1 Nov 2008
ق17: يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): (وَمِنْ مَسَائِلِ الأَحْكَامِ فِي التَّبَـــعْ = يـــثــبـتُ لاَ إِذَا اسـْتـَقـَلَّ فـَوَقــَعْ).
شرح الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): ( (27) يعني أَنَّهُ يثبتُ تبعاً مَا لا يثبتُ استقلالاً، فإنَّ منَ الأحكامِ أشياءَ يختلفُ حكمُهَا في حالِ الانفرادِ، وفي حالِ التَّبَعِ لغيرِهَا، فلها حكمٌ إذَا انفردتْ، ولهَا حكمٌ إذَا تَبِعَتْ غَيْرَهَا.
فمنْ ذلكَ في البيعِ: لا
يجوزُ بيعُ المجهولِ استقلالاً، ويجوزُ إذَا كانَ تبعاً لغيرِهِ والجهالةُ
يسيرةً، كأساساتِ الحيطانِ، ما اختفى تبعاً لماَ ظهرَ، والحشراتُ لا يجوزُ
أكلُهَا منفردةً، ويجوزُ أكلُ الدُّودِ ونحوهِ تبعاً للثَّمرةِ ونحوِهَا،
والنَّحلُ في ذبابِهِ. والطَّلاقُ لا يثبتُ بشهادةِ النِّساءِ، فإذَا شهدتِ المرأةُ أَنَّهَا أَرْضَعَتِ المرأَةَ وزوجَهَا انفسخَ النِّكاحُ تبعاً لقبولِ قولِهَا في الرَّضَاعِ).
روضة الفوائد ، لفضيلة الشيخ : مصطفى مخدوم
قال الشيخ مصطفى بن كرامة الله مخدوم: ( (27) الاستقلالُ: الانفرادُ.
ذكر النَّاظمُ في هذا البيتِ قاعدة: (يجوزُ تبعًا ما لا يجوزُ استقلالاً).
ومعناها: أن العملَ قد يكونُ ممنوعًا حالةَ انفرادِه، وجائزًا حالةَ وقوعِه تَبَعًا لغيرِه.
وهذا كما يقالُ: (الشيءُ مع غيرِه، غيرُه لا مع غيرِه). ومثالُ ذلك: المعتكِفُ
لا يجوزُ له الخروجُ لعيادةِ المريضِ، ولكن لو خرَج لقضاءِ الحاجةِ، ثم
عاد مريضًا في طريقِه دونَ تطويلٍ، فهو جائزٌ، كما قالت عائشةُ رضِي اللهُ عنها: ((إن كنتُ أدخلُ البيتَ للحاجةِ، والمريضُ فيه، فما أسْأَلُ عنه، إلا وأنا مارَّةٌ)). رواه مسلمٌ.
وكذلك لا يجوزُ لأحدٍ أن
يُصَلِّيَ عن أحدٍ، ولكن لو حجَّ عن غيرِه أو اعتمر، فله أن يصليَ ركعتَيِ
الطَّوافِ؛ نيابةً عن صاحبِه تبعًا للنِّيابةِ في النُّسُكِ).
شرح الشيخ: سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ: (ومن مسائل الأحكام في التَّبعْ يثبت لا إذا استقل فوقع)
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (يراد بالتبع: ما لا ينفصل عن غيره، وما لا يستقل في الوجود عن غيره.
فإذا كان التبع بهذه
الصفة، لا يستقل عن غيره، فإنه يثبت له حكم ما هو تابع له، ولا يفرد بحكم
مستقل، إلا إذا استقل التابع وحده، ولم يكن مندرجاً تحت المتبوع؛ فإنه
حينئذ يأخذ حكماً مستقلاً.
ومثال ذلك: لا يجوز بيع حمل الشاة وحده، فهنا أفرد التبع، وهو حمل الشاة، بحكم مستقل لكونه قد استقل ووقع مستقلاً عن المتبوع.
لكن لو باع الإنسان الشاة بحملها، جاز ذلك وصح؛ لأن التبع هنا ثبت حكمه تابعاً لما هو تابع له، والشاة يجوز بيعها، فجاز أن يدخل في بيع الشاة ما هو تابع لها في الوجود.
ودليل هذه القاعدة قول الله عز وجل: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ}، فجعلهم -التابعين للنساء ولمن يُخلَّف في الرحل- جعلهم بمثابة الصبيان والنساء، لكونهم لا يُحتجب منهم.
ومن أدلة هذه القاعدة، أن الخطاب الموجه للنبي صلى الله عليه وسلم يشمل أمته؛ لأن الأمة تابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، والتابع يأخذ حكم ما هو تابع له. والجزئيات المندرجة في هذه القاعدة، والمسائل الفقهية عديدة، ويصعب على الإنسان أن يحصرها. ولكن هناك عددٌ من القواعد يمكن حصر الفروع الفقهية المندرجة تحت هذه القاعدة، من خلال هذه القواعد:
من ذلك:
التابع لا يُفرد بحكم، بل يأخذ حكم ما هو تابع له، ومثالها مسألة الحمل، فإن الحمل إذا كان تابعاً لا يفرد بحكم، بل يأخذ حكم ما هو تابع له، لكن إذا استقل الحمل، فبيع وحده لم يجز ذلك.
ومن القواعد في ذلك: أن من ملك شيئاً ملك توابعه ولوازمه.
ومثال ذلك:من اشترى داراً، دخل في البيع المفاتيح والأبواب والجدران والأرضيات؛ لأن هذه توابع ولوازم للدار، ومن ملك شيئاً ملك لوازمه.
ومن ذلك أيضاً: أن التابع يسقط بسقوط المتبوع.
ومثال ذلك: ما لو أبرأ الدائن المدين، فإنه تبرأ ذمة الكفيل والضامن؛ لأن الكفيل والضامن تابعون، والتابع يسقط حكمه بسقوط حكم المتبوع.
ومن ذلك أيضاً: أنه يُغتفر في التوابع ما لا يُغتفر في غيرها، ولذلك سومح عن الجهالة في أساسات البنيان؛ لأنها توابع، والتوابع يُغتفر فيها ما لا يُغتفر في غيرها.
ومن القواعد أيضاً، أن التابع لا يتقدم على المتبوع، ومن هنا؛ فإن الإمام لا يُتقدم عليه، فالمأموم يحرم عليه أن يتقدم على الإمام، سواء في الزمان -يعني يفعل فعلاً قبل فعل الإمام- أو في المكان، بأن يكون المأموم أمام الإمام.
ومن القواعد في ذلك أنه إذا كان المتبوع فاسداً فسد التابع. ويعبر عنها بعض الفقهاء بقولهم: ما بني على الفاسد فهو فاسد، وما بني على الباطل فهو باطل.
ويمثلون على ذلك: بما لو وقع صلح بمال لسفك دم معصوم، فهنا المتبوع وهو سفك الدم فاسد ولا يجوز سفك الدماء؛ فالتابع وهو الصلح يكون فاسداً؛ لأن ما بني على الفاسد فهو فاسد، وفي حديث العسيف: أن الأجير زنا بامرأة، فصالح والده عن إقامة الحد عليه عن العقوبة، بمائة شاة ووليده، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الصلح وأقام الحد، هذا شيء مما يتعلق بأحكام التبع).
العناصر
شرح قول الناظم: ومن مسائل الأحكام في التبع يثبت لاإذا استقل فوقع
شرح مفردات البيت:
معنى قوله: (التَّبَعْ)
معنى قوله: (استقل)
أهمية قاعدة (يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً)
الدليل على قاعدة: (يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا)
اتفاق العلماء على قاعدة: (يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا)، وما كان بمعناها.
أمثلة على قاعدة (يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالا)
مثال1: الجنين في بطن أمه تابع لها في البيع والشراء
صيغ أخرى للقاعدة
1- (يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالا)
2- (التابع تابع)
3- (التابع لا يستقل)
4- (التابع إذا استقل أخذ غير حكم أصله)
مثال على استقلال التابع عن أصله.
بعض القواعد المندرجة تحت قاعدة: (يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالاً):
1- قاعدة (التابع لا يفرد بحكم)
2-قاعدة (من ملك شيئا ملك توابعه ولوازمه) 3- قاعدة (التابع يسقط بسقوط المتبوع)
4- قاعدة (يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها)
5- قاعدة (التابع لا يتقدم على المتبوع)
6- قاعدة (إذا كان المتبوع فاسداً فسد التابع)
7- قاعدة (ما بني على الفاسد فهو فاسد، وما بني على الباطل فهو باطل)
الأسئلة
س1: بين أهمية قاعدة: (يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً) ؟
س2: اذكر أمثلة على هذه القاعدة؟
س3: اذكر صيغاً أخرى لهذه القاعدة؟
س4: اذكر بعض القواعد المندرجة تحت هذه القاعدة ؟