الدروس
course cover
العلم المكتسب
1 Nov 2008
1 Nov 2008

5827

0

0

course cover
شرح الورقات في أصول الفقه

القسم الأول

العلم المكتسب
1 Nov 2008
1 Nov 2008

1 Nov 2008

5827

0

0


0

0

0

0

0

العلم المكتسب


قال إمام الحرمين: أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني (ت ٤٧٨هـ) : (وَأَمَّا العِلْمُ المُكْتَسَبُ: فَهُوَ المَوْقُوفُ عَلَى النَّظَرِ وَالاسْتِدْلالِ.

وَالنَّظَرُ: هُوَ الفِكْرُ في حَالِ المَنْظُورِ فِيهِ.

وَالاسْتِدْلالُ: طَلَبُ الدَّلِيلِ.

وَالدَّلِيلُ: هُوَ المُرْشِدُ إِلى المَطْلُوبِ؛ أنَّهُ عَلاَمَةٌ عَلَيْهِ.

وَالظَّنُّ: تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَظْهَرُ مِن الآخَرِ.

وَالشَّكُّ: تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ لا مَزِيَّةَ لأَحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ).

هيئة الإشراف

#2

27 Nov 2008

شرح الورقات للعلامة: جلال الدين محمد بن أحمد المحلي


قال جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (ت ٨٦٤هـ): ( (5) (وَأَمَّا الْعِلْمُ الْمُكْتَسَبُ: فَهُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَى النَّظَرِ وَالاسْتِدْلاَلِ) كَالْعِلْمِ بِأَنَّ الْعَالَمَ حَادِثٌ؛ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى النَّظَرِ فِي الْعَالَمِ، وَمَا نُشَاهِدُهُ فِيهِ مِن التَّغَيُّرِ، فَيُنْتَقَلُ مِنْ تَغَيُّرِهِ إِلَى حُدُوثِهِ.

(وَالنَّظَرُ: هُوَ الْفِكْرُ فِي حَالِ الْمَنْظُورِ فِيهِ) لِيُؤَدِّيَ إِلَى الْمَطْلُوبِ.

(6) (وَالاسْتِدْلاَلُ: طلَبُ الدَّليلِ) لِيُؤَدِّيَ إِلَى الْمَطْلُوبِ. فَمُؤَدَّى النَّظَرِ وَالاسْتِدْلاَلِ وَاحِدٌ. فَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا فِي الإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ تَأْكِيدًا.

(والدَّلِيلُ: هُوَ المُرْشِدُ إِلى المطْلُوبِ) لأَنَّهُ عَلاَمَةٌ عَليْهِ.

(7) (وَالظَّنُّ: تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَظْهَرُ مِن الآخَرِ) عِنْدَ الْمُجَوِّزِ.

(وَالشَّكُّ: تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ لاَ مَزِيَّةَ لأَحَدِهِمَا عَلى الآخَرِ) عِنْدَ الْمُجَوِّزِ؛ فَالتَّرَدُّدُ فِي قِيَامِ زَيْدٍ وَنَفْيِهِ عَلَى السَّوَاءِ شَكٌّ، وَمَعَ رُجْحَانِ الثُّبُوتِ أَو الانْتِفَاءِ ظَنٌّ).

هيئة الإشراف

#3

27 Nov 2008

شرح الورقات لابن الفركاح الشافعي


قال تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري ابن الفركاح الشافعي (ت: 690هـ): ( (5) (وأمَّا العلْمُ المُكْتَسَبُ فهوَ الموقوفُ على النظَرِ، والنظرُ هوَ الاستدلالُ).

فإنَّ الاستدلالَ هوَ اسْتِفْعَالٌ مِن الدليلِ، ومعناهُ مِن الطَّلَبِ.

والنظَرُ هوَ أيضًا طَلَبٌ، فيُمْكِنُ الاكتفاءُ بلفظِ النظَرِ عن الاستدلالِ.

ويُمْكِنُ الاكتفاءُ بالاستدلالِ عن النظَرِ، وإنَّما جَمَعَ بينَهما زِيادةً في البيانِ، ثمَّ إنَّهُ فَسَّرَهما بتَفسيرَيْنِ مُختلِفَيْنِ في الظاهِرِ، فقالَ:

(6) (النظَرُ هوَ الفِكْرُ في حالِ المنظورِ فيهِ، والاستدلالُ طَلَبُ الدليلِ). فكأنَّهُ جَعَلَ النظرَ أَعَمَّ مِن الاستدلالِ؛ فإنَّ الفِكْرَ في حالِ المنظورِ فيهِ قدْ يكونُ مِنْ جِهةِ ما يَصْدُقُ بهِ ويُحْكَمُ عليهِ بأمْرٍ ما، وذلكَ هوالاستدلالُ؛ فإنَّ المقصودَ حصولُ دَليلٍ يُفيدُ ذلكَ الحكْمَ المطلوبَ، وقدْ يكونُ النظَرُ في حالِ المنظورِ فيهِ مِنْ جِهةٍ أُخرى كالفِكْرِ في تَصَوُّرِ حقيقتِهِ، ولْيُعْلَمْ أنَّ النظَرَوالفكْرَ هنا بمعنًى واحدٍ، وإنَّما أُبْدِلَ أحدُهما بالآخَرِ؛ لأنَّ الفكْرَ مَشهورٌ عندَ النُّظَّارِ وغيرِهم، والنظَرَ لا يَكادُ يَستعمِلُهُ إلاَّ النُّظَّارُ، وقدْ يُطْلَقُ الاستدلالُ على ذِكْرِ الدليلِ، وهذا هوَ المشهورُ في عُرْفِ الفُقهاءِ الآنَ.

(7) (والدليلُ هوَ الْمُرْشِدُ إلى المطلوبِ).

هذا الرسْمُ الذي ذَكَرَهُ للدليلِ يُلائِمُ كلامَ الفُقهاءِ؛ فإنَّهُم يُطْلِقونَ الدليلَ على ما أَفادَهم المطلوبَ، سَوَاءٌ كانَ بطَريقٍ قَطْعِيٍّ أوْ بطريقٍ ظَنِّيٍّ.

ولهذا يُطْلِقونَ لفظَ الدليلِ على: الظواهِرِ، والمُؤَوَّلاتِ، والأَقْيِسَةِ.

وأمَّا المُتَكَلِّمونَ فإنَّهُم يَخُصُّونَ اسمَ الدليلِ بما كانَ قَطْعِيًّ، ويُسَمُّونَ ما أَفادَ الظنَّ أَمَارَةً.

(8) (والظنُّ تَجويزُ أَمرَيْنِ أحدُهما أَظْهَرُ مِن الآخَرِ).

الظنُّ في اللغةِ يُطْلَقُ ويُرادُ بهِ اليقينُ.

قالَ اللهُ تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُوا رَبِّهِمْ}.

وقالَ الشاعرُ: فَقُلْتُ لَهُم ظُنُّوا بأَلْفَيْ مُدَجَّجٍ

أَي: أَيْقِنُوا.

وعن الخليلِ بنِ أحمدَ أنَّهُ قالَ: (الظَّنُّ شَكٌّ ويَقين)ٌ.

وقد اصْطَلَحَ أربابُ الكلامِ والأصولِ على إطلاقِ الظنِّ على أَمْرٍ يُغايِرُ الشكَّ واليقينَ، وهوَ الطَّرَفُ الراجِحُ مِن الاحتمالَيْنِ.

كاحتمالِ وُقوعِ المطَرِ واحتمالِ عَدَمِ وُقوعِهِ في زَمَنِ الشتاءِ، عندَ وُجودِ قَرينةِ الغَيْمِ وهُبوبِ الرياحِ؛ فإنَّ الراجِحَ مِنْ هَذيْنِ الاحتمالَيْنِ وُقوعُ الْمَطَرِ فهوَ ظَنّ.

والطَّرَفُ المرجوحُ المقابِلُ لهُ يُسَمَّى وَهْمًا.

وقولُهُ في الكتابِ: (الظنُّ تَجويزُ أَمرَيْنِ... إلى آخِرِهِ) هوَ رسْمٌ مَدخولٌ.

فإنَّ الظنَّ ليسَ هوَ نفسَ التجويزِ، وإنَّما هوَ الراجحُ مِن الْمُجَوَّزَيْنِ.

(9) (والشَّكُّ تَجويزُ أَمرَيْنِ لا مَزِيَّةَ لأحَدِهما على الآخَرِ). هذا رَسْمُ الشَّكِّ في عُرْفِ أهلِ الكلامِ والأصولِ، وأمَّا في اللغةِ فقد استُعْمِلَ الشكُّ بمعنى الظَّنِّ، والغرَضُ مِنْ تَمييزِ الظنِّ عن الشكِّ، وتَمييزِهما عن الوَهْمِ: ضَبْطُ الأقسامِ المُضَادَّةِ للعِلْم ِوهيَ:

- الظنُّ.

- والوَهْمُ.

- والشكُّ.

- والاعتقادُ).

هيئة الإشراف

#4

27 Nov 2008

الأنجم الزاهرات للشيخ: محمد بن عثمان المارديني


قال شمس الدين محمد بن عثمان بن علي المارديني (ت: 871هـ): ( (5) أقولُ: لمَّا فَرَغَ منْ تعريفِ العلمِ الضَّروريِّ شَرَعِ في تعريفِ العلمِ المُكْتَسَبِ، وهوَ: الَّذِي لاَ تُعْلَمُ الأشياءُ المطلوبةُ إلاَّ بنظرٍ واستدلالٍ.

ولوِ اقْتصرَ على أحدِ اللَّفْظيْنِ كفى؛ لأنَّ النَّظرَ -في الحقيقةِ- هُوَ الطَّلَبُ، والاستدلالُ كذلكَ.

لكنْ رُبَّمَا جَمَعَ بينَهُمَا زيادةَ إيضاحٍ؛ ولهذَا فسَّرَ كلَّ واحدٍ منهُمَا بتفسيرٍ في الظَّاهِرِ، وإنْ كانتِ الحقيقةُ واحدةً، فقالَ:

النَّظرُ هوَ: الفكرُ في حالِ المنظورِ فيهِ.

والاستدلالُ: طلبُ الدَّليلِ، كأنَّهُ يشيرُ إلى أنَّ النَّظرَ أعمُّ منَ الاسْتِدلالِ.

ولهذَا عرَّفهُ بالفكرِ في حالِ المنظورِ فيه؛ لأنَّ الفكرَ: قدْ يكونُ منْ جهةٍ مَا يُصَدَّقُ بهِ ويُحْكَمُ عليْهِ كقولِنَا: (الرِّبا حرامٌ) وَ (المتعةُ حرامٌ) و(الاسْتئجارُ على الوطءِ حرامٌ) فهذِهِ عقودٌ عُلِمَ تحريمُهَا بالفكرِ والاستدلالِ وحُكِمَ عليْهَا.

وقدْ يكونُ الفكرُ منْ جهةٍ تصوُّرًا مَا وَلاَ يُحْكَمُ عليْهِ، وذلكَ لعدمِ الاسْتِدلالِ.


فكانَ الفكرُ أعمَّ، والاستدلالُ أخصَّ؛ لوجودِهِ في أحدِ الفكريْنِ.

ثُمَّ فسَّرَ الاستدلالَ بـ (طلبِ الدَّليلِ المرشِدِ إلى المطلوبِ).

فكأنَّهُ جعلَ الاستدلالَ طلبَ الدليلِ المرشدِ إلى المقصودِ سواءً اتَّصَلَ إلى المقصودِ بطريقٍ قطعيٍّ أوْ ظنِّيٍّ عندَ الفقهاءِ.

وفرَّقَ المتكلِّمُونَ بيْنَ مَا يُوصِلُ إلى المقصودِ أنْ يكونَ بطريقٍ:

قطعيٍّ.

أوْ ظنِّيٍّ.


فمَا أوصلَ بطريقٍ قطعيٍّ يُسَمَّى دليلاً، وإلاَّ يُسَمَّى أمارةً. واللهُ أَعْلَمُ).

هيئة الإشراف

#5

27 Nov 2008

قرة العين للشيخ: محمد بن محمد الرعيني الحطاب


قال أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعيني المالكي [المعروف: بالحطاب] (ت: 954هـ): ( (6) (وأَمَّا العِلْمُ المُكْتَسَبُ؛ فهوَ المَوقُوفُ علَى النَّظَرِ والاستدْلالِ) كَالعِلْمِ بأنَّ العالَمَ حادثٌ؛ فإنَّهُ مَوقُوفٌ علَى النَّظَرِ في العَالَمِ، ومُشَاهَدَةِ تَغيُّرِهِ، فَيَنتَقِلُ الذِّهنُ منْ تغيُّرِهِ إلَى الحُكْمِ بحُدوثِهِ.

(والنَّظَرُ: هوَ الفِكْرُ في حالِ المَنْظُورِ فيهِ) ليؤَدِّيَ إلَى عِلْمٍ أو ظنٍّ بِمَطْلوبٍ تَصْدِيقيٍّ أو تصوُّريٍّ، والفِكُرُ حَرَكةُ النَّفسِ في المَعْقُولاتِ؛ بِخَلافِ حركَتِهَا في المَحْسُوساتِ؛ فإنَّها تُسَمَّى تَخْيِيلاً.

(7) (والاستدلالُ: طلَبُ الدَّليلِ) ليؤَدِّيَ إلَى مَطْلوبٍ تصديقيٍّ، فَالنَّظَرُ أَعَمُّ منَ الاستِدْلالِ؛ لأنَّهُ يكُونُ في التَّصوُّرَاتِ والتَّصْديقَاتِ، والاسْتِدْلالُ خاصٌّ بالتَّصدِيقَاتِ. (والدَّلِيلُ) لغةً: (هوَ المرشِدُ إلَى المطلوبِ؛ لأَنَّهُ علامةٌ علَيهِ).

وأمَّا اصطلاحًا: فهوَ مَا يَمكُنُ التَّوَصُّلُ بصحِيحِ النَّظَر فِيهِ إلَى مطْلُوبٍ جُزْئيٍّ.

(8) (والظَّنُّ: تَجْويزُ أمْرَيْنِ، أحدُهُمَا أَظْهَرُ مِنَ الآخَرِ) عندَ المُجوِّزِ؛ بِكَسْرِ الوَاوِ.

وقَولُ المصنِّفِ رحمَهُ اللَّهُ: (إنَّ الظنَّ هوَ التَّجْويزُ) فيهِ مُسَامَحَةٌ؛ فإنَّ الظَّنَّ ليسَ هوَ التَّجْوِيزَ، وإنَّما هوَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ مِن المُجَوَّزِينَ؛ بِفَتحِ الواوِ، والطَّرَفُ المَرْجُوحُ المُقَابِلُ لهُ وَهْمٌ.

(والشَّكُّ: تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ لا مَزِّيَةَ لأحَدِهِمَا علَى الآخرِ)

عندَ المُجَوِّزِ؛ بكَسْرِ الوَاوِ.

فالتَّرَدُّدُ في ثُبُوتِ قِيَامِ زَيدٍ ونَفْيهِ علَى السَّواءِ شكٌّ، ومَعَ رُجْحَانِ أحَدِهِما ظنٌّ للطَّرَفِ الرَّاجِحِ ووهْمٌ للطَّرَفِ المرْجُوحِ).

هيئة الإشراف

#6

27 Nov 2008

شرح الورقات للشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم (مفرَّغ)


قال الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم: ( (وأما العلم المكتسب: فهو الموقَف على النظر والاستدلال والنظر والفكر في حال المنظور، والاستدلال طلب الدليل، والدليل هو المرشد إلى المطلوب لأنه علامة عليه).

هذا القسم الثاني وهو العلم المكتسب، ويُسمى العلم النظري: لأن الإنسان لا يعلم بعض الأشياء إلا بعد بحث وبعد نظر، فلهذا يُسمى هذا العلم بالعلم المكتسب وبالعلم النظري.

المكتسب لأن الإنسان اكتسبه وحصل عليه بعد نظر واستدلال، والنظر هنا: هو الفكر في حال المنظور فيه، ليؤدي إلى علمٍ أو ظن.

يعني لو عرض لك شيء تنظر فيه، نظرك هذا عبارة عن فكرك في حال المنظور فيه، ويؤدي هذا النظر إلى علم، وقد يؤدي إلى ظن.

والنظر هنا هو التأمل، وليس بلازم له الإبصار، قد يكون نظر من قِبل كفيف البصر يسأل ويتأمل، فالنظر هنا ليس المراد به الإبصار وإنما هو الفكر، من المُبصِر ومن غيره، في حال المنظور فيه ليؤدي إلى علم أو ظن.

فالعلم الذي يُدركه الإنسان بتأمله وتفكره فيه ولو كان غير مُبصِرمثل:

العلم بشروط الصلاة، وفروض الوضوء، وأن البيع عقد لازم، والإجارة عقد لازم، والوكالة عقد جائز، وما أشبه ذلك.

هذه الأشياء هل يعرفها الإنسان ضرورة؟

لا، ما يعرف هذه الأشياء إلا بعد علم، بعد بحث وبعد نظر، فهذا يُقال له علم نظري، ويُقال له علم مكتسب.

وقوله: (والاستدلال طلب الدليل: الاستدلال الاستفعال، أي طلب دلالة الدليل، مثل: الاستنصار، طلب النُّصرة، فالاستدلال طلب دلالة الدليل، يعني عندنا دليل، دلالته ما هي؟ هذا هو الاستدلال، طلب الدليل، يعني طلب دلالة الدليل.

والدليل عُرِّف بأنه: المُرشد إلى المطلوب، هذا هو الدليل، ومنه ما يُسمى بالدليلة، الخِرّيت، الذي يدل الناس الطريق.

وعُرّف الدليل: بأنه ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري.

فعندنا نص من الكتاب أو السنة، يمكننا أن نتوصل بالنظر الصحيح في هذا الدليل إلى مطلوب خبري، يعني ما يدل عليه هذا الدليل وهذا أمرٌ واضح، أن الإنسان قد يعلم الأشياء علماً ضرويّاً، لا حاجة إلى بحث ولا جُهد، وأشياء لا يعرفها إلا بعد بحث وجُهد.

(والظن تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر)هذا معنى الظن.

يقول المؤلف رحمه الله: (والظن: تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر).

الظن في اللغة: التردد الراجح بين طرفي الاعتقاد غير الجازم، يُجمع على ظنون، وأظانين، على غير قياس، وقد يوضع موضع العلم.

قال في (المصباح): (الظن مصدر من باب قتل، وهو خلاف اليقين، قاله الأزهري وغيره)، قد يُستعمل بمعنى اليقين، كقوله تعالى:{الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ}.

في الأصل أن (الظن): التردد الراجح بين طرفي الاعتقاد، يعني متردد، هذا كله على ما ذهب إليه الأصوليون.

فإذا حصل عندك تردد في شيء، فالظن هو التردد الراجح من هذين الشيئين الذين ترددت فيهما.

وقد يطلق الظن بمعنى اليقين:

كما في الآية الكريمة {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ}.

فالإنسان عليه أن ينتبه لورود بعض الكلمات على غير المعنى المشهور، ولهذا ألف العلماء كتباً خاصة في هذا تسمى بكتب (الأشباه والنظائر أو الوجوه والنظائر).

في القرآن العزيز: تأتي كلمة ويكون لها معنى واحد لا يتغير، تأتي كلمة أخرى لها معنيان، تأتي كلمة لها معانٍ كثيرة، فبعض الناس لجهله يظن أن هذه الكلمة معناها كذا وكذا وأنها لا تتغير عن هذا المعنى، هذا غير صحيح.

مثلاً: لو قال إنسان: الظن ضد اليقين.

هل يستقيم هذا الكلام على ما في الآية الكريمة: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ}؟ ما يستقيم أبداً، ولا يجوز هذا.

فلننتبه لهذا، أن الكلمات قد تأتي ولها أكثر من معنى، في اللغة: وفي الشرع أيضاً، قد تأتي ولها معنى واحد أو معنيان أو ثلاثة.

والظن إذا نظرنا إليه: هو إدراك على كل حال، لكنه إدراك غير جازم، لأنه إذا كان جازماً فهو يقين، ولا يخلو هذا الظن من حالين:

أن يتساوى الأمران: عند هذا الظان، أو لا، فإن تساويا فهذا يسمونه شكّاً، هذا الشك.

الحالة الثانية: أن يترجح أحد الأمرين، فالراجح ظن والمرجوح وهم.


فالمدركات على هذا ثلاثة، يعني في هذه المسألة:

إما أن يكون المُدرك ظنّاً وإما أن يكون شكّاً، وإما أن يكون وهماً.

فإن كان تساوى عنده الأمران نقول هذا ظن، إن ترجح أحدهما على الآخر، فالراجح ظن، والمرجوح وهم، فإذا تساويا هذا شك، إذا ترجح أحدهما ظن، المرجوح وهم هذا عند علماء الأصول، أما عند علماء الفقه كل هذه يسمونها ظن، ننتبه إلى هذه المسألة أيضاً، يأتي في هذا مزيد بيان إن شاء الله.(والشك تجويز أمرين لا مزيّة لأحدهما على الآخر):

هذا هو الشك: تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر.

الشك في اللغة: خلاف اليقين، يُجمع على شكوك، وشكّ في الأمر وتشكّك وشكّكه غيره.

قال في (المصباح):(الشك: الارتياب، ويستعمل الفعل لازماً ومتعدياً بالحرف، فيقال شكَّ الأمر، يشكُّ شكّاً إذا التبس، وشككت فيه).

قال أئمة اللغة: الشك خلاف اليقين، هذا في اللغة، فعلماء اللغة وعلماء الفقه في هذا اتفقوا على هذا المعنى، بخلاف علماء الأصول.

فقولهم خلاف اليقين هو التردد بين شيئين سواء استوى طرفاه أو رجح أحدهما على الآخر، إلى أن قال صاحب (المصباح): قال ابن فارس:(الظن يكون شكّاً ويقيناً)، ويقال: أصل الشك: اضطراب القلب والنفس، وقد استعمل الفقهاء الشك في الحالين على وفق اللغة، نحو قولهم: من شك في الطلاق، من شك في الصلاة، أي من لم يتيقن، وسواء رجح أحد الجانبين أم لا،وكذلك قولهم: من تيقن الطهارة وشك في الحدث، وعكسه، أنه يبني على اليقين.

لو جاء إنسان قال: أنا متيقن الطهارة وشككت في الحدث، فماذا علي؟

نقول: الأصل الطهارة، ابْنِ على اليقين.

قال: أنا شككت، هل طلقت زوجتي أو لا؟

نقول: الأصل عدم الطلاق، والأصل بقاء النكاح.

أنا شككت هل أوقفت بيتي هذا أو لا؟

الأصل عدم الوقف.

الفقهاء ما يتوسعون في هذا، ما يقولون أنت غير متيقن، لكن هل استوى عندك هذا أو هذا أو ترجح الأمر أو استوى الأمران؟ فيكون هذا ظن، وهذا وهم، وهذا شك، ما يعرفون هذا، هذا غير معروف عند الفقهاء. إنما هذا اصطلاح أصولي، فلا يشتبه عليكم اصطلاح علماء الأصول هنا مع اصطلاح الفقهاء، لأن الذي ما يعرف الاصطلاحات يقع في بعض الغلط ويقع في غلط كبير، لأنه يفهم هذا على طريقة واحدة يظن كلام الفقهاء على كلام الأصوليين أو بالعكس، هذا مما اختلفوا فيه.

المهم أن الشك عند الأصوليين: تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر، فإن تَرجَّح أحد الأمرين فالراجح ظن، والمرجوح وهم، فإذا استوى الأمران نقول هذا شك، ترجح أحدهما ظن، والمرجوح وهم، هذه يسمونها يُسمونها المدركات، الأشياء التي تدرك، مثلاً: إنسان أراد شخصا لكن ما يدري هل هو سافر أم لم يسافر؟ ما ترجح عنده شيء، هذا شك لكن إن غلب على ظنه أنه قد سافر، لأنه مثلا كلم عليه ما رد أحد، كان هذا يغلب على الظن أنه سافر).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#7

27 Nov 2008

العناصر

القسم الثاني: العلم المكتسب

تعريف العلم المكتسب هو: (الموقوف على النظر والاستدلال)
اعتراض على جمع المؤلف في تعريف العلم الضروري والمكتسب بين النظر والاستدلال
توجيه جمع المؤلف بين النظر والاستدلال في التعريف
مثال العلم المكتسب
المراد بالعلم الذي ينقسم إلى ضروري وغيره هو علم العباد لا علم الله تعالى

النظر:
تعريف (النظر): هو الفكر في حال المنظور فيه
تعريف (الفكر)
تعريف (التخييل)

الاستدلال:
تعريف (الاستدلال)
الدليل:
تعريف (الدليل)
تعريف (الدليل) لغةً
تعريف (الدليل) اصطلاحًا
شرح التعريف الاصطلاحي للدليل
المقصود بالدليل عند الفقهاء وعند المتكلمين
المقصود بالاستدلال بالدليل

الظن:
تعريف (الظن)
تعريف (الظن) في اللغة
تعريف (الظن) اصطلاحًا، ومثاله
قول المصنف في تعريف (الظن): (هو: تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر) فيه تجوز
علاقة الظن بالشك والوهم
بيان أنه يجوز بناء الأحكام الشرعية على الظن وغلبة الظن إذا فقد اليقين

الشك:
تعريف (الشك)
تعريف (الشك) لغةً
تعريف (الشك) في اصطلاح الأصوليين
شرح التعريف الاصطلاحي للشك
فائدة هامة: في الفرق بين اصطلاح الفقهاء والأصوليين في الشك
عند اللغويين لا فرق بين الظن والشك
بيان الغرض من تمييز الظن عن الشك

عبد العزيز بن داخل المطيري

#8

27 Nov 2008

الأسئلة

س1: عرف ما يلي (النظر، الفكر، التخييل).
س2: عرف (الدليل) لغة واصطلاحاً.
س3: اشرح باختصار قول المصنف: (الظن: هو تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر).
س4: هل يجوز بناء الأحكام الشرعية على غلبة الظن.
س5: عرف (الشك) لغة واصطلاحاً.

س6: ما الفرق بين (الظن) و (الشك) عند اللغويين.