الدروس
course cover
الخبر المشهور والخبر العزيز
25 Oct 2008
25 Oct 2008

8392

0

0

course cover
شرح نخبة الفكر

القسم الأول

الخبر المشهور والخبر العزيز
25 Oct 2008
25 Oct 2008

25 Oct 2008

8392

0

0


0

0

0

0

0

الخبر المشهور والخبر العزيز

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): (وَالثَّانِي:

المَشْهُورُ، وَهُوَ المُسْتَفِيضُ عَلَى رَأْيٍ.

وَالثَّالِثُ: العَزِيزُ، وَلَيْسَ شَرْطًا لِلْصَّحِيحِ، خِلاَفاً لِمَنْ زَعَمَهُ).

هيئة الإشراف

#2

26 Oct 2008

نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): ( (1) (وَالثَّانِي)

وَهُو أولُ أَقْسَامِ

الآحَادِ:مَا لَهُ طُرُقٌ مَحْصُورةٌ بِأَكْثَرَ مِن اثنَينِ، وَهُو (المَشْهُورُ) عِنْدَ المُحَدِّثينَ، سُمِّيَ بِذلكَ لِوُضُوحِهِ.

(وَهُوَ المُسْتَفِيضُ عَلَى رَأي) جَمَاعَةٍ مِن أَئِمَّةِ الفُقَهَاءِ،

سُمِّيَ بذَلِكَ لانْتِشارِهِ، مِن فَاضَ المَاءُ يَفِيضُ فَيْضًا.

- وَمنهم مَن غَايرَ بَيْنَ المُسَتفِيضِ وَالمَشْهُورِ، بِأَنَّ المُسْتَفيضَ: يَكونُ في ابتدائه وانتهائه سَواءً، وَالمَشْهُورَ أَعَمُّ مِن ذَلِكَ.

وَمنهم مَن غَايرَ عَلَى كَيفِيَّةٍ أُخْرى، وَلَيسَ مِن مَبَاحِثِ هَذَا الفَنِّ.

ثُمَّ المَشْهُورُ يُطْلَقُ عَلى مَا حُرِّرَ هُنَا، وَعَلى مَا اشْتُهِرَ عَلَى الأَلْسِنَةِ؛ فَيَشْمَلُ مَا لَهُ إِسْنَادٌ وَاحِدٌ فَصَاعِدًا، بَل مَا لا يُوجَدُ لَهُ إسْنادٌ أَصلاً.

(2) (وَالثَّالِثُ: العَزِيزُ)

وَهُو أَنْ لا يَرْوِيَهُ أَقَلُّ مِن اثْنينِ عَن اثْنينِ.

وَسُمِّيَ بِذَلِكَ:-إمَّا لِقِلَّةِ وُجودِهِ.

-وإمَّا لِكَونِهِ عَزَّ، أي: قَوِيَ بِمَجِيئِهِ مِن طَرِيقٍ أُخْرَى (وَلَيسَ شَرطًا لِلصَّحِيحِ خِلاَفًا لِمَن زَعَمَهُ) وَهو أَبُو عَلِيٍّ الجُبَّائِيُّ مِن المُعْتَزِلَةِ، وَإِليهِ يُومِئُ كَلامُ الحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللهِ في (عُلومِ الحَديثِ)، حَيثُ قَالَ: (الصَّحِيحُ أَنْ يَرْوِيَهُ الصَّحَابِيُّ الزّائِلُ عَنْهُ اسْمُ الجَهَالَةِ، بِأَنْ يَكُونَ لَهُ راوِيَانِ، ثُمَّ يَتَداولَهُ أَهْلُ الحَديثِ إِلَى وَقْتِنَا كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ).

وَصَرَّحَ القَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ العَرَبِيِّ فِي (شَرْحِ الْبُخَارِيِّ) ، بِأَنَّ ذَلِكَ شَرْطُ الْبُخَارِيِّ، وَأَجَابَ عَمَّا أُورِدَ عَلَيهِ مِن ذَلِكَ بِجَوابٍ فيه نَظَرٌ؛ لأنَّه قَالَ: فَإنْ قِيلَ حَديثُ: ((الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)) فَرْدٌ لِمَ يَرْوِهِ عَن عُمَرَ إلاَّ عَلْقَمَةُ.

قَالَ: قُلْنَا: (قَدْ خَطَبَ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى المِنْبَرِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ، فَلَولا أَنَّهُم يَعْرِفُونَهُ لأَنْكَروهُ).

كَذَا قَالَ! وَتُعُقِّبَ: بِأَنَّه لا يَلْزَمُ مِن كَونِهمْ سَكَتُوا عَنهُ أَنْ يَكُونُوا سَمِعُوهُ مِن غَيْرِهِ، وَبِأَنَّ هَذَا لَو سُلِّمَ فِي عُمَرَ مُنِعَ فِي تَفَرُّدِ عَلْقَمَةَ عَنْهُ، ثُمَّ تَفَرُّدِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْراهيمَ بِهِ عَن عَلْقَمَةَ، ثُمَّ تَفرُّدِ يَحْيَى بْنِ سَعيدٍ بِهِ عَن مُحَمَّدٍ، عَلَى مَا هُو الصَّحِيحُ المَعْرُوفُ عِندَ المُحَدِّثِينَ.

وَقَد وَرَدتْ لَهُم مُتَابَعَاتٌ لا يُعْتَبرُ بِهَا لضَعْفِهَا.

وَكَذا لا نُسَلِّمُ جَوَابَهُ فِي غَيرِ حَديثِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

- قَالَ ابْنُ رُشَيْدٍ: (ولقدْ كَانَ يكفِي القَاضِي فِي بُطلانِ مَا ادَّعَى، أنَّهُ شَرطُ الْبُخَارِيِّ أولُ حَدِيثٍ مَذْكورٍ فيه)، وَادَّعى ابْنُ حِبَّانَ نَقِيضَ دَعْوَاهُ، فَقَالَ: (إِنَّ رِوَايةَ اثنَينِ عَن اثْنينِ، إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ لا تُوجد أصلا!)، قُلْتُ: إِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ رِوايةَ اثنينِ فَقَطْ عَن اثنينِ فَقَطْ لا تُوجَدُ أَصْلا؛ فَيُمْكِنُ أَن يُسَلَّمَ.

وأَمَّا صُورَةُ العَزِيزِ التي حَرَّرْنَاهُ؛ فَمَوجُودَةٌ: بِأَنْ لا يَرْوِيَهُ أَقَلُّ مِن اثْنينِ عَن أقلِّ مِن اثنَينِ.

مِثَالُهُ:مَا رَواهُ الشّيخَانِ مِن حَديثِ أَنَسٍ، وَالْبُخَارِيُّ مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ)) الحَدِيثَ.

وَرَواهُ عَن أَنَسٍ قَتَادَةُ، وعَبدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيبٍ، وَرَواهُ عَن قَتَادَةَ شُعْبَةُ، وسَعيدٌ، وَرَواهُ عَن عَبْدِ العَزِيزِ إِسْماعيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، وعَبْدُ الوَارِثِ، وَرَواهُ عَن كُلٍّ جَمَاعَةٌ).

هيئة الإشراف

#3

26 Oct 2008

نظم الدرر لفضيلة الشيخ: إبراهيم اللاحم

قال الشيخ إبراهيم بن عبد الله اللاحم: (الثاني: خَبَرُ الآحَادِ

(1)هذا هو القسمُ الأولُ: من أقسامِ الآحادِ الثلاثةِ: وهو المشهورُ.

عَرَّفَهُ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ بِتَعْرِيفٍ مُخْتَصَرٍ، فقالَ: (ما له طُرُقٌ محصورةٌ بأكثرَ مِن اثنيْنِ)، فَشَرَطَ في الطُّرُقِ أنْ تكونَ محصورةً، وهو قدْ قالَ مِن قبلُ في تعريفِ المتواتِرِ: وَخِلاَفُهُ قد يَرِدُ بِلاَ حَصْرٍ أيضًا، أي: خِلاَفُ المُتَوَاتِرِ، فمعنى هذا أن غيرَ المتواتِرِ قد تَكُونُ لَهُ طُرُقٌ غيرُ محصورة،ٍ وهو غيرُ مُتَوَاتِرٍ، ولم يكنْ مُتواترًا؛ لأَنَّهُ فقد شَرْطًا من شُرُوطِ التواترِ غيرَ عددِ الطُّرُقِ، كأنْ يُسْنِدَهُ الجماعةُ الذين رَوَوهُ إلى شيءٍ غيرِ محسوسٍ، أو أنْ لا تُحِيلَ العادةُ تَوَاطُؤَهُمْ على الكَذِبِ.

- وَيُقَالُ في تعريفِ المشهورِ:ما رَوَاهُ ثلاثةٌ فأكثرُ في كُلِّ طَبَقَةٍ ما لم يَبْلُغْ حَدَّ التواتُرِ، وكلمةُ (فأكثرُ) تعني أنَّ الطرقَ قد تكونُ محصورةً أو غيرَ محصورةٍ، وهذا مثالُهُ في السُّنَّةِ كثيرٌ جِدًّا، إلا أنَّ الحافظَ لم يُمَثِّلْ له هنا.- وَمَثَّلَ له:السَّخَاوِيُّ بحديثٍ عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:((المُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، والْكَافِرُ يَأْكُلُ في سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ))، هذا الحديثُ رواهُ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع ابنِ عُمَرَ: أبو هُرَيْرَةَ، وَجابرُ بنُ عبدِ اللهِ، وأبو موسى الأَشْعَرِيُّ، فهؤلاءِ أربعةٌ مِن الصحابةِ، ورواه عن ابنِ عُمَرَ: نافِعٌ، وأبو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَعَمْرُو بنُ دِينَارٍ، ورواه عن نافعٍ جماعةٌ مِن أصحابِهِ منهم مالِكٌ، وأيوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا، فهذا مثالٌ كثيرُ التداولِ في كُتُبِ المصطلحِ على أَنَّهُ مثالٌ للمشهورِ، كما حَرَّرَهُ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ.

- ومثلَ حديثِ: ((إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ))، فهذا رواه أبو هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةُ، وَأَنَسٌ، وَجَابِرٌ، ورواه عن أبي هُرَيْرَةَ جماعةٌ مِن أصحابِهِ.

- ومثلَ حديثِ ((إِذَا حَضَرَ العَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَابْدَأُوا بِالْعَشَاءِ))فهذا رَوَاهُ أَنَسٌ، وَعَائِشَةُ، وابنُ عُمَرَ، ورواه عن أنسٍ الزُّهْرِيُّ، وأبو قِلابةَ، وحُمَيْدٌ الطويلُ.

ثم ذكرَ ابنُ حَجَرٍ قضيةَ الفرقِ بينَ المشهورِ والمستفِيضِ، ثم خَتَمَهَا بِأَنَّ هذه المسألةَ ليستْ مِن مباحثِ هذا الفَنِّ بل هي مِن مباحثِ أصولِ الفِقْهِ، فالمستفيضُ لم يَرِدْ في كلامِ أَئِمَّةِ الحديثِ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُهُ الفقهاءُ لا سِيَّمَا فقهاءُ الأحنافِ، فهلْ هو بمعنى المشهورِ أمْ أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ؟

ذَكَرَ الحافظُ عِدَّةَ أقوالٍ، ثم خَتَمَهَا بِأَنَّ الفرقَ بينهما ليس مِن مباحثِ هذا الفَنِّ.

وَعَرَّجَ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ على قضيَّةٍ أُخْرَى في المشهورِ، وهي أنَّ كلمةَ مشهورٍ تُطْلَقُ في علومِ الحديثِ وفي اصطلاحِ أهلِ الحديثِ على معنًى آخَرَ، لا عَلاَقَةَ لَهُ بِتَعَدُّدِ الطُّرُقِ، ولا بِتَقْسِيمِ الخبرِ باعتبارِ وصولِهِ إليْنَا، وهذا الاصطلاحُ أشْهَرُ مِن الاصطلاحِ الأوَّلِ وأكثرُ وُرُودًا في كلامِ الأَئِمَّةِ، وَشَهَرَهُ كثرةُ المؤلفاتِ فيهِ، وهو: الشُّهْرَةُ اللُّغويَّةُ، بمعنى أَنَّهُ معروفٌ عندَ الناسِ، إمَّا عندَ الناسِ كلِّهِمْ، مثلَ بعضِ الأحاديثِ القصيرةِ التي تَدُلُّ على حِكْمَةٍ، وما إلى ذلك، أو مَشْهُورٌ عندَ فِئَةٍ منهم.


- مثلُ: بعضِ الأحاديثِ تكونُ مشهورةً عندَ الفقهاءِ، أو الأطباءِ، أو النُّحَاةِ، هذهِ الشهرةُ تُسَمَّى شهرةً غيرَ اصْطِلاَحِيَّةٍ، ولا يُشْتَرَطُ لها عَدَدُ طُرُقٍ، فقدْ يكونُ للحديثِ طُرُقٌ كثيرةٌ، مثلَ حديثِ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا))، فَيَجْمَعُ بينَ الشُّهْرَةِ الاصْطِلاَحِيَّةِ -لأنَّ كُلَّ متواترٍ مَشْهُورٌ- والشُّهرةِ اللُّغَوِيَّةِ، وقد يكونُ له طريقٌ واحدَةٌ، وقد لا يكونُ له إسنادٌ أصْلاً، فيكونُ مُتَدَاوَلاً دُونَ مَعْرِفَةِ إسنادٍ لَهُ، وهذا النوعُ الثاني هو الذي فيه المؤلفاتُ، مثلَ: (المقاصدُ الحسنةُ فيما اشْتَهَرَ مِن الحديثِ على الألْسِنَةِ) للسَّخَاوِيِّ، فيُقْصَدُ به المشهورُ غيرُ الاصطلاحِيِّ، وكذلِكَ: (كَشْفُ الخَفَاءِ) لِلْعَجْلُونِيِّ وغيرِهِمَا.


وذِكْرُ الأحاديثِ المشهورةِ لُغَوِيًّا إِنَّمَا هو مِن بابِ الاسْتِطْرَادِ، والتمييزِ بينَهُ وبينَ المشهورِ الاصْطِلاَح

(2) القسمُ الثاني: مِن أخبارِ الآحادِ: العزيزُ.أَطَالَ


ابنُ حَجَرٍ الكلامَ فيه مع أنَّ خُلاَصَةَ الكلامِ فيه هو أوَّلُ كلامِهِ وآخرُهُ، فَأَوَّلُ كلامِهِ يَتَعَلَّقُ بالتعريفِ، وآخِرُ كلامِهِ يَتَعَلَّقُ بالمِثَالِ، وهذا هو الذي يَهُمُّنَا هنا: العزيزُ وتعريفُهُ ومثالُهُ، أمَّا ما بَيْنَهُمَا فَاسْتِطْرَادٌ.

فالعزيزُ:حَسب ما حَرَّرَهُ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى: هو أنْ لا يَرْوِيَهُ أَقَلُّ مِن اثنيْنِ عن اثنيْنِ، وَسُمِّيَ بذلك إمَّا لِقِلَّةِ وُجُودِهِ، وَإِمَّا لِكَوْنِهِ عَزَّ، أي قَوِيَ.

وَقَدْ قَالَ هو فِيمَا تَقَدَّمَ: (والمرادُ بقولِنَا: أنْ يَرِدَ باثنين -أنْ لا يَرِدَ بِأَقَلَّ مِنهما، فَإِنْ وَرَدَ بأكثرَ في بعضِ المواضعِ مِن السَّنَدِ الواحدِ لا يَضُرُّ؛ إذ الأقلُ في هذا العِلْمِ يَقْضِي على الأَكْثَر) ، ومعنى هذا أنَّ العزيزَ يُشْتَرَطُ فيه لِكَيْ يَكُونَ عَزِيزًا أنْ يَرِدَ، ولو فِي طَبَقَةٍ مِن طَبَقَاتِهِ بِرِوَايَةِ اثنيْنِ، بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَرِدَ فِي بَاقِيهَا بِأَقَلَّ مِن اثنيْنِ ، فَإِنْ زَادَ فإنَّهُ لا يَضُرُّ.

إذًا فالحديثُ العزيزُ:

أنْ يَرْوِيَهُ ولو في بعضِ طبقاتِهِ اثنَانِ، بِشَرْطِ أنْ لا يَقِلَّ فِي باقِيهَا عن ذلك، ومَثَّلَ له بحديثِ أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه الْمُتَّفَقِ عليهِ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ))، فَرَوَاهُ مع أنسٍ أبو هُرَيْرَةَ، وأَخْرَجَ البخاريُّ حديثَ أبي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ عن أنسٍ اثنانِ، وهما: قَتَادةُ وعبدُ العزيزِ بنُ صُهَيْبٍ، وَرَوَاهُ عن قَتَادَةَ اثنانِ، وَهُمَا: شُعْبَةُ، وَسَعِيدُ بنُ أبي عَرُوبَةَ، وَرَوَاهُ عن عبدِ العزيزِ بنِ صُهَيْبٍ عبدُ الوارثِ بنُ سعيدٍ، وإسماعيلُ بنُ عُلَيَّةَ.

- وَمَثَّلَ له:السِّيُوطِيُّ، أَيْضًا بَحَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ:((نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))، فقد رَوَاهُ أيضًا حُذَيْفَةُ بنُ اليمانِ، فَهُنَا رَاوِيَانِ في طبقةِ الرُّوَاةِ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي الطبقةِ الثانيةِ زادَ الرُّوَاةُ عن أبي هُرَيْرَةَ إلى سبعةٍ أو أكثرَ، وَمَرَّ أنَّ الزيادةَ عن اثنيْنِ لا تَضُرُّ، إذا لم تَنْقُصْ في بَاقِي طَبَقَاتِهِ عن اثنَينِ.

هذا هو العزيزُ ومثالُهُ وما بينهُمَا إنَّمَا هو استطرادٌ، مِن ذلك ذِكْرُهُ هل العِزَّةُ شَرْطٌ للصحَّةِ، أمْ ليستْ بشرطٍ؟

ومكانُهُ في تعريفِ الحديثِ الصحيحِ، وذِكْرُ الخلافِ مع الجَبَّائِيِّ -وهو مُعْتَزَلِيٌّ وليسَ مِن أهلِ الحديثِ- فَخِلاَفُهُ لا يُعْتَبَرُ.


وذِكْرُ الخلافِ مع الحاكمِ وقالَ: إِنَّهُ يُومِئُ -أيْ: يُشِيرُ وليس بِصَرِيحٍ- أَنَّهُ يُشْتَرَطُ للحديثِ الصحيحِ أنْ يَرْوِيَهُ اثنانِ، فأجابَ ابنُ حَجَرٍ، عن الحاكمِ؛ بأنَّ هذا ليس مَقْصُودَهُ، وَإِنَّمَا مَقْصُودُهُ أنْ يكونَ الراوي للحديثِ الصحيحِ يَرْوِي عنه اثنانِ، ليس يَرْوِي عنه هذا الحديثَ بعينِهِ، وإِنَّمَا يَرْوِي عنه في الجُمْلَةِ اثنانِ، وأطالَ في توجيهِ كلامِ الحاكمِ مع أنَّ كلامَ الحاكمِ لو فُهِمَ منهُ أنْ يُرِيدَ الحديثَ الصحيحَ يُشْتَرَطُ في كُلِّ رَاوٍ مِن رُوَاتِهِ أنْ يَرْوِيَ عنه اثنانِ فهذا منقوضٌ بِأُنَاسٍ أُخْرِجَ لهم في الصحيحِ، وليس لهم إلا راوٍ واحدٌ ، وهذا الكلامُ الذي قالَهُ الحاكمُ لمْ يُطَبِّقْهُ هو على نفسِهِ في كتابِهِ (الْمُسْتَدْرَكُ).


ومِمَّنْ تَعَرَّضَ له الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في اشتراطِ العزَّةِ للصحيحِ القاضي ابنُ العَرَبِيِّ، فَكَلاَمُهُ صريحٌ في أنَّ شرْطَ البُخَارِيِّ أنْ يَخْرُجَ الحديثُ عن حدِّ الغَرَابَةِ بأنْ يَرْوِيَهُ اثنانِ فأكثرُ، وابنُ العَرَبِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ مِن الْمُحَدِّثِينَ ولكنَّهُ ليس مِن الأَئِمَّةِ المُتَقَدِّمِينَ وليس مِن عصرِ الروايةِ، ولا مِمَّن يُقْبَلُ قَوْلُهُ في هذا؛ لأنَّ الأمورَ قد انْتَهَتْ ودُوِّنَتْ الأحاديثُ، وصُحِّحَ ما صُحِّحَ في عصرِ الروايةِ، فهذا الخلافُ لا أَثَرَ لَهُ، ثم هو منقوضٌ، وَبَيِّنٌ نَقْضُهُ بقولِ ابنِ رُشيْدٍ: (ولقدْ كانَ يَكْفِي القاضي في بُطْلاَنِ ما ادَّعَى أَنَّهُ شَرْطَ البُخَارِيِّ أَوَّلُ حديثٍ مذكورٍ فيهِ).


فابنُ العَرَبِيِّ ذَكَرَ أنَّ شَرْطَ البُخَارِيِّ أنْ يَرْوِيَهُ اثنانِ فأكثرُ، وهذا الكلامُ مِن ابنِ العَرَبِيِّ منقوضٌ، ويَنْقُضُهُ أنَّ (الصحيحيْنِ) فيهِمَا أحاديثُ كثيرةٌ لا رَاوِيَ لِكُلٍّ منهَا إلا شَخْصٌ وَاحِدٌ.

ومِن الأشياءِ التي تَحَدَّثَ عنها ابنُ حَجَرٍ: كلامُ ابنِ حِبَّانَ، وهذا له صلةٌ بالموضوعِ، لأنَّ ابنَ حَبَّانَ قال: (العِزَّةُ التي تَدَّعُونَهَا وهي رِوَايةُ اثنينِ عن اثنينِ لا تُوجَدُ في السُّنَّةِ أَصْلاً)، فكأَنَّهُ يَقُولُ: العزيزُ غيرُ موجودٍ في السُّنَّةِ، لكنْ مِن كلامِ ابنِ حَجَرٍ يَتَبَيَّنُ لنا أنَّ ابنَ حِبَّانَ فَهِمَ العِزَّةَ على معنىً فَنَفَاهَا في السُّنَّةِ.

- فقالَ ابنُ حَجَرٍ: لو أَرَدْنَا بالعِزَّةِ ما شَرَحَهَا ابنُ حِبَّانَ لَكِدْنَا أنْ نُسَلِّمَ له بأنَّ العِزَّةَ غيرُ موجودةٍ في السُّنَّةِ، فَهِمَ ابنُ حِبَّانَ مِن العِزَّةِ أنْ يَرْوِيَهُ مثلاً عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحَابِيَّانِ، وأنْ يَرْوِيَهُ عن هذين الصحابيَّيْنِ تَابِعِيَّانِ، وأنْ يَرْوِيَهُ عن هذين التابعيَّيْنِ أيضا اثنانِ، وبهذا الشرطِ يكادُ يكونُ غيرَ مَوْجُودٍ.

- وإِنَّمَا العِزَّةُ التي يُرِيدُهَا ابنُ حَجَرٍ أنْ يَرْوِيَهُ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثنانِ، ثم بعدَ ذلِكَ لَو زَادَ عن اثنيْنِ فَإِنَّهُ لا يَضُرُّ، فَهَذا مَوْجُودٌ في السُّنَّةِ وَبِكَثْرَةٍ، وإذا نَظَرْنَا إلى المثالِ الذي مَثَّلَ به ابنُ حَجَرٍ، وهو حديثُ أَنَسٍ، فإنَّهُ قد رَوَاهُ عن أنسٍ اثنانِ، فَانْفَصَلَ هُنَا حديثُ أنسٍ عن حديثِ أبي هُرَيْرَةَ، فيكونُ حَدِيثُ أنسٍ لِوَحْدِهِ عزيزًا؛ لأَنَّهُ رَوَاهُ عنه اثْنَانِ، وهُمَا: قَتَادَةُ وعبدُ العزيزِ، ولو أَخَذْنَا حديثَ قتادةَ لِوَحْدِهِ فهو أيضًا عنه عزيزٌ لأَنَّهُ رَوَاهُ عنه اثنانِ، والمَتْنُ أيضا يَكُونُ عَزِيزًا لأَنَّهُ رَوَاهُ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَانِ، فهذه هي العِزَّةُ التي يُرِيدُهَا ابنُ حَجَرٍ، وهي غيرُ العِزَّةِ التي نَفَاهَا ابنُ حِبَّانَ.


- عَرَفْنَا الآنَ أنَّ المشهورَ يُشْتَرَطُ فيه أنْ يَرْوِيَهُ ثلاثةٌ فَأَكْثَرُ، ولا يَقِلُّ في سائرِ طبقاتِهِ عن ثلاثةٍ، وأنَّ العزيزَ يُشْتَرَطُ فيه أنْ يكونَ في بعضِ طبقاتِهِ اثنانِ، ولا يَقِلُّ في إحدى طبقاتِهِ عن اثنيْنِ، فَهُمَا قِسْمَانِ مُنْفَصِلاَنِ لا عَلاَقَةَ لأحَدِهِمَا بالآخَرِ.


-وهذا التقْسِيمُ مِن الناحِيَةِ الاصطلاحيَّةِ الفنِّيَّةِ جيدٌ مِن ابنِ حَجَرٍ، لكنْ نُنَبِّهُ على أَمْرَيْنِ:

الأمرُ الأوَّلُ:استعمالُ المشهورِ والعزيزِ في كلامِ الأَئِمَّةِ السابقينَ بهذا الاصطلاحِ الدقيقِ بأنَّهُمَا مُنْفَصِلَيْنِ عن بَعْضِهِمَا قليلٌ، فالأَئِمَّةُ السابقونَ يَسْتَعْمِلُونَ المشهورَ والعزيزَ بأوسعَ مِمَّا أَرَادَهُ ابنُ حَجَرٍ، فأكثرُ ما يَرِدُ في كَلاَمِهِمْ المشهورُ بِمَعْنَى أَنَّهُ ما اشْتُهِرَ عن أَحَدِ رُوَاتِهِ، وإنْ كان قَبْلَ هذا الرَّاوِي عزيزًا أو غريبًا، وكذلك الاستعمالُ في العزيزِ.

وأوَّلُ مَن نُقِلَ عنه تَعْرِيفُهُمَا:

الحافظُ ابنُ مَنْدَه، فيقولُ: (الإمامُ الذي يُجْمَعُ حديثُهُ مثلَ الزُّهْرِيِّ وقَتَادةَ إذا رَوَى عنه الشخصُ الواحدُ حديثا سُمِّيَ حديثُهُ غَرِيبًا، وإذا رَوَاهُ الاثنانِ أو الثلاثةُ سُمِّيَ حديثُهُ عَزِيزًا، وإذا رَوَاهُ الجماعةُ فَيُسَمَّى مشهورًا).

إذًا:فهو مَشْهُورٌ عن الزُّهْرِيِّ أو قَتَادَةَ ونَحْوِهِمَا، ولمْ يُعَرِّفْهُمَا بالشُّهْرَةِ والعِزَّةِ المُطْلَقَةِ التي يُرِيدُهَا ابنُ حَجَرٍ.

وكذلك:مِمَّنْ أوْضَحَ المشهورَ وعَرَّفَهُ ومَثَّلَ له مِن أَئِمَّةِ الحديثِ: الحاكمُ، فَعَقَدَ فَصْلاً لِلمَشْهُورِ وضَرَبَ أمْثِلَةً كَثِيرَةً له، إذا قَرَأْتَهَا وتَتَبَّعْتَ أسانيدَهَا لا تَجِدُ فيها ما يُرِيدُهُ ابنُ حَجَرٍ بَأَنْ يَرْوِيَهُ ثلاثةٌ فَأَكْثَرُ، وَلاَ يَنْقُصَ عن ثلاثةٍ في سائرِ الطبقاتِ، بل تَجِدُ فيها أحاديثَ في بعضِ طبقاتِهَا شخصٌ وَاحِدٌ، فَمَثَّلَ بحديثِ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ))، وَمَعْرُوفٌ أَنَّ هذا الحديثَ في أكثرِ طَبَقَاتِهِ يَرْوِيهِ شخصٌ واحدٌ، وإنَّمَا اشْتَهَرَ في الطبقةِ الخامسةِ بعدَ يَحْيَى بنِ سعيدٍ، فهو إذًا مَشْهُورٌ عن يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، ومَثَّلَ بحديثِ:، وهذا الحديثُ لمْ يَرْوِهِ إلا عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو وَرَوَاهُ عنه اثنانِ: عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، والحَكَمُ بنُ عُثْمَانَ، وَيَرْوِيهِ عن عُرْوَةَ جَمَاعَةٌ مِن أبنائِهِ وغيرِهِمْ، فَمِن أَبْنَائِهِ: هِشَامٌ، وَيَحْيَى، ومِن غيرِهِمْ: أبو سَلَمَةَ بنُ عبدِ الرحمنِ، وعبدُ الرحمنِ بنُ الأسودِ، وهو المشهورُ بِيَتِيمِ عُرْوَةَ، وعن هشامٍ اشْتُهِرَ فقيلَ: إِنَّهُ رَوَاهُ عنه أَرْبَعُمِائَةِ شَخْصٍ.

- هذا المِثَالُ إذا أَرَدْتَ أنْ تُطَبِّقَهُ على تعريفِ ابنِ حَجَرٍ فإنَّهُ غيرُ مُنْطَبِقٍ؛ لأَنَّهُ يَرْوِيهِ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صحابيٌّ وَاحِدٌ، وَيَرْوِيهِ عن الصحابيِّ اثنانِ، وبعضُ المُؤَلِّفِينَ يُخْطِئُ فيَذْكُرُ تعريفَ ابنِ حَجَرٍ، ثم يَذْكُرُ مِثَالاً مِن كلامِ المُتَقَدِّمِينَ، والمُتَقَدِّمُونَ لا يَعْنُوْنُ بالمشهورِ هذه الدقةَ التي أَرَادَهَا ابنُ حَجَرٍ، فيكونُ بينَ التعريفِ وبينَ المثالِ انفصامٌ - فَانْتَبِهْ.

فالمقصودُ أنَّ صَنِيعَ ابنِ حَجَرٍ مِن الناحيةِ الفنِّيَّةِ لاَ غُبَارَ عليهِ، لأنَّنَا إذا اعْتَبَرْنَا المشهورَ عن شخصٍ واحدٍ مَشْهُورًا فَلأَنْ نَعْتِبَرَهُ مشهورًا إذا تَوَافَرَتْ الشُّهْرَةُ في جميعِ الطبقاتِ مِن بابِ أَوْلَى، ولكنْ مِن ناحيةِ الاستعمالِ -والطالبُ لنْ يَقْتَصِرَ على كُتُبِ علومِ الحديثِ، بل رُبَّمَا يَقْرَأُ في كلامِ المُتَقَدِّمِينَ- يُتَنَبَّهُ إلى أنَّ أكثرَ استِعْمَالِهِمْ للمشهورِ -وكذلك استعمالُ مَن استعملَ العزيزَ- لا يُرِيدُونَ بهِ الشهرةَ المُطْلَقةَ التي أَرَادَهَا ابنُ حَجَرٍ، والتي يَنْفَصِلُ بها المشهورُ عن العزيزِ والغريبِ.

وابنُ حَجَرٍفي غَالِبِ كُتُبِهِ حَرَصَ على فصْلِ المصطلحاتِ بعضِها عن بعضٍ، مِن أجلِ وُضُوحِهَا ورُسُوخِهَا في ذِهْنِ الطالبِ والقارئِ، ولكنْ يَنْبَغِي أنْ يُتَنَبَّهَ إلى أنَّ اهتمامَ المُتَقَدِّمِينَ كان بالمعاني، فالكلمةُ الواحدةُ يَسْتَخْدِمُونَهَا على عِدَّةِ أَوْجُهٍ، والمعنى الواحدُ يستعملونَ فيه أكثرَ مِن كلمةٍ ومُصْطَلَحٍ، والذي يَفْصِلُ ويُحَدِّدُ مُرَادَهُمْ سياقُ الكلامِ غالِبًا، وَأَحْيَانًا لا يُحَدِّدُهُ السياقُ، فأنتَ إذا قَرَأْتَ (عِلَلَ الحَدِيثِ)لأحْمَدَ، أو لابْنِ أبي حَاتِمٍ، فقدْ تَجِدُ عباراتٍ كثيرةً لأحمدَ مثلاً لا تَفْهَمُهَا بِمُجَرَّدِ السِيَاقِ، فَعِنْدَئِذٍ يَلْزَمُ الرجوعُ إلى كُتُبٍ أُخْرَى في مثلِ الكلامِ الذي تَحَدَّثَ به أحمدُ لِيَتَّضِحَ ماذا يُرِيدُ أحمدُ بِكَلاَمِهِ.

الثاني: استعمالُ كلمةِ (مَشْهُورٍ) في وصفِ الأحاديثِ ليس بالقليلِ.

أمَّا كلمةُ (عَزِيزٍ) فَتَكَادُ تكونُ نادرةً جِدًّا في كلامِ المُتَقَدِّمِينَ، وإنَّمَا اسْتَعْمَلَهَا المُتَأَخِّرُونَ كابنِ الصلاحِ، وابنِ مَنْدَه، وابنِ حَجَرٍ، لكنَّ المُتَقَدِّمِينَ يَسْتَعْمِلُونَهَا بمعنى النُّدْرَةِ، فيقولونَ مثلاً:إنَّ يحيى بنَ مَعِينٍكَتَبَ بِيَدِهِ ألفَ ألفِ حديثٍ، وهذا كثيرٌ، لكنْ إذا تَتَبَعْتَ أحاديثَهُ في الكُتُبِ تَجِدُهَا قليلةً جِدًّا بالنسبةِ إلى ما كَتَبَهُ، فنقولُ عن حديثِ يحيى بنِ معينٍ: إنَّهُ عزيزٌ، وَتَجِدُ في كلامِ الأَئِمَّةِ: فلانٌ يَعِزُّ حَدِيثُهُ، بمعنى يَنْدُرُ أنْ تَجِدَ أحاديثَ مِن طريقِهِ، فهذه غيرُ العِزَّةِ الاصْطِلاَحِيَّةِ).

هيئة الإشراف

#4

26 Oct 2008

شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: سعد بن عبد الله الحميد

قال الشيخ سعد بن عبد الله الحميد: (ب-الآحَـادُ: وأقسامُه ثلاثةٌ:

(1) أ- الْمَشْـهُورُ:

ما رَواهُ ثَلاثةٌ فأَكْثَرَ، ولم يَصِلْ إلى حدِّ التواتُرِ.

ويُقْصَدُ به المشهورُ الاِصْطِلاَحيُّ، ويُعَبَّرُ عنه بالْمُسْتَفِيضِ أَحياناً.

ومِن العُلماءِ مَن قالَ: المشهورُ هو الْمُستفيضُ، فهما بمعنًى واحدٍ.


ومِنَ العُلماءِ مَن قالَ: الْمُستفيضُ هو: ما اسْتَوَى طَرَفَاهُ، أيْ: أنْ يَرْوِيَ الْحَدِيثَ ثلاثةٌ مِن الصحابةِ مَثَلاً، ويَرْوِيَهُ عن الصحابةِ ثلاثةٌ مِن التابعينَ، ويَرْوِيَهُ عن التابعينَ ثلاثةٌ مِن تابِعِي التابعينَ... إلخ.

والمشهورُ أنْ: يَرْوِيَهُ ثلاثةٌ مِن الصحابةِ مَثَلاً، وعنهم رواهُ سِتَّةٌ مِن التابعينَ، وعنهم رَواهُ اثنا عَشَرَ مِن أَتباعِ التابعينَ.

فالْحَدِيثُ المشهورُ بهذا التعريفِ يُسَمَّى المشهورَ الاِصْطِلاَحيَّ.

وهناك حديثٌ مَشهورٌ، لكنه غيرُ اصطلاحيٍّ، وهو: ما اشْتَهَرَ على أَلْسِنَةِ الناسِ على اختلافِهم.

فمِنهم العامَّةُ

ومِنهم الْمُحَدِّثُونَ.

ومنهم الفُقهاءُ.

ومنهم الأُصُولِيُّونَ.

ومنهم اللُّغَوِيُّونَ.

- فمِن الأحاديثِ الْمُشْتَهِرَةِ عندَ العامَّةِ، حديثُ: ((الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ)).

- ومِن الأحاديثِ الْمُشْتَهِرَةِ عندَ الْمُحَدِّثِينَ، حديثُ: ((أَنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَنَتَ شَهْراً يَدْعُو على رَِعْلٍ وذَكْوَانَ وعُصَيَّةَ التي عَصَتِ اللهَ ورسولَهُ)).

- ومِن الأحاديثِ الْمُشْتَهِرَةِ عندَ الفُقهاءِ، حديثُ: ((أَبْغَضُ الْحَلاَلِ إِلَى اللهِ الطَّلاَقُ)).

- ومِن الأحاديثِ الْمَشهورةِ عن الأُصُولِيِّينَ، حديثُ: ((عُفِيَ لأُِمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ)).

- ومِن الأحاديثِ الْمُشْتَهِرَةِ عندَ اللُّغَوِيِّينَ،حديثُ: ((نِعْمَ الْعَبْدُ صُهَيْبٌ لَوْ لَمْ يَخَفِ اللهَ لَمْ يَعْصِهِ)).

ولا يَلْزَمُ مِن المشهورِ الاِصطلاحيِّ وغيرِ الاصطلاحيِّ الصِّحَّةُ:

-فقد يكونُ صَحيحاً.

-وقد يكونُ حَسَناً.

-وقد يكونُ ضَعيفاً.

-وقد يكونُ ضَعيفاً جِدًّا.

-وقد يكونُ مَوضوعاً.

-وقد يكونُ -بالنِّسْبَةِ للمشهورِ غيرِ الاصطلاحيِّ- لا أَصْلَ له،مثلَ حـديثِ: ((نِعْمَ الْعَبْدُ صُهَيْبٌ، لَوْ لَمْ يَخَفِ اللهَ لَمْ يَعْصِهِ)).

فهذا الْحَدِيثُ ليس له إسنادٌ.

وليس مَـْرِوِيًّا في الكُتُبِ التي تَرْوِي الأحاديثَ بالأسانيدِ.

الْمُؤَلَّفَاتُ في الأحاديثِ الْمَشهورةِ على الأَلْسِـنَةِ:

1-كتابُ (تأويلُ مُخْتَلِفِ الأَحَادِيثِ) ، وهو ليس كتاباً مُسْتَقِلاًّ في هذا الموضوعِ، لكنه أشارَ في هذا الكتابِ إلى هذه الأحاديثِ الْمُشْتَهَِرَةِ على أَلْسِنَةِ الناسِ ضِمْناً.

2-كتابُ (أحاديثُ يَرْوِيهَا القُصَّاصُ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبَعْضُها عن اللهِ) لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ، تحقيقُ مُحَمَّدٍ لُطْفِي الصَّبَاغِ، وهو أوَّلُ كتابٍ مُسْتَقِلٍّ في هذا الموضوعِ.

3-كتابٌ للزَّرْكَشِيِّ (ت 794هـ) (التَّذْكِرَةُ في الأحاديثِ الْمُشْتَهَِرَةِ).

4-كتابُ (الْمَقَاصِدُ الحسَنَةُ في بيانِ كثيرٍ مِن الأحاديثِ الْمُشْتَهِرَةِ على الأَلْسِنَةِ) للسَّخَاوِيِّ (ت 902هـ)، وهو أَجْوَدُ كتابٍ عَلِمْنَاهُ وَصَلَ إِلَيْنَا، وعَدَدُ أحاديثِه 1356 حديثاً، رَتَّبَهَا على حُروفِ الْمُعْجَمِ.

5-كـتابُ (كَشْـفُ الْخَفَاءِ وَمُزِيلُ الإِلْبَاسِ عَمَّا اشْتَهَرَ مِن الأحاديثِ على أَلْسِنَةِ النَّاسِ) لإسماعيلَ بنِ مُحَمَّدٍ العَجْلُونِيِّ (ت1162هـ)، وهو أكثَرُ الكُتُبِ جَمْعاً للأحاديثِ الْمُشْتَهِرَةِ على الأَلْسِنَةِ؛ فإنه جَمَعَ حَوَالَيْ 3281 حديثاً، ورَتَّبَهَا على حُروفِ الْمُعْجَمِ؛ لأنه حاوَلَ أنْ يَخْتَصِرَ كتابَ السَّخَاوِيِّ، وزادَ عليها بعضَ الأحاديثِ، لكنَّ تَرتيبَ السخاوِيِّ أدَقُّ مِن تَرتيبِهِ.

ب- العَزيـزُ: ما رَواهُ رَاوِيَانِ ولو في طَبقةٍ مِن طَبقاتِ السَّنَدِ.

(2) قـولُه: (وليس شَرْطاً للصحيحِ خِلافاً لِمَنْ زَعَمَه) والذي اشْتَرَطَ الشرْطَ هو أبو

عليٍّ الْجُبَائِيُّ مِن الْمُعْتَزِلَةِ، وإليه يُومِئُ كلامُ الحاكِمِ.

ومثلُه صاحبُ كتابِ (الناسخُ والمنسوخُ)الحازِمِيُّ.

فالحاكِمُ قالَ كما في (مَعْرِفَةُ عُلومِ الْحَدِيثِ): (الصحيحُ أن يَرْوِيَهُ الصحابِيُّ الزائلُ عنه اسمُ الْجَهالَةِ بأنْ يكونَ له رَاوِيَانِ، ثم يَتَدَاوَلَه أهلُ الْحَدِيثِ إلى وَقْتِنا كالشَّهادةِ على الشَّهادةِ).

ويُشيرُ الحافظُ في كتابِه (النُّكَتُ) إلى أنَّ هذه العبارةَ وَرَدَتْ في كتابِه (الْمَدْخَلُ).

قالَ الشيخُ عَلِيٌّ حسَنٌ عبدُ الْحَمِيدِ: ولم أَرَهُ لا في (الْمَدْخَلُ إلى الإكليلِ) ولا (الْمَدْخَلُ إلى الصحيحِ).أهـ.

والعبارةُ يُمْكِنُ أنْ يُقالَ: إنَّ الحاكِمَ قَصَدَ بها وَصْفَ الصحابيِّ؛ لا وَصْفَ الْحَدِيثِ. فالصحابِيُّ الذي رَوَى عنه الشيخانِ البخاريُّ، ومسلِمٌ لا بُدَّ أنْ يكونَ رََوى عنه رَاوِيَانِ حتى يَزولَ عنه اسمُ الْجَهَالَةِ؛ فكأنَّ الحاكمَ يُجْرِي الصَّحَابَةَ على بَقِيَّةِ الرُّوَاةِ.

والصحيحُ استثناءُ الصحابةِ؛ فمَتَى ما عُرِفَ أنَّ هذا صحابِيٌّ -ولو مِن طريقٍ واحدٍ- يُطْلَقُ على ذلك الرجُلِ: صحابِيٌّ، ويُعْتَبَرُ صَحَابِيًّا عندَ جُمهورِ الْمُحَدِّثِينَ: وعلى أيِّ: الوَجهينِ لا يَصِحُّ كلامُه؛ لأنه يَتَحَدَّثُ عن صَحِيحَيِ البُخاريِّ، ومسلِمٍ، سواءٌ كان وَصْفاً للحديثِ، أو وَصْفاً للصحابِيِّ فهو غيرُ مُتَأَتٍّ في الصحيحينِ.

فإنْ كانَ وَصْفاً للحديثِ؛ فهناك أحاديثُ كثيرةٌ في الصحيحينِ لم تَرِدْ إلاَّ مِن طريقٍ واحدٍ، مثلُ حديثِ:((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ))، لم يَرْوِهِ إلا عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ،

- وحديثِ:((كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ فِي اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ؛ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ))، هذا الْحَدِيثُ لم يَرْوِهِ إلاَّ أبو هُريرةَ.

فإنْ كانَ المقصودُ وَصْفَ الْحَدِيثِ فبُطلانُه واضحٌ تَماماً، وإنْ كانَ المقصودُ وَصْفَ الصحابِيِّ فكم مِن الصَّحابةِ في الصحيحينِ لم يَرْوِ عنهم إلاَّ راوٍ واحدٌ؟!

وصَرَّحَ ابنُ العربيِّ بأنَّ هذا الشرْطَ لا بُدَّ أنْ يكونَ في الْحَدِيثِ، كما ذَكَرَ ذلك في شَرْحِ البُخاريِّ.

فلَمَّا قِيلَ له: حديثُ ((الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)) فَرْدٌ لم يَرْوِهِ عن عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ إلاَّ عَلْقَمَةُ.

قالَ: قُلنا: قد خَطَبَ به عمرُ بنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه على الْمِنْبَرِ بحَضْرَةِ الصحابةِ، فلولا أنهم يَعْرِفُونَه لأَنْكَرُوهُ.

يَرُِدُُّ على هذا القولِ:

أوَّلاً:لا يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ كلُّ الصحابةِ الذين سَمِعُوا الْحَدِيثَ عن عمرَ بنِ الْخَطَّابِ قد سَمِعُوهُ مِن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ،

فهل وَرَدَ لنا أنَّ صَحَابِيًّا وَاحداً أقَرَّ عمرَ بنَ الْخَطَّابِ على ذلك؟

فالسكوتُ لا يعني أنهم سَمِعُوهُ.

ثانياً:سَلَّمْنَا لك أنَّ هذا بالنِّسبةِ لعمرَ بنِ الْخَطَّابِ،

لكن رَوَى الْحَدِيثَ عن عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ عَلقمةُ بنُ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ، ولم يَرِدْ إلاَّ مِن طَريقِه، والراوي عن عَلقمةَ، محمَّدُ بنُ إبراهيمَ التَّيْمِيُّ فقطْ، لا يُعْرَفُ إلاَّ مِن طريقِه، والراوي عن محمَّدٍ، يَحْيَى بنُ سعيدٍ الأنصاريُّ.

وهذا يَدُلُّ على بُطلانِ كلامِ ابنِ العَرَبِيِّ.

وبهذا يُسْتَخْلَصُ أنه لا يُشْتَرَطُ للحديثِ الصحيحِ أن يكونَ عَزيزاً، بل هناكَ أحاديثُ أَفْرَادٍ صحيحةٌ مِمَّا تَلَقَّتْهَا الأُمَّةُ بالقَبولِ، وأَجْمَعَ عليها عُلماءُ الْحَدِيثِ).

هيئة الإشراف

#5

26 Oct 2008

شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: عبد العزيز السعيد (مفرغ)

القارئ: ( (قال الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

والثاني:

المشهور، وهو المستفيض على رأي).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (والثاني: المشهور، وهو المستفيض على رأي).

- المشهور دون المتواتر؛ لأن المتواتر: ما رواه عددٌ كثيرٌ.

المشهور:

رواه عدد، لكن هذا العدد محصورٌ،

الحصر في المشهور إما: بثلاثةٍ أو أكثر، لكن لا يصل إلى حد المتواتر، بمعنى: أن كل طبقة من طبقات الإسناد لا يقل عدد رواتها عن ثلاثة، مع شرطٍ آخر، وهو ألا تصل جميع طبقات الإسناد إلى حد المتواتر.

فلو كان عندنا حديثٌ يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم عشرة، وعنهم عشرون، وعنهم ثلاثون ، ثم جاء في طبقةٍ فرواه ثلاثة ، ثم رواه مائة ، فيقال: هذا الحديث مشهورٌ، كل أطرافه متواترةٌ، لكن هذه الطبقة جعلت الحديث مشهوراً، لو كانت الطبقات كلها أربعة ، وأربعة، وأربعة، وأربعة، وأربعة، إلا طبقة واحدة فيها راوٍ واحدٍ؛ فنقول: هذا لا يصلح أن نسميه مشهوراً؛ لأنه نقصت إحدى طبقاته عن العدد المعتبر للمشهور.- فلابد في المشهور أن تكون كل طبقة من طبقاته بلغت حد المشهور.

وأن تكون إحدى الطبقات دون المتواتر، هذا شرط حتى نحكم له بالمشهور؛ لأن إذا كان عددها ناقصا عن حد المشهور ما نحكم لها بالمشهور؛ لنقصانها، وإن كانت زادت عن حد المشهور بلغت المتواتر فنحكم عليه بالتواتر.

قال: (وهو المستفيض على رأي) يعني: على رأي بعض العلماء، هو الذي يسمى المستفيض، فإن شئت قلت: هذا حديث مستفيض، وإن شئت قلت: هذا حديثٌ مشهورٌ).


القارئ: ( (والثالث: العزيز، وليس شرطا للصحيح، خلافاً لمن زعمه).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (هذا الثاني من أقسام الآحاد، وهو العزيز.

العزيز [شرطه:]

ألا يقل عدد رواته في كل طبقةٍ عن اثنين، ولا يبلغ جميع الطبقات عدد رواة المشهور.

بمعنى: أن الحديث العزيز: رواه اثنان، ثم اثنان، ثم اثنان، ثم ثلاثة، ثم ثلاثة؛ فهذا نسميه عزيزاً؛ لأن ثلاثاً من الطبقات فيها راويان.

-لو جاءنا أربعة، وأربعة، وأربعة، ثم اثنان، ثم أربعة، نقول: هذا عزيزٌ؛ لأن إحدى الطبقات فيها اثنان.

لكن لو جاء ثلاثة، وثلاثة، وثلاثة، وثلاثة، وثلاثة؛ فنقول: مشهور؛ لأن جميع الطبقات فوق العزيز.

- فإذا رواه اثنان، وعنهما ثلاثة، وعنهما أربعة، وعنهما واحد؛ فنقول: هذا ليس بعزيزٍ؛ لأن إحدى الطبقات نقص العدد وليس بمشهورٍ؛ لأن إحدى الطبقات فيها اثنان).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#6

26 Oct 2008

العناصر


القسم الثاني: الآحاد
أقسام خبر الآحاد:
القسم الأول: المشهور
القسم الثاني: العزيز
القسم الثالث: الغريب
أولاً: الحديث المشهور
تعريف (المشهور)
سبب تسميته بذلك
أمثلة الحديث المشهور
(المشهور) هو (المستفيض) على رأي
الفرق بين (المشهور) و(المستفيض)
تنبيه: الفرق بين (المشهور) و(المستفيض) ليس من مباحث هذا الفن

أقسام (المشهور)

القسم الأول: المشهور الاصطلاحي

القسم الثاني: المشهور غير الاصطلاحي (ويراد به ما اشتهر على الألسنة)

المشهور عند العامة
المشهور عند المحدثين
المشهور عند الفقهاء
المشهور عند الأصوليين
المشهور عند اللغويين
تنبيه: شهرة الحديث لا تستلزم صحته
أمثلة على أحاديث مشتهرة غير صحيحة
حديث: (نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه) لا أصل له
حديث: (حب الوطن من الإيمان) لا أصل له
المصنفات في الأحاديث المشتهرة
أوَّل من كتب فيها ابن قتيبة الدينوري ضمن كتابه (تأويل مختلف الحديث)
أول من صنف فيها تصنيفا مستقلاً شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة (أحاديث يرويها القصاص...)
كتاب (التذكرة في الأحاديث المشتهرة) لبدر الدين الزركشي
(المقاصد الحسنة) للسخاوي
(كشف الخفاء) للعجلوني
إطلاقات (المشهور)
إذا أطلق الحديث المشهور يراد به المشهور الاصطلاحي
ثانياً: العزيز
تعريف الحديث العزيز
سبب تسميته بذلك
ضابط الحديث العزيز
أمثلة الحديث العزيز
حديث: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه...)
حديث: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة...)
صورة (العزيز) المحررة: هي أن لا يروي الحديث أقل من اثنين عن أقل من اثنين
العزيز ليس شرطًا للصحيح خلافًا لمن زعمه
تسمية الزاعم: وهو أبو علي الجبائي
كلام الحاكم يومئ أنه يشترط للحديث الصحيح أن يرويه اثنان
جواب الحافظ ابن حجر عن دعوى الحاكم
مقصود الحاكم: لا يوثق الراوي حتى يروي له اثنان لترتفع عنه الجهالة
ما قاله الحاكم متعقب بأناس مخرج لهم في الصحيح ولا يعرف لهم إلا راو واحد
الحاكم نفسه لم يلتزم هذا الشرط
صرح ابن العربي بأن شرط البخاري في صحيحه، أن يخرج الحديث عن حد الغرابة بأن يرويه اثنان فأكثر
جواب الحافظ ابن حجر عن قول أبي بكر ابن العربي
كلام ابن العربي منقوض بأول حديث في صحيح البخاري
وينقضه أيضاً أن الصحيحين فيهما أحاديث كثيرة رواتها وحدان
ادعى ابن حبان بأن رواية اثنين عن اثنين إلى أن ينتهي لا توجد أصلا
جواب الحافظ ابن حجر عن دعوى ابن حبان
ابن حبان نفى وجود صورة خاصة من العزيز

فوائد متفرقة
أول من عرَّف (المشهور) و(العزيز) الحافظ ابن منده
تعريف ابن منده يختلف عن تعريف ابن حجر
الحاكم عقد فصلاً للحديث المشهور وضرب له أمثلة كثيرة
مثل بحديث: (إنما الأعمال بالنيات...) مع أنه فرد في أكثر طبقاته
ومثل بحديث: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً...) مع تفرد ابن عمرو رضي الله عنه به
هذان المثالان لا ينطبقان على تعريف ابن حجر
تقسيم ابن حجر من الناحية الفنية لا غبار عليه

ينبغي لطالب العلم أن يفرق بين المشهور العام والمشهور الخاص الذي يراد به الاشتهار عن راو معيَّن

ينبغي لطالب العلم أن يفرق بين اصطلاح المتأخرين واستعمال المتقدمين

المتقدمون يستعملون الكلمة الواحدة على عدة أوجه

الذي يحدد مرادهم سياق الكلام أو الرجوع إلى كتب أخرى
استعمال كلمة (مشهور) كثير بخلاف (عزيز) فإنها نادرة
الفرق بين (العزة اللغوية) و(العزة الاصطلاحية)

المتقدمون يستعملون (العزة) بمعنى الندرة غالباً

عبد العزيز بن داخل المطيري

#7

26 Oct 2008

الأسئلة

س1: بين معنى (الآحاد).
س2: اذكر أقسام خبر الآحاد مع بيان معنى كل قسم والتمثيل له.
س3: ما الفرق بين المشهور والمستفيض؟
س4: اذكر مع التمثيل أقسام المشهور.
س5: هل تعني شهرة الحديث أنه صحيح؟
س6: اذكر بعض المصنفات في الأحاديث المشتهرة.
س7: من أول من عرَّف الحديث المشهور والعزيز؟
س8: بين مع التمثيل أهمية التفريق بين اصطلاح المتقدمين واصطلاح المتأخرين.
س9: ما الفرق بين العزة اللغوية والعزة الاصطلاحية؟

هيئة الإشراف

#8

27 Mar 2010

شرح نخبة الفكر للشيخ عبد الكريم الخضير (مفرغ)

قال الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير: (أقسام الآحاد:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

النوع الثاني: أو القسم الثاني من التقسيم الإجمالي بعد المتواتر هو الآحاد، والآحاد عند أهل العلم يقسم إلى أقسام تبعاً لكثرة طرقه وقلتها، فمنه: المشهور، والعزيز، والغريب.

المشهور:

فالمشهور قال الحافظ: "وهو المستفيض على رأي" ، "والثاني المشهور: وهو المستفيض على رأي"،

تعريف المشهور في اللغة:

والمشهور اسم مفعول مأخوذ من الشهرة التي هي في الأصل وضوح الأمر وانتشاره وذيوعه، ومنه أخذ الشهر لشهرته، في المصباح: شهرت الحديث شهراً وشهرة إذا أفشيته فاشتهر، شهرت الحديث شهراً وشهرة إذا أفشيته فاشتهر، المصباح -مصباح المنير في شرح غريب الرافعي- كتاب من كتب فقه الشافعية، هذا المصباح نافع في بيان الألفاظ الغريبة في هذا الكتاب كتاب الرافعي، لكن ينبغي أن يستفيد الطالب من هذه الكتب مع الحذر لماذا؟ لأن هذا الكتاب في غريب كتاب فقه من كتب الشافعية (المطلع في حل ألفاظ المقنع) كتاب تفسير غريب كتاب من كتب الحنابلة (المغرب) للمطرزي في غريب كتب الحنفية (تهذيب الأسماء واللغات) يخدم كتب الشافعية وهكذا.

أقول: هذه الكتب مفيدة ونافعة، تفيد الذي يطالع بعض الكلمات التي لا يفهمها في كتب الفقه، لكن ينبغي أن يستفيد منها طالب العلم على حذر، لماذا؟ لأن المذاهب الفقهية أثرت في هذه الكتب، فتجده يشرح الكلمة من وجهة نظر المذهب الذي يخدمه، يعني إذا اختلف الحنابلة مع الشافعية في مسألة، استشهد لهذه المسألة بآية أو بحديث، ثم رجعنا إلى تفسير الحديث أو فهم الآية من خلال هذه الكتب، أو حتى اصطلاح لغوي، حقيقة لغوية، كالخمر مثلاً إذا أردنا أن نأخذ تعريف الخمر، لا شك أن المذاهب الفقهية مختلفة في حده، وهذه الكتب أو هذه المذاهب أثرت على هذه الكتب، فأنت تأخذ الغريب من هذا الكتاب المصباح من وجهة نظر الشافعية، فإذا اختلفوا في مسألة مع الحنابلة لا بد أن ترجع إلى كتاب من كتب الغريب عند الحنابلة وهكذا، فلا شك أن المذاهب سواءً كانت أصلية أو فرعية أثرت تأثير بالغ في تسيير الكتب حتى في تفسير كلام الله -عز وجل- وفي تفسير كلام رسوله -عليه الصلاة والسلام-، فإذا كان الشخص من المعتزلة مثلاً والآية قد يشم منها تأييد مذهب المعتزلة في حكم مرتكب الكبيرة من كونها من آيات الوعيد مثلاً، أو الحديث كذلك، هل نستفيد معنى الآية أو ذلك الحديث من هذا الكتاب الذي صنف من وجهة نظر المعتزلة؟ لا، لا شك أن المذاهب صار لها أثر في توجيه كلام الله -عز وجل- وتوجيه كلام رسوله -عليه الصلاة والسلام-، فلا نعتمد على معتزلي في تفسير كلام الله -عز وجل- في الجملة، لكن إن احتجنا له في بعض المسائل لكونه أجاد فيها وأبدع كاللغة مثلاً الزمخشري نستفيد منه من هذا الباب على حذر؛ لأن الاعتزال استخرجه العلماء منه بالمناقيش، يعني حاد الذهن، يلبس على القارئ ويمرر عليه مذهب المعتزلة وهو لا يشعر، ومثله إذا أردنا أن نستفيد من تفسير الرازي كذلك، فسر القرآن من وجهة نظر الأشعرية من جهة ومن وجهة نظر الجبرية من جهة أخرى وهكذا، وكذلكم كتب اللغة وغريب الحديث ينبغي أن ننتبه لهذا، إذا أردنا أن نأخذ اللغة نأخذها من أربابها المتقدمين، حتى كتب اللغة المتخصصة باللغة تأثرت بالمذاهب، ماذا نرجع إلى الكتب المتقدمة في اللغة، تهذيب اللغة للأزهري كتاب عظيم، والصحاح للجوهري على أوهام فيه كتاب جيد، وهكذا كلما تقدم الكتاب صار تنصله وبعده من التأثر بالمذاهب أقوى، المقصود أننا نستفيد من هذه الكتب، والمصباح هذا كتاب لطيف، مجلد واحد وفيه نفع، نافع مثل (المطلع على أبواب المقنع) و(تهذيب الأسماء واللغات) للنووي أيضاً كتاب نفيس، لكن ينبغي أن نعرف مذهب صاحب الكتاب، مذهب صاحب الكتاب، ونتعامل مع الكتاب على ضوء هذه المعرفة.

تعريف المشهور في الاصطلاح:

المشهور في الاصطلاح: ما رواه ثلاثة فأكثر في كل طبقة، ما لم يبلغ حد التواتر، هذا التعريف الذي ارتضاه الحافظ في النخبة، وابن الصلاح تبعاً لابن منده يرى أن مروي الثلاثة لا يسمى مشهور، وإنما يسمى عزيز كما سيأتي.

يسمي بعض العلماء هذا النوع المستفيض، ولذا قال الحافظ: "وهو المستفيض على رأي"، ومنهم من غاير بين المشهور والمستفيض، فجعل المستفيض ما كان عدد رواته في ابتدائه وانتهائه سواء، بحيث يتحد عدد الرواة في كل طبقة من طبقاته، والمشهور أعم من ذلك، ومنهم من عكس، المقصود أن الحديث المشهور ما يرويه ثلاثة فأكثر، كونه هو المستفيض هذا قيل به، ومنهم من غاير، الحنفية لهم رأي في المشهور، وأنه ليس بقسم من أقسام الآحاد، بل هو قسيم للمتواتر والآحاد، التقسيم الذي مشى عليه الحافظ وهو ما يراه الأكثر أن المشهور قسم من أقسام الآحاد، والحنفية يرون أن المشهور ليس بقسم من أقسام الآحاد، بل هو قسيم للآحاد، فيقسمون الأخبار إلى ثلاثة أقسام متواتر ومشهور وآحاد، فيجعلون المشهور قسم متوسط بين المتواتر والآحاد، يخصون المشهور بما فقد شرط التواتر في طبقة الصحابة فقط، فهو في أصله آحاد، لكنه انتشر بعد ذلك واشتهر.

وقال الجصاص أبو بكر الرازي من الحنفية: "أن المشهور أحد قسمي المتواتر" فجعله قسم من أقسام المتواتر.

أمثلة على المشهور:

مثلوا للمشهور بحديث: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء)) هذا الحديث مخرج في الصحيح، ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء)) تتمة الحديث: ((حتى إذا لم يبقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)) وما أكثر هذا النوع في هذا العصر الذين يفتون بغير علم! ما أكثرهم! والله المستعان، والسبب قبض العلماء، نعم يوجد علماء يوجد من أهل الورع من يتوقف في الفتوى ويقول: لا أدري، لكن كثير ممن ينتسب إلى العلم يفتي بغير علم، والله المستعان.

من أراد تقرير شهرة هذا الحديث فليرجع إلى فتح الباري في الجزء الأول صفحة مائة و خمسة وتسعين، هذا المشهور الذي تحدثنا عنه هو المشهور الاصطلاحي، وهناك مشهور غير اصطلاحي، ويقصد به ما اشتهر على الألسنة على ألسنة الناس من غير اعتبار أي شرط، فيشمل ما له سند واحد وما له أكثر من إسناد، وما لا إسناد له أصلاً، المقصود أن يكون مشهوراً على ألسنة الناس، يشتهر على ألسنة الناس أن هذا حديث، وقد لا يكون حديثاً: ((المعدة بيت الداء)) هذا مشهور على ألسنة الناس هذا حديث، وهو في الحقيقة ليس بحديث، النظافة من الإيمان بهذا اللفظ مشهور على ألسنة الناس لا سيما في أسبوع النظافة، نعم، على أنه حديث وهو ليس بحديث، الحافظ ابن حجر صحح حديث ((البذاذة من الإيمان)) نعم النظافة مطلوبة شرعاً، ولذا شرع الغسل الواجب والمستحب، شرع الوضوء، فالنظافة في الجملة مطلوبة، الطهارة مطلوبة، لكن لا يراد بها ما يريدون، وكون الكلام صحيح لا يعني أنه حديث، لا يعني أنه حديث، يعني هل يجوز لشخص أن يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الواحد نصف الاثنين؟ الكلام صحيح لكن ليس كل كلام صحيح حديثاً.

والمشهور بقسميه الاصطلاحي وغير الاصطلاحي لا يوصف بكونه صحيحاً أو غير صحيح على الإطلاق، بل منه الصحيح ومنه الحسن ومنه الضعيف، لكن إذا صح المشهور الاصطلاحي كانت له ميزة ترجحه على قسيميه العزيز والغريب؛ لأنه كثرت طرقه أكثر من طرق العزيز، هذا على مذهب الجمهور، أما على رأي الحنفية فعند الجصاص مثل المتواتر لا يوجد فيه غير الصحيح، ومنهم من يرى أنه يوجب علم طمأنينة تستروح إليه النفس وتميل إليه، لا علم يقين، المقصود أن المشهور قسم من أقسام الآحاد، وفيه الصحيح والضعيف والحسن.

العزيز:

والقسم الثالث بعد المتواتر والمشهور العزيز.

تعريف العزيز في اللغة:

في اللغة مأخوذ من العزة، تقول: عز يعز من باب تعب يتعب فهو عزيز وجمعه أعزة، وتعزز تقوى، وعززته بآخر قويته، وعز ضعف، فيكون من الأضداد، الأضداد جاءت بعض الكلمات في لغة العرب يسموها الأضداد، تستعمل في اللفظ وضده، ومنه العزيز، العزيز، عز تعزز تقوى، وعز ضعف فهو من الأضداد، الدائم من الأضداد، يقال للساكن ويقال للمتحرك، غبر: تطلق على ما بقي وعلى ما مضى، المقصود أن هناك كلمات تطلق في المعنى وضده، وألفت في ذلك كتب الأضداد، عز الشيء يعز من باب ضرب يضرب لم يقدر عليه لقلته وندرته.

تعريف العزيز في الاصطلاح:

  • والعزيز في الاصطلاح اختار الحافظ -رحمه الله- أنه: ما رواه اثنين ولو في بعض طبقات السند، وابن الصلاح وتبعه النووي وابن كثير، والكل منهم تبعوا ابن منده، قالوا: بأن العزيز ما رواه اثنين أو ثلاثة.

سمي بذلك إما لقوته أو لندرته وقلته، هناك كتاب اسمه: (فتح الملهم شرح لصحيح مسلم) شرح لمتأخر شبير أحمد، شرح فيه فوائد كثيرة جداً، فيه نقول طيبة، صاحب هذا الكتاب تمنى أن لو سمى المحدثون ما رواه الثلاثة العزيز، وعرفنا أن ابن الصلاح تبعاً لابن منده يسمون ما رواه الثلاثة العزيز، والمشهور ما رواه فوق الثلاثة، تمنى أن لو سمى المحدثون ما رواه الثلاثة بالعزيز لقوله تعالى: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} [ (14) سورة يــس] وما رواه اثنان بالمئزر، يقول: لو سمون أهل الحديث بالمئزر ما سموه عزيز لقوله تعالى: {وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي} [ (29) سورة طـه] يقول: لأن الاصطلاح كلما قرب من الاستعمال القرآني كان أحسن وأليق، هذا رأيه، لكن بالنسبة للعزيز وما رواه الثلاثة قيل به، وأما بالنسبة للمئزر فلا يوجد في استعمالهم، لا يوجد حديث اسمه: المئزر، لكن هذه أمنية منه أن لو سمى أهل الحديث هذا ليقرب من الاصطلاح القرآني.

أمثلة على العزيز:

مثلوا للحديث العزيز بحديث: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده)) ادعى ابن حبان أن رواية اثنين عن اثنين لا توجد أصلاً، قال الحافظ ابن حجر: إن أراد أن رواية اثنين عن اثنين فقط عن اثنين فقط لا توجد أصلاً يعني يستوي جميع الإسناد من أوله إلى آخره برواية اثنين عن اثنين يمكن أن يسلم، يقول: "وأما صورة العزيز التي حررناها بأن لا يرويه أقل من اثنين عن أقل من اثنين فموجودة"، يعني كونه يوجد اثنين يروونه عن ثلاثة عن عشرة عن اثنين عن ثلاثة لا بأس، المقصود أنه لا يقل العدد عن اثنين ، والزيادة مقبولة؛ لأن العدد الأقل يقضي على الأكثر على ما سيأتي في الغريب.

والعزيز كغيره من أقسام الآحاد لا يوصف بكونه صحيحاً أو غير صحيح، بل منه الصحيح والحسن والضعيف.

ثم قال المصنف: "وليس شرطاً للصحيح خلافاً لمن زعمه" ، وليس شرطاً للصحيح خلافاً لمن زعمه، يعني أن العزة ليست بشرط لصحة الخبر، فكون الحديث عزيزاً بأن يروى عن اثنين وهو بمعنىً آخر تعدد الطرق ليست بشرط لصحة الخبر، بل قد يصح الخبر ولو كان مروياً من طريق واحد كالغريب على ما سيأتي، خلافاً لمن زعم ذلك، وإليه يومئ كلام الإمام الحاكم أبي عبد الله في المعرفة، يقول ناظم النخبة:

وليس شرطاً للصحيح فاعلمِ

وقيل: شرط وهو قول الحاكمِ


في نسخة أخرى.

وليس شرطاً للصحيح فاعلمِ

وقد رمي من قال بالتوهمِ


لأن الحاكم ليس بصريح، كلام الحاكم ليس بصريح في الاشتراط.

ابن العربي المالكي في شرح البخاري وفي عارضة الأحوذي في شرح حديث: ((هو الطهور ماؤه)) ادعى أن هذا هو شرط البخاري، وأن البخاري لا يخرج حديث يتفرد به واحد، وقال عن حديث البحر: "إنه لم يخرجه البخاري لأنه تفرد به أحد رواته وليس من شرطه".

الكرماني الشارح -شارح البخاري- في مواضع من شرحه يزعم أن تعدد الرواة شرط للبخاري في صحيحه، لكن هذه الدعوى مرفوضة وليست صحيحة، ويكفي في رد هذه الدعوى أول حديث في صحيح البخاري وآخر حديث في صحيح البخاري أول حديث في الصحيح حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) إنما يروى من طريق عمر -رضي الله عنه- فقط، لم يثبت إلا من طريق عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا من طريق عمر إلا عن علقمة بن وقاص الليثي فقط، تفرد بروايته عن عمر، ولا يرويه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي، تفرد بروايته عن علقمة، ولم يروه عنه سوى يحيى بن سعيد الأنصاري تفرد به، ثم انتشر بعد يحيى بن سعيد، حتى وصلت طرقه المئات عن يحيى بن سعيد.

آخر حديث في الكتاب: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)) هذا أيضاً مثل أول حديث التفرد وقع في أربع من طبقات إسناده تفرد به أبو هريرة وعنه أبو زرعة بن عمرو بن جرير البجلي، وعنه عمارة بن القعقاع، وعنه محمد بن فضيل، وعن محمد بن فضيل انتشر، مثل حديث: الأعمال بالنيات سواء).