستعمل أحد هذه الألفاظ مكان الآخر إذا استعمل لفظ مكان الآخر حينئذٍ يأتي التعليل البلاغي لماذا ورد هذا اللفظ؟ كان الأصل أن يستخدم في غير هذا المكان فوروده في هذا المكان كان لعلة استدعاها المقام أو اقتضاها الكلام ولهذا البلاغة تبحث من هذا الجانب فهي تنظر إليه من حيث الأصل ومن حيث اضطراد استعمال هذه الأداة أو تلك على الأصل، ثم تنظر إلى ما خالف ذلك كما ذكر المؤلفون من شواهد على ذلك).

القارئ: (والفرق بين إن وإذا أن الأصل عدم الجزم بوقوع الشرط مع إن، والجزم بوقوعه مع إذا ولهذا غلب استعمال الماضي مع (إذا) فكأن الشرط واقع بالفعل بخلاف (إن) فإذا قلت: (إن أبرأ من مرضي أتصدق بألف دينار) كنت شاكاً في البرء. وإذا قلت: إذا برئت من مرضي تصدقت كنت جازماً به أو كالجازم وعلى ذلك فالأحوال النادرة تذكر في حيز إن، والكثيرة في حيز إذا).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذا توضيح للتفريق بين استخدام (إن) الشرطية و (إذا) لأن الأصل أن تستخدم مع إن في ما لا يجزم المتكلم بوقوعه أو قليل الحدوث يستخدم إن.
أما إذا كان جازماً بوقوع الأمر أو بكثرة وقوعه يستخدم في هذه الحالة (إذا) كما مثل المؤلفون.
فحينما يقول الإنسان: (إن أبرأ من مرضي تصدقت بألف دينار) هنا هذه تدل على أن الصائغ هذا الكلام غير متفائل لماذا؟ لأنه استخدم (إن) وإن تستخدم في قليل الوقوع أو عدم المجزوم بوقوعه ربما لشدة مرضه، ربما لصعوبته أو غير ذلك.
أما إذا استخدم (إذا) فهذا يعني التفاؤل أو يعني التوقع بأن البرء حاصل إن شاء الله.
وعلى هذا فالقاعدة اللغوية وهي قاعدة مشتركة بين النحو والبلاغة إن (إن) تستخدم في حيز قليل الوقوع أو نادر الوقوع أو عدم المجزوم بوقوعه.
أما (إذا) فهي بعكسها كثير الوقوع أو بالمجزوم بوقوعه، أو بما يدل على تفاؤل الوقوع).

القارئ: (ومن ذلك قوله تعالى: {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا هذه لنا وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه} فلكون مجيء الحسنة محققاً إذ المراد بها مطلق الحسنة الشامل لأنواع كثيرة كما يفهم من التعريف بأل الجنسية ذكر مع إذا وعبر عنه بالماضي، ولكون مجيء السيئة نادراً إذ المراد بها نوع مخصوص كما يفهم من التنكير وهو الجدب ذكر مع إن وعبر عنه بالمضارع. ففي الآية من وصفهم لإنكار النعم وشدة التحامل على موسى عليه السلام ما لا يخفى).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذا نموذج لاستخدام الأدوات في معانيها الأصلية أو المعاني التي تدل عليها ابتداءً ففي قول الله عز وجل: {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه} فأداة الشرط {إذا جاءتهم} استخدام إذا مع مجيء الحسنة كان دالاً على كثرة حصول مجيء الحسنة لهؤلاء.
{وإن تصبهم سيئة} يلحظ هنا أن التعبير جاء بـ (إن) وبالإصابة وليس بالمجيء و (سيئة) النكرة هذا يدل على أن الموازنة بين الأسلوبين {إذا جاءتهم حسنة} يلحظ إذا التي تدل على كثرة الوقوع، أو الجزم بالوقوع و (جاء) تدل على الماضي والماضي إذا عُبر عنه فهو معلوم لأنه حصل وانتهى.
(الحسنة) معروفة (بأل) الجنسية التي تدل على جنس ما يدخل في الحسنة من الخصب والرخاء والنعمة والأولاد..إلخ.
يلحظ إذاً ثلاثة أمور: 1- إذا 2- وجاء الفعل الماضي 3- والحسنة المعرفة (بأل) الجنسية.
يقابل ذلك (إن) التي تدل على قلة الوقوع أن ندرته أو عدم الجزم به ثم (تصبهم) بالفعل المضارع وليس الماضي الذي يحتمل أنه وقع أو لم يقع؛ لأنه محتمل الدلالة على الزمن الحاضر أو المستقبل.
(سيئة) نكرة والنكرة غير محددة ومعنى ذلك تحتمل التقليل مما يمكن أن يقع، إذاً هذه الآية عبرت عما فعله بنو إسرائيل مع موسى عليه السلام من التحامل عليه عليه السلام ما لا يخفى من تصوير هذا الأسلوب الذي تركب من أدوات الشرط التي تبين كيف يمكن أن يستدل على دلالاتها من خلال ما جاءت فيه من تراكيب لغوية).

القارئ: (ولو للشرط في المضي ولذا يليها الفعل الماضي نحو: (ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم}).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (أذكر فقط بأمر في الآية السابقة وهو أن الآية اشتملت على ملحظ وهو أن تحامل بني إسرائيل في تصوير الله عز وجل حينما جاء في جانب الحسنة قالوا لنا هذه يعني حينما كان في جانب الحسنة قالوا (لنا هذه) وحينما جاء في جانب السيئة قالوا: (وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى} ينسبونها إلى موسى عليه السلام.
إذاً ما يقع من حسنات ينسبونها لأنفسهم وما يقع من السيئات ينسبونه لموسى – عليه السلام – وهذا شأن بني إسرائيل في القديم والحديث.
لو للشرط في المضي لذا دائماً يليها الفعل الماضي مثل قول الله – عز وجل-: {ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم} فلو تختص بالدخول على الفعل الماضي).

القارئ: (ومما تقدم يعلم أن المقصود بالذات من الجملة الشرطية هو الجواب).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذا ملحظ مهم وتنبيه يحتاج إلى التأمل، فالجملة الشرطية تتكون من مجموعة من الجمل التي تتكون منها هذه الجملة الشرطية، فعندنا فعل الشرط وعندنا جواب الشرط وكل فعل له فاعل، إذاً يمكن أن تصنف الجملة الشرطية بأن فيها مسند ومسند إليه من جهة فعل الشرط ومسند ومسند إليه من جهة فعل الجواب فهل يتعامل مع المسند والمسند إليه المكونين لجملة في الأول ثم المسند والمسند إليه المكونين لجملة في الثانية على أن كل واحد منها جملة مستقلة؟ لا.
جملة الشرط تعدها جملة واحدة، لماذا؟
لأن الجزء الأول منها وهو فعل الشرط لا يحقق تمام الفائدة في الكلام إذا حضر علي، وتوقف المتكلم ما الذي يحصل؟ إذاً الكلام ناقص غير تمام فهنا في هذه الحالة ليس فعل الشرط هو المراد المراد هو الجواب؛ لأنه هو الذي تتم به الفائدة).

القارئ: (فإذا قلت: (إن اجتهد زيد أكرمته) كنت مخبراً بأنك ستكرمه ولكن في حصول الاجتهاد لا في عموم الأحوال. ويتفرع على هذا أنها تعد خبرية أو إنشائية باعتبار جوابـها).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذا يؤكد ما ذكر قبل قليل من أن الجملة الشرطية الغرض منها هو جواب الشرط، ولذلك ينظر إلى تصنيف هذه الجملة الشرطية أهي خبرية أم إنشائية حينما يكون جوابها إنشاءً تكون إنشائية وحين يكون جوابها خبراً تكون خبرية).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#4

29 Oct 2018

الكشاف التحليلي

- ثالثا:الشرط
- التقييد بالشرط يكون لأغراض: بيان الزمان والمكان والحال..
- استيفاء أغراض الشرط ومعاني أدواته والفروق بينها من مباحث علم النحو لا البلاغة
- التفريق بين (إن) و(إذا) و (لو)
- أهل البلاغة يذكرون التفريق بين (إن) و(إذا) و(لو) مع أنها من مباحث النحو لما اختصت به من مزايا تعد من وجوه البلاغة
- التفريق بين (إن) و(إذا) أن الأصل عدم الجزم بوقوع الشرط مع (إن) والجزم به مع (إذا)
- (إنَّ وإذا) للشرْطِ في الاستقبالِ، (ولوْ )للشرْطِ في المضِيِّ.
- (لو) موضوعة للشرط؛ وتوضيح ذلك
- الأصْلُ في اللفظِ أنْ يَتْبَعَ المعنى، فيكونَ فِعْلًا مضارعًا معَ (إنْ ،وإذا)، وماضيًا معَ (لوْ)، ومثاله
- المقصود بالذات من الجملة الشرطية هو الجواب، وتعد خبرية أو إنشائية باعتبار جوابها