1 Nov 2008
ق19: من استعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): (مــُعــَاجــِلُ الــْمـــَحـْظـُوْرِ قـَبـْلَ آنِهِ = قَدْ بـَاءَ بــِالـخـُسـْرَانِ مَعْ حِرْمَانـِهِ).
شرح الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): ( (29) هذَا معنَى قولِهمْ:
(منِ اسْتعجلَ شيئاً قبلَ أَوانِهِ عُوقِبَ بحرمانِهِ) وهذَا عامٌّ في أَحكامِ الدُّنْيا والآخرةِ، ويدخلُ فيهَا مسائلُ كثيرةٌ:
منهَا إذَا قتلَ مورِّثَهُ أوْ مَنْ أَوصَى لهُ بشيْءٍ، أَوْ قتلَ العبدُ المدبَّرُ سيِّدَهُ، فإِنَّهُ يُحرَمُ الميراثَ والوصيَّةَ والعتقَ.
ومنهَا المطلِّقُ في مرضِ موتِهِ، فإنَّ زوجتَهُ ترثُ منهُ، ولوْ خرجتْ منَ العِدَّةِ. وكذلكَ في أحكامِ الآخرةِ: فمنْ لبسَ الحريرَ في الدُّنْيَا لَمْ يلبسْهُ في الآخرةِ، ومنْ شربَ الخمرَ في الدُّنْيَا لمْ يشربْهُ في الآخرةِ. وَكَمَا
أَنَّ المتعجِّلَ للمحظورِ يعاقبُ بالحرمانِ، فمنْ تركَ شيئاً للهِ تهواهُ
نفسُهُ عوّضَهُ اللهُ خيراً منهُ في الدُّنْيَا والآخرةِ، فمنْ تركَ
معاصِيَ اللهِ، ونفسُهُ تشتهيهَا عوّضَهُ اللهُ إيماناً في قلبِهِ، وسعةً،
وانشراحاً، وبركةً في رزقهِ، وصحَّةً في بدنِهِ مَعَ مَا لَهُ منْ ثوابِ
اللهِ الَّذي لا يُقْدَرُ على وصفِهِ، واللهُ المستعانُ).
روضة الفوائد ، لفضيلة الشيخ : مصطفى مخدوم
قال الشيخ مصطفى بن كرامة الله مخدوم: ( (29) (آنِه): آنَ يَئِينُ أَيْنًا، مثلُ: حانَ يَحِينُ حينًا وزنًا ومعنًى، والأَوانُ -بفتحِ الهمزةِ، وكسرُها لُغةٌ- هو الحِيُن.
وأمَّا آنَ في الأمرِ يَئُون أوْنًا، فمعناه: رفَق به.
فالصوابُ لُغةً
أن يقالَ: (قبلَ أوانِه)، ولكنه لا يَسْتَقِيمُ وزنًا، أو يقالَ: (قبل أَيْنِه). (بَاءَ) أي: رجَع، ويقالُ: باء بالذَّنْبِ، أي: ثَقُل به. والمعني
أن مَن تعَجَّل حقًّا مِن حقوقِه، أو تعجَّل أمرًا قبل وقتِه، وتوسَّل
لذلك بوسيلةٍ محرَّمةٍ، فإنه يَأْثَمُ لمباشرتِه الوسيلةَ المحرَّمةَ،
ويُحْرَمُ من الحقِّ؛ تَعْزيرًا له. ويُعَبِّرُ الفقهاءُ عن هذا بقولِهم، (مَن تعجَّل شيئًا قبلَ أوانِه عُوقِب بِحرمانِه)، وتُسَمَّى بقاعدةِ: المعاملةُ بنقيضِ المقصودِ. والأصلُ في هذه القاعدةِ قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا يَرِثُ الْقَاتِلُ شَيْئًا)).
وقاس الفقهاءُ على هذا كلَّ مَن توسَّل بوسيلةٍ ممنوعةٍ؛ استعجالاً لأمرٍ مشروعٍ؛ معاملةً له بنقيضِ مقصودِه.
ولمَّا كان ابنُ حزمٍ مُنْكِرًا للقياسِ قصَر الحكمَ على القاتلِ عملاً بالنَّصِّ، ونفاه عن غيرِه بِناءً على بُطلانِ القياسِ عندَه.
ومن فروعِ القاعدةِ:
- أن أُمَّ الولدِ إذا قتَلَت سيدَها استعجالاً لحرِّيَّتِها، فإنها تُحْرَمُ منها تعزيرًا.
- والغالُّ مِن الغَنيمةِ يُحْرَمُ سهمَه منها تعزيرًا.
- وكذلك المُوصَى له إذا قتَل المُوصِيَ استعجالاً للوصيَّةِ، فإنه يُحْرَمُ منها؛ معاملةً له بنقيضِ مقصودِه.
-ومن تزَوَّج امرأةً في عدَّتِها - مِن غيرِه - تُحَرَّمُ عليه تأبِيدًا عندَ بعضِ الفقهاءِ.
وقد ذكَر جماعةٌ مِن العلماءِ فروعًا تحتَ القاعدةِ لا تدخلُ فيها؛ لأن الوسيلةَ فيها غيرُ ممنوعةٍ، لكنهم ذكَروها تحتَ القاعدةِ لمجردِ المعاملةِ بنقيضِ المقصودِ).
شرح الشيخ: سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ: (معاجل المحظور قبل آنه قد باء بالخسران مع حرمانه)
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: ( (معاجل المحظور قبل آنه) يراد به من استعجل بطريق محرم شيئاً سيحصل له في الزمان الثاني؛ فإنه يلحقه الإثم من جهة أحكام الآخرة، ويمنع ويحرم مما استعجله، لابد أن يلاحظ أن يكون ذلك بطريق محرم، لكن لو استعجل شيئاً مما له بطريق مباح، جاز له ذلك ولم يحرم منه.
مثال ذلك: من استعجل الحصول على الجنة بمشاركته في الجهاد وتعريض نفسه للقتال، فهذا يقال: لم يستعجله بطريق محرم. ودليل هذه القاعدة: عدد من الفروع الشرعية التي نصت عليها الشريعة. - ومن ذلك: أن القاتل يحرم من الميراث، وذلك لأنه استعجل شيئاً بطريق محرم، وورد في الحديث الصحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا يرث القاتل)). - ومن هنا: أجمع علماء الصحابة على أن من طلق زوجته في مرض الموت بقصد حرمانها، أنه لا يلتفت إلى ذلك بل ترث، ولو كانت المرأة قد طلقت. - وكذلك: في
الخمر إذا خللت الخمر من قبل إنسان وأصبحت خلاً؛ فإنه لا يجوز تناولها،
ولا يزول عنها حكم النجاسة، بخلاف ما إذا تخللت بنفسها، ومن هنا يقول أمير
المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: ((لا تأكل خمراً خللت إلا خمراً بدأ الله بفسادها))، وجاء في الحديث في (السنن) أن النبي صلى الله عليه وسلم، ((سئل عن الخمر تكون لأيتام هل تخلل؟ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإلقائها)). وعبارة المؤلف هنا أولى من عبارة غيره، فإن غيره من العلماء قالوا: (من استعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه). لكن
المؤلف قيد القاعدة بأن تكون بطريق محرم محظور، وهذا أولى من استعمال بقية
الفقهاء؛ وذلك لأنه إذا كان الفعل المستعجَل ليس محرماً؛ فإنه لا يُعاقب
بالحرمان. ومن
هنا: من أحرم قبل الميقات، أو صام قبل الوقت، صح صيامه وصح إحرامه، وإن كان
قد يقال بأن الفعل منفصل، ولكن هذا إن ظهر في الصيام لم يظهر في الإحرام).
العناصر
شرح قول الناظم:
مُعَاجِلُ المَحْظُورِ قَبْلَ آنِهِ قَدْ بَاءَ بالخُسْرَانِ مَعْ حِرْمَانِه
شرح مفردات البيت
معنى قوله: (معاجل)
معنى قوله: (المحظور)
معنى قوله: (آنه)
معنى قوله: (باء)
قاعدة: (منِ اسْتعجلَ شيئاً قبلَ أَوانِهِ عُوقِبَ بحرمانِهِ)
شرح القاعدة
تفيد القاعدة أن من استعجل شيئا بطريق محرم أثم وحكم بحرمانه منه
استدراك على تعبيرهم عن القاعدة بقولهم: (من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه)
كلمة (الشيء) تعم المباح والمحرم، وعبارة الناظم (المحظور) أدق
من أحرم قبل الميقات صح إحرامه
الدليل على قاعدة: (من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه)
دليل القاعدة: عدد من الفروع الشرعية التي نصت عليها الشريعة
أمثلة على قاعدة: (من استعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه)
مثال1: حرمان القاتل من الميراث
مثال2: من طلق زوجته في مرض موته ليحرمها الإرث أثم وورثت
لطيفة: قاعدة (استعجال الشيء قبل أوانه) قد تدخل في الأمور الدنيوية
فائدة: من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه
الأسئلة
س1: ما معنى: (معاجل المحظور قبل آنه)؟
س2: ما حكم من أحرم قبل الميقات؟
س3: ما حكم من طلق امرأته في مرض موته خوفاً من إرثها؟