1 Nov 2008
ق24: (من) و (ما) تفيدان العموم بشروط
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): ( كَذَاكَ (مَنْ) وَ (مَا) تُفِيْدَانِ مَعَا = كـُلـَّ الــعـُمـُوْمِ يَا أُخيَّ فَاسْمـَعـَا).
الأسئلة
س1: إذا كانت (ما) حرفية أو مصدرية فهل تفيد العموم؟
س2: عدد بعض فوائد التصغير.
شرح الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): ( (34) (مَنْ) وَ (مَا) تفيدانِ العمومَ المستغرِقَ لكلِّ مَا دخلاَ عليهِ.
مثالُ (مَنْ) قولُهُ تَعالى: {وللهِ مَا في السَّماواتِ وَمَا في الأَرْضِ}.
{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلنُحْييَنّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلِنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَام رَبِّهِ جَنَّتَانِ}.
{ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسبْ وَمَنْ يَتَوكَّلْ عَلى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.
{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً}.
{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قيلاً}.
{وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً}.
{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ}.
{ومَنْ يطعِ اللهَ والرَّسولَ فأُولئِكَ معَ الَّذينَ أنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبيِّينَ والصِّدِّيقِينَ} الآية.
{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ ورَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحتِها الأَنْهَارُ}.
{وَمَنْ يَتوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيما}.
{وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ}.
{وَمَنْ يَرْغبُ عِنْ مِلَّةِ إبْرَاهيمَ إلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}إلى غَيْرِ ذلكَ مِنَ الآياتِ.
وكذلكَ الأحاديثُ، كقولِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إلى سَمَاءِ الدُّنْيا فَيقُولُ: مَنْ ذَا الَّذي يَدْعُوني فأَستَجيبَ لَهُ، مَنْ ذَا الَّذي يَسأَلُني فَأَعْطِيَهُ، مَنْ ذَا الَّذي يسْتغفرُني فَأَغْفِرَ لَهُ)) والأَحاديثُ الَّتي فيهَا مَنْ قالَ كذَا، أَو مَنْ فعلَ كذَا فلهُ كذَا: يعمُّ كلَّ منْ قالَ أَوْ فعلَ ذلكَ.
ومثالُ (مَا) قولُهُ تعالى: {للهِ مَا في السَّماواتِ وَمَا في الأَرْضِ}.
{وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلاَ تَضَعُ إلاَّ بِعِلْمِهِ}.
{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}.
{وَمَا آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانْتَهُوا}.
{ومَا أرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ}.
{وَمَا تَكُونُ في شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ}.
{وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ منْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ في السَّماواتِ ولا في الأَرْضِ}.
{وما لَهُمْ فيهمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهير}فتدبَّرْ هذهِ الآياتِ ومَا في معناهَا ينفتحْ لَكَ بابٌ عظيمٌ منْ أبوابِ فهمِْ النُّصُوصِ).
روضة الفوائد ، لفضيلة الشيخ : مصطفى مخدوم
قال الشيخ مصطفى بن كرامة الله مخدوم: ( (34) (مَن): سواءٌ كانت شرطيةً أم موصولةً.
والغالبُ أن تُسْتَعْمَلَ في العقلاءِ، ومِن غيرِ الغالبِ قولُه تعالى: {وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ}[النور: 45].
(ما) : سواءٌ كانت شرطيَّةً أم موصولةً.
والغالبُ أن تُسْتَعْمَلَ في غيرِ العقلاءِ، ومِن غيرِ الغالبِ قولُه تعالى:
{وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * ونَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا}[الشمس، 5-7] وقولُه تعالى: {وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}[الكافرون: 3].
(معًا): اسمٌ منصوبٌ على الحاليَّةِ أو الظَّرْفِيَّةِ، وهو اسمٌ مقطوعٌ عن الإضافةِ يفيدُ الاجتماعَ، كقولِ
مُتَمِّمِ بنِ نُوَيْرةَ:
فـلـمَّا تـفــَرَّقْنا كأنِّي ومـالـكًا لطولِ اجتماعٍ لم نَبِتْ ليلةً مَعَا
والمرادُ أن كلاًّ منهما يفيدُ العمومَ بمفردِه، وليس المرادُ أنهما يفيدان العمومَ عندَ اجتماعِهما، كما هو الظاهرُ. (يا أُخَيَّ): تصغيرُ (أَخِي) وفائدتُه التَّحبُّبُ وتقريبُ المنزلةِ، وهذا مِن تواضعِ النَّاظمِ وحسنِ أخلاقِه، حيث جعَل الطالبَ المخاطَبَ بمنزلةِ الأخِ الصَّغيرِ.
والتَّصغيرُ يأتي لفوائدَ أخرى كالتَّقليلِ في الكَمِّيَّةِ نحوَ: (له عندي دُرَيْهِماتٌ)، وتقريبِ الزمانِ، نحوَ (قُبَيْلَ الفجرِ)، وللتَّحقيرِ نحوَ: (رأيْتُ رُجَيْلاً فاسقًا).
والمعنى:أن (مَن) و(ما) من الصِّيغِ التي تُفيدُ العمومَ والاستغراقَ.
مثالُ (مَن) الشَّرطيَّةِ: قولُه تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَيَحْتَسِبُ}[الطلاق: 3، 2] .
ومثالُ الموصولةِ: قولُه تعالى: {أَلاَ إِنَّ للهِ مَنْ في السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ}[يونس، 66].
ومثالُ (ما) الشَّرطيَّةِ: قولُه تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ}[البقرة: 197]. وقولُه: {مَا نَنْسَخْ مِن آيةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}[البقرة: 106]. ومثالُ (ما) الموصولةِ: قولُه تعالى: {وَللهِ
مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا
بِمَا عَمِلُوا وَيِجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}[النجم، 31]. وقولُه: {اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ}[الرعد: 8]. وقولُه: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ}[النحل 96] ).
شرح الشيخ: سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ: (كذاك من وما تفيدان معا كل العموم يا أُخي فاسمعا)
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (هذا النوع الثالث من أنواع ألفاظ العموم، الأسماء المبهمة، ومنها (مَنْ) بفتح الميم وإسكان النون، ليست (مِنْ) حرف الجر.
- سواءً كانت شرطية:
- مثل قوله عز وجل: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خيْرًا يَرَهُ}.
- وقوله عز وجل: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}.
- وقوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}.
- أو كانت استفهامية:
- مثل قوله:{مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}.
-{مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا}.
- أو كانت موصولة بمعنى الذي:
- مثل قوله: {وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ}.
كل هذه في سياق هذه الأدوات أدوات شرط فتكون عامة، والدليل على عموم هذا اللفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الحُمر، فقال:
((لم ينزل عليّ فيها شيء إلا هذه الآية الجـامعة الفاذة)):{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} فأثبت العموم للفظ (مَنْ) هنا.
ومن ألفاظ العموم (ما) أيضاً، و(ما) تقع على نوعين:
النوع الأول:تقع اسمية، فتكون مفيدة للعموم.
- سواء كانت (ما) شرطية مثل قوله: {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ}.
- أو كانت اسم استفهام مثل: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى}.
- أو كانت اسماً موصولاً، مثل: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}.
فهي مفيدة للعموم في هذه الأنواع الثلاثة، ودليل إفادة (ما) للعموم، أنه لما نزل قوله سبحانه:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ}، اعترض بعض المشركين على هذا اللفظ، بأن عيسى وعزيراً والملائكة يُعبدون، ومع ذلك ليسوا من أهل النار، وقالوا: نرضى بأن نكون معهم، فنزلت الآية ببيان أنهم غير مرادين بالآية السابقة: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}.. الآيات، ولم يعترض عليه بأن هذا اللفظ لا يفيد العموم.
النوع الثاني: من (ما): (ما) الحرفية، وهذه لا تفيد العموم:
-سواء كانت نافية:
- مثل قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ} هنا (ما) نافيه، فلا تفيد العموم.
- أو كانت مصدرية:
- مثل قوله: {مَا دُمْتُ حَياًّ}.
- {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}.
- أو كانت زائدة:
-{إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ}.
-{إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ}.
(ما) زائدة، تكف (إنَّ) عن العمل، فهذه لا يستفاد منها العموم.
ومن هنا يعلم أن تمثيل الشارح لهذه القاعدة، بعدد من الآيات التي فيها ما النافية لا يصح، مثل قوله عز وجل:{وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى}، فهنا (ما) نافية، والآية عامة ولكن ليس العموم مستفاداً من (ما)، وإنما العموم مستفاد من النكرة في سياق النفي، (أنثى) نكرة في سياق النفي، ومثله قوله عز وجل:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ}، هنا (ما) نافية، واستفادة العموم من لفظ: رسول، نكرة في سياق النفي، مثله:{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ}، {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ}، {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ} فهذه هي النافية، وهي حرف، والحرف لا يستفاد منه العموم).
العناصر
شرح قول الناظم:
كذاك من وما تفيدان معا كل العمـوم يا أخي فاسمعا
من صيغ العموم: (مَن) و(ما)
أولاً: (من)
الأصل في (مَن) أن تستعمل في العقلاء
الدليل على إفادة (مَن) للعموم
(مَن) إذا كانت بمعنى الجزاء والشرط تفيد العموم باتفاق الأصوليين
أمثلة على إفادة (مَن) الشرطية للعموم
1- (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره)
2- (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) 3- (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما عتدى عليكم) أمثلة على إفادة (مَن) الاستفهامية للعموم مثالها: (وما تلك بيمينك يا موسى)
(مَن) الموصولية تفيد العموم عند جمهور الأصوليين
مثال إفادة (مَن) الموصولة للعموم
(وله من في السماوت والأرض ومن عنده لا يستكبرون)
(مَن) الاستفهامية تفيد العموم
1- (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)
2- (من ذا الذي يقرض الله قرضاً)
(مَن) التي بمعنى النكرة الموصوفة تفيد العموم
سبب إفادة (مَن) التي بمعنى النكرة الموصوفة للعموم
ثانياً: (ما)
الدليل على إفادة (ما) للعموم
الأصل في (ما) أن تستعمل في غير العقلاء
أنواع (ما)
(ما) الحرفية
(ما) الإسمية
النوع الأول: (ما) الحرفية
حالات عدم إفادة (ما) الحرفية للعموم
1- إذا كانت (ما) نافية
مثال1: (وما أرسلنا من رسول)
2- إذا كانت (ما) مصدرية
مثال1: (ما دمت حيا)
مثال2: (عزيز عليه ما عنتم)
3- إذا كانت (ما) زائدة
مثال1: (إنما الله إله واحد)
مثال2: (إنما أنا بشر)
الاستدراك على المؤلف في التمثيل على (ما) المفيدة للعموم بآيات إنما ورد فيها (ما) النافية
حالات إفادة (ما) الحرفية للعموم
الحالة الأولى: إذا كانت بمعنى النكرة الموصوفة
الحالة الثانية: إذا كانت شرطية
النوع الثاني: (ما) الاسمية
(ما) الاسمية كـ(مَن) في معانيها، وفي إفادتها للعموم
(ما) الاستفهامية تفيد العموم
(ما) الشرطية تفيد العموم
مثالها: (ما تفعلوا من خير يعلمه الله)
(ما) الموصولة تفيد العموم
مثالها: (لله ما في السماوات وما في الأرض)
إعراب قول الناظم: (معاً) وبيان مراده
فائدة قول الناظم: (يا أُخَيِّ)
فوائد التصغير
1- التقليل، نحو: (له عندي دريهمات)
2- التحقير، نحو: (رأيت رُجَيْلاً فاسقاً)
3- تقريب الزمان، نحو (قبيل الفجر)