الدروس
course cover
المتابع والشاهد والاعتبار
25 Oct 2008
25 Oct 2008

12164

0

0

course cover
شرح نخبة الفكر

القسم الثاني

المتابع والشاهد والاعتبار
25 Oct 2008
25 Oct 2008

25 Oct 2008

12164

0

0


0

0

0

0

0

المتابع والشاهد والاعتبار

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): (وَالفَرْدُ النِّسْبِيُّ إِنْ وَافَقَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ المُتَابِعُ.

وَإِنْ وُجِدَ مَتْنٌ يُشْبِهُهُ فَهُوَ الشَّاهِدُ.

وَتَتبُّعُ الطُّرُقِ لِذَلِكَ هُوَ الاعْتِبَارُ).

هيئة الإشراف

#2

29 Oct 2008

نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): ( (1) (وَ)ما تقدَّمَ ذِكْرُهُ من (الْفَرْدِ النِّسْبِيِّ إِنْ) وُجِدَ بعدَ ظَنِّ كَوْنِهِ فَرْدًا قد (وَافَقَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ الْمُتَابِعُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ.

وَالْمُتَابَعَةُ على مَرَاتِبَ:

-لأنَّها إنْ حَصَلَتْ للرَّاوِي نَفْسِه فهي التَّامَّةُ.

- وإنْ حَصَلَتْ لِشَيْخِهِ فمَنْ فَوْقَهُ فهي القَاصِرَةُ، ويُسْتَفادُ منها التَّقْوِيَةُ.

مِثَالُ الْمُتَابَعَةِ: ما رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ في (الأُمِّ) عَن مَالِكٍ، عَن عبدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ تعالي عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَلا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الهِلالَ وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاثِينَ)).

فهَذَا الحَدِيثُ بهَذَا اللَّفظِ ظَنَّ قومٌ أنَّ الشَّافِعِيَّ تَفَرَّدَ بِهِ عَن مَالِكٍ فَعَدُّوهُ في غَرائِبِه؛ لأنَّ أَصْحَابَ مَالِكٍ رَوَوْهُ عنه بهَذَا الإِسْنَادِ وبلفظِ: ((فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ)) ولكنْ وجدْنَا للشَّافِعِيِّ مُتَابِعًا وهو عبدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ.

كذَلِكَ:أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عنه عَن مَالِكٍ وهَذِهِ مُتَابَعَةٌ تَامَّةٌ، ووجَدْنَا له أيضًا مُتَابَعَةً قَاصِرَةً في صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ من رِوايةِ عاصمِ بْنِ محمدٍ، عَن أبيه محمدِ بْنِ زيْدٍ، عَن جدِّهِ عبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بلفظِ: ((فَكَمِّلُوا ثَلاَثِينَ)) وفي (صَحِيحِ مُسْلِمٍ) من روايةِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَن نافعٍ عَن ابْنِ عمرَ بلفظِ: ((فَاقْدُرُوا ثَلاَثِينَ)).

ولا اقْتِصَارَ في هَذِهِ الْمُتَابَعَةِ سَوَاءٌ كانت تَامَّةً أم قَاصِرَةً على اللَّفظِ، بل لو جاءت بالمعنى لَكَفَتْ، لكِنَّها مُخْتَصَّةٌ بكوْنِها من روايةِ ذَلِكَ الصَّحابِيِّ.

(2) (وَإِنْ وُجِدَ مَتْنٌ) يُرْوَى من حَدِيثِ صَحَابِيٍّ آخَرَ.

(يُشْبِهُهُ) في اللَّفظِ والمعنى أو في المعنى فقط.

(فَهُوَ الشَّاهِدُ) ، ومِثَالُهُ في الحَدِيثِ الذي قدَّمناه ما رَوَاهُ النَّسَائِيُّ من روايةِ محمدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَ: حَدِيثِ عبدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَن ابْنِ عمرَ، سَوَاءً فهَذَا باللَّفْظِ.

وأَمَّا بالمعنى:فهو ما رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، من روايةِ محمدِ بْنِ زِيادٍ، عَن أَبِي هُريْرَةَ، بلفظِ: ((فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُم فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ)) وَخَصَّ قَوْمٌ الْمُتَابَعَةَ بما حصلَ باللَّفْظِ سَوَاءٌ كانَ من روايةِ ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ أم لا، والشَّاهِدُ بما حصلَ بالمعنى كذَلِكَ، وقد تُطلقُ الْمُتَابَعَةُ على الشَّاهدِ وبالعَكْسِ، والأمرُ فيه سَهْلٌ.

(3) (وَ) اعْلَمْ أنَّ (تَتبُّعَ الطُّرُقِ) من الجوامعِ والمَسانِيدِ والأجْزَاءِ.

(لِذَلِكَ) الحَدِيثِ الذي يُظَنُّ أنَّهُ فَرْدٌ لِيُعْلَمَ هل له مُتَابِعٌ أم لا؟

(هُوَ: الاعْتِبَارُ) وقولُ ابْنِ الصَّلاَحِ: مَعْرِفَةُ الاعْتِبَارِ والمُتابعاتِ والشَّواهِدِ قد يُوهِمُ أنَّ الاعْتِبَارَ قَسِيمٌ لهمَا وليسَ كذَلِكَ، بَلْ هُوَ هَيْئَةُ التَّوَصُّلِ إليهما).

هيئة الإشراف

#3

29 Oct 2008

نظم الدرر لفضيلة الشيخ: إبراهيم اللاحم

قال الشيخ إبراهيم بن عبد الله اللاحم: (1-الاعْتِبَارُ والمُتَابَعَاتُ والشَّوَاهِدُ:ابنُ الصلاحِ هو الذي ذَكَرَ هذا العنوانَ كَمَا سَيُشِيرُ إلى ذلكَ الحافظُ،

وَنَبَّهَ الأَئِمَّةُ إلى أَنَّ قَوْلَهُ: الاعتبارُ والمتابعاتُ والشواهدُ قد يُوهِمُ أَنَّ الاعتبارَ قَسِيمٌ للمُتَابِعِ والشَّاهِدِ، فقالوا: إنَّهُ ليسَ قَسِيمًا لهما وإِنَّمَا هو هَيْئَةُ التَّوَصُّلِ إليهما، وَمَعْنَى هذا أَنَّ الاعتبارَ هو عَمَلُ الباحثِ في تَتَبُّعِ الطُّرُقِ، واصطلح الأَئِمَّةُ على تَسْمِيَتِهِ بهذا فقالوا: الاعتبارُ هو تَتَبُّعُكَ لِطُرُقِ حديثٍ ما، وأشارَ الحافظُ إلى أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بالفَرْدِ النِّسْبِيِّ، ولا أَدْرِي لِمَ خَصَّهُ بالفردِ النِّسْبِيِّ فَقَطْ؟ فَإِنَّ الفَرْدَ المُطْلَقَ أيضًا يَحْتَاجُ إلى تَتَبُّعِ طُرُقٍ، إلاَّ أَنْ يَكُونَ الحافظُ خَصَّ المُتَابِعَ بالفردِ النِّسْبِيِّ فهذا صحيحٌ؛ لأنَّ الغريبَ المُطْلَقَ تَزُولُ غَرَابَتُهُ بالشاهدِ، فَلَعَلَّ الحافظَ ذَكَرَ الفَرْدَالنِّسْبِيِّ هُنَا مِن أَجْلِ المُتَابَعَاتِ.

(1) موضوعُ الاعتبارِ والمتابعاتِ والشواهدِ هو - بِشَكْلٍ مُجْمَلٍ - لُبُّ عُلُومِ الحَدِيثِ، والاعتبارُ: هو تَتَبُّعُ الطُّرُقِ للوقوفِ على رَأْيٍ أَخِيرٍ في الحديثِ، فنحن نَحْكُمُ بِأَنَّ هذا الحديثَ غَرِيبٌ مُطْلَقٌ، وغريبٌ نِسْبِيٌّ، أو أَنَّهُ صَحِيحٌ، أو شاذٌّ، أو مُنْكَرٌ، ….. إلخ كُلُّ هذا بالاعتبارِ، وما تَقِفُ عليه مِن طُرُقٍ اصطلح الأَئِمَّةُ على تَسْمِيَتِهَا بالنسبةِ للإسنادِ الذي مَعَكَ، فَالأسماءُ الآنَ نِسْبِيَّةٌ، فإذا وَقَفْتَ على إسنادٍ فهو موضوعُ بَحْثِكَ، وما تَقِفُ عليهِ مِن طُرُقٍ لها أَسْمَاءٌ بالنسبةِ لهذا الإسنادِ، لكنْ لو أَنَّ بَاحِثًا آخَرَ وَقَفَ أوَّلاً على إسنادٍ آخَرَ غيرِ الذي وَقَفْتَ عليهِ فيكونُ الإسنادُ الذي وَقْفتَ عليه أوَّلاً له اسمٌ بالنسبةِ للباحثِ الآخَرَ، فالأمرُ إذًا نِسْبِيٌّ.

مثالُ ذلكَ:وَقَفَ الحافظُ على رِوَايَةٍ لِلشَّافِعيِّ.

قيلَ:إِنَّ الشَّافِعِيَّ تَفَرَّدَ بها عن مالكٍ، فالحاجةُ دَاعِيَةٌ الآنَ إلى جَمْعِ الطُّرُقِ للتَّأَكُّدِ مِن أَنَّ الشَّافِعِيَّ تَفَرَّدَ بهذهِ الرِّوَايَةِ، وحينئذٍ تَتَبُّعُكَ لِطُرُقِ حديثٍ ما يَخْتَلِفُ الباعثُ عليهِ؛ فقدْ يَكُونُ الباعثُ لكَ على تَتَبُّعِ الطُّرُقِ هو التَّأَكُّدُ مِن نَفْيِ الشُّذُوذِ وَالْعِلَّةِ.

ولباحثٍ آخَرَ: العثورُ على أَسَانِيدَ تَرْفَعُ الحديثَ الذي يَبْحَثُ فيهِ عن الضَّعْفِ،

في المثالِ الذي ذَكَرَهُ ابنُ حَجَرٍ، رَوَى الشَّافِعِيُّ حديثًا عن مالكٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ دِينَارٍ، عن ابنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَلاَ تَصُومُوا …. فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاَثِينَ))، هذا لفْظُ الشَّافِعِيِّ.

وقيلَ:إِنَّ الشَّافِعِيَّ تَفَرَّدَ بهِ عن مالكٍ؛ فإنَّ أصحابَ مالكٍ رَوَوهُ عنهُ بلفظِ: ((فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ)) وَمَعْرُوفٌ أَنَّ بعضَ الفقهاءِ يُفَرِّقُ بينَ عِبَارَةِ ((فَاقْدِرُوا لَهُ)) وبينَ ((فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ))، فَمَعْرُوفٌ مِن مَذْهَبِ الحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إذا غُمَّ عَلَيْنَا الشهرُ يَأَخْذُونَ بِقَوْلِهِ ((فَاقْدِرُوا لهُ)) أيْ: ضَيِّقُوا عَلَيْهِ، بِمَعْنَى: فَصُومُوا يَوْمَ الغَيْمِ؛ فَيَصُومُونَ يومَ الثلاثينَ مِن شَعْبَانَ إذا حالَ دونَ رُؤْيَةِ الهلالِ غَيْمٌ.

وَلَمَّا قيلَ: إنَّ الشَّافِعِيَّ تَفَرَّدَ به صَارَ هَمُّ الحافظِ البحْثَ عن طُرُقٍ أُخْرَى للحديثِ، فَوَجَدَ أَنَّ البخاريَّ، رَوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيِّ، عن مالكٍ مِثْلَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عن مالكٍ، في اصطلاحِ المُحَدِّثِينَ يُقَالُ: إنَّ عبدَ اللهِ بنَ مَسْلَمَةَ، الآنَ قد تَابَعَ الشَّافِعِيَّ، فَتُسَمَّى رِوَايَةُ عَبْدِ اللهِ بالنِّسْبَةِ لِرِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ مُتَابَعَةً، ولو كُنَّا وَقَفْنَا أوَّلاً على رِوَايَةِ عبدِ اللهِ بنِ مَسْلَمَةَ؛ لكانتْ رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ مُتَابَعَةً.فالمسألةُ إذًا نِسْبِيَّةٌ، فَأَوَّلُ ما وَقَفْنَا عليهِ وَاحْتَجْنَا إلى البحثِ فيهِ هي رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ، فَنُسَمِّي رِوَايَةَ عبدِ اللهِ بنِ مَسْلَمَةَ، التي أَخْرَجَهَا البخاريُّ، مُتَابَعَةً.

أَضَافَ الحافظُ تَفْصِيلاً جَدِيدًا: وهو أَنَّهُ قال: الشَّافِعِيُّ، تُوبِعَ في مالكٍ، بِمَعْنَى أَنَّ عبدَالله بنَ مَسْلَمَةَ، رَوَاهُ عن شيخِ الشَّافِعِيِّ، وهو مالكٌ، فحينئذٍ نُسَمِّي هذه المتابعةَ مُتَابَعَةً تَامَّةً؛ لأَنَّهَا بالإسنادِ كُلِّهِ ابتداءً مِن مَالِكٍ، مع التَّنْبِيهِ إلى أَنَّ عبدَ اللهِ بنَ مَسْلَمَةَ، قد رَوَاهُ على وَجْهٍ آخَرَ كما رَوَاهُ الجَمَاعَةُ أَصْحَابُ مَالِكٍ.وَمِمَّا يَزِيدُ مِن إثباتِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ، حَفِظَهُ عن مالكٍ، أَنْ يَبْحَثَ له عن مُتَابَعَاتٍ وإنْ لمْ تَكُنْ عنْ مَالِكٍ، وَتُسَمَّى مُتَابَعَةً قَاصِرَةً، أيْ: أَنَّ هذا الراويَ لمْ يَلْتَقِ بِشَيْخِ الشَّافِعِيِّ، وإِنَّمَا الْتَقَى بِرَاوٍ فَوْقَ مَالِكٍ، وَذَكَرَ الحافظُ مُتَابَعَاتٍ قَاصِرَةً.

منها:رِوَايَةُ عَاصِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عن أَبِيهِ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدِ، عنجَدِّهِعبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، بمثلِ رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ، فَحَصَلَت المتابعةُ هنا في الصحابيِّ، فتكونُ هذه متابعةً لِلشَّافِعِيِّ وَلَكِنَّهَا مُتَابَعَةٌ قَاصِرَةٌ.

وَأُخْرَى:فِي مُسْلِمٍ عن عبيدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عن نَافِعٍ، عن ابنِ عُمَرَ، فإذًا مُتَابَعَةُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْلَمَةَ تَامَّةٌ، وَمُتَابَعَةُ مُحَمَّدِبنِزَيْدٍ، وَنَافِعٍ قَاصِرَةٌ، وبينهما مُتَابَعَةٌ إلاَّ أَنَّهَا ما وُجِدَتْ في هذا المثالِ، فلو وُجِدَتْ رِوَايَةٌ عن عبدِ اللهِ بنِ دِينَارٍ غيرُ رِوَايَةِ مَالِكٍ تَكُونُ مُتَابَعَةً قَاصِرَةً بِالنِّسْبَةِ لِمُتَابَعَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْلَمَةَ، إِلاَّ أَنَّهَا أَقْرَبُ مِن مُتَابَعَةِ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابنِ عُمَرَ.

هناك بَحْثٌ آخَرَ:لَعَلَّ صَحَابِيًّا آخَرَ قد رَوَاهُ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ، فقالَ الحافظُ: هناك صَحَابِيَّانِ آخَرَانِ وَرَدَ عنهما هذا اللفظُ، فَلاَ نُسَمِّي ذلكَ مُتَابَعَةً وإِنَّمَا نُسَمِّيهُمَا شَاهِدَيْنِ، أَحَدُهُمَا حديثُ ابنِ عَبَّاسٍ،مِن رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بنِ حُنَيْنٍ عنه، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، والآخَرُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ في بعضِ طُرُقِهِ، وهو في (الصَّحِيحَيْنِ)؛ فَحَصَلَ للشَّافِعِيِّ:

-مُتَابَعَةٌ تَامَّةٌ.

-ومُتابَعَتَانِ قَاصِرَتَانِ.

-وشاهدٌ باللفظِ، وهو حديثُ ابنِعَبَّاسٍ.

-وشاهدٌ بالمعنى، وهو حديثُ أبي هُرَيْرَةَ.

ثم عَقَّبَ الحافظُ بأنَّ هذا هو الاصطلاحُ المَشْهُورُ، فَمَدَارُ المُتَابَعَةِ والشاهدِ على الصحابيِّ، فإذا اتَّفَقَ فهو مُتَابَعَةٌ، وإذا اخْتَلَفَ فهو الشَّاهِدُ، وبعضُ الأَئِمَّةِ يَجْعَلُونَ المدارَ على اللفظِ، فإذا اتَّحَدَ اللفظُ فهو مُتَابَعَةٌ، وإذا اخْتَلَفَ فهو شَاهِدٌ سَوَاءً كانَ عن نَفْسِ الصحابيِّ أو عن صحابيٍّ آخَرَ.

ثم قال الحافظُ: ومِن الأَئِمَّةِ مَن يُطْلِقُ على المُتَابِعِ شاهِدًا، وَيُطْلِقُ على الشاهِدِ مُتَابِعًا، والأمرُ سَهْلٌ؛ لأنَّ العِبْرَةَ بِالمَعَانِي، والمصطلحاتُ لاَ مُشَاحَّةَ فِيهَا، لكنَّ المشهورَ أَنَّ المُتَابِعَ هو ما كانَ عن نفسِ الصحابيِّ، سَوَاءً كانَ باللفظِ أو بالمعنَى، والشاهدُ هو ما كانَ عن صحابيٍّ آخَرَ سَوَاءً كانَ باللفظِ أو بالمعنَى، وهذا هو الذي عليه العملُ الآنَ، ولا يَكَادُ يُخْرَجُ عنه.

وهناكَ مُصْطَلَحٌ يَتَعَلَّقُ بهذا الموضوعِ كثيرًا ما يَسْتَخْدِمُهُ الأَئِمَّةُ يَحْسُنُ أَنْ يُذْكَرَ هُنَا:

عَرَفْنَا أَنَّ الراويَ إذا وَافَقَهُ أحدٌ في شَيْخِهِ أو مَن فَوْقَهُ فإنَّا نقولُ: تَابَعَهُ فلانٌ، وهناكَ مُصْطَلَحٌ مُضَادٌّ لهذا يَسْتَخْدِمُهُ الأَئِمَّةُ لاَ سِيَّمَا في كُتُبِ العِلَلِ وهو عِبَارَةُ: (خَالَفَهُ فلانٌ)، فمثلاً: الحديثُ الذي مَرَّ بِنَا مِن قَبْلُ، الذي رَوَاهُ مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، عن الأَعْمَشِ، عن أبي صَالِحٍ، عن أبي هُرَيْرَةَ، عندَما نَأْتِي إلى أصحابِ الأَعْمَشِ يَقُولُونَ في التعبيرِ عن ذلكَ: وخَالَفَهُ زَائِدَةُ، وأبو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، وَعَبْثَرُ بنُ القَاسِمِ، فَرَوَوهُ عن الأَعْمَشِ، عن مُجَاهِدٍ كان يُقَالُ: ((إنَّ لِلصَّلاَةِ أَوَّلاً وَآخِرًا))، فَالمُخَالَفَةُ تَكُونُ بِضِدِّ المُتَابَعَةِ، وفي بعضِ الأحيانِ يَجْمَعُونَ بينَ الأَمْرَيْنِ فيقولونَ: تَابَعَهُ فلانٌ ولَكِنْ خَالَفَهُ، فمعنى هذا أَنَّهُ تَابَعَهُ في أصْلِ الروايةِ حيثُ رَوَاهُ عن الأَعْمَشِ مثلاً، ثم يُنَبِّهُ الإمامُ إلى أَنَّ هذه المتابعةَ ليستْ كَامِلَةً، وإِنَّمَا المُتَابَعَةُ في أَصْلِ الرِّوَايَةِ).

هيئة الإشراف

#4

29 Oct 2008

شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: سعد بن عبد الله الحميد

قال الشيخ سعد بن عبد الله الحميد: ( (1) قولُهُ: (والفَرْدُ النِّسْبِيُّ إنْ وَافَقَهُ غيرُهُ فهوَ الْمُتَابَِعُ، وإنْ وُجِدَ مَتْنٌ يُشْبِهُهُ فهوَ الشاهِدُ، وتَتَبُّعُ الطُّرُقِ لذلكَ هوَ الاعتبارُ).

هذهِ الْجُمْلَةُ تَشْتَمِلُ على ثلاثةِ أنواعٍ مِنْ عُلومِ الْحَدِيثِ: الاعتبارُ، والمُتَابِعُ، والشاهِدُ.

وابنُ الصَّلاحِ عَنْوَنَ في مُقَدِّمَتِهِ بعُنوانِ: (مَعْرِفَةُ الاعتبارِ والمُتَابَعَاتِ والشَّوَاهِدِ) ؛ فَظَنَّ بعضُ الناسِ أنَّ الاعتبارَ قِسْمٌ، والمُتَابِعَ قِسْمٌ، والشاهِدَ قِسْمٌ ثالثٌ.

فالحافِظُ ابنُ حَجَرٍيُبَيِّنُ أنَّ الاعتبارَ ليسَ قَسِيماً للمُتَابِعِ والشاهِدِ، ولكنَّ الاعتبارَ هيَ الطريقةُ التي يُتَوَصَّلُ بها إلى مَعرِفَةِ المتابِعِ والشاهِدِ.

فإذَا جَاءنِي حديثٌ وَجَدْتُهُ مِنْ طريقٍ واحدٍ، فأنَا لا أَستطيعُ أنْ أَحْكُمَ على هذا الْحَدِيثِ بأنَّهُ حديثٌ فَرْدٌ؛ (أيْ: حَديثٌ غريبٌ) ، لا غَرابةٌَ نِسْبِيَةٌ ولا مُطْلَقَةٌ، إلاَّ بعْدَ التَّتَبُّعِ والاستقصاءِ في الكُتُبِ التي تَرْوِي الْحَدِيثَ بالسَّنَدِ: (الكتُبِ السِّتَّةِ) - (مُسْنَدِ أحمدَ) - (صحيحِ ابنِ خُزَيْمَةَ) - (صحيحِ ابنِ حِبَّانَ) - (مُسْتَدْرَكِ الحاكِمِ)... إلخ)، فهذا التَّتَبُّعُ والاستقصاءُ يُسَمَّى اعتباراً.


تعـريفُ الاعتبارِ:

هيَ الهيئةُ أو الطريقةُ التي يُتَوَصَّلُ بها إلى مَعْرِفَةِ هلْ شَارَكَ رَاوِي الْحَدِيثِ الفَرْدِ غيرَهُ أمْ لا؟

فمِنْ خِلالِ التعريفِ يَتَبَيَّنُ أنَّ الاعتبارَ ليسَ قَسيماً

للمُتَابِعِ والشاهِدِ، وإنَّما هوَ الذي يَتَفَرَّعُ منهُ المُتَابِعُ والشاهِدُ.

أمَّا الْمُتَابِعُ والشَّاهِدُ فيُمْكِنُ أنْ نَعْتَبِرَهُمَا قِسمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، كُلٌّ منهما يُغَايِرُ الآخَرَ، وهذهِ الْمُغَايَرَةُ اختَلَفَ فيها العُلماءُ:

فمِنهم مَنْ نَظَرَ إلى السنَدِ.

ومِنهم مَنْ نَظَرَ إلى الْمَتْنِ.

فمَنْ نَظَرَ إلى الْمَتْنِ عَرَّفَ الْمُتَابِعَ تَعريفاً، وعَرَّفَ الشاهِدَ تَعريفاً آخَرَ.

فبَعْضُهم قالَ:المُتَابِعُ هوَ: الْحَدِيثُ الذي يَشْتَرِكُ رُواتُهُ في لَفْظِهِ تَماماً، وسَوَاءٌ كانَ رَاوِيهِ صَحَابِيًّا واحداً وعنهُ تَفَرَّعَ، أوْ معَ الاختلافِ في الصَّحَابِيِّ.

والشاهِدُ:هوَ الْحَدِيثُ الذي يَخْتَلِفُ رُوَاتُهُ في لَفْظِهِ تَماماً، سَوَاءٌ كانَ رَاوِي الصَّحَابِيِّ واحداً أوْ مُخْتَلِفاً لكنَّ المعنَى واحدٌ (في اللَّفْظَيْنِ). ولكنَّ هذا التعريفَ (للمُتَابَِعِ والشاهِدِ) مَرجوحٌ.

والراجِـحُ أنَّ: المُتابِعَ إن اتَّحَدَ الصحابِيُّ واختَلَفَت الطُّرُقُ عنهُ، فهذا يُسَمَّى مُتَابِعاً،

سواءٌ اختَلَفَ اللفظُ أو اتَّحَدَ.

والشاهدُ:إن اخْتَلَفَ الصحابِيُّ فهوَ الشاهِدُ، سواءٌ اتَّفَقَ اللفظُ أو اختَلَفَ.

مِثالُ الْمُتَابِعِ والشاهِدِ:

حديثُ:((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً...)) جاءَ مِنْ حديثِ أبي هُريرةَ بلَفظَيْنِ:

اللفظُ الأَوَّلُ:يَرويهِ سعيدُ بنُ الْمُسَيِّبِ، عنْ أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)).

اللفظُ الثاني:مِنْ طريقِ أبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمنِ، عنْ أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ قالَ: ((مَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)). فبِناءً على التعريفِ الثانِي الذي هوَ الراجِحُ يُعْتَبَرُ هذا الطريقُ (طريقُ أبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمنِ) مُتَابِعاً لطَريقِ سَعِيدِ بنِ الْمُسَيِّبِ. وعَبْدُ اللَّهِ بنُ عمرَ يَرْوِي الْحَدِيثَ عن النبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهُ قالَ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)). فهذا الْحَدِيثُ يُعْتَبَرُ شاهداً بِناءً على التعريفِ الثاني.

أ- التعريفُ الْمُختارُ للمُتَابِعِ :هوَ الْحَدِيثٍُ الذي يُشَارِكُ رُواتُهُ رُواةَ الْحَدِيثِ الذي يُظَنُّ أنَّهُ فَرْدٌ، سواءٌ اختَلَفَ اللفظُ أو اتَّحَدَ، معَ الاتِّحادِ في الصحابِيِّ، معَ اتِّحادِ المعنى في كِلا اللَّفْظَيْنِ.

ب- التعريفُ المختارُ للشَّاهِدِ:هوَ الْحَدِيثُ الذي يُشَارِكُ رُواتُهُ رُواةَ الْحَدِيثِ الذي يُظَنُّ أنَّهُ فَرْدٌ، سواءٌ اختلَفَ اللفْظُ أو اتَّحَدَ، معَ الاختلافِ في الصحابِيِّ، معَ اتِّحادِ المعنى في كِلا اللفظَيْنِ.

أقسـامُ الْمُتَـابَـعَـةِ:

أ- مُتَابَعَةٌ تَامَّةٌ:

هيَ التي تَحْصُلُ للراوي نفْسِهِ (الرَّاوِي الأَدْنَى).

ب- مُتَابَعَةٌ قَاصِرَةٌ

هيَ التي تَحْصُلُ لشَيْخِهِ (لشيخِ الرَّاوِي).


مِثالُ الْمُتَابَعَةِ التامَّةِ:

ما روَاهُ مُسْلِمٌ في صَحيحِهِ عنْ مالكٍ، عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ دِينارٍِ، عن ابنِ عمرَ أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ قالَ: ((الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ)).

فكَلمةُ ((فَـاقْدُرُوا لَهُ)) مُحْتَمِلَةٌ لأنْ يكونَ يَجْعَلُ الشهْرَ تِسعةً وعشرينَ يوماً، ومُحْتَمِلَةٌ لأنْ يكونَ جعَلَ الشهرَ ثلاثينَ يوماً، فلا بُدَّ مِنْ رِوايَةٍ تُوَضِّحُ أيَُّ الْمَعْنَيَيْنِ يُرَادُ.

فمُعْظَمُ الرُّواةِ الَّذِينَ رَوَوْا هذا الْحَدِيثَ عنْ مالِكٍ رَوَوْهُ بهذا اللفْظِ، لكنْ وُجِدَ أنَّ الشافعيَّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- رَوَى هذا الْحَدِيثَ في كِتابِهِ (الأُمُّ) عنْ مالِكٍ نفْسِهِ، لكنْ بَدَلاً مِنْ ((فَاقْدُرُوا لَهُ)) جاءَ لفْظُ ((فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ))، فهذهِ الرِّوايَةُ قَيَّدَت المعنى الْمُطْلَقَ الذي قدْ يُحْدِثُ الاختلافَ في فَهْمِهِ.

وبعدَ البَحْثِ وُجِدَ أنَّ الشافعيَّ لم يَشِذَّ في هذا الْحَدِيثِ، بلْ تَابَعَهُ عبدُ اللَّهِ بنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ (وهوَ أحَدُ الرُّواةِ (لِلْمُوَطَّأِ))، فرَوَى هذا الْحَدِيثَ عنْ مالِكٍ مثلَ: ما رَواهُ الشافعيُّ تَمَاماً، وروايتُهُ في (صحيحِ البُخارِيِّ).

فتَبَيَّنَ بهذا أنَّ الإمامَ مالِكاً -رَحِمَهُ اللَّهُ- يَرْوِي الْحَدِيثَ بِكِلا اللَّفْظَيْنِ؛ فمَرَّةً: ((فَاقْدُرُوا لَهُ)) ومَرَّةً: ((فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ)) ، فالمُتابَعَةُ حَصَلَتْ للشافعِيِّ، وهوَ الرَّاوِي الأَدْنَى (أدْنَى رجُلٍ في سِلسلةِ الإِسنادِ)، وهذهِ هيَ المتابَعَةُ التامَّةُ؛ لأنَّها حَصَلَتْ مِن الأَصْلِ (الشافعيِّ، وهوَ صاحبُ الكِتابِ)، وهيَ أَقْوَى مِن المتابَعَةِ القاصِرَةِ؛ لأنَّها تَحْصُلُ للرجُلِ الذي قدْ يُتَّهَمُ بأنَّهُ تَفَرَّدَ بحديثٍ، أوْ أَخْطَأَ في حديثٍ.

مِثالُ الْمُتَابَعَةِ القَاصِرَةِ: ثمَّ نَظَرْنَا في هذا الْحَدِيثِ هلْ لهُ طُرُقٌ أُخْرَى؟

فوَجَدْنَا لهُ طُرُقاً أُخْرَى، مِنْ جُمْلَتِها بعضُ الْمُتَابَعَاتِ وبعضُ الشَّوَاهِدِ، فوَجَدْنا لهُ مُتابَعَتَيْنِ قَاصرتَيْنِ:

المتابَعَةُ الأُولَى:ما رواهُ ابنُ خُزيمةَ في (صحيحِهِ) مِنْ طريقِ عاصمِ بنِ محمَّدِ بنِ زيدِ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرَ، عنْ أبيهِ محمَّدِ بنِ زيدٍ، عنْ جَدِّهِ عبدِ اللَّهِ بنِ عمَرَ بلَفْظِ: ((فَأَكْمِلُوا ثَلاثِينَ)).

المتابَعَةُ الثانيَةُ: ما رواهُ مُسْلِمٌ في (صَحيحِهِ) مِنْ رِوايَةِ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرَ عنْ نافِعٍ عن ابنِ عُمَرَ.

فهذهِ تُسَمَّى مُتابَعَةً قَاصرةً حَصَلَتْ في الصحابيِّ عبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ.

وهذا الْحَدِيثُ لهُ شاهدٌ، وهوَ ما رواهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طريقِ محمَّدِ بنِ حُنَيْنٍ عن ابنِ عبَّاسٍ بِمِثْلِ حديثِ عبدِ اللَّهِ بنِ دِينارٍ.

الفائدةُ مِنْ هذا التقسيمِ:

(مُتَابِعٌ، وشَاهِدٌ، ومُتَابَعَةٌ تَامَّةٌ، ومُتَابَعَةٌ قاصِرَةٌ... إلخ) ؛ حينَما نَجِدُ حَدِيثاً يُعَارِضُ هذا الْحَدِيثَ الذي معَنا، فلوْ جَاءَنَا حَديثانِ ولم نَسْتَطِعْ أنْ نُوَفِّقَ بينَ الْحَدِيثَيْنِ نَكونُ مُضْطَرِّينَ إلى تَرجيحِ أحدِهما على الآخَرِ، فهذا الترجيحُ إنَّما يكونُ بقُوَّةِ الطُّرُقِ).

هيئة الإشراف

#5

29 Oct 2008

شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: عبد العزيز السعيد (مفرغ)

القارئ: ( (والفرد النسبي وإن وافقه غيره فهو: المتابع وإن وجد متنه يشبهه فهو: الشاهد، وتتبع الطرق لذلك هو: الاعتبار).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (هذا الكلام عن ثلاثة أشياء:

أحدها:المتابعات.

والثانية:الشواهد.

والثالثة:الاعتبار.

الحديث -كما مر- قد يكون فردا نسبياً، قلنا:

إن الفرد النسبي:هو الذي لا تكون الغرابة في أصل الإسناد، إذا كانت في أصل الإسناد فهذا الفرد المطلق، لكن إذا كانت فرداً نسبياً إذا ورد الحديث فرد نسبي، ووجدنا راوياً يتابع الراوي الآخر، أو يروي هذا الحديث معه، فنقول: هذه متابعة.

المتابعة معناها: أن يأتي راوٍ فيروي هذا الحديث مع الراوي الآخر، سواءً شاركه في الطبقة، أو كان دونه، أو كان فوقه في الطبقة، وهذا يتضح بالمثال.العلماء يقسمون المتابعة إلى قسمين:

متابعة تامةٌ، ومتابعةٌ قاصرةٌ.

إذا أطلقوا المتابعة يقصدون: أن يكون الحديث واحداً، يعني: متابعة تقع في إسناد حديث واحد يكون صحابيُّهُ واحداً، فإذا كان عندنا إسنادان: أحدهما يتصل بصحابي، والآخر يتصل بصحابي آخر، هذا لا يسمى متابعة، المتابعة أن يكون الراوي الصحابي واحداً أو الراوي الأعلى لابد أن يكون واحداً.

أما الشاهد:فهو الحديث الذي يرد بلفظه أو بمعناه حديثٌ آخر،

الشاهد يختلف فيه الصحابي، المتابعة الصحابي واحد، جاءنا حديثٌ عن أبي هريرة ثم وجدنا هذا الحديث عن ابن عمر فنسمي رواية ابن عمر شاهداً، ما نسميها متابعاً.

لكن إذا وجدنا حديثاً يرويه أبو هريرة، ثم وجدنا رواه عن أبي هريرة سعيد بن المسيب، وأبو صالح، وعبد الرحمن بن يعقوب الحرَقي، نقول: هذه تسمى متابعة؛ لأن الصحابي واحد، فيكون أبو صالح يتابع سعيد بن المسيب، ويتابع عبد الرحمن؛ لأن الصحابي واحد؛ فصار عندنا متابعة، وعندنا شاهد.

المتابعة يقسمونها إلى قسمين: متابعة قاصرة أو ناقصة، ومتابعة تامة.

إن كانت المتابعة في الراوي الذي الذي ظن تفرده صارت تامة، وإن صارت فيمن فوقه فهي القاصرة.

هذه تستبين بالمثال: عندنا حديث يرويه حماد بن سلمة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((من كذب علي متعمداً)) هذا حديثٌ جاء له متابعة تامة، إننا نعتقد أن الذي تفرد بالحديث أو تظن أن الذي تفرد به هو حماد بن سلمة.نظرنا في الأسانيد وجدنا أن حماداً يشاركه غيره في رواية الحديث؛ فوجدنا أبا عوانة يروي الحديث عن عاصم. فنسمي رواية أبي عوانة: متابعة تامة؛ لأنه شارك حماداً في رواية الحديث عن شيخه عاصم.

فصارت المتابعة التامة معناها:أن يشارك الراوي الذي ظن تفرده بالحديث راوٍ آخر في رواية الحديث عن شيخه، وهذه تطبق على حماد بن سلمة، حماد ظننا تفرده عن عاصم، فبحثنا فوجدنا أبا عوانة يروي الحديث، عن شيخ حماد.

ثم بعد ذلك ننظر في من فوق حماد.إلى جهة النبي عليه الصلاة والسلام، الإسناد فيه فوق ودون، إذا جئت إلى حماد، إلى جهة: فوق حماد، يعني: من جهة النبي عليه الصلاة والسلام، دون حماد: إلى جهة المصنفين.

نظرنا إلى من فوق حماد، قلنا وجدنا: حماد، عن عاصم، عن زر، وجدنا مسروقاً يروي الحديث عن زر، فنسمي رواية مسروق بالنسبة لحماد: قاصرة؛ لأن حماداً ظننا تفرده، لكن ما وجدنا رواية مسروق في شيخه عاصم، وجدناها في شيخ شيخه، فإذا كانت في شيخ شيخه فمن فوقه تسمى قاصرةً، فإذا أردت أن تنسب رواية مسروق، إلى رواية حماد، يصح تقول: تابعه.

وهذه كثيراً يستعملها العلماء، يقول: رواه حماد بن سلمة، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود، وتابعه مسروق، يقصدون تابعه متابعة قاصرة، أو ناقصة.تسمى: ناقصة أو قاصرة؛ لأن مسروقاً ما شارك حماداً في رواية الحديث عن شيخه، لكن شاركه في من هو فوق شيخه.الأمثلة هذه تسمى: متابعة قاصرة، فاجتمع عندنا فيه متابعتان: تامة وقاصرة.

ثم بعد ذلك نقول: هذا الحديث له شاهدٌ، الشاهد قلنا: أن يروى الحديث من طريق صحابي آخر باللفظ أو بالمعنى.

وفي هذا الحديث - عندنا عثمان رضي الله عنه روى هذا الحديث-: ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) هو نفس الحديث باللفظ، نرى علي بن أبي طالب رضي الله عنه يروي الحديث بالمعنى: ((لا تكذبوا علي؛ فإنه من يكذب علي يرد النار)) هذا بالمعنى.فحديث علي يسمى: شاهداً بالمعنى، وحديث عثمان يسمى شاهداً باللفظ لكن الألفاظ ليست بلزوم الحروف حرفاً حرفاً لا لكن إذا كانت الألفاظ ما تغيرت يقال: باللفظ، عثمان تقريباً نفس اللفظ إلا قليلاً غير عثمان رضي الله عنه حديثه متواتر فهذا صار شاهداً وصار هذا شاهد المتابعة التامة، المتابعة القاصرة.

فإن قال قائل: ما فائدة معرفة المتابعات والشواهد؟

الشواهد والمتابعات فائدتها ثلاثة أشياء:

- التقوية.

-والترقية.

-والترجيح.

قد لا يستفاد منها أحياناً إذا صارت واهية، العلماء يدرسونها لما فيها من الفائدة.

التقوية:لفظة عامة تشمل تقوية القوي وتقوية الضعيف،

يعني عندنا الحديث حديث صحيح، إذا رواه راوٍ واحدٍ صحيح، لكن إذا تابعه ثان، صار أقوى، إذا تابعه ثلاثة صار أقوى، كلما كثر الرواة كان أقوى للحديث، ولهذا مر معنا أن الحديث إذا كثرت طرقه يفيد العلم اليقيني.

فالحديث:إذا كان غريباً صحيحاً ليس كمثل الصحيح العزيز، العزيز أقوى؛ كلما تزيد الطرق يقوى الحديث، ولهذا يرتقي حتى يقطع به.وهذه طريقة الإمام مسلم في الصحيح، أحاديث صحيحة لكن يورد بعدها أسانيدَ كثيرةً متابعات، ليس لأجل أن الحديث ليس بصحيح، ولكن تقوية للحديث، التقوية تكون للقوي وتكون للضعيف أيضا، الضعيف والحسن يحتاج إلى تقوية.

لأن التقوية قد يتقوى ولا يرتقي، عندنا الحديث الصحيح، يتقوى، لكن ما يرتقي إلى المشهور، وما يرتقي إلى المتواتر، لكن يتقوى.

كذلك:الضعيف، العلماء يقولون: هذا الحديث بمجموع الطرق، له أصل، ليس معنى ذلك: أنه يصحح، لكن هذا تقوية لأصل الحديث، يعني: الحديث فيه نوع قوة، وإن كان ضعيفاً، لكنه أقوى من الحديث الذي ليس له أصل؛ لأن الحديث الضعيف إذا تقوى، وشد بعضه بعضاً، وإن لم يبلغ درجة الحسن، لكنه يرتفع عن حال الضعيف الذي يعتبر منكراً، أو يعتبر ساقطاً، فكثرة الطرق ترفع الحديث من كونه لا أصل له إلى كونه له أصل، كونه له أصل لا تدل على الصحة ولا الحسن، فهذه تقوية، لكن ما تلزم منها الترقية للحديث الحسن.

الفائدة الثانية:الترقية، يقصدون بها: ترقية الحديث من الضعيف إلى الحسن، أو من الحسن إلى الصحيح، مر معنا أن الحسن لغيره هو: الضعيف المنجبر إذا تعددت طرقه، هذه الطرق هي الشواهد، والمتابعات، فإذا كثرت الشواهد والمتابعات يرتقي من كونه ضعيفاً إلى كونه حسناً لغيره.

فهذا ارتقاء من مرتبة إلى مرتبة، هو تقوى لكن الوصف الأخص الارتقاء، ارتقى من درجة إلى درجة؛ لأنه -كما تقدم هو- قد يتقوى في الدرجة نفسها لكن ما يخرج عنها، مثل: الطالب يكون تقديره (جيداً)، يتقوى في جيد يتحسن حاله تقول: (جيد منخفض)، صار (جيد متوسط)؛ لكن إذا كان (جيد)، ثم صار (جيد جداً)، ارتقى عندنا هنا يتقوى، قد يتقوى في الصحيح، يتقوى في الضعيف، يتقوى في الحسن، لكن ما يرتقي.

معناه:أنه ينتقل من المرتبة الدون إلى المرتبة التي هي أعلى منها، فيرتقي من الضعيف إلى الحسن لغيره، ويرتقي من الحسن لذاته إلى الصحيح لغيره.

الثالثة:الترجيح، هذا الترجيح يستفاد من الضعيف عند التعارض: إذا تعارض عندنا مثلاً ثقتان أحدهما يروي الحديث على هذا الوجه، والآخر يروي الحديث على هذا الوجه، وجاء أحد الضعفاء، أو رواية ثقة ترجح أحد الجانبين، سواءً كان ضعيفاً أو ثقة.

مثلاً إذا اختلف عندنا سفيان، وشعبة في حديث عن قتادة، وجاء راوٍ ثالث وروى الحديث مثل: سعيد بن أبي عروبة، روى الحديث عن قتادة، إما يوافق شعبة أو يوافق سفيان، نقول: الحديث [الذي ] صار فيه سعيد بن أبي عروبة هذا مرجِّح إن كان مع سفيان رجح رواية سفيان، إن كان مع شعبة رجح رواية شعبة، هذه رواية تسمى: متابعة، فدل على أن المتابعة تستعمل حتى في الترجيح، بين الروايات والأحاديث).


القارئ: ( (وتتبع الطرق لذلك هو: الاعتبار).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (المؤلف يقول: إن عندنا ثلاثة أشياء: الشاهد والمتابع والاعتبار، هذه ليست أقساماً ثلاثة، كل واحد قسيم للآخر، لا، لكن الاعتبار هي الطريق الذي يتوصل به إلى معرفة الشاهد أو المتابع.

أنت تبحث، عن الطرق، عملك هذا يسمى الاعتبار، النتيجة [إما] شاهد، [وإما] متابع، فالاعتبار هو كما يقول المؤلف: الهيئة التي يتوصل بها إلى معرفة الشاهد أو المتابع.

فإذا بحثت، [و]ما وجدت، تقول: اعتبرت فلم أجده، [و]إذا وجدته تقول: اعتبرت فوجدت للحديث شاهداً ومتابعاً، هذا كلام المؤلف.لكن الصحيح: أن كلامه، خالف كلام العلماء، وكلامه هنا غير صحيح.

أهم شيء:أنك تعرف ما يريد هو بالاعتبار، وتعرف أنه ليس بصحيح).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#6

29 Oct 2008

العناصر

الاعتبار والشواهد والمتابعات

أهمية دراسة (الاعتبار)

ثمرة دراسة هذا الباب

أول من أفرد هذا الباب بالبحث ابن الصلاح


الاعتبار:

تعريف (الاعتبار)

تنبيه: الاعتبار ليس قسيماً للمتابعات والشواهد بل هو هيئة التوصل إليهما

المتابعات:

تعريف (المتابع)

التعريف الراجح لـ(المتابع)

مثال للمتابع على التعريف الراجح

أقسام المتابعة:

القسم الأول: متابعة تامة

مثال المتابعة التامة

القسم الثاني: متابعة ناقصة

مثال المتابعة الناقصة

ضد المتابعات المخالفات

الفرق بين (المتابع) و(الشاهد)

الشواهد:

تعريف (الشاهد)

أمثلة (الشاهد)

التعريف الراجح للشاهد

مثال (الشاهد) على التعريف الراجح

تنبيه: قد يكون (الشاهد) باللفظ وقد يكون بالمعنى

فائدة: قد تطلق المتابعة على الشاهد وبالعكس

إذا روي الحديث عن الصحابي فلا يسمى تابعاً وإنما يسمى شاهدا.

عبد العزيز بن داخل المطيري

#7

29 Oct 2008

أسئلة

س1: ما معنى (الاعتبار) و (الشواهد) و (المتابعات)؟
س2: بين أهمية مبحث الاعتبار والشواهد والمتابعات.
س3: من أول من أفرد هذا الباب بالتأليف؟
س4: هل الاعتبار قسيمة للمتابعات والشواهد؟
س5: اذكر مع التمثيل أقسام المتابعات.
س6: اذكر مع التمثيل أنواع الشواهد.

هيئة الإشراف

#8

26 Mar 2010

شرح نخبة الفكر للشيخ عبد الكريم الخضير (مفرغ)

قال الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير: (الفرد:

قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "والفرد النسبي: إن وافقه غيره فهو المتابع، وإن وجد متن يشبهه فهو الشاهد، وتتبع الطرق لذلك هو الاعتبار".

نعم عندنا ثلاثة ألفاظ هي: الاعتبار والمتابعات والشواهد، الاعتبار والمتابعات والشواهد وهم في كتب المصطلح يترجمون بهذا، الاعتبار والمتابعات والشواهد، وإن كانت هذه الترجمة توهم أن الاعتبار قسيم للمتابعات والشواهد، وليس الأمر كذلك، بل المتابعات والشواهد شيء على ما سيأتي في التفريق بينهما، والاعتبار هيئة التوصل إلى وجود المتابعات والشواهد، هيئة التوصل إلى وجود المتابعات والشواهد، فصواب الترجمة أن يقال: الاعتبار للمتابعات والشواهد.

المتابع والشاهد:

يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "والفرد النسبي إن وافقه غيره فهو المتابع، وإن وجد متن يشبهه فهو الشاهد، وتتبع الطرق لذلك هو الاعتبار"، يعني أن الفرد النسبي هو ما كان التفرد فيه في أثناء السند لا في أصله، إن وجد -بعد ظنه فرداً- أنت بحثت عن هذا الحديث ما وجدت له ما يشهد له ولا ما يتابعه، ثم بعد ذلك وجدت بعد ظنك كونه فرداً ما يوافقه من طريق غير راويه المتفرد به عن الصحابي نفسه فهو المتابع.

المتابع إذا اتحد الصحابي حديث يروى عن أبي هريرة فإذا رواه الأعرج عن أبي هريرة وقلت: إن هذا هو الأصل، ثم وجدت متابعة من سعيد بن المسيب عن أبي هريرة فهذه المتابعة للأعرج، متابعة، تابع سعيد بن المسيب الأعرج وهكذا، إذا كانت في الراوي -المتابعة في الراوي- عن الصحابي أو متابعة للراوي في الراوي عنه إلى آخره، وإن وجد متن يروى من حديث صحابي آخر يشهد له في اللفظ والمعنى أو المعنى فقط فهو الشاهد، إذاً الفرق بين المتابعات والشواهد: إن اتحد الصحابي فمتابعة، وإن اختلف الصحابي فهو الشاهد، من غير نظر إلى اللفظ، سواء اتحد اللفظ أو اختلف، إنما ينظر إلى الصحابي، إن اتحد فمتابع وإن اختلف فشاهد، فالمتابع بكسر الموحدة اسم فاعل من المتابعة بمعنى الموافقة.

وفي الاصطلاح: هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث الفرد لفظاً ومعنى أو معنى فقط مع الاتحاد في الصحابي.

والشاهد: اسم فاعل من الشهادة، وفي الاصطلاح: هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث لفظاً ومعنى أو معنى فقط مع الاختلاف في الصحابي، وهذا ما جرى عليه الحافظ -رحمه الله تعالى- من أن العبرة بالمتابعات اتحاد الصحابي، وفي الشواهد اختلاف الصحابي، وأما ما جرى عليه ابن الصلاح فالعبرة باللفظ والمعنى بغض النظر عن الصحابي مخرج الحديث، فإن اتحد اللفظ فالمتابع، وإن اختلف اللفظ مع اتحاد المعنى فالشاهد ولو اتحد الصحابي، يعني من غير نظر إلى الصحابي.

إذا عرفنا هذا وأن المتابعات تتابع الرواة للحديث عن صحابي واحد فالمتابعات على مراتب؛ لأنها إن حصلت للراوي نفسه فهي التامة، وإن حصلت لشيخه فمن فوقه فهي القاصرة، يعني حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) ((إنما الأعمال بالنيات)) يرويه البخاري يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص قال: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يخطب على المنبر يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنما الأعمال بالنيات))، هذا السند كامل، إذا وجد من يتابع الحميدي في الرواية عن سفيان فالمتابعة تامة، إذا وجد من يتابع سفيان في الرواية عن يحيى بن سعيد فهي قاصرة، لكنه قصور نسبي أقل من قصور متابعة يحيى بن سعيد في الرواية عن محمد وهكذا، كلما قربت المتابعة إلى الصحابي صارت أقصر، وكلما قربت من المؤلف تكون أتم، فالتمام والقصور نسبي، فالمتابعة في الرواية عن الصحابي متابعة التابعي في الرواية عن الصحابي قاصرة، متابعة تابع التابعي الذي يروي عن التابعي قاصرة لكنها أتم من الأولى إلى أن تصل إلى متابعة الشيخ. الفائدة من المتابعات والشواهد هي التقوية، هي التقوية لنعرف أن الحديث جاء من طريق آخر، مثلوا للمتابع بحديث: ((الشهر تسع وعشرون)) رواه الإمام الشافعي في الأم عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، تابع الشافعي في روايته عن مالك القعنبي أخرجه البخاري فهذه متابعة تامة، الشافعي عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، الشافعي..، تابع الشافعي في روايته عن مالك القعنبي عبد الله بن مسلمة القعنبي، وهو من خواص مالك -رحمه الله-، وهذه متابعة تامة موجودة في البخاري، في صحيح مسلم متابعة قاصرة من وراية عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، ومثال الشاهد: ما رواه النسائي في الحديث السابق من حديث ابن عباس اختلف الصحابي الأول عن ابن عمر والثاني عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكر مثل حديث ابن عمر سواء.

وما رواه البخاري من حديث أبي هريرة بمعنى حديث ابن عمر وهذا أيضاً شاهد، وعلى اصطلاح ابن الصلاح ابن عباس يروي حديث ابن عمر بلفظه، يروي حديث ابن عمر بلفظه، على اصطلاح ابن حجر شاهد؛ لأنه اختلف الصحابي، على اصطلاح ابن الصلاح اتحد اللفظ فهو متابع، فهو متابع.

ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة بمعنى حديث ابن عمر هو شاهد على القولين، هو شاهد على القولين، لماذا صار شاهد على القولين؟ لأنه اختلف الصحابي فهو شاهد عند ابن حجر، اختلف اللفظ فهو شاهد عند ابن الصلاح.

يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وتتبع الطرق لذلك هو الاعتبار" هو الاعتبار، يعني أن الاعتبار ليس قسيماً للمتابعات والشواهد كما توهمه عبارة ابن الصلاح، بل هو هيئة التوصل إليهما، من خلال البحث في دواوين السنة كالصحاح والسنن والجوامع والمعاجم والمسانيد وغيرها، فبحثك عن المتابعات والشواهد ووقوفك عليها هو الاعتبار، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

شارك راوٍ غيره فيما حملالاعتبار سبرك الحديث هل

عن شيخه؟ فإن يكن شورك من

شورك شيخه ففوق فكذا

متن بمعناه أتى فهو الشاهدُ

شارك راوٍ غيره فيما حمل

معتبر به فتابع وإن

وقد يسمى شاهداً ثم إذا

وما خلا عن كل ذا مفاردُ

يعني الحديث الفرد المطلق الفرد الذي لم يتابع صاحبه عليه هو ما يسمى بالأفراد عند أهل العلم التي لا يوجد لها شواهد ولا متابعات، نعم.

طالب: المتابعات والشواهد.......

على كل حال الضابط ما ذكرنا، إن كان اللفظ مروي من طريق صحابي آخر فهو الشاهد، وإن كان عن الصحابي نفسه فهو المتابع، وطريق معرفة المتابِع من المتابَع قد تقول: لماذا تقول أنت: هذا يتابع الحميدي في الرواية عن سفيان؟ لماذا لا يكون الحميدي هو الذي يتابع محمد بن بشار في الرواية عن سفيان؟ العبرة بالإسناد الذي بين يديك هو الأصل، أنت تدرس إسناد هو الأصل بالنسبة لك، إذا وقفت على ما يقوي هذا الإسناد فهو المتابع وهو الشاهد، فيكون أول رواته متابع لأول رواة عندك وهكذا.

طالب:.......

لا، مثل هذا يقال: هذه الجملة يشهد لها ما في حديث فلان، أو يقال: أصله في كذا، يعني إذا كان حديث مفصل في سنن أبي داود يشتمل على أحكام، وفي البخاري جزء يسير منه نعم، نقول: أصله في الصحيح، أصله في الصحيح، أو يشهد لهذه الجملة منه ما في الصحيح، لا بد من التقييد، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين).