1 Nov 2008
تَعْرِيفُ العِلْمِ وَالجَهْلِ
قال إمام الحرمين: أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني (ت ٤٧٨هـ) : (وَالفِقْهُ أَخَصُّ مِن العِلْمِ: (1) وَالعِلْمُ: مَعْرِفَةُ المَعْلُومِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ في الوَاقِعِ. (2) وَالجَهْلُ: تَصَوُّرُ الشَّيْءِ عَلَى خِلاَفِ مَا هُوَ بِهِ في الوَاقِعِ (3) ).
شرح الورقات للعلامة: جلال الدين محمد بن أحمد المحلي
قال جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (ت ٨٦٤هـ): ( (1) وَالْفِقْهُ: بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ.(أَخَصُّ مِن الْعِلْمِ) لِصِدْقِ الْعِلْمِ بِالنَّحْوِ وَغَيْرِهِ.
- فَكُلُّ فِقْهٍ عِلْمٌ، وَلَيْسَ كُلُّ عِلْمٍ فِقْهًا.
(2) (وَالْعِلْمُ: مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ) أَيْ: إِدْرَاكُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْلَمَ عَلَى (مَا هُوَ بِهِ) فِي الْوَاقِعِ؛ كَإِدْرَاكِ الإِنْسَانِ بِأَنَّهُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ.
(3) (وَالْجَهْلُ: تَصَوُّرُ الشَّيْءِ) أَيْ: إِدْرَاكُهُ، (عَلَى خِلاَفِ مَا هُوَ بِهِ) فِي الْوَاقِعِ؛ كَإِدْرَاكِ الْفَلاَسِفَةِ أَنَّ الْعَالَمَ، وَهُوَ مَا سِوَى اللهِ تَعَالَى، قَدِيمٌ.
- وَبَعْضُهُمْ وَصَفَ هَذَا الْجَهْلَ بِالْمُرَكَّبِ، وَجَعَلَ البَسِيطَ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ؛ كَعَدَمِ عِلْمِنَا بِمَا تَحْتَ الأَرَضِينَ، وَبِمَا فِي بُطُونِ البِحَارِ.
- وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لاَ يُسَمَّى هَذَا جَهْلاً).
شرح الورقات لابن الفركاح الشافعي
قال تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري ابن الفركاح الشافعي (ت: 690هـ): ( (1) والفِقْهُ أَخَصُّ مِن العِلْمِ، يَعني : في الاصطلاحِ.
وذلكَ أنَّ الفِقهَ في عُرْفِ العلماءِ إنَّما يُقَالُ على: مَعرِفَةِ الأحكامِ الشرعيَّةِ كما تَقَدَّمَ.
والعِلْمَ يُقالُ على ما هوَ أَعَمُّ مِنْ ذلك.
فإنَّ كُلَّ مَنْ أَتْقَنَ صِناعةً عِلميَّةً مِنْ نَحْوٍ أوْ كلامٍ أوْ غيرِ ذلكَ، قيلَ لهُ: عالِمٌ بذلكَ الفَنِّ والفقهُ نوعٌ مِنْ أنواعِ العلْمِ
فكُلُّ فِقهٍ عِلْمٌ ، وليسَ كلُّ عِلْمٍ فِقْهًا، وكُلُّ فَقيهٍ عالِمٌ، وليسَ كلُّ عالِمٍ فَقِيهًا.
(2) (والعلْمُ: مَعرِفَةُ المعلومِ على ما هوَ بهِ).
اختلَفَ الناسُ في العلْمِ، هلْ هوَ ممَّا يُدْرَكُ بالحَدِّ أمْ لا؟
ونَعنِي بالعلْمِ هنا الإدراكَ للشيءِ أيَّ شيءٍ كانَ.
مِثلُ إدراكِ حقيقةِ الماءِ أوْ حقيقةِ النارِ ونحوِ ذلكَ.
وليسَ المرادُ بالعلْمِ هنا ما يَتبادَرُ إلى الفَهْمِ مِنْ قولِنا: فلانٌ عالِمٌ.
أمَّا مَنْ قالَ: العِلْمُ بمعنى الإدْرَاكِ للشيءِ لا يُحَدُّ.
فاحْتَجَّ أصحابُ هذا المذْهَبِ بأشياءَ:
منها أنَّ الحَدَّ يَكشِفُ عنْ حقيقةِ المحدودِ، وبالعلْمِ تُكْشَفُ الأشياءُ، فلوْ حُدَّ العلْمُ بغيرِ العلْمِ كانَ غيرُ العلْمِ كاشِفًا، وذلكَ مُمْتَنِعٌ، ولوْ حُدَّ بالعلْمِ لَزِمَ تعريفُ الشيءِ بنفسِهِ.
وهذا المذْهَبُ مالَ إليهِ (إمامُ الحرمَيْنِ) وأشارَ إليهِ في كتابِهِ (البُرهانِ).
وصَرَّحَ بهِ فَخْرُ الدِّينِ بنُ الخطيبِ.
وأمَّا القولُ بأنَّ العلْمَ ممَّا يُدْرَكُ بالحَدّ:
فهوَ مَذهَبُ المتقدِّمينَ مِنْ أهلِ الكلامِ، وقدْ ذَكَروا حُدودًا كثيرةً أَقْرَبُها هذا المذكورُ في الكتابِ.
والمعرِفَةُ بمعنى العلْمِ، وقدْ قالَ:(المعلومُ) لِيَعُمَّ المحدودَ الموجودَ والمعدومَ على ما هوَ بهِ، يعني: أنْ يُدْرِكَ الإنسانُ الشيءَ إدراكًا مُطابِقًا لِمَا ذلكَ الشيءُ عليهِ في الخارِجِ.
(3) (والجهْلُ تَصَوُّرُ الشيءِ على خِلافِ ما هوَ بهِ).
الجهلُ قِسمانِ:
- جَهْلٌ مُرَكَّبٌ.
- وجَهلٌ بَسِيطٌ.
فالجهْلُ البسيطُ:
مَعناهُ عَدَمُ العلْمِ، وسُمِّيَ بَسيطًا: لأنَّهُ لا تَركيبَ فيهِ، إنَّما هوَ شيءٌ واحدٌ وهوَ عَدَمُ العلْمِ، وهذا كعَدَمِ عِلْمِنا بما تحتَ الأَرَضِينَ، وبما في بُطونِ البِحارِ مِن الحيواناتِ.
والجهْلُ المرَكَّبُ:
هوَ اعتقادُ كونِ الشيءِ على أَمْرٍ، وذلكَ الشيءُ بخِلافِ ما اعْتَقَدَهُ ذلكَ المُعْتَقِدُ.
مثلُ: اعتقادِ الْمُجَسِّمَةِ أنَّ البارِيَ سُبحانَهُ وتعالى جِسْمٌ، واعتقادِ المعتزِلَةِ أنَّهُ لا يُرَى في الآخِرَة.
واعتقادِ الْجَهْمِيَّةِ أنَّ مُجَرَّدَ التلَفُّظِ بكلمةِ الإسلامِ يَكْفِي في كَوْنِ الإنسانِ مُسلمًا مِنْ غيرِ اعتقادٍ ولا عَمَلٍ.
وسُمِّيَ هذا الجهْلُ مُرَكَّبًا: لأنَّهُ مِنْ جُزْئَيْنِ؛
أحدُهما: عَدَمُ العلْمِ.
والآخَرُ: اعتقادٌ غيرُ مطابِقٍ.
فمتى اجْتَمَعَ للإنسانِ في شيءٍ هذانِ الأمرانِ، فكانَ غيرَ عالِمٍ بالشيءِ، واعتَقَدَ فيهِ اعتقادًا غيرَ مُطابِقٍ، كانَ جاهلاً جهلاً مُرَكَّبًا.
فالمرادُ بقولِهِ: (الجهلُ تَصَوُّرُ الشيءِ على خِلافِ ما هوَ بهِ) الجهْلُ المُرَكَّبُ فَقَطْ.
(4) (والعلْمُ الضروريُّ ما لمْ يَقَعْ عنْ نَظَرٍ واستدلالٍ، كالعلْمِ الواقعِ بإِحْدَى الحواسِّ الخمْسِ).
العلْمُ يَنقسِمُ إلى:
- حادثٍ.
- وقديمٍ.
فالقديمُ عِلْمُ اللهِ تعالى، ولا يُقَالُ فيهِ: إنَّهُ ضَروريٌّ ولا مُكْتَسَبٌ.
والحادثُ: هوَ العلْمُ المنقسِمُ إلى:
- ضَرورِيٍّ.
- وغيرِ ضَرورِيٍّ).
الأنجم الزاهرات للشيخ: محمد بن عثمان المارديني
قال شمس الدين محمد بن عثمان بن علي المارديني (ت: 871هـ): ( (1) أقولُ: لمَّا فَرَغَ منْ تقسيمِ الأحكامِ وتعريفِهَا شَرَعَ في الفَرْقِ بيْنَ الفِقْهِ وَ العِلْمِ. فقالَ: (الفقهُ أخصُّ منَ العلم) وهوَ كذلكَ؛ لأنَّ الفقْهَ هوَ: معرفةُ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ فقطْ، بخلافِ العلمِ فإنَّهُ يُطْلَقُ على الفقْهِ والنَّحْوِ والحديثِ وغيرِهَا فكانَ الفقْهُ نوْعًا منهَا.
ولهذَا يُقَالُ: (كلُّ فقْهٍ علم)، وَلاَ يُقَالُ: (كلُّ علمٍ فقْه)، واللهُ أَعْلَمُ.
(2) أقولُ: لمَّا فَرَغَ منْ تعريفِ الفقْهِ شَرَع في حدِّ العلمِ.
- وبهِ قالَ جماعةٌ منَ العُلَمَاءِ.
- وذهبَ آخرُونَ إلى أنَّ العلمَ لاَ يُحَدُّ؛ لأنَّ الأشياءَ -كلَّهَا- لاَ تُعَرَّفُ إلاَّ بالعلمِ، والحدُّ يَكْشِفُ عنْ حقيقةِ المحدودِ، فلوْ حُدَّ العلمُ فلاَ يخلُو: أنْ يُحَدَّ بِهِ، أوْ بِغَيْرِهِ.
- فإنْ حُدَّ بِغَيْرِهِ:
كانَ مُحَالاً؛ لأنَّ العِلْمَ لاَ يَنْكَشِفُ بغيْرِهِ.
- وإنْ حُدَّ بهِ:
فهوَ -أيْضًا- محالٌ؛ لأنَّهُ لاَ يُعَرَّفُ الشَّيْءُ بنفسِهِ.
وظاهرُ كلامِ الشَّيْخِ يَقْتَضِي الحدَّ هنَا.
وفي كتابِهِ المُسَمَّى بـ (البُرْهَانِ): أنَّ العِلْمَ لاَ يُحَدُّ.
والمرادُ بالعلمِ هوَ الَّذي يُعَرِّفُ الأشياءَ على ما هيَ، كمَا أنَّ النَّارَ حارَّةٌ، والحجرَ جامدٌ، والسَّماءَ مرتفعةٌ، وأنَّ الإنْسانَ ناطقٌ، ومَا اَشْبَهَ ذلكَ؛ لأنَّ معرفةَ هذِهِ الأشياءِ لاَ تحتملُ غيْرَ مَا في علْمِ الإنسانِ، بلْ هيَ في الخارجِ على مَا هيَ في الذِّهْنِ، ولهذَا قَيَّدَ العلمَ بـ (معرفةِ المعلومِ على مَا هوَ بهِ)، واللهُ أَعْلَمُ.
(3) أقولُ: لمَّا فَرَغَ منْ حدِّ العلمِ شَرَعَ في حدِّ الجهلِ؛ لأنَّهُ يُقابِلُ العِلْمَ.
والجهلُ على قسميْنِ:
- بسيطٌ وهُوَ: عدمُ العلمِ بالشَّيْءِ الغائِبِ، كالجهلِ بمَا في البحارِ منَ الحيواناتِ، وَمَا تَحْتَ الأرَضِينَ، وَمَا في غدٍ ونحوِ ذلكَ، فالجهلُ في هذهِ الأشْيَاءِ واحدٌ ولهذَا قيلَ لَهُ:جَهْلٌ بَسيط.
- والمرادُ هنَا هوَ الجَهْلُ المركَّبُ وهوَ: تصوُّرُ الشَّيْءِ عَلَى خلافِ مَا هوَ بهِ، كاعتقادِ المُجسِّمَةِ أنَّ البارِيَ جَلَّ جلالُهُ جِسْمٌ. والمعتزلةِ أنَّهُ تعالى لا يُرَى في الآخِرَةِ.
فهذَا جَهْلٌ مركَّبٌ منْ جُزْأَيْنِ:
أحدُهُمَا: عَدَمُ العلمِ.
والثَّاني: اعتقادٌ غيرُ مطابِقٍ. واللهُ أَعْلَمُ.
(4) أقولُ: لمَّا فَرَغَ منْ حدِّ العلمِ أوَّلاً أرْدَفَهُ بالجهلِ اسْتِطْرادًا؛ لأنَّهُ يُقَابِلُهُ).
قرة العين للشيخ: محمد بن محمد الرعيني الحطاب
قال أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعيني المالكي [المعروف: بالحطاب] (ت: 954هـ): ((1) (والفِقهُ) بالمعنَى الشَّرعيِّ المتقدِّمِ ذِكْرُهُ (أخصُّ منَ العلْمِ) لصِدْقِ العلْمِ عَلَى معرِفَةِ الفقهِ والنَّحْوِ وغيرِهِمَا، فكلُّ فقهٍ عِلمٌ، وليسَ كُلُّ علمٍ فقهًا، وكَذَا بالمَعنَى اللُّغَويِّ؛ فإنَّ الفقْهَ الفهْمُ، والعِلمُ المعرفةُ، وهيَ أعمُّ.
(2) (والعِلمُ) في الاصْطِلاحِ: (مَعرفةُ المَعلُومِ) أَي: إدراكُ ما مِنْ شأْنِهِ أنْ يُعْلَمَ، مَوجْودًا كانَ أو معدُومًا، (علَى مَا هُوَ بِهِ) في الواقِعِ؛ كإدراكِ الإنسَانِ -أَي: تَصَوُّرِهِ- بأنُّهُ حَيوانٌ ناطقٌ، وكإدْراكِ أنَّ العَالَمَ -وهُوَ ما سوَى اللَّهِ تعالَى- حَادِثٌ.
وهذا الحدُّ للقاضي أَبي بكرٍ الباقِلانيِّ، وتَبِعَهُ المُصنِّفُ.
واعْترَضَ بأنَّ فيهِ دَوْرًا؛ لأنَّ المعلومَ مشتقٌّ من العِلمِ، فلا يُعرَفُ المعلومُ إلا بعدَ معرفةِ العلمِ؛ لأنَّ المشتقَّ مشتمِلٌ علَى معنَى المشتقِّ منْهُ مَعَ زيادَةٍ، وَبأنَّهُ غيرُ شامِلٍ لعلْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ؛ لأنَّهُ لا يُسمَّى معرفةً إجمَاعًا لا لُغَةً ولا اصْطلاحًا، وبأنَّ قولَهُ علَى مَا هُوَ بِهِ زائِدٌ لا حَاجَةَ إليهِ؛ لأَنَّ المعرفَةَ لا تكونُ إلا كذلِكَ.
(3) (والجهلُ تَصوُّرُ الشَّيءِ علَى خلافِ ما هوَ به في الواقعِ) وفي بعضِ النُّسَخِ: (علَى خلافِ ما هوَ علَيهِ) كَتَصوُّرِ الإنسانِ بأنَّهُ حيوانٌ جاهلٌ، وكإدراكِ الفَلاسفةِ أنَّ العالمَ قديمٌ؛ فالْمرادُ بالتَّصَوُّرِ هنا: التُّصوُّرُ المُطْلَقُ الشَّامِلُ للتَّصَوُّرِ السَّاذجِ وللتَّصْديقِ.
وبعضُهُمْ وَصفَ هذا بالجهْلِ المُرَكَّبِ، وَجعلَ الجهلَ البسيطَ عدمَ العلْمِ بالشَّيءِ؛ كعدَمِ عِلْمِنَا بِمَا تَحْتَ الأَرَضينَ وبمَا في بُطونِ البحَارِ، وهذا لا يدْخُلُ في تعرِيفِ المُصَنِّفِ؛ فَلا يُسمَّى عنْدَهُ جَهلاً، والتَّعرِيفُ الشَّامِلُ للقِسْمينِ أنْ يُقالَ: الجَهْلُ انتِفَاءُ العِلْمِ بالمَقْصْودِ؛ أَيْ: مَا منْ شَأْنِهِ أنْ يُقْصَدَ فَيُدْرَكَ؛ إمَّا بِأَنْ لَمْ يُدْرَكْ أَصلاً وهُوَ: البَسِيطُ، أو بأنْ يُدرَكَ علَى خِلافِ مَا هوَ علَيهِ في الواقِعِ وهُوَ: المُرَكَّبُ، وَسُمِّيَ مركَّبًا لأنَّ فيهِ جَهْلَيْنِ: جهلاً بالمُدرَكِ، وَجَهلاً بأنَّهُ جاهِلٌ).
شرح الورقات للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان
قال الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان: ( (1) المُرَادُ بِالفِقْهِ هنا بالمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لا بالمَعْنَى اللُّغَوِيِّ؛ وذلكَ لأنَّ الفقهَ اصْطِلاحًا خاصٌّ بمعرفةِ الأحكامِ الشرعيَّةِ، كما تَقَدَّمَ، والعلمَ أَعَمُّ منهُ؛ لأنَّ العلمَ يَصْدُقُ علَى العلمِ بالتفسيرِ، والحديثِ، والنَّحْوِ، والبلاغةِ، وغيرِ ذلكَ، والفقهَ مَعْرِفَةُ الأحكامِ.
فصارَ الفقهُ أَخَصَّ من العلمِ، فَكُلُّ فِقْهٍ عِلْمٌ، وَلَيْسَ كُلُّ عِلْمٍ فِقْهًا. (2) وَالعِلْمُ: معرفةُ المعلومِ علَى ما هوَ بهِ. (3) وَالمُرَادُ بِالمَعْرِفَةِ: الإِدْرَاكُ، وهذا التعريفُ فيهِ قَيْدَانِ، وَبَقِيَ قَيْدٌ ثالثٌ، وهوَ: مَعْرِفَةً جازمةً. فالقيدُ الأَوَّلُ: (معرفةُ المعلومِ) وهذا يُخْرِجُ عدمَ الإدراكِ أَصْلاً، وهوَ الجهلُ البسيطُ، كَأَنْ يُقَالَ: عَرِّفَ المندوبَ، فيقولُ: لا أَدْرِي. والقيدُ الثاني: (عَلَى مَا هُوَ بِهِ) أيْ: علَى الذي هوَ عليهِ فِي الواقعِ. وهذا القيدُ يُخْرِجُ معرفةَ الشيءِ علَى وَجْهٍ يُخَالِفُ ما هوَ عليهِ، وهوَالجهلُ المُرَكَّبُ. وقدْ عَرَّفَهُ بقولِهِ: (تَصَوُّرُ الشيءِ علَى خلافِ ما هوَ بهِ) وفي بَعْضِ النُّسَخِ: (علَى خلافِ ما هوَ عليهِ فِي الواقعِ) وهذا أَوْضَحُ. وَالمُرَادُ بِالتَّصَوُّرِ: الإِدْرَاكُ، وَتَأَمَّلْ كيفَ عَبَّرَ عن العلمِ بقولِهِ: (مَعْرِفَةُ) وفي الجهلِ: (تَصَوُّرُ) وهذا مَلْحَظٌ دقيقٌ؛ فإنَّ الجهلَ ليسَ بمعرفةٍ، وإنَّمَا حُصُولُ الشيءِ فِي الذِّهْنِ، فهوَ تَصَوُّرٌ. ومثالُ الجهلِ المُرَكَّبِ: هلْ تَجُوزُ الصلاةُ بالتَّيَمُّمِ عندَ عَدَمِ الماءِ؟ فيقولُ: لا يَجُوزُ. وَسُمِّيَ جَهْلاً مُرَكَّبًا؛ لأنَّ صَاحِبَهُ يَعْتَقِدُ الشيءَ وَيَتَصَوَّرُهُ علَى خلافِ ما هوَ عليهِ، فهذا جَهْلٌ، وَيَعْتَقِدُ أنَّهُ يَعْتَقِدُهُ علَى ما هُوَ عليهِ، وهذا جهلٌ آخَرُ؛ ففيهِ جَهْلانِ: جَهْلٌ بِالمُدْرَكِ، وجاهلٌ بأنَّهُ جَاهِلٌ. وأمَّا البسيطُ ففيهِ عَدَمُ الإدراكِ بالكُلِّيَّةِ. وأمَّا القيدُ الثالثُ:
فهوَ لإخراجِ المعرفةِ غَيْرِ الجازمةِ؛ فإنْ تَسَاوَى الأمرانِ فهوَ شَكٌّ، وإنْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا علَى الآخرِ فالرَّاجِحُ ظنٌّ، والمَرْجُوحُ وَهْمٌ، وسَنَذْكُرُ ذلكَ قَرِيبًا إنْ شاءَ اللَّهُ).
شرح الورقات للشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم (مفرَّغ)
قال الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم: (قال (إمام الحرمين الجويني) رحمه الله تعالى: (والفقه أخص من العلم، والعلم معرفة المعلوم على ما هو به، والجهل تصور الشيء على خلاف ما هو به).
يقول المؤلف رحمه الله تعالى: (والفقه أخص من العلم) ذكر هنا بعض التعريفات التي يحسن بالفقيه وبالأصولي أن يعرفها.
بدأ أولاً: ببيان أن الفقه أخص من العلم. العلم أوسع مدلولاً من الفقه، والفقه أضيق منه.
وذلك لأن الفقه معرفة الأحكام الشرعية العملية كما تقدم، بالفعل، وبأدلتها التفصيلية، معرفتها بالفعل،أو بالقوة القريبة.
فالفقه خاص بالأحكام، أما العلم فهو أعم من هذا.
فيدخل علم الفقه في العلم، وليس يدخل العلم في الفقه، العلوم الأخرى لا تدخل في الفقه، فكل فقه علم وليس كل علم فقهاً.
فالعالم بالتفسير يقال له: عالم بالحديث، بالأصول، بالنحو، بالفيزياء، بالكيمياء، بالهندسة، بالطب، بالصيدلة، بالزراعة، إلى غير ذلك، كل هذه علوم لكن ليست فقهاً.
فلو جاء نحوي، أو جاء عالم فيزياء أو كيمياء، وأراد أن يصدر بعض الأحكام الفقهية، نقول: لا، ليس هذا من اختصاصك، ولا تستطيع هذا، إذا لم يكن عنده خلفية، إذا كان متخصصاً بهذا العلم فقط، فنقول هذا عالم، ولكن لا نقول فقيه.
والفقيه نقول له عالم، لكن الأصولي النحوي لا نقول إنه فقيه، قد يكون بعض الناس فقيهاً ومحدّثاً وأصولياً ونحويّاً إلى آخره. كما هو المطلوب من طالب العلم أن لا يكون متخصصاً في فن واحد لا يعرف ما سواه، كما هو وضع الطلبة في وقتنا الحاضر، فإن هذه الطريقة ليست سليمة، وليست علمية، لكن كون الإنسان يتخصص في علم ويتبحر فيه ويأخذ من كل علم بطرف، هذا لا بأس، أما أن الإنسان لا يعرف إلا هذا العلم وما عداه لا يعرفه، أو لا يعرف الأشياء المهمة منه، هذا لا يليق.
فطالب العلم المفروض أن يكون عنده معرفة بالكتاب والسنة وما يتعلق بهما من العلوم الشرعية كالأصول والمصطلح وما يتعلق بهما من العلوم العربية كالنحو والصرف وما أشبه ذلك.
الحاصل أن الفقه أخص من العلم بمعنى: أن كلمة العلم أعم، والفقه أخص، أقل من حيث المدلول، وهذا واضح، لا إشكال فيه.
(والعلم معرفة المعلوم على ما هو به)
ثم انتقل بعد ذلك إلى تعريف العلم وقال: إنه معرفة المعلوم على ما هو به.
تعريف العلم موضع خلاف بين أهل العلم:
لأن منهم من قال: إنه لا يحد، ولا يمكن تعريفه، إما لوضوحه، وإما لعسره ومشقته، فهو أوضح من أن يوضّح.
العلم في اللغة، قال في (القاموس): ( عَلِمَهُ كسمعه عِلماً بالكسر عرفه، وعلم هو في نفسه، ورجل عالم يجمع على علماء وعُلاّم كجّهال).
قال في (المصباح المنير): العلم: اليقين.
في (القاموس) فسّره بالمعرفة، وهنا باليقين، يقال: علم يعلم إذا تيقن.
وجاء بمعنى المعرفة أيضاً كما جاءت بمعناه، يعني جاءت المعرفة بمعنى العلم، ضُمِّن كل واحدٍ معنى الآخر لاشتراكهما في كون كل واحدٍ مسبوقاً بالجهل، لأن العلم وإن حصل عن كسب فذلك الكسب مسبوق بجهل.
فالعلم في اللغة: فسر بأنه اليقين، فسّر بأنه المعرفة.
أما في الاصطلاح: فقد عرف بتعريفات كثيرة
منها: تعريف المؤلف هنا قال: (العلم معرفة المعلوم على ما هو به).
وبعضهم يزيد على هذا قيداً ثالثا: وهو أن يقال: معرفة المعلوم على ما هو به معرفة جازمة، هذا تفسير العلم.
فسر العلمَ بهذا جماعةٌ منهم (إمام الحرمين)، في هذا المتن، (متن الورقات).
ومنهم الباجي، الإمام المشهور من كبار علماء المالكية في كتابه: (الحدود)، كتاب صغير مطبوع، ذكر فيه (الحدود) التي يحتاج إلى معرفتها الأصولي والفقيه.
وكذلك فسره في كتاب له آخر، اسمه (المنهاج في ترتيب الحجاج) وهو مطبوع في مجلد لطيف، ذكره في باب بيان حدود الألفاظ الدائرة بين المتناظرين، كما فسره أيضاً في كتاب له آخر مطبوع أيضاً في مجلدٍ كبير اسمه: (إحكام الفصول في أحكام الأصول)، ذكره في فصل في بيان الحدود التي يحتاج إليها في معرفة الأصول، فسّر العلم في هذه الكتب الثلاثة بهذا.
ومنهم من فسّره بالمعرفة، حكاه الغزالي في (المستصفى).
- وقيل: العلم الذي يعلم به.
- وقيل: الوصف الذي يتأتى للمتصف به إتقان الفعل وإحكامه.
هذه التعريفات ذكرها الغزالي في (المستصفى).
وعرفه الجرجاني في كتابه (التعريفات) بأنه: (الاعتقاد الجازم المطابق للواقع).
وقيل عرفه الآمدي بأنه: (عبارة عن صفة يحصل بها لنفس المتصف بها التميُّز بين حقائق المعاني الكلية حصولاً لا يتطرق إليه احتمال نقيضه)، وفسر بضده، قيل: العلم ضد الجهل.
وقيل في تعريفه أيضاً: (إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً، كإدراك أن الكل أكبر من الجزء، وأن النية شرط في العبادة).
وعرفه في (الكوكب المنير) بأنه: (صفة يميز المتصف بها بين الجواهر والأجسام والأعراض، والواجب والممكن والممتنع، تمييزاً جازماً مطابقاً). كل هذه تعريفات للعلم، وفيه تعريفات كثيرة جدّاً، لكن العلم واضح، لا يحتاج إلى تعريف عند بعض أهل العلم كما سبق، وإن قلنا إنه يمكن تعريفه فقد عرف بهذه التعريفات.
لكن قال الغزالي في (المستصفى): (وربما يعسر تحديده على الوجه الحقيقي بعبارة محررة جامعة للجنس والفصل الذاتي، فإنا بينا أن ذلك عسير في أكثر الأشياء، بل أكثر المدركات الحسية يتعسر تحديدها فكذلك هذا).
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): وقد أنكر ابن العربي في (شرح الترمذي) على من تصدى لتعريف العلم، وقال: هو أبين من أن يبيَّن، العلم أبين من أن يبيَّن، قلت -يعني الحافظ- وهذه طريقة الغزالي وشيخه الإمام، أن العلم لا يحد لوضوحه أو لعسره، قوله: وشيخه الإمام يعني أبا المعالي الجويني، فإنه شيخ للغزالي، الغزالي من أكبر تلامذة الجويني.
قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله في (تعليقه على الإحكام) للآمدي: (أولع الكثير بالتعاريف المتكلفة التي تورث العبارة غموضاً والقارئ لها حيرة، ومن ذلك تعريف العلم والفقه ونحوهما بما ذكر المؤلف - يعني الآمدي - ولذلك تراهم يحتاجون إلى شرح التعريف وإخراج المحترزات ويكثرون من الاعتراض والجواب ولا يكاد يخلص لهم تعريف من الأخذ والرد، والواقع أصدق شاهد، فبعض الأشياء هي أوضح من أن توضح وأبين من أن تبين).
لكن إذا قلنا إن العلم معرفة المعلوم على ما هو به، معرفة جازمة فشرح هذا التعريف: (معرفة المعلوم): هذا يخرج عدم الإدراك أصلاً، لأنه ليس معلوماً، وعدم الإدراك هو الجهل البسيط. مثل لو قيل لرجل: هل هذا الأمر جائز؟ أو هل هذا الأمر محرم؟
فقال: لا أدري، هذا جهل، لكنه جهل بسيط.
قولهم: (على ما هو به): يُخرج معرفة الشيء على وجه يخالف ما هو عليه، وهو الجهل المركّب، وسمي مركباً: لأن صاحبه يعتقد الشيء ويتصوره على خلاف ما هو عليه، فهو جاهل ويجهل أنه جاهل، فهذا الجهل مركب من عدم العلم بالحكم ومن الفتيا بالحكم بالباطل.
مثَّل على هذا بعض الأصوليين:
لو قيل لرجل: هل يجوز التيمم عند فقد الماء؟
فقال: لا، ما يجوز. هذا جهل مركب: لأنه تركب من عدم العلم بالحكم، وتركب أيضاً من الفتيا بالحكم بالباطل، فهو جاهل ويجهل أنه جاهل، فهذا الجهل، جهل مركب.
والقيد الأخير: (معرفة المعلوم على ما هو به، معرفة جازمة).هذا يخرج المعرفة غير الجازمة؛ لأنه إن تساوى الأمران عند الإنسان فهذا شك، وإن ترجح أحدهما على الآخر فالراجح ظن، والمرجوح وهم، على ما ذهب إليه الأصوليين، هذا ما يتعلق بتعريف العلم.
العلم له إطلاقات:
قال في (الكوكب المنير):(ثم اعلم أن العلم يطلق لغة وعرفاً على أربعة أمور:
الأول:
إطلاقه حقيقة على ما لا يحتمل النقيض، وهو العلم السابق.
الأمر الثاني:
إطلاقه على مجرد الإدراك، مجرد أن الإنسان يدرك هذا الشيء.
هذا يسمى علماً، سواء كان هذا الإدراك جازماً أو مع احتمال راجح أو مرجوح أو مساوٍ، مثل قوله جل وعلا {ما علمنا عليه من سوء}، مراد بالنفي هنا، نفي العلم، نفي كل إدراك.
الإطلاق الثالث:
إطلاقه بمعنى التصديق، وهذا التصديق قد يكون قطعيّاً وهذا كثير.
وقد يكون ظنياً: مثل قوله جل وعلا: {فإن علمتموهن مؤمنات}، يعني ظننتموهن.
والرابع:
إطلاقه بمعنى المعرفة، مثل قوله جل وعلا:{لا تعلمهم نحن نعلمهم}
وقد تطلق المعرفة ويراد بها العلم، مثل قوله جل وعلا: {مما عرفوا من الحق} يعني علموا من الحق.
(والجهل تصور الشيء على خلاف ما هو به) بعدما عرف العلم عّرف الجهل.
الجهل في اللغة: قال في (القاموس):( جَهِلَه كَسَمِعه، جهْلاً وجَهالة ضد عَلِمه، الجهل ضد العلم).
قال في (المصباح المنير): (جَهِلت الشيء جهلاً وجهالة خلاف: علمته. وفي المثل: (كفى بالشك جهلاً)، وجهل على غيره: سَفِه وأخطأ، وجهل الحقَّ أضاعه، فهو جاهل وجهول، وجهَّلته -بالتثقيل- نسبته إلى الجهل).
وقد قال الله سبحانه في كتابه الكريم: {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا}.
فالجهل عُرّف بأنه ضد العلم، والحكم الجازم غير المطابق اعتقاد فاسد لبنائه عليه، ويُسمّى جهلاً مركباً. مثلما سبق، إذا جَهل الإنسان الشيء وجهل جهله، يقال: هذا جهل مركب.
فالجهل البسيط لا إدراك للذهن فيه أصلاً، نقول لرجل: ما حكم الخيار في البيع؟ ما حكم النية في الصلاة؟ ما حكم الإجارة؟ ما حكم كذا؟
يقول: لا أدري: هذا جهل بسيط، لا إدراك للذهن فيه، بل الذهن خال، لكن قد يكون هذا الجهل جهلاً مركباً، وهو إذا سُئل عن شيء جائز قال: لا يجوز، أو محرم قال: جائز، فهذا يقال إنه جهل مركب. لكن هذا إذا كان صادراً ممن شأنه الإدراك كالإنسان، وأيضاً لا بد أن يكون هذا الشيء المُدرك من شأنه الإدراك، لا بد من زيادة أن يكون هذا المدرك من شأنه الإدراك، وإلا فعدم إدراك ما تحت الأرض وما فيه لا يُسمى جهلاً في الاصطلاح.
فإذا كان القائل هذا الكلام من شأنه الإدراك، كالإنسان، والشيء الذي قيل عنه من شأنه أن يُدرَك فإنه داخل في هذا، أما إذا كان من شيء لا يمكن أن يُدرِك، مثل: ما يتعلق بالحيوانات مثلاً، لا يطلق الجهل على غير من يُدرِك، كالحمار والبهيمة وما أشبه ذلك، ومنه يُعلم ما في قول بعض الشعراء:
قال حمارُ الحكيمِ توما = لو أنصفوني لكنتُ أَرْكَب
لإنني جاهل بسيطٌ = وراكبي جهلُه مركَّبْ
هذان بيتان مشهوران، بعضهم يقول إن الحمار مثلاً ليس من شأنه الإدراك، فلا يدخل في هذا. فالحاصل أن الجهل هو ضد العلم.
وفي الاصطلاح:
- تصور الشيء على خلاف ما هو به. إذا تصور الشيء على خلاف ما هو به، فإنه يعتبر جاهلاً، وجهله يكون جهلاً مركباً.
ولهذا ينبغي على الإنسان أن لا يُقحم نفسه في شيء يكون بسببه جاهلاً جهلاً مركباً. إذا سُئل عن شيء فإن كان يعلمه أجاب، وإن كان لا يعلم فإياه أن يتساهل وأن يجيب ولو كان في غير العلوم الشرعية، في غير الأحكام الشرعية؛ لأن من تساهل بهذا لم يوثق به، بل ربما نسب إلى عدم الأمانه وإلى الكذب واختلاق الأشياء، وإن كان في أمرٍ شرعي فإنه محرم، لا يجوز لإنسان أن يُفتي بغير علم، لا بد من تقوى الله جل وعلا فيما يقوله الإنسان، إن كان يعلم فليخبر، وإن كان لا يعلم يقول: الله أعلم، يقول: لا أدري.
وليس عيباً على طالب العلم أن يقول هذا، بل هذا يدل على تقواه وعلى أنه قد امتثل ما حمله من علم؛ لأنه يدعوه إلى هذا الشيء.
بعض الناس أيضاً قد يقع في أشياء غريبة، وأشياء تجعله مَضحكة للناس، لا يعلم ويدّعي أشياء تؤيد ما قال وهي غير صحيحة.
مثل ما يُحكى عن بعضهم أنه قال: ينبغي في المؤذن أن يكون صبياً أميناً والفقهاء يقولون: صيِّتاً، وأصرّ على رأيه هذا.
قال له رجل: لماذا يكون صبياً.
قال: ليكون أنشط على صعود درج المنارة، هذا جهل وفسّر جهله.
مثل القارئ الذي يقرأ {بل عجبت ويسخرون}، قال: بل عجنت ويسجُرون، لأن من لازم العجن السجر).
العناصر
شرح قوله: (والفقه أخص من العلم)
بيان أن الفقه أخص من العلم
العلم
تعريف العلم:
تعريف (العلم) لغةً
إطلاقات (العلم) لغةً وعرفًا:
الإطلاق الأول: ما لا يحتمل النقيض
الإطلاق الثاني: مجرد الإدراك، ومثاله
الإطلاق الثالث: التصديق، ومثاله
الإطلاق الرابع: المعرفة، ومثاله
تعريف (العلم) اصطلاحًا هو: (معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع)
شرح التعريف
المصنف تبع في تعريف العلم القاضي الباقلاني
اعتراضات على تعريف المؤلف العلم بأنه: (معرفة المعلوم على ما هو به):
الاعتراض الأول: الدور
الاعتراض الثاني: غير شامل لعلم الله تعالى
الاعتراض الثالث: قوله: (على ما هو به) لا حاجة إليه
بعض تعريفات العلماء للعلم
وجه قول من يقول: إن العلم لا يمكن تعريفه
الجهل
تعريف (الجهل)
تعريف (الجهل) لغةً
تعريف (الجهل) اصطلاحًا هو: (تصور الشيء على خلاف ما هو به في الواقع)
المراد بالتصور
تعريف (الجهل) تعريفا يشمل البسيط والمركب
أقسام (الجهل)
القسم الأول: الجهل المركب
تعريف الجهل المركب
وجه تسمية الجهل المركب بهذا الاسم
مثال الجهل المركب
القسم الثاني: الجهل البسيط
تعريف الجهل البسيط، ومثاله
ذم إقحام النفس فيما لا يحسنه المرء (الجهل المركب)
الجهل المذموم هو: جهل ما من شأنه أن يدركه من شأنه الإدراك
الأسئلة
س1: عرف (العلم) لغة وشرعاً.
س2: بين إطلاقات (العلم) لغة وعرفاً.
س3: عرف (العلم) اصطلاحاً.
س4: عرف (الجهل) لغة واصطلاحاً.
س5: ما أقسام (الجهل) ومثل لكل قسم منها؟