1 Nov 2008
المندوب
قال إمام الحرمين: أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني (ت ٤٧٨هـ) : (وَالمَنْدُوبُ: مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، وَلاَ يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ).
شرح الورقات للعلامة: جلال الدين محمد بن أحمد المحلي
قال جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (ت ٨٦٤هـ): ( (2) (وَالمَنْدُوبُ) مِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ بِالنَّدْبِ: (مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، وَلاَ يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ) ).
شرح الورقات لابن الفركاح الشافعي
قال تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري ابن الفركاح الشافعي (ت: 690هـ): ( (2) (والمَنْدُوبُ ما يُثابُ على فِعْلِهِ ولا يُعاقَبُ على تَرْكِهِ).
أصْلُ الندْبِ في اللُّغةِ: الطلَبُ، والمندوبُ مطلوبٌ شَرْعًا، وهوَ ما يُشارِكُ الواجبَ في أنَّهُ يُثابُ على فِعْلِهِ، ويَنفصِلُ عنهُ بأنَّهُ لا يُعاقَبُ على تَرْكِهِ، كصلاةِ الضُّحَى مَثَلاً.
ويُفارِقُ المباحُ المندوبَ بأنَّ المُبَاحَ لا يُثابُ على فِعْلِهِ، وبذلكَ يُفارِقُ المحظورَ أيضًا؛ فإنَّهُ يُعَاقَبُ على فِعْلِهِ، وما يُعاقَبُ على فِعْلِهِ يَستحيلُ الثوابُ على فِعْلِهِ، وبذلكَ فارَقَ المكروهَ أيضًا؛ فإنَّ المكروهَ لا يُثابُ على فِعْلِهِ أيضًا).
الأنجم الزاهرات للشيخ: محمد بن عثمان المارديني
قال شمس الدين محمد بن عثمان بن علي المارديني (ت: 871هـ): ( (2) أقولُ: (لمَّا فَرَغَ مِنْ رَسْمِ الواجبِ شَرَعَ في رَسْمِ المندوبِ؛ ليُميِّزَهُ عنْ أقْسامِهِ، فقالَ: المندوبُ: مَا يُثابُ عَلى فِعْلِهِ كالسُّنَنِ مَثَلاً؛ فإنَّهُ يُثَابُ على فِعْلِهَا).
وخَرَجَ بهذَا القيْدِ (المحظورُ) و (المكروهُ) وَ (المباحُ) فإنَّهُ لاَ يُثَابُ على فِعْلِهِمْ.
وَ بـ قولِهِ: (وَلاَ يُعَاقَبُ على تَرْكِهِ) خَرَجَ الواجبُ. وانطبقَ الرَّسمُ على المندوبِ لتحقُّقِ الوصْفيْنِ وهمَا: (الثَّوابُ على الفِعْلِ) و (عَدَمُ العِقَابِ على التَّرْكِ).
ويُسمَّى المندوبُ أيضًا (نافلةً) وَ (سنَّةً) واللهُ أَعْلَمُ).
قرة العين للشيخ: محمد بن محمد الرعيني الحطاب
قال أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعيني المالكي [المعروف: بالحطاب] (ت: 954هـ): ( (2) (والمندُوبُ) هو المأخُوذُ منَ النَّدْبِ، وهوَ الطَّلَبُ لُغَةً، وشرْعًا -منْ حيثُ وصفُهُ بالنَّدْبِ- هُوَ: (مَا يُثَابُ علَى فعْلِهِ ولا يُعاقَبْ علَى تركِه) ).
شرح الورقات للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان
قال الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان: ( (2) القسمُ الثاني: المَنْدُوبُ، وهوَ لغةً:اسمُ مفعولٍ من النَّدْبِ، وهوَ الدعاءُ إلَى الفعلِ وطَلَبُهُ.
قالَ الشاعرُ:
لايَسْأَلُونَ أَخَاهُمْ حِينَ يَنْدُبُهُمْ ... فِي النَّائِبَاتِ عَلَى مَا قَالَ بُرْهَانَا
واصطلاحًا: ما طَلَبَ الشارعُ فِعْلَهُ طَلَبًا غَيْرَ جازمٍ: (كالسِّوَاكِ، والرَّوَاتِبِ، والتَّطَيُّبِ يومَ الجُمُعَةِ). -والقَيْدُ الأَوَّلُ لإخراجِ المُحَرَّمِ والمَكْرُوهِ والمُبَاحِ. - والقَيْدُ الثاني لإخراجِ الواجبِ. وَأَمَّا
ذَمُّ الفقهاءِ مَنْ تَرَكَ جميعَ الرواتبِ، فهوَ لأجلِ الاستهانةِ
بالطاعةِ والزُّهْدِ فيها، لا لأنَّها واجبةٌ. قالَهُ
فِي(المحصولِ)(1/1/129). وَسَيَأْتِي
إنْ شاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بابِ الأمرِ انْقِسَامُ الأمرِ إلَى أَمْرِ
إيجابٍ وأمْرِ اسْتِحْبَابٍ، واللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيُسَمَّى المندوبُ: سُنَّةً، وَمُسْتَحَبًّا، وَتَطَوُّعًا،وَنَفْلاً.
وهذا
علَى رَأْيِ جمهورِ الأُصُولِيِّينَ خِلافًا للأحنافِ الذينَ جَعَلُوا
المندوبَ مُرَادِفًا للنَّفْلِ، وَفَرَّقُوا بينَ السُّنَّةِ والنَّفْلِ،
فَجَعَلُوهَا أَعْلَى منهُ رُتْبَةً).
شرح الورقات للشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم (مفرَّغ)
قال الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم: (والمندوب: ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه.
المندوب: هذا هو الحكم الثاني من الأحكام التكليفية الخمسة، وله كسابقه تعريف في اللغة وتعريف في الاصطلاح.
-أما تعريفه في اللغة:
فقال في (القاموس المحيط):(وندبه إلى الأمر، كنصره، دعاه، وحثّه، ووجهه،
والميت بكاه وعدّد محاسنه، والاسم: النُّدبة، بالضم،والمندوب: المستحب) وهو
اسم مفعول من الندب وهو الدعاء لأمر مهم، إذا دعاك إنسان وندبك إلى شيء،
يقال: ندب فلان، يعني: دعاه وطلبه، وقيّد بعضهم هذا الدعاء لأمر مهم وأنه
يسمى ندباً، يُفهم من هذا أن غير المهم لا يقال فيه إنه مندوب.
ومنه قول قُريْط بن أنيف العنبري:
لايسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهاناً
هذا ما يتعلق بتعريفه في اللغة، فالمندوب هو الدعاء إلى أمر مهم، ومنهم من قال إن الندب هو الدعاء بإطلاق.
هذا تعريف له، بالحقيقة، وإذا عرفناه (بالحكم) فهو ما ذكره المؤلف: ما يثاب على فعله، ولا يعاقب على تركه.
وكذلك
بالنسبة للتعريف الثاني: ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه، كذلك يقال
فيه ما قيل في سابقه، أن الإنسان يثاب على فعله إذا كان على وجه الامتثال،
أما إذا فعل هذا المندوب لا على قصد الامتثال والقربة فإنه لا يثاب عليه،
أما إذا تركه فإنه لا شيء عليه، هذا واضح.
ما هو المثال على المندوب؟
الأمثلة عليه كثيرة، مثل:رفع اليدين حال تكبيرة الإحرام في الصلاة والركوع والرفع من الركوع، والقيام من التشهد الأول.
مسنون.
مسنون في مذهب جمهور أهل العلم وإن كان من أهل العلم من يقول: إنه واجب، لكن الصحيح خلاف هذا، كما هو مذهب الجمهور.
-وكذلك
السواك، كون الإنسان يستاك، هو مسنون، إذا فعله بقصد الامتثال وتطبيق
السنة فإنه يثاب، ومطلوب منه، لكن هذا الطلب غير جازم، وإذا تركه فلا شيء
عليه. كذلك الصلوات غير الفريضة، مثل: الرواتب والسنن المطلقة، هذه سنة على
اسمها سنة مطلقة،كذلك السنن الرواتب ليست واجبة، إلى غير هذا، لكن جاء عن
جماعة من السلف ذم من ترك جميع الرواتب.
جاء عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: تارك الوتر رجل سوء ينبغي أن لا تُقبل شهادته، أو أن لا تُقبل له شهادة.
الوتر الصحيح أنه سنة مؤكدة وليس واجب، فكيف يُقال في حقّه هذا؟
وعلى
كل حال كون هذا المسنون لا يُثاب على تركه لا يقتضي أن الإنسان يتساهل كما
سبق الكلام على هذا في الدرس الماضي، أن بعض الناس يقول هذا مسنون، فيتساهل
ويتركه، هذا مكروه فيتساهل ويفعله، هذا لا ينبغي، ينبغي على الإنسان أن
يعتني بالأمور المسنونة كما يعتني بالأمور الواجبة.
والمسنون له أسماء يُسمى:
-سُنة.
- ومستحبّاً.
- وطاعة.
- وتطوعاً.
- ونَفْلاً.
- ومُرّغباً فيه.
-
وبعضهم قال إن هذه الأسماء لا تُعرف في الشرع، لكن على كل حال هذه كلها
تَصْدُق على المسنون ولو لم يرد في النصوص ما يدل على بعضها.
-وبعضهم
يجعل السُنّة أعلى من النافلة والنفل، يجعل أعلى الأشياء هو السنة، وهو
الشيء الذي داوم عليه الصلاة والسلام على فعله من غير أن يُوجبه وأنّ
النافلة أقل رتبةً منه.
وأكتفي
بالإشارة إلى مسألة من مسائله:وهي هل يلزم فعل المسنون بالشروع فيه أو لا؟
فلو صلى إنسان صلاة نافلة، هل له أن يقطعها ويقول هذا عمل مسنون، أو لا بد
من إكمال هذه الصلاة؟
اختلف العلماء في هذا، والمشهور في المذهب الحنبلي أنه لا يجب إكمال ما دخل فيه الإنسان تطوعاً إلا الحج والعمرة، لقوله سبحانه:{وأتموا الحج والعمرة لله}.
وجاء عن الإمام أحمد رواية وجوب إكمال الصلاة، ورواية وجوب إكمال الصيام، والمشهور هو الأول.
-وقد
جاء في السنة ما يدل على عدم الوجوب بالنسبة للصيام، من صام تطوعاً فإنه
أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر، كما في الحديث عن النبي عليه الصلاة
والسلام أنه قال:((الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر)).
وبعض أهل العلم قال: إن من ابتدأ فعلاً تطوعاً وجب عليه أن يكمله لقوله سبحانه: {ولا تُبطلوا أعمالكم}،
ولا شك أن الإنسان ينبغي له أن لا يحرم نفسه الخير والفضل، إذا شرع في نفل
فليكمله، أما وجوب هذا من عدمه، فإن فيه خلافا بين أهل العلم).
العناصر
ثانياً: المندوب
مناسبة ذكر المندوب بعد الواجب
تعريف (المندوب)
تعريف (المندوب) لغةً
تعريف (المندوب) اصطلاحًا
تعريف المندوب بالحد الرسمي: هو ما يثاب على فعله، ولا يعاقب على تركه
شرح تعريف (المندوب) بالحد الرسمي
محترزات تعريف (المندوب) بالحد الرسمي
جواب الاعتراضات على تعريف (المندوب) بالحد الرسمي
فاعل المندوب لا يثاب إلا بقصد الامتثال
تعريف (المندوب) بالحد الحقيقي: هو ما أمر به على غير وجه الإلزام
شرح تعريف (المندوب) بالحد الحقيقي
ذكر بعض الأمثلة على المندوب
تطبيق أمثلة (المندوب) على تعريفه
المندوب مأمور به حقيقة
ذم الفقهاء لمن ترك جميع الرواتب
وجه الذم: أنه استهانة بالطاعات
التنبيه على الاعتناء بالمسنونات، وعدم التساهل فيها
أسماء (المندوب)
بعض أسماء المندوب لم يرد عليه دليل، ولكنه وصف يصدق عليه
السنة والنفل مترادفان خلافًا للأحناف
مسألة: الخلاف في لزوم المندوب بالشروع فيه
القول الأول: لا يلزم إلا في الحج والعمرة
القول الثاني: لا يلزم إلا في الصلاة
القول الثالث: لا يلزم إلا في الصوم
القول الرابع: يجب إكمال المندوب بالشروع فيه مطلقًا
مسألة: الصحيح في غسل الجمعة أنه مسنون خلافا لمن أوجبه من العلماء
الأسئلة
س1: ما مناسبة ذكر المندوب بعد الواجب؟
س2: هل يُلْزِم (المندوب) بالشروع فيه؟