1 Nov 2008
المجمل والمبين
قال إمام الحرمين: أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني (ت ٤٧٨هـ) : (وَالْمُجْمَل: مَا افْتَقَرَ إِلى البَيَانِ.
وَالبَيَانُ: إِخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ حَيِّزِ الإِشْكَالِ إِلى حَيِّزِ التَّجَلِّي).
شرح الورقات للعلامة: جلال الدين محمد بن أحمد المحلي
قال جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (ت ٨٦٤هـ): ( (1) (وَالْمُجْمَل: مَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْبَيَانِ)، نَحْوُ: {ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} [الْبَقَرَةِ:228]؛ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ (الإِطْهَارَ) وَ(الْحَيْض)َ؛ لاشْتِرَاكِ (الْقُرْءِ) بَيْنَ (الْحَيْضِ) و(َالطُّهْرِ).
(2) (وَالْبَيَانُ: إِخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ حَيِّزِ الإِشْكَالِ إِلَى حَيِّزِ التَّجَلِّي) أَي: (الاتِّضَاحِ)، وَالْمُبَيَّنُ: هُوَ (النَّصُّ) ).
شرح الورقات لابن الفركاح الشافعي
قال تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري ابن الفركاح الشافعي (ت: 690هـ): ( (1) (والمُجْمَلُ) ما يَفْتَقِرُ إلى البيانِ، والبيانُ: إخراجُ الشيءِ مِنْ حَيِّزِ الإِشْكَالِ إلى حَيِّزِ التَّجَلِّي.
المُجْمَلُ في الاصطلاحِ:
هوَ كُلُّ لفظٍ لا يُعْلَمُ المرادُ منهُ بِمُجَرَّدِهِ، بلْ يَتَوَقَّفُ
فَهْمُ مَقصودِهِ على أَمْرٍ خارجٍ عنهُ؛ إمَّا قَرينةُ حالٍ أوْ قَرينةُ
لَفْظٍ آخَرَ، وإمَّا دَليلٌ مُنْفَصِلٌ.
- فاللَّفْظُ المشترَكُ مُجْمَلٌ؛ لأنَّهُ يَفْتَقِرُ إلى ما يُبَيِّنُ المرادَ بهِ مِنْ مَعْنَيَيْهِ أوْ مَعَانِيهِ.
- وكذلكَ العامُّ الذي دَلَّ الدليلُ على أنَّهُ مَخصوصٌ مِنْ غيرِ بيانِ المرادِ بهِ.
والمُجْمَلُ في اللغةِ:
مُفْعَلٌ مِنْ أَجْمَلَ بمعنى جاءَ بجَمِيلٍ، وأَجمَلَ بمعنى حَصَّلَ
الشيءَ، يُقالُ: أَجْمَلْتُ الشيءَ، إذا حصَّلْتَهُ، وأَجْمَلْتُ
الحِسَابَ، جَمَعْتَهُ.
ولَمَّا كانَ التحصيلُ
والجمْعُ خِلافَ التفصيلِ والتفريقِ، أَشْبَهَ ذلكَ تفصيلَ المعنى وهوَ
يُفْهَمُ وجَمْعُهُ بحيثُ يَحتاجُ إلى بيانٍ.
(2) فقيلَ: لِمَا يَحتاجُ إلى البيانِ: مُجْمَلاً؛ لأنَّهُ جَمَعَ مَعْنَاهُ بحيثُ احتاجَ إلى تفصيلٍ.
وقيلَ: للمُبَيَّنِ: مُفَصَّلاً؛ لأنَّهُ عُلِمَ بنفسِهِ.
- وفي
رَسْمِهِ البيانَ بما ذَكَرَ نَظَرٌ إلى جِهةِ أنَّ البيانَ أمْرٌ
مَعْنَوِيٌّ، والمعاني لا تُوصَفُ بالتحَيُّزِ، والتجوُّزُ في الرسْمِ
مُجْتَنَبٌ، والمرادُ أنَّ البيانَ هوَ الذي يُزِيلُ الإِشْكَالَ).
الأنجم الزاهرات للشيخ: محمد بن عثمان المارديني
قال شمس الدين محمد بن عثمان بن علي المارديني (ت: 871هـ): ( (1) أقولُ: لمَّا فَرَغَ منْ بيانِ بابِ الخاصِّ شَرَعَ في البابِ السَّادِسِ وهوَ المجملُ
ثمَّ عرَّفَهُ تعريفًا حسنًا؛ لأنَّ المجملَ في اصطلاحِ الفقهاءِ: كلُّ لفظٍ لاَ يُعْلَمُ المرادُ منهُ عندَ إطلاقِهِ، بلْ يَتَوَقَّفُ على البيانِ كقولِهِ تعالى: {ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ}.
لأنَّ {القُرْءَ} لفظٌ مُجْملٌ يحتملُ: (الطُّهْرَ) وَ (الحَيْضَ).
- فبيَّنتهُ الشَّافعيَّةُ (بالطُّهْرِ).
- وبيَّنتهُ الحنفيَّةُ (بالحيْضِ).
- وكذَا قولُهُ تعالى: {أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة:67]
فهذَا اللَّفْظُ مجملٌ لجنسِ (البقرِ)، والمرادُ منَ الجنسِ (بقرةٌ)
معيَّنةٌ تفتقرُ إلى لفظٍ آخرَ يُخْرِجُهَا منْ حيِّزِ الإِشْكَالِ إلى
الجليِّ فبيَّنَهَا تعالى.
واختلفُوا في قولِهِ تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة:6].
- فذهبت
المالكيَّةُ إلى أنَّهُ ليسَ بمجملٍ؛ لأنَّ (الباء)َ للإلصاقِ، فوَجَبَ
المسحُ بالرَّأسِ، والرَّأسُ اسمٌ لجميعِهِ، فوجبَ مسحُ الجميعِ.
- وذهبَ الجمهورُ إلى إجمالِهِ؛ لاحتمالِ أنْ تكونَ (الباءُ) للتَّبْعِيضِ فبيَّنهُ عليهِ السَّلامُ بمسحِ بعضِ (رأسِهِ). واللهُ أعلمُ).
قرة العين للشيخ: محمد بن محمد الرعيني الحطاب
قال أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعيني المالكي [المعروف: بالحطاب] (ت: 954هـ): ( (1) والمُجْمَلُ في اللُّغَةِ: مِنْ أَجْمَلْتَ الشَّيءَ: إذَا جَمَعْتَهُ، وضِدُّهُ (المُفَصَّلُ).
وفي الاصطلاحِ هوَ: مَا افَتَقَرَ إلَى البيَانِ؛
أَي: هوَ اللَّفظُ الَّذِي يتوقَّفُ فَهْمُ المقصُودِ منهُ علَى أمرٍ
خارجٍ عنهُ: إمَّا قَرَينَةُ حَالٍ، أو لَفظٌ آخرُ، أو دليلٌ منْفَصِل.
- فاللَّفظُ المشترَكُ مُجْمَلٌ؛ لأنَّهُ مفتقِرٌ إلَى مَا يبَُيِّنُ المُرادَ منْ معنَيَيْهِ أو مَعَانِيهِ؛ نحوُ قولِهِ تعالَى: {ثَلاثةَ قُرُوءٍ}؛ فَإنَّهُ يحتمِلُ (الأطهَارَ) و(الحيضَاتِ)لاشتراكِ (القُرْءِ)بينَ (الطُّهْرِ) و(الحَيضِ).
(2) (والبيانُ) يُطْلَقُ علَى (التَّبيينِ) الَّذي هوَ فِعلُ المُبيِّنِ، وهوَ الدَّليلُ، وعلَى مُتَعَلَّقِ التَّبيينِ ومحلِّهِ، وهوَ المَدْلُولُ.
والمصنِّفُ عرَّفهُ بالنَّظَرِ إلَى المَعنَى الأوَّلِ بقولِهِ: (إخراجُ الشَّيءِ من حَيِّزِ الإشكَالِ إلَى حيِّزِ التَّجَلِي) أي: الظُّهُورُ والوُضوحُ.
وأَوردَ علَيهِ أمْرَانِ:
أَحدُهُمَا: أَنَّهُ لا يشمَلُ التَّبيينَ ابتداءً قبلَ تقريرِ الإشكالِ؛ لأنَّهُ ليسَ فيهِ إخراجٌ من حيِّزِ الإشْكَالِ.
الثَّانِي: أنَّ
التَّبيينَ أمرٌ معنَويٌّ، والمَعنَى لا يُوصفُ بالاستقرَارِ في
الحَيِّزِ، فَذِكْرُ الحَيزِيَّةِ فيهِ تَجوُّزٌ، وهوَ مُجْتَنَبٌ في
الرَّسْمِ.
وأُجيبَ بأنَّ المرَادَ بقَولِهِ: (إخرَاجُ الشَّيءِ من حيِّزِ الإشكَالِ) ذِكْرُهُ وجَعْلُهُ واضحًا، والمَرادُ بالحِيِّزِ: مظِنَّةُ الإشكالِ ومَحَلُّهُ. واللَّهُ أعلَمُ).
شرح الورقات للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان
قال الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان: (اعْلَمْ أنَّ اللفظَ منْ حيثُ الدلالةُ علَى المَعْنَى لهُ حَالَتَانِ:
الأولى:
(أنْ يَدُلَّ علَى معنًى واحدٍ) وهذا هوَ (النصُّ) كما سَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ.
الثانية:
(أنْ يَحْتَمِلَ مَعْنَيَيْنِ فَأَكْثَرَ).
- فإنْ كَانَا علَى حَدٍّ سَوَاءٍ فهذا (مُجْمَلٌ).
-
وإنْ كانَ أَحَدُهُمَا أَظْهَرَ من الآخرِ وَأَرْجَحَ فَحَمْلُهُ علَى
الراجحِ هُوَ (الظاهرُ)، وَحَمْلُهُ علَى المَرْجُوحِ هُوَ (المُؤَوَّلُ).
(1) وَالمُجْمَلُ لُغَةً: المجموعُ، ومنهُ أَجْمَلَ الحسابَ، إذا جَمَعَهُ.
ويُطْلَقُ علَى (المُبْهَمِ)، مِنْ أَجْمَلَ الأَمْرَ؛ أيْ: (أَبْهَمَهُ).
والمُبْهَمُ أَعَمُّ من المُجْمَلِ عُمُومًا مُطْلَقًا، فَكُلُّ مُجْمَلٍ مُبْهَمٌ، وليسَ كُلُّ مُبْهَمٍ مُجْمَلاً.
فإذا قُلْتَ لِشَخْصٍ:
تَصَدَّقْ بهذا الدِّرْهَمِ علَى رَجُلٍ؛ فهذا فيهِ إبهامٌ، وليسَ فيهِ
إجمالٌ؛ لأنَّ مَعْنَاهُ لا إِشْكَالَ فيهِ.
وَالمُجْمَلُ فِي الاصطلاحِ: ما افْتَقَرَ إلَى بيانٍ.
ومَعْنَاهُ: أنَّ المُجْمَلَ لَفْظٌ يَحْتَاجُ إلَى بيانٍ؛ إمَّا بقولٍ أوْ بفعلٍ؛ حيثُ إنَّ المُرَادَ منهُ لمْ يَتَّضِحْ.
وقِيلَ: ما احْتَمَلَ مَعْنَيَيْنِ أوْ أَكْثَرَ لا مَزِيَّةَ لأَِحَدِهِمَا أوْ أَحَدِهَا علَى الآخَرِ.
وأسبابُ الإجمالِ ثلاثةٌ:
الأول : عَدَمُ معرفةِ المُرَاد، ويَزُولُ الإجمالُ بِتَعْيِينِ المُرَادِ، ومثالُهُقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}.
فلَفْظُ {القُرْءِ}
مُتَرَدِّدٌ بينَ مَعْنَيَيْنِ: (الحَيْضِ) و(الطُّهْر)، بدُونِ تَرَجُّحٍ
لأَِحَدِهِمَا علَى الآخرِ؛ فلا يَزُولُ ذلكَ إلا بدَلِيلٍ يُعَيِّنُ
المُرَادَ؛ ولهذا اخْتَلَفَ العلماءُ فِي المُرَادِ بالقُرْءِ فِي هذهِ
الآيَةِ.
الثاني: عَدَمُ مَعْرِفَةِ الصِّفَةِ، وَيَزُولُ الإجمالُ ببيانِ الصفةِ.
ومثالُهُ قولُهُ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ}؛
فإنَّ صِفَةَ إقامةِ الصلاةِ مَجْهُولةٌ تَحْتَاجُ إلَى بيانٍ، فَحَصَلَ
بَيَانُهَا بالقولِ والفعلِ من الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الثالث: عَدَمُ مَعْرِفَةِ المقدارِ.
وَيَزُولُ الإجمالُ ببيانِ المقدارِ، ومثالُهُ قولُهُ تَعَالَى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ}؛ فإنَّ مِقْدَارَ الزَّكَاةِ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ، فَحَصَلَ بَيَانُهُ بقولِ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
واعْلَمْ أنَّ حُكْمَ المُجْمَلِ أنْ يُتَوَقَّفَ فيهِ حتَّى يَأْتِيَ دليلٌ يُبَيِّنُ المُرَادَ ويُزِيلُ الإجمالَ.
ولَمَّا عَرَّفَ المُجْمَلَ انْتَقَلَ إلَى تعريفِ البيانِ؛ لافتقارِ المُجْمَلِ إليهِ.
(2) والبيانُ:
اسمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّبْيِينِ، وهوَ الإيضاحُ والإظهارُ،
كالسَّلامِ بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ، والكلامُ بِمَعْنَى التَّكْلِيمِ.
وأكثرُ الأُصُولِيِّينَ لا يُطْلِقُونَ البيانَ اصْطِلاحًا إلا علَى إظهارِ ما فيهِ خَفَاءٌ؛ ولهذا عَرَّفَهُ المُصَنِّفُ بقولِهِ: إخراجُ الشيءِ منْ حَيِّزِ الإِشْكَالِ إلَى حَيِّزِ التَّجَلِّي.
وقد انْتَقَدَ الجُوَيْنِيُ صَاحِبُ (الوَرَقَاتِ) هذا التعريفَ فِي كتابِهِ (البُرْهَانِ) (1/124)؛
وذلكَ لِوُرُودِ عباراتٍ لا يَنْبَغِي إِيدَاعُهَا التعاريفَ،
مثلُ:(الحَيِّزِ)، وذلكَ أنَّ التَّبْيِينَ أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ، والمَعْنَى
لا يُوصَفُ بالاستقرارِ فِي الحَيِّزِ؛ لأنَّ الحيِّزَ هوَ الفراغُ
المُتَوَهَّمُ الذي يَشْغَلُهُ شيءٌ، وهوَ منْ ألفاظِ المُتَكَلِّمِينَ.
ومِمَّن انْتَقَدَ هذا التعريفَ الآمِدِيُّ أيضًا فِي (الإحكام)ِ (3/30)؛
لأنَّهُ غيرُ جَامِعٍ؛ فإنَّ المُبَيَّنَ ابْتِدَاءً الذي لمْ يُسْبَقْ
بِإِجْمَالٍ لا يَدْخُلُ فِي هذا التعريفِ، معَ أنَّهُ بَيَانٌ.
وقولُهُ: (إِخْرَاجُ الشَّيْءِ)
المُرَادُ بالإخراجِ إظهارُ مَعْنَى المُبَيَّنِ للمُخَاطَبِ
وَإِيضَاحُهُ، وهذا علَى أنَّ البيانَ يُطْلَقُ علَى فِعْلِ المُبَيَّنِ،
وهوَ التَّبْيِينُ كَمَا قَدَّمْنَا.
وذلكَ يَتِمُّ بِبَيَانِ الصفةِ أو المِقْدَارِ، أوْ تَعْيِينِ المُرَادِ كَمَا تَقَدَّمَ).
وقِيلَ: البيانُ هوَ العِلْمُ الحاصلُ من الدليلِ.
وقِيلَ: هوَ الدليلُ.
واخْتَارَهُ (الآمِدِي)ُّ
وصاحبُ (الوَرَقَاتِ) فِي كتابِهِ (البُرْهَانِ). لكنَّ تَعْرِيفَ
المُصَنِّفِ يَتَمَشَّى معَ المَعْنَى الأَوَّلِ.
وقولُهُ: (مِنْ حَيِّزِ الإِشْكَالِ) أيْ: منْ صفةِ وحالِ الإشكالِ.
والإشكالُ: هوَ خَفَاءُ المُرَادِ بحيثُ لا يُدْرَكُ المُرَادُ منهُ.
قولُهُ: (إِلَى حَيِّزِ التَّجَلِّي) أي: الوُضُوحِ.
شرح الورقات للشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم (مفرَّغ)
القارئ: (قال (إمام الحرمين أبو المعالي الجويني) رحمه الله تعالى: (والمجمل ما يفتقر إلى البيان، والبيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي).
قال الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم: (ذكر المؤلف هنا ما يتعلق بالمجمل.
- المجمل: باب معروف من أبواب أصول الفقه، والإجمال له تعريف في اللغة وتعريف في الاصطلاح.
- المجمل في اللغة: هو المبهم، من أُجمِلَ الأمر إذا أُبهِم.
- ويُطلق على المجموع، مِن أُجمل الحساب إذا جُمع وجُعِل جملة واحدة.
- كما يُطلق أيضاً على المُحصَّل، من أجمل الشيء إذا حصّله.
- أما تعريفه في الاصطلاح: فقد عُرِّف بتعريفات كثيرة، منها تعريف المؤلف المذكور.
- وقيل: في تعريفه إنه: اللفظ الذي لا يُفهم منه عند الإطلاق شيء.
- وعُرِّف بأنه ما لم تتضح دلالته، أي ماله دلالة غير واضحة.
- وعُرِّف أيضاً بأنه: ما لا يُنبئ عن المراد بنفسه ويحتاج إلى قرينة تفسره.
هذا ما يتعلق بتعريفه.
لكن هذا المجمل ما حكمه؟
هو غير واضح الدلالة على المراد، ما حكمه؟ ما هو الموقف تجاهه؟
- قال العلماء: إنه يتوقف فيه إلى أن يفسَّر، ولا يصح الاحتجاج بظاهره في شيء يقع فيه النزاع.
- فالمجمل
يُتوقف في تعيين المراد منه حتى يأتي البيان من الشارع، لأنه هو الذي
أجمله وأبهم مراده ولم يدل عليه، وإذا صدر من الشارع بيان للمجمل وكان
بياناً شافياً قاطعاً صار به المجمل من المفسَّر، ومن أمثلة ذلك:
1- كلمة (هلوع) في قوله جل وعلا: (إن الإنسان خلق هلوعاً)، ما معنى (هلوع)؟ فسره النص في قوله جل وعلا {إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً}.
2- كذلك كلمة (الصلاة) و(الزكاة)، فإن الله -جل وعلا- قال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}، لكن كيفيَّة إقامة الصلاة،كيفية إيتاء الزكاة، هل هي معلومة؟
- لما نزل هذا النص: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}، هذا مجمل، فسرها النبي -صلى الله عليه وسلم.
-
وكذلك فسر ما يتعلق بالزكاة، لأن كلمة الصلاة في اللغة: هي الدعاء، لكن
النبي -صلى الله عليه وسلم- بيَّن المراد بهذه الصلاة، وأنها الأقوال
والأفعال المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم.
- وكذلك بيَّن -عليه الصلاة والسلام- ما يتعلق بالزكاة بياناً شافياً.
المجمل ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول:
مجمل بين معانيه الحقيقية التي وضع اللفظ لكل منها، وذلك مثل لفظ (قرء) في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}،
(قروء) جمع، وهو بالضم، المفرد (قَرء) بالفتح، ويجوز الضم، لكن الفتح هو
المقدم كما في (القاموس) و(المصباح)، كلمة (قرء) هذه، ما معناها؟
- هي المترددة بين الطهر والحيض، لأن هذه الكلمة استعملت في هذا واستعملت في هذا، ولهذا اختلف العلماء في المراد بالأقراء.
- فذهب بعضهم إلى أن المراد بالأقراء: الأطهار.
- وذهب آخرون إلى أن المراد بالأقراء: الحيض.
- والصحيح
أن المراد بالأقراء الحيض، لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر المرأة
بأن تمتنع عن الصلاة أيام أقرائها، فدلَّ على أن المراد الحيض، لكن على كل
حال كلمة (قرء) هذه مجملة، لأنها تحتمل الطهر وتحتمل الحيض.
القسم الثاني:
مجمل
بين أفراد حقيقة واحدة معلومة، والمراد فرد مُعيَّن من أفرادها مع عدم
وجود قرينة على تعيين هذا الفرد المعين، وذلك مثل (بقرة) في قوله -جل
وعلا-: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}
كلمة بقرة موضوعة لحقيقة واحدة، ولها أفراد، والمراد واحد مُعين، والدليل
على التعيين سؤال بنيإسرائيل عن صفتها، هذا هو المشهور، وقد حُكي عن ابن
عباس في هذا خلاف، وأنه قال:(لو ذبحوا أي بقرة كانت لأجزأهم ذلك).
القسم الثالث:
مجمل بين مجازاته وذلك إذا
انتفت الحقيقة، أي ثبت عدم إرادتها، تكافأت المجازات، لم يترجح بعضها على
بعض، فإذا قلت: رأيت بحراً، ينصرف في الحقيقة إلى البحر المعروف.
- وإذا قلت: (رأيت أسداً)، ينصرف إلى الحيوان المعروف.
- لكن يأتي ما يفسر المراد، فاستعمال (أسد) في الرجل الشجاع.
- والبحر
في الرجل الكريم، هذا وارد، الحاصل أن المجازات هذه ترد، يأتي لفظ مجمل
يحتمله مجازات، إذا ترجح أحد المجازات على الآخر بمرجح كان اللفظ حينئذٍ
مُبيَّناً وحمل على المجاز الراجح، ولرجحانه أسباب:
1- منها: أن يكون أحد المجازين أقرب إلى الحقيقة من المجاز الآخر.
2- أو أن يكون أظهرعرفاً.
3- أو أن يكون أعظم مقصوداً من المجاز الآخر.
لكن ما هي أسباب هذا الإجمال؟
ذكر العلماء للإجمال أسباباً منها:
أولاً: الاشتراك
اللفظي، كما تقدم، أي وضع اللفظ لعدة حقائق، بأوضاع مختلفة، مع عدم وجود
قرينة تعين المراد منها، مثلما سبق في كلمة (قرء) قوله -جل وعلا- {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}، هذا متردد بين الطهر والحيض، ما هو سبب الإجمال في هذه الآية؟
سببه الاشتراك اللفظي، لأن العرب استعملت كلمة (قرء) في الطهر، واستعملته في الحيض، وعلى هذا شواهد معروفة.
كذلك: يقول الله سبحانه: {إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح}، الذي بيده عقدة النكاح.
هذا موضوع للزوج، وموضوع للولي، وبناءً على هذا فهو مشترك بينهما.
- يحتمل أن يكون المراد به الزوج لأنه الذي بيده دوام العقد والعصمة.
- ويحتمل أن يكون المراد به الولي لأنه الذي يعقد نكاح المرأة.
وكذلك: من الأمثلة على الاشتراك اللفظي كلمة (العين)، لو قال شخص: عندي عين ترى البعيد.
- وقال آخر: (عندي عينٌ كثير).
- وقال الآخر: (شربتُ من العين).
- كلمة (عين) هذه مترددة.
- تطلق على العين الباصرة.
- تطلق على عين الماء.
- وتطلق على الذهب، فهي مشتركة اشتراكاً لفظياً.
كذلك: كلمة (الشفق) فإنها تطلق على الحمرة والبياض، هذه كلها ترجع إلى الاشتراك اللفظي، هذا هو السبب الأول من أسباب الإجمال.
السبب الثاني: من
أسباب الإجمال: التردد في مرجع الضمير إذا تقدَّمه أمران أو أمور يصلح لكل
واحد منها، يمثلون على هذا بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يمنع جارٌ جاره أن يغرز خشبة في جداره))، أو خشبه في جداره.
-
فالضمير في (جداره) يحتمل عودهُ على الغرز، أي لا يمنعه جاره أن يفعل ذلك
في جدار نفسه، وعلى هذا فلا دلالة فيه على القول أنه إذا طلب جاره منه أن
يضع خشبة على جدار المطلوب منه وجب عليه التمكين.
- وقد
روي عن الإمام الشافعي -رحمه الله- في الجديد قولان: أشهرهما: اشتراط إذن
المالك فإن امتنع لم يجُبر، وهو قول الحنفية، وحملوا الأمر في الحديث على
الندب، والنهي على التنزيه، جمعاً بينه وبين الأحاديث الدالة على تحريم مال
المسلم إلا برضاه،
- ويحتمل أن يعود الضمير على الجار الآخر، فيكون فيه دلالة على ذلك، وهو المذهب عند الجنابلة.
قال ابن النجار -رحمه الله- (وهو الظاهر لقول أبي هريرة -رضي الله عنه- ((مالي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم)) ولو كان الضمير عائداً إلى الغارز لما قال ذلك).
- الحاصل أن من أسباب الإجمال التردد في مرجع الضمير.
السبب الثالث: التردد في مرجع الصفة، فلو قال إنسان: (خالدٌ طبيبٌ ماهر)، هذه الجملة: يحتمل عود (ماهر) إلى ذات (خالد).
- ويحتمل
أن يعود إلى وصفه المذكور، وهو كونه طبيباً، والمعنى يتفاوت، لأننا إنْ
أعدنا لفظ (ماهر) إلى طبيب، كان المعنى أنه ماهرٌ في طبه، وإن أعدناه إلى
(خالد) كان المعنى أنَّ مهارته في غير الطب، يعني: (خالد) (ماهر).
السبب الرابع: تردد اللفظ بين المجازات المتعددة المتساوية، عند تعذر حمله على حقيقته فإن اللفظ يصير مجملاً.
الخامس:
العام إذا خُصَّ بمجهول، نحو: (اقتلوا المشركين إلا بعضهم)، لأن العام إذا
خُصَّ بمجهول صار الباقي مُحتمِلاً فكان مجُملاً، أو خُصَّ بمستثنى وصفة
مجهولين.
- مثال المستثنى المجهول: قوله سبحانه وتعالى: {أحُِلتْ لكم بهيمة الأنعام إلاَّ ما يتُلى عليكم}؛فإنَّ ما يتلى قبل نزوله مجهول، وذلك بجعل ما أحل من البهيمة غير معلوم، فكان مجملاً يحتاج إلى بيان.
- ومثال ما خُصَّ بصفة مجهولة، لفظ {مُحصِنين}في قوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم مُحصِنين}؛ فإنَّ تقييد الحِل بالإحصان مع الجهل بما هو الإحصان يُوجب الإجمال فيما أحِل.
من الأسباب أيضاً:
- وهو السبب السادس- الوقف والابتداء، كما في قوله سبحانه: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا}؛ فالواو وفي قوله سبحانه {والراسخون}مترددة بين العطف والابتداء، ولا شك أن المعنى يختلف، فإذا قلت: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ}، يعني معناه: أنَّ الراسخين في العلم يعلمون تأويله، وهذا إذا وقفت.
- وإذا وَصَلت عطفت، إذا عطفت {الراسخين}على لفظ الجلالة، {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ}؛ فيكون الراسخون يعلمون تأويله، والله - جل وعلا - يعلم تأويله.
قال (القرطبي) في (التفسير): (اختلف العلماء في {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}،
هل هو ابتداء كلام مقطوع مما قبله، أو هو معطوف على ما قبله، فتكون الواو
للجمع، فالذي عليه الأكثر أنه مقطوع مما قبله، وأن الكلام تمَّ عند قوله
تعالى:{إلا الله}).
- كذلك من الأسباب: إرادة فرد معين من أفراد الحقيقة الواحدة مع عدم قرينة على التعيين،كما سبق في قوله -جل وعلا-: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}،
- لكن قد يسأل إنسان فيقول: المجمل هل هو واردٌ في القرآن أو السنة؟.
الجواب:
القرآن، والسنة قد ورد فيهما المجمل، والنصوص السابقة دليل على ذلك، وهذا
مذهب الجمهور من أهل العلم، أن الإجمال واقع في الكتاب والسنة.
إذا علمنا أنه واقع في الكتاب والسنة ما هي الفائدة؟ لِمَ لا تكون النصوص مبُيَّنة ولا حاجة إلى الإجمال؟
هذا سؤال وارد، ويجُاب عليه بأن ورود الإجمال في النصوص فيه فوائد ومصالح، منها:
- أنَّ
في الإجمال توطئة للنفس على قبول ما يتعقبه من البيان، فإنه لو بدأ في
تكليف الصلاة بها لجاز أن تنفر النفوس منها، ولا تنفر من إجمالها النفس
تتشوف وتتشوق إلى معرفة المجمل في هذا النص، بخلاف ما لو ورد مُبيَّناًَ من
أول مرة، فإنه لا يحصل هذا التشوف، وهذا واضح.
- كذلك من الفوائد: إذا ورد المجمل وورد بعده البيان ازداد شرف العبد بكثرة مخاطبة سيده له.
- كذلك من الفوائد امتحان العبد، حتى يظهر تثبَّته وفحصه عن البيان فيعظم أجره، أو إعراضه فيظهر تخلفه وعصيانه، لأن الإنسان إذا وقف على مجمل.
- فهو إمَّا أن يبحث ويسأل ويثاب على هذا.
- وإما أن يُعرض ولا يُلقي لهذا بالاً، فهذا لا شك أنه قد ارتكب أمراً لا ينبغي، ويختلف الحكم باختلاف هذا المجمل.
-ومن الفوائد أيضاً:
أنَ الله تعالى جعل من الأحكام جليًّا وجعل منها خفيّاً ليتفاضل الناس في
العمل بها ويثابوا على الاستنباط لها، فالناس ليسوا على حد سواء في الفطنة
والذكاء، فكلٌّ يجتهد، ويتفاضل العمل ويتفاضل الثواب بناءً على ذلك، هذا
شيء من الفوائد في ورود المجمل في الكتاب والسنة.
لكن هل
يمكن بقاء نص مجمل إلى وفاته -عليه الصلاة والسلام- أو أنه لا يمكن أن
يوجد نص مجمل إلا قد بُيِّن قبل موته -عليه الصلاة والسلام-؟
اختلفوا في هذا على أقوال:
الأول: أنه لا يجوز بقاء المجمل بدون بيان بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- وقد استدل أصحاب هذا القول بقوله -جلا وعلا- {اليَوْم أكْمَلْتُ لَكُم دينَكم وأَتْمَمْتُ علَيكُم نِعْمَتي}؛
فالآية تدل على إكمال الشرائع والدين والأحكام، وفي هذا دلالة على أن كل
شيء قد بُيِّن للناس وفُصِّل، ولو جاز اشتمال القرآن على ألفاظ مجملة بعد
وفاته -عليه الصلاة والسلام- لتطرق إليه وجوه من المطاعن، وكذلك يقول الله
سبحانه: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}
هذه الآية تفيد أنَّ من وظائفه -عليه الصلاة والسلام- بيان القرآن والسنة،
فالقول بجواز بقاء المجمل بدون بيان فيه إخلال بهذا وهو غير جائز.
القول الثاني:
يجوز بقاء المجمل بدون بيان بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- وجهة هذا
القول أنه لا يمتنع اشتمال القرآن على مجملات لا يعلم معناها إلا الله،
لأنه لا يترتب على جواز ذلك محال عقلاً.
القول الثالث:
وهو الذي اختاره صاحب (الورقات) في كتابه (البرهان):(إن كان المجمل يتعلق
به حكم تكليفي استحال استمرار الإجمال فيه، لأن ذلك يجر إلى تكليف المحال،
ولما فيه من تأخير للبيان عن وقت الحاجة، وهو ممتنع، وإن لم يتعلق به حكم
تكليفي، فلا يبعد استمرار الإجمال فيه). هذه أقوالهم في هذه المسالة.
القارئ: (والبيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي).
الشيخ: ثم
انتقل المؤلف رحمه الله من تفسير المجمل إلى المبين، البيان والتبيين
لفظان مشتقان من مادة (بيَّن) ومن أهم معانيها: ظهر وفارق، وقد اشتق منها
أيضاً البَوْن في معنى الفرق، فهذه المعاني تدل على التمييز وكشف الخفاء
وانجلاء الأمر، بحيث لا يبقى ملتبساً بغيره.
- والتبيين والبيان بمعنى، تقول: تبيَّن الكلام تبيُّناً وبان بمعنى واحد، وعلى هذا فالبيان في اللغة: الظهور والوضوح.
والبيان يتعلق به مسائل منها تعريفه في اللغة، وقد سبق أنه الوضوح والظهور.
لكن في الاصطلاح: عُرِّف بتعاريف:
1- عرَّفه الغزالي وغيره بأنه الدليل الذي حصل به الإيضاح.
2- وعُرِّف بأنه: العلم الحاصل من الدليل.
3- وعُرف بأنه: إخراج الشيء عن حيِّز الإشكال إلى حيز الوضوح والتجلِّي.
هذا هو البيان.
وله خمسة أنواع منها:
الأول:
بيان التقرير، وهو توكيد
الكلام المعلوم المعنى بما يقطع احتمال المجاز إن كان المؤكَّد حقيقة، أو
احتمال الخصوص إن كان المؤكَّد عامّاً، هذا مما يحصل من أنواع البيان وهو
بيان التقرير، مثاله: يقول الله سبحانه: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}، قوله: {وَلَا طَائِرٍ}هذا يحتمل الطائر المعروف، ويحتمل أنه البريد؛ لإسراعه، لكن لما جاءت كلمة {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ}، هذا توكيد للكلام بما يقطع احتمال المجاز، فإن المراد بالطائر في الآية معناه الحقيقي لا المجازي، وقرر هذا جل وعلا بقوله {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ}.
ومثال الثاني: الذي هو توكيد الكلام بما يقطع احتمال الخصوص: قوله جل وعلا: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون}، لفظ {الملائكة} جمع عام شامل. يحتمل الخصوص بأن يراد به البعض، فقُطع هذا الاحتمال بقوله جل وعلا: {كلهم أجمعون} فالتأكيد هنا مانع من التخصيص، مُقرِّر معنى العموم. هذا ما يتعلق بالنوع الأول من أنواع البيان، وهو بيان التقرير.
الثاني:
بيان التفسير، وهو توضيح الكلام بما يرفع الخفاء وذلك كبيان المجمَل والمشتَرك ونحوهما، فمثلاً:يقول الله سبحانه: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}؛
فكلمة (الصلاة) مجملة و(الزكاة) مجملة، ما كانت العرب تعرف الصلاة على
معناها الشرعي، بيَّن-عليه الصلاة والسلام- الصلاة بفعله وقوله، وكذلك في
الزكاة.
ومن الأمثلة على هذا: لو قال إنسان: في ذمتي لفلان كذا وكذا من النقود، فإذا عيَّن أحدها فهذا يسمي ببيان التفسير.
النوع الثالث:من أنواع البيان:
بيان التغيير أي التخصيص للنص العام الظاهر، وهو ما يغير الكلام عن المعنى الحقيقي الظاهر منه قبل ذكر البيان بإظهار المقصود منه.
- وهذا
النوع من البيان يكون بالمستقل أي بالكلام المبتدأ المفيد بنفسه الذي لا
تتوقف إفادته على تعلقه بصدر الكلام، كما يكون بغير المستقل وهو الذي لا
يكون مفيداً بنفسه وإنما تتوقف إفادته على تعلقه بصدر الكلام؛ فمثلاً: يقول
الله -جل وعلا-: {وأحَلَّ اللهُ البَيْعَ وحَرَّمَ الرِّبَا}، لفظ (البيع) عام يشمل جميع المبادلات المالية سواءٌ أكانت ربوية أو لا، قد خُصَّ منه الربا بكلام مستقل، وهو قوله: {وحَرَّمَ الرِّبَا}.
- وكذلك يقول -جلا وعلا-{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} ثم استثنى { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}؛ ففي هذا تخصيص لما سبق، هذا مما يُمثل به على التخصيص المستقل.
- يمثلون على غير المستقل بالاستثناء والشرط والصفة والغاية مثلما سبق في المخصصات.
فمثلاً يقول الله سبحانه: {
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ
النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ (70)}، هذا مثال على الاسثناء.
ومثال على الصفة قوله -جل وعلا-: {وَمَنْ
لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ
الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ
الْمُؤْمِنَاتِ}، فكلمة {فَتَيَات} عامة تشمل المؤمنات والكافرات، لكن بعدما وصفها بالمؤمنات صار الحكم -(وهو حل النكاح)- خاصاً بالفتيات المؤمنات دون الكافرات.
- ومثال الغاية: قوله -جل وعلا-:{قَاتِلُوا
الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا
يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ
الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ
عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}؛ فالغاية هنا {حَتَّىٰ يُعْطُوا}، ولولاها لكان المطلوب قتال من لا يؤمن بالله إلى آخره.
- ومثال بدل البعض من الكل قوله سبحانه: {ولله على الناس حج البيت من استطاع عليه سبيلاً}، فكلمة (الناس) عامة تشمل جميع الناس المستطيعين وغيرهم لكن البدل وهو {من استطاع} خَصَّ لفظ (الناس) وجعله قاصراً على المستطيع.
الرابع:
من أنواع البيان: بيان الضرورة، وهو نوع من التوضيح يقع بسبب الضرورة لما
لم يوضع للبيان وهو السكوت، إذ الموضوع للبيان هو الكلام وليس السكوت، وهذا
يتنوع إلى أربعة أنواع، ولهم فيه كلام طويل نتركه اختصاراً.
- كذلك الخامس: بيان التبديل، وهو النسخ، وهذا أيضاً بعضهم لا يعتبره من أوجه البيان.
- لأن النسخ: رفع لحكم شرعي بدليل متراخٍ عنه.
مما يتعلق بهذا أن البيان يقع بأشياء:
- أول ما يقع به البيان:
القول، والبيان بالقول هذا محل اتفاق بين أهل العلم، سواء كان هذا القول
من الله سبحانه أو من رسوله عليه الصلاة والسلام كقوله -جل وعلا-: {إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين}، هذا مُبِّين لقوله -جل وعلا: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}.
- وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام-: ((فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريّاً العُشر، وما سُقي بالنضح نصف العشر))، هذا مُبيِّن لقوله -جل وعلا-: {وآتوا حقه يوم حصاده}، الحاصل أن البيان بالقول هذا موضع اتفاق لا خلاف فيه.
الثاني: مما يقع به البيان : الفعل، أي فعله -عليه الصلاة والسلام- وذلك في تأديته للصلاة وفعله لها -عليه الصلاة والسلام- مبين لقوله -جل وعلا-: {وأقيموا الصلاة}
- وكذلك بالنسبة للحج، فإنه حج وبين للناس وقال:((خذو عني مناسككم)) وصلى -عليه الصلاة والسلام- وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) والفعل مما يحصل به البيان في قول الجمهور من علماء الأصول.
كذلك مما يحصل به البيان: الكتابة، فقد بين الله سبحانه لملائكته بما كتبه في اللوح المحفوظ، وبين صلى الله عليه وسلم بكتابته الكثير من الأحكام الشرعية:
1- فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كتب كتاباً لأبي بكر الصديق في الصدقات، وهو حديث صحيح قد فرقه البخاري في مواضع من صحيحه.
2- وكذلك كتب- عليه الصلاة والسلام-لعمرو بن حزم في الصدقات والديات وغير ذلك من الأحكام.
3- وكتب للضحاك بن سفيان، قال: كتب إلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أورث امرأة أشيب الضبابي من دية زوجها.
فالكتابة مما يقع به البيان.
الرابع مما يحصل به البيان: البيان بالإشارة، قد بين -عليه الصلاة والسلام- بالإشارة في مواضع.
- منها: قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((الشهر هكذا وهكذا ثم عقد إبهامه في الثالثة))،
يعني أنه تارة ثلاثون، وتارة تسع وعشرون يوماً، قال: هكذا، وهكذا، وهكذا،
وقال: هكذا، وهكذا، وهكذا، وعقد إبهامه في الثالثة، إشارة إلى أنه قد يكون
تسعة وعشرين، والبيان بالإشارة هو الرابع من أنواع البيان.
والخامس: البيان بالتنبيه على الحكم من غير نص مثل قوله -صلى الله عليه وسلم- في بيع الرطب بالتمر ((أينقص الرطب إذا جف؟))، قالوا نعم، فنهى عن ذلك.
- وكذلك قال -عليه الصلاة والسلام- (لفاطمة بنت أبي حبيش) في دم الاستحاضة: ((إنها دم عرقٍ وليست بالحيضة))، فهذا فيه بيان بالتنبيه على الحكم من غير أن ينص عليه.
السادس: ما خص العلماء بيانه عن اجتهاد: وهو ما فيه الوجوه الخمسة إذا كان الاجتهاد موصلاً إليه.
-
قال القاضي أبو يعلى في كتاب (العُدَّة): (وقد يقع بيان المجمل بالإجماع،
ثم قال: وكإجماعهم على أن للجدة مع الولد الذكر السدس) إذا لم يكن أب، وأن
للجدتين إذا اجتمعتا السدس، ففي بعض النصوص يجتهد العلماء في بيانها، ويكون
هذا الاجتهاد من أنواع البيان).
العناصر
المجمل والمبين
أهمية باب المجمل والمبين
أنواع دلالات النصوص
النوع الأول: الدلالة النصية: وهي ما يدل على معنى واحد
النوع الثاني: الدلالة المجملة: وهي ما يحتمل معنيين فأكثر بلا ترجيح
النوع الثالث: الدلالة الظاهرة: وهي ما يدل على معنيين فأكثر مع حمله على الراجح منها
المجمل
تعريف (المجمل)
تعريف (المجمل) لغة
تعريف (المجمل) اصطلاحاً
تعريفات المجمل
التعريف الأول: هو اللفظ الذي لا يفهم منه عند الإطلاق شيء
التعريف الثاني: هو ما لم تتضح دلالته
التعريف الثالث: هو ما لا ينبئ عن المراد بنفسه ويحتاج إلى قرينة تفسره
التعريف الرابع: هو ما افتقر إلى بيان
تعريف المجمل في اصطلاح الفقهاء: كل لفظ لا يعلم المراد منه عند إطلاقه
ضابط (المجمل)
الفرق بين (المجمل) و(المبهم)
حكم (المجمل): أنه غير واضح الدلالة على المراد
موقفنا من المجمل
متى يزول الإجمال
مثال المجمل
المثال الأول: قوله تعالى: (ثلاثة قروء) والقرء يطلق على الطهر وعلى الحيض
المثال الثاني: قوله تعالى: (إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح)
المثال الثالث: قوله تعالى: (وامسحوا برؤوسكم)
ذهب المالكية إلى أنه مبين والباء للإلصاق
ذهب الشافعية إلى أنه مجمل والباء للتبعيض بدلالة البيان النبوي
أمثلة على المجمل المبين أقسام المجمل أسباب الإجمال هل يمكن بقاء نص مجمل إلى وفاته صلى الله عليه وسلم؟ المبين البيان بالإشارة مثال البيان بالإشارة: قوله صلى الله عليه وسلم: (الشهر هكذا وهكذا وهكذا ثم عقد إبهامه في الثالثة)
المثال الأول: كلمة (هلوع) في قوله تعالى: (إن الإنسان خلق هلوعا) بينتها الآية التي تليها
المثال الثاني: الأمر بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة مجمل بينته السنة
القسم الأول: مجمل بين معانيه الحقيقية التي وضع اللفظ لكل منها
مثال هذا القسم: قوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)
كلمة (قرء) تطلق على الطهر وعلى الحيض
الصحيح أن المراد بالأقراء: الحِيَض لأمر النبي صلى الله عليه وسلم امرأة أن تدع الصلاة أيام أقرائها
القسم الثاني: مجمل بين أفراد حقيقة واحدة معلومة، والمراد فرد مُعيَّن من أفرادها مع عدم وجود قرينة على تعيين هذا الفرد المعين
مثال القسم الثاني: قوله تعالى: (أن تذبحوا بقرة)
ذكر هذا المثال بعض الأصوليين والصحيح أنه ليس من المجمل
القسم الثالث: مجمل بين مجازاته وذلك إذا انتفت الحقيقة فلم يترجح بعضها على بعض
إذا ترجح أحد المجازات على الآخر بمرجح كان اللفظ حينئذٍ مُبيَّناً وحمل على المجاز الراجح
أسباب ترجح بعض المجازات على بعض
السبب الأول: أن يكون أحد المجازين أقرب إلى الحقيقة من المجاز الآخر
السبب الثاني: أن يكون أظهر عرفا
السبب الثالث: أن يكون أعظم مقصوداً من المجاز الآخر
أحوال الإجمال
الحال الأولى: عدم معرفة المراد، ويزول الإجمال بتعيين المراد
الحال الثانية: عدم معرفة الصفة والكيفية، ويزول الإجمال ببيانها
الحال الثالثة: عدم معرفة المقدار ويزول الإجمال ببيان المقدار
السبب الأول: الاشتراك اللفظي
أمثلة السبب الأول
المثال الأول: كلمة (قرء) في قوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)
المثال الثاني: الذي بيده عقدة النكاح في قوله تعالى: (إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح)
المثال الثالث: كلمة (العين) تطلق على النقد والعين الناظرة والجاسوس
المثال الرابع: كلمة (الشفق) تطلق على الحمرة والبياض
السبب الثاني: التردد في مرجع الضمير إذا تقدمه أمران أو أكثر يصلح لكل واحد منها
مثال السبب الثاني من أسباب الإجمال: حديث: (لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبه في جداره)
السبب الثالث: التردد في مرجع الصفة
السبب الرابع: تردد اللفظ بين المجازات المتعددة المتساوية
السبب الخامس: العام إذا خص بمجهول
مثال العام إذا خص بمجهول: نحو: اقتلوا المشركين إلا بعضهم
مثال المستثنى المجهول: قوله سبحانه: (أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم)
مثال ما خص بصفة مجهولة: لفظ (محصنين) في قوله تعالى: (وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين)
السبب السادس: اختلاف الوقف والابتداء
مثال السبب السادس: الاختلاف في قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا)
السبب السابع: إرادة فرد معين من أفراد الحقيقة الواحدة مع عدم قرينة على التعيين
ورود المجمل في نصوص الكتاب والسنة
الحِكَم من وجود المجمل في النصوص
1- فيه توطئة للنفس لتقبل البيان
2- ورود المجمل بعد المبين فيه زيادة شرف للعبد بكثرة مخاطبة ربه له
3- امتحان العبد
4- ليتحقق تفاضل الناس في العمل
القول الأول: لا يجوز بقاء المجمل دون بيان بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لمنافاته لكمال الدين وتمام البيان
القول الثاني: يجوز بقاء المجمل دون بيان بعد وفاته صلى الله عليه وسلم واستدلوا بالإمكان العقلي
القول الثالث: إن كان المجمل يتعلق به حكم تكليفي لم يجز بقاؤه دون بيان وإلا جاز
تعريف (المبيَّن)
تعريف (البيان)
تعريف (البيان) لغة
(البيان) و(التبيين) لفظان مشتقان من مادة (بيَّن)
اشتقاق لفظة (البيان)
تعريف (البيان) اصطلاحاً
التعريف الأول: هو الدليل الذي حصل به الإيضاح، وهذا تعريف الغزالي
التعريف الثاني: العلم الحاصل من الدليل
التعريف الثالث: إخراج الشيء عن حيِّز الإشكال إلى حيز الوضوح والتجلِّي
شرح هذا التعريف
انتقاد هذا التعريف
انتقاد الجويني: لورود كلمة حيز والتبين أمر معنوي لا يوصف بالاستقرار في الحيز
جواب الحطاب عن انتقاد الجويني
انتقاد ابن الفركاح والآمدي: لأنه غير جامع لعدم شموله المبيَّن ابتداءً
تنبيه: أكثر الأصوليين لا يطلقون (البيان) اصطلاحاً إلا على إظهار ما فيه خفاء
ضابط البيان
أنواع البيان
النوع الأول: بيان التقرير، وهو توكيد الكلام بما يمنع احتمال المجاز والخصوص
مثال ما يمنع احتمال المجاز: قوله تعالى: (ولا طائر يطير بجناحيه)
مثال ما يمنع احتمال الخصوص: قوله تعالى: (فسجد الملائكة كلهم أجمعون)
النوع الثاني: بيان التفسير، وهو توضيح الكلام بما يرفع الخفاء
مثال بيان التفسير: بيان النبي صلى الله عليه وسلم لمعنى الصلاة بفعله وقوله
النوع الثالث: بيان التغيير وهو تخصيص النص العام الظاهر
يتعلق هذا النوع من البيان بالكلام المستقل الذي لا تتوقف إفادته على تعلقه بصدر الكلام
مثاله: قوله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) مع أن لفظ البيع يشمل جميع المبادلات المالية فخص منه الربا بكلام مستقل
يمثل على غير المستقل بالاستثناء والشرط والصفة والغاية
مثال الاستثناء: قوله تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر....إلا من تاب وآمن...)
مثال الصفة: كلمة (فتيات) في قوله تعالى: (فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات)
مثال الغاية: قوله تعالى: (قاتلوا الذين... حتى يعطوا الجزية عن يد)
مثال بدل البعض من الكل: قوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً)
النوع الرابع: بيان الضرورة وهو نوع من التوضيح يقع بسبب الضرورة
النوع الخامس: بيان التبديل وهو النسخ
بعضهم لا يعتبر النسخ من أوجه البيان لأنه رفع لحكم شرعي بدليل متراخٍ عنه
ذكر ما يقع به البيان
البيان بالقول، وهذا محل اتفاق بين أهل العلم
مثال البيان بالقول من القرآن: قوله تعالى: (إنها بقرة صفراء) بعد قوله: (اذبحوا بقرة)
مثال
البيان بالقول من السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء
والعيون أو كان عثريًّا العشر...) بياناً لقوله تعالى: (وآتوا حقه يوم
حصاده)
البيان بالفعل، وبه قال جمهور علماء الأصول
مثال البيان بالفعل: صلاته صلى الله عليه وسلم وحجه بيان لصفة الصلاة وصفة الحج
البيان بالكتابة
أمثلة وقوع البيان بالكتابة
كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في الصدقات
كتبه صلى الله عليه وسلم لعمرو ابن حزم في الصدقات والديات وبعض الأحكام
كتابه صلى الله عليه وسلم للضحاك بن سفيان في توريث امرأة أشيب الضبابي من دية زوجها
البيان بالتنبيه على الحكم من غير نص
مثال البيان بالتنبيه على الحكم: حديث: (أينقص الرطب إذا جف؟...)
مثال آخر: حديث: (إنه دم عرق وليس بالحيضة)
البيان بما خص العلماء بيانه عن اجتهاد
قال القاضي أبو يعلى: وقد يقع بيان المجمل بالإجماع
مثال البيان بما خص العلماء بيانه عن اجتهاد: الإجماع على أن للجدة مع الابن السدس وأن للجدتين إذا اجتمعتا السدس
الأسئلة
س1: تحدث باختصار عن أهمية باب المجمل والمبين.
س2: عرف (المجمل) لغة واصطلاحاً.
س3: ما ضابط المجمل؟
س4: ما الفرق بين (المجمل) و (المبهم)؟
س5: اذكر بعض الأمثلة على المجمل.
س6: اذكر بعض الأمثلة على المبين.
س7: اذكر أقسام المجمل ممثلاً لكل قسم.
س8: ما أسباب ترجح أحد المجازات على بعض؟
س9: عدد أسباب الإجمال مع التمثيل.
س10: بين بعض الحكم من وجود المجمل في النصوص.
س11: هل يمكن بقاء النص مجملاً إلى وفاته عليه الصلاة السلام؟
س12: أورد تعريفات (المبين) اصطلاحاً؛ وانقدها.
س13: ما أنواع البيان ممثلاً لكل نوع؟