9 Nov 2008
ضوابط الإجماع في التفسير
قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ): (وَإِذَا كَانَ الإِجْمَاعُ عَلَى تَصْدِيقِ الْخَبَرِ مُوجِبًا لِلْقَطْعِ بِهِ فَالاعْتِبَارُ في ذَلِكَ بِِإِجْمَاعِ أَهْلِ العِلْمِ بِالحدِيثِ ، كَمَا أَنَّ الاعْتِبَارَ بِالإِجْمَاعِ عَلَى الأَحْكَامِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ العِلْمِ بِالأَمْرِ وَالنَّهيِ وَالإِبَاحَةِ).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: محمد بن صالح العثيمين (مفرغ)
القارئ: ("وإذا
كان الإجماع على تصديق الخبر موجباً للقطع به فالاعتبار في ذلك بإجماع أهل
العلم بالحديث كما أن الاعتبار في الإجماع على الأحكام بإجماع أهل العلم
بالأمر والنهي والإباحة والمقصود هنا أن تعدد الطرق مع عدم التشاعر...").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (المؤلف رحمه الله يريد أن إجماع كل ذي فن بفنه , فمثلاً في علم الحديث نرجع
إلى إجماع أهل الحديث , إذا إجماع أهل الحديث على أن خبر الواحد إذا تلقى
بالقبول واحتفت به القرائن أفاد العلم فلا يهمنا من خالفهم من الفقهاء,
كذلك أيضاً الاعتبار بالإجماع في الأحكام , الأحكام الشرعية كالواجب
والحرام والمندوب والمكروه والمباح من المعتبر في ذلك؟ علماء الأحكام
الفقهاء الإجماع في مسألة نحوية الاعتبار بإجماع أهل النحو , وعلى هذا فقس؛
لأن صاحب كل علم أدرى بما يحصل فيه , فالإنسان الفقيه ما يعرف إجماع أهل
النحو ولا يعرف إجماع أهل الحديث ولا الأصوليين مثلاً , فالمهم أننا نعتبر
إجماع كل قوم في علمهم وفنهم الذي يجمعون عليه , فإذا قال إن قائل مثلاً:
إن الفقهاء أو إن أهل الكلام خالفوا في خبر الواحد وقالوا لا يمكن أن يفيد
العلم قلنا: لا يهمنا مخالفتهم إنما نحن ننظر إلى إجماع من؟ إجماع أهل
الحديث وعلى هذا فقس نعم).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)
قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (ت: 1430هـ): ( (وإذا كانَ الإجماعُ على تصديقِ الخبرِ مُوجِباً للقطْعِ بهِ؛ فالاعتبارُ في ذلكَ بإجماعِ أهلِ العلْمِ بالحديثِ)، إذا أجمَعَ أهلُ العلْمِ بالحديثِ، فإنَّ ذلكَ دليلٌ على ثبوتِهِ، (كما أنَّ الاعتبارَ في الإجماعِ على الأحكامِ بإجماعِ أهلِ العلْمِ بالأمرِ والنهيِ والإباحةِ)،
يعني: كالفقهاءِ الأربعةِ؛ كأبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ، فإجماعُ
أهلِ الحديثِ على الحكْمِ بالصحَّةِ -كأهلِ الصحيحَيْنِ، وأهلِ السُّنَنِ
ونحوِهم- يَقْطَعُ بصِحَّةِ الحديثِ.
وكذلك إجماعُ الفقهاءِ الأربعةِ على الحكْمِ يَقْطَعُ بصِحَّةِ الحكْمِ).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)
القارئ: (. . .
وإذا كان الإجماع على تصديق الخبر موجباً للقطع به، فالاعتبار في ذلك إجماع
أهل العلم بالحديث، كما أن الاعتبار في الإجماع على الأحكام بإجماع أهل
العلم بالأمر والنهي والإباحة.
والمقصود هنا: أن تعدد الطرق مع عدم التشاعر).
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ: (التشاعر كذا يعني إن صحت هذه اللفظة فكأن معناها أن طائفة من هؤلاء الذين
نقلوا لم تشعر بما نقلته الطائفة الأخرى يعني لم يقع منهم الاشتراك في ذلك،
تشاعر لكن ما شعر هؤلاء بما نقله أولئك ولم يشعر هؤلاء بما نقله أولئك لكن
لفظ التشاعر فيه غرابة، ولعله أن يكون لفظ التشاور بالواو من المشاورة
يعني ما شاور بعضهم بعضاً ولم يقع هذا الاتفاق عن تشاور منهم لأن التشاور
هو الاتفاق. تشاور إذاً هو الأظهر).
القارئ: (أو
الاتفاق في العادة يوجب العلم بمضمون المنقول لكن هذا ينتفع به كثيراً في
علم أحوال الناقلين وفي مثل هذا ينتفع برواية المجهول والسيئ الحفظ
وبالحديث المرسل ونحو ذلك.
ولهذا
كان أهل العلم يكتبون مثل هذه الأحاديث، ويقولون: إنه يصلح للشواهد
والاعتبار ما لا يصلح لغيره، قال أحمد: قد أكتب حديث الرجل لأعتبره ومثّل
ذلك بعبد الله بن لهيعة قاضي مصر فإنه كان أكثر الناس حديثاً ومن خيار
الناس).
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ: (هو
في الحقيقة عبد الله بن لهيعة في مصر يمكن إنه أكثر أهل مصر حديثاً لأن علم
طبقة تبع التابعين وصغار التابعين في مصر صارت إليه فهو قاضي مصر وعالم
مصر، علم المصريين عال إليه عبد الله بن لهيعة – رحمه الله تعالى– ثم هل
حديث من باب الصحيح أو من باب الضعيف هذا فيه بحث معروف ليس هذا مكانه).
القارئ: (فإنه
كان أكثر الناس حديثاً، ومن خيار الناس، لكن بسبب احتراق كتبه وقع في حديثه
المتأخر غلط، فصار يعتبر بذلك ويستشهد به، وكثيراً ما يقترن هو والليث بن
سعد، والليث حجة ثبت إمام.
وكما
أنهم يستشهدون ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ فإنهم أيضاً يضعفون من حديث
الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم غلطه فيها، بأمور يستدلون بها –
ويسمون هذا علم علل الحديث وهو من أشرف علومهم- بحيث يكون الحديث قد رواه
ثقة ضابط، وغلط فيه، وغلطه فيه عُرف إما بسبب ظاهر، كما عرفوا أن النبي
صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم تزوج ميمونة وهو محرم).
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ: ( بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه... أما بعـد:
هذا
الكلام يعني به المؤلف شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى – أن الإجماع معتبر
في التفسير وكما أن الإجماع يكون حجة في الفقه فهو حجة في التفسير لأن
الإجماع لا يقع في هذه الأمة وتكون الأمة غالطة فيما أجمعت عليه؛ لأن هذه
الأمة عصمت أن تجتمع على ضلالة فكان ما اجتمعت عليه حجة بيقين قال من حيث
الأصل فإن الإجماع إما يكون على الخبر يعني على حكم الخبر وإما أن يكون على
نسبة الخبر.
فمثلاً:
يكون الإجماع على حكم الخبر مثل الإجماع على أن الصلاة مثلاً يبطلها الأكل
والشرب فإن الأكل والشرب ما جاء فيه دليل خاص على إبطال الصلاة ولكن هذا
الإجماع عرف في هذا الحكم بالإجماع والأمة أجمعت على هذا فصار هذا حقاً لا
محيد عنه.
القسم
الثانـي: أن تجتمع على الخبر يعني أن تجمع على صحته وهذا الإجماع إما أن
يكون بنقل الخبر بالتواتر وإما أن يكون بتلقي الخبر بالقبول مثل ما تلقت
الأمة أحاديث الصحيحين بالقبول فإن أحاديث الصحيحين تلقتهما الأمة بالقبول
وتلقي الأمة لأحاديث الصحيحين بالقبول أفادنا الإجماع على أن ما في
الصحيحين من حيث الجملة ومن حيث العموم من حيث الجنس منسوب إلى رسول الله
صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم وكما قال طائفة من العلماء: لو حلف رجل أن ما
في الصحيحين صحيح النسبة إلى رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم قد
قاله رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم لكان باراً صادقاً ولم يحنث
وهذا المقصود به عامة ما في الصحيحين مع أنهم تنازعوا في بعض ألفاظ في
الصحيح ين يعني الإجماع هنا جاء على اعتبار ما في الصحيحين من الأحاديث عن
رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم بتلقي الأمة لهذه الأحاديث بالقبول
فهذه الأحاديث تلقتها الأمة بالقبول فكان إجماعاً على صحة هذين الكتابين
ولهذا نقول أجمعت الأمة على أنه ليس أصح بعد كتاب الله – جل وعلا – من صحيح
البخاري ثم صحيح مسلم، وذلك لأن ما فيهما صحيح النسبة إلى رسول الله صَلّى
اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم.
إذا
تبين ذلك، فكذلك أحاديث التفسير، وآثار التفسير فإن نقلها قد يكون الإجماع
عليه منعقد على حكم الخبر يعني على ما في الخبر على مضمونه على أن الآية
تفسر بكذا.
وإما
أن يكون على تلقي تلك الأخبار بالقبول وهذا مهم فإن في أحاديث التفسير
أخبار نُزِعَ في صحتها من حيث الإسناد لكن تلقاها علماء التفسير بالقبول
وتلقاها العلماء بالقبول من دون قدح فيها فهذا يكسب تلك الأخبار قوة؛ لأن
الأمة تتابعت على الثناء على تلك الأخبار نعم تلك الأخبار ليس ثمّ حصر لها
في كتاب كما حصرت في الأحاديث في صحيح البخاري ومسلم تلقتهما الأمة بالقبول
لكن من حيث الأصل هذا يعتبر فإذا كان الحديث مشتهراً بين أهل التفسير بلا
نكير فيكون هذا في القوة من جنس الأحاديث التي تلقيت بالقبول هذا من حيث
التأصيل ويريد بذلك ما هو أخص من هذا أو هو أن الإجماع معتبر في نقل
التفسير، الإجماع معتبر في الحجة في التفسير، والإجماع على نوعين:
1- الإجماع إما أن يكون على ألفاظ التفسير.
2- وإما أن يكون على المعنى.
فمثلاً:
يجمع الصحابة، أو يجمع المفسرون على أن تفسير الصراط هو الطريق المستقيم
الذي لا عوج فيه هذا إجماع اجمعوا على هذا اللفظ (الصراط) أجمع كما قال ابن
جرير أجمع أهل التأويل على أن الصراط هو الطريق المستقيم الذي لا عوج فيه
هذا إجماع لفظي.
وهناك
قسم ثاني من الإجماع وهو الإجماع على المعنى فتكون عباراتهم مختلفة لكن
المعنى واحد وهذا يدخل فيه عند شيخ الإسلام وعند جماعة يدخل فيه اختلاف
التنوع لأن اختلاف التنوع اختلاف في الألفاظ مع الاشتراك في المعنى العام
إما من جهة أن تفسير بعض أفراد العام، وإما أن يكون أحد معنيي اللفظ
المشترك، وإما أن يكون تفسير في بعض الحالات أو نحو ذلك مما مر معنا من
أحوال أو أنواع اختلاف التنوع بين السلف، يعني أن اختلاف التنوع هذا عند
شيخ الإسلام وعند جماعة يعني الإجماع على أصل المعنى مثل ما ذكر في حديث
جابر في أول الكلام الاختلاف في حديث جابر في شراء النبي صَلّى اللهُ
عَلَيهِ وسَلَّم لجمله وبيعه للجمل على جابر وقع اختلاف في القصة في ألفاظ
كثيرة بعضها يثبت وبعضها غير ثابت لكن الإجماع منعقد على ثبوت أصل القصة
هكذا في روايات التفسير فإن الروايات في التفسير قد يكون الإجماع مأخوذاً
من اختلاف الألفاظ لكن لأن الأصل واحد، مثلاً في قوله تعالى في سورة النحل:{ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسن} {يجعلون لله ما يكرهون} إذا
لو قال قائل: ما يكرهون هو البنات لله – جل وعلا – كان مصيباً لأنهم
يكرهون البنات، إذا قال قائل إن الذي يكرهونه هو الزوجة لأن طائفة من
النصارى تكره الزوجة للقساوسة وللرهبان وللكبار وينزهونهم عن هذا الأذى ومع
ذلك يجعلون لله – جل وعلا – ما يكرهونه لكبارهم ولمعظمهم كان هذا تفسيراً
صحيحاً وكما قيل يكرهون {يجعلون لله ما يكرهون}
يعني ما يكرهونه لرسلهم يجعلون لله ما يكرهونه لأنفسهم يكرهون لأنفسهم أن
تهان رسلهم وأن تذل رسلهم ومع ذلك جعلوا لله ما كرهوه لأنفسهم من إهانة
رسول الله، وإذلال رسل الله، هذه كلها تفاسير منقولة لكن كل هذه اختلاف
تنوع مثل ما مثلنا لأنها داخلة في عموم قوله: { ويجعلون لله ما يكرهون}
فهذا الاختلاف لا يعني أنه لم يقع الإجماع على التفسير هو اختلاف في
الأفراد لكن الأصل المجمع عليه هنا الذي نستطيع أن نقول أنهم أجمعوا عليه
هو ما دل عليه ظاهر الآية وهو أن المشركين نسبوا لله جل وعلا أشياء
يكرهونها لأنفسهم وينكرون نسبتها لهم ولا يرضون بنسبتها إليهم ثمل أن تنسب
البنات لهم مثل أن تهان الرسل، مثل ألا تحترم كتبهم إلى الآخر هذه الأمثلة.
هناك مثل المشترك في لفظ قسورة: {فرت من قسورة}
مر معنا أن القسورة إما أن تكون: الأسد أو السبع، وإما أن يكون هو النشاب
أو القوس الذي يرمى به وهذا الاختلاف في المشترك لا يعني أنه في أصل المعنى
يعني أن الأصل فرت من قسورة يعني فرت مما يخاف منه يعني هذا إجماع معنوي
إجماع على المعنى وهذا مثل له شيخ الإسلام بهذه الاختلافات الطويلة التي
ذكرها من أن الاختلاف في الأحاديث وتلقي الأمة لها بالقبول يعني لأصلها وأن
هذا يمكن يكون أيضاً في التفسير أن يتلقى أصل تلك الأخبار وإن لم تكن
أسانيدها قوية بل يعتبر بها ويستشهد مثل أحاديث ابن لهيعة وأشباهه فإن
أحاديثهم تؤخذ للاستشهاد لكن يتلقى خبره عند أهل التفسير بالقبول فيكون
جارياً مجرى الإجماع بين المفسرين على ذلك وهذا يعني أن الإجماع مهم في علم
التفسير فمن أصول التفسير رعاية الإجماع كيف السبيل إلى معرفة الإجماع بهذين الطريقين:
1- إما أن يكون الإجماع على اللفظ وهذا أعلاه ولكن هذا نادراً.
2- وإما أن يكون وهو الأكثر الإجماع على المعنى:
- إما على المعنى العام بذكر بعض أفراده.
- أو على المعنى الأصلي من جهة المشترك.
- أو على ذكر المعنى العام عند ذكر بعض الأحوال وهذا تقدم لنا في أول الرسالة.
الاتفاق
على اللفظ أو الاتفاق على أصل المعنى يعني ينظر نص على الإجماع قال ابن
جرير: أجمع أهل التأويل على كذا هذا إجماع نقل الإجماع.
قال
ابن كثير: أجمع المفسرين من السلف على كذا، هذا إجماع لا يجوز مخالفته إلا
لعالمٍ يقول: أصدع والإجماع غير صحيح هذا بحث آخر يعني أن ينازع في الإجماع
لكن إجماعهم حجة.
وأما
أن يكون الإجماع فهم من المعنى لاتفاقهم على أصل المعنى لم يتفقوا على
اللفظ مثل ما ذكرت لكم في الصراط ونحوه وإنما اتفقوا على أصل المعنى وهذا
هو الأكثر ولكن هذا فيه بحث هل يعد إجماعاً أم أنه عدم خلاف تضاد؟ شيخ
الإسلام يعده إجماعاً بالمعنى يأتي إن شاء الله).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: مساعد بن سليمان الطيار
قال الشيخ مساعد بن سليمان الطيار: (قولُه: (وَإِذَا
كَانَ الإِجْمَاعُ عَلَى تَصْدِيقِ الْخَبَرِ مُوجِبًا لِلْقَطْعِ بِهِ
فَالاعْتِبَارُ في ذَلِكَ بِِإِجْمَاعِ أَهْلِ العِلْمِ بِالحدِيثِ، كَمَا
أَنَّ الاعْتِبَارَ بِالإِجْمَاعِ عَلَى الأَحْكَامِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ
العِلْمِ بِالأَمْرِ وَالنَّهيِ وَالإِبَاحَةِ).
أراد
الشيخُ هنا أن يُنبِّهَ إلى أنَّ المرادَ بأهلِ الإجماعِ في هذه القضيةِ هم
أهلُ الحديثِ؛ لأنه إذا أجمعَ أهلُ العلمِ بالحديثِ على العملِ بخبَرِ
الواحدِ فجاء أهلُ الكلامِ من المعتزلةِ أو غيرِهم وأنكروا هذا الخبَرَ،
فلا عبرةَ بإنكارِهم؛ لأنهم ليسوا متخصِّصينَ في هذا الفنِّ، فالمتخصِّصون
في هذا الفنِّ هم أهلُ الحديثِ فإذا قَبِلُوا الخبَرَ فإنه يُؤخَذُ
بقولِهم. وكأنه يريدُ أن يُنَبِّهَ على أنَّ الأمرَ في مِثلِ هذه الأمورِ
يَرجعُ إلى أصحابِ العِلمِ به، فلهذا لا يُعتدُّ بخلافِ أهلِ الكلامِ في
قضيةِ خبَرِ الواحِدِ).