1 Nov 2008
[المانع]
شرح الورقات للشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم (مفرَّغ)
قال الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم: (المانع: من الأحكام الوضعية
وله معنيان، معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح.
أما معناه في اللغة: فالمانع: اسم فاعل من منع، تقول: منعته الأمر ومن الأمر منعاً، فهو ممنوع منه، والفاعل: مانع، وجمعه مَنَعة ومانعون وموانع.
ومن أسمائه جل وعلا: المانع، أي الذي يمنع عن أهل طاعته ما يضرهم.
وقيل:يمنع من يريد من خلقه ما يُريد ويعطيه ما يريد، وقيل: غير ذلك.
ويقال: امرأة منيعة، أي عفيفة، ومكان منيع، أي محمي، ورجل مانع ومنّاع أي بخيل. قال الله سبحانه: {وَيَمْنَعُونَ الماعُون} ).
أما تعريفه في الاصطلاح: فإنه ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته.
وفي الحديث الآخر، حديث عمر رضي الله عنه:((ليس لقاتل ميراث)) ، رواه مالك في (الموطأ) وأحمد وابن ماجه. أما المانع الثاني: قالوا
إن حكمة وجوب الزكاة في النصاب الذي هو السبب كثرة تحمل المواساة منه، إذا
كان الإنسان عنده نصاب، مالٌ كثير بلغ نصاباً، يتحمل المواساة والإعطاء،
لكن لو كان عنده مال قليل، فإنه لا يتحمل المواساة، ولهذا لم يوجب الشارع
الحكيم الزكاة في الشيء القليل، وإنما فيما بلغ نصاباً كما هو معلوم. المانع للسبب: والمانع له تقسيمات أخرى أيضاً. وهو أن المانع قد يكون تحت قدرة المكلف، وقد يكون ليس تحت قدرته. ما هو داخل في مقدور المكلف: - وكذلك: لو أن إنساناً تزوج امرأة هل يجوز له أن يتزوج أختها عليها؟ والكفر
مانع من قبول الطاعات، فهذه الموانع داخلة تحت قدرة المكلف، بإمكان من كان
كافراً أن يُسلم، وبإمكان من تزوج امرأة وأراد أن يتزوج عمتها أو خالتها
أن يُطلق هذه المرأة، يجوز له أن يتزوج بعد ذلك عمتها أو خالتها أو ما أشبه
ذلك. القسم الثاني: مانع خارج عن مقدور المكلف : - ويمنع الطواف، قال عليه الصلاة والسلام لعائشة: ((اصنعي كل شيء غير ألا تطوفي بالبيت)) ،ويمنع وجوب الصلاة، ما يجوز للمرأة أن تصليبسبب الحيض. النفاس: فإنه يمنع ما يمنع منه الحيض. وفيه تقسيم آخر، وهو تقسيم واضح أيضاً: الذي يمنع صحة العبادة ابتداءً ودواما.ً الكفر، الكافر ما تصح منه العبادة، لا ابتداءً ولا دواماً. الحدث،
يمنع ابتداء الصلاة، ويمنع ابتداء الطواف، ودوامهما، يمنع الابتداء، لو
كان مُحدثاً لا يجوز له أن يصلي، لا يجوز له أن يطوف، على الصحيح، لكن لو
صلى أو طاف وأحدث في أثناء الطواف أو الصلاة، هل يُكمل أو تبطل الصلاة
ويبطل الطواف؟ فلو أن إنساناً أراد أن يتزوج أخته من الرضاعة هل يجوز له ذلك؟ ما يمنع الابتداء ولا يمنع الدوام. لا يجوز، فالإحرام يمنع ابتداء النكاح. لو كان هو متزوج وأحرم، هل يؤثر إحرامه على النكاح؟ وكذلك وجود الرقبة في كفارة الظهار والقتل مانع من ابتداء الصوم.
فالأول:
احتراز من السبب لأنه يلزم من وجوده الوجود.
والثاني:
احتراز من الشرط لأنه يلزم من عدمه العدم.
والثالث:
لذاته احتراز من مقارنة
المانع لوجود سبب آخر، فإنه يلزم الوجود لا لعدم المانع، بل لوجود السبب
الآخر، كالمرتد القاتل لولده، فإنه يُقتل بالردة وإن لم يُقتل قصاصاً، لأن
المانع لأحد السببين فقط.
والمانع قد يكون مانعاً للحكم، وقد يكون مانعاً للسبب:
أما المانع للحكم: فإنهم عرّفوه بأنه الوصف الوجودي الظاهر المنضبط المستلزم لحكمة تقتضي نقيض حكم السبب مع بقاء حكم المُسبب.
كالأبوة في القصاص، مع القتل العمد العدوان، فإن الإنسان لو قتل ابناً له، هل يُقتل به أو لا ؟
قالوا:
لا يُقتل بسبب الأبوة، لأن الأب سبب لوجود هذا الولد، فلا يحسن كونه سبباً
لعدمه، فينتقض الحكم ويمتنع وهو القصاص مع وجود ما يقتضيه وهو القتل، هذا
مثال مشهور، عند جمع كثير من الأصوليين.
لكن منهم من تعقب هذا وقال
إن الواقع أن الابن ليس سبب الإعدام والقصاص، وإنما القتل عمداً عدواناً
هو السبب الموجب للقصاص، ولعل سبب منع القصاص أن ولي الدم للابن هو الأب
وحده، أو مع غيره، وإذا عفا بعض الأولياء سقط القصاص، قال هذا بعض
الأصوليين.
قال الشوكاني رحمه الله:
(وفي هذا المثال الذي أطبق عليه جمهور أهل الأصول نظر؛ لأن السبب المقتضي
للقصاص هو فعله، لا وجود الابن ولا عدمه، ولا يصح أن يكون ذلك حكمة مانعة
للقصاص، ولكنه ورد الشرع بعدم ثبوت القصاص لفرع من أصل).
وقيل: إن
المراد هنا السبب البعيد، فإن الولد سبب بعيد في القتل، إذ لولاه لم يتصور
قتله إياه، فله مدخل في القتل لتوقفه عليه، إلا أن الأصوليين مثلّوا بهذا
المثال على المانع للحكم.
والأمثلة على المانع للحكم كثيرة، منها:
- وجود
النجاسة المُجمع عليها في بدن المُصلي، وجود النجاسة يمنع من صحة الصلاة،
كذلك اختلاف الدين يمنع من الإرث، كذلك الشُّبهة، إذا وُجدت تمنع من إقامة
الحد.
- وكذلك
من الأمثلة قتل الوارث لمورثه، فإن القتل هذا يمنع، وقد جاء عن النبي عليه
الصلاة والسلام من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((ليس للقاتل من الميراث شيء)) رواه النسائي والدارقطني وقوّاه ابن عبد البر، وأعلّه النسائي، والصواب وقفه على عمرو، قال هذا الحافظ ابن حجر في (بلوغ المرام).
وهذا الحكم متقرر ومعروف أن الإنسان إذا قتل، فإنه ليس له من الميراث شيء.
المانع للسبب:
هذا مانع للحكم، فيه مانع للسبب، أي سبب الحكم، عُرِّف بأنه: وصف يُخل
وجوده بحكمة السبب، ومثلّوا عليه بالدين مع مُلك النصاب، فإن الإنسان إذا
ملك نصاباً ولكن عليه دين، يستغرق هذا الدين ما عنده، هل تجب عليه الزكاة
أو لا؟
هذه مسألة فيها خلاف بين
أهل العلم، والصحيح أن الدين لا يمنع الزكاة، لكن على القول الآخر بأن
الدين يمنع الزكاة فإنهم مثلوا بهذا المثال.
ووجه ذلك:
فالنصاب هذا هو السبب، وهو
يتحمل المواساة شكراً على نعمة هذا المال، لكن لما كان المدين مطالباً
بصرف الذي يملكه في الدين صار ما عنده كالعدم، فبناءً على هذا قالوا إن
وجود الديّن مانع من وجوب الزكاة، وهو مانع للسبب، والأول مانع للحكم.
ومن الأمثلة على الثاني
الجواب: لا يصح هذا، فالذي منع من صحة البيع ومن تحقق البيع.
عدم الملكية، فكون المبيع غير مملوك مانع من تحقق البيع الذي هو سبب للملك.
عرفنا الآن أنه ينقسم إلى: مانع للحكم، وإلى مانع للسبب.
فيه تقسيم آخر:
فالقسم الأول:
مثل:
القتل: مانع من الميراث، ونحوه الوصية، كون هذا الشخص أقدم على قتل والده
مثلاً من أجل أنه احتاج الى المال، وهذا الأب انتظر وفاته كثيراً فلم يمت،
فتعجّل وقتل أباه، (من تعجّل شيئاً قبل أوانه عوقِبَ بحرمانه)، فقتله يمنع من الإرث.
الكفر: مانع، لو كان إنسان له أولاد، منهم ولد نصراني مثلاً، هذاالكفر مانع، ما يرث.
- كذلك:
لا، ليس له ذلك، فهذا من الموانع.
- وكذلك: نكاح المرأة أيضاً مانع من نكاح عمتها وخالتها.
لو أراد المكلف أن يتخلص من هذا المانع ما استطاع، خارج عن قدرته مثل:
الحيض، بالنسبة للمرأة ، الحيض هذا لو أرادت أن تتخلص منه ما استطاعت.
وهو يمنع أشياء:
- يمنع حل الوطء.
- ويمنع الطلاق، طلاق الحائض طلاق بدعي.
ومثله:
ومثله: الجنون: فإنه مانع من القيام بالعبادات وصحة التصرفات، إلى غير ذلك.
هذا تقسيم سهل، تقسيم واضح.
- مانع يمنع صحة العبادات والمعاملات في الابتداء والدوام.
أما الأول:
- مثل:
- كذلك:
تبطل الصلاة ويبطل الطواف، وهذا معنى كون الحديث مانع للدوام.
- ومثله:
الرضاع يمنع من ابتداء النكاح، ومن استمراره.
الجواب، لا، لا يجوز، لأن الرضاع يمنع ابتداء النكاح.
لو تزوج امرأة ثم لما تم
الزواج قد يكون بعد فترة طويلة، تبين أنها أخته من الرضاعة، هل يُعفى عن
هذا ويستمر النكاح، أو أن الرضاع يمنع الدوام؟
القسم الثاني:
لا يؤثر عليه، فهو يمنع الابتداء لكنه لا يمنع الدوام.
كذلك العدّة، لو كانت امرأة معتدة، هل يجوز لها أن تتزوج؟
العدة تمنع ابتداء النكاح، ليس لها أن تتزوج، ولكنها لا تمنع الدوام، بمعنى أن كونها في عصمة زوجها إذا استرجعها فإن هذه العدة لا تمنع دوام النكاح الأول.
إنسان يستطيع أن يعتق رقبة وعليه كفارة ظهار أو قتل، خطأ طبعاً.
هل يجوز له أن يصوم وهو يقدر على العتق؟
لا يجوز له ذلك.
لكن ما استطاع العتق، فعدل إلى الصيام، شرع في الصوم، ثم جاءه مال وصار من الأغنياء، فهل نقول صيامك هذا لاغ لا يصح، فعليك أن تعتق؟
أو نقول إن وجودك للقدرة على العتق حصل بعد الصيام
الجواب: أن نقول أن صيامك
هذا صحيح، ولا يؤثر كونك استطعت عتق الرقبة بعدما بدأت فيه. وللمانع تقاسيم
وكلام طويل من أراد التوسع فليرجع إلى المطولات من كتب الأصول).
العناصر
المانع
تعريف (المانع)
تعريف (المانع) لغةً
تعريف (المانع) اصطلاحًا
محترزات تعريف (المانع) اصطلاحاً
أقسام المانع باعتبار متعلقه
القسم الأول: المانع للحكم
تعريف (المانع للحكم)
مثال (المانع للحكم): الأبوة في القصاص مع القتل العمد العدوان
اعتراض بعض الأصوليين على التمثيل للمانع للحكم بالأبوة في القصاص مع القتل العمد العدوان
أمثلة أخرى على المانع للحكم
القسم الثاني: مانع للسبب
تعريف (المانع للسبب)
مثال (المانع للسبب): سقوط الزكاة بالدين مع ملك النصاب
اعتراض على التمثيل على المانع للسبب بامتناع الزكاة بسبب الدين مع ملك النصاب
توجيه التمثيل للمانع للسبب بالدين مع ملك نصاب الزكاة
أمثلة أخرى على (المانع للسبب)
أقسام المانع باعتبار دخوله تحت قدرة المكلف
القسم الأول: ما يدخل تحت قدرة المكلف
مثال المانع الذي يدخل تحت قدرة المكلف
القسم الثاني: ما لا يدخل في مقدور المكلف
مثال المانع الذي لا يدخل تحت قدرة المكلف
أقسام المانع باعتبار تأثيره
القسم الأول: ما يمنع صحة العبادات والمعاملات ابتداء ودواما
القسم الثاني: ما يمنع الابتداء ولا يمنع الدوام
الأسئلة
س1: عرف (المانع) لغة واصطلاحاً.
س2: ما أقسام المانع باعتبار متعلقه؟
س3: بين أقسام المانع باعتبار دخوله تحت قدرة المكلف.
س4: اذكر أقسام المانع باعتبار تأثيره.