1 Nov 2008
نسخ الحكم ونسخ التلاوة
قال إمام الحرمين: أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني (ت ٤٧٨هـ) : (أَقْسَامُ النَّسْخِ:
- وَيَجُوزُ: نَسْخُ الرَّسْمِ وَبَقَاءُ الحُكْمِ.
- وَنَسْخُ الحُكْمِ وَبَقَاءُ الرَّسْمِ).
شرح الورقات للعلامة: جلال الدين محمد بن أحمد المحلي
قال جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (ت ٨٦٤هـ): ( (2) (وَيَجُوزُ نَسْخُ الرَّسْمِ وَبَقَاءُ الْحُكْمِ) نَحْوُ: الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ.
قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَاهَا)، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَدْ رَجَمَ صلى اله عليه وسلم الْمُحْصَنَيْنِ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَهُمَا الْمُرَادُ بِالشَّيْخِ وَالشَّيْخَةِ.
(3) (وَنَسْخُ الْحُكْمِ وَبَقَاءُ الرَّسْمِ) نَحْوُ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَِزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} [الْبَقَرَةِ:240]، نُسِخَ بِآيَةِ: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}، [الْبَقَرَةِ:234].
وَنَسْخُ الأَمْرَيْنِ مَعًا نَحْوُ حَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: ((كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ)) ).
شرح الورقات لابن الفركاح الشافعي
قال تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري ابن الفركاح الشافعي (ت: 690هـ): ( (2) (ويجُوزُ
نَسْخُ الرسْمِ وبقاءُ الحكْمِ، ونسْخُ الحكْمِ وبقاءُ الرسْمِ، والنسْخُ
إلى بَدَلٍ وإلى غيرِ بَدَلٍ، وإلى ما هوَ أَغلظُ وما هوَ أَخَفُّ).
الرسْمُ
رَسْمُ المُصْحَفِ؛ أي:
الكتابةُ فيهِ، يَعْنِي: (يَجوزُ نَسخُ الآيَةِ مِن المصحَفِ) بمعنى أنَّها
لا تُثْبَتُ فيهِ ولا تُتْلَى معَ ما يُتْلَى مِن القرآنِ، معَ أنَّ
حُكْمَها باقٍ؛ أيْ: مُسْتَمِرُّ التكليفِ.
- ودليلُ جَوازِ ذلكَ وُقوعُهُ؛ فإنَّ آيَةَ الرجْمِ وهيَ: {الشيخُ والشيخةُ إذا زَنَيَا فارْجُمُوهما البَتَّةَ جَزاءً بما كَسَبَا مِن اللَّذَّةِ}، كانتْ قُرآنًا يُقْرَأُ، ثمَّ نُسِخَتْ تِلاوتُها وكتابتُها معَ بَقاءِ حُكْمِ الرجْمِ.
وعنْ بعضِ المتكلِّمينَ:
مُنِعَ نَسْخُ التلاوةِ
معَ بقاءِ الحكْمِ تَعَلُّقًا بأنَّ التلاوةَ أَصْلُ الحكْمِ، فلا يَجوزُ
رَفْعُ الأصلِ معَ بَقاءِ الحكْمِ الذي هوَ الفرْعُ. وهذا خَيالٌ؛ فإنَّ
الحكْمَ ليسَ فَرْعًا للتلاوةِ في ثُبوتِهِ، بل التلاوةُ والحكْمُ ثابتانِ
بإثباتِ الشرْعِ، فهما حُكمانِ يَجوزُ نَسْخُ أحدِهما وبَقاءُ الآخَرِ.
وأمَّا نَسْخُ الحكْمِ وبَقاءُ الرسْمِ فمِثلُ: (آيَةِ العِدَّةِ للوفاةِ المُوجِبَةِ للاعتدادِ حَوْلاً)، وهيَ قولُهُ تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَِزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ}، نَسَخَتْ هذهِ الآيَةُ التي قَبلَها في التلاوةِ، وهيَ قولُهُ تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}،
فنُسِخَ الاعتدادُ بالحوْلِ إلى الاعتدادِ بأربعةِ أَشْهُرٍ وعَشْرٍ،
فآيَةُ الأشهُرِ مُتأخِّرَةٌ عنْ آيَةِ الحوْلِ في النُّزُولِ، وإنْ كانت
الآنَ مُتَقَدِّمَةً عليها في التلاوةِ؛ لأنَّ الأحكامَ تابعةٌ للنزول.
- وأمَّا ترتيبُ الآياتِ في التلاوةِ فهوَ تَوقيفٌ؛ فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ كانَ إذا نَزَلَتْ آيَةٌ قالَ: ((اجْعَلُوهَا فِي مَكَانِ كَذَا)).
-
وقدْ مَنَعَ قومٌ أيضًا: مِنْ نَسْخِ الحُكْمِ معَ بَقاءِ التلاوةِ
تَعَلُّقًا بأنَّ التلاوةَ دَلِيلٌ على بقاءِ الحُكْمِ، فلا يَجوزُ
إبقاؤُها معَ نَسْخِ الْحُكْمِ؛ فإنَّهُ تَجهيلٌ، وهذا ضعيفٌ؛ فإنَّ
المنسوخَ مِن الكتابِ يُعْلَمُ نَسْخُهُ، فلا يُعْذَرُ الجاهلُ بهِ في
جَهْلِهِ).
الأنجم الزاهرات للشيخ: محمد بن عثمان المارديني
قال شمس الدين محمد بن عثمان بن علي المارديني (ت: 871هـ): (أقولُ: لمَّا فَرَغَ منْ تعريفِ النَّسخِ لغةً واصْطلاحًا، شَرَعَ في بيانِ صورٍ تتعلَّقُ بالنَّسخِ:
أحدُهَا:
نسخُ الرَّسْمِ منَ المُصْحَفِ فلاَ تُتْلَى فيهِ معَ بقاءِ حكمِهَا مثلَ: قولِهِ تعالى: {الشَّيْخُ والشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فارْجُمُوهُمَا} فكانتْ قراءةً تُقْرئُ، فَنُسِخَتْ قراءةً وكتابةً، معَ بقاءِ حكمِهَا وهوَ الرَّجْمُ.
الثَّانيَةُ:
العكسُ: وهوَ نسخُ الحكمِ وبقاءُ الرَّسْمِ، مثلَ قولِهِ تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} إلى قولِهِ: {إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة:240] فهذِهِ ثابتةٌ في الخطِّ والتِّلاَوَةِ، معَ أنَّ حُكْمَهَا منسوخٌ بقولِهِ تعالى:{أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة:234]
فَظَهَرَ: أنَّ هذِهِ ناسخةٌ للأُولَى، وإنْ كانتْ مقدَّمةً في الرَّسْمِ،
لكنْ هيَ مؤخَّرةٌ في الزَّوَالِ؛ لأنَّ الأحكامَ ثابتةٌ للزَّوَالِ، لاَ
لِلرَّسْمِ).
قرة العين للشيخ: محمد بن محمد الرعيني الحطاب
قال أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعيني المالكي [المعروف: بالحطاب] (ت: 954هـ): ( (3) (وَيجُوزُ نَسْخُ الرَّسْمِ وبَقَاءُ الحُكْمِ)
أيْ: يَجُوزُ نسْخُ رَسمِ الآيَةِ في المُصْحَفِ وتِلاوَتُهَا علَى
أنَّهَا قَرْآنٌ معْ بقَاءِ حُكْمِهَا والتَّكْليفِ؛ نحوُ (آيَةِ
الرِجْمِ)، وهيَ: {الشيخُ والشيخةُ إذا زَنيَا فارْجُمُوهُمْا ألبَتَّةَ}.
قالَ عُمرُ رَضيَ اللَّهُ عنهُ: (إيَّاكُمُ أنْ تهلِكُوا عن آيَةِ الرَّجمِ وذَكَرَهَا، ثمَّ قَالَ: (فإنَّا قَرَأنَاها). روَاهُ مالكٌ في (المُوطَّأِ).
قالَ مَالكٌ: (الشَّيخُ والشَّيخَةُ: الثَّيِّبُ والثَّيِّبَةُ).
ورواهَا غيرُ مَالكٍ بلفظِ: (الشيخُ والشيخَةُ إذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا ألَبتَّةَ نَكَالاً منَ اللَّهِ واللَّهُ عزيزٌ حكيمٌ).
وأَصْلُ الحديثِ مُتَّفَقٌ
علَيهِ من غيرِ ذكرِ لفْظِهَا، والمُرَادُ بِالثَّيِّبِ: المُحْصَنُ،
وضِدُّهُ البكْرُ. واللَّهُ أعْلَمُ.
(4) (و) يَجُوزُ (نَسْخُ الحُكمِ وبقاءُ الرَّسِمِ) نحوُ قَولِهِ تعالَى: {والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَِزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَولِ}؛ نُسِخَتْ بالآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا؛ أَعْنِي: قَولَهُ تعالَى: {يَتَرَبَّصْنَ بأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}. وهوَ كَثيرٌ.
ويَجُوزُ (نَسْخُ الحُكْمِ والرَّسْمِ مَعًا) نحوُ حَديثِ مُسلمٍ: ((كانَ فيمَا أُنْزِلَ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ، فَنُسِخْنَ بِخمْسٍ مَعلُومَاتٍ))؛ أيْ: ثمَّ نُسِخَتْ تِلاوَةُ ذلكَ وبقِيَ حُكمُهُ؛ كآيَةِ الشَّيخِ والشَّيخَةِ. قَالهُ الشَّافِعيُّ وغيرُهُ.
وقالَ المالكيَّةُ
وغيرُهمْ: تُحرِّمُ المَصَّةُ الواحدةُ، ولا حجَّةَ في حديثِ عائشةَ رضيَ
اللَّهُ عنهَا؛ لأنَّ ظَاهِرَهُ مترُوكٌ؛ لأنَّ فيهِ: ((فتُوفِيَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهيَ فيمَا يُقْرَأُ منَ القرْآنِ))،
وذلكَ يَقْتضِي وقُوعَ النَّسخِ بعدَ مَوتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فلَمْ يَثْبُتْ كونُهُ قرآنًا، ولا يُحتَجُّ بأنَّهُ خبرُ
واحِدٍ؛ لأنَّ خبرَ الواحدِ إذا تَوجَّهَ إليهِ قادحٌ؛ تُوُقِّفَ عنِ
العملِ بهِ، وهذا لمَّا لمْ يَجِئْ إلا بالآحَادِ، معَ أنَّ العادةَ تقتضِي
مجيئَهُ متواتِرًا؛ كانَ ريبَةً فيهِ وقَادِحًا، ولأنَّهُ لا يُحْتَجُّ
بالقراءَةِ الشَّاذَّةِ علَى الصَّحيحِ؛ لأنها ليست بقرآنٍ وناقِلُها لم
ينقُلْها علَى أنَّها حديثٌ، بل علَى أَنَّها قرآنٌ وذلكَ خطَأٌ، والخبَرُ
إذا وقَعَ فيهِ الخطَأُ؛ لمْ يُحتَجَّ بهِ. واللَّهُ أَعْلَمُ).
شرح الورقات للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان
قال الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان: (والنَّسْخُ إلَى بَدَلٍ باعتبارِ المنسوخِ ثلاثةُ أقسامٍ:
- نَسْخُ الحكمِ وَبَقَاءُ الرَّسْمِ.
- نَسْخُ الرَّسْمِ وبقاءُ الحُكْمِ.
- نَسْخُ الحُكْمِ والرَّسْمِ.
والمُرَادُ بالرَّسْمِ لفظُ القرآنِ.
أمَّا الأَوَّلُ: وهوَ نَسْخُ الحُكْمِ وبقاءُ الرسمِ:
فهذا أَكْثَرُ أنواعِ النَّسْخِ فِي القرآنِ، وَتَقَدَّمَ لهُ أمثلةٌ، لكنْ يُقَالُ:
ما الحِكْمَةُ منْ نسخِ الحُكْمِ وبقاءِ التلاوةِ؟
والجوابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أحدُهُمَا:
أنَّ القرآنَ كما يُتْلَى
لِيُعْرَفَ الحُكْمُ منهُ والعملُ بهِ، فَيُتْلَى لكونِهِ كلامَ اللَّهِ
تَعَالَى فَيُثَابُ عليهِ القارِئُ، فَتُرِكَت التلاوةُ لهذهِ الحِكْمَةِ.
وثانِيهِمَا:
أنَّ النسخَ غَالِبًا يكونُ للتخفيفِ، فَأُبْقِيَت التلاوةُ تَذْكِيرًا بالنِّعْمَةِ ورَفْعِ المَشَقَّةِ، واللَّهُ أَعْلَمُ.
وأمَّا الثاني : وهوَ نسخُ الرسمِ وبقاءُ الحُكْمِ:
فمثالُهُ:
(آيَةُ الرَّجْمِ)، ففي الصحيحَيْنِ عنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: ((كَانَ
فِيمَا أُنْزِلَ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا، وَوَعَيْنَاهَا،
وَعَقَلْنَاهَا، وَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ …)) الحديثَ.
فإنْ قِيلَ: ما الحِكْمَةُ فِي رَفْعِ التلاوةِ معَ بقاءِ الحُكْمِ؟
فالجوابُ ما نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي (البرهان) ِ(2/37)
عن ابنِ الجَوْزِيِّ أنَّهُ قالَ: (إِنَّمَا كَانَ كذلكَ لِيَظْهَرَ بهِ
مقدارُ طاعةِ هذهِ الأُمَّةِ فِي المسارعةِ إلَى بذلِ النفوسِ بطريقِ
الظنِّ منْ غيرِ استفصالٍ لطلبِ طريقٍ مقطوعٍ بهِ، فَيُسْرِعُونَ بأَيْسَرِ
شيءٍ، كما سَارَعَ الخليلُ إلَى ذَبْحِ وَلَدِهِ بِمَنَامٍ، والمَنَامُ
أَدْنَى طُرُقِ الوَحْيِ) ا. هـ.
وأمَّا الثالثُ: وهوَ نسخُ الحُكْمِ والرَّسْمِ:
فَمِثَالُهُ:
ما رَوَاهُ مُسْلِمٌ عنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ((كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ القُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ..)) الحديثَ.
فآيَةُ التحريمِ بِعَشْرِ
رَضَعَاتٍ منسوخٌ لَفْظُهَا وحُكْمُهَا، (وآيَةُ التحريمِ بخمسِ رَضَعَاتٍ)
مَنْسُوخٌ لَفْظُهَا دونَ حُكْمِهَا. واللَّهُ أَعْلَمُ.
هذا ما يَتَعَلَّقُ بأقسامِ النسخِ باعتبارِ المنسوخِ).
شرح الورقات للشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم (مفرَّغ)
القارئ: (ويجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم، ونسخ الحكم وبقاء الرسم، والنسخ إلى بدل، وإلى غير بدل، وإلى ما هو أغلظ، وما هو أخف منه).
قال الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم: (النسخ يتعلق به مسائل كثيرة: منها:
شروط النسخ:
اشترطوا للنسخ فيما يمكن نسخه شروط:
- منها: تعذر الجمع بين الدليلين، فإن أمكن الجمع؛ فلا نسخ؛ لإمكان العمل بكل منهما.
- وكذلك يشترط العلم بتأخر الناسخ، ويعرف ذلك إما:
- بالنص.
- أو بخبر الصحابي.
- أو بالتاريخ.
مثال: ما علم تأخره بالنص: قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة))، رواه مسلم وغيره.
ومثال: ما علم بخبر الصحابي: قول عائشة-رضي الله عنها-: ((كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات)).
ومثال: ما علم بالتاريخ: قوله -جل وعلا-: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ …}الآية، فقوله: {الآن} يدل على تأخر هذا الحكم.
- وكذلك يشترط ثبوت الناسخ: واشترط الجمهور أن يكون أقوى من المنسوخ، فلا ينسخ المتواتر عندهم بالآحاد وإن كان ثابتا.
والأرجح أنه لا يشترط أن يكون الناسخ أقوى لأن محل النسخ الحكم.
ولا يشترط في ثبوته التواتر.
قد يسأل البعض فيقول: ما هي الحكمة من النسخ؟
والجواب عن هذا:
أن النسخ فيه حكم كثيرة:
منها: مراعاة مصالح العباد بتشريع ما هو أنفع لهم في دينهم ودنياهم.
ومنها: مراعاة
التطور في التشريع حتى يبلغ الكمال، لأن بعض الأشياء لو شرعت ابتداءً يكون
فيه مشقة، فكونه يشرع بعض الأشياء، ثم تنسخ ويشرع ما هو أشق منها أو أكثر
عملاً، هذا أدعى إلى القبول.
- وكذلك اختبار المكلفين باستعدادهم لقبول التحول من حكم إلى آخر.
- وكذلك اختبار المكلفين بقيامهم بوظيفة الشكر إذا كان النسخ إلى أخف ووظيفة الصبر إذا كان النسخ إلى ما هو أثقل.
والنسخ ينقسم باعتبار النص المنسوخ إلى ثلاثة أقسام:
الأول:
ما نسخ حكمه وبقي لفظه: وهذا هو الكثير في القرآن، مثل: (آيتا المصابرة) وهما قوله -جل وعلا-: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ...}.
نسخ حكمها بقوله -جل وعلا-:
{الْآنَ
خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ
مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ
أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ
الصَّابِرِينَ }.
- وحكمة نسخ الحكم دون اللفظ:
- (بقاء ثواب التلاوة).
- وتذكير الأمة بحكمة النسخ.
قد يقول إنسان: ما دام هذا الحكم قد نسخ فلم يبقى لفظه؟
فالجواب أن بقاء اللفظ لبقاء ثواب التلاوة، لأن الإنسان إذا قرأ القرآن، له بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها، كما هو معلوم.
- وفيه فائدة تذكير الأمة بالحكم المنسوخ، وأن الله سبحانه تفضل عليهم ونسخ هذا الحكم.
القسم الثاني:
ما نسخ لفظه وبقي حكمه: كآية الرجم فقد ثبت في (الصحيحين) من حديث ابنعباس-رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: ((كان
فيما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها، ورجم رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - ورجمنا معه، أو قال بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان
أن يقول قائل: والله ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها
الله: فإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء
إذا قامت البنية أو كان الحبل يعني الحمل أو الاعتراف))،
وحكمة نسخ اللفظ دون الحكم: اختبار الأمة في العمل بما لا يجدون لفظه في القرآن، وتحقيق إيمانهم بما أنزل الله تعالى.
الثالث:
ما نسخ حكمه ولفظه: كنسخ عشر رضعات السابق في حديث عائشة، فإن هذا قد نسخ لفظه وحكمه).
العناصر
أقسام النسخ باعتبار النص المنسوخ
القسم الأول: ما نسخ حكمه وبقي لفظه
مثاله: آيتا المصابرة
حكمة نسخ الحكم دون اللفظ: بقاء ثواب التلاوة وتذكير الأمة بحكمة النسخ
القسم الثاني: ما نسخ لفظه وبقي حكمه
مثاله: نسخ آية الرجم مع بقاء حكمها
حكمة نسخ اللفظ دون الحكم: اختبار الأمة بالعمل بما لا يجدون لفظه في القرآن، وتحقيق إيمانهم بالله تعالى
القسم الثالث: ما نسخ حكمه ولفظه
مثاله: نسخ عشر رضعات كما في حديث عائشة رضي الله عنها
الأسئلة
س10: مثل لما يلي:
أ/ ما نسخ حكمه وبقي لفظه.
ب/ ما نسخ لفظه وبقي حكمه.
ج/ ما نسخ حكمه ولفظه.