1 Nov 2008
ق13: الوسائل لها أحكام المقاصد
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): (وَسـَائِلُ الأُمـُورِ كـَالــْمــَقَاصِدِ = وَاحـْكـُمْ بِهَذَا الحـُكْمِ لِلزَّوَائِدِ).
شرح الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): ( (24) يعني أَنَّ الوسائلَ تُعطَى أَحكامَ المقاصدِ، فإِذَا كانَ مأْموراً بشيءٍ كانَ مأْموراً بمَا لا يتمُّ إلاَّ بِهِ، فمَا لا يتمُّ الواجبُ إلاَّ بِهِ فهوَ واجبٌ، وما لا يتمُّ المسنونُ إلاَّ بِهِ فهوَ مسنونٌ، وإذَا كانَ منهيًّا عنْ شيْءٍ كانَ منهيًّا عنْ جميعِ طرقِهِ وذرائعِهِ ووسائلِهِ الموصِّلةِ إليهِ.
فالوسيلةُ إلى الواجبِ واجبةٌ،كالمشيِ
إلى الصَّلاةِ للفريضةِ والزَّكاةِ ونحوِهَا، والجهادِ، وأداءِ الحقوقِ
اللاَّزمةِ، كحقوقِ اللهِ تعالى وحقوقِ الوالديْنِ والأَقاربِ،
والزَّوجاتِ، والمماليكِ، فما لا تتمُّ هذه الأُمورُ إلاَّ بهِ فهوَ واجبٌ.
وأَمَّا المسنونُ كالنَّافلةِ: منَ الصَّلاةِ، والصَّدقةِ، والصِّيامِ، والحجِّ، والعمرةِ.
والمتعلِّقةِ بالخَلْقِ كحقوقِ الخلقِ المستحبَّةِ منْ: صلةِ الأرحامِ، وعيادةِ المريضِ والذَّهابِ إلى مجالسِ العلمِ، ونحوِهِ فمَا لا تتمُّ هذهِ إلاَّ بهِ فهوَ مسنونٌ كنقلِ الأَقدامِ إليْهَا ونحوِهِ.
وأَمَّا المحرَّمُ فمنهُ الشِّركُ الأكبرُ، وهوَ الشِّركُ في العبادةِ، فيحرمُ كلُّ قولٍ وفعلٍ، يُفضِي إليهِ، ويكونُ وسيلةً قريبةً إليهِ، ويكونُ شركاً أَصْغرَ، مثلَ الحلفِ بغيرِ اللهِ، وتعظيمِ القبورِ والتَّبرُّكِ بِهَا، الَّذي لمْ يبلغْ رتبةَ العبادةِ، لأَنَّهُ ذريعةٌ لعبادتِهَا.
وكذلكَ الوسائلُ إلى سائرِ المعاصِي، كالزِّنَا، وشربِ الخمرِ، ونحوِهَا، فالوسائلُ إليهَا محرَّمةٌ، والوسيلةُ إلى المكروهِ مكروهٌ.
وهذهِ القاعدةُ منْ أنفعِ القواعدِ وأعظمِهَا وأكثرِهَا فوائدَ، ولعلَّهَا يدخلُ فيهَا رُبعُ الدِّينِ).
روضة الفوائد ، لفضيلة الشيخ : مصطفى مخدوم
قال الشيخ مصطفى بن كرامة الله مخدوم: (24- (وسائلُ الأمورِ كالمقاصدِ واحْكُمْ بهذا الحكمِ للزَّوائدِ)(24) تنقسمُ الأفعالُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ:
1-مقاصدُ، وهي الأفعالُ المقصودةُ لذاتِها؛ لتضمُّنِها المصلحةَ أو المفسدةَ، كالصَّلاةِ والصِّيامِ والجهادِ.
2-وسائلُ، وهي الأفعالُ غيرُ المقصودةِ لذاتِها؛ لعدمِ تضمُّنِها المصلحةَ أو المفسدةَ، وإنما تُباشَرُ لِيُتَوَصَّلَ بها إلى المقاصدِ، كالسَّعيِ إلى المسجدِ، والخروجِ إلى الجهادِ.
3-زوائدُ ومتمِّماتٌ: وهي الأفعالُ الواقعةُ بعدَ حصولِ المقصودِ، كالرُّجوعِ مِن المسجدِ، والعودةِ مِن الجهادِ.
والجُمهورُ يجعلون القِسمةَ ثُنائيةً؛ لأن الزوائدَ نوعٌ مِن الوسائلِ، وهو الأقربُ. والمعنى
أن الوسائلَ لها أحكامُ المقاصدِ، فوسائلُ الحرامِ محرَّمةٌ، ووسائلُ
المكروهِ مكروهةٌ، ووسائلُ المباحِ مباحةٌ، ووسائلُ الواجبِ واجبةٌ،
ووسائلُ المندوبِ مندوبةٌ، سواءٌ توقَّفَت عليها أم لا. والأصلُ في هذه القاعدةِ:
المعنى والاستقراءُ.
أما المعنى: فإن الوسائلَ فرعٌ تابعٌ للمقاصدِ، والفرعُ يأخذُ حكمَ الأصلِ، والتابعُ يُعْطَى حكمَ المتبوعِ.
وأما الاستقراءُ: فواضحٌ مِن التَّأمُّلِ في الأحكامِ الشَّرعيَّةِ.
والصَّحيحُ أن هذه القاعدةَ أغلبيَّةٌ، فوسائلُ المطلوبِ ليست كلُّها مطلوبةً، بل إحداها بدونِ تعيينٍ لتحقُّقِ المطلوبِ بذلك.
وكذلك الزَّوائدُ لها أحكامُ المقاصدِ، والمرادُ مِن جهةِ الأجرِ والثوابِ، فالرُّجوعُ مِن الجهادِ مُثابٌ عليه، والرُّجوعُ مِن عِيادةِ المريضِ مثابٌ عليه.
والأصلُ في هذا قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((قَفْلَةٌ كَغَزْوَةٍ)). رواه أبو داودَ بسندٍ صحيحٍ.
وهكذا آثارُ العملِ الصَّالحِ التي ليست من فعلِه، كالتَّعبِ والظَّمأِ للمُجاهدِ، والخُلوفِ للصَّائمِ.
أما المعصيةُ فلا عقابَ على توابعِها كالرُّجوعِ من حانةِ الخمرِ، بل على آثارِها النَّاشئةِ عنها، كاختلاطِ الأنسابِ في الزِّنا، وغيابِ العقلِ في شربِ الخمرِ).
شرح الشيخ: سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ: (وسائل الأمـور كالمـقاصد واحكم بهذا الحكم للزوائد)
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (يراد بوسائل الأمور: الطرق المفضية إلى المقاصد.
والمقاصد:هي الغايات والأمور المرادة والمطلوبة.
والزوائد: هي الأمور المتممة للفعل.
والوسائل إن كان لها حكم مستقل في الشريعة بالوجوب أو بالتحريم؛ فإنها تأخذ حكمها الأصلي في الشريعة.
مثال ذلك: أن يتوسل الإنسان لوطء الأجنبية بعقد النكاح، فهذا فيه دليل من الشارع يدل على جوازه وحله.
أما إذا لم يرد دليل يخص تلك الوسيلة؛فإن الوسائل على ثلاثةِ أنواع:
1- وسائل مفضية إلى المقصود قطعاً، فهذه تأخذ حكم المقصود. - ويعبر عنها أهلُ الأصول بقولهم: (ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب)
مثل: غسل القدم لا يتم استيعابه إلا بغسل جزء من الساق، فيكون غسل ذلك الجزء واجباً.
- ويعبرون عنه أيضاً بقولهم: (ما لا يتم اجتناب الحرام إلا باجتنابه فهو حرام)، إذا لم يمكن اجتناب المحرم إلا باجتناب أمر آخر كان الآخر حراماً.
مثال ذلك: إذا اختلطت الأخت بأجنبية؛ فإن الأجنبية تحرم، لأنه لا يحل العقد على الأخت، ولا يتم اجتناب هذا الحرام إلا باجتناب الأجنبية التي اشتبهت بها.
النوع الثاني من الوسائل: وسائل تفضي إلى المقصود نادراً، فهذه لا تأخذ حكم المقصود، والنادر في الغالب لا تلتفت إليه الشريعة.
ومثال ذلك: لو قال قائل: نمنع زراعة العنب لئلا يتخذ منه الخمر، فقيل هذه وسيلة تُفضي إلى هذا المحرم نادراً؛ فحينئذ لا يلتفت إلى كونها وسيلة إليه، ولا يحكم على الوسيلة بالحكم المقصود هنا؛لندرة اتخاذ هذا الأمر وسيلة إلى هذا المقصود.
والنوع الثالث: من أنواع الوسائل: وسائل مفضية إلى المقصود غالباً؛ فهذه اختلف الفقهاء فيها.
ومثال هذه المسألة: بيع العنب على مصانع الخمور، ومثلها أيضا بيع السلاح في وقت الفتنة وقت الحرب بين المسلمين.
فذهب الظاهرية، وبعض الشافعية، وبعض الحنفية، إلى: أنه لا تُسد الذرائع حينئذ، ولا يحكم عليها بالتحريم، ولا مانع من بيع العنب في هذه الحال، استدلوا على ذلك: بأن الأصل في هذه الأفعال الجواز والحل، والله عز وجل يقول: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّه وَالرَّسُولِ} وقوله: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}.
والقول الثاني: في المسألة بأنه يحكم على هذه الوسائل بحكم مقاصدها، ويحكم على الوسائل المفضية إلى الفساد غالباً بالتحريم.
ودليل ذلك أن الله عز وجل قد سد الذرائع المفضية إلى الفساد غالباً في كثير من مواطن الشريعة، ومن ذلك قوله عز وجل: {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}، فمنع من سب آلهة المشركين؛ لأنه يفضي إلى سب الله، وسب الله محرم، فما أفضى إلى المحرم يكون محرماً.
واستدلوا ثانياً: بأن في سد الذرائع زيادة تمسك بالنصوص الشرعية، فنحن عندما نمنع من الشيء ونمنع من طرقه، نكون قد تمسكنا زيادة تمسك بالنصوص الشرعية، وهذا مذهب الجمهور، وهو أقوى وأولى.
العناصر
شرح قول الناظم:
وسائل الأمور كالمقاصد واحكم بهذا الحكم للزوائد
شرح مفردات البيت
معنى(الوسائل)
الوسائل: هي الطرق المفضية إلى المقاصد
معنى (المقاصد)
المقاصد: هي الغايات المطلوبة
تضمن البيت قاعدة مهمة:
قاعدة (الوسائل لها أحكام المقاصد)
شرح القاعدة
أهمية القاعدة
أدلة القاعدة
الوسائل إن كان لها حكم مستقل في الشريعة فإنها تأخذ حكمها المستقل
مثال ذلك: أن يتوصل لوطء أجنبية بعقد النكاح
أنواع الوسائل التي لم يرد دليل يخصها
النوع الأول: وسائل مفضية إلى المقصود قطعاً
حكمها: تأخذ حكم المقصود
الوسيلة إلى الواجب واجبة، كالمشي إلى الصلاة
الوسيلة إلى المسنون سنة، كالسفر لأداء العمرة
الوسيلة إلى المحرم محرمة، كما لو اختلطت أخته بأجنبية حرمتا
الوسيلة إلى المكروه مكروهة
الوسيلة إلى المباح مباحة
النوع الثاني: وسائل تفضي إلى المقصود نادراً
حكمها: لا تأخذ حكم المقصود
مثالها: إباحة زراعة العنب مع أنه قد يتخذ منه خمر
النوع الثالث: وسائل مفضية إلى المقصود غالباً
حكمها: تأخذ حكم المقصود على الراجح من أقوال أهل العلم
دليل القول الراجح: آية النهي عن سب آلهة المشركين
مثالها: بيع السلاح زمن الفتنة
الأسئلة
س1: ما معنى (الوسائل) وما معنى (المقاصد)؟
س2: اذكر أدلة قاعدة: (الوسائل لها أحكام المقاصد)؟
س3: ما أهمية هذه القاعدة؟
س4: ما حكم الوسائل التي تفضي إلى المقصود نادراً؟ مع التمثيل لها.
س5: ما حكم الوسائل التي تفضي إلى المقصود غالباً مع التمثيل لها؟