1 Nov 2008
العلم الضروري
قال إمام الحرمين: أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني (ت ٤٧٨هـ) : (أَقْسَامُ العِلْمِ:
والعِلْمُ الضَّرُورِيُّ: مَا لَمْ يَقَعُ عَنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلالٍ:
كَالْعِلْمِ الواقعِ بإحْدَى الحَوَاسِّ الخَمْسِ التي هيَ:
-السَّمْعُ.
-والبَصَرُ.
-والشَّمُّ.
-والذَّوْقُ.
-واللَّمْسُ.
- أو التَّوَاتُرُ).
شرح الورقات للعلامة: جلال الدين محمد بن أحمد المحلي
قال جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (ت ٨٦٤هـ): ( (4) (وَالْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ: مَا لَمْ يَقَعْ عَنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلالٍ؛ كَالْعِلْمِ الْوَاقِعِ بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ) الظَّاهِرَةِ، وَهِيَ:
- السَّمْعُ.
- وَالبَصَرُ.
- وَاللَّمْسُ.
- وَالشَّمُّ.
- وَالذَّوْقُ.
فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الإِحْسَاسِ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَاسْتِدْلاَلٍ).
شرح الورقات لابن الفركاح الشافعي
قال تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري ابن الفركاح الشافعي (ت: 690هـ): (ومعنى العلْمِ الضروريِّ: العلْمُ الذي يَضْطَرُّ الإنسانُ إليهِ، بحيثُ لا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ عنْ نفسِهِ ولا شَكَّ أنَّ ما يُدْرِكُهُ الإنسانُ بإحدى الحواسِّ الخمسِ، التي هيَ:
- السمْعُ.
- والبصَرُ.
- واللمْسُ.
- والشمٌّ.
- والذوْقُ.
مِن الأصواتِ والمرئِيَّاتِ والملموساتِ والمَشْمُومَاتِ والْمَذُوقَاتِ، لا يُمْكِنُ الإنسانَ دَفْعُهُ عنْ نفسِهِ، بلْ بالضرورةِ يَعْلَمُ مَنْ سَمِعَ الصوتَ أنَّهُ صوتٌ رفيعٌ أوْ خَفِيٌّ، ومَنْ رأى اللَّوْنَ أنَّهُ أبيضُ أوْ أسودُ مَثَلاً، ومَنْ لَمَسَ الجسْمَ أنَّهُ ناعمٌ أوْ خَشِنٌ، ومَنْ شَمَّ الرائحةَ أنَّها طَيِّبَةٌ أوْ خَبيثةٌ، ومَنْ ذاقَ الطَّعْمَ أنَّهُ حُلْوٌ أوْ حامِضٌ مَثَلاً؛ فهذا العلْمُ قدْ سُمِّيَ ضَروريًّا لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أنَّهُ مُدْرَكٌ بالضرورةِ، بحيثُ لا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ ولا يَحتاجُ فيهِ إلى نَظَرٍ واستدلالٍ: بلْ مُجَرَّدُ حُصُولِ الصوتِ في الأُذُنِ يَكْفِي في إدراكِهِ، وكذلكَ فَتْحُ الحَدَقَةِ لرُؤْيَةِ ما يُمْكِنُ إبصارُهُ، ومُلاقاةُ البَشْرَةِ للمَلْمُوس، والشمُّ وتَنَشُّقُ الهواءِ المُتَرَوِّحِ برائحةِ المَشْمُومِ، ومُلاقاةُ الْمَذُوقِ للعَصَبَةِ المُحِيطَةِ بسَطْحِ اللسانِ.
وهذا العلْمُ الحاصلُ مِنْ إِحْدَى هذهِ الحواسِّ الْخَمْسِ مُخْتَصٌّ بالعلومِ الْحِسِّيَّةِ.
ومِن العلومِ ما يَحْصُلُ لا عنْ نَظَرٍ ولا عن استدلالٍ، وليسَ مُدْرَكًا بالحواسِّ الخمسِ المذكورةِ، بلْ بِبَدِيهَةِ العقلِ: كالعلْمِ بأنَّ الكلَّ أَعظمُ مِن الجزءِ، والعلْمِ بأنَّ البياضَ والسوادَ لا يَجتمعانِ في مَحَلٍّ واحدٍ، والعلْمِ بأنَّ الشيءَ لا يكونُ مَوجودًا مَعدومًا في حالٍ، ولا لا مَوجودًا ولا مَعدومًا.
ومِن العلومِ التي لا يَقْدِرُ الإنسانُ على دَفْعِها عنْ نَفْسِهِ، ما يَعْلَمُهُ بالتَّوَاتُرِ: كعِلْمِ أَحَدِنا بِبَغْدَادَ ولمْ يَرَها ولا أَدْرَكَها بطريقٍ سِوَى الخبرِ الْمُتواتِرِ، وكذلكَ العلْمُ بوُجودِ الشافعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، والعلْمُ بوُجودِ الأنبياءِ عليهم السلامُ).
الأنجم الزاهرات للشيخ: محمد بن عثمان المارديني
قال شمس الدين محمد بن عثمان بن علي المارديني (ت: 871هـ): (ثُمَّ شَرَعَ في تقسيمِ العلمِ، وأنَّهُ ينقسمُ إلى: ضَرُوريٍّ وغيرِهِ.
والمرادُ بالعلمِ هنَا: الحادثُ، لاَ العلمُ القديمُ؛ فإنَّ علمَهُ تعالى لاَ يُقَالُ لَهُ: (ضروريّ)وَلاَ (اكتسابٌ)، بخلافِ علمِ العبادِ.
فإنَّ الأشياءَ إذَا عُلِمَتْ بأَحَدِ الحَواسِّ منْ غيرِ نظرٍ واستدلالٍ: كمَا لوْ سُمِعَ نَهيقُ حمارٍ: عُلِمَ أنَّهُ صَوْتُهُ، وكذَا صَهيلُ الفَرَسِ، وكذَا مَن رَأَى لوْنًا أبيضَ أوْ أسودَ، أوْ مسَّ جسْمًا عَلِمَ أنَّهُ ناعمٌ، أوْ خَشِنٌ، أوْ شمَّ رائحةً عَلِمَ أنَّهَا طيِّبةٌ أوْ كريهةٌ، أو ذاقَ طَعَامًا: علمَ أنَّهُ حامضٌ أوْ مُرٌّ؛ فإنَّ هذِهِ الأشياءَ يعلمُهَا الإنسانُ بديهيًّا منْ غيرِ نظرٍ واستدلالٍ، وَلاَ يمكنُ اندفاعُهَا عنْ علْمِهِ، بلْ بمجرَّدِ حصولِ الصَّوْتِ في الأُذُنِ أدْرَكَ معنَاهُ، وكذَا فَتْحُ الحَدَقةِ فيمَا يُمْكِنُ رؤيتُهُ، وكذَا ملاقاةُ بشَرةِ الملموسِ، وكذَا نَشْقُ الهوى للرَّائِحَةِ، وكذَا اتِّصالُ المذوقِ إلى اللِّسانِ.
فإنَّ هذِهِ الأشْياءَ تُعْلَمُ بالحواسِّ الخَمْسِ.
ثمَّ أعْقَبَهُمْ بالتَّواتُرِ أيْ: يُشيرُ إلى أنَّ منَ العِلْمِ الضَّرُوريِّ ما لاَ يُدْرِكُهُ بالحواسِّ، بلْ بالتَّواتُرِ، كعلمِنَا ببلدٍلمْ نَرَهُ، بلْ عُلِمَ يقينًا بالتَّواتُرِ، وكعِلْمِنَا بالملائكةِ والأنبياءِ، والأئمَّةِ الأربعةِ وغيرِ ذلك.
ولنَا قسمٌ سابعٌ تُدْرَكُ بهِ الأشياءُ منْ غيرِ نظرٍ واستدلالٍ كعلمِنَا أنَّ البياضَ والسَّوادَ لاَ يجتمعانِ في محلٍّ واحدٍ، وأنَّ الجُزْءَ أقلُّ منَ الكُلِّ، وأنَّ الشَّيْءَ الواحدَ لاَ يكونُ معدُومًا موجودًا في حالٍ واحدٍ.
فإنَّ هذِهِ الأشياءَ -كلَّهَا- تُعْلَمُ ضرورةً منْ غيرِ نظرٍ واستِدْلالٍ واللهُ أَعْلَمُ).
قرة العين للشيخ: محمد بن محمد الرعيني الحطاب
قال أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعيني المالكي [المعروف: بالحطاب] (ت: 954هـ): ((4) (والعِلْمُ) الحادِثُ، وهُوَ عِلْمُ المخلُوقِ، يَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَينِ:
- ضرُورِيٍّ.
- ومُكْتَسَبٍ.
وأَمَّا العِلمُ القديمُ، وهوَ علْمُ اللَّهِ سبحانَهُ وتَعَالَى؛ فلا يُوصَفُ بأَنَّهُ ضَروريٌّ ولا مُكْتسبٌ.
(5) فالعلمُ (الضَّرُورِيُّ) هوَ (مَا لَمْ يقَعْ عنْ نَظَرٍ واسْتِدْلالٍ) بأنْ يَحْصُلَ بِمُجَرَّدِ التفاتِ النَّفْسِ إليهِ، فَيُضْطَرُ الإنسَانُ إِلَى إدرَاكهِ، ولا يُمْكِنُهُ دفْعُهُ عنْ نفسِهِ، وذَلكَ (كَالعلْمِ الوَاقِعِ)؛ أي: الحاصِلِ (بإحْدَى الحَوَاسِّ) -جَمْعُ حَاسَّةٍ؛ بِمعنَى: القُوَّةُ الحَسَّاسَةُ- (الخَمْسِ) الظاهرَةِ؛ احترَازًا مِنَ البَاطِنَةِ، (الَّتِي هِيَ): (السَّمْعُ) وهُوَ قُوَّةٌ مُودَعَةٌ فِي العَصَبَ المَفْرُوشِ في مِقْعَرِ الصِّمَاخِ -أَيْ: مُؤَخَّرِهِ- يُدْرَكُ بِهَا الأَصْوَاتُ بطَريقِ وصُولِ الهوَاءِ المُتكَيِّفِ بكيفيَّةِ الصَّوْتِ إلَى الصِّمَاخِ؛ بمعنَى: أنَّ اللَّهَ سُبحَانَهُ يَخْلُقُ الإدْرَاكَ فِي النَّفْسِ عِنْدَ ذلكَ. (والبَصَرُ) وهوَ قُوَّةٌ مُودَعَةٌ في العَصبَتينِ المُجَوَّفَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يتلاقَيانِ في الدِّمَاغِ ثُمَّ يفترِقَانِ فَيتَأَدَّيانِ إلَى العَينيْنِ؛ يُدْرَكُ بها الأَضواءُ، والألْوانُ، والأشكَالُ، وغيرُ ذلكَ ممَّا يَخلُقُ اللَّهُ إِدْراكَهُ في النَّفسِ عندَ استعمالِ تلك القوَّةِ. (والشَمُّ) وهوَ قوَّةٌ مودعةٌ في الزَّائدَتَيْنِ النَّاتئتَيْنِ في مقدَّمِ الدِّماغِ، الشَّبيهَتَيْنِ بحَلَمَتَيِ الثَّدْيِ؛ يُدرَكُ بها الرَّوائحُ؛ بطريقِ وصولِ الهواءِ المتكَيِّفِ بكيفيَّةِ ذي الرَّائحةِ إلَى الخيشومِ، يخلقُ اللَّهُ سبحانهُ وتعالَى الإدراكَ عند ذلكَ. (والذَّوقُ) وهوَ قُوَّةٌ منْبَثَّةٌ في العَصَبِ المفروشِ علَى جرمِ اللِّسانِ؛ يُدْرَكُ بها الطُّعُومُ بمُخالطةِ الرُّطوبةِ اللُّعَابيَّةِ الَّتي في الفمِ للمطْعُومِ، ووصُولِهَا إلَى العصبِ؛ يخلُقُ اللَّهِ سُبْحانَهُ وتعالَى الإدْرَاكَ عندَ ذلكَ. (واللَّمْسُ) وهوَ قوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ في جميعِ البدَنِ؛ يُدْرَكُ بها الحرَارَةُ، والبُرودةُ، والرُّطوبةُ، واليُبُوسةُ … ونحوُ ذلكَ، عندَ الاتِّصالِ والتَّماسِ، يخلقُ اللَّهُ سبحانه وتَعالَى الإدْراكَ عندَ ذلكَ.
وفي بعْضِ النُّسخِ تقْدِيمُ اللَّمْسِ علَى الشَّمِّ والذَّوقِ.
وهَذِهِ الحَواسُّ الخَمْسُ الظَّاهرَةُ هيَ المقْطُوعُ بِوجُودِهَا.
أمَّا الحَوَاسُّ الباطنَةُ الَّتي أَثْبَتَهَا الفلاسفَةُ؛ فلَمْ يُثْبِتْهَا أهْلُ السُّنَّةِ؛ لأنَّها لمْ تَتِمَّ دَلائِلُهَا علَى الأُصولِ الإسْلاميَّةِ.
ودلَّ كلامُ المصِّنفِ علَى أنَّ العِلْمَ الحَاصِلَ منْ هذهِ الحواسِّ غيرُ الإحْسَاسِ.
ويُوجَدُ في بَعْضِ النُّسَخِ بعدَ ذكرِ الحواسِّ الخمْسِ: (أَو التَوَاتُرِ) وهوَ مَعطُوفٌ علَى قولِهِ: (بإحْدَى الحواسِّ الخَمْسِ).
والمَعْنَى: أنَّ العِلمَ الضَّروريَّ؛ كالعِلمِ الحاصلِ بإحدَى الحَواسِّ الخَمْسِ، وكَالعِلْمِ الحاصِلِ بالتَّواتُرِ، وذلكَ كَالعِلْمِ الحاصِلِ بِوُجُودِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكَظُهُورِ المُعْجزاتِ علَى يَدِهِ، وعجزِ الخَلْقِ عنْ مُعَارَضَتهِ، ومنَ العلومِ الضَّرُوريَّةِ العِلْمُ الحاصِلُ ببَديهةِ العقْلِ؛ كالعِلْمِ بأنَّ الكُلَّ أعظَمُ منَ الجُزءِ، وأنَّ النَّفيَ والإثْبَاتَ لا يَجتمِعانِ).
شرح الورقات للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان
قال الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان: (لَمَّا عَرَّفَ العِلْمَ ذَكَرَ أَقْسَامَهُ، والمُرَادُ: عِلْمُ المَخْلُوقِ، فهوَ قِسْمَانِ:
(4) العِلْمُ الضَّرُورِيُّ: وهوَ ما لا يَقَعُ عنْ نظرٍ واستدلالٍ، وذلكَ إذا كانَ إدراكُ المعلومِ ضَرُورِيًّا لا يَحْتَاجُ إلَى نظرٍ واستدلالٍ: كالعلمِ بأنَّ النارَ حَارَّةٌ.
ومن العلمِ الذي لا يَحْتَاجُ إلَى نظرٍ واستدلالٍ، العِلْمُ الواقعُ بِإِحْدَى الحَوَاسِّ الخمسِ الظاهرةِ؛ وهيَ:
- السمعُ.
- والبصرُ.
- واللَّمْسُ.
- والشَّمُّ.
- والذَّوْقُ.
فإنَّهُ يَحْصُلُ العلمُ بها بدُونِ نَظَرٍ ولا استدلالٍ.
ويُوجَدُ فِي بعضِ نُسَخِ الوَرَقَاتِ ذِكْرُ هذهِ الحواسِّ الخَمْسِ، كما يُوجَدُ فِي بعضِ النُّسَخِ بعدَ ذِكْرِ الحواسِّ الخَمْسِ: (أو التَّوَاتُرِ) أي: العِلْمُ الحاصلُ بالتواترِ من العلمِ الضَرُورِيِّ).
شرح الورقات للشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم (مفرَّغ)
قال الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم: ( (والعلم الضروريُّ ما لم يقع عن نظر واستدلال، كالعلم الواقع بإحدى الحواس الخمس التي هي السمع والبصر والشم والذوق واللمس أو التواتر).
ذكر المؤلف رحمه الله أن العلم ينقسم إلى قسمين:
- علم ضروري.
- وعلم نظري ويُسمى المكتسب.
العلم الضروي: هو الذي يُدركه الإنسان ضرورة ويكون معلوماً، بل هذا علم ضروري، يعني موجود في الفِطر.
مثل العلم بأن النار حارة، والثلج بارد والأرض تحتنا، والسماء فوقنا.
هل نحتاج إلى أن نتأمل ونرى أن الأرض فوقنا أم تحتنا؟
واضح، هذا علم ضروري.
فالإنسان في فطرته يعرف أشياء معرفة ضرورية، بل حتى البهائم تعلم أشياء علماً ضروريّاً.
فمثلاً: إذا جاء الإنسان وكان عنده بهائم، دخل عليهم الحظيرة ومعه حزمة علف.
يأتون إليه عارفين.
مثل الهّرة، لو وضعت لها أو أعطيتها قطعة لحم، تأتي وتأكلها عندك، لأنك أنت الذي وضعت لها هذا الشيء، فهي آمنه ومطمئنه، لكن لو أخذت منك قطعة لحم، ما تأكلها عندك، بل تذهب، تعرف هذا، هذه أشياء يدركها الإنسان بطبيعته، ليست بحاجة إلى نظر واستدلال، ولهذا يُقال عن هذا العلم إنه علم ضروري.
وتعريف العلم الضروري أنه: ما لم يقع عن نظر واستدلال، يعني هو الذي يعرفه الإنسان من غير نظر ومن غير استدلال، ومن غير بحث.
من الأمثلة عليه: العلم الواقع بإحدى الحواس الخمس.
الحواس الخمس هي:
فمثلاً لو سمع إنسان صهيل فرس أو هديل حمام أو نهيق حمار.
يُدرك أن هذا صوت حمار أو فرس أو حمام أو ما أشبه ذلك.
كيف أدرك؟
أدركه بحاسة السمع.
وكذلك من رأى بعينيه شيئاً أبيض أو أسود أو أحمر يُدرك بهذه الحاسة، حاسة البصر، أو مسّ جسماً عَلِم أنه ناعم أو خشن، وما أشبه ذلك، أو شم رائحة طيبة أو كريهة، يقال أنه أدرك وعلم هذا علماً ضروريّاً، أو ذاق طعاماً أو شرب ماءً مثلاً، يعرف أن هذا الماء حار، بارد، يعرف أن هذا حامض، أو مُرّ أو مالح أو غير مالح وما أشبه ذلك، هذا يُدرك بحاسة الذوق، هذه تُعلم بالحواس الخمس.
والمؤلف يرى أن كل شيء يُدرك بإحدى هذه الحواس الخمس أن علمه علم ضروري، وهذا في الكثير الغالب، وإلا فقد يُوجد شيء يُخرج هذا المعلوم عن كونه معلوماً ضروريّاً، لأن هذا إذا حملناه على صحة الحواس وإدراكها، وإلا قد لا تكون الرؤية جيدة، فلا يكون إدراكه وعلمه بهذا علماً ضروريّاً، لكن على أن الحواس سليمة والإدراك صحيح لا يكون فيه اعتراض. كذلك من الأشياء التي نعلمها علماً ضروريّاً، من غير حاجة إلى أدلة، ومن غير حاجة إلى بحث: ما نعلمه عن وجود بعض الأشياء
مثل: البلدان المشهورة: مثل: مكة، والمدينة، مثل: دمشق، مثل: القاهرة، مثل: خراسان، هل يتردد الإنسان في وجود هذه المدن؟
ما يتردد، ولو ما شاهدها فهو يجزم بوجودها، ولكن بناءً على ماذا نجزم بأنها موجودة ونعلم علماً ضرورياً أنها موجودة؟
بالتواتر، لأن العلم بهذه المدن مما تواتر وعُرف واشتهر.
العناصر
أقسام العلم:
القسم الأول: العلم الضروري
سبب تسمية العلم الضروري بهذا الاسم
تعريف العلم الضروري، والأمثلة عليه
تعريف العلم الضروري بأنه: (ما يدرك بأحد الحواس الخمس) تعريف أغلبي
الأسئلة
س1: بين أقسام العلم ممثلاً لكل قسم.