الدروس
course cover
الأمر
1 Nov 2008
1 Nov 2008

4790

0

0

course cover
شرح الورقات في أصول الفقه

القسم الثاني

الأمر
1 Nov 2008
1 Nov 2008

1 Nov 2008

4790

0

0


0

0

0

0

0

الأمر

قال إمام الحرمين: أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني (ت ٤٧٨هـ) : (- وَالأَمْرُ: اسْتِدْعَاءُ الفِعْلِ بِالقَوْلِ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ.
- وَصِيغَتُهُ: افْعَلْ.
وَهِيَ عِنْدَ الإِطْلاَقِ وَالتَّجَرُّدِ عَن القَرِينَةِ تُحْمَلُ عَلَيْهِ، إِلاَّ مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ المُرَادَ مِنْهُ النَّدْبُ أَو الإِبَاحَةُ.

هيئة الإشراف

#2

2 Dec 2008

شرح الورقات للعلامة: جلال الدين محمد بن أحمد المحلي


قال جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (ت ٨٦٤هـ): ( (1) وَالأَمْرُ: اسْتِدْعَاءُ الْفِعْلِ بِالْقَوْلِ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ.
فَإِنْ كَانَ الاسْتِدْعَاءُ مِن الْمُسَاوِي سُمِّيَ الْتِمَاسًا، أَوْ مِن الأَعْلَى سُمِّيَ سُؤَالاً.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى سَبِيلِ الوُجُوبِ بِأَنْ جَوَّزَ التَّرْكَ؛ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَمْرٍ؛ أَيْ: فِي الْحَقِيقَةِ.
(2) وَصِيغَتُهُ الدَّالَّةُ علَيْهِ: افْعَلْ، نَحْوُ: اضْرِبْ، وَأَكْرِمْ، وَاشْرَبْ.
وَهِيَ عِنْدَ الإِطْلاَقِ وَالتَّجَرُّدِ عَن الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ عَنْ طَلَبِ الْفِعْلِ تُحْمَلُ عَلَيْهِ؛ أَيْ: عَلَى الْوُجُوبِ؛ نَحْوُ:
{وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ} [الْبَقَرَةِ:43]، إِلاَّ مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ النَّدْبُ أَو الإِبَاحَةُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ؛ أَيْ: عَلَى النَّدْبِ أَو الإِبَاحَةِ.
- مِثَالُ النَّدْبِ: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النُّورِ:33].
- وَمِثَالُ الإِبَاحَةِ: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [الْمَائِدَةِ:2].
- وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْكِتَابَةِ وَالاصْطِيَادِ).

هيئة الإشراف

#3

2 Dec 2008

شرح الورقات لابن الفركاح الشافعي


قال تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري ابن الفركاح الشافعي (ت: 690هـ): ( (1) والأمرُ: هوَ استدعاءُ الفعْلِ بالقولِ مِمَّنْ هوَ دُونَهُ على سَبيلِ الوُجوبِ.
اخْتَلَفَ الأُصولِيُّونَ في أنَّ حقيقةَ الأمرِ بمعنى القولِ مُدْرَكَةٌ بالْبَدِيهَةِ أمْ تَحتاجُ إلى رَسْمٍ مُعَرِّفٍ؟
فالمُتَقَدِّمونَ على أنَّها ممَّا يَدْخُلُ تحتَ الرسومِ، وقدْ ذَكَرُوا رُسومًا.
منها: قولُ بعضِهم: (هوَ القولُ المُقْتَضِي طاعةَ المأمورِ)، وهذا رَسْمٌ فاسِدٌ؛ فإنَّ المأمورَ مُشْتَقٌّ مِن الأمْرِ، فإنَّهُ اسْمُ مفعولٍ، ومتى أُخِذَ في الرسْمِ أو الحَدِّ شيءٌ مُشْتَقٌّ مِن المحدودِ فَسَدَ الْحَدُّ؛ فإنَّهُ يَصيرُ تَعريفًا للشيءِ بما هوَ مُتَوَقِّفٌ عليهِ.
وقالَ آخَرونَ: الأمرُصِيغةُ افْعَلْ مُجَرَّدَةً.
وفي هذا حَصْرُ الأمرِ في اللغةِ العربيَّةِ، ولا شَكَّ أنَّ كلَّ ما قامَ مَقامَ افْعَلْ في سائرِ اللغاتِ أَمْرٌ، وأمَّا الرسْمُ المذكورُ في الكتابِ فقد اختارَهُ جماعةٌ.
وقالُوا: الاستدعاءُ يكُونُ تارةً طَلَبَ الفعْلِ، وتارةً طَلَبَ الترْكِ، فالأمرُ هوَ طَلَبُ الفعلِ.
- وقالُوا: بالقَوْلِ؛ لتَخْرُجَ الكتابةُ والإشارةُ.
- وقالُوا: مِمَّنْ هوَ دُونَهُ؛ لأنَّ الطلَبَ عندَ القُدماءِ إنْ كانَ مِن الأَعْلَى إلى الأَدْنَى كانَ أَمْرًا.
- وإنْ كانَ مِن الْمِثْلِ إلى الْمِثْلِ كانَ التِمَاسًا.
- وإنْ كانَ مِن الأَدْنَى إلى الأعلى كانَ دُعاءً وتَضَرُّعًا ورَغبةً.
وقالَ طائفةٌ مِن المُتَأَخِّرينَ:
حقيقةُ الأمرِ مَعلومةٌ لكلِّ عاقلٍ فهيَ غَنِيَّةٌ عن الرسْمِ والتعريفِ، واحْتَجُّوا بأنَّ كلَّ عاقلٍ يُدْرِكُ الفرْقَ بينَ قامَ وقُمْ بالبَدِيهَةِ، والفرْقُ بينَ الشيئَيْنِ مَوقوفٌ على تَصَوُّرِهما، فإذا كانَ الفرْقُ بينَهما بَدِيهِيًّا كانَ تَصَوُّرُهما كذلكَ.
وقيلَ:
المُحْتَرَزُ عنهُ بقولِهم: استدعاءُ الفعْلِ هوَ الاستفهامُ، مِثلُ قولِكَ: ما كذا؟
فإنَّهُ طَلَبُ قَوْلٍ لا فِعْلٍ، وهذا يَلْزَمُ عليهِ أنْ يكُونَ قولُ القائلِ: قُلْ، ليسَ أمرًا؛ فإنَّهُ استدعاءُ قولٍ لا فِعْلٍ.
وقولُهُ: (على سبيلِ الوُجوبِ) إنْ أرادَ بهِ أنْ يكونَ بصِيغةِ الوُجوبِ وهوَ صِيغةُ الاستعلاءِ، فهوَ مَذهَبٌ قالَ بهِ بعضُهم.
والمذاهِبُ في العُلُوِّ والاستعلاءِ ثلاثةٌ:
- مَذْهَبُ القُدماءِ: اعتبارُ العُلُوِّ فَقَطْ، وقدْ تَقَدَّمَ تَفصيلُ قولِهم.
- ومَذْهَبُ طائفةٍ مِن المتأخِّرينَ: اعتبارُ الاستعلاءِ في الصيغةِ فَقَطْ.
- ومَذهبٌ ثالثٌ: وهوَ الذي حَمَلَ عليهِ قولَهُ في الكتابِ على سبيلِ الوُجوبِ: الجمْعُ بينَ العُلُوِّ والاستعلاءِ.
والظاهرُ مِنْ هذهِ المذاهِبِ الثلاثةِ الاكتفاءُ بالاستعلاءِ؛ فإنَّ العبدَ إذا أَمَرَ سَيِّدَهُ مُستَعْلِيًا عليهِ في الصيغةِ يُسْتَحْمَقُ، وكذلكَ الوَضِيعُ مِن الناسِ إذا أَمَرَ الْمَلِكَ أوْ أَحَدَ الأشرافِ مُسْتَعْلِيًا عليهِ عُدَّ أحمقَ واستُقْبِحَ منهُ ذلكَ، ولولا تَحَقُّقُ الأمرِ منهُ لمْ يكُنْ للاستقباحِ وَجْهٌ.
ولا يَصِحُّ أنْ يُحْمَلَ قولُهُ: (على سبيلِ الوُجوبِ) على أنَّ معناهُ إرادةُ الوُجوبِ بالصيغةِ؛ فإنَّ ذلكَ مَذهَبٌ يُحْكَى عنْ بعضِ المُعْتَزِلَةِ، وقدْ صَرَّحَ في الكتابِ بخِلافِهِ في قولِهِ: وعندَ التجَرُّدِ يُفيدُ الأمرُ الوُجوبَ، فلوْ كانت الإرادةُ شَرْطًا لمْ تكُن الصيغةُ الْمُجَرَّدَةُ مُفيدةً.
(2) (وصِيغتُهُ افْعَلْ) وعندَ الإطلاقِ والتجَرُّدِ عن القرينةِ يُحْمَلُ عليهِ إلاَّ ما دَلَّ الدليلُ على أنَّ المرادَ منهُ الندْبُ أو الإباحةُ؛ فيُحْمَلُ عليْهِ، يعني: صِيغةُ الأمْرِ بِلُغَةِ العربِ افْعَلْ، وإذا كانتْ مُجَرَّدَةً عن القرائنِ حُمِلَتْ على الوُجوبِ.
وقولُهُ: (إلاَّ ما دَلَّ الدليلُ على أنَّ المرادَ منهُ الندْبُ أو الإباحةُ فيُحْمَلُ عليهِ) استثناءٌ مِنْ غيرِ الجنْسِ؛ فإنَّ ما دلَّ الدليلُ على صَرْفِهِ عنْ الأمرِ ليسَ مُجَرَّدًا، ويُمْكِنُ أنْ يكونَ استثناءًا مُتَّصِلاً، ويكونَ المعنى أنَّ الصيغةَ الْمُجَرَّدَةَ للوُجوبِ إلاَّ أنْ يُعْلَمَ بدليلٍ مُنْفَصِلٍ خُرُوجُها عنهُ، فقدْ تكونُ الصيغةُ مُجَرَّدَةً عن القرائنِ الحاليَّةِ والمقالِيَّةِ الصارفةِ الصيغةَ عن الأمرِ، ويُعْلَمُ بدليلٍ مُنْفَصِلٍ أنَّها ليستْ للأمرِ، فالمُسْتَثْنَى مِن الصيغةِ الْمُجَرَّدَةِ التي خَرَجَتْ عن الأمرِ بدليلٍ مُنْفَصِلٍ.
ومِثالُ الصيغةِ الْمُجَرَّدَةِ التي خَرَجَت عن الأمرِ بدليلٍ مُنْفَصِلٍ، قولُهُ تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}، هذهِ صِيغةُ أَمْرٍ بالشهادةِ مُجَرَّدَةٌ عنْ مُعارِضٍ، حَمَلَها الفُقهاءُ على الندْبِ بما رَأَوْهُ صارِفًا لها عن الوُجوبِ، وهوَ قولُهم: إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ باعَ ولمْ يُشْهِدْ، واشْتَرَى ولمْ يُشْهِدْ، فحَمَلُوا الصيغةَ على النَّدْبِ.
وقولُهُ تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} عندَ مَنْ يَرَى أنَّ الأمرَ الواردَ بعدَ الحظْرِ للإباحةِ، ممَّا صُرِفَ عن الوُجوبِ بقَرينةٍ، فلَيْسَتْ صِيغةُ الأمرِ فيهِ مُجَرَّدَةً.

وأمَّا مَنْ لا يَرَى الأمرَ الواردَ بعدَ الحظْرِ للإباحةِ؛ فإنَّهُ عندَهُ مِنْ بابِ قولِهِ تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}، صيغةٌ مُجَرَّدَةٌ عُرِفَ بدليلٍ مُنْفَصِلٍ خُرُوجُها عن الوجوبِ إلى الإباحةِ.

والدليلُ المنفصِلُ: هوَ اتِّفاقُ أهلِ العلْمِ على عَدَمِ وُجوبِ الاصْطِيَادِ.

- وكذلكَ: قولُهُ تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ}؛ فإنَّ الانتشارَ كانَ حَرامًا قبلَ انقضاءِ الصلاةِ، فالأمْرُ بالانتشارِ بعدَ انقضائِها أمْرٌ بعدَ الحَظْرِ، ففيهِ ما تَقَدَّمَ في قولِهِ تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} ).

هيئة الإشراف

#4

2 Dec 2008

الأنجم الزاهرات للشيخ: محمد بن عثمان المارديني


قال شمس الدين محمد بن عثمان بن علي المارديني (ت: 871هـ): ( (1) أقولُ: لمَّا فَرَغَ منْ تقسيمِ البابِ الأوَّلِ وَهُوَ الكلامُ، شَرَعَ في الثَّاني وَهُو:
الأَمْرُ،
وَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ في رَسْمِ الأَمْرِ:
فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ المُتَأَخِّرِينَ إلى عدمِ جوازِ رسْمِهِ؛ لأنَّ الأَمْرَ مَعْلُومٌ بَديهيًّا لكلِّ عاقلٍ، فلاَ يَفْتَقِرُ للتَّعريفِ؛ لأنَّ كلَّ مكلَّفٍ يفرِّقُ بيْنَ (قَامَ) و(قُمْ).
وَذَهَبَ جماعةٌ منَ المُتَقَدِّمينَ إلى جوازِ رسْمِهِ، ومنْهُمُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللهُ تعالى فَقَالَ هُوَ: اسْتِدْعَاءُ الفِعْلِ بالقَوْلِ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ.
فقولُهُ: (اسْتِدْعَاءُ الفِعْلِ) ليُخْرِجَ النَّهْيَ؛ لأَنَّهُ اسْتِدْعاءُ التَّرْكِ على مَا يأْتي إنْ شاءَ اللهُ تعالى.
وقولُهُ: (بالقَوْلِ) لتَخْرُجَ الإِشَارَةُ؛ فإنَّهَا ليْسَتْ بِقَوْلٍ.
وقولُهُ: (ممَّنْ هُوَ دُونَهُ) ليُخْرِجَ مَنْ هُوَ مثلُهُ أَوْ أَعْلى مِنْهُ؛ فإنَّ الأَمْرَ لمثلِهِ لاَ يُسَمَّى أَمْرًا، بَلْ يُسَمَّى التِمَاسًا.
وكَذَا إذَا كانَ للأَعْلى فَلاَ يُسمَّى أمْرًا، بَلْ يُسمَّى دُعَاءً وتضرُّعًا.
وقولُهُ: (عَلى سَبيلِ الوُجُوبِ) ليُخْرِجَ الأمرَ على سَبيلِ النَّدْبِ والإِبَاحَةِ؛ لأنَّ الأمرَ إذَا وردَ بلفظِ
افْعَلْ حُمِلَ على الوجوبِ عنْدَ الإطْلاقِ والتَّجَرُّدِ عَنْ قَرينَةٍ تُخْرِجُهُ عَنِ الوجوبِ،كقولِهِ تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجُمُعَةِ:9].
وقولِهِ تَعَالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ} [الإِسْراءِ:78]، وَمَا أشْبَهَ ذلكَ.
فهذَا يُحْمَلُ على الوجوبِ؛ لعدمِ قرينةٍ تُخْرِجُهُ عَنْهُ.
بِخِلافِ قولِهِ تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البَقَرةِ:282]، فَقَدْ دَلَّ دَليلٌ على عدمِ وجوبِهِ؛ لبيعِهِ عليْهِ السَّلامُ مِنْ غَيْرِ إشْهادٍ، فَحُمِلَتِ الصِّيغَةُ على النَّدبِ.
- وكذَا قولُهُ تعَالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائِدَةِ:2]، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا} [الجُمُعَةِ:10]، فَالإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ على عدم وُجوبِ الاصْطِيَادِ عندَ الإِحْلالِ، وعلى عدمِ الانتشارِ عندَ قضاءِ الصَّلاةِ. واللهُ أَعْلَمُ).

هيئة الإشراف

#5

2 Dec 2008

قرة العين للشيخ: محمد بن محمد الرعيني الحطاب


قال أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعيني المالكي [المعروف: بالحطاب] (ت: 954هـ): ( (1) ولمَّا انقَضَى كلامُهُ علَى أقْسَامِ الكلامِ؛ أتبْعَ ذلكَ بالكَلامِ علَى: الأمْر
فَقَالَ: والأمرُ: استدعاءُ الفِعْلِ بالَقولِ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ علَى سبيلِ الوجوبِ؛ بأنْ لا يَجُوزَ لهُ التَّرْكُ.
فقولُهُ: (استدعاءُ الفعلِ) يخرُجُ بهِ النَّهيُ؛ لأنَّهُ استدعَاءُ التَّرْكِ.
وقولُهُ: (بالقَولِ) يخرُجُ بهِ الطَّلَبُ بالإشارةِ والكتابَةِ والقرائِنِ المفهمَةِ.
وقولُهُ: (ممَّنْ هوَ دونَهُ) يخْرُجُ بهِ الطَّلبُ منَ المُسَاوي والأَعْلَى، فلا يُسَمَّى ذلكَ أَمرًا، بَلْ يُسَمَّى - الأَوَّلُ: التِمَاسًا.
- والثَانِي: دَعَاءً وسُؤالاً.
وهذا قولُ جَمَاعِةٍ منَ الأصُوليِّينَ.
والمُخْتَارُ أَنَّهُ لا يُعتَبرُ في الأمرِ العُلُوُّ،
وهوَ أنْ يكونَ الطَّلبُ علَى سبيلِ التَّعاظُمِ، والفَرْقُ بينَ العُلُوِّ والاستعلاءِ أنَّ العُلوَّ كونُ الآمِرِ في نَفسِهِ أعلَى درَجَةً منَ المأمُورِ، والاستعلاءُ أنْ يجْعَلَ نَفْسَهُ عالِيًا بتكَبُّرٍ أو غيرِهِ، وقدْ لا يكُونُ في نفسِ الأمرِ كذلِكَ؛ فالعُلُوُّ منْ صِفاتِ الآمِرِ، والاستِعلاءُ من صفاتِ كلامِهِ.
وقولُهُ (علَى سَبيلِ الوُجُوبِ) مُخْرِجٌ للأمرِ علَى سَبيلِ النَّدْبِ؛ بأنْ يَجُوزَ التَّرْكُ.
واقتَضَى كَلامُ المُصَنِّفِ أنَّ المَندُوبَ ليسَ مَأْمُورًا بهِ، وفيهِ خِلافٌ مبنِيٌّ علَى أنَّ لفظَ الأمرِ حقيقَةٌ في الوجُوبِ، أو في القدرِ المُشْتَرَكِ بينَ الإيجابِ والنَّدبِ وهوَ طلَبُ الفِعلِ.
وقيلَ: إنَّهُ حقيقةٌ في النَّدبِ، وقيلَ غيرُ ذلكَ.
(2) (صيغتُهُ) أي: صيغَةُ الأمرِ الدالَّةِ عليهِ (افعلْ) وليسَ المرادُ هذا الوزْنَ بخصُوصِهِ، بَلْ كَونُ اللَّفظِ دالاًّ علَى الأمرِ بهيئَةٍ؛ نحوُ: اضْربْ، وأكْرِمْ، واستَخْرِجْ، ولْيُنْفِقْ،{ولْيَقْضُوا تَفثَهُمْ}،{ولْيُوفُوا نُذورَهُمْ}، {ولْيَطَّوفُوا بالبْيتِ العَتْيقِ}.


(وهِيَ) أَي: صِيغَةُ الأَمرِ،
عِنْدِ الإطلاقِ والتَّجَرُّدِ عَنِ القَرينَةِ الصارِفَةِ عنِ الوُجُوبِ، تُحْمَلُ علَيهِ؛ أَي: علَى الوُجُوبِ؛ نَحْوُ: {أَقِيمُوا الصَّلاةَ}.
(إلا مَا دلَّ الدلِيلُ علَى أنَّ المُرادَ مِنهُ النَّدْبُ) نحوُ: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}؛ لأنَّ المقَامَ يقتِضي عَدَمَ الوجُوبِ؛ فإنَّ المكاتَبَةَ مِنَ المعامَلاتِ، أو الإبَاحَةِ؛ نحوُ: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}؛ فإنَّ الاصطيادَ أحدُ وجوهِ التَّكسُّبِ، وهوَ مُبَاحٌ، وقَدْ أجْمَعُوا علَى عدَمِ وجُوبِ المكاتبَةِ والاصْطِيادِ.
وظاهرُ كلامِهِ أنَّ الاستثْنَاءَ في قَولِهِ: إلا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ: منقطِعٌ؛ لأنَّ الدَّليلَ هو القرينَةُ، ويمكنُ أن يكُونَ متَّصِلاً، وتختَصُّ القرينَةُ بِمَا كانَ متَّصِلاً بالصِّيغَةِ، والدَّلِيلُ بما كانَ منفصِلاً عنْهَا؛ لأنَّ مَا كانتِ القَرِينَةُ فيهِ منفصلةً داخِلٌ في المجرَّدِ عنِ القِرينَةِ:
- مِثالُ القرينَةِ المتَّصِلةِ: قَولُهُ تعَالَى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ}؛ بعدَ قَولِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}.

- ومثالُ القرينَةِ المنْفَصِلَةِ: قولُهُ تعالَى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}، والقرينَةُ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاعَ ولمْ يَشْهَدْ، فَعُلِمَ أنَّ الأمْرَ للنَّدبِ).

هيئة الإشراف

#6

2 Dec 2008

شرح الورقات للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


قال الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان: ( (1) بَابُ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ: مِن الأَبْوَابِ المُهِمَّةِ فِي أُصُولِ الفِقْهِ؛ لأَنَّ مَدَارَ التَّكْلِيفِ عَلَى الأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي.
يقولُ السَّرْخَسِيُّ فِي أُصُولِهِ ص:11: (فَأَحَقُّ ما يُبْدَأُ بهِ فِي البَيَانِ الأمرُ والنَّهْيُ؛ لأنَّ مُعْظَمَ الابتلاءِ بِهِمَا، وبمعرفتِهِمَا تَتِمُّ معرفةُ الأحكامِ، ويَتَمَيَّزُ الحلالُ من الحرامِ). اهـ
والأمْرُ: اسْتِدْعَاءُ الفِعْلِ بالقولِ مِمَّا هوَ دونَهُ.
وقولُهُ: (اسْتِدْعَاءُ) أيْ: طَلَبُ، والمُرَادُ
بالفعلِ: الإيجادُ. لِيَشْمَلَ الفِعْلَ المأمورَ بهِ، مِثْلُ: {وَآتُوا الزَّكَاةَ}، والقولَ المأمورَ بهِ مثلُ: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا}.
والمَعْنَى أنَّ الأمرَ طَلَبُ إيجادِ فعلٍ أوْ إيجادِ قولٍ، وهذا القَيْدُ يُخْرِجُ النَّهْيَ؛ لأنَّهُ اسْتِدْعَاءُ التركِ.
وقولُهُ: (بِالقَوْل) هذا قَيْدٌ ثانٍ لإخراجِ الإشارةِ؛ فإِنَّها وإنْ أَفَادَتْ طَلَبَ الفعلِ، لَكِنَّهَا لا تُسَمَّى أَمْرًا.
وقولُهُ: (مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ) هذا قيدٌ ثالثٌ خَرَجَ بهِ استدعاءُ الفعلِ مِمَّنْ سَاوَاهُ، وهذا الْتِمَاسٌ، أوْ مِمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ، وهذا دُعاءٌ وسُؤَالٌ، وعلَى هذا؛ فَطَلَبُ الفِعْلِ يُسَمَّى أَمْرًا معَ الاستعلاءِ.
قالَ الأَخْضَرِيُّ:

أَمْرٌ مَعَ اسْتِعْلا وَعَكْسُهُ دُعَا ... وَفِي التَّسَاوِي فَالْتِمَاسٌ وَقَعَا

(5) وقولُ المُصَنِّفِ: (عَلَى سَبِيلِ الوُجُوبِ) هذا مُتَعَلِّقٌ بقولِهِ: اسْتِدْعَاءُ، وفيهِ بيانُ أنَّ صَيِغةَ الأمرِ تَقْتَضِي الوجوبَ، وهذا عندَ الإطلاقِ؛ أي: التَّجَرُّدِ من القرائنِ الصَّارِفَةِ للأمرِ عن الوجوبِ إلَى غيرِهِ، وكأنَّ المُؤَلِّفَ يَرَى أنَّ المندوبَ ليسَ مأمورًا بهِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ وَتَحَتُّمِهِ.
والمُحَقِّقُونَ علَى أنَّ المندوبَ مأمورٌ بهِ؛ لأنَّهُ طاعةٌ إِجْمَاعًا، والطاعةُ فِعْلُ المأمورِ بهِ وإنْ كانَ غيرَ واجبٍ، فيكونُ الأمرُ أَمْرَ إيجابٍ وأَمْرَ استحبابٍ، وَأَشَرْنَا إلَى ذلكَ فِي الكلامِ علَى المندوبِ.
وأمَّا مسألةُ الأمرِ عندَ الإطلاقِ ففيها خلافٌ.
والمُخْتَارُ ما ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ منْ أنَّها تَقْتَضِي الوجوبَ، كقولِهِ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}، وَنُسِبَ فِي (شَرْحِ الكوكبِ المُنِيرِ) هذا القولُ إلَى الجمهورِ منْ أرْبَابِ المذاهبِ الأربعةِ 3/39.
ومِن الأدلَّةِ علَى ذلكَ قولُهُ تَعَالَى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
وَوَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَوَعَّدَ المخالفِينَ لأمرِ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالفِتْنَةِ، وهيَ الزَّيْغُ، أوْ بالعذابِ الأليمِ.
ولا يُتَوَعَّدُ بذلكَ إلا علَى تَرْكِ وَاجِبٍ، فَدَلَّ علَى أنَّ أمْرَ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُطْلَقَ يَقْتَضِي الوجوبَ، قال القُرْطُبِيُّ فِي تفسيرِهِ (12/322): (هذهِ الآيَةِ اسْتَدَلَّ الفقهاءُ علَى أنَّ الأمرَ للوُجُوبِ....)
ثُمَّ ذَكَرَ المُصَنِّفُ أنَّ الصيغةَ الدالَّةَ علَى طلبِ الفعلِ هيَ افْعَلْ، مِثْلُ:
{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}، والمرادُ بذلكَ: كُلُّ ما يَدُلُّ علَى طَلَبِ الفعلِ منْ أيِّ صِيغَةٍ، فَيَشْمَلُ: افْعَلِي، وافْعَلُوا، ونحوَهُمَا.
ويَقُومُ مَقَامَهُمَا اسمُ فِعْلِ الأمرِ، كقولِهِ تَعَالَى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}.
- والمَصْدَرُ النائبُ عنْ فِعْلِ الأمرِ، مثلُ قولِهِ تَعَالَى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}.
- والمُضَارِعُ المَقْرُونُ بلامِ الأمرِ، كقولِهِ تَعَالَى: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ}.
وهناكَ صِيَغٌ أُخْرَى تَدُلُّ علَى طَلَبِ الفعلِ؛ ومنها:
1- التصريحُ بلفظِ الأمرِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ...}، وحديثِ ابنِ عَبَّاسٍ فِي وَفْدِ عَبْدِ القَيْسِ، وفيهِ: ((آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ...)).
2- لَفْظُ فَرَضَ أوْ وَجَبَ أوْ كَتَب ونحوِهَا، قالَ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ}، وحديثُ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: ((فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ)).
3- وَصْفُ الفعلِ بأنَّهُ طَاعَةٌ، أوْ يُمْدَحُ فَاعِلُهُ، أوْ يُذَمُّ تَارِكُهُ، أوْ ما فيهِ تَرْتِيبُ الذمِّ والعِقَابِ علَى التَّرْكِ، أوْ إِحْبَاطُ العملِ بالتركِ، وغيرُ ذلكَ.
ثُمَّ ذَكَرَ أنَّ صيغةَ الأمرِ عندَ الإطلاقِ والتَّجَرُّدِ عن القرينةِ تُحْمَلُ علَى الوجوبِ كما تَقَدَّمَ، إلا ما دَلَّ الدليلُ علَى أنَّ المرادَ منهُ النَّدْبُ أو الإباحةُ، وذلكَ أنَّ صيغةَ الأمرِ لا تُحْمَلُ علَى غيرِ الوجوبِ إلا إذا وُجِدَ دليلٌ صارفٌ عن الوجوبِ إلَى غيرِهِ.
كالنَّدْبِ،
ومثالُهُ: حديثُ عبدِ اللَّهِ المُزَنِيِّ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((صَلُّوا قَبْلَ صَلاةِ المَغْرِبِ -قَالَ فِي الثَّالِثَةِ- لِمَنْ شَاءَ)).

أو الإباحةِ،
ومثالُهُ قولُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}.
والقرينةُ الصارفةُ فِي الأَوَّلِ قولُهُ: {لِمَنْ شَاءَ}، وفي الثاني هيَ أنَّ الأمرَ بعدَ الحظرِ للإباحةِ؛ لأنَّ الاصطيادَ فِي الإحرامِ حرامٌ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البَّرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}؛ أيْ: مُحْرِمِينَ.
ومِنْ هُنَا قالَ الأُصُولِيُّونَ: الأمرُ بعدَ النهيِ للإباحةِ، واحْتَجُّوا بأنَّ هذا النوعَ من الأمرِ للإباحةِ فِي أَغْلَبِ استعمالاتِ الشرعِ كما مَثَّلْنَا.
وكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} بعدَ قولِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}.
ويَرَى آخَرُونَ أنَّ الأمْرَ بعدَ الحَظْرِ يَرْجِعُ إلَى ما كانَ عليهِ قبلَ الحظرِ.
قالَ ابنُ كثيرٍ عندَ تفسيرِ آيَةِ المائدةِ: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}، والصَّحِيحُ الذي يَثْبُتُ علَى السَّبْرِ أنَّهُ يُرَدُّ الحُكْمُ إلَى ما كانَ عليهِ قبلَ النَّهْيِ؛ فإنْ كانَ وَاجِبًا رَدَّهُ وَاجِبًا، وإنْ كانَ مُسْتَحَبًّا فَمُسْتَحَبٌّ، أوْ مُبَاحًا فَمُبَاحٌ.
ومَنْ قالَ: إنَّهُ علَى الوجوبِ، يُنْتَقَضُ عليهِ بآياتٍ كثيرةٍ.
ومَنْ قالَ: إنَّهُ للإباحةِ، يُرَدُّ عليهِ بآياتِ أُخَرَ.
والذي يَنْتَظِمُ الأَدِلَّةَ كُلَّهَا هذا الذي ذَكَرْنَاهُ، كما اخْتَارَهُ بعضُ عُلَمَاءِ الأصولِ، واللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ (3/9).
فمثالُ أَمْرٍ بعدَ نهيٍ عادَ إلَى الوجوبِ حديثُ: ((فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي))، فالأمرُ بالصلاةِ للوجوبِ؛ لأنَّ الصلاةَ قبلَ امْتِنَاعِهَا بالحَيْضِ واجبةٌ.
وَمِثَالُهُ أيضًا: قولُهُ تَعَالَى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}، فالأمرُ بِقَتْلِ المُشْرِكِينَ كانَ وَاجِبًا قبلَ دخولِ الأشهرِ الحُرُمِ، فَمُنِعَ منْ أجلِهَا، ثمَّ أُمِرَ بهِ بعدَ انْسِلاخِهَا، فَيَرْجِعُ إلَى ما كانَ عليهِ قبلَ المَنْعِ، وهوَ الوجوبُ.
ومثالُ الاستحبابِ حديثُ: ((كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا))، فالزيارةُ مُسْتَحَبَّةٌ قبلَ المَنْعِ، ثمَّ نُهِيَ عنها، ثمَّ أُمِرَ بِهَا، فَعَادَ الأمرُ إلَى الاستحبابِ.
وتَقَدَّمَ مثالُ ما كانَ مُبَاحًا، ثمَّ نُهِيَ عنهُ، ثمَّ أُمِرَ بهِ، وهذا القولُ هوَ المختارُ؛ لأَِنَّ الحَظْرَ كانَ لعارضٍ، فإذا ارْتَفَعَ العارِضُ عادَ الأمرُ إلَى ما كانَ عليهِ.
ثم إنَّ هذا القولَ فيهِ جَمْعٌ بينَ الأَدِلَّةِ، كَمَا أَشَارَ إليهِ الحافظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. واخْتَارَ هذا القولَ الشيخُ (تَقِيُّ الدِّينِ ابنُ تَيْمِيَّة) رَحِمَهُ اللَّهُ كما فِي(المُسَوَّدَةِ) (ص16)، (وَشَرْحِ الكوكبِ المُنِيرِ)(3/60).
وَرَجَّحَهُ الشيخُ (مُحَمَّدٌ الأمينُ الشِّنْقِيطِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ فِي (مُذَكِّرَتِهِ علَى رَوْضَةِ الناظرِ) (ص192، 193)، وفي (تفسيرِهِ) أيضًا (2/4). وَنَسَبَهُ الطُّوفِيُّ فِي (مُخْتَصَرِ الروضةِ) (ص86) إلَى الأَكْثَرِينَ، واللَّهُ أَعْلَمُ).

هيئة الإشراف

#7

2 Dec 2008

شرح الورقات للشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم (مفرَّغ)


قال الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم: (قال إمام الحرمين أبو المعالي الجويني رحمه الله تعالى: (والأمر استدعاء الفعل بالقول ممن هو دُونه على سبيل الوجوب).
يقول المؤلف رحمه الله: (والأمر:استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب).
باب الأمر من الأبواب المهمة في أصول الفقه، وذلك لأن الشريعة تشتمل على أوامر وتشتمل على نواهي، والأوامر كثيرة، ومن هنا تأتي أهمية هذا الباب، وأهمية معرفة ما يتعلق بمسائله.
والأمر في اللغة كما في (القاموس): ضد النهي، قال في (القاموس): إنه يجمع على أمور، وفي (المصباح): (الأمر بمعنى الحال، جمعه أمور، وعليه: {وما أمر فرعون برشيد}، يعني حاله). والأمر بمعنى الطلب، جمعه: أوامر، فرق بينهما، يعني بنيه وبين السابق، فالأمر يُطلق أيضاً على طلب الفعل كقوله سبحانه:{وأْمر أهلك بالصلاة}، هذا الأمر يُجمع على أوامر، الثاني: يُطلق على الفعل والحال والشأن،كقوله سبحانه: {وشاورهم في الأمر} وكذلك الآيه السابقة: {وما أمر فرعون برشيد}، يعني: حاله، وهذا يُجمع على أمور، والمراد الأول وهو طلب الفعل، الأمر: طلب الفعل.

أما تعريفه في الاصطلاح:

فقد عُرّف بتعاريف منها تعريف المؤلف هنا وهو قوله:الأمر استدعاء الفعل يعني: طلب الفعل- بالقول، يُخرج الإشارة مثلاً- ممن هو دونه -بخلاف ما لو كان بالعكس- على سبيل الوجوب، هذا تعريفه عند المؤلف في (الورقات).

وقد عرّفه في (البرهان) بأنه: القول المقُتضي بنفسه طاعة المأمور بفعل المأمور به.

وعرّفه في كتابه: (الكافية في الجدل)، بأنه:الدعاء إلى الفعل.

هذه ثلاثة تعريفات للمؤلف رحمه الله في كتبه الثلاثة، (الورقات) و(البُرهان) و(الكافية). كما أنه عُرّف أيضاً بأنه:قول يتضمن طلب الفعل على وجه الاستعلاء، مثل قوله جل وعلا: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}، فتقييده بأنه قول، يُخرج الإشارة، فإن الإشارة لا تسمى أمراً وإن أفادت معناه ودلّت عليه، وكذلك طلب الفعل يُخرج النهي،لأنه طلب ترك، وكذلك على وجه الاستعلاء، هذا يُخرج الالتماس والدعاء وغيرهما مما يستفاد من صيغة الأمر بالقرائن.

فإن الإنسان قد يطلب الإنسان من شخص مساوٍ أو ممن هو دونه أو ممن هو أعلى منه، فالطلب إذا كان من الأعلى إلى الأدنى فهو أمر، وإذا كان من الأدنى إلى الأعلى فهو دعاء، وإذا كان من المثل لمماثله، المساوي لمساويه هذا التماس، وهذه الثلاثة جمعها الأخضري في قوله في (متن السُّلم):

أمر مع استعلا وعكسه دعا ... وفي التساوي التماس  وقعا

وبعض أهل العلم ذهب إلى أن الأمر واضح، لا حاجه إلى أن يحُدّ بحد، وأن يذكر له تعريف، قالوا، بأن كل عاقل، يُفرِّق بين قام وقُم، الأمر معلوم بدهيّاً لكل عاقل، فلا يفتقر إلى تعريف، فكل مكلّف بالغ عاقل يُفرّق بين قولك قام وأنه خبر، وبين قولك قُم وأنه: أمر.

وقول المؤلف هنا: على سبيل الوجوب، هذا ليُخرج الأمر الذي على سبيل الندب والإباحة، لأن الأمر إذا ورد بلفظ افعل حُمل على الوجوب عند الإطلاق، والتجرُّد عن قرينة تخرجه عن الوجوب.

فمثلاً: قوله جل وعلا: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} هذا أمر، والأمر للوجوب، وكذلك {أقم الصلاة} هذا أمر، والأمر للوجوب. فإن جاء ما يُخرج الأمر عن الوجوب فإنه يُصار إليه مثل قوله جل وعلا: {وأشهدوا إذا تبايعتم}.

هل يجب على الإنسان أن يُشهد؟

الآيه: وأشهدوا، على القاعدة، نعم، يجب، لكن جاء ما يصرف هذا الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب وهو: أنه عليه الصلاة والسلام اشترى ولم يُشهد، اشترى فرساً من أعرابي ولم يُشهد، لو كان الإشهاد واجباً لأشهد، فدل على الاستحباب، مع أن بعض أهل العلم ذهب إلى أن الأمر هنا ليس للاستحباب، وإنما هو للإرشاد، لا للاستحباب والندب.

والفرق بين (الإرشاد) وبين (الندب) و(الاستحباب)، قالوا: إن الندب يرجع إلى مصالح الآخرة، أما الإرشاد فهو يرجع إلى مصالح الدنيا، وكذلك فرق آخر، أن الندب فيه ثواب، أما الإرشاد فلا ثواب له، هكذا يقول بعض الأصوليين.

وكذلك قوله سبحانه: {وإذا حللتم فاصطادوا} {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا} حكم الاصطياد إذا حلّ الإنسان من إحرامه، واجب؟ هذا مباح، إذا قضيت الصلاة فانتشروا، الانتشار بعد الصلاة، هذا مباح، لأنه انعقد الإجماع على عدم وجوب الاصطياد عند الإحرام، وعلى عدم وجوب الانتشار عند انقضاء الصلاة، فهذا أخرج الأمر عن الأصل فيه وهو أنه للوجوب.

وأما مسألة الاستعلاء في الأمر: هذا موضع خلاف بين الأصوليين، بعضهم يقول: إن استدعاء فعل بالقول الدالّ عليه، على سبيل الاستعلاء، هذا ليس شرطاً، بعض الأصوليين لا يشترط العلو ولا الاستعلاءفيالآمر، فيطلقون الأمر ولو كان من شخص مماثل، أو أقل، ويستشهدون على هذا بقول عمرو بن العاص لمعاوية رضي عنهما:-

أمرتك أمراً جازمـاً فعصيتنـي .... وكان من التوفيق قتل ابن هاشم

هذا خرج على معاوية فظفر به، ثم عفا عنه، فخرج عليه مرّة أُخرى، فلما خرج عليه ونازعه، قال عمرو لمعاوية: أمرتك، مع أن معاوية خليفة، وعمرو من أفراد الرعية، فليس هناك علو ولا استعلاء من عمرو على معاوية.

ومثله أيضاً لو أن عبداً خلا بسيدّه وكان مع سيّده دراهم، فقال أعطني هذه الدراهم وإلا قتلتك، وكان معه سلاح، وليس عند سيده أحد، وهو يقدر على قتل هذا السيد، قوله: أعطني هذه الدراهم، هذا أمر وهذا عبد عنده رقيق، الحاصل أن هذا مختلف فيه وأمره سهل.

وكذلك قوله جل وعلا حكاية عن ملكة سبأ لقومها: {فماذا تأمرون}، لا يُعتبر أمراً، لكن قال بعضهم: إنها لما منحتهم هذا الأمر كان في ذلك إعلاءً لهم. المهم أن الأمر هو (قول يتضمن طلب الفعل على وجه الاستعلاء)، هذا هو المشهور في تعريف الأمر.

وإن كان بعضهم يعترض على كلمة قول، لأنها تخرج الإشارة وهذا لا غُبار عليه، وتُخرج الكتابة، الكتابة قد تدل على الأمر، ولهذا تعريف المؤلف أنه استدعاء الفعل بالقول، نفس الإشكال أيضاً، وهكذا شأن هذه التعاريف أنها لا تخلو من بعض الاعتراضات، وهذا يدل على وجاهة قول من قال: إن الأمر أوضح من أن يوضحّ وأنه ليس بحاجة إلى تعريف.

وصيغته: (افعل)، وهي عند الإطلاق والتجرد عن القرينة تُحمل عليه، إلا ما دل الدليل على أن المراد منه الندب أو الإباحة، ولا تقتضي التكرار على الصحيح.
(وصيغته:افعل)
صيغة الأمر الأصلية: (افعل)، يقول المؤلف رحمه الله: وصيغته افعل عند الإطلاق والتجرد عن القرينة، يحمل عليه، إلا ما دلّ دليل على أن المراد الندب أو الإباحة، فيُحمل عليه.

الأمر له صيغ تدل على طلب الفعل، إذا تجردت عن القرائن الصارفة عنه، لا بد من هذا، إذا وجد قرائن مثل ما سبق في الإشهاد في البيع، في الاصطياد عند الإحلال، والانتشار بعد الصلاة، هذه فيها قرائن، فيه أدلة وفيه إجماع، صَرَف الأمر عن معناه الأصلي.

من صيغ الأمر، فعل الأمر،

مثل: {أقم الصلاة}، هذا أمر، مثل: {استغفروا ربكم}، ومثل قوله جل وعلا: {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين}، ومثل: قوله سبحانه: {اتل ما أوحي إليك من الكتاب}، فهذا واضح، هذه من صيغ الأمر.

الأولى: فعل الأمر، مثل: {أقم الصلاة}.
الصيغة الثانية: الفعل المضارع المقرون بلام الأمر، والمجزوم بها، مثل قوله جل وعلا: {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق}.
وكذلك، {ثم ليقضوا تفثهم} يعني: الحُجاج، ليقضوا، يعني: اقضوا تفثكم، وأوفوا نذوركم، وطوفوا بالبيت العتيق، هذا معناه، هذه صيغة ثانية، يأتي بصيغة الفعل المضارع المقرون بلام الأمر.
صيغة ثالثة: اسم فعل الأمر، مثل قوله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم} ومثل: حي على الصلاة، فقولك: حي على الصلاة هذا اسم فعل أمر.
وصيغة رابعة: المصدر النائب عن فعل الأمر، مثل قوله سبحانه: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب}.
فقوله سبحانه {فضرب الرقاب} يعني: اضربوا الرقاب، {فضرب} هذا مصدر نائب عن فعل الأمر.

وفيه صيغ أخرى تدل على الأمر مثل ما لو جاء التصريح بلفظ الأمر، آمركم بكذا وكذا، أمرتكم بكذا وكذا، أنتم مأمورون بكذا وكذا مثل آمركم بالصلاة والزكاة، هذا يدل على الأمر، وكذا التصريح بالإيجاب والفرض والكَتْب مثل: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام}{كُتِبَ} معناه: فُرِضَ، يدل على الأمر.

وكذلك إذا ورد ترتب عقاب على ترك شيء، أو إحباط العمل بالترك أو ما أشبه ذلك، فكل هذه الصيغ تدل على الأمر.
لكن صيغة الأمر إذا وردت تدل على ماذا؟

إذا وردت صيغة الأمر مجردة عن القرائن الدالة على المراد بها اقتضت الوجوب في مذهب جمهور أهل العلم، قد دلّ على هذا أدلة كثيرة، كقوله تعالى لإبليس: {ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك} وقوله: {وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون} وقوله سبحانه: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} وقوله: {أفعصيت أمري} وقوله: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} إلى غير ذلك من الآيات الكريمات، إذ لا خلاص للمأمور من الوعيد ولا نجاة له من العذاب ومن الخروج من العصيان إلا بالامتثال، ويدل لذلك أيضاً أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يستدلون بالأمر على الوجوب ولم يقع بينهم خلاف في ذلك.

وكذلك أطبق أهل اللغة على ذم العبد الذي لم يمتثل أمر سيده، ووصفه بالعصيان، ولا يُذم ويوصف بالعصيان إلا من كان تاركاً لواجب عليه.

هذا هو الأصل في صيغة الأمر إذا وردت، أنها تدل على الوجوب، لكن قد تأتي صيغة الأمر وليس المراد بها الوجوب وتخرج عن معناها الأصلي إلى معان أخرى، ترشد إلى هذه المعاني القرائن، ومن ذلك قوله سبحانه {كلوا واشربوا} هذا أمر لكنه للإباحة، ومثل {اعملوا ما شئتم} هذا أمر لكنه للتهديد، ومثل قوله سبحانه {كلوا مما رزقناكم} هذا للامتنان، ومثل قوله جل وعلا {ادخلوها بسلام آمنين} يعني الجنة، هذا أمر لكنه للإكرام.

ومثل قوله جل وعلا {فأتوا بسورة من مثله} هذا أمر لكن هو على ظاهره؟ هذا للتعجيز. ومثل {اصبروا أو لا تصبروا} هذا أمر لكنه للتسوية، وكذلك قوله سبحانه {ألقوا ما أنتم ملقون} هذا للاحتقار، وكذلك قوله سبحانه {فانظر ماذا ترى} هذا للمشورة، وقوله {انظروا إلى ثمره إذا أثمر} هذا للاعتبار، ومثل قوله جل وعلا إذا قال الإنسان {رب اغفر لي} هذا دعاء ليس أمراً كما سبق أن الإنسان إذا كان الشيء من الأدنى إلى الأعلى لا يسمى أمراً وإنما دعاء، وكذلك يطلق على الالتماس مثل قول الطالب لزميله: أعطني كذا، يطلب منه، هذا أمر لكنه يقصد به الالتماس.

هذه أحد عشر معناً فيها أمر لكن ليس المراد بها الأمر، دل على عدم إرادة الأمر القرائن وسياق الكلام، فالمعنى يدل عليه أحياناً السباق يعني الكلام السابق، وأحياناً يدل عليه اللحاق وهو الكلام اللاحق الذي بعده، بعد الكلام المشكل، وقد لا يدل عليه السباق ولا اللحاق، لكن يدل عليه السياق وهو مجموع الأمرين، فالإنسان يعرف المعنى إما بالسباق أو باللحاق أو بالسياق. وهذه الصيغ المذكورة هي في ظاهرها للأمر، لكن ظاهرها أوامر ولكن المراد بها غير الأمر. هذا ما يتعلق بالصيغ).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#8

2 Dec 2008

العناصر

الأمر

أهمية (باب الأمر) في أصول الفقه
تعريف (الأمر)
تعريف (الأمر) لغة
إطلاقات (الأمر):
الإطلاق الأول: يطلق الأمر على طلب الفعل، ومثاله
الإطلاق الثاني: يطلق على الفعل والحال والشأن، ومثاله
تعريف (الأمر) اصطلاحاً
التعريف الأول للأمر في الاصطلاح: استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب
شرح التعريف الأول للأمر
إرادة الوجوب بصيغة الأمر ليست شرطاً في إفادتها الوجوب، خلافا لبعض المعتزلة
التعريف الثاني للأمر في الاصطلاح: القول المقتضي بنفسه طاعة المأمور بفعل المأمور به
اعتراض على قيد (القول) في تعريف الأمر
الاعتراض على التعريف الثاني للأمر بأن فيه دوراً
التعريف الثالث للأمر في الاصطلاح: الدعاء إلى الفعل
التعريف الرابع للأمر في الاصطلاح: قول يتضمن طلب الفعل على وجه الاستعلاء
شرح التعريف الرابع للأمر في الاصطلاح
التعريف الخامس للأمر في الاصطلاح: صيغة افعل مجرَّدة
الاعتراض على التعريف الخامس بأنه غير جامع

الخلاف في جواز تعريف (الأمر):
القول الأول: أنه لا يجوز تعريفه. وهو مذهب جماعة من المتأخرين
دليل القول الأول: أن الأمر معلوم بدهي لكل عاقل، فلا يحتاج للتعريف
القول الثاني: أنه يجوز تعريف الأمر. وهو مذهب جماعة من المتقدمين، منهم الجويني

الخلاف في اعتبار العلو والاستعلاء في (الأمر):
القول الأول: أن المعتبر في الأمر العلو فقط
القول الثاني: أن المعتبر في الأمر الاستعلاء في الصيغة فقط
دليل القول الثاني في مسألة الاستعلاء
الفرق بين العلو والاستعلاء
فائدة: في الفرق بين الإرشاد وبين الندب والاستحباب
القول الثالث: أن المعتبر في الأمر العلو والاستعلاء
هذا ظاهر قول الجويني في تعريف الأمر (على سبيل الوجوب)

الراجح عند ابن الفركاح والحطاب اعتبار الاستعلاء في الأمر دون العلو
سبب ترجيح ابن الفركاح اعتبار الاستعلاء في الأمر دون العلو

صيغ الأمر
الصيغة الأولى: فعل الأمر (افعل) ونحوه
الصيغة الثانية: الفعل المضارع المقترن بلام الأمر
الصيغة الثالثة: اسم فعل الأمر
الصيغة الرابعة: المصدر النائب عن فعل الأمر
الصيغة الخامسة: التصريح بلفظ الأمر
الصيغة السادسة: التصريح بالإيجاب والفرض والكتب
الصيغة السابعة: ترتيب العقاب على ترك شيء أو إحباط العمل بالترك أو ما أشبه ذلك

دلالة صيغة الأمر المجردة عن القرائن
الخلاف في دلالة صيغة الأمر المجردة عن القرائن
بيان أن الأمر المجرد عن القرينة يدل على الوجوب. وهو مذهب جمهور أهل العلم، وهو الراجح
الأدلة على أن الأمر المجرد عن القرينة يدل على الوجوب
مسألة: قد تصرف صيغة الأمر من الدلالة على الوجوب إلى معان أخر لقرينة:
المعنى الأول: الإباحة، أو الندب
المعنى الثاني: التهديد
المعنى الثالث: الامتنان
المعنى الرابع: الإكرام
المعنى الخامس: التعجيز
المعنى السادس: التسوية
المعنى السابع: الاحتقار
المعنى الثامن: المشورة
المعنى التاسع: الاعتبار
المعنى العاشر: الدعاء
المعنى الحادي عشر: الالتماس

القرينة الصارفة للأمر عن الوجوب قد تكون متصلة أو منفصلة

الخلاف في المندوب هل هو مأمور به أو لا؟
القول الأول: أن المندوب ليس مأموراً به. وهو ظاهر كلام الجويني
دليل القول الأول: أن المندوب غير واجب ولا متحتم
القول الثاني: أن المندوب مأمور به. وهو قول المحققين من الأصوليين
دليل القول الثاني: أن المندوب طاعة إجماعاً، والطاعة: فعل المأمور به وإن كان غير واجب

سبب الخلاف في المندوب هل هو مأمور به أو لا؟
مسألة: هل الأمر بعد النهي يقتضي الإباحة أو لا؟
القول الأول: أن الأمر بعد النهي يقتضي الإباحة
دليل القول الأول: أن الأمر بعد النهي يقتضي الإباحة في أغلب استعمالات الشرع
القول الثاني: الأمر بعد النهي يرجع إلى ما كان عليه قبل النهي
ترجيح ابن كثير للقول الثاني، وبيان سبب ترجيحه

أمثلة على رجوع الأمر بعد النهي إلى ما كان عليه قبل النهي

عبد العزيز بن داخل المطيري

#9

2 Dec 2008

الأسئلة

س1: بين أهمية باب (الأمر) في أصول الفقه.
س2: عرف (الأمر) لغة.
س3: اذكر إطلاقات الأمر.
س4: أورد بعض التعريفات للأمر اصطلاحاً، وانقدها.
س5: اذكر الخلاف في جواز تعريف الأمر من عدمه.
س6: ما الفرق بين العلو والاستعلاء؛ واذكر الخلاف في اعتبارهما في (الأمر)؟
س7: بين الفرق بين الإرشاد وبين الندب والاستحباب.
س8: عدد صيغ الأمر ومثل لكل منها.
س9: اذكر الخلاف في دلالة صيغة الأمر المجردة.
س10: قد تصرف صيغة الأمر من دلالتها على الوجوب إلى معان أخر لقرينة، اذكر عشراً من هذه المعاني.
س11: هل المندوب مأمور به أو لا؟