الدروس
course cover
ألفاظ العموم
1 Nov 2008
1 Nov 2008

14238

0

0

course cover
شرح الورقات في أصول الفقه

القسم الثالث

ألفاظ العموم
1 Nov 2008
1 Nov 2008

1 Nov 2008

14238

0

0


0

0

0

0

0

ألفاظ العموم


قال إمام الحرمين: أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني (ت ٤٧٨هـ) : (وَأَلْفَاظُهُ أَرْبَعَةٌ:
- الاسْمُ الوَاحِدُ المُعَرَّفُ بِاللاَّمِ.
- وَاسْمُ الجَمْعِ المُعَرَّفُ بِاللاَّمِ.
- وَالأَسْمَاءُ المُبْهَمَة:
- (كَمَن) َفِيمَنْ يَعْقِلُ.
- وَ(مَا) فِيمَا لاَ يَعْقِلُ.
- وَ(أَيٍّ) في الْجَمِيعِ.
- وَ(أَيْنَ) في المَكَانِ.
- وَ(مَتَى) في الزَّمَانِ.
- وَ(مَا) في الاسْتِفْهَامِ وَالجَزَاءِ وَغَيْرِهِ.
- و(لاَ) في النَّكِرَاتِ.

وَالعُمُومُ مِنْ صِفَاتِ النُّطْق، وَلاَ يَجُوزُ دَعْوَى العُمُومِ في غَيْرِهِ مِن الفِعْلِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ).

هيئة الإشراف

#2

13 Dec 2008

شرح الورقات للعلامة: جلال الدين محمد بن أحمد المحلي


قال جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (ت ٨٦٤هـ): ( (وَأَلْفَاظُهُ الْمَوْضُوعَةُ لَه، أَرْبَعَةٌ)
(1) الاسْمُ الْوَاحِدُ الْمُعَرَّفُ بِالأَلِفِ وَاللاَّمِ، نَحْوُ: { إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍِ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُو} [سُورَة الْعَصْرِ: 3، 2].
(2)وَاسْمُ الْجَمْعِ الْمُعَرَّفُ بِاللاَّم، نَحْوُ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ }[التَّوْبَةِ:5].
(3) وَالأَسْمَاءُ الْمُبْهَمَةُ:
- (كَمَنْ) فِيمَنْ يَعْقِلُ كَـ: ((مَنْ دَخَلَ دَارِي فَهُوَ آمِنٌ))،
- و(َمَا) فِيمَا لاَ يَعْقِلُ، نَحْوُ: مَا جَاءَنِي مِنْكَ أَخَذْتُهُ.
- (وَأَيٍّ) اسْتِفهَامِيَّةً أَوْ شَرْطِيَّةً أَوْ مَوْصُولَةً (فِي الْجَمِيعِ) أَيْ: مَنْ يَعْقِلُ وَمَا لاَ يَعْقِلُ، نَحْوُ: أَيُّ عَبِيدِي جَاءَكَ أَحْسِنْ إِلَيْهِ، وَأَيَّ الأَشْيَاءِ أَرَدْتَ أَعْطَيْتُكَهُ.
- (وَأَيْنَ) فِي الْمَكَانِ، نَحْوُ: أَيْنَمَا تَكُنْ أَكُنْ مَعَكَ.
- (وَمَتَى) فِي الزَّمَانِ، نَحْوُ: مَتَى شِئْتَ جِئْتُكَ.
- (وَمَا) فِي الاسْتِفْهَامِ، نَحْوُ: مَا عِنْدَكَ؟
- (وَالْجَزَاءِ) ، نَحْوُ: مَا تَعْمَلْ تُجْزَ بِهِ. وَفِي نُسْخَةٍ: وَالْخَبَرِ، بَدَلَ: الْجَزَاءِ، نَحْوُ: عَلِمْتُ مَا عَمِلْتَ وَغَيْرِهِ؛ كَالْخَبَرِ عَلَى النُّسْخَةِ الأُولَى، وَالْجَزَاءِ عَلَى الثَّانِيَةِ.
(4) (وَ لاَ فِي النَّكِرَاتِ) نَحْوُ: لاَ رَجُلَ فِي الدَّارِ.
(5) (وَالْعُمُومُ مِنْ صِفَاتِ النُّطْقِ، وَلاَ يَجُوزُ دَعْوَى الْعُمُومِ فِي غَيْرِهِ مِن الْفِعْلِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ)
كَمَا فِي جَمْعِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ فِي السَّفَرِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَعُمُّ السَّفَرَ الطَّوِيلَ وَالقَصِيرَ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَقَعُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
وَكَمَا فِي قَضَائِهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَن الْحَسَنِ مُرْسَلاً؛ فَإِنَّهُ لاَ يَعُمُّ كُلَّ جَارٍ؛ لاحْتِمَالِ خُصُوصِيَّةٍ فِي ذَلِكَ الْجَارِ).

هيئة الإشراف

#3

13 Dec 2008

شرح الورقات لابن الفركاح الشافعي


قال تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري ابن الفركاح الشافعي (ت: 690هـ): ( (1) وأمَّا ما ذَكَرَهُ في ألفاظِ العمومِ:
- مِن الاسمِ المفرَدِ المعرَّفِ باللامِ، فإنَّ القائلينَ: بأنَّ العمومَ لهُ صِيغةٌ، اختَلَفوا في أنَّ المفرَدَ المعرَّفَ هلْ هوَ مِنْ صِيَغِ العُمومِ أمْ لا؟
والمشهورُ الذي عليهِ مَدَارُ كلامِ الفُقهاءِ: أنَّهُ للعمومِ.
ويَدُلُّ على ذلكَ قولُهم: (الدينارُ خَيرٌ مِن الدرْهَمِ)، و(الرجُلُ أَفضلُ مِن المرأةِ).
والمرادُ الجنْسُ لا بَعْضُ الأفرادِ؛ فقد استُعْمِلَ للعمومِ، والأصلُ في الإطلاقِ الحقيقةُ.
واحْتَجَّ المخالِفُ أنَّهُ لا يُوصَفُ بما يُوصَفُ بهِ الجمْعُ، فلا يُقالُ: رأيتُ الرَّجُلَ السُّودَ أو الفُقهاءَ، فلا يَصِحُّ الاستثناءُ منهُ، فلا يُقالُ: جاءَ نِي الرجُلُ إلاَّ زيدًا، ولوْ كانَ للاستغراقِ لصَحَّ ذلكَ.
وأُجيبَ عنهُ بالمنْعِ للحكمَيْنِ جميعًا؛ فإنَّ وَصْفَ المفرَدِ بصفةِ الجمْعِ قدْ صَحَّ عن العرَبِ؛ فإنَّهُم قالُوا: (أَهْلَكَ الناسَ الدِّرْهَمُ الْبِيضُ والدينارُ الصُّفْرُ).
وجاءَ الاستثناءُ في كلامِ اللهِ تعالى، قالَ عزَّ وجَلَّ: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.
- وكذلكَ: الجمْعُ المعرَّفُ مِثْلُ: الرجالُ والفقهاءُ، اختلَفَ القائلونَ بالعمومِ في أنَّهُ مِنْ صِيَغِ العُمومِ أمْ لا؟
والمشهورُ : أنَّهُ للعمومِ.
وكونُهُ للعمومِ أَظْهَرُ مِنْ كونِ المفرَدِالمعرَّفِ للعمومِ، والذي يَدُلُّ على أنَّ الجمْعَ المعرَّفَ للعُمومِ:
- أنَّ الصحابةَ رَضِيَ اللهُ عنهم فَهِمُوا مِنْ قولِهِ تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} العمومَ، وكذلكَ مِنْ قولِهِ تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}.
وكذلكَ مِنْ قولِهِ تعالى: {الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ}.
ولأنَّ الجمْعَ الْمُنَكَّرَ يَجوزُ استثناؤُهُ مِن الجمْعِالْمُعَرَّفِ، فلولا أنَّ الجمْعَ المعرَّفَ للاستغراقِ لَمَا صَحَّ استثناءُ الجمْعِ الْمُنَكَّرِ منهُ.
وبيانُ صِحَّةِ الاستثناءِ منهُ أنَّهُ يَصِحُّ أنْ يُقالَ: (جاءَ نِي الفُقهاءُ إلاَّ فُقَهاءَ مكَّةَ)، و(اقْتُلُوا المشركينَ إلاَّ مُشْرِكِي أهلِ الكتابِ).
والجمْعُ الْمُنَكَّرُ يَصْلُحُ للاستغراقِ ولكنَّهُ لا يُفيدُهُ، فلوْ كانَ الجمْعُالمعرَّفُ كذلكَ، كانَ استثناءُ الْمُنَكَّرِ منهُ مُمتَنِعًا؛ لاستوائِهما في الدَّلالةِ.
- والأسماءُ الْمُبْهَمَةُ مِنْ صِيغِ العمومِ: مثلُ: (مَنْ) و(ما).
فـ(مَنْ) تَخْتَصُّ بالعاقِلينَ، وتَعُمُّ الذُّكورَ والإناثَ والأحرارَ والعَبيدَ؛ لأنَّها تُستعمَلُ في الجميعِ؛ لأنَّ مَنْ قالَ: (مَنْ دَخَلَ دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ)، تَناوَلَ ذلكَ كُلَّ داخلٍ مِنْ ذَكَرٍ وأُنْثَى وحُرٍّ وعَبْدٍ، وهذا هوَ المُتَبَادَرُ إلى الفهْمِ عندَ الإطلاقِ، والمبادَرةُ إلى الفهْمِ دليلُ الحقيقةِ.
و(ما) عامَّةٌ في غيرِ العاقِلينَ، كقولِكَ: (وَكَّلْتُكَ فيما إِلَيَّ مِن التصرُّفاتِ، وما جاء نَى مِنْكَ أَخَذْتُهُ).
وقد استُعْمِلَتْ (ما) بمعنى (مَنْ) في قولِهِ تعالى: {وَالسَّمَاءَ وَمَا بَنَاهَا}.
وقدْ تَجيءُ عامَّةً في مَنْ يَعْقِلُ ومَنْ لا يَعقِلُ،
في قولِ مَنْ قالَ: (لا أَمْلِكُ ممَّا في يَدِ زَيْدٍ شيئًا) فيكونُ ذلكَ عامًّا حتَّى يَدْخُلَ فيهِ مَنْ يَعقِلُ (كالعَبْدِ والأَمَةِ).
ومَنْ لا يَعقِلُ (كالبهيمةِ والْمَتاعِ).
وأمَّا (أيٌّ) فإنَّها تُستعمَلُ في العاقِلينَ وغيرِهم، تقولُ: أيُّ عَبِيدِي جاءَكَ فهوَ حُرٌّ، وتقولُ: أيَّ الأشياءِ أردْتَ أَعطَيْتُكَ.
و (أينَ) مِنْ أسماءِ المكانِ، وهيَ تُفيدُ العمومَ، تقولُ: أينَ كانَ زيدٌ كُنْتُ معهُ.
و (متى) مِنْ أسماءِ الزمانِ، وهيَ عامَّةٌ فيهِ أيضًا، تقولُ: متى شِئْتَ جِئْتُكَ.
و (ما) عامَّةٌ في الاستفهامِ، تقولُ: ما عِنْدَكَ؟ فيُفيدُ العُمومَ في المستفْهَمِ عنهُ.
و (ما) في الجزاءِ تُفيدُ العمومَ، في قولِكَ: ما تَصنعْ أَصْنَعْ. وهذا هوَ صوابُ العبارةِ في الكتابِ. وفي أكثرِ النُّسَخِ: (والخبرِ) وكأنَّهُ تَصحيفٌ مِن الجَزَاءِ.
وقدْ حُمِلَ على صورةٍ، وهيَ ما إذا قالَ شخصٌ لآخَرَ: ما صَنَعْتَ؟ فقالَ المُخَاطَبُ: ما صَنَعْتُ.
فـ(ما) الأُولَى عامَّةٌ في الاستفهامِ.
و(ما) الثانيَةُ عامَّةٌ في الإخبارِ عما صَنَعَ بلفظٍ مُجْمَلٍ لا يُفيدُ السائلَ الإخبارَ عنْ خصوصِ ما صَنَع؛ فقدْ وَقَعَتْ (ما) عامَّةً في الخبرِ.
وغيرُ الاستفهامِ والجزاءِ: النفيُ، يقولُ: ما جاءَني مِنْ أحدٍ، فيكونُ (ما) عامَّةً في النفيِ.
و(ما) النافيَةُ والاستفهاميَّةُ حرفٌ، والخبريَّةُ اسمٌ موصولٌ.
(2) و(لا في النَّكِراتِ) يَعْنِي: مِثلُ قولِكَ: (لا رَجُلَ في الدارِ)، و(لا أَحَدَ في المسجِدِ)؛ فإنَّهُ يُفيدُ العمومَ في النفيِ.
ولهذا يُرَدُّ قولُ مَنْ قالَ: (لا رَجُلَ في الدارِ)، بأنْ يُقالَ لهُ:(بلْ فيها رَجلٌ أوْ رجلانِ أوْ رِجالٌ)؛ فلولا أنَّ النفيَ الأوَّلَ أفادَ العمومَ والاستغراقَ، وإلاَّ لَمَا ناقَضَهُ هذا الإثباتُ، وهذا إذا بُنِيَت النكِرةُ معَ لا، مِثلُ: (لا رَجُلَ في الدارِ)، فلوْ لمْ تُبْنَ معَ النَّكِرَةِ بأنْ قيلَ: (لا رَجُلٌ في الدارِ)، لم تُفِد العمومَ؛ ولهذا يَصِحُّ أن يُقالَ: (لا رجلٌ في الدارِ بلْ رجالٌ).
(3) (والعمومُ مِنْ صفاتِ النُّطْقِ، ولا يَجوزُ دَعْوَى العمومِ في غيرِهِ مِن الفعْلِ وما يَجْرِي مَجراهُ) يعني: أنَّ العمومَ يَخْتَصُّ بالألفاظِ؛ لأنَّهُ صِفةُ اللفظِ.
فأمَّا غيرُ الألفاظِ لا يُوصَفُ بالعمومِ، مِثلُ: (ما رُوِيَ أنَّهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ في السفَرِ) فلو ادَّعَى مُدَّعٍ أنَّ هذا يَدُلُّ على جَوازِ الجمْعِ في السفَرِ الطويلِ والقصيرِ؛ لأنَّ ذلكَ لمْ يُفَصَّلْ بهِ الحديثُ، لمْ يُسْمَعْ ذلكَ منهُ؛ لأنَّ الجمْعَ فعْلٌ واحدٌ مُحْتَمَلٌ أنَّهُ وَقَعَ في السفرِ الطويلِ، ويُحتَمَلُ أنَّهُ وَقَعَ في السفَرِ القصيرِ؛ فحُكْمُهُ التوَقُّفُ لا العمومُ.
وكذلكَ قضايا الأعيانِ تَجْرِي مَجرى الأفعالِ؛ فإنَّها تَحْتَمِلُ الاقترانَ بأحوالٍ يَخْتَلِفُ الحكْمُ بها، فإذا لمْ تُعْلَمْ تلكَ الأحوالُ وَجَبَ التوَقُّفُ، ولا يُمْكِنُ أن يُدَّعَى فيها العمومُ؛ فإنَّهُ لا صِيغةَ فيها تَقتضِي العمومَ.
وهذا مِثلُ أنَّهُ عليهِ السلامُ قَضَى بالشُّفْعَةِ للجارِ، وحَكَمَ بالشاهِدِ واليمينِ؛ فهذا يُقالُ لهُ: قَضِيَّةُ عَيْنٍ، وواقِعةُ عَيْنٍ، ولا دَلالةَ فيها على العُمومِ؛ لأنَّهُ يَحْتَمِلُ اقترانَ ما يُوجِبُ تخصيصَ ذلكَ الحكْمِ بصاحبِ الواقعةِ، وأنَّهُ لا يَتَعَدَّى إلى غيرِهِ.
وكذلكَ المفهومُ لا يُمْكِنُ دَعوى العمومِ فيهِ، مثلُ: قولِهِ عليهِ السلامُ: ((وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ زَكَاةٌ))، لا يُقَالُ: مفهومُهُ عامٌّ في نَفْيِ الزكاةِ عنْ كلِّ مَعْلُوفَةٍ؛ فإنَّ المعلوفةَ للتِّجَارةِ تَجِبُ الزكاةُ فيها).

هيئة الإشراف

#4

13 Dec 2008

الأنجم الزاهرات للشيخ: محمد بن عثمان المارديني


قال شمس الدين محمد بن عثمان بن علي المارديني (ت: 871هـ): ( (1) أقولُ: لمَّا فَرَغَ منْ رسمِ العامِّ شَرَعَ في صِيَغِهِ، فَذَكَرَ منْ صيغِهِ ثلاثةَ ألفاظٍ:
أحدُهَا: الاسْمُ الواحدُ المُعَرَّفُ.

والثَّاني: الجمعُ المُعَرَّفُ.
(2) والثَّالثُ: الأَسْماءُ المُبْهَمَةُ.
ثُمَّ قَسَّمَ الأسْمَاءَ المبهمةَ إلى سبعةِ أقسامٍ.
وسأوضِّحُهَا واحدًا (واحدًا) إنْ شاْءَ اللهُ -تعالى- منْ غيرِ تطويلٍ؛ تسهيلاً منْ غيرِ ذكرِ الخلافِ فيهَا وباللهِ المستعانُ.
أمَّا الاسْمُ الواحدُ كقولِكَ: (الرجلُ أفضلُ منَ المرأةِ)، وَ (الدِّينارُ خَيْرٌ منَ الدِّرهم) فهُمَا منْ ألفاظِ العمومِ؛ لأنَّ المُرادَ بهما جنسُ الرِّجالِ، والدَّنانيرِ، لاَ بَعْضُ أفرادِهِمَا.
وأمَّا الجمعُ المعرَّفُ كقولِكَ: (الرِّجالُ)، و(الفُقَهَاءُ)، ومنهُ قولُهُ تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة:5].
وكذَا قولُهُ تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ}[المائدة:33].
فـ{المشركون} و(الَّذينَ) منَ العُمومِ؛ لصحَّةِ استثناءِ الجمعِ المُنَكَّرِ منهُ كقولِكَ: (اقْتُلُوا المشركينَ إلاَّ مشركي أهْلِ الكتابِ)، و(جاءني الرِّجالُ إلاَّ رجالاً)، و(الفقهاءُ إلاَّ فقهاءَ)؛ فعُلِمَ أنَّ المعرَّفَ أعمُّ منَ الجَمْعِ المنكَّرِ.
وأمَّا الأسماءُ المبهمةُ:
فمنْهَا:(مَن) وتختصُّ بمَنْ يَعْقِلُ كقولِكَ: (مَنْ دخلَ داري فلَهُ دِرْهَمٌ)، فعمَّتْ كلَّ عاقلٍ دخلَ، سواءٌ كانَ حُرًّا أوْ عبْدًا، ذكرًا أوْ أُنْثى؛ لإطلاقِ اللَّفْظِ عليهِمْ.
ومنْها: (مَا) وَ (أيٌّ) فهمَا يَعُمَّانِ مَنْ يَعْقِلُ، ومَنْ لاَ يَعْقِلُ تقولُ: (لاَ أَمَلِكُ مَا في يدِ زيدٍ شيئًا)؛ فيكونُ عامًّا فيمَنْ يعقلُ، ومَنْ لا يعقل، (كالعبيدِ، والإماءِ، والمباعِ، والأثمانِ).
وكذَا إذا قلتَ: (أيُّ عبْدٍ جَاءني منْ عبيدي فهوَ حُرٌّ)، عمَّ الجميعَ، فأيُّهُمْ جاءَ عَتَقَ و(أيُّ الأشياءِ أردْتَ أعْطيتُكَ) كانَ عامًّا في جميعِ مَا يملكُ.

ومنْها: (أينَ)

فهيَ تفيدُ العمومَ تقولُ: (أينَ كنتَ، كنتُ معَكَ)، فعمَّ كلَّ مكانٍ كانَ فيهِ، ولاَ يتعيَّنُ مكانٌ دونَ مكانٍ.

ومنْها: (متى)

فهيَ تفيدُ العمومَ في الزَّمانِ، كمَا إذا قلتَ: (متى جئتَنِي أكرمتُكَ)، فلا يتعيَّنُ عليهِ الإتيانُ في وقتٍ منَ الأوقاتِ، بلْ عَمَّ، حتّى في أيِّ وقتٍ جاءَ تعيَّنَ الإكرامُ.

ومنْها: (مَا)

فهيَ تُفيدُ العمومَ في الاستفهامِ، والخبرِ، والجزاءِ، والنَّفْيِ تقولُ: ما تصنعُ؟

فيقولُ المخاطبُ أصنعُ شيئًا فـ (مَا) الأولى عامٌّ في الاستفهامِ، والثَّانيةُ عامٌّ في الأخبارِ.

وفي الجزاءِ: مَا تَصْنَعْ أَصْنَعْ.

وفي النَّفْيِ: (مَا جَاءَكَ منْ أحدٍ) فهيَ عامٌّ في النَّفْيِ.

ومنْها: (لا)

فإنَّهَا تفيدُ العمومَ في النَّكِرَاتِ، كمَا مثَّلَ الشَّيْخُ - رحمَهُ اللهُ تعالى -:(لاَ)رَجُلَ في الدَّارِ)، وَ (لاَ أحدَ في المسجدِ) فأفادَ أنَّهُ لمْ يكنْ فيهَا أحدٌ منْ جنسِ الرِّجالِ واللهُ أعلمُ.

(2) أقولُ: يُشيرُ إلى أنَّ العمومَ لاَ يكونُ إلاَّ في المَلْفُوظِ، فَلاَ يُؤخَذُ مِنَ الأفعالِ كمَا يُقالُ: إنَّهُ عليْهِ السَّلامُ ((جَمَع في السَّفَرِ بَيْنَ صَلاَتَيْنِ)) فلاَ يُؤْخَذُ منْ فعلِهِ العمومُ؛ لأنَّ السَّفرَ قدْ يكونُ طويلاً وقدْ يكونُ قصيرًا، فَعُلِمَ أنَّ الفعلَ لاَ يفيدُ العمومَ بلْ لاَ بُدَّ منَ النُّطْقِ.

وكذَا ما يجري مَجرى الأفعالِ، (كالقضايَا)؛ فإنَّهَا لا تدلُّ على العمومِ، بلْ لا بُدَّ منْ تقييدِهِ كمَا وردَ أنَّهُ عليهِ السَّلامُ ((قَضَى بالشُّفْعَةِ لِلْجَار ِ))؛ فَلاَ يُحْمَلُ على العمومِ، إنَّمَا هيَ للشَّرِيكِ فقطْ.

وكذَا ((قَضَى بشاهدٍ ويَمينٍ))؛ فلاَ يُحْمَلُ على العُمومِ؛ لأنَّهُ في بعضِ الأشياءِ، دونَ بعضٍ، واللهُ أعلمُ).

هيئة الإشراف

#5

13 Dec 2008

قرة العين للشيخ: محمد بن محمد الرعيني الحطاب


قال أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعيني المالكي [المعروف: بالحطاب] (ت: 954هـ): ( (1) (وألفاظُهُ) أي: صِيَغُ العُمُومِ المَوضُوعةُ لهُ:
(أربعَةٌ)؛ أي: أَرْبعةُ أنوَاعٍ:
(2) النَّوعُ الأوَّلُ: الاسْمُ الواحِدُ المُعَرَّفُ بالأَلِفِ واللامِ الَّتي لَيسَتْ للعهْدِ، ولا للحَقيقَةِ؛ فإنَّهُ يُفيدُ العُمُومَ بدليلِ جَوازِ الاستثْنَاءِ منهُ، نحوُ: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إلا الَّذِينَ آمَنُوا}.
(3) (و) النَّوعُ الثَّانِي: اسمُ الجَمْعِ ، أَي: الدَّالُّ عَلَى جَمَاعَةٍ، (المُعَرَّفُ باللامِ) الَّتِي لَيسَتْ للَّعَهْدِ؛ نَحْوُ: {اقْتُلُوا المُشْرِكِينَ}.
(4) (و) النَّوعُ الثَّالثُ: الأسماءُ المبهَمَةُ:
- كَـ(مَنْ) فِيمَنَ يَعْقِل، نَحوُ: مَنْ دَخَلَ دَارِي فَهُوَ آمِنٌ.
- و(مَا) فيمَا لا يَعْقِلُ؛ نَحْوُ: مَا جَاءَنِي قَبِلْتُهُ،
- وَ(أَيِّ) في الجَمْعِ ؛ أَي: مَنْ يَعقِلُ وَمَنْ لا يعقِلُ؛ نحوُ: أيُّ عبيدِي جَاءَكَ فَأَحْسِنْ إليهِ، وأَيُّ الأشْيَاءِ أَرَدْتَهُ أَعْطَيتُكَ.
- (أَينَ)فِي المَكَانِ نحوُ: أَينَ تَجْلسْ أَجْلِس.
- وَ(مَتَى) فِي الزَمَانِ نحوُ: متَى تَقُمْ أَقُمْ.
- و(مَا) في الاستِفهَام نحوُ: مَا عِندَكَ؟
-(و) فِي (الجَزَاءِ) أَي: المُجَازاةِ نحوُ: مَا تَفْعَلْ تُجْزَ بِهِ، وفي نُسْخةٍ: الخبَرُ ، بَدَلَ: الجَزَاءِ
نحوُ قَولِكَ: (عَلِمْتُ مَا عَلَمْتَ)، بتاءِ المُتَكَلِّمِ في الأوَّلِ وتَاءِ الخِطَابِ في الثَّانِي، جَوَابًا لمَنْ قَالَ لَكَ: مَا عَلِمْتَ؟(وغَيرِهِ) أَي: غيرِ مَا ذُكِرَ؛ كَالخبَرِ علَى النُّسْخَةِ الأُولَى، والجَزَاءِ علَى النُّسخَةِ الثَّانيَةِ.
(5) (و) النَّوعُ الرَّابعُ: (لا) في النَّكِرَات أَي: الدَاخلَةِ علَى النَّكراتِ، فإنْ بنيتِ النَّكِرةُ معَهَا علَى الفَتْحِ، نحوُ: (لا رَجُلَ في الدَار)، فهيَ نصٌّ في العُمُومِ، وإنْ لَمْ تُبْنَ، فَهِيَ ظاهِرةٌ في العُمُومِ نحوُ: (لا رَجُلٌ في الدَّارِ).
(6) (والعمُومُ منْ صِفَاتِ النُّطْقِ) أَي: اللَّفْظِ، والنُّطقُ مَصْدَرٌ بمَعْنَى منطوقٌ به.(ولا يَجُوزُ دَعْوَى العُمُومِ في غيرهِ) أي: في غيرِ اللَّفظِ.
(مِنَ الفِعْلِ ومَا يَجْري مَجْرَاهُ) أَي: مَجْرَى الفِعْلِ؛
فالفعلُ (كَجَمْعِهِ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بَينَ الصَّلاتَينِ في السَّفرِ)، كمَا رَوَاهِ البُخَاريُّ؛ فلا يَدُلُّ علَى عمومِ الجَمعِ في السَّفَرِ الطَّويلِ والقِصيرِ؛ فإنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ في وَاحِدٍ منْهُمَا، والَّذي يَجْرِي مَجْرَى الفعلِ (كالقضَايا المُعَيَّنةِ)؛ مثلُ قضَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالشُّفْعةِ للجَارِّ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عنِ الحَسَنِ مُرسَلاً، فلا يَعُمُّ كُلَّ جَارٍّ؛ لاحْتِمَالِ خصوصَّيَةٍ في ذلكَ الجَارِّ).

هيئة الإشراف

#6

13 Dec 2008

شرح الورقات للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


قال الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان: ( (1) ثُمَّ ذَكَرَ المُصَنِّفُ أنَّ صِيَغَ العمومِ أَرْبَعٌ: وهذا ليسَ علَى سبيلِ الحصرِ؛ لأنَّها أَكْثَرُ منْ ذلكَ، وإنَّمَا حَصَرَهَا بأَرْبَعٍ مُرَاعَاةً للطَّالبِ المُبْتِدَئِ، وصِيَغُ العُمُومِ كما يَلِي:
(2) 1 - الاسْمُ الوَاحِدُ المُعَرَّفُ بِالأَلِفِ وَبِاللامِ.
والمرادُ بالواحدِ المُفْرَدُ، والمرادُ بالألفِ واللامِ (أَل) الاسْتِغْرَاقِيَّةُ؛ فإنَّ مَدْخُولَهَا عامٌّ.
وعلامَتُهَا صِحَّةُ وُقُوعِ (كُلٍّ) مَوْقِعَهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا} الآيَةَ؛ فهذا عامٌّ بدليلِ الاستثناءِ.
(3) 2- اسْمُ الجَمْعِ المُعَرَّفُ بِاللامِ التي لَيْسَتْ لِلْعَهْدِ.
والمرادُ الجمعُ بالمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وهوَ اللفظُ الدَّالُّ علَى جَمَاعَةٍ، فَيَشْمَلُ: الجمعَ، واسمَ الجمعِ، واسمَ الجنسِ الجَمْعِيَّ.
فالأَوَّلُ:
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}، وقولِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا}.
والثاني:
نَحْوُ قولِهِ تَعَالَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
والثالثُ: اسمُ الجنسِ الجمعيُّ، وهوَ ما يَدُلُّ علَى أكثرَ من اثْنَيْنِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وبينَ مُفْرَدِهِ بالتَّاءِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا}، ومُفْرَدُهُ بَقَرَةٌ، أوْ بِالْيَاءِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {غُلِبَتِ الرُّومُ}، ومُفْرَدُهُ رُومِيٌّ.
(4) 3- الأَسْمَاءُ المُبْهَمَةُ: وذلكَ:
- كأسماءِ الشرطِ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}.
- وأسماءِ الاستفهامِ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}.
- والأسماءِ الموصولةِ: كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ)).
و (مَنْ)
للعُمُومِ فِي العاقلِ كما مَثَّلْنَا، سَوَاءٌ كانتْ شَرْطِيَّةً، أو استفهاميَّةً، أوْ موصولةً.
و(مَا)
للعمومِ فِي غيرِ العاقلِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ}، وقولِهِ تَعَالَى: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ}، وقولِهِ تَعَالَى: {مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}.
ومَعْنَى الإبهامِ فِي أسماءِ الشرطِ والاستفهامِ أنَّها لا تَدُلُّ علَى مُعَيَّنٍ، وفي الأسماءِ الموصولةِ افْتِقَارُهَا إلَى صِلَةٍ تُعَيِّنُ المُرَادَ.
وقولُ المُصَنِّفِ: (وَأَيٍّ فِي الجَمِيعِ) أيْ أنَّ (أيًّا) تكونُ شَرْطِيَّةً، نحوُ قولِهِ تَعَالَى: {أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ}.
واستفهاميَّةً:
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا}.
وموصولةً:
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا}.
وتكونُ للعاقلِ كالمثالِ الثاني والثالثِ، ولِغَيْرِ العاقلِ كالمثالِ الأَوَّلِ.
وقولُهُ: (وَأَيْنَ فِي المَكَانِ، وَمَتَى فِي الزَّمَانِ) أيْ: أنَّ (أَيْنَ) تكُونُ استفهاميَّةً للسؤالِ عن المكانِ كما تَقَدَّمَ.
وتَأْتِي شرطيَّةً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمُوتُ}.
وَ(مَتَى)
تَأْتِي استفهاميَّةً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ}.
وَشَرْطِيَّةً،
نحوُ: مَتَى تُسَافِرْ أُسَافِرْ.
وقولُهُ: (وَمَا فِي الاسْتِفْهَامِ وَالجَزَاءِ وَغَيْرِهِ) أيْ أنَّ (ما) تَأْتِي استفهاميَّةً وَتَأْتِي للجَزَاءِ؛ أي: الشرطِ، وَتَقَدَّمَ مِثَالُهُمَا.
وفي بعضِ نُسَخِ الورقاتِ: (والخَبَرِ)، بَدَلَ: (والجَزَاءِ).
والمُرَادُ بها المَوْصُولَةُ، وَتَقَدَّمَ مِثَالُهَا أيضًا.
وقولُ المُصَنِّفِ: (وَغَيْرِهِ) أيْ: غيرِ المذكورِ الذي هوَ الاستفهامُ والجزاءُ علَى نُسْخَتِنَا، والاستفهامُ والخبرُ علَى النُّسْخَةِ الثانيَةِ.
وذلكَ كالخبرِ علَى النسخةِ الأُولَى، والجزاءِ علَى الثانيَةِ.
4 - النوعُ الرابعُ منْ صِيَغِ العمومِ: لا، فِي النكراتِ، والمُرَادُ أنَّ (لا) المُرَكَّبَةَ معَ النَّكِرَةِ تُفِيدُ العمومَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}.
وَبَقِيَ صِيَغٌ أُخْرَى لمْ يَتَعَرَّضْ لها المُصَنِّفُ؛ ومنها:
1 - لَفْظُ (كُلٍّ). وهيَ منْ أَقْوَى صِيَغِ العمومِ؛ لأنَّها تَشْمَلُ العاقلَ وغيرَهُ، المُذَكَّرَ والمُؤَنَّثَ، المُفْرَدَ والمُثَنَّى والجمعَ.
قالَ تَعَالَى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}.
وقالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا)).
وَيَلْحَقُ بِـ(كُلٍّ) ما دَلَّ علَى العمومِ بِمَادَّتِهِ، مثلُ (جَمِيعٍ، ومَعْشَرٍ، ومعاشِرَ، وعامَّةٍ، وكافَّةٍ، وَنَحْوِهَا)، وَأَمْثِلَتُهَا لا تَخْفَى.
2 - المُضَافُ لمعرفةٍ، سواءٌ كانَ مُفْرَدًا أوْ جَمْعًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا}، وقولِهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ}.
وقولُهُ: (وَالعُمُومُ مِنْ صِفَاتِ النُّطْقِ) النُّطْقُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى المَنْطُوقِ بهِ، وهوَ اللفظُ؛ فالعُمُومُ منْ صفاتِ الألفاظِ.
فَيُقَالُ: لَفْظٌ عَامٌّ، والمسألةُ خِلافِيَّةٌ.
وقولُهُ: (وَلا تَجُوزُ دَعْوَى العُمُومِ فِي غَيْرِهِ مِن الفِعْلِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ) والضميرُ فِي قولِهِ: (غَيْرِهِ) يَعُودُ إلَى النُّطْقِ.
وقولُهُ: (مِن الفِعْلِ) بَيَانٌ للغَيْرِ.
والمُرَادُ بالفعلِ المَعْنَى المَصْدَرِيُّ، لا الفعلُ المُصْطَلَحُ عليهِ عندَ النُّحَاةِ، فالفعلُ لا يُفِيدُ العمومَ؛ وذلكَ لأنَّهُ إِخْبَارٌ عنْ فِعْلٍ، ومعلومٌ أنَّ الفاعلَ لمْ يَفْعَلْ كُلَّ ما اشْتَمَلَ عليهِ تَسْمِيَةُ ذلكَ الفعلِ، كقولِ بلالٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاخِلَ الْكَعْبَة)). مُتَّفَقٌ عليهِ.
فهذا لا يَعُمُّ الفَرْضَ والنَّفْلَ؛ إذْ لا يُتَصَوَّرُ أنَّ هذهِ الصلاةَ فَرْضٌ وَنَفْلٌ مَعًا.
والمرادُ بقولِهِ: (وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ) كالقضايا المُعَيَّنَةِ.
مثلُ حديثِ أبي رَافِعٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: ((قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ)).
فهذا لا يَعُمُّ كلَّ جَارٍ؛ لاحتمالِ الخصوصيَّةِ فِي ذلكَ الجارِ، والرَّاوِي نَقَلَ صيغةَ العُمُومِ لِظَنِّهِ عُمُومَ الحُكْمِ.
هكذا مَثَّلَ شُرَّاحُ (الورقات)ِ، وهوَ رأيُ أَكْثَرِ الأُصُولِيِّينَ.
وَيَرَى آخَرُونَ، ومِنْهُم الآمِدِيُّ كما فِي الإحكامِ (2/274)، والشَّوْكَانِيُّ كما فِي (الإرشادِ) (ص125)، أنَّ هذا يَعُمُّ كُلَّ جَارٍ؛ لأنَّ الصحابيَّ الرَّاوِيَ عَدْلٌ عَارِفٌ باللُّغَةِ، فلا يَنْقُلُ صيغةَ العمومِ -وهيَ كلمةُ (الْجَارِ) المُعَرَّفَةُ بلامِ الجِنْسِ- إلا إذا عَلِمَ أوْ ظَنَّ العمومَ.
ومثلُ هذا يُفِيدُ العمومَ؛ لأنَّ اللامَ غَالِبًا للاستغراقِ، فَحَمْلُهَا علَى اللامِ العَهْدِيَّةِ خلافُ الظاهرِ وخلافُ الغالبِ. ذُكِرَ ذلكَ فِي شرحِ (الكوكبِ المُنِيرِ) (3/231).
هذا وقدْ ذَكَرَ (الشِّنْقِيطِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ فِي (أضواءِ البيانِ): ( أنَّ الفِعْلَ المُثْبَتَ لا يَكُونُ عَامًّا فِي أقسامِهِ، وأمَّا الفعلُ فِي سياقِ النَّفْيِ فهوَ مِنْ صِيَغِ العُمُومِ، وَذَكَرَ تَوْجِيهَ ذلكَ؛ فانْظُرْ (1/452) و(3/454) ).

هيئة الإشراف

#7

13 Dec 2008

شرح الورقات للشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم (مفرَّغ)


القارئ: ( (وألفاظه)

- الاسم الواحد المعرف بالألف واللام.

- والجمع المعرف بهما.

- والأسماء المبهمة، (كمن) فيمن يعقل.

- و(ما) فيما لا يعقل.

- و(أي) في الجميع.

- و(أين) في المكان.

- و(متى) في الزمان.

- و(ما) في الاستفهام والجزاء وغيره

- (ولا) في النكرات، كقولك: لا رجل في الدار).

قال الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم: (هذا يتعلق بصيغ العموم. صيغ العموم كثيرة، قد أفردها الإمام العلائي في مصنف مستقل مطبوع، سماه (تلقيح الفهوم في تنقيح صيغ العموم)، مطبوع في مجلد، وقد توسع في صيغ العموم وما يتعلق بها، وقد ذكر في كتابه هذا أن الإمام القرافي ألّفَ كتاباً في العموم، وأفرد باباً لصيغ العموم أوصلها إلى (250) صيغة، توسَّع توسعاً كثيراً، وقد تعقبه في بعض ما ذكر المؤلف هنا ذكر شيئاً مختصراً لأن المتن لا يحتمل التطويل.

- ذكر من صيغ العموم ثلاثة ألفاظ:

- الاسم الواحد المعرف.

- الثاني: الجمع المعرف.

- الثالث: الأسماء المبهمة.

- أما الاسم الواحد مثل: الدينار خير من الدرهم، هذا لفظ عام لأن المراد جنس الدنانير لا أفراد الدنانير، وإن كان بعضهم ينازع في هذا.

- الجمع المعرف: كقولك: (الرجال والفقهاء).

- ومن الأمثلة من الكتاب العزيز قوله - جل وعلا -: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}، المشركين جمع فهو لفظ عام، المشركين هنا معرَّف بماذا؟

هذه مسألة فيها خلاف عند النحاة. هل التعريف بالألف واللام، أو بأل؟

- فيه خلاف؛ قال ابن مالك في الألفية:

(أل) حرف تعريف أو(اللام) فقطْ = فـنـمطٌ عَرَّفـتَ قُل فـيه النمط

النمط،

التعريف حصل بالألف واللام، (بأل) أو (باللام)، فيه خلاف بين النحاة، لكن ما له ثمرة خلاف لا يترتب عليه كبير فائدة.

فالتعريف قد يكون بالألف واللام وقد يكون بالإضافة، بالألف واللام مثل: المشركين.

- كذلك قوله سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ}، هذا عام.

- أما الأسماء المبهمة فذكر منها (مَنْ).

- (من) تختص بمن يعقل، هذا هو المعروف فيها، في الاستعمال أن (من) تكون للعاقل، فلو قلتَ: من حفظ الدرس فله مائة ريال.

- (من حفظ)، هذا لفظ؟ عام، كيف عرفنا أنه عام؟

من كلمة (مَنْ)،فهي تشمل كل عاقل.

- كذلك (ما) ما الأصل أنها لغير العاقل.

وقد تستعمل (من) لغير العاقل و(ما) للعاقل لسبب، كما هو مُبين في موضعه من كتب البلاغة، فمثلاً: يقول الله سبحانه: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ}، أين صيغة العموم؟

(ما)

- كذلك (أيّ) هذه للعاقل وغيره، لو قال السيد: أيُّ عبدٍ جاءني بكذا فهو حر، أو أي عبدٍ حفظ القرآن فهو حر، وهو عنده مائة عبد، لو حفظوا كلهم يصيرون أحراراً؟

نقول: نعم، لأنه قال: أيُّ عبدٍ، لو حفظوا فإنهم يصيرون أحراراً ويعتقون بسبب توفر هذا الشرط، والعموم استفدناه من كلمة (أيّ)، وكذلك لو قلت لصاحبك: أيَّ شيءٍ أردته أو طلبته فأنا مستعد به، لو طلب منك مئة ريال أو مليون ريال أو أقل أو أكثر، مقتضى كلامك هذا أنك مستعد به، أيَّ شيء، فهي كلمة عامة، ولهذا ينبغي للإنسان أن يكون دقيقاً في ألفاظه، لأن بعض الناس يتساهل في بعض الكلمات وفي بعض التعبيرات، فإذا صار بينه وبين آخر نزاع وخصومة فإنه يتعلل ويقول: ما أردت هذا وقصدت هذا، ما ينفع ولا يقبلون منه الناس، فالإنسان إذا تكلم أو كتب أو تعاقد مع أناس فلتكن عبارته مُحرَّرة وليكتب على ما يريد، أما أنه يكتب لفظاً عاماً ويريد خاصاً، فإذا طولب قال أنا أردت كذا، ما يقبل منه.

ومن الألفاظ أيضاً (أين) فهي تفيد العموم، لو قلتَ: أين تذهب أذهب، أين تجلس أجلس، يعني في أي مكان تجلس، أجلس، هذا عام.

ومنها (متى) تفيد العموم، لو قلت مثلاً: متى جئتني أكرمتك، يجيء في الليل أو في النهار تكرمه، لأنك تكلمت بكلمة عامة، (متى)، هذه تفيد العموم في الزمان، فلا يتعين عليه وقت من الأوقات، بل إذا قلت: متى جئتني أكرمتك، تعين عليك إكرامه في كل وقت.

ومن الأسماء المبهمة التي تفيد العموم (ما)تفيد العموم في الاستفهام والخبر والجزاء والنفي وفي غير ذلك. فلو قلت لشخص: ما تصنع؟ فيقول: اصنع كذا وكذا، فما تصنع، هذه عامة، وهي تفيد الاستفهام، وكذلك قد تفيد النفي مثل: ما جاءني من أحد، عام في النفي.

وكذلك مما يفيد العموم (لا)، فإنها تفيد العموم في النكرات مثل:(لا رجل في الدار)، (ولا أحد في المسجد)، هذا ما يتعلق بما ذكره المؤلف من صيغ العموم، والعلماء مثلما سبق أن ذكرت لكم قد أطالوا في الصيغ الخاصة بالعموم وذكروا لها أمثلة، نذكر شيئاً من هذا: يقول الله سبحانه: {قد أفلح المؤمنون} هذا عام، دلّ على العموم الجمع المعرَّف بلام التعريف.

وكذلك يقول سبحانه: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}.

ويقول جل وعلا: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}

ويقول -جل وعلا-: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ}، فهذه كلها فيها عموم من حيث الجمع، كذلك من الصيغ التي تفيد العموم ما عُرّف بالإضافة سواءٌ كان المضاف جمعاً أو اسم جمع أو اسم جنس.

فمثلاً قوله سبحانه: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، التعريف بالإضافة.

في (أولادكم) فمن صيغ العموم المعرَّف بالإضافة، سواء كان المضاف جمعاً مثل هذه الآية: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}، أو كان اسم جمع مثل: جاءني الركب، الركب اسم جمع، أو اسم جنس قال الله سبحانه: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}، فكلمة (نعمة) عامة من صيغ العموم.

وكذلك مما يدل على العموم. اسم الجنس المعرف بلام التعريف الجنسية، مثل قوله - جل وعلا -: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}، هذا اسم جنس، (السارق) عام في كل سارق (والسارقة) وكذلك قوله سبحانه: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}.

ومن الصيغ أيضاً ألفاظ التأكيد مثل: (كل) و(جميع) وما أشبه ذلك، فمثلاً: لو قال إنسان لرجل: لكما عليَّ ألف درهم، يجب عليه الألف لكل واحدٍ منهما، لكن يقول الله سبحانه: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا}، ويقول سبحانه: {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ}، ولو قال شخص: كل من يدخل له ألف ريال، ودخل خمسون رجلاً، كم يلزمه؟ خمسون ألف. لأن (كل) تفيد العموم، كذلك كلمة (جميع) تدل على العموم، يقول الله سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، هذا لفظ عام وكذلك: {بل لله الأمر جميعاً}، {إلى الله مرجعكم جميعاً{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، فكل وجميع وما أشبه ذلك تفيد العموم، وألفاظ التوكيد في بعضها خلاف في إفادتها العموم من عدمه.

كذلك مما يفيد العموم الأسماء الموصولة وأسماء الشرط، وأسماء الاستفهام.

الأسماء الموصولة: مثل قوله -جل وعلا- {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} فلفظ (الذين) من الأسماء الموصولة، فهو يشمل كل آكل للربا، هذا عام في جميع من يأكل الربا.

وكذلك يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} (والذين) هذا عام في جميع من يُتوفى.

من الأمثلة على أسماء الشرط، قوله سبحانه: {مَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ } فـ{مَنْ} هذه شرطية، {شَهِدَ} هذا فعل الشرط، {فَلْيَصُمْهُ} هذا جواب الشرط، عام. {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ}، {وما تنفقوا من خير يُوفَّ إليكم}، وما أشبه ذلك.
من صيغ العموم أيضاً أسماء الاستفهام كما سبق مثل: {من فعل هذا بآلهتنا}، هذا استفهام عام من فعل وكذلك {ماذا أراد الله بهذا مثلا} هذا استفهام، {متى نصر الله} هذا استفهام، فهذا الاستفهام يدل على العموم، ومن الصيغ التي تفيد العموم: (متى) و(مهما) مثل قوله -جل وعلا-: {وقالوا مهما تأتنا به من آية}، (مهما تأتنا) هذا عام، وكذلك (متى)، لو قال السيد لرقيقه: أنت حر متى شئت، فقال: قد شئت الآن، يصير حرّاً أو لا؟ لو قال لزوجته، أنت طالق متى شئتِ، لو شاءت الطلاق بعد هذا الكلام بلحظة، تطلق فهذا يفيد العموم، سبق الكلام على العام وتقسيماته وبعض المسائل المتعلقة به، بعض الأصوليين قال إنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: وبعضهم زاد قسمين آخرين، سبق الكلام على هذه الأقسام:
الأول:
عام مرادٌ به العموم، مثل: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}
ومثل قوله سبحانه: {لكل أمةٍ أجل}،{وحرمت عليكم أمهاتكم}.
الثاني:
عام مراد به الخصوص، مثل: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ومثل قوله سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}، عام لكن أُريد بهِ شيئاً خاصّاً وهو الشرك، وكذلك الآية التي قبل هذه الآية، {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ}، (الناس) كلمة عامة والمقصود النبي -عليه الصلاة والسلام- على المشهور، فهذا عام مُراد به الخصوص، ومثل أيضاً: {ولله على الناس حِجُّ البيت}، هذا عام يشمل المكلفين وغيرهم، كالأطفال والمجانين، لكن هذا العام خاص أريد به خصوص المكلفين.
الثالث:
عام مخصوص مثل: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، جميع من شهد الشهر يجب عليه أن يصوم، خُصَّ بقوله سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، ومثل: {وأُحِلَّ لكم ما وراء ذلكم}، خُصَّ بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها)).
الرابع:

عام يراد منه العموم ويدخله الخصوص وهو مراد أيضاً، مثل: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، النساء والأطفال ومن كان له عذر لا يدخلون في عموم هذه الآية.
الخامس:
عام يحتمل التخصيص، وهو العام المطلق عن القرائن المخصصة أو النافية للتخصيص، ومع ذلك يحتمل التخصيص قبل ظهور المخصص، مثل قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}، تشمل الآية كل متوفى عنها زوجها بصفةٍ قاطعة، سواء كانت الوفاة قبل الدخول أو كانت بعده، ومثل قوله سبحانه: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}، كذلك تشمل الآية عدة كل معتدة إذا كانت لا تحيض بسبب الصغر أو اليأس، إلاَّ إذا ظهر مخصِّص ولم يوجد، لكن قد يُشكل الفرق بين العام المخصوص، والعام الذي أريد به الخصوص، قال في (شرح التحرير): لم يتعرض كثير من العلماء للفرق بين العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص، وهو من مهمات هذا الباب، وفرَّق بينهما أبو حامد بأن الذي أريد به الخصوص ما كان المراد به أقل، وما ليس بمرادٍ هو الأكثر، قال ابن هبيرة: وليس كذلك العام المخصوص لأن المراد به هو الأكثر، وما ليس بمراد هو الأقل وفرَّق الماوردي بوجهين:
- أحدهما هذا.
- والثاني أن إرادة ما أريد به العموم ثم خُصَّ بتأخر أو تقارن.
قال ابن دقيق العيد: (يجب أن يتبنه للفرق بينهما، فالعام المخصوص أعم من الذي أُريد به الخصوص، وهذا واضح)، يعني لفظ عام جيء به لم يُقصد به العموم، قصد به شخصاً أو شيئاً محدوداً مثلَ: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ}، هذا أريد به الخصوص وهو النبي- عليه الصلاة والسلام - فالعام المخصوص أعم من العام الذي أريد به الخصوص، العام الذي أريد به الخصوص هذا أقل، أما العام المخصوص هذا أكثر وأعم،
وفرَّق السُّبكي فقال: (العام المخصوص أريد عمومه وشموله لجميع الأفراد من جهة تناول اللفظ لها، لا من جهة الحكم، والذي أُريد به الخصوص لم يُرد شموله لجميع الأفراد، لا من جهة التناول ولا من جهة الحكم، إنما من أصله أريد به شيئاً خاصّا)ً، وبعضهم أيضاً يُفرق زيادة على ما سبق، يقول: إن قرينة المخصوص لفظية، وقرينة الذي أُريد به الخصوص عقلية، وقرينة المخصوص قد تنفك عنه، وقرينة الذي أريد به الخصوص لا تنفك عنه، وعلى كل حال، هذه من المسائل الدقيقة، قد لا يفهمها البعض، والإنسان يتفهم العلم شيئاً فشيئاً، ولا يمنعه أن يسمع بعض الأشياء ولا يدركها ولا يفهما، والإنسان إذا استمر وجَدَّ واجتهد، يمكنه بعد ذلك أن يفهم أشياء كثيرة لم يكن يفهمها من قبل، وهذا شيء معروف.
فيه تقسيم للعام بحسب المراتب، يقولون:
- فيه عام مطلق.
- وفيه خاص مطلق.
- وعام بالنسبة لما تحته.
- وخاص بالنسبة لما فوقه.
فعندنا كلمة (شيء) هذه عامة، والمعلوم والمذكور كذلك، يقولون هذا عام مطلق، بعضهم يقول عام لا أعمَّ منه، وفيه خاصٌّ مطلق، مثل الأعلام، إذا قلت مثلاً: زيد، وإذا قلت عمرو: هذا خاص، ما يتعداه إلى غيره، هذا خاص لا أخص منه، يشمل الأعلام، لأن هذا الاسم (العلم) يخص هذا الرجل، لا يتعداه إلى غيره، وفيه خاص بالنسبة لما تحته وعام بالنسبة لما فوقه: يشمل مجموعة مثل: (الموجود، والجوهر، والجسم، والنامي)، وما أشبه ذلك، فالموجود أعلى من الجوهر، والجوهر أعلى من الجسم، والجسم أعلى من النامي، فإذا نظرنا إلى الجوهر مثلا هذا خاص بالنسبة لما تحته، وعام بالنسبة لما فوقه، وسبق الكلام على صيغ العموم وأنها كثيرة.
بقي من صيغ العموم (النكرة) الواقعة في سياق النفي أو النهي، فإنهم ذكروا أن من صيغ العموم النكرة إذا وقعت في سياق النفي، أو النكرة إذا وقعت في سياق النهي، فمثلا إذا قلت:(لا رجلَ في الدار)، أو (ما رأيت رجلاً في الدار)، ففي الصورتين يثبت العمومُ للنكرة (رجل) وذلك ضرورة واقتضاءً، لا لمعنى في نفس الصيغة، يعني إذا قلت: لا رجل في الدار، ضرورة هذا إثبات العموم، يعني لا يوجد جنس الرجال في هذه الدار، إذ إن النكرة في الإثبات أو النفي أو النهي لا تتناول إلا واحداً، وتفسير ذلك أنه لما نفي رؤية رجل منكر فقد نفى رؤية جميع الرجال، لأن نفي رؤية هذه الحقيقة وهي موجودة في جميع الأفراد من ضرورة هذا انتفاء رؤية جميع الأفراد؛ ولهذا لوقال سيد لخادمه: لا تضرب اليوم أحدا من الناس، إذا ضرب واحداً من الناس هل يعتبر مخالفاً؟
الجواب أنه يعتبر.
من الأمثلة عليها قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} في قوله سبحانه {لَا بَيْعٌ فِيهِ} قراءتان: الرفع والنصب، فالقراءة الأولى لنافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي لتكون للعموم على سبيل الجواز، لأنها تكون عاملة عمل ليس، والقراءة الثانية بالنصب وهي لابن كثير وغيره، العموم عندئذ يكون على سبيل الوجوب، لأن (لا) تكون عاملة عمل (إن).
مثال آخر: قوله سبحانه {ذلك الكتاب لا ريب فيه} هذا عام {لا ريب فيه}،
كذلك قوله سبحانه {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ}،ومثال النكرة الواقعة في سياق النهي قوله جل وعلا: {ولا تصل على أحدٍ منهم مات أبداً}، نهى عن الصلاة عن أي واحد من المنافقين الذين ظهر نفاقهم. فإذا قلت لإنسان: لا تقرأ في هذه الكتب -وكان عنده مجموعة كتب معينة- فقولي له: لا تقرأ في هذه الكتب، يشمل جميع الكتب الموجودة عنده، فلو قرأ واحداً منها فإنه يعتبر مخالفا لهذا النهي.
ومن صيغ العموم أيضا لفظ (معشر) و(معاشر) و(عامة) و(كافة) و(قاطبة) وما أشبه ذلك، مثل قوله سبحانه {يا معشر الجن والإنس}، ومثل {وقاتلوا المشركين كافة}، ومثل (اللهم اغفر لي ولسائر المسلمين) فكافة وسائر ومعشر هذه تفيد العموم.
لكن صيغ العموم التي سبق الكلام عليها أيها أقوى؟ اختلفوا في هذا، صيغ العموم كثيرة جدا.
قيل:
إن أعلى وأقوى صيغ العموم أسماء الشرط والنكرة في النفي وذلك بسبب أن هذه الصيغ موضوعة للعموم.
وقيل:
إن أعلاها أسماء الشرط والاستفهام.
وقيل:
إن أعلاها الجموع وأسماء الجموع لأنها تدل على العموم من حيث اللفظ
وذهب بعض الأصوليين إلى أن كلمة (كل) هي أقوى في الدلالة على العموم من جميع الصيغ، وبالنسبة للعام يجب على الإنسان العمل بعموم اللفظ العام حتى يثبت ما يخصصه؛ لأن العمل بنصوص الكتاب والسنة واجب على ما تقتضيه دلالتها حتى يقوم دليل على خلاف ذلك.
من المسائل المتعلقة بالعام:
عموم حكم الخطاب الموجه أو الخاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، هل تدخل الأمة فيه أو لا؟ الخطاب الخاص بالنبي صلى الله عليه وسلم يتناول حكمه الأمة، إلا إذا دل دليل على اختصاصه به، من أدلة ذلك قوله سبحانه {فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا}، وكذلك قوله سبحانه في الواهبة نفسها له عليه الصلاة والسلام: {…خالصة لك من دون المؤمنين}، لو كان حكم الخطاب يختص به عليه الصلاة والسلام لم يصحَّ التعليل في الآية الأولى: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ}، إذا كان خاصّاً فالمؤمنون لا دخل لهم في هذا ولا حاجة إلى هذا التعليل، فهذا التعليل يدلنا على أن الحكم يشمله صلى الله عليه وسلم ويشمل أمته، وإذا كان خاصّاً به فإنه يرد ما يدل عليه كما في هذه الآية الكريمة {خالصة لك من دون المؤمنين}، لأنا لا نستفيد من هذا التخصيص إلا أن الأصل العموم، فدلنا هذا التخصيص على أن ما لم ينص فيه على أنه خاص به صلى الله عليه وسلم فإنه يشمله ويشمل أمته.
من المسائل أيضا المتعلقة بالعام:
إذا ورد لفظ عام على سبب خاص، فهل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟
نقول إن هذا اللفظ وإن كان عامّاً لكنه ورد على سبب خاص فلا يشمل غيره، الجواب أنه تقرر عند أهل العلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإنه جاء أنه عليه الصلاة والسلام مر على شاة لميمونة رضي الله عنها ميتة فقال: ((أيما إهاب دُبِغَ فقد طَهُر))، قاله بخصوص هذا السبب، ((أيما إهاب)): هو يدل على العموم، لكنه وارد على سبب خاص، نقول: العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب،
وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يستدلون بالعمومات الواردة في أسباب خاصة من غير خلاف، ومن الأدلة على هذا قصة الأنصاري الذي قبّل الأجنبية ونزلت فيه الآية الكريمة {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}، سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن هذه الآية وعن هذا الحكم هل يختص به؟ فأجابه النبي عليه الصلاة والسلام بأن هذا للأمة جميعاً، ويوضح هذا من حيث اللغة أن الرجل لو قالت له زوجته: طلقني، وعنده أربع مثلاً، فما قال: أنت طالق، قال: نسائي طوالق يطلق جميع النساء أو هذه المرأة الواحدة؟ الجواب أنه إذا قال نسائي طوالق، طلقت هذه المرأة وطلق الباقيات، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
فيه أيضاً مسألة: يذكرونها في آخر باب العام وهي كلمة للإمام الشافعي -رحمه الله- وهي قوله: (ترك الاستفصال في حكاية الحال، مع قيام الاحتمال، يُنَزَّل منزلة العموم في المقال، ويحسن به الاستدلال).
يمثلون على هذه القاعدة بقوله صلى الله عليه وسلم لغيلان الثقفي -وقد أسلم وتحته عشر نسوة- قال له عليه الصلاة والسلام ((أمسك منهن أربعًا وفارق سائرهن)) ولم يسأله هل عقد عليهن معاً أو على الترتيب؟
أي قال أمسك الأولى والثانية والثالثة والرابعة وطلق الخامسة وما بعدها، ما قال له هذا.
ولا قال: هل عقدت عليهن جميعاً أو متفرقات، سأله سؤالاً عامّاً، النبي عليه الصلاة والسلام ما استفصل منه وما سأله ولا ناقشه، - في حكاية الحال- على سؤاله هذا، مع (قيام الاحتمال) يحتمل أنه عقد عليهن جميعا، ويحتمل أنه لم يعقد عليهن جميعاً، جواب النبي عليه الصلاة والسلام يُنزل منزلة العموم في المقال، (ويحسن به الاستدلال)، فكونه عليه الصلاة والسلام سأله أنه أسلم وتحته عشر من النساء قال ((أمسك أربعاً وفارق سائرهن))؛ فهذا يدل على أنه إذا ورد النص ولم يُستفصل فيه مع قيام الاحتمال أن هذا النص ينزل منزلة العموم في المقال ويحسن به الاستدلال، وذكروا أيضا عبارة أخرى عن الشافعي وهي: (حكاية الحال إذا تطرق إليها الاحتمال كساها ثوب الإجمال وسقط بها الاستدلال،) هل هذه توافق القاعدة التي قبلها؟
هي بضدها، اختلفت إجابات العلماء على هذه الكلمة الأخيرة وعدّها بعضهم من المشكلات.
وبعضهم قال:
للشافعي في هذه المسألة قولان، وبعضهم قال: يحمل الأول على قول يحال عليه العموم، والثاني على فعل لأنه لا عموم له، لأن الفعل -كما يأتينا- لا عموم له، وفي هذا أيضا بعض التفصيل، (القاعدة الأولى) تحمل على القول والثانية على الفعل، وقد أطال على هذه القاعدة (العلائي) في آخر كتابه (تلقيح الفهوم)، وقد ذكر هذا أيضا صاحب (الكوكب المنير) في آخر باب العام.


القارئ: (قال إمام الحرمين (أبو المعالي الجويني) -رحمه الله تعالى-: (والعموم من صفات النطق فلا يجوز دعوى العموم في الأفعال وما يجري مجراها).

قال الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم: (يقول المؤلف -رحمه الله-: (والعموم من صفات النطق فلا يجوز دعوى العموم في الأفعال وما يجري مجراها)، يعني أن العموم يستفاد من الألفاظ، وهي صيغ العموم التي سبق الكلام على بعضها، العموم نستفيده من صيغ العموم، فلا نستفيد العموم من الأفعال وما يجري مجراها، فمثلا جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر في السفر، هذا فعل، هل نستفيد منه العموم؟
ما نستفيد منه العموم، لأن هذا السفر يحتمل أنه سفر قصير، ويحتمل أنه سفر طويل، ويحتمل احتمالات أخرى، فلا نستفيد العموم من الأفعال، لكن هذا ليس على إطلاقه، بل النبي صلى الله عليه وسلم قد يفعل أفعالا تكون خاصة به، فهذه لا يستفاد منها شيئا، والفعل أيضا لا يستفاد العموم من مكانه ولا من زمانه، لكن فيه أفعال يستفاد منها العموم، وتفصيل هذا يأتي إن شاء الله في باب الأفعال، وما يجري مجراها مثل قضايا الأعيان، ومثل حكاية الصحابي لفعل النبي عليه الصلاة والسلام هل يستفاد منه العموم أو لا؟
قيل: إنه يستفاد منه، وهذا المشهور عند الحنابلة.
وقيل: لا يستفاد منه، ويأتي إن شاء الله هذا مبسوطاً).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#8

13 Dec 2008

العناصر

صيغ العموم وألفاظه

الصيغة الأولى: الاسم الواحد المعرف بالألف واللام الاستغراقية. ومثالها
الخلاف في الاسم الواحد المعرف بالألف واللام هل يفيد العموم أو لا؟
القول الأول: أنه يفيد العموم. وهو المشهور
دليل القول الأول
القول الثاني: أنه لا يفيد العموم
الصيغة الثانية: الجمع المعرف بالألف واللام
المشهور في الجمع المعرف أنه يفيد العموم، وقيل: لا يفيد العموم
الأدلة على إفادة الجمع المعرف للعموم
الصيغة الثالثة: الأسماء المبهمة
الأول: (مَنْ) وهي في الأصل للعاقل، وقد تستعمل لغيره
الثاني: (ما) وهي في الأصل لغير العاقل، وقد تستعمل للعاقل. وسواء الاستفهامية والموصولية والشرطية والنافية
الثالث: (أيّ) وهي للعاقل وغيره
الرابع: (أين) وهي للمكان
الخامس: (متى) وهي للزمان
السادس: الأسماء الموصولة
السابع: أسماء الشرط، والاستفهام
معنى الإبهام في أسماء الشرط والاستفهام، وفي الأسماء الموصولة
الصيغة الرابعة: (لا) في النكرات
الصيغة الخامسة: المعرف بالإضافة
الصيغة السادسة: اسم الجنس المعرف بلام التعريف الجنسية
الصيغة السابعة: ألفاظ التأكيد مثل (كل) و(جميع) و(كافة) ونحوها
الصيغة الثامنة: النكرة في سياق النفي أو النهي
ذكر بعض من أفرد صيغ العموم بالتأليف

أقسام اللفظ من حيث العموم والخصوص (مراتب العام والخاص):
القسم الأول: عام لا أعم منه (العام المطلق)
القسم الثاني: خاص لا أخص منه (الخاص المطلق)
القسم الثالث: الخصوص والعموم النسبي

مسألة: الخلاف في أقوى صيغ العموم دلالة عليه:
القول الأول: أقواها أسماء الشرط، والنكرة في سياق النفي
القول الثاني: أقواها أسماء الشرط والاستفهام
القول الثالث: أقواها الجموع، وأسماء الجموع
القول الرابع: أقواها كلمة (كل)
وجوب العمل بما دل عليه اللفظ من العموم حتى يثبت ما يخصصه
مسألة: خطاب النبي صلى الله عليه وسلم خطاب لأمته إلا إذا دل دليل على التخصيص
مسألة: هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟
المتقرر عند أهل العلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
الأدلة على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
مسألة: معنى قول الشافعي: ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ويحسن به الاستدلال
مسألة: الخلاف في معنى قول الشافعي: حكاية الحال إذا تطرق إليه الاحتمال كساها ثوب الإجمال وسقط بها الاستدلال.
العموم من صفات النطق لا من صفات الأفعال

الفعل المثبت لا يكون عامًّا في أقسامه، بخلاف الفعل في سياق النفي فإنه يفيد العموم

عبد العزيز بن داخل المطيري

#9

13 Dec 2008

الأسئلة

س1: هل الاسم الواحد المعرف بالألف واللام يفيد العموم؟

س2: ما الأدلة على إفادة الجمع المعرف بالألف واللام العموم.
س3: عدد صيغ العموم ومثل لكل منها.
س4: اذكر بعض من أفرد صيغ العموم بالتأليف.
س5: بين مراتب العام والخاص.
س6: اذكر الخلاف في أقوى صيغ العموم دلالة عليه.
س7: ما حكم العمل باللفظ العام.
س8: هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟
س9: اشرح بإيجاز قول الشافعي -رحمه الله- : (حكاية الحال إذا تطرق إليه الاحتمال كساها ثوب الإجمال وسقط بها الاستدلال).