الدروس
course cover
[الأداء والقضاء والإعادة] (ملحق)
1 Nov 2008
1 Nov 2008

16683

0

0

course cover
شرح الورقات في أصول الفقه

القسم الأول

[الأداء والقضاء والإعادة] (ملحق)
1 Nov 2008
1 Nov 2008

1 Nov 2008

16683

0

0


0

0

0

0

0

[الأداء والقضاء والإعادة] (ملحق)

هيئة الإشراف

#2

26 Nov 2008

شرح الورقات للشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم (مفرَّغ)


قال الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم: (وننتقل إلى حكم وضعي آخر، وهو الأداء.

- بقي الأداء.

والقضاء.

والإعادة.

وهذه ليس فيها غموض كثير، وقد اختلف الأصوليون في ذكر الكلام على الأداء والقضاء والإعادة:

- منهم: من يجعله متعلقاً بخطاب الوضع؛ فيذكره في آخر الأحكام الوضعية، كما فعل ذلك الموفق في (روضة الناظر) وغيره.

- وبعضهم: جعل الأداء، والقضاء، والإعادة من متعلقات الواجب، وذكروا الكلام عليها في آخر الكلام على الواجب.

من حيث الفعل في الوقت وعدمه، كما هو مذكور في (التحرير ومختصر التحرير)، وشرحه الكوكب المنير.

- وبعضهم: جعلوه من مباحث الحكم، وذكروه في آخر مباحثه، كالغزالي في المحصول.

فالإنسان قد يبحث عن ما يتعلق بالأداء والقضاء والإعادة، في أحكام الوضع فلا يجدها، فيظن أن هذا المؤلف لم يذكرها وهو قد ذكرها في موضع آخر، إما في أحكام الواجب وما يتعلق به وإما في مباحث الحكم.

والعبادة قد توصف:

بالأداء.

- قد توصف بالقضاء.

- قد توصف بالإعادة.

- وقد لا توصف بشيء من هذا.

فالعبادة التي ليس لها وقت محدد من الشارع لا توصف بالأداء، ولا بالقضاء، ولا بالإعادة.

مثل: النوافل المطلقة:من صلاة، وصوم، وصدقة.

لو أن إنساناً صلى نافلة ، هل نقول صلاته هذه أداء؟

هذه العبادة لا توصف لا بأداء ولا بقضاء ولا بإعادة.

ومثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورد المغصوب، والتوبة من الذنوب، إلى غير ذلك، هذه الأفعال لا توصف لا بأداء ولا بقضاء ولا إعادة.

ولا فرق في هذه الأفعال أيضاً: بين ما له سبب كتحية المسجد وسجود التلاوة أو لا سبب له كالصلاة المطلقة والأذكار المطلقة.

قد قال بعض الأصوليين: إن ما له سبب قد يُوصف بالإعادة في حالة لو أتى بذات السبب.

مثلاً: صلاة تحية المسجد، أتى بها لكن حصل فيها شيء من الخلل فتداركها حيث يمكنه التدارك، قد يقال إنها معادة.

والأفعال قد توصف:

- بالأداء.

- والقضاء.

فيه أفعال يصدق عليها أو يصح أن توصف بالأداء، ويصح أن توصف بالقضاء، ومنها ما لا يوصف إلا بالأداء فقط.

فالذي يوصف بالأداء والقضاء:

مثل: الصلوات الخمس، وصوم رمضان، والحج، والعمرة، والنوافل المؤقتة، هذه يُقال عنها إذا فُعلت في وقتها أداء وبعده قضاء.

وفيه أفعال لا توصف إلا بالأداء فقط:

مثل:صلاة الجمعة، إذا صليت في وقتها فهي أداء.

لكن إذا فاتت الجمعة فهل تُقضى؟

الجواب: لا ، لا توصف بالقضاء، لأنها إذا فاتت صُليت ظهراً، فلهذا توصف بالأداء فقط.

ومثل الجمعة الوضوء، فإنه لا يوصف بالقضاء، وإنما يوصف بالأداء، هذا هو المشهور. وبعضهم قال: إنه إذا جُعل تابعاً لوقت الصلاة،كما أن الصلاة توصف بالقضاء فكذلك، وكذلك بالنسبة للغسل.

والمشهور هو الأول، أنه لا يوصف إلا بالأداء فقط.

الأداء

تعريفه في اللغة: الأداء هو الإيصال.

قال في (القاموس): (أدّاه تأدية، أوصله وقضاه، والاسم: الأداء، وهو آدى للأمانة من غيره).

وفي (المصباح المنير): (أدّى الأمانة إلى أهلها تأدية إذا أوصلها، والاسم الأداء).

أما تعريف الأداء في الشرع:

فإنه عُرّف بأنه: (فعلٌ ابتداؤه في وقته المقدّر له شرعا)ً. هكذا عرّف الأداء (مُحبّ الله بن عبد الشكور) في كتابه (فواتح الرحموت).

عرفه في (الكوكب المنير) بأنه: (ما فعل في وقته المقدّر له أولاً شرعاً).

وهذا أيضاً تعريف (ابن الحاجب المالكي).

فالأداء هو: فعل الشيء في وقته المقدر له أولاً شرعاً.

فمثلاً: الصلاة إذا صلاها الإنسان في وقتها كانت أداء، وكذلك رمضان إذا صامه في وقته كان أداءً، والزكاة كذلك.

لكن الشافعية وجماعة من أهل العلم يشترطون بالنسبة للصلاة: لأن تكون أداءً إدراك ركعة فأكثر، فمن أدرك ركعة عندهم فقد أدرك الصلاة في وقتها.

وبعض أهل العلم يقول: إنه إذا أدرك تكبيرة الإحرام فإنه قد أدى الصلاة أداءً، كما هو المشهور في المذهب.

وقول من عرّف الأداء بأنه (ما فُعل في وقته): ما فُعل: يقولون هذا جنس للأداء وغيره، يعني للأداء والقضاء والإعادة.

قولهم: (في وقته المقدّر): يُخرج القضاء، وما لم يُقدّر له وقت، كإنكار المنكر إذا ظهر، وإنقاذ الغريق إذا وُجد، والجهاد إذا تحرّك العدو والنوافل المطلقة وتحية المسجد، وما أشبه ذلك، هذه ليس لها وقت مقدّر.

فالأداء هو ما يُفعل في وقته المقدر، يُخرج القضاء وُيخرج ما ليس له وقت محدّد.

وقولهم: (أولاً): هذا يخرج ما فعل في وقته المقدّر له شرعاً لكنه في غير الوقت الذي قدّر له أولاً شرعاً.

كالصلاة، إذا ذكرها الإنسان بعد خروج وقتها أو استيقظ بعد خروج الوقت، فما الواجب عليه؟

الواجب عليه أن يصلي.

لكن إذا صلى هل نقول فعله أداء أو قضاء؟

الجواب: أن فعله قضاء، نستفيد هذا من قولهم (أولا) ما فُعل في وقته المقدّر له أولاً شرعاً،

لأن النائم مثل ما في الحديث: يقول عليه الصلاة والسلام: ((مَن نامَ عَن صلاةٍ أو نَسِيَها فَلْيُصَلّها إذا ذَكَرها، لا كفَّارَة لها إلا ذلك)).

فهو يجب عليه أن يصلي هذه الصلاة التي نام عنها أو نسيها، ولكن لا نقول إن فعله لهذه الصلاة أداء، بل هو قضاء.

لأنه فعلها في وقتها غير المقدّر لها أولاً، وإنما هذا وقت ثان يعتبر، فإذا فعلها في ذلك الوقت، وقت ذِكره أو استيقاظه فهو وقت ثانٍ لا أول، فلم يكن أداءً.

ويُخرج أيضاً قضاء الصوم: فإن الشارع جعل له وقتاً مُقدراً لا يجوز تأخيره عنه، وهو من حين الفوات إلى رمضان السنة الآتية.

فإذا فعله كان قضاءً، لأنه فعله في وقته المقدّر له ثانياً لا أولاً.

وقولهم في التعريف (شرعاً) يُخرج ما قُدّر له وقت، لكن لا بأصل الشرع:

مثاله: إنسان حكم عليه بالقصاص وأُخبر بأنه سُيقتل بعد صلاة الظهر، قد دخل وقت صلاة الظهر،يجب عليه أن يصلي أو لا؟

يجب ووقت الظهر وقت واسع.

لكن إذا علم أنه بعد الصلاة سُيقتل يكون الوقت ضيقاً في حقه أو لا؟

يكون ضيقاً.

فهذا وقولهم: (شرعاً) احتراز يُخرج ما قُدر له وقت لا بأصل الشرع.

قالوا: كمن ضيق عليه الموت لعارض الوقت الموسّع إن لم يُبادر، فالقتل ضيق الوقت الموسّع على هذا الشخص إن لم يُبادر إلى الصلاة.

مثال آخر : لو قدّر الإمام على الناس، حددّ لهم إخراج الزكاة في شهر رمضان، شخص ما أخرج الزكاة في شهر رمضان، أخرجها بعده.

هل يُقال في فعله أداء أو قضاء؟

نعم، أداء. لأن هذا التحديد ليس من قِبل الشرع.

هذا ما يتعلق بتعريف الأداء.

قد يطلق القضاء على الأداء:

كما في قوله سبحانه: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} فقضيتم هنا بمعنى أدّيتم.

كما يطلق الأداء على القضاء:

في مثل قولك: (أدّيت الدين، أي قضيته، ونويت أداء ظهر الأمس، أي قضاء ظهر الأمس) هذا قد يوجد.

وكل عبادة مؤقتة فالأفضل تعجيلها في أولالوقت.

الإنسان أوجب الله عليه واجبات يجب عليه أن يؤديها، وينبغي له أن يبادر في تعجيلها وفي فعلها في أول الوقت، هذا هو الأصل.

إلا في مسائل مستثناة من هذه القاعدة.

منها: صلاة الظهر إذا اشتد الحر فإن الأفضل فيها التأخير.

قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((إذا اشتد الحرّ فأبردوا بالصلاة)) يعني صلاة الظهر، فإن شدة الحر من فيح جهنم، فيُسَن الإبْراد في هذه الحالة.

كذلك صلاة الضحى، من طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح إلى الزوال.

ذكروا أنه ينبغي تأخيرها إلى اشتداد الحر.

وكذلك صلاة العيدين يُسن تأخيرها لارتفاع الشمس.

كذلك الفطرة صدقة الفطر، أول وقتها غروب شمس ليلة العيد، هذا وقت الوجوب، لكن وقت الأفضلية أن تُخرج يوم العيد.

وكذلك رمي جمرة العقبة، وطواف الإفاضة والحلقكلها يدخل وقتها بنصف ليلة النحر،ويستحب تأخيرها إلى يوم النحر.

ذكر هذه الصور الإمام السيوطي في كتابه (الأشباه والنظائر)، قال: وقلت في ذلك:

أوَّلُ الوقت في العبادة أَوْلى ما عدا سبعةً أنا المستقْرِي

فطرةٌ والضُّحى وعيدٌ وظُهرٌ والطَّوافُ الحِلاقُ رَمْيُ النَّحر

قال: وإن شئت فقل بدل هذا البيت:

الضُّحى العـيدُ فطرةٌ ثم ظـهرٌ حـيثُ الابرادُ سائغٌ في الْحـرِّ

وطـوافُ الْحجيـجِ ثم حِلاقٌ بـعـد حـجٍّورمي يوم النَّحـْرِ

هذا مما يتعلق بالأداء.

بعده القضاء:

القضاء معناه: الإتمام.

قال في (القاموس): (القضاء -بالمد ويقصر-: الحكم، قضى عليه يقضي قضياً وقضاءً وقَضيةً وهي الاسم أيضاً، والصنع، والحتم، والبيان، والقاضية: الموت، وقضى: يعني مات).

قال في (المصباح المنير): (قضيت بين الخصمين وعليهما: حكمت، وقضيت وطري بَلَغْته، ونِلتُه، وقضيت الحاجة كذلك، وقضيت الحج والدَّين: أديته).

قال الله سبحانه: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} أي أديتموها، فالقضاء هنا بمعنى الأداء.

كما في قوله سبحانه: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ} أي أديتموها.

واستعمل العلماء القضاء في العبادة التي تُفعل خارج وقتها المحدد شرعاً، والأداء إذا فُعلت في الوقت المحدد.

قال: وهو مخالف للوضع اللغوي، لكنه اصطلاح للتمييز بين الوقتين.

فالقضاء : فعل الواجب خارج الوقت المُقدر له شرعاً؛ لأن كل وقت من الأوقات التي يُؤخر فِعلها إليه هو مخاطب بالفعل فيه، وذلك واجب عليه.

فلو قلنا إن أداءها في الوقت الثاني بعد تأخيرها قضاءٌ، لزم مثل ذلك في الثالث والرابع وما بعدهما.

تعريف القضاء في الشرع:

عرّفه ابن الحاجب بأنه: ما فُعل بعد وقت الأداء استدراكاً لما سبق له وجوبٌ مطلقاً.

وعرّف القضاء بأنه: ما فُعل بعد وقت الأداء، ولو لعُذر.

يقول في (الكوكب المنير): (والقضاء: ما فعل بعد وقت الأداء على قول الجمهور، ولو كان التأخير لعُذر، سواء تمكن منه، أي من فعله في وقته).

كمسافر يفطر، أو لا، أي أو لم يتمكن من الفعل في وقته لمانع شرعي.

- كحيض ونفاس، لعدم صحة الفعل شرعاً مع وجود شيء من ذلك، أو لمانع عقلي كنوم بوجوبه عليهم، أي على المذكورين.

فالقضاء يشمل هذا كله، المسافرإذا سافر، يجوز له الفطر أو لا؟

يجوز، يقضي بعد ذلك، القضاء الذي يؤديه الآن يستطيع فعله، بأن يصوم وهو مسافر، يعني يتمكن من عدم التأخير، وقد لا يتمكن من هذا، لو وجد مانع شرعي مثل الحيض والنفاس.

لو أرادت المرأة أن تصوم مثلاً وهي حائض أو نفساء، ما يصح منها هذا الفعل لوجود الحيض وهو مانع شرعي.

أو كان هناك مانع عقلي، مثل: النائم، النائم يجب عليه القضاء وكذلك الحائض، وكذلك المسافر، فالقضاء ما فُعل بعد وقت الأداء.

لكن ما هو الموجب للقضاء؟

الإنسان قلنا يجب عليه القضاء إذا ترك الصلاة بسبب النوم أو النسيان، ويجب عليه قضاء الصوم إذا أفطر بسبب السفر أو الحيض بالنسبة للمرأة أو ما أشبه ذلك .

ما هو الموجب للقضاء؟

جمهور أهل العلم: يرون أن الموجب للقضاء دليل غير الدليل الموجب للأداء، فهو واجب بخطاب جديد غير خطاب الأداء.

وذهب الحنفية: إلى أن الموجب للقضاء هو نفس الدليل الموجب للأداء.

وجه ذلك عندهم قالوا: إن الذمة مُنشغلة بلزوم أداء هذا الواجب، فهو واجب عليه وذمته منشغلة به إلى أن يؤديه.

لكن هل لهذا الخلاف ثمره وفائدة؟

الجواب: لا، ليس له فائدة علمية، سواء قلنا الموجب هو الخطاب الأول أو خطاب آخر، ما يترتب على هذا فائدة.

- القضاء له أقسام أيضاً:

يُقسّم القضاء: من حيث وجوب أدائه وعدمه، ومن حيث إمكان فعله وعدم إمكانه إلى أقسام:

الأول: قضاء أداؤه كان واجباً:

كصلاة الظهر المتروكة بلا عُذر، هذه الصلاة كان يجب على هذا الإنسان أن يصليها، لكنه ما صلاها، تركها.

فنقول: يجب عليه القضاء، وهذا القضاء أداؤه كان واجباً في ذلك الوقت.

الثاني: قضاءٌ كان أداؤه غير واجب:ولكنه كان ممكناً: يمكنه، لكنه لا يجب.

وذلك مثل صوم المسافر، المسافر لو أراد أن لا يصوم لم يصم، ولا يكون عليه قضاء، فهذا القضاء، قضاء صوم المسافر قضاء كان يُمكن أداؤه، وأداؤه غير واجب؛ لأنه يجوز له الفطر.

الثالث: قضاء كان أداؤه غير واجب، وغير ممكن عقلاً:

وذلك كصلاة النائم لاستحالة القصد إلى العبادة مع الغفلة، فالنائم مرفوع عنه القلم. فهذا معنى أن أداءه كان غير واجب، لأنه مرفوع عنه القلم، وهو أيضاً غير ممكن، بخلاف المسافر في القسم الثاني، فإنه يُمكن.

الرابع: قضاءٌكان أداؤه غير واجب وغير ممكن شرعاً: كصوم الحائض، الأول غير ممكن عقلاً لأنه نائم، أما هذا فهو غير ممكن شرعاً، قد تكون المرأة غير نائمة، ولو رُخّص لها في الصوم لصامت، فهذا غير واجب وغير ممكن شرعاً، أما عقلاً فهو ممكن.تقسيم آخر: الإنسان إذا ترك شيئاً في الشريعة، ترك شيئاً من الواجبات، قد يجب عليه أن يقضيه بمثله، وقد يجب عليه قضاء هذا الشيء، لكن لا يقضيه بمثله بل بشيء آخر.

فالقسم الأول: قضاء بمثلٍ معقول:

مثل قضاء الصلاة بالصلاة، وجب عليه الصلاة، تركها بسبب نوم أو نسيان، يجب عليه أن يقضي، الذي تركه: صلاة، الذي قضاه: صلاة، نفسه.

الثاني: قضاء بمثلٍ غير معقول:

فالعقل لا يستقل بإدراك المماثلة بين الفعل الأصل والقضاء، وذلك مثل قضاء الصوم بالفدية عند العجز المستديم.

إنسان وجب عليه أن يصوم، الصوم واجب، ما استطاع.

نقول عليك أن تقضي، تركت صوماً يجب عليك أن تقضي صوماً،{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} هذا واضح.

هذا مثال على المثال الأول، على التقسيم الأول، ترك صلاة، يقضي صلاة.

ترك صيام يقضي صيام.

لكن القسم الثاني، القضاء غير الواجب، غير المتروك.

وهذا في حالة لو كان الإنسان كبيراً، أو مريضاً مرضاً لا يُرجى بُرْؤه.

فالرجل الكبير، الشيخ الكبير والشيخة الكبيرة يجب عليهما بدلاً من الصوم الإطعام. وكذلك المريض مرضاً لا يُرجى بُرؤه، مرض مستديم، فهذا كالشيخ الكبير والشيخة الكبيرة، يُطعم.

هل الإطعام مثل الصيام؟

الجواب : أنه ليس مثلاً له.

فالقضاء قد يكون بمثل معقول، وقد يكون بشيء غير معقول، لكن الشرع جاء به. وأيضاً فيه تقسيم آخر:القضاء.

هل يكون في كل وقت أو لا؟

فالقضاء ينقسم بالنسبة إلى الوقت أقسام:

الأول: ما يُقضى في جميع الأوقات: كالصلاة والصيام، إذا كان عليك صلاة واجبة، تقضيها في كل وقت، ولو وقت النهي.

بعض الناس لجهله يرى أو يظن أنه إذا كان عليه صلاة واجبة تركها بسبب نوم ونحوه، ما يقضيها في وقت النهي، هذا غير صحيح.

فإن قوله جل وعلا {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}.

وقوله عليه الصلاة والسلام: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)) يدل على وجوب القضاء في كل وقت.

كذلك بالنسبة للصوم:

إذا انتهى رمضان وعليك أيام فإنك تقضيه في كل وقت، ما عدا الأيام المحُرم صيامها، فإنها مستثناة، فالتمثيل على الصلاة واضح ما يُستثنى منه شيء.

الثاني: ما لا يُقضى إلا في وقت مخصوص: مثل:الحج، لو أن إنساناً أفسد حجه هذا العام، لو أراد أن يحج في محرم، يصلح؟

لا يصلح، لا يُقضى إلا في وقت مخصوص.

الثالث: ما يقضى على الفور: كالحج والعمرة إذا فسدا، والصلاة والصوم، المتروكين عمداً.

لو أن إنساناً أفسد الحج، يجب عليه أن يقضي من قابل ويُبادر.

أفسد العمرة، يجب عليه أن يأتي بعمرة بدلاً منها.

ترك الصلاة أو ترك الصيام، إذا ترك الصلاة عمداً يجب عليه أن يبادر إلى القضاء، فالقضاء هنا على الفور.

الرابع: ما يُقضى على التراخي: كالصلاة والصوم المتروكين بعذر، لو كان له عُذر فإن القضاء لا يكون على الفور، بل يكون على التراخي.

وفيه أيضاً مسألة تتعلق بالقضاء: وهي أن من وجب عليه شيء ففاتْ لزمه قضاؤه استدراكاً لمصلحته.

كل الأشياء الواجبة يجب قضاؤها.

للمصلحة التي تفوت على الإنسان بسبب تركه لهذا الواجب، فيقضي هذا الواجب استدراكاً وطلباً لهذه المصلحة.

إلا في صُور لا يمكن فيها القضاء

مثل: من نذر أن يحج في كل سنة من عمره، فات عليه سنة من السنوات ما حج.

هل يمكن القضاء؟ ما يمكن.

أو شخص نذر أن يصوم الدهر، على تسليم صحة هذا النذر، ترك يوماً أو يومين ما يمكن القضاء.

نفقة القريب إذا فاتت، هل يجب قضاؤها؟

الجواب: لا يجب القضاء، لأن هذا الإنسان قد انتهى ما يتعلق بنفقة الأيام الماضية وينظر في المستقبل.

وإن كانت هذه المسألة قد لا تخلو من خلاف، لكن (السيوطي) مثّل بها على ما لا يتدارك ولا يجب قضاؤه.

ننتقل إلى الإعادة: وهي آخر شيء.

الإعادة: التكرير

قال في (القاموس): (العوْد: الرجوع واستعاده: سأله أن يفعله ثانياً، والكلامَ: كرَّره). قال في (المصباح المنير): (وأعدت الشيء: ردَّدته ثانياً، ومنه إعادة الصلاة، وهو معيد للأمر أي مطيق).

تعريف الإعادة شرعاً:

- عُرفت بتعاريف منها: (فعل العبادة مرة أُخرى في الوقت المقُدَّر لها شرعاً).

قال في (الكوكب): (ما فعل في وقته المُقدر ثانياً مطلقاً).

قوله: (وقته المقدر) يعني: المحدد الطرفين.

قوله: (ثانياً): أي بعد فعله أولاً.

وقوله: (مطلقاً)، يعني سواء كانت الإعادة لخلل في الفعل أو لغير ذلك.

فيدخل في ذلك، لو صلى الصلاة في وقتها صحيحة ثم أقيمت الصلاة وهو في المسجد وصلى، فإن هذه الصلاة تسمى معادة من غير حصول خلل ولا عُذر.

عّرفها الموفق في (الروضة) بأنها: (فعل الشيء مرة أخرى).

وعرفها ابن الحاجب بأنها: (ما فُعل في وقت الأداء ثانياً لخلل وقيل لعذر).

وعرّفها ابن عبد الشكور في (فواتح الرحموت) بأنها: (الفعل فيه - يعني في الوقت - ثانياً لخلل واقعٍ في الفعل الأول غيرِ الفساد)، لاحظوا تقييده (غير الفساد)، فإن من فعل شيئاً وكان فاسداً وأعاده ثانية لا يسمى عند الحنفية إعادة، لأن الفاسد لا قيمة له، كأن لم يكن.

فمثلاً: إنسان صلى صلاة الظهر ثم تبين له أنه صلى على غير طهارة، ثم ذهب وتوضأ وصلى ثانية، صلاته الثانية هذه هل نقول إنها إعادة؟

أو نقول إنها أداء ؟

عند الجمهور هي إعادة.

لأنهم يقولون: ما فُعل في وقته المقدر ثانياً مطلقاً.

الحنفية يقولون: إنها أداء، لأنهم لا يعتبرون الفاسد.

الوقت المقدر للفعل ينقسم إلى أقسام:

قد يكون بقدر الفعل: كصوم رمضان، هذا بقدر الفعل، لا يسع غيره، هذا الوقت المضيق.

ثانياً: قد يكون أقلَّ: هذا مُحال، مثل: إيجاب صلاة أربع ركعات في طرفة عين.

ثالثاً: قد يكون أكثر من وقت الفعل، فهو الوقت الموسع ،مثل: الصلوات المؤقتة، فيتعلق الوجوب بجميعه، موسعاً أداءً في جميع الوقت.

إذا صلى الإنسان في جميع الوقت،أوله أو وسطه أو آخره، فإن الصلاة تعتبر أداء.

- سبق معَنا القضاء.

- والأداء.

- والإعادة.

زاد الشافعية قسماً رابعاً: وهو التعجيل:

التعجيل : له معنىً في اللغة ومعنى في الاصطلاح.

قال في (القاموس): (العَجَل والعَجَلة محركتين: السُرعة، وهو عجل، بكسر الجيم وضمها، وقد عَجِل كفرح، وعجّل تعجيلاً وتعجّل واستعجله: حثَّه وأمره أن يُعجّل.

وأظن الأكثر يميل إلى هذا الآن، وهو الأمر بالتعجيل، هذا في اللغة.

أما في الاصطلاح فإنه عُرف: بأنه فعل العبادة قبل وقتها حيث جوّزه الشارع.

مثل: إخراج زكاة الفطر، لو عجّل الإنسان إخراج زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين، جائز أو لا؟ جائز.

هل نقول فعله أداء؟

عندهم على هذا لا يعتبر:

- أداء.

- ولا قضاء.

- ولا إعادة.

- وإنما تعجيل.

ومثل إخراج الزكاة قبل حولان الحول، هل يجوز؟

الجواب: نعم، يجوز.

وهذا التصرف نسميه تعجيلاً.

وقد انفرد بهذا الشافعية، لم يذكر هذا الحنابلة).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#3

26 Nov 2008

العناصر

الأداء والقضاء والإعادة

متعلق الأداء والقضاء والإعادة
القول الأول: أنها متعلقة بخطاب الوضع
القول الثاني: أنها متعلقة بالواجب
القول الثالث: أنها متعلقة بالحكم
الأداء والقضاء والإعادة خاص بالعبادات الموقوتة
العبادة التي ليس لها وقت لا توصف بالأداء ولا بالقضاء ولا بالإعادة
لا فرق في ذلك بين العبادة ذات السبب وغير ذات السبب
متى يوصف ما له سبب من العبادات بالإعادة عند بعض العلماء
من الأفعال ما يوصف بالأداء والقضاء، ومنها ما لا يوصف إلا بالأداء


أولاً: الأداء
تعريف (الأداء)
تعريف (الأداء) لغةً
تعريف (الأداء) اصطلاحاً
ذكر بعض تعريفات العلماء للأداء
التعريف المختار للأداء
محترزات التعريف المختار للأداء، وبيانه بالأمثلة
مثال (الأداء)
قد يطلق القضاء على الأداء والأداء على القضاء
الأصل أن كل عبادة مؤقتة فالأفضل تعجيلها في أول الوقت
المسائل المستثناة من هذا الأصل


ثانياً: القضاء
تعريف (القضاء)
تعريف (القضاء) لغةً
تعريف (القضاء) اصطلاحاً
ذكر بعض تعريفات العلماء للقضاء
تعريف الجمهور للقضاء
المعنى الاصطلاحي للقضاء مخالف للوضع اللغوي
أمثلة (القضاء)
مسألة: هل القضاء واجب بأمر جديد؟
قول الجمهور: القضاء واجب بأمر جديد
قول الحنفية: القضاء واجب بالدليل الموجب للأداء
لا ثمرة للخلاف في هذه المسألة
أقسام القضاء من حيث وجوب أدائه وعدمه، وإمكان فعله وعدمه
القسم الأول: قضاء ما كان أداؤه واجبا
القسم الثاني: قضاء ما كان أداؤه غير واجب لكنه كان ممكنا
القسم الثالث: قضاء ما كان أداؤه غير واجب وهو غير ممكن عقلاً
القسم الرابع: قضاء ما كان أداؤه غير واجب وهو غير ممكن شرعا
أقسام القضاء باعتبار قضاء المثل
القسم الأول: قضاء مثل معقول، ومثاله
القسم الثاني: قضاء مثل غير معقول، ومثاله
أقسام القضاء باعتبار وقته
القسم الأول: ما يقضى في جميع الأوقات
القسم الثاني: ما يقضى في وقت مخصوص
القسم الثالث: ما يقضى على الفور
القسم الرابع: ما يقضى على التراخي
من فاته واجب لزمه قضاؤه استدراكا لمصلحته
صور لا يمكن فيها قضاء الفائت


ثالثاً: الإعادة
تعريف الإعادة:
تعريف (الإعادة) لغةً
تعريف (الإعادة) اصطلاحاً
شرح تعريف صاحب الكوكب المنير للإعادة
مذهب الجمهور أن إعادة الفاسد تسمى إعادة شرعًا بخلاف الحنفية
أقسام الوقت المقدر للفعل:
القسم الأول: الوقت المضيق
القسم الثاني: أن يكون الوقت أقل من الفعل، ولا يوجد في الشرع
القسم الثالث: الوقت الموسع


القسم الرابع: التعجيل
تعريف (التعجيل) لغةً
تعريف (التعجيل) اصطلاحًا

مثال على تعجيل جائز شرعًا

عبد العزيز بن داخل المطيري

#4

26 Nov 2008

الأسئلة

س1: ما الفرق بين الأداء والقضاء والإعادة؟
س2: بين متعلق الأداء والقضاء والإعادة.
س3: متى يوصف ما له سبب من العبادات بـ (الإعادة) عند بعض العلماء؟
س4: عرف (الأداء) لغة واصطلاحاً.
س5: قد يطلق (الأداء) على (القضاء) والعكس؛ اذكر أمثلة لذلك.
س6: عرف (القضاء) لغة واصطلاحاً.
س7: هل يخالف المعنى الاصطلاحي للقضاء الوضع اللغوي له؟
س8:هل القضاء واجب بأمر جديد؟
س9: بين أقسام القضاء من حيث وجوب أدائه وعدمه، وإمكان فعله وعدمه.
س10: بين أقسام القضاء باعتبار قضاء المثل.
س11: بين أقسام القضاء باعتبار وقته.
س12: عرف (الإعادة) لغة واصلاحاً.

س13: عدد أقسام الوقت المقدر للفعل.